المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌18 - باب: من قال: إن الإيمان هو العمل - النكت على صحيح البخاري - جـ ١

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌تراجعات ابن حجر عن بعض اجتهاداته في فتح الباري

- ‌أسانيد الحافظ ابن حجر العسقلاني إلى صحيح الإمام البخاري

- ‌ترجمة ابن حجر رحمه الله

- ‌ترجمة بدر الدين الزركشي رحمه الله

- ‌ترجمة السخاوي رحمه الله

- ‌وصف النسخة المخطوطة لكتاب النكت

- ‌وصف النسخة المخطوطة لكتاب تجريد تعليقات الحافظ ابن حجر على التنقيح للزركشي

- ‌الفصل الأول في بيان شرطه فيه

- ‌الفصل الثاني في ترجمة المصنف

- ‌ ذكر نسبه ومولده:

- ‌ ذكر منشئه وطلبه الحديث [

- ‌ ذِكْرُ مَراتب مَشَايخه الذين أخذ عنهم:

- ‌ ذكر سيرته وشمائله وزهده وفضائله:

- ‌ ذكر ثناء مشايخه عليه:

- ‌ ذكر نُبَذٍ مِمَّا رُوِيَ مِنْ سَعةِ حِفْظِه وفَرْط ذكائه:

- ‌ ذكر تصانيفه والرواة عنه:

- ‌ ذكر وفاته:

- ‌ذكر الضوابط التي أشرت إليها

- ‌أولها: ضابط في تسمية من ذكر بكنيته، فإن لم يعرف له اسم بينته:

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء:

- ‌ حرف الثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال:

- ‌ حرف الذال:

- ‌ حرف الراء:

- ‌ حرف الزاي:

- ‌ حرف السين:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف الضاد:

- ‌ حرف الطاء:

- ‌ حرف الظاء:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف:

- ‌ حرف الكاف:

- ‌ حرف اللام:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الواو:

- ‌ حرف الياء:

- ‌فصل: في النساء

- ‌ثانيها: ضَابط في التعريف بمن ذكرَ بالبُنُوَة

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء والثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال والذال:

- ‌ حرف الراء والزاي:

- ‌ حرف السين: [

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد والطاء:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين المعجمة:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف:

- ‌ حرف الكاف واللام:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الواو:

- ‌ حرف الياء:

- ‌ثالثها: ضابط في التعريف بمن ذكر بنسب أو لقب

- ‌ حرف الألف: [

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء والثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الدال والذال:

- ‌ حرف الراء والزاي:

- ‌ حرف السين:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف والكاف:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌فصل

- ‌رابعها: ضابط لِما يُخشَى اشتباهه ولا يؤمن التباسه من الأسماء وغيرها ضبطًا بالحروف

- ‌القسمُ الأول: ما يُشتبه بغيره في الكتاب:

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء:

- ‌ حرف الثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال:

- ‌ حرف الراء:

- ‌ حرف الزاي:

- ‌ حرف السين المهملة:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الياء:

- ‌القسم الثاني: وهو ما لا يشتبه بغيره في الكتاب:

- ‌ الألف:

- ‌ الباء:

- ‌ التاء المثناة:

- ‌ الثاء المثلثة:

- ‌ الجيم:

- ‌الحاء

- ‌ الخاء الْمعجمة:

- ‌ الدال

- ‌ الذال:

- ‌ الراء:

- ‌ الزاي

- ‌ السين:

- ‌ الشين:

- ‌ الصاد:

- ‌ الضاد:

- ‌ العين:

- ‌القاف

- ‌ الغين:

- ‌الفاء

- ‌الميم

- ‌ الكاف:

- ‌ اللام:

- ‌ النون

- ‌ الهاء:

- ‌ الواو:

- ‌ الياء الأخيرة:

- ‌1 - كتاب بدء الوحي

- ‌2 - كتاب الإيمان

- ‌1 - باب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ". وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ

- ‌2 - باب: دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ

- ‌3 - باب: أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - باب: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - باب: أَيُّ الإسْلَامِ أَفْضَلُ

- ‌6 - باب: إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌7 - باب: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - باب: حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - باب: حَلاوة الإيمَانِ

- ‌10 - باب: عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ

- ‌11 - باب

- ‌12 - باب: مِنَ الدِّين الْفِرَارُ مِن الْفِتَنِ

- ‌13 - باب: قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ

- ‌14 - باب: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعودَ في الْكُفْرِ كَمَا يَكرَهُ أَنْ يُلْقَى في النارِ مِن الإِيمان

- ‌15 - باب: تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ في الأَعْمَالِ

- ‌16 - باب: الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}

- ‌18 - باب: مَنْ قَالَ: إِنّ الإِيمَانَ هو الْعَمَلُ

- ‌19 - باب: إِذَا لم يَكُن الإسْلام عَلَى الْحقِيقَةِ وَكَانَ عَلَى الاِسْتِسْلامِ أَوِ الْخَوْف مِنَ الْقَتْلِ

- ‌20 - باب: السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - باب: كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ

- ‌22 - بابٌ: الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا يُكفِّرُ صَاحِبُهَا بارْتِكابهَا إِلا بالشِّرْكِ

- ‌23 - بَابٌ: ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - بَابٌ: عَلَامَات الْمُنَافِقِ

- ‌25 - بابٌ: قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابٌ: الْجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابٌ: تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - بَابُ: الدِّينُ يُسْرٌ

- ‌30 - بَابٌ: الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ: حُسْنُ إِسْلَامِ الْمَرْءِ

- ‌32 - بَابٌ: أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ

- ‌33 - بابُ: زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

- ‌34 - باب: الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌35 - باب: اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بَابُ: خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

الفصل: ‌18 - باب: من قال: إن الإيمان هو العمل

‌18 - باب: مَنْ قَالَ: إِنّ الإِيمَانَ هو الْعَمَلُ

لِقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} . وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ في قَوْلهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، عَنْ قَوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وَقَالَ:{لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}

26 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالا: حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: "إِيمَانٌ باللهِ وَرَسُولهِ". قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ". قِيلَ: ثُمّ مَاذَا؟ قَالَ: "حَجٌ مبرورٌ".

قوله: (باب من قَالَ) هو مضاف حتمًا.

قوله: (الإيْمان هو العمل) مطابقة الآيات والحديث لما ترجم له بالاستدلال بالمجموع عَلى المجموع؛ لأن كل واحد منهما دال بمفرده عَلى بعض الدعوى.

فقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43]. عام في الأعمال [67/ ب]، وقد نقل جَماعة من المفسرين هنا أن قوله:{تَعْمَلُونَ} معناه: تؤمنون، فيكون خاصًّا، وقوله:{عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 93]. خاص بعمل اللسان عَلى ما نقل المؤلف، وقوله:{فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61]. عام أَيضًا.

وقوله في الحديث: "إيْمان بالله"، في جواب:"أي العمل أفضل؟ " ذلكَ عَلى أن الاعتقاد والنطق من جملة الأعمال.

فإن قيل: الحديث يدل عَلى أن الجهاد والحج ليسا من الإيمان لما تقتضيه ثُمَّ من المغايرة والترتيب.

فالجواب: أن المراد بالإيمان هنا: التصديق، وهذه حقيقته، والإيمان -كما تقدم- يُطلق عَلى الأعمال البدنية؛ لأنها مكملاته.

ص: 291

قوله (أورثتموها) أي صُيِّرَت لكم إرْثًا، وأطلق الإرث مجازًا عن الإعطاء لتحقق الاستحقاق. و"ما" في قوله:"بما" إما مصدرية؛ أي: بعملكم، وإما موصولة؛ أي: بالذي كنتم تعملونه، والباء للملابسة أو للمقابلة.

فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وحديث: "لن يدخل أحدكم الجنة بعمله"(1).

فالجواب: أن المنفي في الحديث دخولها بالعمل المجرد عن القبول، والمثبت في الآية دخولها بالعمل المتقبل، والقبول إنما يحصل برحمة الله، فلم يحصل الدخول إلَّا برحمة الله وقيل في الجواب غير ذَلكَ كما سيأتي عند إيراد الحديث المذكور.

قوله: (وَقَالَ عدة) أي: جماعة من أهل العلم، منهم أنس بن مالك، رُويِّنا حديثُهُ مرفوعًا في الترمِذي وغيره، وفِي إسناده ضعف (2)، ومنهم ابن عمر، رُوِّينا حديثه في التفسير للطبري والدعاء للطبراني (3)، ومنهم مُجاهد، رُويناه عنه في تفسير عبد الرَّزّاق وغيره (4).

قوله: (لنسألنهم. . . إلى آخره).

قَالَ النووي: معناه عن أعمالهم كلها؛ أي: التِي يتعلق بِها التكليف، وتخصيص ذَلِكَ بالتوحيد دعوى بلا دليل.

(1) أخرجه البُخَاري في "صحيحه"(كتاب المرضى، باب: تمني المريض الموت) برقم (5673) بللظ: "لن يُدخل أحدًا عمله الجنة"، وَمُسْلِم في "صحيحه"(كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالَى) برقم (2816) بلفظ: "ما من أحد يدخله عمله الجنة".

(2)

"جامع الترمِذي"(كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الحجر) برقم (3126).

وأخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 111، 112) برقم (4058)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" في ترجمة داود بن أبي هند (3/ 95).

(3)

أخرجه الطبري في "تفسيره"(سورة الحجر، قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}) (7/ 547)، والطبراني في "الدعاء" (باب: تأويل قول الله عز وجل: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ) برقم (1495).

(4)

أخرجه الطبري في "تفسيره"(سورة الحجر، قوله تعالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}) (7/ 547)، والطبراني في "الدعاء" (باب: تأويل قول الله عز وجل: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ) برقم (1496، 1497).

ص: 292

قُلْتُ: لتخصيصهم وجه من جهة التعميم في قوله: {أَجْمَعِينَ} [الحجر: 92]. فيدخل فيه المسلم والكافر، فإن الكافر مخاطب بالتوحيد بلا خلاف، بخلاف باقي الأعمال ففيها الخلاف، فمن قَالَ: إنهم مُخاطبونَ يقول: إنهم مسئولون عن الأعمال كلها، ومن قَالَ: إنهم غير مُخاطبين يقول إنما يُسألون عن التوحيد فقط، فالسؤال عن التوحيد متفق عليه، فحمل الآية عليه أولَى، بخلاف الحمل [68/أ] عَلى جميع الأعمال؛ لما فيه من الاختلاف، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ) أي: الله عز وجل. {لِمِثْلِ هَذَا} [الصافات: 61] أي: الفوز العظيم، {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} أي: في الدُّنْيَا، والظاهر: أن المصنف تأولها بما تأول به الآيتين المتقدمتين؛ أي: فليؤمن المؤمنون، أو يُحمل العمل عَلى عمومه؛ لأن من آمن لابد أن يُقبل، ومن قُبل فمن حقه أن يعمل، ومن عمل لابد أن ينال، فإذا وصل قَالَ:{لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} .

* تنبيه:

يحتمل أن يكون قائل ذلِكَ المؤمن الَّذِي رأى قرينه، ويحتمل أن يكون كلامه انقضى عند قوله:{الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الصافات: 60]. والَّذِي بعده ابتداء من قول الله عز وجل، لا حكاية عن قول المؤمن، ولعل هذا هو السر في إبهام المصنف القائل، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَد بن يونس) هو: أحْمَد بن عبد الله بن يونس اليَرْبُوعي الكُوفيّ، نُسِبَ إلى جده.

قوله: (سئل) أبهم السائل، وهو أبو ذر الغفاري، وحديثه في العتق (1).

قوله: (قيل: ثم ماذا؟ قَالَ: الجهاد) وقع في مسند الحارث بن أبي أسامة، عن إبراهيم بن سعد:"ثم جهاد"، فواخى بين الثلاثة في التنكير بخلاف ما عند المصنف.

وَقَالَ الكرماني: الإيمان لا يتكرر كالحج، والجهاد قد يتكرر، فالتنوين للإفراد الشخصي، والتعريف للكمال؛ إذ الجهاد لو أتى به مرة مع الاحتياج إلى التكرار لما كَانَ أفضل.

(1)"صحيح البُخَارِيّ"(كتاب العتق، باب: أي الرقاب أفضل) برقم (2518).

ص: 293

وتعقب عليه بأن التنكير من جُملة وُجوهه: التعظيم، وهو يُعطي الكمال، وبأن التعريف من جُملة وجوهه: العهد، وهو يُعطي الإفراد الشخصي، فلا يُسَلَّم الفرق.

قُلْتُ: وقد ظهر من رواية الحارث الَّتِي ذكرتها أن التنكير والتعريف فيه من تصرف الرواة؛ لأن مخرجه واحد، فالإطالة في طلب الفرق في مثل هذا غير طائلة، والله الموفق.

قوله: (حج مبرور) أي: مقبول، ومنه: بَرَّ حَجُّك، وقيل: المبرور: الذِي لا يُخالطه إثم، وقيل: الذِي لا رياء فيه.

* فائدة:

قالَ النووي: ذكر في هذا الحديث الجهاد بعد الإيمان، وفِي حديث أبي ذر لم يذكر الحج وذكر العتق (1)، وفي حديث ابن مسعود بدأ بالصلاة، ثم البر، ثم الجهاد (2)، وفِي الحديث المتقدم ذكر السلامة من اليد واللسان.

قَالَ العلماء: اختلاف الأجوبة في ذَلِكَ باختلاف الأحوال واحتياج [68/ ب] المخاطبين، وذكر ما لا يعلمه السائل والسامعون وترك ما علموه، ويمكن أن يقال: إن لفظة "مِن" مرادة كما يقال: فلان أعقل النَّاس، والمراد: من أعقلهم، ومنه حديث:"خيركم خيركم لأهله"(3)، ومن المعلوم أنَّه لا يصير بذلك خير النَّاس.

فإن قيل: لِمَ قدم الجهاد وليس بركن عَلى الحج وهو ركن؟

فالجواب: أن يقال: الحج قاصر غالبًا، ونفع الجهاد متعدٍّ غالبًا، أو كَانَ ذَلِكَ حيث كَانَ الجهاد فَرْض عين، ووقوعه فرض عين إذ ذاك متكرر، فكان أهم منه فَقُدِّم، والله أعلم.

(1)"صحيح البُخَارِيّ"(كتاب العتق، باب: أي الرقاب أفضل) برقم (2518).

(2)

"صحيح البُخَارِيّ"(كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها) برقم (527)، وكذلك في (2782، 5970، 7534).

(3)

أخرجه الترمِذي في "جامعه"(كتاب المناقب، باب: فضل أزواج النَّبِي صلى الله عليه وسلم) برقم (3895)، وابن ماجه في "سننه"(كتاب النكاح، باب: حسن معاشرة النساء) برقم (1977).

ص: 294