الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ القَاضِي فقد أطلق القَوْل بجوازها فِي الْجراح لكنه مَحْمُول على التَّفْصِيل الَّذِي ذَكرْنَاهُ لِأَنَّهُ صَار فِي ذَلِك إِلَى قَول على وَهُوَ على ذَلِك الْوَجْه وَذكر القَاضِي أَن هَذَا قَول مَالك وَمن الْأَصْحَاب من جمع ذَلِك وَذكر رِوَايَتَيْنِ
قَالَ القَاضِي بعد كَلَامه الْمَذْكُور وَقد ذكر أَبُو بكر هَذِه الرِّوَايَة على التَّفْصِيل الَّذِي ذكرنَا فِي تعاليق أبي إِسْحَاق فَقَالَ روى عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ شَهَادَة الصّبيان بَعضهم على بعض تجوز مَا كَانُوا فِي الْموضع فَإِذا تفَرقُوا لم تقبل قَالَ أَحْمد ابْن حَنْبَل كَذَلِك وَزَاد فَإِذا تفَرقُوا لم تقبل لِأَنَّهُ يُمكن أَن يجيبوا انْتهى كَلَامه وَلَيْسَ مَا ذكره مُوَافق لما ذكره القَاضِي وَإِنَّمَا هُوَ رِوَايَة أُخْرَى بِقبُول شَهَادَتهم بَعضهم على بعض فِي كل شَيْء مَا كَانُوا فِي الْموضع فَإِذا تفَرقُوا لم تقبل
قَالَ الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة الْمروزِي حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا سعيد عَن قَتَادَة عَن خلاس أَن عليا قَالَ شَهَادَة الصّبيان على الصّبيان جَائِزَة وَذكره فِي المغنى عَن عَليّ وَعَن جمَاعَة وَهُوَ قَول فِي الرِّعَايَة فَقَالَ وَقيل تقبل على مثله وَعَن أَحْمد مَا يدل عَلَيْهِ قَالَ عبد الله سَأَلت أبي عَن شَهَادَة الصّبيان فَقَالَ عَليّ أجَاز شَهَادَة الصّبيان الَّذين عرفُوا بَعضهم على بعض وروى سعيد حَدثنَا هَاشم عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ كَانُوا يجيزون شَهَادَة الصّبيان بَعضهم على بعض فِيمَا كَانَ بَينهم فَهَذِهِ ثَمَانِيَة أَقْوَال فِي الْمَذْهَب إِن لم يكن رِوَايَة عَن الإِمَام أَحْمد وَسَيَأْتِي فِي الْ
فَصْل
بعد هَذَا حِكَايَة القَاضِي أَن شَهَادَتهم بِالْمَالِ لَا تقبل
فصل
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَذكر القَاضِي أَنه لَا يقبل إِقْرَاره وفَاقا قَالَ وَهَذَا عِنْدِي عَجِيب وَاعْتَذَرُوا عَنهُ بِأَن إِقْرَاره لَا يكون إِلَّا بِالْمَالِ إِمَّا عَلَيْهِ وَإِمَّا
على غَيره قَالَ وَذكر عَنْهُم أَن الْخلاف فِي الشَّهَادَة على الْجراح الْمُوجب للْقصَاص فَأَما الشَّهَادَة بِالْمَالِ فَلَا تقبل قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَهَذَا أَيْضا عَجِيب فَإِن الصّبيان لَا قَود بَينهم وَإِنَّمَا الشَّهَادَة بِمَا يُوجب المَال وَمَا أَظن إِلَّا أَنهم أسقطوا الْإِقْرَار لِأَن الْعَاقِلَة لَا تحمل الِاعْتِرَاف بِخِلَاف الْمَشْهُود بِهِ وَلَا تقبل فِي إِتْلَاف بَعضهم ثِيَاب بعض وَهل تقبل شَهَادَة الصّبيان على الْمعلم ذكرابن الْقصار فِيهِ خلافًا بَين أَصْحَابه انْتهى كَلَامه
وَذكر فِي الْمُغنِي أَن إِقْرَار الصَّبِي لَا يَصح بِغَيْر خلاف نعلمهُ وَاحْتج بقوله عليه الصلاة والسلام
رفع الْقَلَم عَن ثَلَاث فَذكر مِنْهُم الصَّبِي حَتَّى يبلغ وَلِأَنَّهُ الْتِزَام حق بالْقَوْل فَلم يَصح مِنْهُم كالبلغ وَمَا ذكره القَاضِي من أَن الْخلاف عَنْهُم فِي الشَّهَادَة على الْجراح الْمُوجب للْقصَاص فَأَما الشَّهَادَة بِالْمَالِ فَلَا تقبل تقدم أَنا قبلنَا شَهَادَتهم وَقَالَ ابْن حَامِد فِي غير الْحُدُود وَالْقصاص كَالْعَبْدِ
وَمَا ذكره من أَنَّهَا لَا تقبل فِي إِتْلَاف بَعضهم ثِيَاب بعض هَذَا يَنْبَغِي أَن يكون على رِوَايَة حَنْبَل لَا تقبل إِلَّا فِي الْجراح أما على غَيرهَا من رِوَايَات الْقبُول فَتقبل وحكاية ابْن الْقصار الْخلاف فِي قبُول شَهَادَتهم على الْمعلم يدْخل فِي الْأَقْوَال السَّابِقَة الْقبُول وَعَدَمه وَالْمذهب عدم الْقبُول مطقا كَمَا تقدم
قَوْله وَلَا تقبل شَهَادَة الْأَخْرَس بِالْإِشَارَةِ نَص عَلَيْهِ
فَقَالَ فِي رِوَايَة حَرْب من كَانَ أخرس فَهُوَ أَصمّ لَا تجوز شَهَادَته وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَحَكَاهُ القَاضِي وَغَيره عَن الشَّافِعِي لِأَنَّهَا مُحْتَملَة وَالشَّهَادَة يعْتَبر فِيهَا الْيَقِين فَلم تقبل كإشارة النَّاطِق وَإِنَّمَا قبلت فِي أَحْكَامه المختصة بِهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْق وَالنِّكَاح وَالْبيع وَاللّعان وَالْيَمِين للضَّرُورَة
وَهِي هُنَا مَعْدُومَة وَهِي أَن تِلْكَ الْأَشْيَاء لَا تستفاد إِلَّا من جِهَته بِخِلَاف الشَّهَادَة وَقَالَ القَاضِي وَقد قيل إِن تِلْكَ الْأَشْيَاء ينبنى أمرهَا على غَالب الظَّن دون الشَّهَادَة
قَوْله وَتوقف فِيمَا إِذا أَدَّاهَا بِخَطِّهِ وَاخْتَارَ أَبُو بكر أَن لَا تقبل وَعِنْدِي أَنَّهَا تقبل
قيل للْإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة حَرْب فَإِن كتبهَا فَقَالَ لم يبلغنِي فِيهِ شَيْء قَالَ أَبُو بكر عبد الْعَزِيز لَا يعْمل على الْكتاب وَالشَّهَادَة لَا تجوز على من لَا يعرف
وَكَأن وَجه قَول أبي بكر وَصَاحب الْمُحَرر الِاخْتِلَاف فِي الْكِتَابَة هَل هِيَ صَرِيحَة حَتَّى لَو كتب طَلَاق امْرَأَته وَلم ينْو فِيهِ قَولَانِ
قَوْله وَقيل تقبل بِالْإِشَارَةِ الخ
هَذَا قَول مَالك لِأَنَّهَا أُقِيمَت مقَام نطقه فِي أَحْكَامه فَكَذَا فِي شَهَادَته وَحَكَاهُ فِي المغنى عَن الشَّافِعِي وَهَذَا أحد الْوَجْهَيْنِ فِي مذْهبه وَالأَصَح فِيهِ عدم الْقبُول
قَوْله وَتجوز شَهَادَة الْأَصَم فِي المرئيات وَفِيمَا سَمعه قبل صَححهُ
لِأَنَّهُ فِي ذَلِك كمن لَا صمم بِهِ وَلِأَنَّهُ فِيمَا رَآهُ كَغَيْرِهِ من النَّاس وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قَالَ القَاضِي فِي مَسْأَلَة الْأَعْمَى الْعَمى فقد حاسة لَا تمنع النّظر
والسمع فَلم تمنع من تحمل الشَّهَادَة كفقد الشم والذوق وَلَا يلْزم عَلَيْهِ الخرس لِأَنَّهُ يمْنَع النُّطْق وَلَا يلْزم عَلَيْهِ الصمم لِأَنَّهُ يمْنَع السّمع وَلذَلِك قَالَ بعد ذَلِك لَا ينْتَقض بالأخرس وبالأطرش ثمَّ قَالَ الْأَصَم لَا يجوز قَضَاؤُهُ وَيصِح أَدَاء الشَّهَادَة مِنْهُ ذكره مَحل وفَاق
قَوْله وَتجوز شَهَادَة الْأَعْمَى فِي المسموعات
يجوز للأعمى تحمل الشَّهَادَة فِيمَا طَرِيقه الصَّوْت كالنسب وَالْمَوْت وَالْملك الْمُطلق وَالْوَقْف وَالْعِتْق وَالْوَلَاء وَسَائِر الْعُقُود كَالنِّكَاحِ وَالْبيع وَالصُّلْح وَالْإِجَارَة وَالْإِقْرَار نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة مهنا فَقَالَ تجوز شَهَادَة الْأَعْمَى فِي نسب الرجل إِذا عرف أَنه فلَان وَتجوز فِي النِّكَاح شَهَادَة مكفوفين وَلَا تجوز شَهَادَة أعمى فِي الزِّنَا وَلذَلِك نقل الْأَثْرَم عَنهُ قَالَ إِذا كَانَ شَيْئا يضبطه مثله فِي النّسَب وَمَا أشبهه وَدَار قد عرف حُدُودهَا قبل عماه فَإِن كَانَ أعمى لم يزل فعلى مَا يشبه أَن يقوم بِهِ مثله ذكره القَاضِي وَهُوَ معنى كَلَام غَيره وَهُوَ قَول مَالك وَابْن الْمُنْذر وروى عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة مهنا قد أجَاز على شَهَادَة أعمى يرْوى من حَدِيث أبي عوَانَة عَن الْأسود بن قيس أَن عليا أجَاز شَهَادَة أعمى وَاحْتج فِي الرِّوَايَة مُحَمَّد بن الحكم بالذين سمعُوا من عوانه مثل الْأسود وَغَيره وَهَذَا أعظم لِأَنَّهُ يُؤْخَذ بِهِ وَيعْمل بِهِ وَيحكم لِأَنَّهُ يحصل لَهُ الْعلم بذلك وَتجوز رِوَايَته بِالسَّمَاعِ واستماعه لزوجته فجازت شَهَادَته كالبصير وَهَذَا بِخِلَاف مَا طَرِيقه الرُّؤْيَة لِأَنَّهُ لَا رُؤْيَة لَهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تقبل فِي شئ أصلا مَعَ تَسْلِيمه أَن النِّكَاح ينْعَقد بِشَهَادَة أعميين قَالَ الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة مهنا شهد قَتَادَة عِنْد إِيَاس بن مُعَاوِيَة وَهُوَ أعمى فَرد شَهَادَته وَقَالَ الشَّافِعِي تقبل فِي ثَلَاث مَوَاضِع أَحدهَا مَا طَرِيقه الاستفاضة كالنسب