الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلأَْخْرَسِ (زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً) إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ صَحَّ لِعَانُهُ بِالإِْشَارَةِ، كَمَا يَصِحُّ بِالْكِتَابَةِ، وَيُكَرِّرُ الإِْشَارَةَ أَوِ الْكِتَابَةَ كَالنَّاطِقِ الَّذِي يُكَرِّرُ اللَّفْظَ.
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِ الأَْخْرَسِ أَوِ الْخَرْسَاءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِ النَّاطِقِ مِنْ أَحْكَامٍ، كَسُقُوطِ الْحَدِّ، وَنَفْيِ النَّسَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَلَوْ لَاعَنَ الأَْخْرَسُ بِالإِْشَارَةِ، أَوِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ فَتَكَلَّمَ فَأَنْكَرَ اللِّعَانَ، أَوْ قَال: لَمْ أُرِدْهُ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُقْبَل قَوْلُهُ فِيمَا عَلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِالْحَدِّ، وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ، وَلَا يُقْبَل قَوْلُهُ فِيمَا لَهُ، فَلَا تَرْتَفِعُ الْفُرْقَةُ وَالتَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ، وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ فِي الْحَال لإِِسْقَاطِ الْحَدِّ، وَلِنَفْيِ الْوَلَدِ إِنْ لَمْ يَفُتْ زَمَنُ النَّفْيِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُقْبَل إِنْكَارُهُ مُطْلَقًا. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اللِّعَانُ مِنَ الأَْخْرَسِ أَوِ الْخَرْسَاءِ، لَا بِالإِْشَارَةِ وَلَا بِالْكِتَابَةِ؛ لأَِنَّ اللِّعَانَ لَفْظٌ يَفْتَقِرُ إِلَى الشَّهَادَةِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنَ الأَْخْرَسِ؛ لأَِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَا أَخْرَسَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ تَلَاعَنَ الزَّوْجَانِ وَهُمَا نَاطِقَانِ، ثُمَّ زَالَتْ أَهْلِيَّةُ اللِّعَانِ قَبْل التَّفْرِيقِ
(1) حاشية الدسوقي 2 / 464 والخرشي 4 / 130 والفواكه الدواني 2 / 85، وروضة الطالبين 8 / 352 - 353 ونهاية المحتاج 7 / 110 وكشاف القناع 5 / 392، والمغني 7 / 396.
بِخَرَسِهِمَا، أَوْ خَرَسِ أَحَدِهِمَا بَطَل اللِّعَانُ، وَلَا تَفْرِيقَ، وَلَا حَدَّ لِدَرْئِهِ بِالشُّبْهَةِ (1) .
إِقْرَارُ الأَْخْرَسِ:
11 -
تُعْتَبَرُ الإِْشَارَةُ مِنَ الأَْخْرَسِ إِذَا كَانَتْ مَفْهُومَةً قَائِمَةً مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي إِقْرَارِهِ، وَكَذَا الْكِتَابَةُ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ بِذَلِكَ فِي كُل مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِمَا فِي ذَلِكَ الْقِصَاصُ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ إِلَاّ فِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْقِصَاصَ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الأَْخْرَسِ (2) .
وَاخْتُلِفَ فِي إِقْرَارِ الأَْخْرَسِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْقَذْفِ وَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّ الأَْخْرَسَ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ؛ لأَِنَّ مَنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ صَحَّ إِقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُهُ كَالنَّاطِقِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ احْتِمَالٌ لِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي - إِلَى أَنَّ الأَْخْرَسَ لَا تُعْتَبَرُ إِشَارَتُهُ أَوْ كِتَابَتُهُ فِي إِقْرَارِهِ بِمَا
(1) ابن عابدين 2 / 590 والبدائع 3 / 242 والاختيار 3 / 170 والمغني 7 / 396.
(2)
الأشباه لابن نجيم / 343 وابن عابدين 5 / 470 - 471 والتبصرة بهامش فتح العلي المالك 2 / 40، 80 وجواهر الإكليل 2 / 132 وأشباه السيوطي / 338، والمنثور 1 / 164 وشرح منتهى الإرادات 3 / 207 - 208 وكشاف القناع 5 / 392 والمغني 8 / 195 - 196.