الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سكُوتًا يُمكنهُ الْكَلَام فِيهِ اسْتَقر حكم مَا أقرّ بِهِ فَلم يرْتَفع كالاستثناء الْمُنْفَصِل
ذكره الْأَصْحَاب رضي الله عنهم وعللوا الِاسْتِثْنَاء الْمُنْفَصِل باستقرار حكمه وَلم يذكرُوا لَهُ أصلا وقاس فِي الْمُغنِي الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمين بإلا فَدلَّ على أَن هَذَا عِنْده مَحل وفَاق وَلِهَذَا لم يحك فِيهِ خلافًا كَمَا حَكَاهُ فِي الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمين
وَذكر فِي الْمُسْتَوْعب أَن الِاسْتِثْنَاء هُنَا لَا يَصح إِلَّا مُتَّصِلا قَالَ على مَا ذكرنَا فِي الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمين ويوافق هَذَا مَا قَالَ ابْن الزَّاغُونِيّ فِي الْوَاضِح فَإِن كَانَ مُنْفَصِلا وَهُوَ أَن يسكت سكُوتًا يُمكنهُ الْكَلَام ثمَّ اسْتثْنى فَهَل يَصح فِيهِ رِوَايَتَانِ أصَحهمَا لَا وَالثَّانيَِة يَصح كَمَا لَو تقَارب مَا بَينهمَا أَو مَنعه مَانع من تَمام الْكَلَام انْتهى كَلَامه وَهُوَ يَقْتَضِي أَنه إِذا تقَارب مَا بَينهمَا يَصح قولا وَاحِدًا وَفِيه نظر ظَاهر
ويوافق هَذَا أَيْضا مَا قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين يتَوَجَّه أَن يعْتَبر فِي اتِّصَال الصِّفَات وَالِاسْتِثْنَاء فِي الْإِقْرَار مَا اعْتبر فِي ذَلِك الإنشاءات وَقد فرق الْأَصْحَاب بَينهمَا فَإِن هُنَاكَ لَو سكت سكُوتًا يُمكنهُ الْكَلَام فِيهِ وَوصل بِهِ بعض الصلات نَفعه إِذا عد اتِّصَالًا مُعْتَادا فَينْظر انْتهى كَلَامه
وَوجه هَذَا أَنه كَلَام مُتَّصِل بعضه بِبَعْض فَأشبه الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمين وَوجه القَوْل الآخر أَن الأَصْل اعْتِبَار الأتصال فِي الْجَمِيع خُولِفَ فِي الِاسْتِثْنَاء فِي رِوَايَة للْخَبَر فِيهِ فَيقْتَصر عَلَيْهِ وَلِأَن الْكَفَّارَة حق الله تَعَالَى ومبناه على الْمُسَامحَة بِخِلَاف مَسْأَلَتنَا وَفِيه نظر
والزيوف الرَّديئَة وَالصغَار دَرَاهِم طبرية كل دِرْهَم ثلثا دِرْهَم أَربع دوانق
فرع
وَلَا فرق بَين الْإِقْرَار بهَا من غصب أَو وَدِيعَة أَو قرض أَو غَيره ذكره غير وَاحِد
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أما إِذا كَانَ مودعا فَقَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِم أَو أودعني دَرَاهِم ثمَّ قَالَ بعد هِيَ زيوف أَو نَاقِصَة وَنَحْو ذَلِك فَيجب أَن يقبل قَوْله مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ لَو ادّعى ردهَا أَو تلفهَا بعد ذَلِك قبل قَوْله مَعَ يَمِينه فَلَا يكون دَعْوَى تغيرها بِأَكْثَرَ من دَعْوَى ردهَا أَكثر مَا فِيهِ أَن يُقَال دَعْوَى الرَّد والتلف لَا تنَافِي مُوجب الاقرار الأول بِخِلَاف دَعْوَى الصّفة النَّاقِصَة لَكِن هُوَ مؤتمن فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَكثر مَا فِيهِ أَنه ادّعى مَا يُخَالف الأَصْل وَذَلِكَ مَقْبُول مِنْهُ انْتهى كَلَامه
قَوْله وَقيل إِن كَانَ بِبَلَد أوزانهم نَاقِصَة أَو دراهمهم مغشوشة لزمَه مِنْهَا كَثمن البيع بهَا
هَذَا الْوَجْه ذكر فِي المغنى أَنه أولى وَقدمه فِي الْكَافِي لِأَن مُطلق كَلَامهم يحمل على عرف بلدهم كَمَا فِي البيع وَالصَّدَاق وكما لَو كَانَت معاملتهم بهَا ظَاهِرَة فِي الْأَصَح
ذكر هَذَا الأَصْل فِي الرِّعَايَة لِأَن إِطْلَاق الدِّرْهَم ينْصَرف إِلَى دِرْهَم الاسلام وَهُوَ مَا كَانَ مِنْهَا كل عشرَة وزن سَبْعَة مَثَاقِيل وَتَكون فضَّة خَالِصَة بِدَلِيل تَقْدِير الشَّرْع بهَا نصب الزكوات والديات والجزية وَالْقطع فِي السّرقَة وَيُخَالف الاقرار البيع من حَيْثُ إِنَّه إِقْرَار بِحَق سَابق فَانْصَرف إِلَى دَرَاهِم الاسلام وَالْبيع إِيجَاب فِي الْحَال فاختص بِدَرَاهِم الْبَلَد
قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ على مائدة دِرْهَم زيوف قبل تَفْسِيره بمغشوشة وَلم يقبل بِمَا لَا فضَّة فِيهِ
لِأَنَّهُ صَادِق لِأَنَّهَا دَرَاهِم وَلِأَن الْإِطْلَاق ينْصَرف إِلَى مَا فِيهِ فضَّة وَكَذَا سبق إِلَى الْفَهم وَإِن كَانَ كَذَلِك كَانَ تَفْسِيره بِهِ رُجُوعا عَمَّا أقرّ بِهِ فَلَا يقبل
كاستثناء الْكل وَقَالَ فِي الْكَافِي إِن فسر الزُّيُوف بِمَا لَا قيمَة لَهُ لم يقبل لِأَنَّهُ أثبت فِي ذمَّته شَيْئا وَمَا لَا قيمَة لَهُ لَا يثبت فِي الذِّمَّة
وَظَاهر هَذَا أَنه لَو فسره بِمَا لَا فضَّة فِيهِ وَله قيمَة قبل لِأَنَّهُ فسر كَلَامه بِمَا يحْتَملهُ وَقيل إِن قَالَ لَهُ على قرض أَو ثمن مَبِيع ألف دِرْهَم زيوف أَو بهرجة لزمَه ألف جِيَاد وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَححهُ ابْن أبي مُوسَى وَابْن حمدَان فِي الرِّعَايَة الْكُبْرَى
قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ عِنْدِي رهن فَقَالَ الْمَالِك وَدِيعَة فَالْقَوْل قَول الْمَالِك
مَعَ يَمِينه لِأَن الْعين تثبت لَهُ بالاقرار وَادّعى الْمقر دينا فَكَانَ القَوْل قَول من يُنكره مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ مُدع على غَيره حَقًا فَلَا يقبل قَوْله إِلَّا بِبَيِّنَة وَكَذَلِكَ لَو أقرّ بدار وَقَالَ قد استأجرتها أَو بِثَوْب وَادّعى أَنه قصره أَو خاطه بِأُجْرَة أَو أقرّ بِعَبْد وَادّعى اسْتِحْقَاق خدمته أَو أقرّ بسكنى دَار وَادّعى أَنه سكنها بِإِذْنِهِ فَالْقَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين مَضْمُون هَذَا أَنه إِذا أقرّ بِعَين لَهُ فِيهَا حق لَا يثبت إِلَّا برضى الْمَالِك لم يقبل مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِذا أقرّ بِفعل فعله وَادّعى إِذن الْمَالِك
ثمَّ قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين يتَوَجَّه على الْمَذْهَب أَن يكون القَوْل قَوْله لِأَن الْإِقْرَار تضمن عدم وجوب تَسْلِيم الْعين أَو الْمَنْفَعَة الْمَذْكُورَة فَمَا أقرّ بِمَا يُوجب التَّسْلِيم كَمَا فِي قَوْله كَانَ لَهُ على وَقَضيته ولأنا نجوز مثل هَذَا الِاسْتِثْنَاء فِي الإنشاءات فِي البيع وَنَحْوه فَكَذَلِك فِي الإقرارات وَالْقُرْآن يدل على ذَلِك فِي آيَة الدّين وَقد تقدم نَحْو هَذِه الْمَسْأَلَة فِي الرَّهْن وَفِي الْعَارِية وَهَذَا بِخِلَاف مَسْأَلَة الْعتْق وَالْخلْع فَإِن هُنَاكَ حَقًا لله وَهُوَ يعلم من نَفسه أَنه لَا يحل لَهُ الاستعباد
والاستمتاع وَلِأَن يَده كَانَت على الْجَمِيع فَلَا يخرج من يَده إِلَّا مَا أقرّ بِاسْتِحْقَاق خُرُوجه من وَجه انْتهى كَلَامه
وَقد تقدم كَلَام الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قبل قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ عَليّ مائَة دِرْهَم ثمَّ سكت سكُوتًا يُمكنهُ الْكَلَام فِيهِ
قَوْله وَإِذا قَالَ لَهُ عِنْدِي ألف ثمَّ فسره بدين أَو وَدِيعَة قبل
قَالَ فِي المغنى لَا نعلم فِيهِ خلافًا وَسَوَاء فسره مُتَّصِلا أَو مُنْفَصِلا
وَكَلَامه فِي الْمُحَرر يعْطى هَذَا أَيْضا لِأَنَّهُ فسر لَفظه بِمَا يُعْطِيهِ فَقبل كَمَا لَو قَالَ لَهُ على وَفَسرهُ بدين فَعِنْدَ ذَلِك تثبت أَحْكَام الْوَدِيعَة بِحَيْثُ لَو ادّعى تلفهَا أَو ردهَا قبل وَإِن قَالَ هِيَ زيوف أَو نَاقِصَة فقد تقدم وَلِأَنَّهُ إِذا فسره بدين فقد أقرّ على نَفسه بِمَا هُوَ أغْلظ مِنْهُ فَيقبل
قَوْله وَإِن قَالَ عَليّ لم يقبل تَفْسِيره بوديعة
وَكَذَا قطع بِهِ جمَاعَة وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي لِأَن عَليّ للْإِيجَاب وَهُوَ يَقْتَضِي كَونهَا فِي ذمَّته والوديعة إِنَّمَا هِيَ عِنْده وَالْإِقْرَار يُؤْخَذ فِيهِ بِظَاهِر اللَّفْظ وَمُقْتَضَاهُ بِدَلِيل أَنه لَو أقرّ بِدَرَاهِم لَزِمته ثَلَاثَة مَعَ جَوَاز التَّعْبِير بهَا عَن اثْنَيْنِ وَلَو أقرّ بدرهم وَقَالَ أردْت نصف دِرْهَم فأقمت الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه لم يقبل مِنْهُ وَلَو قبل مُطلق الِاحْتِمَال لقبل تَفْسِير الدَّرَاهِم بالناقصة والزائفة والمؤجلة وَقيل يقبل لاحْتِمَال صدقه كَمَا لَو وَصله بِكَلَامِهِ فَقَالَ لَك على مائَة وَدِيعَة قبل لِأَنَّهُ فسر كَلَامه بِمَا يحْتَملهُ مُتَّصِلا كَمَا لَو قَالَ دَرَاهِم نَاقِصَة