الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
ذكر نُبَذٍ مِمَّا رُوِيَ مِنْ سَعةِ حِفْظِه وفَرْط ذكائه:
قد تقدم منه أشياء، وأشهرها قصة المائة حديث الَّتِي قلبها أهلُ بغداد، فاستحضرها كلها، وردَّ أسانيدها إلَى متونها عَلى الصواب، وسردها لهم عَلى ترتيب ما أوردوا عليه من مرة واحدة، حكاها ابن عدي والخطيب وغيرهما.
وَقَالَ أبو بكر الكلوذاني: كَانَ البُخَاريّ يأخذ الكتاب من العلم، فيطلع إليه اطلاعة، فيحفظ عامة أحاديثه من مرة.
وَقَالَ أبو الأزهر: كَانَ بسمرقند أربعمائة مُحدِّث، فأحبوا أن يغالطوا مُحَمَّد بن إسماعيل، فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرم، وامتحنوه به، فما تعلقوا عليه بسقطة.
وَقَالَ وراقه: سمعته [11/ أ] يقول: ما نمتُ البارحة حَتَّي عددت كم أدخلت تصانيفي من الحديث، فإذا نحو من مائتي ألف.
وَقَالَ عنه أيضًا: ما جلستُ للتحديث حَتَّى عرفت الصحيح من السقيم، وَحَتَّى نظرتُ في كتب أهل الرأي وعرفت قولهم، فلا أعلم شيئا يُحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة، قَالَ: فقلتُ له: يُمكن معرفة ذَلِكَ؟ ! قَالَ: نعم.
وَقَالَ أَحْمَد بن حمدون: رأيتُ البُخَاريّ في جنازة، وَمُحَمَّد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسماء والعلل، وهو يمر فيها مثل السهم كأنه يقرأ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .
*
ذكر تصانيفه والرواة عنه:
فمنها (الْجَامع الصحيح)، وكان سبب تصنيفه ما حكاه إبراهيم بن مِعْقَل النَّسَفي عنه قَالَ: كنا عند إسحاق بن رَاهَويه، فقال بعضُ أصحابه: لو جمعتم كتابًا جامعًا مُختصرًا لسنن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فوقع ذَلِكَ في قلبي.
قَالَ: وسمعته يقول: ما أدخلتُ فيه إلا ما صحَّ، وتركتُ من الصحاح كي لا يطول الكتاب.
وَقَالَ مُحَمَّد بن سليمان بن فارس: سمعته يقول: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في النوم،
وكأنني واقفٌ بين يديه، وبيدي مروحة أذبُّ عنه، فقال لي بعضُ أهل التعبيرات: تَذُبُّ عنه الكذب، قَالَ: فحملني ذَلِكَ عَلى تَخريج الصحيح.
وَقَالَ أبو الهيثم الكُشْمَيْهَنِي: سمعتُ الفَربري يقول: قَالَ البُخَاريّ: ما وضعتُ في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلتُ قبل ذَلِكَ وصليتُ ركعتين.
وَقَالَ الفَربري عن البُخَاريّ: صنفتُ الصحيح في ست عشرة سنة، وخرجته من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله.
وَقَالَ الفَرْبري: سمعتُ مُحَمَّد بن أبي حاتم وراق البُخَاريّ يقول: رأيتُ البُخَاريّ في النوم خلف النبي صلى الله عليه وسلم وهو يَمشي، فكلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه وضع أبو عبد الله قدمه في ذَلِكَ الموضع.
وروى ابن عدي عن الفَرْبَري، عن نَجم بن فُضيل أنه قَالَ: رأيت. . . فذكر نَحو هذا المنام.
وروى شيخ الإسلام الهَرَوي في "ذَمَ الكلام" له من طريق أبي سهل مُحَمَّد بن أحْمَد المروزي قَالَ: سمعت أبا زيد المروزي الفقيه الشافعي يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وكنت نائمًا بين الركن والمقام، فقال له: يا أبا زيد، إلَى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي؟ ! فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ قَالَ: جامع مُحَمَّد بن إسماعيل البُخَاري. انتهى [11/ ب].
وأشهر الرواة عنه له: الفَربري، وهو أبو عبد الله مُحَمَّد بن يوسف بن مطر بن صالح، ومنهم حماد بن شاكر، وإبراهيم بن مِعْقَل النَّسَفي، ومُهِيب بن سليم، وأبو طلحة منصور بن مُحَمَّد بن علي البَزْدوي، وهو آخر من كَانَ يروي الصحيح عن البُخَاريّ موتًا، قَالَه ابن ماكولا وغيره.
وأما قول الفَربري: سمع الجامع من مُحَمَّد بن إسماعيل تسعون ألفًا، فما بقي منهم أحد غيري، فلعله لم يشعر ببقاء البَزْدوي المذكور.
ومن تصانيفه: (الأدب الْمُفرد) يرويه عنه أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الجليل -بالجيم- البَزَّاز.
و(رفع اليدين في الصلاة)، و (القراءة خلف الإمام) يرويهما عنه محمود بن
إسحاق الخُزَاعي، وهو آخر من حَدَّث عنه ببخارى.
و(بر الوالدين) يرويه عنه مُحَمَّد بن دلويه الوراق.
و(التاريخ الكبير) يرويه عنه أبو أَحْمَد مُحَمَّد بن سليمان بن فارس، وأبو الحسن مُحَمَّد بن سهل النسوي وغيرهما، وهو الَّذِي قَالَ فيه ابن عُقدة: لا يستغني عنه مُحدث.
و(التاريخ الأوسط) يرويه عنه عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخَفَّاف.
و(التاريخ الصغير) يرويه عنه عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمن الأشقر.
و(خلق أفعال العباد) يرويه عنه يوسف بن ريحان بن عبد الصمد ورواه عنه أيضًا الفَربري.
و(كتاب الضعفاء) يرويه عنه أبو بشر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن حَماد الدولابي، ومُسَبِّح بن سعيد. وهذه التصانيف كلها موجودة مروية لنا بالسماع وبالإجازة.
* ومن تصانيفه أيضًا:
(الْجَامع الكبير) ذكره ابن طاهر.
و(الْمُسند الكبير).
و(التفسير الكبير) ذكره التبريزي (1).
و(كتاب الأشرية) ذكره الدارقطني.
و(أسامي الصحابة) ذكره أبو عبد الله ابن مَنْدَه، وذكر ابنه القاسم بن منده أنه يرويه من طريق مُحَمَّد بن سليمان بن فارس عنه.
وذكر من تصانيفه أيضًا (كتاب العلل)، وأنه يرويه عن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَمدون إجازة عن عبد الله بن الشرقي عنه.
و(كتاب الكنى المفرد) ذكره الحاكم أبو أَحْمَد.
و(كتاب الهبة) ذكره وراقه مُحَمَّد بن أبي حاتم.
و(كتاب الفوائد) ذكره التّرمِذيّ في أثناء المناقب من جامعه (2). وغير ذَلِكَ.
(1) في نسخة في الحاشية: "الفربري".
(2)
جامع التّرمِذيّ: (كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله) برقم (3742).