الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَظَاهر كَلَام بَعضهم التَّسْوِيَة بَين قبُول الْخَبَر وَالشَّهَادَة بِمُجَرَّد التَّوْبَة وَعَدَمه خلاف مَا صرح بِهِ القَاضِي فَتكون الْمَسْأَلَة على وَجْهَيْن
فرع
رجل حلف بِالطَّلَاق أَنه رأى شخصا يَزْنِي فَهَل تطلق امْرَأَته
يَنْبَغِي أَن يُقَال إِن علم كذب نَفسه طلقت بَاطِنا وظاهرا وَإِن علم صدق نَفسه طلقت فِي الحكم
قَوْله وَإِذا تَابَ الْفَاسِق قبلت شَهَادَته بِمُجَرَّد تَوْبَته
هَذَا هُوَ الرَّاجِح فِي الْمَذْهَب لما تقدم وَقَوله عليه الصلاة والسلام
التَّوْبَة تجب مَا قبلهَا رَوَاهُ مُسلم وَعَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود عَن أَبِيه وَلم يسمع مِنْهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ إِسْنَاده ثِقَات رَوَاهُ ابْن ماجة وَغَيره
قَوْله وَعنهُ يعْتَبر مَعهَا فِي غير الْقَاذِف إصْلَاح الْعَمَل
سنة لما تقدم لِأَن فِيهَا يتَبَيَّن صَلَاحه لاخْتِلَاف الأهوية وَتغَير الطباع وَعَن الشَّافِعِي كالروايتين وَقيل إِن فسخ بِفعل وَإِلَّا فَلَا يعْتَبر فِيهِ إصْلَاح ذَلِك
وَقيل يعْتَبر مضى مُدَّة يعلم فِيهَا حَالَة بذلك
وَذكر القَاضِي فِي مَوضِع أَن التائب من الْبِدْعَة يعْتَبر لَهُ مضى سنة لحَدِيث صبيغ أَن عمر رضي الله عنه لما ضربه أَمر بهجرانه حَتَّى بلغته تَوْبَته فَأمر أَن لَا يكلم إِلَّا بعد سنة رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد رضي الله عنه
وروى الْمروزِي عَن أَحْمد أَنه قَالَ لَا يكلم التائب عَن الْبِدْعَة إِلَّا بعد أَن
يَأْتِي عَلَيْهِ سنة كَمَا أَمر عمر بن الْخطاب أَن لَا نُكَلِّم صبيغ إِلَّا بعد سنة وَقَالَ من عَلامَة تَوْبَته فِي هَذِه السّنة أَن ينظر إِلَيْهِ فان كَانَ يوالي من عَادَاهُ على بدعته ويعادي من وَالَاهُ فَهَذِهِ تَوْبَة صَحِيحَة وَاخْتَارَ القَاضِي فِي مَوضِع أَن التائب من الْبِدْعَة كَغَيْرِهِ فِي أَنه لَا يعْتَبر إصْلَاح الْعَمَل وَقَالَ عَن هَذَا النَّص مَحْمُول على طَرِيق الِاخْتِيَار الإحتياط وَقَالَ وَقد قَالَ الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة يَعْقُوب فِي رجل من الشكاك أظهر التَّوْبَة فَقَالَ يَتُوب فِيمَا بَينه وَبَين الله وبجانب أهل مقَالَته حَتَّى يعرف النَّاس أَنه تائب قَالَ وَظَاهر هَذَا أَنه لم يَجْعَل مجانبته شرطا فِي صِحَة تَوْبَته وَإِنَّمَا جعلهَا ليَكُون ذَلِك دلَالَة على تَوْبَته عِنْد من عرف ذَلِك مِنْهُ وَلم يشْتَرط معنى زَائِدا على ذَلِك وَهَذَا اخْتِيَاره فِي المغنى قَالَ وَالصَّحِيح أَن التَّوْبَة من الْبِدْعَة كَغَيْرِهَا إِلَّا أَن تكون التَّوْبَة بِفعل يشبه الْإِكْرَاه كتوبة صبيغ فَتعْتَبر لَهُ مُدَّة تظهر أَن تَوْبَته عَن إخلاص لَا عَن إِكْرَاه
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين من تَأمل كَلَام أَحْمد وجده إِنَّمَا يعْتَبر فِي جَمِيع الْمَوَاضِع التَّوْبَة لَكِن نَحن لَا نعلم صدقه فِي تَوْبَته بِمُجَرَّد قَوْله قد تبت فَلَا بُد من انكفافه عَن ذَلِك الذَّنب وعلاماته سنة ليَكُون هَذَا دَلِيلا لنا على صدق تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين الله وبجانب أهل مقَالَته حَتَّى يعرف النَّاس أَنه تائب فَجعل التَّوْبَة فِيمَا بَينه وَبَين الله صَحِيحه فِي الْحَال وَأما عِنْد النَّاس فَيتْرك مَوَاضِع الذَّنب وَهُوَ مجانبة أَصْحَاب الذَّنب وَقَول القَاضِي إِنَّمَا أَمر بذلك ليَكُون دَلِيلا على تَوْبَته عِنْد من عرف ذَلِك مِنْهُ ضَعِيف لِأَن المجانبة لأهل الْمقَالة المبتدعة وَاجِبَة وَإِنَّمَا أَمر بِهِ لِأَن ملازمته دَلِيل على الْقيام بِمُوجب التَّوْبَة وَلِأَنَّهُ قَالَ حَتَّى يعرف النَّاس مِنْهُ ذَلِك وَهَذَا يَقْتَضِي معرفَة من عرف أَنه قد تَابَ وَمن لم يعرف أَنه تَابَ أَلا ترى أَن الْمَسْأَلَة أَنه أظهر التَّوْبَة فحقيقة
التَّوْبَة عَن إِظْهَار وَكَذَلِكَ قَوْله من عَلامَة تَوْبَته مُوالَاة من عَادَاهُ على الْبِدْعَة ومعاداة من وَالَاهُ عَلَيْهَا وَقَالَ فَهَذِهِ تَوْبَة صَحِيحَة فَعلمت أَنه لَا بُد من عَلامَة تدلنا على صِحَة التَّوْبَة وَإِلَّا فَلَو كَانَ مجردالتكلم بِالتَّوْبَةِ مُوجبا لصحتها لم يحْتَج إِلَى عَلامَة
ثمَّ ذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين كَلَامه الْمَكْتُوب فِي الْقَاذِف وَذكر ابْن عقيل أَن المبتدع إِذا تَابَ هَل تقبل شَهَادَته أَو يعْتَبر بِهِ صَلَاح الْعَمَل قَالَ وَالْقِيَاس قبُول شَهَادَته لصِحَّة تَوْبَته كَمَا قدمْنَاهُ فِي الرِّدَّة وَالْقَذْف لَكِن طرحنا الْقيَاس هَهُنَا لأجل الْإِثْم والأثر ثمَّ ذكر رِوَايَة الْمروزِي الْمَذْكُورَة لقَوْل عمر لأبي بكرَة إِن تبت قبلت شهادتك وَقَالَ مَالك لَا أعرف هَذَا قَالَ الشَّافِعِي وَكَيف لَا يعرفهُ وَقد أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْبَةِ وَقَالَهُ عمر لأبي بكرَة
قَوْله وَمن أَتَى شَيْئا من الْفُرُوع الْمُخْتَلف فِيهَا كمن تزوج بِلَا ولى أَو شرب من النَّبِيذ مَالا يسكره أَو أخر زَكَاة أَو حجا مَعَ إمكانهما وَنَحْوه متأولا لم ترد شَهَادَته
نَص عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة صَالح وَغَيره وَأَنه يحد شَارِب النَّبِيذ وَيصلى خَلفه وَتقبل شَهَادَته وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور من الْمَذْهَب وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لِأَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي الْفُرُوع فَلم يكن بَعضهم يعيب من خَالفه وَلَا يفسقه
وَنقل عَنهُ عَليّ بن الْمُوفق فِي الصَّلَاة خلف من يشرب النَّبِيذ لَا يصلى خلف من يشرب هَذَا وَلَا خلف من يجلس إِلَى من يشرب هَذَا
قَالَ القَاضِي وَهَذَا مَحْمُول على مَا يسكر وَيجوز أَن يحمل على ظَاهره
فَيخرج رِوَايَتَانِ وَيشْهد لذَلِك مَا قَالَه فِي رِوَايَة أبي الْحَارِث فِي إِمَام يَبِيع كرمه مِمَّن يَتَّخِذهُ خمرًا لَا يصلونَ خَلفه
وَقَالَ فِي رِوَايَة عبد الله وَإِبْرَاهِيم من اسْتَطَاعَ الْحَج وَلم يحجّ لَا تجوز شَهَادَته انْتهى كَلَام القَاضِي وَكَذَا نقل أَبُو الْحَارِث
قَالَ القَاضِي فِي مَوضِع آخر وَهَذَا مُبَالغَة فِي الْفَوْر لِأَنَّهُ قد أسقط عَدَالَته فِي الْموضع الَّذِي يسوغ فِيهِ الِاجْتِهَاد وَقَالَ أَيْضا وَظَاهر هَذَا أَنه لم يسوغ الِاجْتِهَاد فِي تَأْخِيره أَي تَأْخِير الْحَج
وَذكره فِي المغنى قولا وَاحْتج لَهُ فِي المغنى يَقُول عمر مَا هم بمسلمين
وَقَالَ بن أبي مُوسَى الْأَظْهر من قَول الإِمَام أَحْمد أَنه لَا تقبل شَهَادَة من شرب النَّبِيذ متأولا وَلم يسكر قَالَ فِي الرِّعَايَة لفسقه إِذا وَهَذَا قَول مَالك وَاخْتَارَهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَقَالَ ترد شَهَادَته لاستحقاقه الهجر والعقوبة كالمبتدع وَالْعلَّة أَنه مُوجب للحد وَهَذَا لَا يتعداه
وَقَالَ الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة الْعَبَّاس بن مُحَمَّد فِي شَارِب النَّبِيذ أَنا أُجِيز شَهَادَته وَلَا أُصَلِّي خَلفه إِن وجدته فِي الْجَامِع
وَلَعَلَّ لَا زَائِدَة
وَنقل غير وَاحِد عَن الإِمَام أَحْمد فِيمَن ترك الْوتر مُتَعَمدا سَاقِط الْعَدَالَة
وَقَالَ فِي رِوَايَة سندى قيل لَهُ فترى أَن يكْتب عَمَّن يَبِيع هَذِه الْعينَة قَالَ لَا يُعجبنِي أَن يكْتب عَن معِين وَفِي اللاعب بالشطرنج خلاف سَيَأْتِي
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي المصرين على ترك الْجَمَاعَة ترد شَهَادَتهم بل يُقَاتلُون فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا عِنْد من لَا يَقُول بِوُجُوبِهَا فَأَما من قَالَ بِوُجُوبِهَا فَإِنَّهُ يُقَاتل تاركها ويفسق المصرين على تَركهَا إِذا قَامَت عَلَيْهِم الْحجَّة الَّتِي تبيح الْقِتَال والتفسيق كَمَا يُقَاتل أهل الْبَغي بعد إِزَالَة الشُّبْهَة وَرفع الْمظْلمَة
قَوْله فِي الْمُحَرر متأولا