المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

على الْمَوْرُوث والعار عَلَيْهِ قَوْله فَإِن كَانَ الْمقر بعض الْوَرَثَة لم - النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر - جـ ٢

[شمس الدين ابن مفلح]

الفصل: على الْمَوْرُوث والعار عَلَيْهِ قَوْله فَإِن كَانَ الْمقر بعض الْوَرَثَة لم

على الْمَوْرُوث والعار عَلَيْهِ

قَوْله فَإِن كَانَ الْمقر بعض الْوَرَثَة لم يثبت النّسَب

ذكره غير وَاحِد بِالْإِجْمَاع إذالم يكن الْمقر اثْنَيْنِ لِأَن النّسَب لَا يَتَبَعَّض وَلَا يُمكن إثْبَاته فِي حق الْمقر دون الْمُنكر

قَالَ فِي الرِّعَايَة فَإِن أقرّ بَعضهم وَلم يشْهد مِنْهُم أَو من غَيرهم عَدْلَانِ أَنه وَلَده أَو ولد على فرَاشه أَو أَنه أقرّ بِهِ لم يثبت نسبه على الْمَذْهَب فَهَذَا رِوَايَة فِي ثُبُوت النّسَب بقول الْبَعْض وَلَعَلَّ مُرَاده إِذا كَانَ الْبَعْض ابْنَيْنِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام القَاضِي وَغَيره قَالَ ابْنه أَبُو الْحُسَيْن إِذا أقرّ اثْنَان من الْوَرَثَة على أَبِيهِمَا بدين أَو نسب فَهَل يثبت ذَلِك فِي حق البَاقِينَ بِغَيْر لفظ الشَّهَادَة على رِوَايَتَيْنِ إحدهما يعْتَبر لفظ الشَّهَادَة لِأَنَّهُ إِثْبَات حق على الْغَيْر أشبه مَا إِذا شهد اثْنَان على نسب الْغَيْر أَو بدين على الْغَيْر وَالثَّانيَِة لَا يعْتَبر لِأَنَّهُ يشبه الشَّهَادَة لِأَنَّهُ إِثْبَات حق على الْغَيْر وَيُشبه الْإِقْرَار من حَيْثُ تثبت الْمُشَاركَة لَهُ فِيمَا فِي يَده من المَال الْمَقْصُود فأعطيناه حكم الْأَصْلَيْنِ فاشترطنا الْعدَد اعْتِبَارا بِالشَّهَادَةِ وَلم تشْتَرط لفظ الشَّهَادَة اعْتِبَارا بِالْإِقْرَارِ

قَالَ القَاضِي فِي التَّعْلِيق وَيتَخَرَّج على هَذَا الِاخْتِلَاف هَل يشْتَرط فيهمَا الْعَدَالَة على رِوَايَتَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يثبت إِذا كَانَا عَدْلَيْنِ

‌فرع

وَإِذا لم يثبت النّسَب من الْمَوْرُوث لعدم إِقْرَار كل الْوَرَثَة فَهَل يثبت من الْمقر حَتَّى لَو مَاتَ الْمقر وَلَا وَارِث لَهُ غير الْمقر بِهِ يَرِثهُ الَّذِي قطع بَعضهم أَنه لَا يثبت

وَذكر غير وَاحِد وَجْهَيْن أَحدهمَا يثبت لِأَن النّسَب يحْتَاط لَهُ وَالْمعْنَى

ص: 407

الَّذِي لأَجله لم يثبت النّسَب من الْمَوْرُوث يخْتَص بِهِ وَلَا يتعداه وَالثَّانِي لَا يثبت لِأَن النّسَب لَا يَتَبَعَّض

قَوْله لَكِن يعْطى للْمقر لَهُ مَا فضل فِي يَده عَن حَقه أَو كُله إِن كَانَ يسْقطهُ كَمَا ذكر فِي الْفَرَائِض

تقدم ذَلِك

قَوْله وَلَو مَاتَ الْمُنكر وَالْمقر وَارثه ثَبت نسب الْمقر بِهِ مِنْهُمَا

وَقدمه أَيْضا فِي المغنى لِأَنَّهُ صَار جَمِيع الْوَرَثَة كَمَا أقرّ بِهِ ابْتِدَاء

وَقطع بِهِ فِي الْمُسْتَوْعب وَقَالَ ذكره القَاضِي فِي الْمُجَرّد

قَوْله وَقيل لَا يثبت لَكِن يُعْطِيهِ الْفَاضِل فِي يَده عَن إِرْثه

كَمَا لَو لم يمت وكما لَو أنكر الْأَب نسبه فِي حَيَاته فَأقر بِهِ الْوَارِث وَكَذَا الْخلاف لَو كَانَ وَارثه ابْنا فَأقر بِالَّذِي أنكرهُ أَبوهُ ذكره فِي الْمُغنِي وَغَيره فَأَما إِن كَانَ الْمقر غير مُكَلّف لم يثبت النّسَب فَإِن مَاتَ فوارثه يقوم مقَامه وَإِن صَار مُكَلّفا ثَبت نسبه وَإِن أقرّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِن لم يخلف وَارِثا إِلَّا أَخَاهُ الْمقر قَامَ مقَامه فِي الْإِقْرَار لِأَنَّهُ صَار جَمِيع الْوَرَثَة

قَوْله فَلَو مَاتَ الْمقر بعد ذَلِك عَن بني عَم وَكَانَ الْمقر بِهِ أَخا وَرثهُ دونهم على الأول وعَلى الثَّانِي يرثونه دون الْمقر بِهِ

ص: 408

هَذَا تَفْرِيع وَاضح لَا حَاجَة للمختصر إِلَيْهِ لِأَنَّهُ ثبتَتْ أخوته على الأول بِخِلَاف الثَّانِي وَالْأَخ يسْقط بني الْعم

قَوْله وَلَو مَاتَ الْمقر بِنسَب مُمكن وَلم يثبت وَلم يخلف وَارِثا من ذِي سهم وَلَا رحم وَلَا مولى سوى الْمقر بِهِ جعل الْإِقْرَار كَالْوَصِيَّةِ فَيعْطى ثلث المَال فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وجميعه فِي الآخر

لِأَن إِقْرَاره تضمن جعل المَال لَهُ فَأشبه جعل المَال وَصِيَّة وَهل تصح وَصِيَّة من لَا وَارِث لَهُ بِجَمِيعِ مَاله فِيهِ رِوَايَتَانِ وَعَلَيْهِمَا يخرج الْوَجْهَانِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة

قَوْله وَقيل لَا يَجْعَل كَالْوَصِيَّةِ وَيكون الْإِرْث لبيت المَال

لِأَن ثُبُوت المَال من ثُبُوت الْأُخوة فَإِذا انْتَفَى انْتَفَى تَابعه وَقطع فِي المغنى بِعَدَمِ ثُبُوت النّسَب لعدم إِقْرَار كل الورثه ثمَّ قَالَ وَهل يتوارثان فِيهِ وَجْهَان

أَحدهمَا يتوارثان لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يقر أَنه لَا وَارِث لَهُ سوى صَاحبه وَلَا مُنَازع لَهما وَالثَّانِي لَا يتوارثان لِأَن النّسَب بَينهمَا لم يثبت فَإِن كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا وَارِث غير صَاحبه لم يَرِثهُ لِأَنَّهُ مُنَازع فِي الْمِيرَاث وَلم يثبت نسبه انْتهى كَلَامه

فقد جعل الْخلاف فِي توارثهما مَعَ انْتِفَاء النّسَب وَهَذَا غَرِيب وَكَيف يثبت التَّوَارُث مَعَ انْتِفَاء سَببه وَقد تقدم قَرِيبا ذكر هَذِه الْمَسْأَلَة فِي فرع وَأَن فِيهَا خلافًا فِي ثُبُوت النّسَب وَأَن فِيهَا معنى الْإِرْث ذكره فِي الْمُسْتَوْعب وَغَيره

وَقَالَ عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي كتاب الْفَرَائِض فِي زياداته على كتاب

ص: 409

أَبِيه حَدثنَا عبد الله بن عَوْف وَكَانَ ثِقَة حَدثنَا شريك من جَابر عَن الشّعبِيّ عَن عَليّ فِي رجل ادّعى أَخَاهُ وَأنْكرهُ إخْوَته قَالَ يتوارثان بَينهمَا دونهم

جَابر هُوَ الْجعْفِيّ ضَعِيف وَإِن صَحَّ فقد يُقَال توارثهما يدل على تواضع النّسَب وثبوته بَينهمَا لما بَينهمَا من اللَّازِم

وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين هَذَا يَقْتَضِي أَن الْمقر بِهِ يَرث الْمقر مُطلقًا كَمَا عَلَيْهِ أَن يدْفع فِي حَيَاته فضل مَا فِي يَده لَهُ كَأَنَّهُ أقرّ بِأَن المَال الَّذِي فِي يَده يتسحقه هَكَذَا قَالَ

قَوْله وَإِذا أقرّ الْمَجْهُول النّسَب الَّذِي عَلَيْهِ وَلَاء بِنسَب وإرث لم يقبل حَتَّى يصدقهُ مَوْلَاهُ

نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة أَحْمد بن الْقَاسِم وَذكر لَهُ أَن قوما يَقُولُونَ فِي الْحميل إِنَّه إِنَّمَا منعُوهُ الْمِيرَاث إِلَّا بِبَيِّنَة من أجل الْمِيرَاث فَأَما قوم يسبون جَاءُوا مُسلمين أَو أَسْلمُوا فِي مواضعهم فَإِنَّهُم خلاف هَذَا قَالَ أجل هَذَا غير ذَاك

قَالَ القَاضِي فقد نَص على أَنه لَا يقبل قبُول السَّبي وَبَين أَن الْعلَّة فِيهِ إِسْقَاط الْمِيرَاث بِالْمِيرَاثِ وَقَالَ أَيْضا فِي رِوَايَة حَرْب من مِيرَاث الْحميل إِذا قَامَت الْبَيِّنَة أَنه أَخُوهُ أَو ابْنه أَو وَارِث لَهُ ورثتاه وَإِلَّا فَلَا

قَالَ القَاضِي فقد نَص على اعْتِبَار الْبَيِّنَة فِي ذَلِك وَأَنه لَا يقبل مُجَرّد إقرارهم وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَاب لِأَن الْوَلَاء لحْمَة كلحمة النّسَب وَالْحق لمَوْلَاهُ فَلَا يقبل إِقْرَاره بِمَا يسْقطهُ كَمَا لَو دفع بِإِقْرَارِهِ نسبا لغيره

قَوْله يتَخَرَّج أَن يقبل بِدُونِهِ

ص: 410

قَالَ ابْن عبد القوى لِأَنَّهُ لم يسْقط بِهِ نسبا وَالْإِرْث يسْقط تبعا لَا قصدا فَلَا نَص لحد الأَصْل انْتهى كَلَامه

وَلَعَلَّ هَذَا التَّخْرِيج من قبُول إِقْرَاره بِالنّسَبِ وَهُوَ أسقط بِهِ وَارِثا مَعْرُوفا إِذا لم يدْفع بِهِ نسبا لغيره وَهنا لم يسْقط بِهِ نسبا وَالنّسب يحْتَاط لإثباته وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأَنَّهُمْ يصدقون فِي كل مَا يصدق فِيهِ أهل الذِّمَّة

قَوْله وَإِن لم يكن عَلَيْهِ وَلَاء قبل إِقْرَاره بِهِ وَإِن كَانَ أَخا أَو عَمَّا بِشَرْط التَّصْدِيق والإمكان

قَالَ فِي الرِّعَايَة وتصديقه إِن كَانَ مُكَلّفا لِأَنَّهُ لَا ضَرَر على أحد بِإِقْرَارِهِ فَيقبل

قَوْله وَإِذا أقرّ وَرثهُ ميت بدين عَلَيْهِ لَزِمَهُم قَضَاؤُهُ من التَّرِكَة

كإقرار الْمَيِّت بِهِ فِي حَيَاته لِأَن الْوَارِث يقوم مقَام الْمَوْرُوث وَالْإِقْرَار أبلغ من الْبَيِّنَة وَيلْزم الْوَارِث أقل الْأَمريْنِ من قيمتهَا أَو قدر الدّين بِمَنْزِلَة الْجَانِي

قَوْله وَإِن أقرّ بَعضهم لَزِمَهُم مِنْهُ بِقدر إِرْثه

فَلَو كَانَ ابْنَيْنِ فَأقر أَحدهمَا وَجب عَلَيْهِ فِي حِصَّته نصف الدّين وَإِن كَانُوا ثَلَاثَة وَجب عَلَيْهِ ثلث الدّين قَالَ القَاضِي فِي رِوَايَة الْأَثْرَم فِيمَن علم على أَبِيه دينا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ وَإِن لم يرد الْآخرُونَ وَكَذَلِكَ نقل إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَنهُ فِي الْوَرَثَة يقر اثْنَان مِنْهُم بدين على أَبِيهِم وينكر الْبَاقُونَ أعْطى كل وَاحِد مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ من الدّين الَّذِي على أَبِيهِمَا وَهَذَا قَول الشَّافِعِي وَأبي ثَوْر لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق أَكثر من ذَلِك كَمَا لَو أقرّ الْوَرَثَة كلهم وَلِأَنَّهُ أقرّ بدين تعلق بِمَال

ص: 411

مُشْتَرك فَلَزِمَهُ بِقدر حِصَّته كالشريك وَلِأَنَّهُ حق يتَعَلَّق بِالتَّرِكَةِ فَلم يُؤْخَذ مِنْهُ إِلَّا مَا يَخُصُّهُ كَالْوَصِيَّةِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يلْزمه جَمِيع الدّين أَو جَمِيع مِيرَاثه لِأَن الدّين يتَعَلَّق بِالتَّرِكَةِ فَلَا يسْتَحق الْوَارِث مِنْهَا إِلَّا مَا فضل وَلِأَنَّهُ يَدعِي أَن مَا يَأْخُذهُ الْمُنكر غصبا فَأشبه مَا لَو غصبه أَجْنَبِي

وَقَالَ ابْن عبد الْقوي وَيخرج لنا مثله على قَوْلنَا إِنَّه إِذا اخْتَار السَّيِّد فدَاء العَبْد الْجَانِي يلْزمه جَمِيع الْأَرْش انْتهى كَلَامه وَفِيه نظر

وَقد تقدم لنا فِي إِقْرَار بعض الْوَرَثَة بِالنّسَبِ أَنه إِذا أقرّ اثْنَان من الْوَرَثَة بدين هَل يلْزم البَاقِينَ على رِوَايَتَيْنِ

قَوْله إِلَّا أَن يقْرَأ عَدْلَانِ فيشهدا للْغَرِيم أَو عدل يحلف مَعَ شَهَادَته فَإِنَّهُ يسْقط حَقه

يَعْنِي من التَّرِكَة لثُبُوت الْحق كَمَا لَو كَانَت الْبَيِّنَة أَجْنَبِيَّة

قَوْله وَيقدم مَا ثَبت بِالْبَيِّنَةِ أَو إِقْرَار الْمَيِّت على مَا ثَبت بِمُجَرَّد إِقْرَار الْوَرَثَة

أما كَون إِقْرَار الْمَيِّت يقدم على إِقْرَار الْوَارِث فتؤكده بِالسَّبقِ وَاحْتِمَال المواطأة فِي الثَّانِي وَمن عَلَيْهِ الْحق أعلم بِهِ فَيقدم

قَوْله وَقيل يقدم مَا أقرّ بِهِ الْوَرَثَة

لثُبُوته بإقرارهم كشهادتهم وَيحْتَمل التَّسْوِيَة بَين الإقرارين وَيقدم مَا ثَبت بِبَيِّنَة على مُجَرّد الإقرارين لقوتهما وَلما فِي التَّسَاوِي من تسليط على إبِْطَال حق غَيره الثَّابِت بِالْبَيِّنَةِ بِمُجَرَّد قَوْله

ص: 412

قَوْله وَإِذا أقرّ الْوَارِث لرجل بدين يسْتَغْرق التَّرِكَة ثمَّ أقرّ بِمثلِهِ لآخر فِي مجْلِس ثَان لم يُشَارك الثَّانِي الأول

قطع بِهِ الْأَصْحَاب رَحِمهم الله تَعَالَى وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين يشبه إِذا أقرّ فِي مَرضه مرَّتَيْنِ أَو أقرّ فِي صِحَّته ثمَّ فِي مَرضه من وَجه انْتهى كَلَامه

وَقَالَ الشَّافِعِي يقبل إِقْرَاره الثَّانِي فيتشاركان لِأَن من قبل إِقْرَاره أَولا قيل ثَانِيًا إِذا لم يتَغَيَّر حَاله كالموروث

وَوجه قَوْلنَا أَن الأول تعلق حَقه بِالتَّرِكَةِ فَلَا يقبل إِقْرَار غَيره بِمَا يسْقط حَقه كإقرار الرَّاهِن بِجِنَايَة الرَّهْن أَو الْجَانِي فَأَما الْمَوْرُوث فَإِن أقرّ فِي صِحَّته صَحَّ لعدم تعلق الدّين بِمَالِه وَإِن أقرّ فِي مَرضه لم يحاص الْمقر لَهُ غُرَمَاء الصِّحَّة لذَلِك قَالَ فِي المغنى

وَهَذَا يدل على استوائهما فِي الحكم لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنى وَأَنه إِذا قيل بالمحاصة قيل بالمشاركة هُنَا لعدم الْفَارِق فَيكون لنا قَولَانِ كَقَوْل الشَّافِعِي

قَالَ فِي المغنى وَأَن أقرّ يَعْنِي الْمَوْرُوث فِي مَرضه لغريم يسْتَغْرق تركته دينه ثمَّ أقرّ لآخر فِي مجْلِس آخر وَالْفرق بَينهمَا أَن إِقْرَاره الأول لم يمنعهُ من التَّصَرُّف فِي مَاله وَلَا أَن يعلق بِهِ دينا آخر بِأَن يستدين دينا آخر بِفِعْلِهِ فَلَا يملكهُ بقوله وَلَا يملك التَّصَرُّف فِي التَّرِكَة مَا لم يلْتَزم قَضَاء الدّين انْتهى كَلَامه وَلَعَلَّ الْفرق من هَذِه الْجِهَة فِيهِ نظر فَتَأَمّله

قَوْله وَإِن كَانَا فِي مجْلِس وَاحِد تشاركا عِنْد الْخرقِيّ كَمَا لَو أقرّ لَهما مَعًا قطع بِهِ جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ موفق الدّين وَصَاحب الْمُسْتَوْعب لِأَن حكم

ص: 413

الْمجْلس حكم الْحَال الْوَاحِد فِيمَا يعين قَبضه ولحوق الزِّيَادَة وَإِمْكَان الْفَسْخ وَغير ذَلِك كَذَا فِي مَسْأَلَتنَا

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَهُوَ الَّذِي فِي التَّعْلِيق ذكره وفَاقا مَعَ أبي حنيفَة فِي ضمن مَسْأَلَة الْإِقْرَار مرَّتَيْنِ لَكِن قَالَ إِذا ادّعى رجل أَن لَهُ على أَبِيه ألف دِرْهَم فَأقر لَهُ بذلك فقيدها بِالْإِقْرَارِ بعد الدَّعْوَى فَيمكن الْفرق انْتهى كَلَامه

قَوْله وَقيل يقدم الأول

لما تقدم لِأَن الْغَيْر لَا يملك إِسْقَاط حق غَيره كَمَا نقُول فِي إِقْرَار الرَّاهِن بِجِنَايَة الرَّهْن أَو الْجَانِي وَدَعوى ثَانِي الْمجْلس مَمْنُوعَة وَإِنَّمَا حصل الثَّانِي فِي مَوَاضِع لمصْلحَة الْمُكَلّفين لاحْتِمَال حُصُول اتِّحَاد غَرَض أَو غَيره أَو دهشة وَنَحْو ذَلِك فَجعل الشَّارِع الْمجْلس فِيهِ ظَاهرا نظرا إِلَى مصلحَة مَخْصُوصَة

قَوْله وَظَاهر كَلَام الإِمَام أَحْمد يتشاركان إِن تواصل الْكَلَام بالإقرارين وَإِلَّا قدم الأول

لِأَن مَعَ تواصل الْكَلَام هُوَ كَالْإِقْرَارِ الْوَاحِد بِدَلِيل أَنه يملك تَغْيِيره وَتَقْرِيره بِشَرْط اسْتثِْنَاء وَنَحْو ذَلِك فَيكون كَالْكَلَامِ الْوَاحِد وَإِلَّا قدم الأول لما تقدم

قَوْله وَلَو أقرّ لرجل بِعَين التَّرِكَة ثمَّ أقرّ بهَا لآخر فَهِيَ للْأولِ وَيغرم قيمتهَا الثَّانِي

لِأَنَّهُ حصل للْأولِ بِالْإِقْرَارِ السَّابِق وَلم يقبل رُجُوعه بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي لِأَنَّهُ حق آدَمِيّ وَيغرم قيمتهَا للثَّانِي لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ لغيره حَال بَينه وَبَين ملكه

ص: 414