المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَهَذِه الْمَسْأَلَة قد يعايى بهَا يُقَال أَيْن لنا مُفْردَة لَا - النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر - جـ ٢

[شمس الدين ابن مفلح]

الفصل: وَهَذِه الْمَسْأَلَة قد يعايى بهَا يُقَال أَيْن لنا مُفْردَة لَا

وَهَذِه الْمَسْأَلَة قد يعايى بهَا يُقَال أَيْن لنا مُفْردَة لَا يتَحَقَّق فِيهَا خلاف عندنَا لَو حكم حَاكم بِخِلَاف قَوْلنَا فِيهَا نقض حكمه

‌فصل

الْمَذْهَب أَنه لَا تقبل شَهَادَة الْكَافِر فِي غير الْوَصِيَّة فِي السّفر وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِي شَهَادَة بَعضهم على بعض وَقَالَ أَبُو حَفْص الْبَرْمَكِي تقبل شَهَادَة السَّبي بَعضهم على بعض فِي النّسَب إِذا ادّعى الآخر أَنه أَخُوهُ

قَالَ ابْن عقيل وَلَا أعرفهُ التَّعْلِيل يجب أَن يكون تَصْحِيحا لشهادة بَعضهم على بعض فِي الْجُمْلَة

وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن فِي التَّمام لَا تخْتَلف الرِّوَايَة إِذا سبى قوم ثمَّ عتقوا فَادعوا أنسابهم لم يقبل إقرارهم حَتَّى يقيموا الْبَيِّنَة وَاخْتلفت الرِّوَايَة هَل من شَرط الْبَيِّنَة أَن يَكُونُوا من الْمُسلمين على رِوَايَتَيْنِ

أصَحهمَا لَا تسمع إِلَّا من مُسلم وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَالثَّانيَِة تسمع من الْكَافِر

وَجه الأولى اخْتَارَهَا الْخرقِيّ مَا روى الشّعبِيّ أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه كتب إِلَى شُرَيْح أَن لَا تورث حميلا حَتَّى تقوم بَيِّنَة من الْمُسلمين والحميل الْمَجْهُول من النّسَب على غَيره وَقد جَاءَ عَن الْعَرَب حميل بِمَعْنى مَحْمُول

وَوجه الثَّانِيَة أَنه يتَعَذَّر إِقَامَة الْمُسلمين فَأشبه الْوَصِيَّة فِي السّفر تقبل فِيهَا شَهَادَة أهل الذِّمَّة لتعذر الْمُسلمين هُنَاكَ انْتهى كَلَامه

وَقد ذكر القَاضِي أَبُو يعلى هَذِه الْمَسْأَلَة فَقَالَ وَقد قَالَ الإِمَام أَحْمد فِي السَّبي إِذا ادعوا نسبا وَأَقَامُوا بَيِّنَة من الْكفَّار قبلت شَهَادَتهم نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة حَنْبَل وَصَالح وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم لِأَنَّهُ قد تتعذر الْبَيِّنَة العادلة وَلم يجز ذَلِك فِي رِوَايَة عبد الله وَأبي طَالب لِأَنَّهُ لَا نَص فِي ذَلِك

ص: 275

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فعلى هَذَا كل مَوضِع ضَرُورَة غير الْمَنْصُوص فِيهِ رِوَايَتَانِ لَكِن التَّحْلِيف هُنَا لم يتَعَرَّضُوا لَهُ فَيمكن أَن يُقَال لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحلف حَيْثُ تكون شَهَادَتهم بَدَلا فِي التحميل بِخِلَاف مَا إِذا كَانُوا أصولا قد علمُوا من غير تحميل

وَقَالَ أَيْضا نقل ابْن صَدَقَة عَن الإِمَام أَحْمد سُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَن الرجل يُوصي بأَشْيَاء لأقاربه وَيعتق وَلَا يحضر إِلَّا النِّسَاء هَل تجوز شَهَادَتهنَّ قَالَ نعم تجوز شَهَادَتهنَّ فِي الْحُقُوق ذكرهَا القَاضِي مستشهدا بِقبُول الشَّهَادَة حَال الضَّرُورَة

وَظَاهر هَذِه أَنه تقبل شَهَادَة النِّسَاء منفردات فِي الْوَصِيَّة مُطلقًا كَمَا تقبل شَهَادَة الْكفَّار وَهَذَا يُؤَيّد مَا ذكرته يَعْنِي مَا تقدم من أَنَّهَا تقبل فِي السّفر والحضر إِذا لم يكن ثمَّ مُسلم

وَفِي مَوضِع آخر قَالَ يَعْنِي القَاضِي نقلت من خطّ أبي حَفْص عَن سندى الْقَزاز قَالَ وَسُئِلَ عَن الرجل يُوصي بأَشْيَاء لأقاربه وَيعتق وَلَا يحضرهُ إِلَّا النِّسَاء هَل يجوز شَهَادَتهنَّ فِي الْحُقُوق يحْتَمل أَنَّهَا تقبل مَعَ يَمِين الْمُوصى لَهُ كَأحد الزَّوْجَيْنِ

وَيتَوَجَّهُ أَن يكون ذَلِك فِيمَا لَيْسَ لَهُ مُنكر فَإِن الشَّهَادَة على الْمَيِّت لَيست كَالشَّهَادَةِ على الْحَيّ فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يقر أَو يجْحَد فَإِن جحد كل جَحده مُعَارضا لأَحَدهمَا وَسلم الآخر بِخِلَاف مَالا معَارض لَهُ وَلِهَذَا قُلْنَا إِن الإِمَام لَا يرجع حَتَّى يسبح بِهِ اثْنَان فِي الصَّلَاة وَهَذَا فرق معنوي

وَقَالَ أَيْضا قَول الإِمَام أَحْمد أقبل شَهَادَتهم إِذا كَانُوا فِي سفر لَيْسَ فِيهِ غَيرهم هَذِه ضَرُورَة فَيَقْتَضِي عُمُومه أَنَّهَا لَا تقبل فِي السّفر على كل شَيْء عِنْد عدم

ص: 276

الْمُسلمين فَتقبل على الْإِقْرَار وعَلى نفس الْمَوْت لأجل انْتِقَال الْإِرْث وَزَوَال النِّكَاح وعَلى الْقِتَال وعَلى غير ذَلِك وَهَذَا هُوَ الْقيَاس الْجَلِيّ فَإِنَّهَا إِذا قبلت على الْوَصِيَّة فَلِأَن تقبل على الْمَوْت أولى وَأَحْرَى وَلَيْسَ فِي الْوَصِيَّة معنى إِلَّا وَقد يُوجد فِي غَيرهَا مثله أَو أقوى أَو قريب وَلذَلِك قُلْنَا شَهَادَتهم فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِالنّسَبِ والولادة فِي مَسْأَلَة الْحميل إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ من يعلم النّسَب من الْمُسلمين

قَالَ وَقَوله هَذِه ضَرُورَة يقتضى هَذَا التَّعْلِيل قبُولهَا فِي كل ضَرُورَة حضرا وسفرا وعَلى هَذَا فشهادة بَعضهم على بعض ضَرُورَة فَلَو قيل إِنَّهُم يحلفُونَ فِي شَهَادَة بَعضهم على بعض كَمَا يحلفُونَ فِي شَهَادَتهم على الْمُسلمين وأصحابهم فِي وَصِيَّة السّفر لَكَانَ مُتَوَجها وَلَو قيل بِقبُول شَهَادَتهم مَعَ أَيْمَانهم فِي كل شَيْء عدم فِيهِ الْمُسلمُونَ لَكَانَ لَهُ وَجه وَتَكون شَهَادَتهم بَدَلا مُطلقًا يُؤَيّد مَا ذكرته مَا ذكره القَاضِي وَغَيره محتجا بِهِ وَهُوَ فِي النَّاسِخ والمنسوخ لأبي عبيد أَن رجلا من الْمُسلمين خرج فَمر بقرية فَمَرض وَمَعَهُ رجلَانِ من الْمُسلمين فَدفع إِلَيْهِمَا مَاله ثمَّ قَالَ ادعوا لي من أشهده على مَا قبضتماه فَلم يَجدوا أحدا من الْمُسلمين فِي تِلْكَ الْقرْيَة فدعوا أُنَاسًا من الْيَهُود وَالنَّصَارَى فأشهدهم على مَا دفع إِلَيْهِمَا وَذكر الْقِصَّة فَانْطَلقُوا إِلَى ابْن مَسْعُود فَأمر الْيَهُود أَن يحلفوا بِاللَّه لقد ترك من المَال كَذَا ولشهادتنا أَحَق من شَهَادَة هذَيْن الْمُسلمين ثمَّ أَمر أهل الْمُتَوفَّى أَن يحلفوا أَن شَهَادَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى حق فَحَلَفُوا فَأَمرهمْ ابْن مَسْعُود أَن يَأْخُذُوا من الْمُسلمين مَا شهِدت بِهِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَكَانَ ذَلِك فِي خلَافَة عُثْمَان رضي الله عنه

قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فَهَذِهِ شَهَادَة الْمَيِّت على وَصيته قد قضى بهَا ابْن مَسْعُود مَعَ يَمِين الْوَرَثَة لأَنهم المدعون وَالشَّهَادَة على الْمَيِّت لَا تفْتَقر إِلَى يَمِين الْوَرَثَة

ص: 277