الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْن الرُّومِي فِي تَوْجِيه ذَلِك فِي شرح الْأُصُول إِن النَّفْي دخل على الْإِيجَاب فانه إِذا قَالَ لَهُ عِنْدِي مائَة إِلَّا دِرْهَمَيْنِ اعْترف بِثمَانِيَة وَتِسْعين فَإِذا أدخلت النَّفْي على هَذَا فكأنك قلت مَاله عِنْدِي ثَمَانِيَة وَتسْعُونَ فَأتيت بِالِاسْتِثْنَاءِ تحكى صُورَة الْإِيجَاب إِلَّا أَنه اسْتثِْنَاء من نفي
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وعَلى هَذَا فَمن نصب فِي الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي لَا يكون مثبتا للمستثنى وَمن لافع يكون مثبتا وَكَأن الناصب جَاءَ بِكَلَامِهِ النَّافِي ردا على من أثبت والرافع ابْتِدَاء وعَلى هَذَا فَيكون قَوْله تَعَالَى (466) مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم على هَذِه الْقِرَاءَة فِي قُوَّة مَا فعله أَكْثَرهم وَقَالَ بَعضهم هَذَا الَّذِي قَالَه ابْن السراج إِنَّمَا هُوَ على لُغَة من يرفع المستثني من النَّفْي فَإِذا نصب فَيكون قد نطق بِكَلَام غير عَرَبِيّ فَيلْغُو وَأما على لُغَة من يجوز النصب فَيكون مقرا وَهُوَ حسن انْتهى كَلَامه وَهُوَ وَاضح فَلَو قَالَ نحوى مَاله عِنْدِي عشرَة إِلَّا درهما وَرفع إِلَى حَاكم حكم عَلَيْهِ إِن رَآهُ إِقْرَارا وَإِلَّا كَسَائِر مسَائِل الْخلاف فَلَو كَانَ الْمقر لَهُ يعْتَقد أَن هَذَا لَيْسَ إِقْرَارا فَهَل ينفذ الحكم ويسوغ الْأَخْذ يَنْبَغِي أَن يخرج على مَا إِذا حكم حَنَفِيّ بشفعة الْجوَار لمن يعْتَقد خِلَافه وفيهَا وَجْهَان لنا وللشافعية مَعَ أَن هَذَا يدْخل فِيمَا حَكَاهُ صَاحب الْمُحَرر من الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا تقدم
فَلَو ادّعى الْمقر أَنه قصد أَن يحْكى صُورَة الْإِيجَاب لَا الْإِقْرَار فَهَل يقبل مِنْهُ مَحل تردد لتردد النّظر فِي مُخَالفَته للظَّاهِر أما الْجَاهِل بِالْعَرَبِيَّةِ فَيتَوَجَّه فِيهِ القَوْل الْمُتَقَدّم وَهُوَ مؤاخذته بلغته وعرفه
فصل
إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف إِلَّا شَيْء قبل تَفْسِيره بِأَكْثَرَ من خَمْسمِائَة لَكِن لَا يجوز اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر فَيتَعَيَّن حمله على مَا دون النّصْف قَالَه فِي الْمُغنِي
وَيَنْبَغِي أَن يُقَال إِلَّا أَن نقُول بِصِحَّة اسْتثِْنَاء النّصْف فَيقبل قَالَ وَكَذَلِكَ إِن قَالَ إِلَّا قَلِيلا وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِي هَذِه مَا قَالَه فِي الَّتِي بعْدهَا
قَالَ وَإِن قَالَ لَهُ على مُعظم أَو أجل ألف أَو قريب من ألف لزمَه أَكثر من نصف الْألف وَيحلف على الزِّيَادَة إِذا ادعيت عَلَيْهِ
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَقَالَ فِي الْجَوَاهِر يَعْنِي الْمَالِكِيَّة إِذا قَالَ لَهُ عِنْدِي قريب الْمِائَة أَو مائَة إِلَّا شَيْئا قَالَ سَحْنُون قَالَ أَكثر أَصْحَابنَا يلْزمه ثلثا الْمِائَة بِقدر مَا يرى الْحَاكِم وَقيل ثلث مائَة وَقيل وَاحِد وَخَمْسُونَ ليزِيد على النّصْف
وَقَالَ فِي الْجَوَاهِر فِي مَوضِع آخر إِذا قَالَ لَهُ عَليّ مائَة دِرْهَم إِلَّا شَيْئا يلْزمه وَاحِد وَتسْعُونَ وَإِن قَالَ لَهُ على عشرَة آلَاف إِلَّا شَيْئا يلْزمه تِسْعَة آلَاف وَمِائَة وَله دِرْهَم إِلَّا شَيْئا يلْزمه أَرْبَعَة أَخْمَاس دِرْهَم وَلَو قَالَ لَهُ مائَة وَشَيْء يقْتَصر على الْمِائَة لِأَن الشَّيْء لَا يُمكن رده إِلَى تَقْدِير كرد الشَّيْء الْمُسْتَثْنى فَيبْطل لِأَنَّهُ شكّ لَا مخرج لَهُ قَالَ عبد الْملك وَالْمُعْتَبر فِي جَمِيع ذَلِك مَا يحسن اسْتِعْمَال الِاسْتِثْنَاء فِيهِ وَمَا شكّ فِيهِ لَا يثبت انْتهى كَلَامه
وَقَوْلنَا أولى لما تقدم وَالتَّقْدِير يتَوَقَّف على تَوْقِيف وَلَا تَوْقِيف وتعارض الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة يدل على فَسَادهَا وَلِأَن الشَّيْء إِذا كَانَ لَهُ مَوْضُوع فَلَا فرق بَين أَن يكون مقرا بِهِ أَو مُسْتَثْنى وَالْأولَى فِيمَا إِذا قَالَ لَهُ مائَة وَشَيْء مَا قُلْنَا وَهُوَ أَنه يلْزمه مائَة وَيرجع فِي تَفْسِير الشَّيْء إِلَيْهِ كَمَا لَو انْفَرد
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَقَالَ ابْن معتب فِي وثائقه إِذا قَالَ لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا شَيْئا أَو إِلَّا كثيرا صدق فِي تَفْسِيره مَعَ يَمِينه يَعْنِي لِأَن الِاسْتِثْنَاء يَصح فِي التِّسْعَة إِلَى الْعشْرَة فَكل مَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ صَحَّ أَن يقر بِهِ الِاسْتِثْنَاء الْمَجْهُول وَهَذَا قَول الشَّافِعِي وَعند أَصْحَابنَا لَا يَصح تَفْسِيره بِأَكْثَرَ من
النّصْف وَفِي النّصْف وَجْهَان وَيصِح تَفْسِيره بِمَا دون النّصْف وَوَافَقَ أَبُو حنيفَة هُنَا فَقَالَ إِذا قَالَ لَهُ عَليّ مائَة دِرْهَم إِلَّا قَلِيلا أَو إِلَّا بَعْضهَا لَا بُد أَن يزِيد الْبَاقِي على النّصْف
قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ على هَؤُلَاءِ العبيد الْعشْرَة إِلَّا وَاحِدًا لزمَه تَسْلِيم تِسْعَة لِأَنَّهَا مقرّ بهَا وَالْوَاحد مُسْتَثْنى وَهُوَ قَلِيل فَلم يلْزمه وَيرجع إِلَيْهِ فِي التَّعْيِين لِأَنَّهُ أعلم بمراده
قَوْله فَإِن مَاتُوا إِلَّا وَاحِدًا فَقَالَ هُوَ الْمُسْتَثْنى قبل وَقيل لَا يقبل وللشافعية أَيْضا وَجْهَان
أَحدهمَا يقبل وَهُوَ الرَّاجِح فِي الْمَذْهَب كحالة الْحَيَاة وكما لَو مَاتَ بعد تَعْيِينه وَمن قَالَ بِهَذَا تعذر تَسْلِيم الْمقر بِهِ لتلفه لَا لِمَعْنى يرجع إِلَى تَفْسِيره بِخِلَاف اسْتثِْنَاء الْجَمِيع
وَالثَّانِي لَا يقبل لرفعه جَمِيع مَا أقرّ بِهِ كاستثنائه فَإِن قتلوا إِلَّا وَاحِدًا أَو غصبوا إِلَّا وَاحِدًا أَو قَالَ غصبتك هَؤُلَاءِ العبيد إِلَّا وَاحِدًا فماتوا إِلَّا وَاحِدًا قبل تَعْيِينه فِي هَذِه الصُّور بِالْبَاقِي وَجها وَاحِدًا لعدم التُّهْمَة لوُجُوب الْقيمَة بِخِلَاف الْإِقْرَار
قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ عَليّ هَذِه الدَّار إِلَّا هَذَا الْبَيْت أَوله هَذِه الدَّار ولى هَذَا الْبَيْت مِنْهَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا
وَإِن كَانَ معظمها بِخِلَاف قَوْله إِلَّا ثلثيها أَو ثَلَاثَة أرباعها وَنَحْوه لِأَن الأول اسْتثِْنَاء وَالثَّانِي فِي مَعْنَاهُ
وَقَوله وَإِن كَانَ معظمها
وَكَذَلِكَ ذكر غير وَوَجهه لِأَن لَيْسَ الْعدَد صَرِيحًا وَلم يذكرهُ بَعضهم وَقد تقدم ذَلِك
وَقَوله بِخِلَاف قَوْله إِلَّا ثلثيها
وَهُوَ معنى كَلَام غَيره يَعْنِي فَإِنَّهُ اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر وَهُوَ بَاطِل فِي الْأَشْهر وَكَذَا ذكره فِي الرِّعَايَة
وَيعرف من ذَلِك أَنه لَو قَالَ هَذِه الدَّار ولى نصفهَا أَنه معنى اسْتثِْنَاء النّصْف وَفِي صِحَّته خلاف وَذكر فِي الرِّعَايَة الْكُبْرَى هَذِه الْمَسْأَلَة وَقَالَ صَحَّ فِي الأقيس وَذكر فِي الصُّغْرَى أَنَّهَا كَقَوْلِه إِلَّا ثلثيها
قَوْله لَا يَصح الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس
قَالَ الْخلال بَاب الرجل يقر للرجل بِدَنَانِير ثمَّ يسْتَثْنى مِنْهَا غَيرهَا ذكر هَذَا بعد بَاب لَهُ عَليّ مائَة دِينَار ولي عَلَيْهِ دِينَار أَنه مقرّ مُدع
قَالَ ابْن مَنْصُور قلت لِأَحْمَد قَالَ سُفْيَان وَإِذا قَالَ لَك عِنْدِي مائَة دِينَار إِلَّا فرسا إِلَّا ثوبا هَذَا محَال يُؤْخَذ بِالْمِائَةِ قَالَ الإِمَام أَحْمد كَمَا قَالَ
وَذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَن مُرَاد الْخلال بِالْبَابِ قلَّة تَشْبِيه الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس يدعى تَقْدِيره لَكِن لي عَلَيْهِ فرس أَو قيمَة فرس وَذكر أَيْضا أَن رِوَايَة ابْن مَنْصُور لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيح بِخِلَاف مَذْهَب أبي حنيفَة بل مُوَافقَة لفتيا سُفْيَان انْتهى كَلَامه
وَقد ذكر فِي المغنى أَنه يكون مقرا بِشَيْء مُدعيًا لشَيْء سواهُ فَيقبل إِقْرَاره وَتبطل دَعْوَاهُ كَمَا لَو صرح بذلك بِغَيْر لفظ الِاسْتِثْنَاء
وَالْمذهب أَنه لَا يَصح اسْتثِْنَاء غير أحد النَّقْدَيْنِ من الآخر لِأَن الِاسْتِثْنَاء إِمَّا صرف للفظ عَمَّا يَقْتَضِيهِ لولاه أَو إِخْرَاج بعض مَا تنَاوله الْمُسْتَثْنى مِنْهُ أَو منع أَن يدْخل فِي اللَّفْظ مَا لولاه لدخل وَهَذِه التعريفات فِي كَلَام أَصْحَابنَا وَغَيرهم وَأما مَا كَانَ من غير الْجِنْس فَلَا يكون اسْتثِْنَاء إِلَّا تجوزا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة اسْتِدْرَاك وَإِلَّا فِيهِ بِمَعْنى لَكِن قَالَه أهل الْعَرَبيَّة مِنْهُم ابْن السراج وَابْن
قُتَيْبَة وَحَكَاهُ عَن سِيبَوَيْهٍ وَلذَلِك لم يَأْتِ الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس فِي الْقُرْآن وَغَيره إِلَّا بعد الْجحْد لِأَن الِاسْتِدْرَاك لَا يَأْتِي إِلَّا بَين متنافيين وَقِيَاسًا على التَّخْصِيص فَإِنَّهُ لَا بُد من كَونه من الْجِنْس وَالِاسْتِثْنَاء من جملَة المخصصات عِنْد الْمُخَالفين أَو أَكْثَرهم وَلِأَنَّهُ لَو صَحَّ لاطرد فِي جَمِيع الْمَوَاضِع
وَذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَنهم ساعدوا أَنه لَا يَصح فِي البيع وَبِهَذَا قَالَ زفر وَبَعض الْمَالِكِيَّة وَبَعض الشَّافِعِيَّة
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يجوز الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس مُطلقًا لوروده وَنحن نمْنَع ذَلِك ثمَّ نحمله على الْمجَاز دفعا للاشتراك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن اسْتثْنى مَا يثبت فِي الذِّمَّة صَحَّ وَإِن كَانَ من غير الْجِنْس وَإِن اسْتثْنى مَالا يثبت فِي الذِّمَّة كَالثَّوْبِ وَالْعَبْد وَنَحْوه لم يَصح الِاسْتِثْنَاء وَفسّر أَصْحَابنَا مَا يثبت فِي الذِّمَّة بالمكيل وَالْمَوْزُون وَقَالَ قَالُوهُ فِيمَا يتقارب من الْمكيل وَالْمَوْزُون كالجوز وَالْبيض
قَوْله وَعنهُ يَصح اسْتثِْنَاء أحد النَّقْدَيْنِ من الآخر خَاصَّة
هَذِه الْمَسْأَلَة من الْأَصْحَاب من يحْكى فِيهَا وَجْهَيْن وَحكى ابْن أبي مُوسَى وَغَيره رِوَايَتَيْنِ إِحْدَاهمَا يَصح قطع بِهِ الْخرقِيّ وَقدمه فِي الْخُلَاصَة لِأَنَّهُمَا كالجنس الْوَاحِد لاجتماعها فِي أَنَّهُمَا قيم الْمُتْلفَات وَأرش الْجِنَايَات ويعبر بِأَحَدِهِمَا عَن الآخر وَيعلم قِيمَته مِنْهُ فأشبها النَّوْع الْوَاحِد بِخِلَاف غَيرهمَا وَمَتى أمكن حمل الْكَلَام على وَجه صَحِيح لم يجز إلغاؤه وَاقْتصر أَكثر الْأَصْحَاب عَليّ هَذَا حَتَّى إِن صَاحب الْخُلَاصَة مَعَ أَنه لَا يخل بفوائد الْهِدَايَة على قَوْله اقْتصر عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو الْخطاب مَتى ثَبت هَذَا مذهبا لِأَحْمَد كَانَ اسْتثِْنَاء الثَّوْب من الدَّرَاهِم جَائِزا إِذْ لَا فرق بَينهمَا
قَالَ فِي المغنى وَهُوَ فِي قُوَّة كَلَام غَيره وَقد ذكرنَا الْفرق
قَالَ فِي الْمُغنِي وَيُمكن الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِحمْل رِوَايَة الصِّحَّة على مَا إِذا كَانَ أَحدهمَا يعبر بِهِ عَن الآخر أَو يعلم قدره مِنْهُ وَرِوَايَة الْبطلَان على مَا إِذا انْتَفَى ذَلِك انْتهى كَلَامه فَصَارَ هَذَا قولا آخر
وَقَالَ أَيْضا إِنَّه إِذا ذكر نوعا من جنس وَذكر نوعا آخر من غير ذَلِك الْجِنْس مثل عشرَة آصَع تَمرا برنيا إِلَّا ثَلَاثَة تَمرا معقليا أَنه يحْتَمل جَوَازه على قَول الْخرقِيّ لتقارب الْمَقَاصِد من النَّوْعَيْنِ كَالْعَيْنِ وَالْوَرق وَأَن الصَّحِيح خِلَافه لِأَن الْعلَّة الصَّحِيحَة فِي الْعين وَالْوَرق غير ذَلِك انْتهى كَلَامه
وَظَاهر كَلَامهم أَنه لَا يَصح اسْتثِْنَاء الْفُلُوس من أحد النَّقْدَيْنِ وَيَنْبَغِي أَن يخرج فِيهَا قَولَانِ آخرَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز وَالثَّالِث جَوَازهَا مَعَ نفاقها خَاصَّة لما تقدم من التَّعْلِيل وَالثَّانِي لَا يَصح ذكر القَاضِي أَنه ظَاهر كَلَام الإِمَام أَحْمد وَأَنه الصَّحِيح وَهُوَ قَول أبي بكر وَقدمه أَبُو الْخطاب وَغَيره وَهُوَ ظَاهر مَا نَصره جمَاعَة وَصَححهُ ابْن عقيل وَغَيره لما تقدم
فَظهر من مَجْمُوع الْمَسْأَلَة أَنه هَل يَصح الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس أم لَا فِيهِ خَمْسَة أَقْوَال غير مَسْأَلَة اسْتثِْنَاء الْفُلُوس من أحد النَّقْدَيْنِ
قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ عَليّ مائَة دِرْهَم إِلَّا دِينَارا وصححناه رَجَعَ فِي تَفْسِير قيمَة الدِّينَار إِلَيْهِ عِنْد أبي الْخطاب
وَقَالَ غَيره يرجع إِلَى سعر الدِّينَار بِالْبَلَدِ إِن كَانَ وَإِلَّا فَإلَى التَّفْسِير
وَوجه الأول وَعَلِيهِ اقْتصر فِي الْمُسْتَوْعب وَالْخُلَاصَة وَقدمه فِي الرِّعَايَة أَن الدِّينَار مَجْهُول فَرجع إِلَيْهِ فِي قِيمَته لِأَن أعلم بمراده كَغَيْرِهِ من الْمَجْهُول
فعلى هَذَا إِن فسره بِأَكْثَرَ من النّصْف لم يقبل وَإِن فسره بِدُونِهِ قبل وَفِي النّصْف وَجْهَان هَذَا معنى مَا ذكره أَصْحَاب هَذَا الْوَجْه
وَوجه الثَّانِي أَن الدِّينَار إِذا كَانَ لَهُ سعر فَإِنَّهُ مَعْلُوم وَالظَّاهِر إِرَادَته فَيرجع إِلَيْهِ فَإِن لم يكن فَإلَى تَفْسِيره
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بِالْأولِ قَالَت الْمَالِكِيَّة وَالشَّافِعِيَّة قَالُوا يُقَال لَهُ اذكر قيمَة العَبْد وَالثَّوْب الْمُسْتَثْنى وَيكون مقرا بِمَا يقر فَإِن استغرقت قِيمَته الْألف لزمَه الْألف كاستثناء الْألف من الْألف وَإِلَّا صَحَّ
قَالَت الشَّافِعِيَّة وَيَنْبَغِي أَن تكون الْقيمَة مُنَاسبَة للثوب لِئَلَّا يعد نَادِما
قَالُوا وَهَذَا إِذا اسْتثْنى مَجْهُولا من مَعْلُوم فَإِن قيمَة الثَّوْب مَجْهُولَة وَالْألف مَعْلُومَة وَعَكسه لَهُ الْألف إِلَّا دِرْهَمَانِ فيفسر الْألف وَيعود الحكم إِمَّا إِلَى الِاسْتِغْرَاق فَلَا يقبل أَو إِلَى عدم الِاسْتِغْرَاق فَيقبل وَإِن اسْتثْنى مَجْهُولا من مَجْهُول نَحْو لَهُ مائَة إِلَّا عشرَة أَو إِلَّا ثوبا فعلى مَا تقدم قَالَ بعض الْمَالِكِيَّة وَلَا يَنْبَغِي أَن ينازعهم أَصْحَابنَا فِي هَذَا لِأَنَّهُ مُقْتَضى الْقَوَاعِد انْتهى كَلَامه وَنحن نوافقهم فِي الْمَسْأَلَة الْأَخِيرَة ونخالفهم فِي الْألف إِلَّا درهما على الرَّاجِح
قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ عَليّ شَيْء أَو كَذَا قيل لَهُ فسره ليصير مَعْلُوما فتلزم بِهِ
وَيصِح إِقْرَاره بِغَيْر خلاف قَالَه فِي المغنى وَيُفَارق الدَّعْوَى حَيْثُ لَا تصح بِالْمَجْهُولِ لكَون الدَّعْوَى لَهُ فاحتيط لَهَا وَالْإِقْرَار عَلَيْهِ فَيلْزمهُ مَا عَلَيْهِ مَعَ الْجَهَالَة دون مَاله وَلِأَن الْمُدعى إِذا لم يصحح دَعْوَاهُ فَلهُ دَاع إِلَى تَحْرِير دَعْوَاهُ لكَون الْحق لَهُ بِخِلَاف الْإِقْرَار وَلِأَن الْمقر لَا يُؤمن رُجُوعه عَن إِقْرَاره إِذا شدد عَلَيْهِ فَيفوت حق الْمقر لَهُ رَأْسا فقبلناه مَعَ الْجَهَالَة وألزمناه تَفْسِيره
فَإِن قَالَ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا رَجَعَ إِلَى الْمقر فِي تَفْسِيره ذَلِك ذكره القَاضِي فِي الْوَصَايَا وَجعله أصلا للْوَصِيَّة بِكَذَا وَكَذَا أَنه يرجع إِلَى تَفْسِير الْوَرَثَة
قَوْله فَإِن أَبى حبس حَتَّى يُفَسر