الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن
باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
-
(من الحسان)
[631]
حديث أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجعلوا قبري عيدا
…
الحديث) إذا فسرنا العيد في هذا الحديث على معنى واحد الأعياد؛ ففي الكلام حذف أي لا تجعلوا زيارة قبري عيدا أو لا تجعلوا قبري مظهر عيد، ومعناه النهي عن الاجتماع لزيارته صلى الله عليه وسلم اجتماعهم للعيد إذ هو يوم رخص لهم في اللهو واللعب واتخاذ الزينة، ثم إنهم يتبرزون فيه للنزهة وإظهار السرور، وقد كانت اليهود والنصارى يسلكون هذا المسلك في زيارة قبور أنبيائهم، ولم يزل بهم صنيعهم ذلك حتى ضرب الله على قلوبهم
حجاب الغفلة ورماها بسهم القسوة فاتبعوا سنن أهل الأوثان في زيارة طواغيتهم فاتخذوا قبور أنبيائهم مساجد؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ويحتمل أن المراد من العيد هو الاسم من الاعتياد؛ يقال عاده واعتاده وتعوده أي صار عادة له، والعيد ما اعتادك من هم أو غيره قال الشاعر:
أمسى بأسماء هذا القلب معمودا
…
إذا أقول: صحا يعتاده عيدا
أي لا تجعلوه محل اعتياد تعتادونه عيدا، وإنما نهاهم عن ذلك لمعان منها ما ذكرناه في الوجه الأول، ومنها إذا فعلوا ذلك سلكوا مسلك العادة في باب العبادة، ومنها أنهم يشتغلون بذلك عما هو الأصلح لدينهم والأهم في وقتهم، ومنها أن اعتياده يفضي بالأكثرين إلى إضاعة الوقت وسوء الأدب والتعرض لما ينتهي بهم إلى حال يرتفع دونها حجاب الحشمة. ويؤيد هذه التأويلات قوله صلى الله عليه وسلم بعد هذا القول:(وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) أي لا تتكلفوا المعاودة إليه فقد استغنيتم عنها بالصلاة علي.
[634]
ومنه: حديث أبي بن كعب- رضي الله عنه قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك
…
(89/ب) الحديث. المعنى كم أجعل لك من دعائي الذي أدعو به لنفسي، ولم يزل يفاوضه ليوقفه على حد من ذلك، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم أن يحد له في ذلك حدا لئلا تلتبس الفضيلة بالفريضة أولا، ثم لا يغلق عليه باب المزيد ثانيا، فلم يزل يجعل الأمر فيه إليه مراعيا لقرينة الترغيب والحث على المزيد حتى قال:(إذا أجعل لك صلاتي كلها) التي أصلي عليك بدل ما أدعو به لنفسي (فقال: إذا يكفى همك) أي ما يهمك من أمر دينك ودنياك وذلك لأن الصلاة عليه مشتملة على ذكر الله وتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم والاشتغال بأداء حقه عن مقاصد نفسه، وإيثاره بالدعاء على نفسه، وما أعظمها من خلال جليلة الأخطار وأعمال كبيرة الآثار. وأرى هذا الحديث تابعا في المعنى لقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن ربه عز وجل:(من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين).
ومن باب التشهد
(من الصحاح)
[637]
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة- رضي الله عنها (أعوذ بك من المأثم والمغرم) والمغرم والمأثم
مصدر قولك أثم الرجل إثما ومأثما، وأكثر ما يستعمل الإثم بمعنى الذنب نفسه، فاستعاذ من المأثم الذي هو مواقعة الذنب فإنه أبلغ من الاستعاذة من نفس الذنب، والمغرم: الدين والأصل فيه اللزوم والغرامة، والمغرم والغرم كل ما يلزم الإنسان أداؤه.