المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌30 - باب: الصلاة من الإيمان - النكت على صحيح البخاري - جـ ١

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌تراجعات ابن حجر عن بعض اجتهاداته في فتح الباري

- ‌أسانيد الحافظ ابن حجر العسقلاني إلى صحيح الإمام البخاري

- ‌ترجمة ابن حجر رحمه الله

- ‌ترجمة بدر الدين الزركشي رحمه الله

- ‌ترجمة السخاوي رحمه الله

- ‌وصف النسخة المخطوطة لكتاب النكت

- ‌وصف النسخة المخطوطة لكتاب تجريد تعليقات الحافظ ابن حجر على التنقيح للزركشي

- ‌الفصل الأول في بيان شرطه فيه

- ‌الفصل الثاني في ترجمة المصنف

- ‌ ذكر نسبه ومولده:

- ‌ ذكر منشئه وطلبه الحديث [

- ‌ ذِكْرُ مَراتب مَشَايخه الذين أخذ عنهم:

- ‌ ذكر سيرته وشمائله وزهده وفضائله:

- ‌ ذكر ثناء مشايخه عليه:

- ‌ ذكر نُبَذٍ مِمَّا رُوِيَ مِنْ سَعةِ حِفْظِه وفَرْط ذكائه:

- ‌ ذكر تصانيفه والرواة عنه:

- ‌ ذكر وفاته:

- ‌ذكر الضوابط التي أشرت إليها

- ‌أولها: ضابط في تسمية من ذكر بكنيته، فإن لم يعرف له اسم بينته:

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء:

- ‌ حرف الثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال:

- ‌ حرف الذال:

- ‌ حرف الراء:

- ‌ حرف الزاي:

- ‌ حرف السين:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف الضاد:

- ‌ حرف الطاء:

- ‌ حرف الظاء:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف:

- ‌ حرف الكاف:

- ‌ حرف اللام:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الواو:

- ‌ حرف الياء:

- ‌فصل: في النساء

- ‌ثانيها: ضَابط في التعريف بمن ذكرَ بالبُنُوَة

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء والثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال والذال:

- ‌ حرف الراء والزاي:

- ‌ حرف السين: [

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد والطاء:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين المعجمة:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف:

- ‌ حرف الكاف واللام:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الواو:

- ‌ حرف الياء:

- ‌ثالثها: ضابط في التعريف بمن ذكر بنسب أو لقب

- ‌ حرف الألف: [

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء والثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الدال والذال:

- ‌ حرف الراء والزاي:

- ‌ حرف السين:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الفاء:

- ‌ حرف القاف والكاف:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌فصل

- ‌رابعها: ضابط لِما يُخشَى اشتباهه ولا يؤمن التباسه من الأسماء وغيرها ضبطًا بالحروف

- ‌القسمُ الأول: ما يُشتبه بغيره في الكتاب:

- ‌ حرف الألف:

- ‌ حرف الباء:

- ‌ حرف التاء:

- ‌ حرف الثاء:

- ‌ حرف الجيم:

- ‌ حرف الحاء:

- ‌ حرف الخاء:

- ‌ حرف الدال:

- ‌ حرف الراء:

- ‌ حرف الزاي:

- ‌ حرف السين المهملة:

- ‌ حرف الشين:

- ‌ حرف الصاد:

- ‌ حرف العين:

- ‌ حرف الغين:

- ‌ حرف الميم:

- ‌ حرف النون:

- ‌ حرف الهاء:

- ‌ حرف الياء:

- ‌القسم الثاني: وهو ما لا يشتبه بغيره في الكتاب:

- ‌ الألف:

- ‌ الباء:

- ‌ التاء المثناة:

- ‌ الثاء المثلثة:

- ‌ الجيم:

- ‌الحاء

- ‌ الخاء الْمعجمة:

- ‌ الدال

- ‌ الذال:

- ‌ الراء:

- ‌ الزاي

- ‌ السين:

- ‌ الشين:

- ‌ الصاد:

- ‌ الضاد:

- ‌ العين:

- ‌القاف

- ‌ الغين:

- ‌الفاء

- ‌الميم

- ‌ الكاف:

- ‌ اللام:

- ‌ النون

- ‌ الهاء:

- ‌ الواو:

- ‌ الياء الأخيرة:

- ‌1 - كتاب بدء الوحي

- ‌2 - كتاب الإيمان

- ‌1 - باب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ". وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ

- ‌2 - باب: دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ

- ‌3 - باب: أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - باب: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - باب: أَيُّ الإسْلَامِ أَفْضَلُ

- ‌6 - باب: إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌7 - باب: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - باب: حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - باب: حَلاوة الإيمَانِ

- ‌10 - باب: عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ

- ‌11 - باب

- ‌12 - باب: مِنَ الدِّين الْفِرَارُ مِن الْفِتَنِ

- ‌13 - باب: قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ

- ‌14 - باب: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعودَ في الْكُفْرِ كَمَا يَكرَهُ أَنْ يُلْقَى في النارِ مِن الإِيمان

- ‌15 - باب: تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ في الأَعْمَالِ

- ‌16 - باب: الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}

- ‌18 - باب: مَنْ قَالَ: إِنّ الإِيمَانَ هو الْعَمَلُ

- ‌19 - باب: إِذَا لم يَكُن الإسْلام عَلَى الْحقِيقَةِ وَكَانَ عَلَى الاِسْتِسْلامِ أَوِ الْخَوْف مِنَ الْقَتْلِ

- ‌20 - باب: السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - باب: كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ

- ‌22 - بابٌ: الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا يُكفِّرُ صَاحِبُهَا بارْتِكابهَا إِلا بالشِّرْكِ

- ‌23 - بَابٌ: ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - بَابٌ: عَلَامَات الْمُنَافِقِ

- ‌25 - بابٌ: قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بَابٌ: الْجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بَابٌ: تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - بَابُ: الدِّينُ يُسْرٌ

- ‌30 - بَابٌ: الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - بَابُ: حُسْنُ إِسْلَامِ الْمَرْءِ

- ‌32 - بَابٌ: أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ

- ‌33 - بابُ: زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

- ‌34 - باب: الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌35 - باب: اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بَابُ: خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

الفصل: ‌30 - باب: الصلاة من الإيمان

‌30 - بَابٌ: الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ

وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ

40 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ -أَوْ قَالَ: أَخْوَالِهِ- مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ، وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ.

قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا، أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} .

قوله: (باب) هو مرفوع بتنوين وبغير تنوين.

و(الصلاة) مرفوع ، وَعَلى التنوين فقوله:(وقول الله) مرفوع عطفًا عَلى الصلاة، وَعَلى عدمه مجرور مضاف.

قوله: (يعني: صلاتكم) وقع التنصيص عَلى هذا التفسير من الوجه الذِي أخرج منه المصنف حديث الباب، فروى الطيالسي والنسائي من طريق شَريك وغيره، عن أبي إسحاق، عن البراء في الحديث المذكور:"فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]. صلاتكم إلَى بيت المقدس"(1).

(1) أخرجه النَّسَائي في "السنن الكبرى"(كتاب التفسير، سورة البقرة)(6/ 291)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(1/ 98).

ص: 335

وَعَلى هذا فقول المصنف: (عند البيت) مشكل، مع أنه ثابت عنه في جَميع الروايات، ولا اختصاص لذلك بكونه عند البيت.

وقد قيل: إن فيه تصحيفًا، والصواب:"يعني: صلاتكم لغير البيت". وعندي أنه لا تصحيف فيه، بل هو صواب، ومقاصد البُخَاريّ في هذه الأمور دقيقة، وبيان ذَلِكَ: أن العلماء اختلفوا في الجهة التِي كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يتوجه إليها للصلاة وهو بمكة؛ فقال ابن عباس وغيره: كَانَ يُصَلي إلَى بيت المقدس لكنه لا يستدبر الكعبة بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس.

وأطلق آخرون: أنه كَانَ يُصلي إلَى بيت المقدس.

وَقَالَ آخرون: كَانَ يُصلي إلَى الكعبة؛ فلما تحول إلَى المدينة استقبلَ بيت المقدس، وهذا ضعيف ويلزم منه دعوى النسخ مرتين، والأول أصح؛ لأنه يجمع بين القولين، وقد صححه الحاكم وغيره من حديث ابن عباس (1).

فكأن البُخَاريّ أراد الإشارة [80 / ب] إلَى الجزم بالأرجح من أن الصلاة لَمَّا كانت عند البيت كانت إلَى بيت المقدس، واقتصر عَلى ذلِكَ اكتفاء بالأولوية؛ لأن صلاتهم إلَى غير جهة البيت وهم عند البيت إذا كانت لا تضيع فأحرى ألا تضيع إذا بعدوا عنه.

قوله: (حَدَّثنَا عمرو بن خالد) هو بفتح العين وسكون الميم، وهو أبو الحسن الحرَّانِي، أحد الثقات الأثبات، ووقع في رواية القَابِسي عن عَبْدُوس، عن أبى زيد المَروَزي (2)، وفِي رواية أبي ذر عن الكُشْمَيْهَنِي:"عُمر بن خالد" بضم العين وفتح الميم، وهو تصحيف نبه عليه

(1) لم نَجده في "المستدرك"، ولكن أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(كتاب الصلاة، باب: تحويل القبلة من بيت المقدس إلَى الكعبة)(2/ 3) عن أبي عبد الله الحاكم، وكذلك أخرجه أحْمَد في "مسنده"(1/ 325)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 67).

(2)

في "الفتح": "من رواية القابِسي، عن عبدوس كلاهُمَا عن أبي زيد المروزي"، أي: في رواية أبي زيد المروزي، عن الفربري، عن البُخَاريّ، من طريق عبدوس عنه وكذا من طريق القابسي عنه. وهذا يُناسب ما في أسانيد ابن حجر؛ لأن ابن حجر يروي الصحيح عن أبي زيد المروزي من طريق القابسي، عن أبي زيد، وليس من طريق عبدوس، فذكر عبدوس هنا بدون قوله:"كلاهما" يَجعل المرء يتوهم أن ما هنا من طريق عبدوس فقط، وهو خلاف ذَلِكَ.

ص: 336

من القدماء أبو علي الغَسَّاني، وليس في شيوخ البُخَاريّ من اسمه عمر بن خالد، بل ولا في جَميع رجاله، بل ولا في أحد من رجال الكتب الستة.

قوله: (حَدَّثَنَا زُهير) هو ابن معاوية أبو خَيْثَمة الجُعْفِيّ الكوفي، نزيل الجزيرة وبها سَمع منه عمرو بن خالد.

قوله: (حَدَّثَنَا أبو إسحاق) هو السبِيعي، وسَماع زُهَيْر منه فيما قَالَ أَحْمَد: بعد أن بدى تغيره، لكن تابعه عليه عند المصنف إسرائيل بن يونس حفيده وغيره (1).

قوله: (عن البراء) هو ابن عَازب، صحابي ابن صحابى، وللمصنف في التفسير (2) من طريق الثوري، عن أبي إسحاق: سمعت البرَاء، فأمن ما يُخشى من تدليس أبي إسحاق.

قوله: (أول) بالنصب؛ أي: في أول زمن قدومه.

و(ما) مصدرية.

قوله: (أو قَالَ: أخواله) الشك من أبي إسحاق، وفِي إطلاق أجداده أو أخواله مَجاز؛ لأن الأنصار أقاربه من جهة الأمومة، لأن أم جده عبد المطلب بن هاشم منهم، وهي سلمى بنت عمرو أحد بني عَدِي بن النَّجار، وإنما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عَلى إخوتهم بني مالك بن النجار، ففيه عَلى هذا مَجاز ثانٍ.

قوله: (قِبَل) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: إلَى جهة.

قوله: (ستة عشر أو سبعة عشر) كذا وقع الشك في [رواية](3) زُهير هنا، وفي الصلاة أيضًا عن أبي نُعيم عنه (4)، . . . . . .

(1) أخرجه البُخَاريّ، عن إسرائيل في "صحيحه"(كتاب الصلاة، باب: التوجه نَحو القبلة حيث كَانَ) برقم (399)، وفِي (كتاب أخبار الآحاد، باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد .. ) برقم (7252)، وعن سفيان في (كتاب التفسير، سورة البقرة، باب: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَ. . .}) برقم (4492).

(2)

"صحيح البُخَاريّ"(كتاب التفسير، سورة البقرة، باب: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَ. . .}) برقم (4492).

(3)

مكانها بياض بالأصل، والمثبت من "الفتح".

(4)

الرواية التِي في (كتاب الصلاة) هِيَ رواية إسرائيل وهي في (باب: التوجه نَحو القبلة حيث كَان) برقم (399)، أما رواية أبي نعيم عن زهير فهي في (كتاب التفسير، سورة البقرة، باب: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}) برقم (4486).

ص: 337

وكذا في رواية الثوري عنده (1)، وفِي رواية إسرائيل عند الترمِذيّ أيضًا (2)، وَرَوَاهُ أبو عوانة في صحيحه عن عمار بن رجاء وغيره عن أبي نعيم فقال ستة عشر من غير شك (3)[81 / أ]، وكذا لِمسلم من رواية أبي الأحوص (4)، والنسائي من رواية زكريا بن أبي زائدة وشريك (5)، ولأبي عوانة أيضًا من رواية عمار بن رزيق (6) -بتقديم الراء مصغرًا- كلهم عن أبي إسحاق.

وكذا لأحمد بسند صحيح عن ابن عباس (7)، وللبزار والطبراني من حديث عمرو ابن عوف:"سبعة عشر"(8)، وكذا الطبراني عن ابن عباس (9).

والجمع بين الروايتين سهل: بأن يكون من جزم بستة عشر لَفَّق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرًا، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معًا، ومن شك تردد في ذلكَ، وذلك أن القدوم كَانَ في شهر ربيع الأول بلا خلاف، وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية عَلى الصحيح، وبه جزم الجمهور، وَرَوَاهُ الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس.

وشذت أقوال أخرى: ففي ابن ماجه من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي

(1)(كتاب التفسير، سورة البقرة، باب: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا. . .}) برقم (4492).

(2)

"جامع الترمذي"(أبواب الصلاة، باب: ما جاء في ابتداء القبلة) برقم (340)، وفِي (كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة) برقم (2962).

(3)

"مسند أبي عوانة"(مبتدأ أبواب المساجد وما فيها، بيان أول مسجد وضع في الأرض. . .)(1/ 328).

(4)

"صحيح مُسْلِم"(كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: تَحويل القبلة من القدس إلَى الكعبة) برقم (525).

(5)

أخرج النّسَائي رواية زكريا بن أبي زائدة في "السنن الكبرى"(كتاب القبلة، باب: فرض استقبال القبلة)(1/ 304)، وفِي (كتاب التفسير، باب: سورة البقرة)(6/ 290)، وفي "المجتبى"(كتاب الصلاة، باب: فرض القبلة)(1/ 243)، و (كتاب القبلة، باب: استقبال القبلة)(2/ 60 - 61).

وأما رواية شريك ففي (كتاب التفسير، باب: سورة البقرة)(6/ 291).

(6)

"مسند أبي عوانة"(مبتدأ أبواب المساجد وما فيها، بيان أول مسجد وضع في الأرض .. )(1/ 328).

(7)

"مسند أحْمَد"(1/ 325).

(8)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 18)، والبزار كما في "مَجمع الزوائد"(كتاب الصلاة، باب: ما جاء في القبلة)(2/ 119).

(9)

" المعجم الكبير"(12/ 68).

ص: 338

إسحاق في هذا الحديث ثَمانية عشر شهرًا (1)، وأبو بكر سيئ الحفظ، وقد اضطرب، فعند ابن جرير من طريقه في رواية سبعة عشر، وفي رواية ستة عشر (2)، وخرَّجه بعضهم عَلى قول مُحَمَّد بن حبيب أن التحويل كَانَ في نصف شعبان، وهو الذِي ذكره النووي في الروضة وأقره، مع كونه رجح في شرحه رواية ستة عشر شهرًا لكونها مجزومًا بِها عند مُسْلم، ولا يستقيم أن يكون ذَلِكَ في شعبان، وقد جزم موسى بن عقبة بأن التحويل كَانَ في جمادى الآخرة.

ومن الشذوذ أيضًا: رواية ثلاثة عشر شهرًا، ورواية تسعة أشهر، أو عشرة أشهر، ورواية شهرين، ورواية سنتين، وهذه الأخيرة يُمكن حملها عَلى الصواب، وأسانيد الجميع ضعيفة، والاعتماد عَلى القول الأول.

قوله: (وأنه صلى أول) بالنصب لأنه مفعول صلى.

و(العصر) كذلك عَلى البدلية، وأعربه ابن مالك بالرفع، وفي الكلام مقدر لَم يُذكر لوضوحه؛ أي: أول صلاة صلاها متوجهًا إلَى الكعبة صلاة العصر.

قوله: (فخرج رجل) هو عباد بن نَهِيك -بفتح النون وكسر الهاء-، وأهل المسجد الذين مر بِهم قيل: هم من بني سَلَمة. وهذا غير عباد بن بشر الذِي أخبر أهل قباء في صلاة الصبح كما سيأتي بيان ذَلِكَ في حديث ابن [81 / ب] عمر؛ حيث ذكره المصنف في كتاب الصلاة (3)، ويذكر هناك تقرير الجمع بين هذين الحديثين وغيرهما، مع التنبيه عَلى ما فيهما من الفوائد إن شاء الله.

قوله: (أشهد بالله) أي أحلف، قَالَ الجوهري: يُقال: أشهد بكذا؛ أي: أحلفُ به.

قوله: (قِبَل مكة) أي: قِبَل البيت الذِي في مكة، ولهذا قَالَ:"فداروا كما هُم قِبَل البيت". و"ما" موصولة، والكاف للمقارنة، و"هم" مبتدأ وخبره مَحذوف.

قوله: (قد أعجبهم) أي: النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)"سنن ابن ماجه"(كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: القبلة)(1/ 322) برقم (1010).

(2)

"تفسير الطبري"(سورة البقرة، قوله تعالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ. . .})(2/ 3).

(3)

"صحيح البُخَاريّ"(كتاب الصلاة، باب: ما جاء في القبلة) برقم (403).

ص: 339

قوله: (وأهل الكتاب) هو بالرفع عطفًا عَلى اليهود، من عطف العام عَلى الخاص، وقيل: المراد النصارى؛ لأنهم من أهل الكتاب، وفِيه نظر، لأن النصارى لا يصلون لبيت المقدس فكيف يعجبهم، ويحتمل أن يكون بالنصب، والمراد بِمعنى: مع، أي: يصلي مع أهل الكتاب إلَى بيت المقدس.

قوله: (وأنكروا ذَلِكَ) يعنِي اليهود، فنزلت:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} الآية [البقرة: 142]، وقد صرَّح المصنف بذلك في [روايته](1) من طريق إسرائيل (2).

قوله (قَالَ زهير) يعنِي: ابن معاوية بالإسناد المذكور بحذف أداة العطف كعادته، ووَهِمَ مَن قَالَ: إنه معلق، وقد ساقه المصنف في التفسير مع جملة الحديث عن أبي نُعيم، عن زُهير سياقًا واحدًا (3).

قوله: (أنه مات عَلى القبلة) أي: قِبْلَة بيت المقدس قبل أن تُحَوَّل.

(رجال وقتلوا) ذِكْر القتل لَم أره إلا في رواية زُهير، وباقي الروايات إنما فيها ذكر الموت فقط، وكذلك روى أبو داود والتَرمِذيّ، وابن حبان، والحاكم صحيحًا عن ابن عباس (4).

والذين ماتوا بعد فرض الصلاة وقبل تَحويل القبلة من المسلمين عشرة أنفس فبمكة من قريش: عبد الله بن شهاب، والمطلب بن أَزْهَر الزُّهريان، والسكران بن عمرو العامرى، وبأرض الحبشة منهم: حطاب -بالمهملة- بن الحارث الجُمَحي، وعمرو بن أمية الأسدي، وعبد الله بن الحارث السَّهْمِي، وعُروة بن عبد العُزَّى، وعَدِي بن نَضْلة العدويان، ومن الأنصار بالمدينة البَرَاء بن مَعْرور بِمهملات، وأسعد بن زُرَارة، فهؤلاء العشرة متفق عليهم.

(1) مكانها بياض بالأصل، والمثبت من "الفتح".

(2)

"صحيح البُخَاريّ"(كتاب الصلاة، باب: التوجه نَحو القبلة حيث كَانَ) برقم (399).

(3)

"صحيح البخَاريّ"(كتاب التفسير، سورة البقرة، باب: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا. . .}) برقم (4486).

(4)

أخرجه أبو داود في "سننه"(كتاب السنة، باب: الدليل عَلى زيادة الإيمان ونقصانه) برقم (4680)، والترمذي في "الجامع"(كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة) برقم (2964)، وابن حبان في "صحيحه"(كتاب الصلاة، باب: شروط الصلاة) برقم (1714)، والحاكم في "المستدرك"(كتاب التفسير، من سورة البقرة)(2/ 269).

ص: 340

ومات في المدة أيضًا إياس بن معاذ الأَشْهَلي، لكنه مُختلف في إسلامه، ولَم أجد في شيء من الأخبار أن أحدًا من المسلمين قُتل قَبل تَحويل القبلة [82 / أ] ، فإن كانت هذه اللفظة مَحفوظة فيحمل عَلى أن بعض المسلمين ممن لَم يشتهر قُتل في تلك المدة في غير الجهاد ولَم يُضبط اسمه لقلة الاعتناء بالتاريخ إذ ذاك.

ثم وجدت في المغازي ذكر رجل اختلف في إسلامه وهو سويد بن الصامت، فقد ذكر ابن إسحاق أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يَلْقَاه الأنصار في العَقَبة، فعرض عليه الإسلام، فقال: إن هذا لقول حسن، وهموا إلَى المدينة فقُتل بها في وقعة بُعَاث -بضم الموحدة وإهمال العين وآخره مثلث- وكانت قبل الهجرة، قَالَ: فكان قومه يقولون: لقد قُتل وهو مُسْلِم، فيحتمل أن يكون هو المراد.

* تنبيه:

في هذا الحديث من الفوائد:

* الرد عَلى المرجئة في إنكارهم تسمية أعمال الدين إيمانًا، وفيه أن تمني تغيير بعض الأحكام جائز إذا ظهرت المصلحة في ذَلِكَ.

* وفيه بيان شرف المصطفى وكرامته عَلى ربه لإعطائه له ما أحب من غير تصريح بالسؤال.

* وفيه بيان ما كَانَ في الصحابة من الحرص عَلى دينهم والشفقة عَلى إخوانهم، وقد وقع لهم نظير هذه المسألة لما نزل تَحريم الخمر كما صح من حديث البراء أيضًا، فنزلت:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا. . .} ، إلَى قوله:{وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 93](1)، وقوله تعالَى:{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30].

ولملاحظة هذا المعنى عَقَّبَ المصنف هذا الباب بقوله: باب حسن إسلام المرء.

(1) أخرجه التّرمِذيّ في "الجامع"(كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة المائدة) برقم (3050).

ص: 341