الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن
باب السواك
(من الصحاح)
[243]
حديث أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (لولا أن أشق على أمتي
…
الحديث) شق على الشيء يشق شقا ومشقة والاسم منه الشق بالكسر. والمعنى لولا أن أثقل عليهم قال الله تعالى {وما أريد أن أشق عليك} أي لا أحملك من الأمر ما يشق عليك.
[245]
ومنه حديث حذيفة- رضي الله عنه (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام للتهجد من الليل يشوص فاه بالسواك) أخذ التهجد من الهجود وهو النوم يقال: هجدته فتهجد أي أزلت هجوده نحو مرضته فالتهجد التيقظ قال الله تعالى: [ومن الليل فتهجد به} أي تيقظ بالقرآن ولما كان الذي يريد التعبد لرب في جوف الليل يتيقظ ليصلى، عبر عن صلاة الليل بالتهجد.
وقوله: (يشوص فاه) أي يغسله وينقيه والشوص الغسل والتنظيف وكل شيء غسلته فقد شصته ومصته وقيل: الشوص الدلك والموص الغسل.
[246]
ومنه حديث عائشة- رضي الله عنه قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة
…
فسر كثير
من العلماء الفطرة في هذا الحديث بالسنة والمعنى أنها من سنة- إبراهيم عليه السلام ولو فسرت الفطرة ههنا بالدين لكان أوجه؛ لأنها مفسرة في كتاب الله بالدين قال الله تعالى {فطرت الله التي فطر الناس عليها} . قيل أي دين الله الذي اختاره لأول مفطور من البشر أو يكون المراد بالفطرة ما كان إبراهيم عليه السلام يتدين به على ما فطره الله عليه ويكون معنى الحديث عشر من توابع الدين ولواحقه ولمعدودات في جملته أو مما ركب في العقول التي فطر الله عليها استحسان ذلك.
وفيه (وإعفاء اللحية) أي: توفيرها وإرسالها يقال: عفا الشعر والنبت إذا كثر وعفوته أنا وأعفيته أيضا لغتان إذا فعلت به ذلك، وقص اللحية كان من صنع الأعاجم وهو اليوم شعار كثير من أهل الشرك وعبدة الأوثان كالإفرنج والهنود ومن لا خلاف لهم في الدين من الفرقة الموسومة بالقلندرية في زماننا هذا طهر الله عنهم حوزة الدين وبيضة الإسلام.
وفيه (وغسل البراجم) وهي مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع [47/أ] والرواجب، فالرواجب، مفاصل الأسابع اللاتي تلين الأنامل وبعدها البراجم وهن رءوس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض القابض كفه شرت وارتفعت وبعدها الأشاجع وهن أصول الأصابع اللاتي تلين الكف وإنما خص البراجم بالحث على غسلها لأن مكاسر الجلد عليها أكثر وأغلظ فكان امتساس الحاجة إلى غسلها أشد لاسيما لمن كان شيءن الأصابع خشن الجلد يعمل في المهنة فيكون براجمه أكثر شنجا.
وفيه (وانتقاص الماء) يعني الاستنجاء هذا التفسير من قول بعض الرواة وقد فسره الزمخشري في كتاب الموسوم بالفائق انتقاص الماء هو أن يغسل مذاكيره بالماء ليرتد البول؛ لأنه إذا لم يغسل نزل منه الشيء فيعسر استبراؤه فلا يخلو الماء من أن يراد به البول فيكون المصدر مضافا إلى المفعول وأن يراد به الماء الذي يغسل به فيكون مضافا إلى الفاعل على معنى التعدية. والانتقاص يكون متعديا وغير متعد.
قال عدى بن الرعلاء:
لم ينتقص منى المشيب قلامة .... الآن حين بدا ألب وأكيس
وقيل هو تصحيف والصواب انتفاص الماء بالفاء والصاد المهملة والمراد نضحه على الذكر من قولهم لنضح الدم القليل نفص الواحدة نفصة.
قلت وهذا أقرب من تأويله الأول لأن في كتاب أبي داود والانتضاح ولم يذكر أبو داود انتقاض الماء هذا وقد تبين لنا أن اختلاف الألفاظ في هذا الحديث من بعض الرواة حيث رووه بالمعنى.
(من الحسان)
[248]
حديث أبي أيوب- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أربع من سنن المرسلين الحياء) ويروى الختان قد افترق أهل الرواية في هذا اللفظ على ثلاث طرائق.
فمنهم من يرويه الختان وهو أشبه الألفاظ بهذا المكان ويحتمل أن النون سقط منه في بعض نسخ أهل الرواية فروى على رسم الخط والختان لم يزل مشروعا في الرسل عليهم السلام من لدن إبراهيم صلى الله عليه وسلم إلى زمان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فإن قيل إن النصارى ما كانوا يختنون؟ فالجواب أن كلامنا في الرسل بين إبراهيم ونبينا محمد عليهما السلام وعيسى عليه الصلاة ولد على شريعة موسى عليه الصلاة وكان الختان مشروعا في دينه وقد ذكر أن عيسى عليه السلام ولد مختونا وقد وجدت في بعض كتب أهل العلم بالرواية أن أربعة عشر من الأنبياء عليهم السلام ولدوا مختونين وهم آدم وشيث [47/ب] ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ويوسف وموسى وعيسى وسليمان وزكريا وحنظلة بن صفوان نبي أصحاب الرس ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى سائر إخوان من الأنبياء والمرسلين، ومنهم من رويه بالحاء والياء وعلى هذا قرأته على بعض علماء المحدثين في كتاب المعجم الكبير للطبراني.
فإن قيل الحياء خلق غريزي فكيف يدخل في جملة السنن والأخذ بها من الأكساب فالجواب أن المراد من الحياء ههنا ما يقتضيه الحياء وهو التستر والانقباض عما يفحش ذكر ويستقبح فعله والتنزه عما يأباه المروءة ويذمه الشرع ومنهم من رويه بالنون بعد الحاء وقد قيل إنه تصحيف ومن الشواهد على أنه تصحيف أن الختان والحياء من أسماء المصادر يفيد المعنى المراد منهما ولا كذلك الحناء ولو كان الأمر على ما زعموه لكان من حقه أن يقول التحنية أو استعمال الحناء أو الخضاب به من سنن المرسلين ونحن لا ننكر جواز الحذف والاختصار في مثل ذلك ولكن لا ضرورة بنا إلى هذا التقدير مع الدليل المانع عن القول به من قبل الدين وهو أنه قال أربع من سنن المرسلين.
والخضاب بالحناء إما أن يكون في الأطراف أو في الشعور أما في الأطراف فمنفى في حقهم؛ لأن ذلك من دأب أهل التوضيع والتأنيث وقد نزه الله أقدارهم عن ذلك وإنما نعده من شعار أهل التوضيع لقوله صلى الله عليه وسلم (طيب الرجاب ما خفى لونه وظهر ريحه وطيب النساء ما ظهر لونه وخفى ريحه) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر النساء بتغيير أظفارهن بالحناء حتى أنكر على المرأة المبايعة تركها الخضاب في أظافرها وقال في كفيها كأنهما كفا سبع ولم يكن للرجال أن يتشبهوا بالنساء.
وأما في الشعور فإن الخضاب فيا من شعار هذه الأمة لم يشاركهم فيه أحد وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الكتاب ما كانوا يخضبون ولم يبلغنا عن أحد من الرسم قبل نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يخضب فليس لنا مع ما ذكرنا أن نعده من سنن المرسلين وإنما شددنا في توهين هذه الرواية مع