الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِخِلَاف مَشِيئَة الْآدَمِيّ وَلِأَن مَشِيئَة الله لَا تعلم إِلَّا بِوُقُوع الْأَمر فَلَا يُمكن وقُوف الْأَمر على وجودهَا ومشيئة الْآدَمِيّ يُمكن الْعلم بهَا فَيمكن جعلهَا شرطا فَيُوقف الْأَمر على وجودهَا والماضي لَا يُمكن وَقفه فِي تعْيين الْأَمر هُنَا على الْمُسْتَقْبل فَيكون وَعدا
فصل
وَلَو قَالَ بِعْتُك إِن شَاءَ الله أَو زَوجتك إِن شَاءَ الله فَقَالَ أَبُو إِسْحَاق بن شاقلا لَا أعلم خلافًا عَنهُ فِي أَنه إِذا قيل لَهُ قبلت هَذَا النِّكَاح فَقَالَ نعم إِن شَاءَ الله أَن النِّكَاح وَاقع وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة ذكره فِي الْمُغنِي وَقَالَ القَاضِي وَظَاهر هَذَا أَن الِاسْتِثْنَاء فِي العقد لَا يُبطلهُ وَيحْتَمل أَن يفرق بَين الِاسْتِثْنَاء فِي الْإِقْرَار وَالِاسْتِثْنَاء فِي الْعُقُود فَلَا يحكم بِصِحَّة الْعُقُود وَإِن صححنا الْإِقْرَار لِأَنَّهُ إِذا وَجب البيع وَالنِّكَاح كَانَ لَهُ الرُّجُوع فِي ذَلِك قبل الْقبُول بِخِلَاف الْإِقْرَار فَإِنَّهُ لَا يُمكنهُ الرُّجُوع فِيهِ وَيحْتَمل أَن يلْزم على مَا قَالَ أَبُو إِسْحَاق بن شاقلا وَيكون تَقْدِيره إِن شَاءَ الله أَن أتلفظ بِالْبيعِ أَو إِن شَاءَ الله أَن أبيعك وَقد علمنَا مشيئتنا بِهِ بِوُجُود الْإِيجَاب من جِهَته وَقَالَ القَاضِي أَيْضا فِي الْخلاف وعَلى قِيَاس الْإِقْرَار بِالْبيعِ وَالنِّكَاح وَذكر أَبُو الْخطاب والشريف مَسْأَلَة تَعْلِيق الْإِقْرَار بِمَشِيئَة الله ثمَّ قَالَ وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ قبلت النِّكَاح إِن شَاءَ الله ذكره أَبُو إِسْحَاق ثمَّ اسْتدلَّ للمسألة كَمَا تقدم وَقَالَ وَلِأَن هَذَا مِمَّا يَصح فِي الْمَجْهُول وَلَيْسَ فِيهِ تمْلِيك فتعليقه بِالشّرطِ لَا يُبطلهُ كالعتاق وَالطَّلَاق وَالضَّمان وَلَا يلْزم البيع لِأَنَّهُ لَا يَصح فِي مَجْهُول وَلَا يلْزم النِّكَاح لِأَنَّهُ يبطل إِذا علقه بِشَرْط وَإِن كَانَ يَصح فِي الْمَجْهُول لأننا قُلْنَا وَلَيْسَ فِيهِ تمْلِيك وَفِي ذَلِك تمْلِيك وَمُقْتَضى هَذَا أَن تَعْلِيق الْإِقْرَار بِشَرْط مُطلقًا لَا يُبطلهُ بِخِلَاف البيع وَالنِّكَاح
قَوْله أَو فِيمَا أعلم أَو فِي علمي
وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ لِأَنَّهُ لما أَضَافَهُ إِلَى علمه كَانَ يَقِينا لِأَن مَا فِي علمه لايحتمل إِلَّا الْوُجُوب
قَالَ أَبُو الْخطاب والشريف دَلِيله إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف أعلمها وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْإِقْرَار بَاطِل
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَسلم مَا إِذا قَالَ لفُلَان على ألف دِرْهَم وَقد علمت وَسلم لَهُ القَاضِي وَغَيره أَن الشَّاهِد لَو قَالَ أشهد أَن لفُلَان على فلَان ألف دِرْهَم فِيمَا أعلم لم تقبل شَهَادَته وَفرق بِأَن الْإِقْرَار يَصح بِالْمَجْهُولِ والمبهم وَلَا تصح الشَّهَادَة بذلك قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَفِيه نظر انْتهى كَلَامه
وَمَا قَالَه صَحِيح وَالْأولَى قبُول الشَّهَادَة وَهَذَا الْفرق لَا أثر لَهُ هُنَا
وَقد عرف من هَذِه الْمَسْأَلَة أَنه لَو قَالَ فِيمَا أَظن لم يلْزمه شَيْء وَهُوَ كَذَلِك وَنَقله ابْن هُبَيْرَة عَن اتِّفَاق الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة
قَوْله أَو إِلَّا أَن يَشَاء زيد أَو إِلَّا أَن يَشَاء الله كَانَ الحكم كَذَلِك
وَفِيه الأحتمال السَّابِق فِي قَوْله إِن شَاءَ الله وَفِيه نظر هُنَا
قَوْله أَو قَالَ الْمُدعى اعطني فرسي هَذِه أَو ثوبي هَذَا أَو الْمِائَة الَّتِي لي عَلَيْك فَقَالَ نعم أَو قَالَ الْمُدعى أَلَيْسَ لي عَلَيْك مائَة فَقَالَ بلَى فقد أقرّ بذلك وَلَزِمَه
تقدم ذَلِك فِي قَوْله إدا ادّعى على رجل مائَة وَالْأولَى بِأَن يكون مقرا وَقد تقدم ذَلِك
قَوْله وَإِذا علق على الْإِقْرَار بِشَرْط تقدمه كَقَوْلِه إِن قدم فلَان أَو إِن شَاءَ أَو إِن دخل الدَّار فَلهُ عَليّ مائَة أَو إِن شهد فلَان عَليّ بِكَذَا صدقته وَنَحْو ذَلِك لم يَصح
أما الْمَسْأَلَة الأولى فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بمقر فِي الْحَال لِأَن الْمَشْرُوط عدم عِنْد عدم شَرطه وَالشّرط لَا يقتضى إِيجَاب ذَلِك بل إِشْكَال فَيُقَال يجب عِنْد وجود الشَّرْط وَأما فِي الثَّانِيَة فَلَا يصدق الْكَاذِب
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَالتَّحْقِيق أَنه إِن كَانَ الشَّرْط بِمَا يجب بِهِ الْحق صَحَّ تَعْلِيق الْإِقْرَار بِهِ كَقَوْل الْمَرْأَة إِن كَانَ قد طَلقنِي فَلهُ عَليّ ألف أَو إِن طَلقنِي أَو إِن كَانَ عمل لي وَنَحْو ذَلِك انْتهى كَلَامه
وَلَيْسَ هَذَا إِقْرَارا وَإِنَّمَا هُوَ الْتِزَام فَهُوَ كقولها اخلعني أَو طَلقنِي وَلَك ألف أَو على ألف أَو بِأَلف وَنَحْو ذَلِك
قَوْله إِلَّا فِي قَوْله إِذا جَاءَ وَقت كَذَا فعلى لزيد كَذَا أَو قَالَ إِن شهد عَليّ فلَان بِكَذَا فَهُوَ صَادِق فَإِنَّهُ على وَجْهَيْن
أما عدم صِحَة إِقْرَاره فِي الْمَسْأَلَة الأولى فَذكر فِي المغنى أَنه قَول الْأَصْحَاب وَقطع بِهِ فِي الْكَافِي وَهُوَ مَنْصُوص الشَّافِعِي لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالشّرطِ
وَقَوله فعلي كَذَا يصلح إِقْرَارا ووعدا فَلَا يثبت الْإِقْرَار مَعَ الِاحْتِمَال
وَوجه الصِّحَّة أَنه ظَاهر فِي الْإِقْرَار لِأَن لَفظه على ظَاهِرَة فِي الثَّابِت وَاللَّازِم ومجىء الْوَقْت يصلح أَََجَلًا لحلول الْحق بِخِلَاف غَيره وَحمل كَلَام الْمُكَلف على الصِّحَّة أولى
وَأما الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فَوجه عدم الصِّحَّة فِيهَا أَنه علقه على شَرط وَوجه الصِّحَّة أَنه لَا يتَصَوَّر صدقه إِلَّا أَن يكون ثَابتا فِي الْحَال وَقد أقرّ بصدقه
قَوْله وَلَو أخر الشَّرْط كَقَوْلِه لَهُ على ألف إِن شفى زيد أَو إِن قدم أَو إِذا جَاءَ الْمَطَر أَو إِن شهد بهَا فلَان وَنَحْوه فعلى وَجْهَيْن
أَحدهمَا لَا يكون مقرّ لما تقدم وكما لَو قدم الشَّرْط وَالثَّانِي يكون مقرا فَإِن قدم الْإِقْرَار فَلم يثبت حكمه وَالشّرط لَا يصلح أَََجَلًا فَبَطل وَلِأَن الْحق ثَابت فِي الْحَال لَا يقف على الشَّرْط فَسقط الِاسْتِثْنَاء وَلِأَن الْمقر لَا يكون عَلَيْهِ علم الشَّرْط إِلَّا وَهُوَ عَلَيْهِ فِي الْحَال لِأَن الشَّرْط لَا يُوجد
قَوْله إِلَّا فِي قَوْله لَهُ عَليّ كَذَا إِذا جَاءَ وَقت كَذَا فَإِنَّهُ يَصح وَجها وَاحِدًا
وَكَذَا قطع بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيره وَنَقله فِي المغنى عَن الْأَصْحَاب وَهُوَ مَنْصُوص الشَّافِعِي لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ وَقَوله إِذا جَاءَ وَقت كَذَا يحْتَمل أَنه أَرَادَ الْمحل فَلَا يبطل بِالِاحْتِمَالِ قَالَ فِي الْمُغنِي وَيحْتَمل أَن لَا فرق بَينهمَا يَعْنِي هَذِه الْمَسْأَلَة وعكسها الْمُتَقَدّمَة قَالَ لِأَن تَقْدِيم الشَّرْط وتأخيره سَوَاء فَيكون فيهمَا جَمِيعًا وَجْهَان انْتهى كَلَامه
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين مَضْمُون هَذِه الْمسَائِل أَن الْإِقْرَار لَا يتَعَلَّق بِشَرْط بل إِذا تَأَخّر الشَّرْط هَل يبطل وَحده أَو الْإِقْرَار كُله على وَجْهَيْن قَالَ وَالصَّوَاب أَن نفس الْإِقْرَار لَا يتَعَلَّق وَإِنَّمَا يتَعَلَّق الْمقر بِهِ لِأَن الْمقر بِهِ قد يكون مُعَلّقا بِسَبَب يُوجِبهُ أَو يُوجب أداءه أَو دَلِيل يظهره فَالْأول كَمَا لَو قَالَ إِن قدم فلَان فعلي لزيد ألف دِرْهَم فَإِذا قَالَ مقرا إِذا قدم زيد فلفلان عَليّ ألف دِرْهَم صَحَّ وَكَذَا لَو قَالَ إِن رد عَبدِي الْآبِق فَلهُ ألف دِرْهَم ثمَّ أقرّ بهَا فَقَالَ إِن رد عَبدِي فَلهُ عِنْدِي صَحَّ وَكَذَا الْإِقْرَار بعوض الْخلْع لَو قَالَت إِن طَلقنِي أَو إِن عَفا عني قَالَ وَأما التَّعْلِيق بِالشَّهَادَةِ فقد يشبه التَّحْكِيم وَلَو قَالَ إِن حكمت عَليّ بِكَذَا التزمته لزمَه عندنَا فَكَذَلِك قد يُرْضِي بِشَهَادَتِهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة الْتِزَام وتزكية للشَّاهِد ورضى بِشَهَادَة وَاحِد فَهُوَ بِمَنْزِلَة أَن يَقُول للْحَاكِم إِن شهد على فلَان فَاقْض بِحكمِهِ وَمَا هُوَ بِبَعِيد لِأَن تَعْدِيل الشَّخْص للشَّاهِد قد يَكْفِي
وَإِذا حكم بِشَاهِد فابرأ الْمَطْلُوب من الْيَمين فَهُوَ بِمَنْزِلَة إِن شهد فلَان فَهُوَ صَادِق انْتهى كَلَامه
قَوْله وَإِن أقرّ بدين مُؤَجل فَالْقَوْل قَوْله فِي التَّأْجِيل نَص عَلَيْهِ
فِي رِوَايَة ابْن الحكم سُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَمَّن أقرّ فَقَالَ لفُلَان عَليّ كَذَا وَكَذَا إِلَى أجل
فَقَالَ أَبُو عبد الله إِذا قَالَ لي فِي مرّة وَاحِدَة قبل مِنْهُ يَعْنِي إِلَى أجل وَفِي رِوَايَة أبي طَالب فِي مَسْأَلته الطَّوِيلَة فِي مناظرة أبي ثَوْر وَهِي فِي الْفلس وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَب لِأَن الْأَجَل صفة فِي الدّين فَرجع فِيهِ إِلَى الْمقر كالسواد وَالْبَيَاض والحلول وَلِأَنَّهُ هَكَذَا أقرّ كَمَا لَو قَالَ نَاقِصَة وَلَا بُد من اتِّصَاله وَفِي
مَعْنَاهُ سكُوت لَا يُمكنهُ الْكَلَام فِيهِ
قَوْله وَيحْتَمل أَن يكون قَول خَصمه فِي حُلُوله
ذكره أَبُو الْخطاب وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمَالك وَعَن الشَّافِعِي كالمذهبين لِأَن التَّأْجِيل يمْنَع اسْتِيفَاء الْحق فِي الْحَال كَمَا لَو قَالَ قَضيته إِيَّاهَا وَالْفرق ظَاهر
قَوْله فعلى الأول لَو عزاهُ إِلَى سَبَب يقبل الْأَمريْنِ فَالْقَوْل قَول فِي الضَّمَان وَفِي غَيره وَجْهَان
أما كَون القَوْل قَول الْمقر فِي الضَّمَان فَلِأَنَّهُ فسر كَلَامه بِمَا يحْتَملهُ من غير مُخَالفَة لأصل وَلَا ظَاهر فَقبل لِأَن الضَّمَان مُقْتَضَاهُ ثُبُوت الْحق فِي الذِّمَّة فَقَط وَمن أصلنَا صِحَة ضَمَان الْحَال مُؤَجّلا
وَأما إِذا كَانَ السَّبَب غير ضَمَان كَبيع وَغَيره فَوجه قبُول قَول الْمقر فِي التَّأْجِيل أَنه سَبَب يقبل الْحُلُول والتأجيل فَقبل قَوْله فِيهِ كالضمان وَلِأَن الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة وَإِنَّمَا ثَبت شغلها بِالْحَقِّ وَصفَة الْحُلُول أَمر زَائِد مُحْتَمل فَلَا ينْتَقل عَن الأَصْل بِالِاحْتِمَالِ وَوجه عدم قبُول قَوْله أَن سَبَب متقضاه الْحُلُول فَوَجَبَ الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ وَأَصله كَمَا لَو صرح بِهِ أَو فَلم يقبل تَفْسِيره بِخِلَافِهِ كَمَا لَو صرح بِهِ وَبِهَذَا فَارق الضَّمَان هَذَا مَا ظهر لي من حل كَلَامه
وَقَالَ ابْن عبد الْقوي بعد نظمه كَلَام الْمُحَرر الَّذِي يُقَوي عِنْدِي أَن مُرَاده يقبل فِي الضَّمَان أَي يضمن مَا أقرّ بِهِ لِأَن إِقْرَار عَلَيْهِ فَإِن ادّعى أَنه ثمن مَبِيع أَو أُجْرَة ليَكُون بصدد أَن لَا يلْزمه هُوَ أَو بعضه إِن تعذر قبض مَا ادَّعَاهُ أَو بعضه أحد الْوَجْهَيْنِ يقبل لِأَنَّهُ إِنَّمَا أقرّ بِهِ كَذَلِك فَأشبه مَا إِذا أقرّ بِمِائَة
صَكَّة مَعِيبَة أَو نَاقِصَة قَالَ وَقيل بل مُرَاده نفس الضَّمَان أَن يقبل قَوْله إِنَّه ضَامِن مَا أقرّ بِهِ عَن شخص حَتَّى إِن برىء مِنْهُ برىء الْمقر وَيُرِيد بِغَيْرِهِ سَائِر الْحُقُوق انْتهى كَلَامه وَلَا يخفى حكمه
وَقد ذكر فِي الْمُسْتَوْعب بعد مَسْأَلَة الْإِقْرَار بدين مُؤَجل وَإِن أقرّ أَنه كفل بِأَلف إِلَى أجل كَانَت مُؤَجّلَة إِلَّا أَن تقوم بِبَيِّنَة بالحلول وَهَذَا يُؤَيّدهُ مَا تقدم
وتخصيصه هَذِه الْمَسْأَلَة يَقْتَضِي عدم الْقبُول فِي غَيرهَا فَيكون تضمن الْقبُول فِي الضَّمَان وَعدم الْقبُول فِي غَيره
قَوْله وَإِذا أقرّ الْعَرَبِيّ بالعجمية أَو بِالْعَكْسِ وَقَالَ لم أدر مَا قلت حلف وخلى سَبيله
لِأَنَّهُ مُنكر وَالظَّاهِر صدقه وَالْأَصْل بَرَاءَة ذمَّته وَكَذَا إِن أقرّ بِغَيْر لِسَانه وَلَو قَالَ وَإِن أقرّ بِغَيْر لِسَانه لعربي بعجمية كَانَ أولى
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين إِذا أقرّ الْعَاميّ بمضمون محْضر وَادّعى عدم الْعلم بِدلَالَة اللَّفْظ وَمثله يجهله فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ فِي الطَّلَاق إِن دخلت أَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة فِي ثِنْتَيْنِ انْتهى كَلَامه وَهُوَ مُتَوَجّه
قَوْله وَإِذا قَالَ لفُلَان مائَة دِرْهَم وَإِلَّا فلفلان عَليّ مائَة دِينَار أَو قَالَ لفُلَان عَليّ مائَة دِرْهَم وَإِلَّا فلفلان لَزِمته الْمِائَة الأولى وَلَا شَيْء للثَّانِي
قطع بِهِ جمَاعَة فِي كتب الْخلاف مِنْهُم أَبُو الْخطاب والشريف لِأَن
مَقَاصِد النَّاس ومرادهم ترجع إِلَى أَن للْأولِ فَإِن لم يكن فَالثَّانِي كَمَا يَقُول بِعْ هَذَا الثَّوْب من فلَان وَإِلَّا فَمن فلَان وَإِلَّا كَمَا يَقُول الْحَاكِم للقاذف أئت بأَرْبعَة يشْهدُونَ لَك وَإِلَّا جلدتك واقض دينك وَإِلَّا حبستك وَيُرَاد بذلك عِنْد تعذر الأول كَذَا فِي مَسْأَلَتنَا وَقد ثَبت للْأولِ بِإِقْرَارِهِ فَلَا يملك رَفعه
قَوْله وَقَالَ القَاضِي فِي الْجَامِع قِيَاس الْمَذْهَب أَن يلْزمه المقداران لَهما
لِأَنَّهُ أقرّ للْأولِ فَثَبت لَهُ وأضرب عَنهُ بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي فَيلْزمهُ أَيْضا كَمَا لَو قَالَ لزيد لَا بل لعَمْرو وَاقْتصر فِي الْمُسْتَوْعب على حِكَايَة قَول القَاضِي هَذَا وقاسه على هَذَا الأَصْل وَالْأول أولى وَقَالَ أَبُو حنيفَة لايلزمه هَذَا الْإِقْرَار فِي حَقّهمَا جَمِيعًا
قَوْله وَلَو قَالَ لأَحَدهمَا على مائَة لَزِمته وطولب بِالتَّعْيِينِ كَالْإِقْرَارِ بِالْعينِ
وَكَذَا ذكره غَيره الحكم وَالدَّلِيل
قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ على مائَة لَا تلزمني أَو مائَة إِلَّا مائَة لَزِمته الْمِائَة
أما فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فَلِأَنَّهُ اسْتثْنى الْكل فَلَا يَصح بِغَيْر خلاف وَأما فِي الْمَسْأَلَة الأولى فَلِأَن هَذَا يُنَاقض مَا أقرّ بِهِ أَو نقُول رفع جَمِيع مَا أقرّ بِهِ فَلم يقبل كاستثناء الْكل وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة احْتِمَال بعيد ذكره فِي الرِّعَايَة الْكُبْرَى
قَوْله وَإِن قَالَ لَهُ على من ثمن خمر مائَة لم تلْزمهُ
لِأَنَّهُ لما قدم الصّفة على الْمقر بِهِ لم يلْتَزم شَيْئا فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ على خمر
قبلهَا ألف بِخِلَاف مالو أَخّرهَا لِأَن إِقْرَاره بِهِ مُطلقًا اقتضي لُزُومه فَلَا يقبل رَفعه لِأَنَّهُ رُجُوع عَن إِقْرَاره بِحَق آدَمِيّ كاستثناء الْكل
قَوْله وَإِن قَالَ لَهُ على مائَة من ثمن خمر أَو سلفا بِشَرْط الْخِيَار أَو ثمن مَبِيع لم أقبضهُ أَو هلك قبل قَبضه فَوَجْهَانِ
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بِشَرْط أجل مَجْهُول ذكره القَاضِي وَغَيره
أَحدهمَا يلْزمه مَا أقرّ بِهِ وَلَا يقبل قَوْله لم يذكر ابْن هُبَيْرَة عَن الإِمَام أَحْمد غَيره وَاحْتج فِي ذَلِك بِمذهب ابْن مَسْعُود رضي الله عنه وَأَنه قَول أبي حنيفَة وَمَالك وَأظْهر قولي الشَّافِعِي عِنْد أَصْحَابه لما تقدم
وَالثَّانِي يقبل قَوْله وَهُوَ الَّذِي ذكره القَاضِي قِيَاس الْمَذْهَب وَقِيَاس قَول الإِمَام أَحْمد فِي مَسْأَلَة كَانَ لَهُ على وَقَضيته لِأَنَّهُ عزا إِقْرَاره إِلَى سَببه فَقبل كَمَا لَو عزا إِلَى سَبَب صَحِيح وَقيل يقبل قَوْله فِي ثمن مَبِيع لم أقبضهُ وَفِي مَعْنَاهُ هلك قبل قَبضه ذكره القَاضِي وَغَيره وصرحوا وَمن شَرط ضَمَانه الْقَبْض وَهُوَ وَاضح وَهُوَ ظَاهر اخْتِيَار الشَّيْخ موفق الدّين وَغَيره لِأَنَّهُ إِقْرَار بِحَق فِي مُقَابلَة حق لَا يمِيل أَحدهمَا عَن الآخر فَإِذا لم يسلم مَا لَهُ مَا عَلَيْهِ كَمَا لَو قَالَ بِعْتُك هَذَا بِأَلف قَالَ بل ملكتنيه بِغَيْر شئ وَلِأَنَّهُ فسر الْإِقْرَار بِمَا يحْتَملهُ فَقبل كاستثناء الْبَعْض
وَحكى القَاضِي وَأَصْحَابه عَن أبي حنيفَة إِن عين الْمَبِيع قبل قَوْله وَإِن كَانَ أَضْعَاف الثّمن وَإِن لم يعين لم يقبل قَوْله
قَالَ القَاضِي إِذا لم يكن معينا فَإِنَّمَا يكون مَوْصُوفا فَإِذا أحضر لَهُ ماتتناوله الصّفة لزمَه قبُوله وَلم يجز لَهُ الِامْتِنَاع فَلَا فرق بَين الْمعِين وَغَيره
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَهَذَا يَقْتَضِي أَنه إِذا لم تكف الصّفة لم يلْتَفت إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو ادّعى أَن الْمحْضر غير الْمَوْصُوف
قَوْله ألف من ثمن مَبِيع ثمَّ سكت ثمَّ قَالَ لم أقبضهُ قبل كالمتصل
ذكره فِي الْمَعْنى وَيُؤْخَذ من كَلَام غَيره لِأَن الْإِقْرَار تعلق بِالْبيعِ وَالْأَصْل عدم الْقَبْض وَلَو قَالَ على ألف ثمَّ سكت ثمَّ قَالَ من ثمن مَبِيع لم أقبضهُ لم يقبل
قَوْله وَإِذا قَالَ كَانَ لَهُ على كَذَا وَقَضيته فَهُوَ مُنكر وَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة ابْن مَنْصُور وَغَيره
وَأبي الْخطاب وَابْن ماهان وَهُوَ الَّذِي نَصره القَاضِي وَغَيره وَذكر القَاضِي أَنه الْمَذْهَب وَأَنه لم يجد عَن أَحْمد رِوَايَة بِغَيْر هَذَا وَقطع بِهِ ابْن هُبَيْرَة عَن أَحْمد وَاحْتج فِي ذَلِك بِمذهب ابْن مَسْعُود وَاخْتَارَهُ الْخرقِيّ وَغَيره لِأَنَّهُ قَول يُمكن صِحَّته وَلَا تنَاقض فِيهِ من جِهَة اللَّفْظ فَوَجَبَ قبُول قَوْله وَلَا يلْزمه شئ كاستثناء الْبَعْض بِخِلَاف الْمُنْفَصِل فَإِنَّهُ قد اسْتَقر بسكوته عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يرفعهُ اسْتثِْنَاء وَلَا غَيره
وَاحْتج القَاضِي بِأَنَّهُ يَصح أَن يرفع جَمِيع مَا أقرّ بِهِ كَمَا يَصح أَن يرفع الْبَعْض إِذا لم يتناقض اللَّفْظ كَمَا فِي قَول صَاحب الشَّرِيعَة وَقَالَ لِأَنَّهُ رفع مَا ثَبت بقوله على وَجه لَا يُفْضِي إِلَى التَّنَاقُض فَأشبه دَعْوَى الِاسْتِبْرَاء بعد الِاعْتِرَاف بِالْوَطْءِ
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين هَذَا الضَّابِط يعم صورا كَثِيرَة لَكِن قد يُنَازع فِي قَوْله لَهُ على وَقَالَ لَو قَالَ إِلَى سنة أَو ألف طرية فَذكره القَاضِي مَحل وفَاق محتجا بِهِ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ ألف من ثمن مَبِيع شَرط فِيهِ الْخِيَار