المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تراجعات ابن حجر عن بعض اجتهاداته في فتح الباري - النكت على صحيح البخاري - جـ ١

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌تراجعات ابن حجر عن بعض اجتهاداته في فتح الباري

- ‌أسانيد الحافظ ابن حجر العسقلاني إلى صحيح الإمام البخاري

- ‌ترجمة ابن حجر رحمه الله

- ‌ترجمة بدر الدين الزركشي رحمه الله

- ‌ترجمة السخاوي رحمه الله

- ‌وصف النسخة المخطوطة لكتاب النكت

- ‌وصف النسخة المخطوطة لكتاب تجريد تعليقات الحافظ ابن حجر على التنقيح للزركشي

- ‌الفصل الأول في بيان شرطه فيه

- ‌الفصل الثاني في ترجمة المصنف

- ‌ ذكر نسبه ومولده:

- ‌ ذكر منشئه وطلبه الحديث [

- ‌ ذِكْرُ مَراتب مَشَايخه الذين أخذ عنهم:

- ‌ ذكر سيرته وشمائله وزهده وفضائله:

- ‌ ذكر ثناء مشايخه عليه:

- ‌ ذكر نُبَذٍ مِمَّا رُوِيَ مِنْ سَعةِ حِفْظِه وفَرْط ذكائه:

- ‌ ذكر تصانيفه والرواة عنه:

- ‌ ذكر وفاته:

- ‌ذكر الضوابط التي أشرت إليها

- ‌أولها: ضابط في تسمية من ذكر بكنيته، فإن لم يعرف له اسم بينته:

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء:

- ‌ حرف الثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال:

- ‌ حرف الذال:

- ‌ حرف الراء:

- ‌ حرف الزاي:

- ‌ حرف السين:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف الضاد:

- ‌ حرف الطاء:

- ‌ حرف الظاء:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف:

- ‌ حرف الكاف:

- ‌ حرف اللام:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الواو:

- ‌ حرف الياء:

- ‌فصل: في النساء

- ‌ثانيها: ضَابط في التعريف بمن ذكرَ بالبُنُوَة

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء والثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال والذال:

- ‌ حرف الراء والزاي:

- ‌ حرف السين: [

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد والطاء:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين المعجمة:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف:

- ‌ حرف الكاف واللام:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الواو:

- ‌ حرف الياء:

- ‌ثالثها: ضابط في التعريف بمن ذكر بنسب أو لقب

- ‌ حرف الألف: [

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء والثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الدال والذال:

- ‌ حرف الراء والزاي:

- ‌ حرف السين:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف والكاف:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌فصل

- ‌رابعها: ضابط لِما يُخشَى اشتباهه ولا يؤمن التباسه من الأسماء وغيرها ضبطًا بالحروف

- ‌القسمُ الأول: ما يُشتبه بغيره في الكتاب:

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء:

- ‌ حرف الثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال:

- ‌ حرف الراء:

- ‌ حرف الزاي:

- ‌ حرف السين المهملة:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الياء:

- ‌القسم الثاني: وهو ما لا يشتبه بغيره في الكتاب:

- ‌ الألف:

- ‌ الباء:

- ‌ التاء المثناة:

- ‌ الثاء المثلثة:

- ‌ الجيم:

- ‌الحاء

- ‌ الخاء الْمعجمة:

- ‌ الدال

- ‌ الذال:

- ‌ الراء:

- ‌ الزاي

- ‌ السين:

- ‌ الشين:

- ‌ الصاد:

- ‌ الضاد:

- ‌ العين:

- ‌القاف

- ‌ الغين:

- ‌الفاء

- ‌الميم

- ‌ الكاف:

- ‌ اللام:

- ‌ النون

- ‌ الهاء:

- ‌ الواو:

- ‌ الياء الأخيرة:

- ‌1 - كتاب بدء الوحي

- ‌2 - كتاب الإيمان

- ‌1 - باب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ". وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ

- ‌2 - باب: دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ

- ‌3 - باب: أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - باب: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - باب: أَيُّ الإسْلَامِ أَفْضَلُ

- ‌6 - باب: إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌7 - باب: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - باب: حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - باب: حَلاوة الإيمَانِ

- ‌10 - باب: عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ

- ‌11 - باب

- ‌12 - باب: مِنَ الدِّين الْفِرَارُ مِن الْفِتَنِ

- ‌13 - باب: قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ

- ‌14 - باب: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعودَ في الْكُفْرِ كَمَا يَكرَهُ أَنْ يُلْقَى في النارِ مِن الإِيمان

- ‌15 - باب: تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ في الأَعْمَالِ

- ‌16 - باب: الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}

- ‌18 - باب: مَنْ قَالَ: إِنّ الإِيمَانَ هو الْعَمَلُ

- ‌19 - باب: إِذَا لم يَكُن الإسْلام عَلَى الْحقِيقَةِ وَكَانَ عَلَى الاِسْتِسْلامِ أَوِ الْخَوْف مِنَ الْقَتْلِ

- ‌20 - باب: السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - باب: كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ

- ‌22 - بابٌ: الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا يُكفِّرُ صَاحِبُهَا بارْتِكابهَا إِلا بالشِّرْكِ

- ‌23 - بَابٌ: ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - بَابٌ: عَلَامَات الْمُنَافِقِ

- ‌25 - بابٌ: قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابٌ: الْجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابٌ: تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - بَابُ: الدِّينُ يُسْرٌ

- ‌30 - بَابٌ: الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ: حُسْنُ إِسْلَامِ الْمَرْءِ

- ‌32 - بَابٌ: أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ

- ‌33 - بابُ: زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

- ‌34 - باب: الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌35 - باب: اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بَابُ: خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

الفصل: ‌تراجعات ابن حجر عن بعض اجتهاداته في فتح الباري

‌تراجعات ابن حجر عن بعض اجتهاداته في فتح الباري

نجد الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله قد غَيَّر بعضَ آرائه في بعض مواضعَ من شرحه الكبير "فتح الباري"، وهذا لا يعيب الرجل، بل يرفع قدره ويعلو شأنه بذلك، لأنه يدل على دين وورع، وبُعْدٍ عن العُجْب والكِبْرِ، فالرجل يسير مع الدليل حيث كان، فإذا كان على رأي ثم بدا له أن الصواب في غيره عدل إليه رحمه الله، نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.

هذا، والذي تبين لنا تراجعه فيه هُما موضعان فقط، وذلك لكون النسخة كما أسلفنا غير تامة، ولكن له مواضع أُخَر قد ثبت على رأيه في النكت كما في فتح الباري مع أنه في موضع آخر من فتح الباري متأخر عن ذلك الموضع قد غَيَّر فيه اجتهاده ونظره.

وذلك ليس بالضروري أن يكون في النكت رجع إلى رأيه الأول الذي في نفس الموضع من "فتح الباري"؛ لأنه من الممكن أن يكون الحافظ قد ذهل عما كتبه في آخر "فتح الباري"، ولكن للفائدة ذكرنا هذه المواضع وهي ثلاثة:

وها نحن نذكر تلك المواضع الخمسة للقارئ الكريم.

أ) تراجعات ابن حجر في "النكت" عن بعض اجتهاداته في "فتح الباري":

الموضع الأول:

عند الحديث رقم (40) من "صحيح البخاري"(كتاب: الإيمان، باب: الصلاة من الإيمان).

ص: 9

قال ابن حجر عند قول البخاري: "فخرج رجل": "هو عباد بن بشر بن قيظي كما رواه ابن منده من حديث طويلة بنت أسلم، وقيل: هو عبادة بن نهيك -بفتح النون وكسر الهاء-، وأهل المسجد الذين مر بهم، قيل: هم من بني سلمة، وقيل: هو عباد بن بشر الذي أخبر أهل قباء في صلاة الصبح -كما سيأتي بيان ذلك في حديث ابن عمر- حيث ذكره المصنف في كتاب الصلاة، ونذكر هناك تقرير الجمع بين هذين الحديثين وغيرهما، مع التنبيه على ما فيهما من الفوائد إن شاء الله تعالى. انتهى

وبنحو ذلك الكلام قال ابن حجر في مقدمته "هدي الساري"، حيث قال: "قال ابن عبد البر: اسم الرجل: عباد بن نهيك، وقيل: ابن بشر بن قيظي الأشهلي، وهذا أرجح، رواه ابن أبي خيثمة والفاكهي وابن منده بسند حسن، وأهل المسجد بنو حارثة.

فقد رجع ابن حجر رحمه الله في "النكت" عن ذلك حيث قال: "هو عباد بن نهيك -بفتح النون وكسر الهاء-، وأهل المسجد الذين مر بهم، قيل: هم من بني سلمة، وهذا غير عباد بن بشر الذي أخبر أهل قباء في صلاة الصبح -كما سيأتي بيان ذلك في حديث ابن عمر- حيث ذكره المصنف في كتاب الصلاة. . . ." انتهى

وجدير بالذكر أن ابن حجر قد ذكر كلامًا غير هذا في ذلك الرجل نفسه في آخر شرحه لصحيح البخاري في "فتح الباري"، وذلك في (كتاب أخبار الآحاد، باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد. . . .) برقم (7252)، حيث قال رحمه الله:". . . . حديث البراء بن عازب في تحويل القبلة أيضًا، وقد تقدم شرحه في كتاب العلم، وفي أبواب استقبال القبلة أيضًا، وبينت هناك أن الراجح أن الذي أخبر في حديث البراء بالتحويل لم يعرف اسمه". انتهى

وهذا الكلام الأخير فيه نظر من ثلاثة أوجه:

الأول: أن حديث البراء لم يرد في كتاب العلم، بل جاء في كتاب الإيمان، ولكن الذي ورد في كتاب العلم هو حديث ابن عمر رضي الله عنهما، حيث ذكره البخاري في:

ص: 10

"باب: ذكر العلم والفتيا في المسجد"، وكذلك في "باب: من أجاب السائل بأكثر مما سأله"، ولفظ الحديث: أن رجلًا سأله: ما يلبس المحرم؟ فقال: "لا يلبس القميص، ولا العمامة، ولا السراويل. . . ." الحديث.

الثاني: أن الحديث الذي يقصده ابن حجر غير هذا الحديث الذي عزى إليه؛ لأنه يقصد حديث ابن عمر في تحويل القبلة، وحديث ابن عمر في تحويل القبلة لم يرد في كتاب العلم أصلًا، بل ورد في (كتاب الصلاة، باب: ما جاء في القبلة) برقم (403)، أما حديث ابن عمر الذي في كتاب العلم فهو في لباس المحرم.

الثالث: أن الذي رجحه هنا من أن هذا الرجل لم يقف على اسمه غير صحيح؛ بدليل أنه عينه في "فتح الباري" في (كتاب الإيمان) وكذلك في (أبواب استقبال القبلة)، وكذلك عينه بعد أن غير اجتهاده فيه في "النكت".

والسبب في ذلك، أن الحافظ رحمه الله قد اختلط عليه الحديثان، حيث إنه لم يقف على اسم الرجل في حديث ابن عمر، وقد عينه في حديث البراء، فاختلط عليه الحديثان؛ لأن البخاري ذكر حديث ابن عمر في (كتاب أخبار الآحاد) ثم ذكر خلفه حديث البراء، فاشتبه على الحافظ الحديثان.

الموضع الثاني:

عند الحديث رقم (45) من "صحيح البخاري"(كتاب الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه)، قال ابن حجر رحمه الله عند قول البخاري رحمه الله:"أن رجلًا من اليهود": "هذا الرجل هو كعب الأحبار، بين ذلك مسدد في مسنده، والطبري في تفسيره، والطبراني في "الأوسط" كلهم من طريق رجاء بن أبي سلمة عن عبادة بن نُسَي -بضم النون وفتح المهملة- عن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب عن كعب. . . .". انتهى

فعندما تعرض للحديث في النكت غيّر اسم إسحاق بن خرشة، فقال:"عن إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب عن كعب. . . .". انتهى

وما ذكره في "النكت" هو الصواب في اسم الراوي.

ص: 11

والسبب في الخطأ الأول: أن الحديث قد وقع عند الطبري في "تفسيره" عند الآية الثالثة من سورة المائدة من طريق ابن عُلية: "عن رجاء بن أبي سلمة، عن عبادة بن نُسي قال: حدثنا أميرنا إسحاق -قال أبو جعفر: إسحاق هو ابن خرشة- عن قبيصة قال: . . . ." فذكر الحديث.

فذكر ابن حجر العسقلاني رحمه الله في "فتح الباري" الحديث كما وقع عند ابن جرير الطبري رحمه الله، وهو خطأ كما ذكرنا.

ولعل السبب في ذلك الخطأ؛ أن الاسم عند ابن جرير الطبري رحمه الله قد تصحف إلى "إسحاق عن قبيصة" بدلًا من: "إسحاق بن قبيصة"، أي: تصحفت "ابن" إلى "عن"، فاحتاج ابن جرير الطبري رحمه الله إلى تعيين إسحاق هذا، فعرفه بأنه ابن خرشة، وهو تعيين خطأ أيضًا، لأن ابن خرشة الذي يروي عن قبيصة بن ذؤيب اسمه: عثمان بن إسحاق بن خرشة، وليس إسحاق والده هو المراد، ويقال له أيضًا:"عثمان بن خرشة"، وهو راوي حديث أبي بكر الصديق في توريث الجدة.

أمَّا إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب -وهو الاسم الصحيح للراوي- فهو عامل هشام بن عبد الملك على الأردن.

هذا؛ وقد أخرج الحديث على الصواب: الطبراني في "الأوسط"(830، 3900)، وكذلك ابن عساكر في "تاريخه" من طريق مسدد بن مسرهد (8/ 271).

(ب) تراجعات لبعض اجتهادات ابن حجر العسقلاني رحمه الله في مواضع متأخرة من "فتح الباري" نفسه، لم يغير اجتهاده فيها في "النكت"، بل ظلت كما هي، وهي في مواضع أربعة:

الموضع الأول:

عند قول البخاري رحمه الله: "وجار لي"(كتاب العلم، باب: التناوب في العلم) الحديث رقم (89)، قال ابن حجر رحمه الله:"هذا الجار هو عتبان بن مالك، أفاده ابن القسطلاني، لكن لم يذكر دليله". انتهى

ص: 12

وكذلك قال الحافظ رحمه الله في "النكت" دون تغيير، مع كونه قد غَيَّر اجتهاده في "فتح الباري" نفسه في (كتاب النكاح، باب: موعظة الرجل ابنته لحال زوجها) برقم (5191)، حيث قال:"واسم الجار المذكور: أوس بن خولي بن عبد الله بن الحارث الأنصاري، سماه ابن سعد من وجه آخر عن الزهري عن عروة، عن عائشة. . . فذكر حديثًا، وفيه: "وكان عمر مؤاخيًا أوس بن خولي، لا يسمع شيئًا إلا حدثه، ولا يسمع عمر شيئًا إلا حدثه"؛ وهذا هو المعتمد، وأما ما تقدم في العلم عمن قال: إنه عتبان بن مالك، فهو من تركيب ابن بشكوال، فإنه جوَّز أن يكون الجار المذكور عتبان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين عمر، لكن لا يلزم من الإخاء أن يتجاورا، والأخذ بالنص مقدم على الأخذ بالاستنباط، وقد صرحت الرواية المذكورة عن ابن سعد أن عمر كان مؤاخيًا لأوس، فهذا بمعنى الصداقة لا بمعنى الإخاء الذي كانوا يتوارثون به ثم نسخ، وقد صرَّح به ابن سعد بأن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أوس بن خولي وشجاع بن وهب، كما صرح به بأنه آخى بين عمر وعتبان بن مالك، فتبين أن معنى قوله: "كان مؤاخيًا" أي: مصادقًا، ويؤيد ذلك أن في رواية عبيد بن حنين: "وكان لي صاحب من الأنصار". انتهى

وبنحو ذلك الكلام ذكر ابن حجر في مقدمته "هدي الساري" أنه أوس بن خولي.

الموضع الثاني:

عند قول البخاري رحمه الله: "سأله رجل"(كتاب العلم، باب: الغضب في الموعظة والتعلم إذا رأى ما يكره) برقم (91)، قال ابن حجر رحمه الله:"هو عمير والد مالك، وقيل غيره -كما سيأتي في اللقطة-". انتهى

وكذلك قال ابن حجر رحمه الله في "النكت" دون تغيير، مع كونه قد غير اجتهاده في "فتح الباري" نفسه، في (كتاب اللقطة، باب: ضالة الإبل) الحديث رقم (2427)، حيث قال: "ثم ظفرت بتسمية السائل، وذلك فيما أخرجه الحميدي والبغوي وابن السكن

ص: 13

والبارودي والطبراني كلهم من طريق محمد بن معن الغفاري، عن ربيعة، عن عقبة بن سويد الجهني، عن أبيه، قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، فقال:"عرفها سنة، ثم أوثق وعاءها. . . ." فذكر الحديث، وقد ذكر أبو داود طرفًا منه تعليقًا ولم يسق لفظه.

وكذلك البخاري في تاريخه، وهو أولى ما يفسر به هذا المبهم؛ لكونه من رهط زيد بن خالد. . . .". انتهى

الموضع الثالث:

عند قول البخاري رحمه الله: "أن خزاعة قتلوا رجلًا من بني ليث عام فتح مكة"(كتاب العلم، باب: كتابة العلم) الحديث رقم (112)، حيث قال ابن حجر رحمه الله:"أي القبيلة المشهورة، والمراد واحد منهم، فأطلق عليه اسم القبيلة مجازًا، واسم هذا القاتل: خراش بن أمية الخزاعي، والمقتول في الجاهلية منهم اسمه: أحمر، والمقتول في الإسلام من بني ليث لم يسم". انتهى

وكذلك قال الحافظ رحمه الله في "النكت" دون تغيير، مع كونه قد غير اجتهاده في "فتح الباري" نفسه في (كتاب الديات، باب: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين) الحديث رقم (6880)، حيث رحمه الله:"وقد ذكرت في كتاب العلم أن اسم القاتل من خزاعة: خراش -بمعجمتين- ابن أمية الخزاعي، وأن المقتول منهم في الجاهلية كان اسمه: أحمر، وأن المقتول من بني ليث لم يسم، وكذا القاتل، ثم رأيت في السيرة النبوية لابن إسحاق أن الخزاعي المقتول اسمه: منبه، قال ابن إسحاق في المغازي: "حدثني سعيد بن أبي سندر الأسلمي عن رجل من قومه، قال: كان معنا رجل يقالُ له: أحمر، كان شجاعًا، وكان إذا نام غط، فإذا طرقهم شيء صاحوا به، فيثور مثل الأسد، فغزاهم قوم من هذيل في الجاهلية، فقال لهم ابن الأثوع -وهو بالثاء المثلثة والعين المهملة-: لا تعجلوا حتى أنظر، فإن كان أحمر فيهم فلا سبيل إليهم، فاستمع، فإذا غطيط أحمر، فمشى إليه حتى وضع السيف في صدره فقتله، وأغاروا على الحي، فلما كان عام الفتح، وكان الغد من يوم الفتح، أتى ابن الأثوع الهذلي حتى دخل مكة

ص: 14

وهو على شركه، فرأته خزاعة، فعرفوه، فأقبل خراش بن أمية فقال: أفرجوا عن الرجل، فطعنه بالسيف في بطنه، فوقع قتيلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا معشر خزاعة! ارفعوا أيديكم عن القتل، ولقد قتلتم قتيلًا لأدينه".

قال ابن إسحاق: "وحدثني عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب قال: لَمَّا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع خراش بن أمية قال: "إن خراشًا لقتال" يعيبه بذلك، ثم ذكر حديث أبي شريح الخزاعي كما تقدم، فهذه قصة الهذلي.

وأما قصة المقتول من بني ليث فكأنها أخرى، وقد ذكر ابن هشام أن المقتول من بني ليث اسمه جندب بن الأدلع، وقال: بلغني أن أول قتيل وداه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح جندب بن الأدلع، قتله بنو كعب، فوداه بمائة ناقة، لكن ذكر الواقدي أن اسمه: جندب بن الأدلع، فرآه جندب بن الأعجب الأسلمي، فخرج يستجيش عليه، فجاء خراش فقتله، فظهر أن القصة واحدة، فلعله كان هذليًّا حالف بني ليث أو بالعكس، ورأيت في آخر الجزء الثالث من فوائد أبي علي ابن خزيمة أن اسم الخزاعي القاتل: هلال بن أمية، فإذا ثبت فَلَعَلَّ هلالًا لَقَبُ خِرَاشٍ، والله أعلم. انتهى

ونحو ذلك الكلام ذكره ابن حجر في مقدمته "هدي الساري" حيث قال: "المقتولان هُما منبه الخزاعي، ذكره ابن إسحاق، وقتله بنو ليث، وجنيدب بن الأكوع، ذكره ابن هشام، وقتله بنو كعب وهم خزاعة، وعن ابن إسحاق أن خراش بن أمية الخزاعي قتل ابن الأكوع الهذلي بقتيل في الجاهلية يقال له: أحمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل" الحديث، روينا في آخر الجزء من فوائد أبي علي ابن خزيمة أن اسم القاتل: هلال بن أمية، والله أعلم. انتهى

الموضع الرابع:

عند قول البخاري رحمه الله: "تزوج ابنة لأبي إهاب"(كتاب العلم، باب: الرحلة في المسألة النازلة) برقم (98)، قال ابن حجر رحمه الله:"اسمها غنية بفتح المعجمة وكسر النون بعدها تحتانية مشددة، وكنيتها أم يحيى كما يأتي في الشهادات". انتهى

ص: 15

وكذلك قال ابن حجر رحمه الله في "النكت" دون تغيير، مع كونه قال في كتاب الشهادات "فتح الباري" نفسه في (باب: الإماء والعبيد) برقم (2659) قال: "وقد تقدم في العلم تسمية أم يحيى بنت أبي إهاب وأنها غنية بفتح المعجمة وكسر النون بعدها تحتانية مثقلة، ثم وجدت في النسائي أن اسمها زينب، فلعل غنية لقبها، أو كان اسمها فغير بزينب كما غُير اسم غيرها. انتهى

ص: 16