الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
وصف النسخة المخطوطة لكتاب النكت
قد اعتمدنا بفضل الله في إخراج هذا الكتاب على نسخة وحيدة، حيث لا يوجد غيرها كما تفيد ذلك الفهارس الخاصة بجمع فهارس المخطوطات مثل: فهرس مؤسسة آل البيت (مآب).
وقد أوضحت تلك الفهارس أنه لا يوجد لهذا الكتاب سوى نسخة واحدة موجودة في المكتبة الأزهرية تحت رقم [نمرة خصوصية (295)، نمرة عمومية (2228) حديث]، فقمنا بتصوير هذه النسخة، وأثناء عملنا وقفنا على نسخة للكتاب موجودة في دار الكتب المصرية، وبعد رؤيتها وفحصها وجدناها مصورة عن النسخة الأزهرية، وليست نسخة أخرى من الكتاب.
ومما يؤكد عدم وجود نسخة أخرى للكتاب ما دُوِّن على طرتها حيث كُتب التالي: "هذه النكت عزيزة الوجود، ولم يوجد غير هذه النسخة، وتشرفت باطلاع الجلال السيوطي عليها. . . .".
والنسخة من أولها إلى آخرها كاملة، سوى موضع واحد، حيث وجدنا ورقة قد سقطت من الأصل، وهي بين الورقة (141/ ب)، و (142/ أ).
وهذه الورقة ساقطة من أصل المخطوطة الأزهرية، وكذلك من مصورتها في دار الكتب المصرية، فقمنا باستدراكها من الشرح الكبير "فتح الباري"، ووضعها كما هي دون اختصار.
وعدد أوراق هذه النسخة ثلاث وستون ومائة ورقة (163) ورقة، تبدأ بمقدمة لابن حجر حول منهجه في العمل والاختصار، ثم قام بافتتاح الكتاب بأبحاث نفيسة جدًّا في منهج البخاري في تصنيف كتابه الصحيح، وفي شرطه فيه، وفي مناسبة تراجم أبوابه، وغيرها من المباحث النفيسة.
ثم قام بعمل عدة مقدمات للصحيح تشمل أسماء الرواة وأنسابهم، وهي بمثابة اختصار لمقدمة "فتح الباري" المعروفة بـ"هدي الساري".
ثم قام باختصار "فتح الباري" من أول كتاب "بدء الوحي إلى قبيل نهاية كتاب العلم" وهو ما يعادل عشرين ومائة حديثًا، (120) حديثًا.
والنسخة جيدة الخط وواضحة جدًّا؛ غير أنها قد وقع فيها تصحيف وتحريف غير قليل، ويظهر من طبيعة تلك الأخطاء أن الناسخ عليه رحمة الله كان ينقل دون استيعاب لمعاني ما يكتب، بل يرسم الحروف التي أمامه دون النظر إلى معانيها في كثير منها، مما أدى إلى تغيير معاني بعض الجمل والعبارات.
ولكن تجدر الإشارة إلى أن النسخة في أولها جيدة جدًّا، وليس فيها من تلك الأخطاء شيء، ولكن تظهر هذه الأخطاء بعد الورقة الخامسة والثلاثين تقريبًا، عندما بدأ في شرحه لحديث هرقل.
ولكن هذه الأخطاء لا تقدح -في نظرنا- في تلك النسخة المعتمدة؛ لأمور:
أولها: أن هذا الكتاب هو عبارة عن اختصار لكتاب كبير هو موجود بين أظهرنا، وليس بمفقود، حيث يمكن الرجوع إلى الأصل الكبير "فتح الباري" لاستدراك أي خطأ موجود أو استبيان الكلمات الغير واضحة.
ثانيها: أن هذا الكتاب ليس أصلًا من الأصول الحديثية القديمة مثل صحيحي البخاري ومسلم أو السنن والمسانيد وغيرها من الكتب القديمة، بل هو شرح قيِّم لأحد هذه الأصول، وهو كتاب متأخر زمنيا، فلا نظن أنه تسري عليه بالضرورة الدقة في التعامل مع النص المحقق كما يجب أن تكون مع الأصول القديمة، بل يكون فيها بعض التساهل نوعًا ما.
ونظن أن السبب في ذلك واضح؛ فإن الأول هو عبارة عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين، وهي التي يبنى عليها الأحكام الشرعية العقدية والتكليفية وغيرها.
أمَّا الثاني فهو كلام لإمام جليل، ولكن لا ينهض كلامه ليوازي نصوص القرون الأولى.
ثالثها: أن كثيرًا من كلام ابن حجر رحمه الله هو منقول عن الأئمة الشُرَّاح السابقين له، مثل الخطابي، والنووي، والقاضي عياض وغيرهم كثير، فمعرفة الصواب في الكلمة سهلة جدًّا، سواء حصلت عليها من الشرح الكبير "فتح الباري" أو حصلت عليها في مظانها في الشروح التي نقل عنها ابن حجر رحمه الله.
أضف إلى ذلك أن ابن حجر رحمه الله كثيرًا ما يتعرض لشرح كثير من الكلمات شرحا لغويًّا، ومعرفة الصواب فيها من الخطأ سهلة وميسورة، وذلك بالرجوع إلى كلام أهل اللغة والعربية.
رابعها: أن معرفة صحة الكلمة في الغالب تدرك بمجرد النظر دون الرجوع إلى الشرح الكبير "فتح الباري"؛ لأنه كما قلنا قبل: إنه يرسم الكلام المكتوب أمامه، فعند رؤيتها تكتشف الخطأ؛ لأن سياق الكلام لا ينضبط، فبقليل من التأمل تُدرك الصواب، فما بالك إن كان معك الأصل الذي قام الاختصار عليه، فإنه باليسر الشديد تدرك المقصود من الكلمة.
خامسها: أن معظم هذه الأخطاء هي من النوع السهل، حيث تتمثل في عدم دقة النقط فقط، والقليل جدًّا منها ما يكون سببه التحريف للكلمة.
فلكل ما سبق من أسباب وجدنا أنه من الأفضل الإعراض عن ذكر تلك الأخطاء في الحاشية، حتي لا نثقل الحاشية بالتعليقات، محاولة منا لإخراج الكتاب في صورة لائقة به.
غير أنه لو كان هناك كلمة قد تكون خطأ احتمالًا، وهي مخالفة لما في "فتح
الباري" ولكن لها وجه ولو بعيد فإننا نثبتها، ونذكر ما يقابلها في "الفتح"، بل لعل كثيرًا منها يحتمل الصواب أكثر من الخطأ، ويكون ما في الفتح هو المحتمل للخطأ أكثر من الصواب، ولكن لا نستطيع الجزم بذلك؛ لأنه ليس تحت أيدينا نسخة خطية من "فتح الباري".
أما عن اسم الكتاب، فهو كما ثبت علي طرته كالتالي:
"النكت على صحيح البخاري"
تأليف حافظ العصر أبي الفضل ابن حجر لخصه من شرحه الكبير المسمى فتح الباري
أمَّا عن صحة نسبة الكتاب إلى ابن حجر رحمه الله: فقد ذكر الإمام السيوطي في "نظم العقيان في أعيان الأعيان" أن لابن حجر العسقلاني مختصر لشرحه الكبير "فتح الباري"، وقد اطلع عليه حيث قال:"ومن تصانيفه "فتح الباري شرح البخاري"، ومقدمته تُسمى "هدي الساري"، وشرح آخر أكبر منه، وآخر ملخص منه لم يتما، وقد رأيتُ من هذا الملخص ثلاث مجلدات من أوله". انتهى
بل قد وجدنا مكتوبًا علي طرة الكتاب ما يلي: "هذه النكت عزيزة الوجود، ولم يوجد غير هذه النسخة، وتشرفت باطلاع الجلال السيوطي عليها، وفهرسها بخطه الشريف، نفعنا الله به".
وقد كُتب علي طرة الكتاب هذه الفهرسة، حيث قال:"فيه: المقدمة وشروطها، كتاب بدء الوحي خمسة أحاديث، كتاب الإيمان خمسون حديثًا، كتاب العلم تسعة (1) وسبعون حديثًا".
فلعل هذا هو المقصودُ من فهرسة الحافظ جلال الدين السيوطي.
وكُتب أيضًا علي طرة الكتاب: "فيه المقدمة، ومن أول البخاري إلى آخر باب حفظ العلم".
(1) مشتبهة في الأصل.
ثم كُتب تحتها: "بقي من كتاب العلم أحد عشر بابًا ويكون بعده كتاب الوضوء".
وقد كتب تحت عنوان الكتاب وقف لذلك الكتاب، ونصه:
"وقف هذا الكتاب الصدر الأجل المحترم سيدي محمد بن الشيخ حسن الشهير بنسبه الكريم بالكريمي على طلبة العلم بالأزهر، وجعل مقره تحت يد أخيه العلامة الشيخ أحمد الجوهري (1) بالخزانة الكائنة بالمقصورة، ثم من بعده يكون تحت يد من كان إمامًا راتبًا بالأزهر، وقفًا صحيحًا شرعيًا لا يُغيّر ولا يُبدل".
وقد أثبت ذلك الوقف أيضًا في بعض الصفحات، ونصها:
"وقف لله تعالى بالأزهر".
وأماكن تلك الوقوف في الصفحات التي تحمل هذه الأرقام: (11/ أ)، (22/ أ)، (32/ أ)، (43/ أ)، (51/ أ)، (63/ أ)، (71/ أ)، (82 / أ)، (92/ أ)، (102/ أ)، (112/ أ)، (123/ أ)، (131 / أ)، (152/ أ).
ويظهر من الأرقام السابقة أنه يكتب نص الوقف كل عشر ورقات تقريبًا، وهذا يؤكد سقوط الورقة التي بين (141/ ب) و (142 / أ) كما سبق أن أشرنا إلى ذلك، وسقوط هذه الورقة هو سقوطٌ حَديثٌ وليس قديمًا وهذا الترقيم هو ترقيم حديث، حيث إن العاملين في المكتبة الأزهرية قد قاموا بترقيم هذه النسخة أمامنا قبل التصوير، فتبين لنا بذلك أننا أول من قام بتصوير هذه النسخة، ولذلك قمنا باستدراك السقط من "فتح الباري"، ثم قمنا بتعديل الأرقام فيما بعد ذلك السقط، حيث أصبحت الورقة رقم (142/ أ) تحمل رقم (143/ أ) ، وما بعدها تم تعديله إلى آخر الكتاب.
هذا؛ ويوجد علي طرة الكتاب أيضا بجوار عنوان الكتاب وبجوار الوقف المذكور أربعة تملكات، تبين لنا منها اثنان، والآخران لم نستطع تبينهما:
(1) هو أحمد بن حسن بن عبد الكريم بن محمد بن يوسف بن كريم الدين الكريمي الخالدي، الشهير بالجوهري الشافعي الأزهري القاهري، ت (1182 هـ). راجع:"سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر"(1/ 97)، و "عجائب الآثار"(1/ 364). ومحمد بن الشيخ حسن المذكور هو أخو أحمد الجوهري هذا.
الأول: نصه: "ملك محمد بن قافص (1) بن صادق الحنفي غفر الله له".
والثاني: نصه: "ثم ملكه الفقير أحمد بن العجمي (2) سنة (1069) ".
ويوجد على حواشي الكتاب بعض التعليقات القليلة، وكذلك بعض التنبيهات لمن يقرأ الكتاب، مثل قوله:"قف على كذا".
وجميع تلك التعليقات تظهر بوضوح في أول الكتاب، ثم تختفي بعد تجاوز ربع الكتاب الأول.
وكذلك توجد بعض الإشارات إلى نسخة أخرى، مثل حرف:"ن" أو "نخ"، وقد أثبتنا كل ذلك في تعليقنا على الكتاب.
هذا؛ ولم يتبين لنا تاريخ نسخ هذه المخطوطة، ولا اسم ناسخها، ولكن يتضح من تاريخ وفاة ابن حجر رحمه الله وتاريخ وفاة السيوطي الذي قام بفهرسة الكتاب واطلع عليه، أن هذه النسخة نسخت في أواخر القرن التاسع أو أوائل القرن العاشر؛ لأن هذا الكتاب من أواخر ما ألف ابن حجر رحمه الله، وتاريخ وفاته هو سنة اثنين وخمسين وثمانمائة، وتاريخ وفاة السيوطي رحمه الله هو سنة أحد عشر وتسعمائة.
هذا؛ والله أعلى وأعلم.
(1) مشتبهة في الأصل.
(2)
هو أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد، المعروف بالعجمي، الشافعي الوفائي المصري، ت (1086 هـ). راجع "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر"(1/ 176، 177).