الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ القَاضِي على قِيَاس حُدُوث الْعَمى بعد التَّحَمُّل وَقبل الْأَدَاء وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لعدم التُّهْمَة فِي حَال أَدَاء الشَّهَادَة فَهُوَ كالموت فَإِنَّهُ مَحل وفَاق وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يحكم بهَا كَمَا لَو طَرَأَ الْفسق
قَوْله وَإِن حدث مَانع من فسق أَو تُهْمَة منع الحكم بهَا
لم أجد فِيهِ خلافًا كَمَا تقدم وَذكره القَاضِي مَحل وفَاق أَن الشُّهُود إِذا ارْتَدُّوا أَو فسقوا أَو رجعُوا قبل الحكم أَنه لَا يحكم بهَا قَالَ لِأَنَّهُ يُورث تُهْمَة فِي حَال الْأَدَاء
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين إِدْخَال الرِّدَّة فِي هَذَا مُشكل قَالَ وَقد علل بِأَن الْفسق وَالرِّدَّة مِمَّا يستسر بِهِ فَيدل على نَظَائِره مِمَّا قبله انْتهى كَلَامه
فصل
فَإِن حدث مَا يمْنَع الحكم بهَا بعد الحكم والاستيفاء لم ينْقض الحكم وَإِن كَانَ ذَلِك قبل الِاسْتِيفَاء لم يسْتَوْف إِن كَانَ حدا الله تَعَالَى لِأَنَّهُ يدْرَأ بِالشُّبْهَةِ وَإِن كَانَ مَالا استوفي وَإِن كَانَ قودا أَو حد قذف فَوَجْهَانِ
قَوْله وَلَا يَصح أَدَاء الشَّهَادَة إِلَّا بلفظها
فَإِن قَالَ أعلم أَو أَحَق وَنَحْوه لم يحكم بهَا ذكره القَاضِي مَحل وفَاق فِي مَوَاضِع مِنْهَا شَهَادَة الْمَرْأَة الْوَاحِدَة فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال وَذكر أَنه يعْتَبر فِيهِ لفظ الشَّهَادَة جعله مَحل وفَاق ذكره الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَلم يحك فِيهِ خلافًا وَقَالَ أَبُو الْخطاب فِي الِانْتِصَار فِي بحث شَهَادَة امْرَأَة فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال
لخصمه أَيْن أَنْت من الْقيَاس على خبر الديانَات ورؤية الْهلَال لرمضان لما قبل فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء منفردات لم يلْتَفت إِلَى الْعدَد وعَلى هَذَا يجب أَن لَا يلْتَفت إِلَى لفظ الشَّهَادَة وَلَا مجْلِس الحكم كالخبر سَوَاء وَهُوَ قَول بعض الْحَنَفِيَّة وَلَا أعرف عَن إمامنا مَا يرد هَذَا الْمَنْع انْتهى كَلَامه وَلم يذكر الْأَصْحَاب هَذِه الْمَسْأَلَة فِي مسَائِل الْخلاف فَدلَّ على أَنَّهَا مَحل وفَاق
وَذكر أَبُو الْخطاب فِي التَّمْهِيد فِي بحث مَسْأَلَة رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى أَن الْفُقَهَاء يسلمُونَ هَذَا ثمَّ قَالَ ويقوى عِنْدِي أَن الشَّاهِد إِذا قَالَ أعلم أَو أعرف أَو أتحقق أَو أتيقن أَن لفُلَان عِنْد فلَان كَذَا أَن الْحَاكِم يقبل ذَلِك لِأَن ظَنّه يقوى بذلك كَمَا يقوى بقوله أشهد انْتهى كَلَامه
وَذكره القَاضِي احْتِمَالا وَذكره فِي الرِّعَايَة قولا وَذكر فِي المغنى أَن عدم الحكم مَذْهَب الشَّافِعِي قَالَ وَلَا أعلم فِيهِ خلافًا لِأَن الشَّهَادَة مصدر فَلَا بُد من الْإِتْيَان بِفِعْلِهَا الْمُشْتَقّ مِنْهَا وَهَذِه دَعْوَى مُجَرّدَة قَالَ وَلِأَن فِيهَا معنى لَا يحصل فِي غَيرهَا بِدَلِيل أَنَّهَا تسْتَعْمل فِي اللّعان وَلَا يحصل ذَلِك فِي غَيرهَا وَمرَاده من هَذِه الْأَلْفَاظ لِأَن لنا فِي اللّعان فِي إِبْدَال أشهد بأقسم أَو أَحْلف وَجْهَيْن وَهَذَا معنى حسن إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي مَوضِع آخر الحكم بذلك عَن أَحْمد وَأَخذه من مناظرته لعَلي بن الْمَدِينِيّ وَأَن أَحْمد شهد بِالْجنَّةِ لكل من جعله الرَّسُول صلى الله عليه وسلم من أَهلهَا فَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ أَقُول وَلَا أشهد فَقَالَ لَهُ أَحْمد إِذا قلت فقد شهِدت
قَوْله وَرجل وَيَمِين الْمُدعى بِمَا ادَّعَاهُ وَإِن كَانَ كَافِرًا أَو امْرَأَة
قَالَ حَنْبَل سَمِعت أَبَا عبد الله يَقُول فِي الشَّاهِد وَالْيَمِين جَازَ الحكم بِهِ قيل لأبي عبد الله إيش معنى الْيَمين قَالَ قضى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِشَاهِد وَيَمِين شَهَادَة الشَّاهِد مَعَ الْيَمين
قَالَ أَبُو عبد الله وهم لَعَلَّهُم يقضون فِي مَوَاضِع بِغَيْر شَهَادَة شَاهد وَكَذَلِكَ نقل الْمروزِي وَأَبُو طَالب وَقَالَ هَارُون بن عبد الله سَمِعت أَبَا عبد الله يذهب إِلَى الْيَمين وَالشَّاهِد قيل لأبي عبد الله فِي المَال قَالَ فِي المَال
وَقَالَ عَليّ بن زَكَرِيَّا قيل لأبي عبد الله شَهَادَة شَاهد وَيَمِين قَالَ فِي الْحُقُوق
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين هَذَا اللَّفْظ يعم جَمِيع الْحُقُوق وَكَذَلِكَ قَالَ فِي رِوَايَة الْمَيْمُونِيّ نَحن نَذْهَب إِلَى شَهَادَة وَاحِد فِي الْحُقُوق وَيَمِينه انْتهى كَلَامه
وَقَالَ عَليّ بن سعيد سَأَلت أَحْمد عَن الشَّاهِد الْوَاحِد مَعَ الْيَمين قَالَ فِي الْحُقُوق جَائِز
وَقَالَ الْأَثْرَم سَمِعت أَبَا عبد الله يسْأَل عَن رجل ادّعى وَجَاء بِشَاهِد وَلَيْسَ الْمُدَّعِي بِعدْل أيحلف مَعَ شَاهده قَالَ نعم قلت لأبي عبد الله إِنَّمَا هَذَا فِي الْأَمْوَال خَاصَّة فَقَالَ نعم فِي الْأَمْوَال خَاصَّة
وَقَالَ مُوسَى بن سعيد وَقد روى عَن أَحْمد قَول عَمْرو بن دِينَار فِي الْأَمْوَال قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَهَكَذَا أَقُول فِي الْأَمْوَال والحقوق وَقَالَ لَهُ أَبُو طَالب تذْهب إِلَى الشَّاهِد وَالْيَمِين قَالَ نعم فِي الْحُقُوق وَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَارِث فَإِن كَانَ الشَّاهِد عدلا وَالْمُدَّعى غير عدل قَالَ فَإِن كَانَ غير عدل أَو كَانَت امْرَأَة أَو رجل من أهل الذِّمَّة يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو مَجُوسِيّ إِذا ثَبت لَهُ شَاهد وَاحِد حلف وَأعْطى مَا ادّعى وَإِنَّمَا الحكم فِيهِ هَكَذَا وَلَيْسَ يقوم الْيَمين مقَام الشَّاهِد هَذَا حكمه
وَقَالَ لَهُ أَحْمد بن الْقَاسِم أَنْت لَا تقبل شَهَادَته فَكيف تقبل يَمِينه قَالَ وَلم شهد هُوَ لنَفسِهِ إِنَّمَا الحَدِيث شَاهد مَعَ يَمِين الطَّالِب فَنحْن نعمل بِهِ
وَكَذَا نقل غَيره وَهَذَا قَول أَكثر الْعلمَاء مِنْهُم مَالك وَالشَّافِعِيّ لما روى
ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قضى بِيَمِين وَشَاهد رَوَاهُ مُسلم وَغَيره وَهُوَ فِي السّنَن من وُجُوه قَالَ ابْن عبد الْبر عَن حَدِيث ابْن عَبَّاس لَا مطْعن لأحد فِي إِسْنَاده وَلَا خلاف بَين أهل الْمعرفَة فِي صِحَّته قَالَ وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة وَجَابِر وَغَيرهمَا حسان
وروى الْخلال من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن جده أَن عمر كَانَ يقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد الْعدْل وَيَقُول قضى بذلك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَاللَّيْث والأندلسيون من أَصْحَاب مَالك وَغَيرهم لَا تقبل وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قصَّة خُزَيْمَة وقصة أبي قَتَادَة وقصة ابْن مَسْعُود فِي قَوْله رَأَيْته يذكر الْإِسْلَام تَنْبِيها بِلَا يَمِين وَقد قَالَ الْيَمين حق للمستحلف وَللْإِمَام فَلهُ أَن يُسْقِطهَا وَهَذَا أحسن انْتهى كَلَامه
وَيُوَافِقهُ مَا ذكره القَاضِي فِي بحث الْمَسْأَلَة قَالَ فَإِن قيل مَا ذهبتم إِلَيْهِ يُؤدى إِلَى أَن يثبت الْحق بِشَاهِد وَاحِد قيل هَذَا غير مُمْتَنع كَمَا قَالَه الْمُخَالف فِي الْهلَال فِي الْغَيْم وَفِي الْقَابِلَة وَهُوَ ضَرُورَة أَيْضا لِأَن الْمُعَامَلَات تكْثر وتتكرر فَلَا يتَّفق فِي كل وَقت شَاهِدَانِ انْتهى كَلَامه
وَهُوَ يدل على أَن الْيَمين لَيست كشاهد آخر وَهُوَ مخرج على مَا إِذا رَجَعَ الشَّاهِد هَل يضمن الْجَمِيع أَو النّصْف
وَلِهَذَا قَالَ القَاضِي فِي بحث الْمَسْأَلَة وَاحْتج يَعْنِي الْخصم بِأَنَّهُ لَو كَانَ يَمِين الْمُدعى كشاهد آخر لجَاز لَهُ أَن يقدمهُ على الشَّاهِد الَّذِي عِنْده كَمَا لَو كَانَ عِنْده شَاهِدَانِ جَازَ أَن يقدم أَيهمَا شَاءَ وَالْجَوَاب أَنا لَا نقُول إِنَّهَا بِمَنْزِلَة شَاهد آخر وَلِهَذَا يتَعَلَّق الضَّمَان بِالشَّاهِدِ وَإِنَّمَا اعتبرناها احْتِيَاطًا وقاسها على احْتِيَاط الْحَنَفِيَّة بِالْحَبْسِ مَعَ شَاهد الْإِعْسَار وَيَمِين الْمُدعى مَعَ الْبَيِّنَة على الْغَائِب
وَالصَّبِيّ وَالْمَجْنُون وَقَالَ أَيْضا إِنَّمَا يحلفهُ الْحَاكِم بعد أَن تثبت عَدَالَة الشَّاهِد عِنْده
وَذكر القَاضِي أَيْضا أَن لَا تقدم الْيَمين على الشَّاهِد جعله مَحل وفَاق كَمَا لَا يقدم فِي الْبَيِّنَة على الْغَائِب
قَوْله وَلَا يشْتَرط أَن يَقُول فِيهَا وَأَن شَاهِدي هَذَا صَادِق فِي شَهَادَته
وَقطع بِهِ القَاضِي ضمن الْمَسْأَلَة وَعَلِيهِ يدل كَلَام الْأَصْحَاب لظَاهِر مَا تقدم وكسائر من أحلفناه فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط أَن يَقُول فِي يَمِينه ذَلِك
قَوْله وَقيل يشْتَرط
لِأَن الشَّاهِد هُنَا حجَّة ضَعِيفَة وَلِهَذَا لم نكتف بِهِ فاشتراط أَن يَقُول فِي يَمِينه ذَلِك تَقْوِيَة لَهُ واحتياطا كَمَا اشْترطت الْيَمين مَعَه
قَوْله وَلَا يقبل امْرَأَتَانِ وَيَمِين مَكَان رجل وَيَمِين
وَكَذَا قطع بِهِ القَاضِي وَلم يُخرجهُ من الْمَذْهَب
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَقطع بِهِ أَيْضا أَبُو الْخطاب والشريف وَغَيرهمَا فِي كتب الْخلاف وَنَصره فِي الْمُغنِي وَغَيره لِأَنَّهُ انْضَمَّ ضَعِيف إِلَى ضَعِيف فَلَا يحكم بِهِ كَمَا لَو شهد أَربع نسْوَة أَو حلف الْمُدعى يمينين فَإِنَّهُ مَحل وفَاق مَعَ مَالك وَغَيره ذكره القَاضِي وَغَيره فِي الْمُغنِي بِالْإِجْمَاع
قَوْله وَقيل يقبل
لِأَن الْمَرْأَتَيْنِ فِي المَال مقَام رجل وَهُوَ مَذْهَب مَالك
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين هَذَا يَقْتَضِيهِ كَلَام أَحْمد يَعْنِي مَا نَقله ابْن صَدَقَة
سُئِلَ أَحْمد عَن الرجل يُوصي بأَشْيَاء لأقاربه وَيعتق وَلَا يحضر إِلَّا النِّسَاء هَل تجوز شَهَادَتهنَّ قَالَ نعم تجوز شَهَادَتهنَّ فِي الْحُقُوق وَذكر ابْن حزم أَنهم اخْتلفُوا فِي شَهَادَة امْرَأَة مَعَ يَمِين الطَّالِب وَدون يَمِينه
قَوْله وَهل يقبل الرجل والمرأتان أَو الشَّاهِد وَالْيَمِين فِي الْعتْق
قَالَ القَاضِي فِي التَّعْلِيق يثبت الْعتْق بِشَاهِد وَيَمِين فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ وعَلى قِيَاسه الْكِتَابَة وَالْوَلَاء نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة مهنا وَقَالَ أَيْضا نَص على الشَّاهِد وَالْيَمِين فِي قدر الْعِوَض الَّذِي وَقع الْعتْق عَلَيْهِ وَهُوَ اخْتِيَار الْخرقِيّ وَأبي بكر انْتهى كَلَامه لِأَن الشَّارِع متشوف إِلَيْهِ وَذكر فِي المغنى أَن القَاضِي قَالَ الْمَعْمُول عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَب أَن هَذَا لَا يثبت إِلَّا بِشَاهِدين ذكرين وَذكر ابْن عقيل أَنه ظَاهر وَنَصره فِي المغنى وَنَصره جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْخطاب غير الرِّوَايَة الأولى وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال وَلَا يقْصد مِنْهُ ويطلع عَلَيْهِ الرِّجَال أشبه الْعُقُوبَات وَعَن الإِمَام أَحْمد رِوَايَة ثَالِثَة تقبل فِيهِ شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَهُوَ قَول جمَاعَة مِنْهُم أَصْحَاب الرَّأْي لِأَن ذَلِك لَا يسْقط بِالشُّبْهَةِ أشبه المَال
قَوْله وَالْوكَالَة فِي المَال والإيصاء إِلَيْهِ
تبع فِيهِ القَاضِي وَغَيره قَالَ القَاضِي لِأَنَّهَا إِن لم تكن مَالا فَإِنَّهَا تَتَضَمَّن التَّصَرُّف فِي المَال وَالدَّلِيل كَمَا تقدم وَقد نقل عَنهُ البرزاطي فِي الرجل يُوكل وَكيلا وَيشْهد على نَفسه رجلا وَامْرَأَتَيْنِ إِن كَانَت الْوكَالَة بمطالبة بدين فَأَما غير ذَلِك فَلَا وَقَالَ فِي رِوَايَة بكر بن مُحَمَّد عَنهُ لَا يقبل قَوْله إِن وصّى حَتَّى يشْهد الْمُوصى رجلَانِ عَدْلَانِ أَو رجل عدل
قَالَ القَاضِي فَظَاهر هَذَا قبُول الشَّاهِد وَالْيَمِين فِي الْوَصِيَّة وَالْوكَالَة وَكَلَام جمَاعَة يقتضى أَنه لَا فرق بَين الْوكَالَة فِي المَال وَغَيره والإيصاء إِلَيْهِ فِيهِ وَغَيره بل صَرِيح كَلَام بَعضهم وَأَنه هَل يقبل فِي ذَلِك وَامْرَأَتَانِ أَو شَاهد وَيَمِين أَو لَا يقبل إِلَّا رجلَانِ فِيهِ رِوَايَتَانِ
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين نَصه فِي الْوكَالَة فرق فِيهِ بَين الْوكَالَة بِمَال وَبَين الْوكَالَة بِغَيْرِهِ وَأما الْوَصِيَّة فقد أطلق فِيهَا رجل عدل وَتقدم نَصه أَيْضا أَنه يقبل فِيهَا شَهَادَة النِّسَاء منفردات فقد يُقَال لَا يفْتَقر فِي هَذَا إِلَى يَمِين لِأَنَّهُ لَا خصم جَاحد فِيهِ لَا فِي الْحَال وَلَا فِي الِاسْتِقْبَال وَهُوَ يشبه الْقَتْل لاسْتِحْقَاق السَّلب وتحليف الْوَصِيّ فِيهِ نظر لِأَنَّهُ لَا يجر بِهَذَا إِلَى نَفسه مَنْفَعَة بِخِلَاف الْمُوصى لَهُ وَقد قبل النَّاس شَهَادَة رَجَاء بن حَيْوَة بالعهد إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ وَحده وَمَا زَالَ الْوُلَاة يرسلون الْوَاحِد فِي الْولَايَة والعزل
وَقَالَ أَيْضا وعَلى طَريقَة أَصْحَابنَا فِي الْبَيِّنَة هُوَ الشَّاهِد الْوَاحِد وَإِنَّمَا الْيَمين احْتِيَاط فَهَذَا يقتضى شَيْئَيْنِ أَحدهمَا أَنه لَا يحْتَاج إِلَيْهَا إِلَّا إِذا كَانَ ثمَّ معَارض وَفِي دَعْوَى السَّلب لَا معَارض وعَلى هَذَا يخرج حَدِيث أبي قَتَادَة
وَالثَّانِي أَنه لَو كَانَ الْحق لصبي أَو مَجْنُون لم يحْتَج إِلَى يَمِين وَفِي هَذَا نظر إِلَّا إِذا كَانَ على ميت أَو صبي أَو مَجْنُون وَلَعَلَّ حَدِيث خُزَيْمَة بن ثَابت يخرج على هَذَا وَنَصّ أَحْمد فِي الْوَصِيَّة أَو رجل عدل ظَاهر هَذَا أَنه يقبل فِي الْوَصِيَّة شَهَادَة رجل وَاحِد
وَقَالَ عقيب رِوَايَة ابْن صَدَقَة فِي شَهَادَة النِّسَاء فِي الْوَصِيَّة ظَاهر هَذَا أَنه أثبت الْوَصِيَّة بِشَهَادَة النِّسَاء على الِانْفِرَاد إِن لم يحضرهُ الرِّجَال قَالَ القَاضِي الْمَذْهَب فِي هَذَا كُله أَنه لَا يثبت إِلَّا بِشَاهِدين انْتهى كَلَامه وَقَالَ ابْن عقيل عقيب رِوَايَة ابْن صَدَقَة وَهَذَا يشْهد لَهُ من أَصله قَوْله تقبل شَهَادَة أهل
الذِّمَّة على الْوَصِيَّة فِي السّفر انْتهى كَلَامه
وَوجه رِوَايَة الْقبُول بِأَنَّهُ عقد لَا يفْتَقر فِي صِحَّته إِلَى الشَّهَادَة فَهُوَ كعقد البيع
قَالَ القَاضِي فِي بحث الْمَسْأَلَة وَلَا يلْزم الْقَضَاء لِأَنَّهُ قد يجوز أَن يثبت بِشَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَهُوَ إِذا كَانَت ولَايَته خَاصَّة فِي المَال فَادّعى أَنه قَاض فَأنكرهُ أهل ذَلِك الْبَلَد وَأقَام شَاهدا وَامْرَأَتَيْنِ قبل ذَلِك وَالْخلاف فِيمَا إِذا كَانَت الْوكَالَة بعوض وَبِغير عوض سَوَاء ونسلم أَن الْأَجَل وَخيَار الشَّرْط يثبت بِشَاهِد وَامْرَأَتَيْنِ جعله مَحل وفَاق وَلِأَنَّهُ يُوكل فِي اسْتِيفَاء حق فَتثبت الْوكَالَة لَهُ بِمَا يثبت بِهِ ذَلِك الْحق كَالْوكَالَةِ بِعقد النِّكَاح وَالْحَد وَالْقصاص وَاحْتج بِهِ القَاضِي وَسلم لَهُم أَن الْوكَالَة بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاق وَالْقصاص وَالْحُدُود لَا تثبت إِلَّا بذكرين قَالَه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين
قَالَ القَاضِي وَاحْتج بَعضهم بِأَنَّهَا ولَايَة فَلم تثبت إِلَّا بِشَاهِدين كولاية الْقَضَاء قَالَ الفاضي الْوكَالَة لَيست ولَايَة بل استنابة وَأما الْقَضَاء فَهُوَ يتَضَمَّن مَا يثبت بِشَاهِد وَامْرَأَتَيْنِ وَهُوَ المَال وَمَا يثبت بِشَاهِدين وَهُوَ الْحُقُوق وَعقد النِّكَاح وَالْوكَالَة الْمُخْتَلف فِيهَا هِيَ المتضمنة لِلْمَالِ حسب
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقَضَاء وَإِن كَانَ فِي المَال فَقَط فَهُوَ مُتَضَمّن الْإِلْزَام والعقوبة بِالْحَبْسِ وَنَحْوه وَالْوكَالَة لَا تَتَضَمَّن إِلَّا مُجَرّد الْقَبْض وَمَعْلُوم أَن الْمُدعى لَو ادعِي الْملك ليثبت هُوَ ولوازمه فوكالة الْمَالِك أخف من دَعْوَى الْملك لِأَن أَحَق الْوَكِيل دون حق الْمَالِك فَإِذا ثَبت الْكل فجزؤه أولى بِخِلَاف القَاضِي فَإِنَّهُ يثبت لَهُ مَالا يثبت للْمَالِك
قَوْله وَدَعوى قتل الْكَافِر لاسْتِحْقَاق سلبه
ذكر القَاضِي فِي هَذِه الرِّوَايَتَيْنِ نقل حَنْبَل عَن أَحْمد فِيمَن قتل قَتِيلا فَأَقَامَ شَاهدا ويمينا لم يجز
وَقَالَ القَاضِي ظَاهر كَلَامه فِيمَا روينَا عَنهُ قبُول ذَلِك فِي السَّلب لِأَنَّهُ يتَضَمَّن إِثْبَات مَال فَهُوَ كَمَا لَو شهد رجل وَامْرَأَتَانِ بِسَرِقَة ثَبت الْغرم دون الْقطع
وَقد ذكر هَذِه الْمَسْأَلَة الشَّيْخ موفق الدّين فِي الْجِهَاد فَقَالَ قَالَ أَحْمد لَا يقبل إِلَّا شَاهِدَانِ وَقَالَت طَائِفَة من أهل الحَدِيث يقبل شَاهد وَيَمِين لِأَنَّهَا دَعْوَى فِي المَال وَيحْتَمل أَن يقبل شَاهد بِغَيْر يَمِين لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبل قَول الَّذِي شهد لأبي قَتَادَة من غير يَمِين
وَوجه الأول أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اعْتبر الْبَيِّنَة وإطلاقها ينْصَرف إِلَى شَاهِدين وَلِأَنَّهَا دَعْوَى للْقَتْل فَاعْتبر شَاهِدَانِ لدعوى قتل الْعمد انْتهى كَلَامه
قَوْله وَدَعوى الْأَسير إسلاما سَابِقًا لمنع رقّه
قَالَ القَاضِي إِذا ثَبت أَن إِسْلَام الْأَسير لَا يمْنَع الرّقّ فَادّعى إسلاما سَابِقًا وأظهره لم تقبل دَعْوَاهُ إِلَّا بِبَيِّنَة لِأَنَّهُ يَدعِي إِسْقَاط الرّقّ وَالْأَصْل بَقَاؤُهُ وَإِن أَقَامَ شَاهدا وَاحِدًا وَخلف مَعَه فالمنصوص عَنهُ أَنه يقبل ذَلِك وَلَا يسترق فَقَالَ فِي رِوَايَة أبي الْحَارِث فِيمَن أَخذ علجا فَقَالَ كنت أسلمت قبل أَن تأخذوني أَسِيرًا لم يقبل مِنْهُ وَإِن شهد لَهُ من أسره من الْمُسلمين أَنه قد كَانَ أسلم قبل أَن يُؤْخَذ قبلت شَهَادَته مَعَ يَمِين الْمُدعى فَلَا تقبل وَكَذَلِكَ إِن شهد عبد وَحلف مَعَه أَو شهِدت امْرَأَة وَحلف مَعهَا نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة أبي طَالب إِذا قَالَ إِنَّمَا كنت مُسلما لم يصدق فَإِن شهد لَهُ رجل قبل مَعَ يَمِينه وَإِن شهِدت
امْرَأَة أَيْضا قبلت شهادتها وَإِن شهد صبي لم تقبل شَهَادَته وَكَذَلِكَ نقل يَعْقُوب بن بختان
وَإِذا قَالَ قد أسلمت وَشهد رجل من الأسرى جَازَت شَهَادَته مَعَ يَمِين الْمُدعى وَكَذَلِكَ إِن شهِدت لَهُ امْرَأَة وَعبد مُسلم
وَاسْتدلَّ القَاضِي بِحَدِيث عبد الله بن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْم بدر
لَا يبْقى مِنْهُم أحد إِلَّا أَن يفدى أَو تضرب عُنُقه فَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود إِلَّا سُهَيْل بن بَيْضَاء فَإِنِّي سمعته يذكر الْإِسْلَام فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا سُهَيْل رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه
وَقَالَ القَاضِي يجوز أَن يكون النَّبِي صلى الله عليه وسلم استحلفه وَلم يَنْقُلهُ الرَّاوِي وَكَذَلِكَ ذكر أَن عمر دَرأ الْقَتْل عَن الهرمزان بِشَهَادَة رجل لَهُ بِالصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ استحلاف وَعلله القَاضِي بِأَنَّهُ قد يتَعَذَّر إِقَامَة الْبَيِّنَة الْكَامِلَة فِي دَار الْحَرْب على إِسْلَامه فَجَاز أَن يقبل فِيهِ شَهَادَة رجل وَشَهَادَة امْرَأَة كَمَا أجَاز الإِمَام أَحْمد شَهَادَة أهل الذِّمَّة على وَصِيَّة الْمُسلمين فِي السّفر إِذا لم يُوجد مُسلم وَكَذَلِكَ قَالَ فِي السَّبي إِذا ادعوا نسبا وَأَقَامُوا الْبَيِّنَة من الْكفَّار قبلت فِي رِوَايَة حَنْبَل وَصَالح وَإِبْرَاهِيم وَلم تقبل فِي رِوَايَة عبد الله وَأبي طَالب
وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْأَسير إِذا ادّعى إسلاما سَابِقًا يرجع إِلَى شَاهد الْحَال فَإِنَّهُ لم يكن مَعَه سلَاح قبل مِنْهُ وَلم يقتل وَإِن كَانَ مَعَه سلَاح قتل نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم لِأَن الدَّعْوَى قد ترجح بِالظَّاهِرِ وكما قُلْنَا فِي تداعي الزَّوْجَيْنِ قَالَ وَبنى الْمُخَالف هَذَا على أَن الْحُرِّيَّة لَا تثبت بِشَاهِد وَيَمِين لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال وَلَا الْمَقْصُود مِنْهُ المَال وَهَذِه الدَّعْوَى تَتَضَمَّن الْحُرِّيَّة قَالَ وَنحن نبنيها على ذَلِك الأَصْل وَأَن الْحُرِّيَّة تثبت بِشَاهِد وَيَمِين على الصَّحِيح من الرِّوَايَتَيْنِ وَهِي اخْتِيَار الْخرقِيّ وَفِيه رِوَايَة أُخْرَى لَا تثبت إِلَّا بِشَاهِدين فعلى هَذَا وبيض فِي التَّعْلِيق
الْجَدِيد وَكَانَ قبل هَذَا قد قَالَ وَإِن قُلْنَا لَا تثبت الْحُرِّيَّة إِلَّا بِشَاهِدين فَإِنَّهَا هُنَا تثبت من طَرِيق الحكم كَمَا تثبت الْولادَة بِشَهَادَة النِّسَاء وتتضمن ثُبُوت النّسَب وَإِن لم يثبت النّسَب بِشَهَادَة النِّسَاء ثمَّ قَالَ وَإِذا قُلْنَا لَا تثبت إِلَّا بِشَاهِدين لم يثبت الْإِسْلَام هُنَا إِلَّا بِشَاهِدين انْتهى كَلَامه
وَرِوَايَة الشَّاهِدين فِي الْمَسْأَلَة قَول الشَّافِعِيَّة
وَقطع الشَّيْخ موفق الدّين فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَجَمَاعَة فِي رُءُوس الْمسَائِل بِشَاهِد وَيَمِين مِنْهُم الشريف وَأَبُو الْخطاب وَقَالَ هَذِه الْمَسْأَلَة مَبْنِيَّة على أَن الْحُرِّيَّة تثبت بِشَاهِد وَيَمِين قَالَ غير وَاحِد عقب الْمَرْأَة وَحدهَا فنص على قبُول شَهَادَة الْمَرْأَة الْوَاحِدَة فِي الْإِسْلَام وَقَالَ ابْن عقيل فَهَذِهِ الرِّوَايَة إِن لم يَقع لنا فِيهَا حَدِيث يكون الإِمَام أَحْمد ذهب إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَجه لَهَا
قَوْله وَجِنَايَة الْعمد وَالْخَطَأ الَّتِي لَا قَود فِيهَا بِحَال أم لَا على رِوَايَتَيْنِ إِحْدَاهمَا تقبل ذكر فِي الْكَافِي أَنه ظَاهر الْمَذْهَب وَقَول الْخرقِيّ وَقطع بِهِ القَاضِي فِي غير مَوضِع وَقدمه غير وَاحِد لِأَنَّهَا لَا توجب إِلَّا المَال أشبهت البيع
وَالثَّانيَِة لَا يقبل إِلَّا رجلَانِ وَهُوَ قَول أبي بكر وَابْن أبي مُوسَى لِأَنَّهَا جِنَايَة فَأَشْبَهت مَا يُوجب الْقصاص وَالْفرق ظَاهر وَكَلَام بَعضهم يَقْتَضِي الْفرق بَين جِنَايَة الْخَطَأ وَجِنَايَة الْعمد وَإِن كَانَ مُوجبهَا المَال
قَوْله فَإِن قُلْنَا بِالْقبُولِ فِي الْجِنَايَة الْمَذْكُورَة فَفِيمَا إِذا كَانَ الْقود فِي بَعْضهَا كالمأمومة والهاشمة رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا يقبل وَيثبت المَال قطع بِهِ غير وَاحِد لِأَن هَذِه الشَّهَادَة وَالْجِنَايَة توجب المَال والقود فَإِذا قصرت عَن أَحدهمَا ثَبت الآخر
وَالثَّانيَِة لَا تقبل وَلَا يثبت المَال لِأَنَّهَا لما بطلت فِي الْبَعْض بطلت فِي الْجَمِيع وَهَذِه الْمَسْأَلَة تشبه مَسْأَلَة من أَقَامَ بَيِّنَة بِسَرِقَة لَا تثبت بهَا هَل يثبت المَال وفيهَا قَولَانِ كهذه الْمَسْأَلَة وَسوى أَبُو الْخطاب بَينهمَا قَاطعا بِثُبُوت المَال وَكَذَا غَيره
وَقد فرق المُصَنّف بَينهمَا فَأطلق فِي هَذِه الْخلاف وَقطع بِثُبُوت المَال هُنَاكَ وَقَالَ ابْن عبد الْقوي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَا يجْتَمع فِيهِ قصاص ودية كشجة مَا فَوق الْمُوَضّحَة كالهاشمة لَا تقبل فِي الأولى كمردودة فِي جَمِيع مَا شهد بِهِ فِي بعضه وَقَالَ فِي مَسْأَلَة إِذا شهد بقتل الْعمد رجل وَامْرَأَتَانِ لقَائِل أَن يَقُول لم لَا يجب الْقصاص أَولا يجب المَال وَلَا يجب الْقصاص كالوجهين فِيمَا إِذا شهد اثْنَان أَو رجل وَامْرَأَتَانِ بالهاشمة أَو المأمومة وَنَحْوه فِيمَا فِيهِ مَال بقود وموضحة كَذَا قَالَ
قَوْله وَمَا عدا ذَلِك إِلَى قَوْله خَاصَّة
تَوْجِيه ذَلِك يعرف مِمَّا تقدم وَتقدم الْكَلَام فِي الْإِيصَاء وَالتَّوْكِيل فِي غير مَال
وَقد قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قَالَ القَاضِي فِي تَعْلِيقه فِي ضمن مَسْأَلَة تَعْدِيل الْمَرْأَة هَذَا مَبْنِيّ على أَن شَهَادَة النِّسَاء هَل تقبل فِيمَا لَا يقْصد بِهِ المَال ويطلع
عَلَيْهِ الرِّجَال كَالنِّكَاحِ وَفِيه رِوَايَتَانِ فَجعل الرِّوَايَتَيْنِ عامتين فِي هَذَا الصِّنْف حَتَّى أدرج فِيهِ التَّزْكِيَة إِذا قُلْنَا هِيَ شَهَادَة انْتهى كَلَامه
وَقَالَ القَاضِي فِي الْمُجَرّد عَن نَص الإِمَام أَحْمد على قبُول شَهَادَة الْمَرْأَة الْوَاحِدَة فِي الْإِسْلَام يخرج من هَذَا أَن كل تعقد لَيْسَ من شَرط صِحَّته الشَّهَادَة كَالْوَصِيَّةِ سَوَاء كَانَت فِي المَال أَو بِالنّظرِ وَالْوكَالَة وَالْكِتَابَة فَإِنَّهُ يثبت بِشَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ وبشاهد وَيَمِين لِأَنَّهُ لَا يفْتَقر إِلَى الشَّهَادَة فَجَاز أَن يثبت بذلك كَالْبيع
وَذكر أَبُو الْخطاب فِي الْمَسْأَلَة شَهَادَة الْقَابِلَة أَنه إِذا شهد أَرْبَعَة على رجل بِالزِّنَا فَادّعى أَنه غير مُحصن فَشهد رجل وَامْرَأَتَانِ بإحصانه فانه يرْجم وَإِن لم يكن للنِّسَاء مدْخل فِي الشَّهَادَة بِالْحَدِّ
قَوْله وَقبل فِي معرفَة الْمُوَضّحَة وداء الدَّابَّة وَغَيرهمَا طَبِيب وبيطار وَاحِد إِذا لم يُوجد غَيره نَص عَلَيْهِ
كَذَا قطع بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة جمَاعَة من الْأَصْحَاب مِنْهُم صَاحب الْمُسْتَوْعب وَالْكَافِي لِأَنَّهُ مِمَّا يعسر عَلَيْهِ إِشْهَاد اثْنَيْنِ فَقبل فِيهِ قَول الْوَاحِد كالرضاع وَنَحْوه وَلِأَنَّهُ إِذا أمكن إِشْهَاد اثْنَيْنِ اعْتبر لِأَنَّهُ الأَصْل
قَالَ الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة أَحْمد بن مَنْصُور كل مَوضِع يضْطَر النَّاس إِلَيْهِ مثل الْقَابِلَة تجوز فِيهِ شَهَادَة الطَّبِيب وَحده وَقَالَ أَيْضا إِذا كَانَ فِي مَوضِع يضْطَر إِلَيْهِ إِذا لم يكن إِلَّا طَبِيب وَاحِد وبيطار جَازَ إِذا كَانَ ثِقَة وَقَالَ أَيْضا يجوز
قَول بيطار وَاحِد وَلم يُقَيِّدهُ بضرورة وَلَا حَاجَة
قَوْله وَمن أَتَى بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ أَو شَاهد وَيَمِين فِيمَا يُوجب الْقود لم يثبت بِهِ قَود وَلَا مَال
قطع بِهِ القَاضِي فِي التَّعْلِيق وَجَمَاعَة من الْأَصْحَاب وعللوا ذَلِك بِأَن الْقَتْل يُوجب الْقصاص وَالْمَال بدل مِنْهُ فَإِذا لم يثبت الأَصْل لم يجب بدله وَإِن قُلْنَا مُوجبَة أحد شَيْئَيْنِ لم يتَعَيَّن أَحدهمَا إِلَّا بِالِاخْتِيَارِ فَلَو أَوجَبْنَا الدِّيَة وَحدهَا أَوجَبْنَا معينا وَقد تقدم كَلَام ابْن عبد الْقوي فِي قَوْله فَإِن قُلْنَا بِالْقبُولِ فِي الْجِنَايَة الْمَذْكُورَة
وَقد علل الشَّيْخ تَقِيّ الدّين هَذِه الْمَسْأَلَة بِأَن الْمَشْهُود عَلَيْهِ غير معِين قَالَ وَهَذَا التَّعْلِيل أَنما يجِئ فِي بعض الصُّور إِذا كَانَ على الْعَاقِلَة
قَوْله وَعنهُ يثبت المَال إِن كَانَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ عبدا نقلهَا ابْن مَنْصُور
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين لاخْتِلَاف الْمُسْتَحق فِي العَبْد كَمَا فِي الْحُدُود والحقوق لَكِن فِي الْوَاجِب أَحدهمَا وَهُنَاكَ جميعهما كَمَا أَن فِي الْقود شَيْئَيْنِ لَو أَخذ فَهِيَ أَرْبَعَة أَقسَام لِأَنَّهُ إِمَّا الِاثْنَان أَو أَحدهمَا على الْبَدَل لوَاحِد أَو لاثْنَيْنِ لَكِن إِن كَانَ الحقان لاثْنَيْنِ متلازمين كالخلع لم يقبل وَإِن كَانَا غير متلازمين كالقطع والتعزيز قبلت فَصَارَت خَمْسَة انْتهى كَلَامه
وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا الْمَوْجُودين فِي هَذَا الزَّمَان إِن تَعْلِيل الرِّوَايَة بإختلاف الْمُسْتَحق فِيهِ نظر قَالَ وَإِنَّمَا وَجههَا أَن العبيد أَمْوَال هَذَا هُوَ الأَصْل وَالْمَقْصُود بهم وَإِن قُلْنَا بالقود بِخِلَاف الْأَحْرَار انْتهى كَلَامه وَفِيه نظر أَيْضا
وَذكر ابْن عبد الْقوي هَذِه الرِّوَايَة فَقَالَ وَعنهُ يثبت المَال إِن كَانَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ رَقِيقا للْمُدَّعِي لأوليائه نقلهَا ابْن مَنْصُور وَلم يعللها وَقَالَ فِي الرِّعَايَة الْكُبْرَى
وَعنهُ إِن كَانَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ عبدا أَو حرا أَولا قَود فِيهِ ثَبت المَال
قَوْله وَمن أَتَى بذلك فِي سَرقَة ثَبت لَهُ المَال دون الْقطع
تقدّمت فِي قَوْله فَإِن قُلْنَا بالقود فِي الْجِنَايَة الْمَذْكُورَة
وَقَالَ ابْن عبد الْقوي وَلقَائِل أَن يَقُول وَلم لَا يثبت الْقطع تبعا لثُبُوت السّرقَة كمايثبت رجم الْمُحصن تبعا لثُبُوت الاحصان بِاثْنَيْنِ انْتهى كَلَامه
وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لَا يلْزم من ثُبُوت الْأَدْنَى وَهُوَ المَال بشاهده ثُبُوت الْحَد وَهُوَ الْأَعْلَى مَعَ عدم شَاهده وَهُوَ انتفاؤه بِالشُّبْهَةِ وَالرَّجم لم يثبت تبعا وَإِنَّمَا ثَبت بِشُهُود الزِّنَا وشاهدى الْإِحْصَان وَالسَّرِقَة لم تثبت وَلِهَذَا قَالَ أَبُو الْخطاب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة تثبت شَهَادَتهنَّ فِي أَخذ مَال مُطلق لَا أَخذ يُوجب الْحَد
قَوْله وَإِن أَتَى بذلك رجل فِي خلع ثَبت لَهُ الْعِوَض
لِأَنَّهُ يَدعِي مَالا كَمَا يثبت مِقْدَار عوضه وَالْمهْر بهَا إِذا اخْتلفَا فِيهَا
قَوْله فَأَما الْبَيْنُونَة فَتثبت بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ لإِقْرَاره بهَا
قَالَ فِي الرِّعَايَة الْكُبْرَى وَقيل بل بذلك
قَوْله وَإِن أَتَت بذلك امْرَأَة ادَّعَت الْخلْع لم يثبت بِهِ
لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال وَلَا يقْصد مِنْهُ بِخِلَاف دَعْوَى الزَّوْج فَإِن قَصده عوضه لقدرته على مفارقتها بِالطَّلَاق
قَوْله وَإِن أَتَى بذلك رجل ادّعى على آخر بِيَدِهِ أمة لَهَا ولد أَنَّهَا أم وَلَده وَأَن وَلَدهَا وَلَده حكم لَهُ بالأمة
لِأَنَّهُ يَدعِي ملكهَا لِأَن أم الْوَلَد مَمْلُوكَة لَهُ وَقد أَقَامَ بَيِّنَة كَافِيَة فِي الْملك
قَوْله وَأَنَّهَا أم وَلَده
أما حكم ثُبُوت الِاسْتِدْلَال فواضع لَكِن هَل حصل بقول الْبَيِّنَة أَو بِإِقْرَارِهِ ظَاهر كَلَام غير وَاحِد أَنه حصل بقول الْبَيِّنَة وَصرح بَعضهم بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَاد وَأَنه إِنَّمَا حصل بِإِقْرَارِهِ وَقطع بِهِ فِي الْمُغنِي لِأَن الْمُدَّعِي مقرّ بِأَن وَطأهَا كَانَ فِي ملكه وَإِقْرَاره يثبت فِي ملكه
قَوْله وَفِي ثُبُوت حريَّة الْوَلَد وَنسبه مِنْهُ رِوَايَتَانِ
أَي من مدعيه وَللشَّافِعِيّ أَيْضا قَولَانِ أَحدهمَا يثبت لِأَن الْوَلَد نَمَاء الْجَارِيَة وَقد ثبتَتْ لَهُ وَمن ثَبت لَهُ الْعين لَهُ نماؤها زَاد بَعضهم فِي تعليلها ثمَّ يثبت نِسْبَة وحريته بِإِقْرَارِهِ وَالثَّانيَِة لَا يثبت نَصره فِي الْمُغنِي بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَدعِي حُرِّيَّته وَنسبه وَهَذِه الْبَيِّنَة لَا تصلح لإِثْبَات ذَلِك فعلى هَذَا يبْقى الْوَلَد فِي يَد الْمُدَّعِي عَلَيْهِ مَمْلُوكا لَهُ
قَوْله وَقيل يثبت نسبه بِدَعْوَاهُ وَإِن بقيناه للْمُدَّعى عَلَيْهِ
احْتِيَاطًا للنسب مَعَ أَنه لَا ضَرَر على أحد فِيهِ وَهُوَ مَنْفَعَة للْوَلَد
قَوْله ومالا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال كعيوب النِّسَاء تَحت الثِّيَاب والبكارة والثيوبة والولادة وَالْحيض وَالرّضَاع وَنَحْوه تقبل فِيهِ امْرَأَة
لَا بُد من عَادَة أَو غَالِبا قَالَه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَغَيره وَهُوَ صَحِيح وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوص فِي الْمَذْهَب وَذكر القَاضِي أَنه أصح الرِّوَايَتَيْنِ وَأَن الإِمَام أَحْمد نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة الْجَمَاعَة
قَالَ فِي رِوَايَة ابْن مَنْصُور تجوز شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة فِي الاستهلال وَالْحيض وَالْعدة وَفِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء وَكَذَلِكَ نقل أَبُو طَالب عَنهُ تقبل شَهَادَة الْقَابِلَة بالاستهلال هَذَا ضَرُورَة وَيقبل فِي الرَّضَاع امْرَأَة وَاحِدَة
وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمَيْمُونِيّ هُوَ مَوضِع ضَرُورَة لَا يحضرهُ الرِّجَال وَنَصّ فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن سعيد على قبُول شَهَادَة امْرَأَة فِي الاستهلال وَقَالَ فِي رِوَايَة أَحْمد بن سعيد وَغَيره الشَّهَادَة شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة فِي الرَّضَاع
قَوْله وَعنهُ يفْتَقر إِلَى امْرَأتَيْنِ
قَالَ حَنْبَل قَالَ عمي يجوز فِي الاستهلال شَهَادَة امْرَأتَيْنِ صالحتين وَقَالَ الْفضل بن عبد الصَّمد سَمِعت أَبَا عبد الله وَسُئِلَ عَن شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة فِي الرَّضَاع وَهل تُرِيدُ الْإِضْرَار قَالَ لَا تقبل شهادتها وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي شَهَادَة السَّوْدَاء كَيفَ وَقد قيل
وَقَالَ مهنا سَأَلت الإِمَام أَحْمد عَن شَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا فِي استهلال الصَّبِي فَقَالَ لَا تجوز شهادتها وَحدهَا وَقَالَ لي أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ أَبُو حنيفَة تجوز شَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا وَإِن كَانَت يَهُودِيَّة أَو نَصْرَانِيَّة
وَسَأَلت أَحْمد هُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة فَقَالَ أَنا لَا أَقُول لَا تجوز شَهَادَة وَاحِدَة عَلَيْهِ فَكيف أَقُول بيهودية وَهَذِه الرِّوَايَة قَول مَالك لِأَن كل جنس يثبت بِهِ الْحق يَكْفِي فِيهِ اثْنَان كالرجال
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَعَن أَحْمد مَا يَقْتَضِي أَن قبُول الْوَاحِدَة إِنَّمَا هُوَ إِذا
لم يكن غَيرهَا وَقَوله فِي رِوَايَة أبي طَالب تقبل شَهَادَة الْقَابِلَة بالإستهلال هَذِه ضَرُورَة يدل عَلَيْهِ وَذكر القَاضِي عِنْد مَسْأَلَة تَعْدِيل الْوَاحِد أَنه تجوز شَهَادَة الطَّبِيب فِي الْجراحَة وكل مَوضِع يضْطَر إِلَيْهِ فِيهِ مثل الْقَابِلَة إِذا لم يكن إِلَّا طَبِيب وَاحِد أَو بيطار وَاحِد وَمُقْتَضى هَذَا أَنه فِي الْعُيُوب الَّتِي تَحت الثِّيَاب إِن وجد امْرَأَتَانِ وَإِلَّا اكْتفى بِوَاحِدَة كَمَا فِي البيطار انْتهى كَلَامه
وَذكر أَيْضا أَن القَاضِي جعل الشَّرْط فِي ذَلِك دون الْقَابِلَة وَقد تقدم وَجه هَذَا
وَقَالَ ابْن عقيل فِي الْفُنُون وَهُوَ قَول فِي الرِّعَايَة لَا تقبل فِي الْولادَة شَهَادَة امْرَأَة حَاضِرَة بَدَلا من الْقَابِلَة بل يخْتَص ذَلِك بالقابلة لِأَنَّهَا تتولى ذَلِك بِنَفسِهَا وتعمله بِيَدِهَا وَأَن الطِّفْل خرج من هَذِه الْمَرْأَة وَعَن الإِمَام أَحْمد رحمه الله التَّوَقُّف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة قَالَ صَالح قلت لأبي تجوز شَهَادَة النِّسَاء فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال قَالَ فِيهَا اخْتِلَاف كثير قلت إِلَى أَي شئ تذْهب قَالَ دعها وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يقبل فِي ذَلِك إِلَّا رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَوَافَقَ على الْولادَة وروى ذَلِك عَن عمر رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور بِإِسْنَاد فِيهِ ضعف وَانْقِطَاع وَقَالَ تَعَالَى 2 282 {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} الْآيَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يقبل من النِّسَاء أقل من أَربع لِأَن كل امْرَأتَيْنِ كَرجل
وَلنَا مَا تقدم من قبُول النَّبِي صلى الله عليه وسلم شَهَادَة أمة فِي الرَّضَاع
وَعَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي عَن أَبِيه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ مَا يجوز من الشُّهُود فِي الرَّضَاع قَالَ رجل أَو امْرَأَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ إِسْنَاد ضَعِيف وَقد اخْتلف فِي مَتنه وروى المدايني عَن الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أجَاز شَهَادَة الْقَابِلَة وَعَن على أَنه أجَاز شَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا فِي الاستهلال رَوَاهُ أَحْمد وَسَعِيد
من رِوَايَة جَابر الْجعْفِيّ وَلِأَن هَذِه شَهَادَة على عَورَة فَقبل فِيهَا شَهَادَة النِّسَاء منفردات فَقبل فِيهِ شَهَادَة امْرَأَة كالخبر
قَالَ أَبُو الْخطاب وَاحْتج يَعْنِي الْخصم بِأَنَّهَا شَهَادَة على الْولادَة فَلم يقبل فِيهَا امْرَأَة كَمَا لَو ادَّعَت الْمُطلقَة الْبَائِن أَنَّهَا ولدت وَجحد الْمُطلق فَشَهِدت امْرَأَة بولادتها فَإِنَّهُ لَا يقبل ذَلِك وَلَا يلْحق النّسَب بالمطلق كَذَلِك هُنَا فِي مَسْأَلَتنَا قَالُوا وَكَذَلِكَ لَو علق طَلاقهَا بِالْولادَةِ فَشَهِدت امْرَأَة بِالْولادَةِ وَكَذَلِكَ إِذا شهِدت باستهلال الْوَلَد لَا يقبل مِنْهَا فِي الْإِرْث
قُلْنَا لَا نسلم جَمِيع ذَلِك ونقول يثبت النّسَب وَيَقَع الطَّلَاق وَيسْتَحق الْمِيرَاث ذكره شَيخنَا وَقَالَ هُوَ ظَاهر كَلَام الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة ابْن مَنْصُور وَأبي طَالب وَهُوَ مَذْهَب أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِنَّمَا سلمه أَبُو حنيفَة وَقَالَ إِنَّمَا يثبت قَول الْقَابِلَة فِي الْولادَة وَيثبت الْوَلَد بالفراش فَإِذا زَالَ الْفراش بالبينونة لم يثبت النّسَب وَفِي الطَّلَاق وَالْمِيرَاث لَا يثبت إِلَّا بِشَاهِدين أَو شَاهد وَامْرَأَتَيْنِ يَشْهَدَانِ بِالْولادَةِ ثمَّ أفرد أَبُو الْخطاب مَسْأَلَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يثبت النّسَب إِلَّا أَن يكون النِّكَاح قَائِما أَو يكون الْحمل ظَاهرا ويقر بالحبل وَلَا يقبل فِي الاستهلال وَالطَّلَاق إِلَّا شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ
وَكَذَا ذكر القَاضِي الْمَسْأَلَة وَالْخلاف مَعَ أبي حنيفَة وَقَالَ فَلَا يجوز أَن يُقَال ثَبت هُنَاكَ بِإِقْرَارِهِ وبظهور الْحمل لِأَن هَذَا الْإِقْرَار والظهور لَا عِبْرَة بِهِ بِدَلِيل أَنه لَا يَصح اللّعان عَلَيْهِ وَلَا الْإِقْرَار بِهِ لِأَنَّهُ يصير تعلقا بِشَرْط
وَمن الْحجَّة قَول عَليّ السَّابِق لِأَن هَذِه حجَّة تَامَّة فِي ثُبُوت الْولادَة فَيثبت بهَا ذَلِك كَرجل وَامْرَأَتَيْنِ وَهَذَا لِأَن ثُبُوت النّسَب يَتَرَتَّب على ثُبُوت الْولادَة فِي حَال قيام النِّكَاح بِلَا خلاف فرتب على ثُبُوتهَا مَعَ بَقَاء حكم النِّكَاح وَهُوَ الْعدة كَمَا لَو كَانَ ثُبُوت الْولادَة برجلَيْن