المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثامن: شفاعته في أهل الكبائر من أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها - النهاية في الفتن والملاحم - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كَلَامِ الرَّبِّ سبحانه وتعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأنبياء

- ‌مقدمة

- ‌شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم يوم القيامة

- ‌كلامه سبحانه وتعالى مع آدم عليه الصلاة والسلام يوم القيامة

- ‌امة محمد علية الصلاة والسلام في الامم كالشفرة البيضاء في الثور الاسود

- ‌أول من يدعى يوم القيامة آدم عليه الصلاة والسلام

- ‌رجاء الرسول صلى الله علية وسلم ان يمون اتباعة نصف اهل الجنة

- ‌كلام الرب سبحانة وتعالى مع نوح علية الصلاة والسلام

- ‌مقدمة

- ‌شهادة أمة محمد عليه الصلاة والسلام على جميع الأمم يوم القيامة دليل عدالة هذه الأمة وشرفها

- ‌تشريف إِبْرَاهيم عليه الصلاة والسلام يَوْم الْقِيَامة عَلَى رؤوس الأَشْهَاد

- ‌ذِكْرُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام وَكَلَامِ الرَّبِّ عز وجل معه يوم القيامة

- ‌مدخل

- ‌مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الله يوم القيامة لا يدانيه مقام

- ‌ذكر في كلام الرب تَعالى مَعَ العُلماء في فصْل القضَاءِ

- ‌إكرام الله عز وجل للعلماء يوم القيامة الْقَضَاءِ

- ‌أَوّلْ كَلامه عز وجل لِلْمُؤْمِنِينَ

- ‌فصل: لا خلاق في الآخرة لمن يخون أَمانة الله وعهده

- ‌فصل: إِبراز النِّيرَانِ وَالْجِنَانِ وَنَصْبِ الْمِيزَانِ وَمُحَاسَبَةِ الدَّيَّانِ

- ‌ذكر إِبداء عين من النار على المحشر فتطلع على الناس

- ‌مدخل

- ‌يخرج عنق من النار يتكلم، يقذف في جهنم الجبارين والمشركين والقائلين بغير حق

- ‌ذكر الميزان

- ‌مدخل

- ‌وزن الأعمال بعد القضاء والحساب

- ‌بَيَان كَون الميزان له كًفّتان حسيتان

- ‌شهادة ألا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ترجح بالذنوب في الميزان يَوْمِ الْقِيَامَةِ

- ‌الخلق الحسن أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة

- ‌ أقوال العلماء في تفسير الميزان الذي يكون يوم القيامة

- ‌ليس الميزان لكل فرد من أفراد الناس يوم القيامة

- ‌ذكر العرض على الله عز وجل وتطاير الصحف ومحاسبة الرب تعالى عباده

- ‌مدخل

- ‌من نوقش الحساب هلك

- ‌ أول ما يقضي فيه يوم القيامة الدِّمَاءُ

- ‌أمة محمد صلى الله عليه وسلم أول الأمم حساباً يوم القيامة

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ يوم القيامة، ومن يناقش الْحِسَابِ، وَمَنْ يُسَامَحُ فِيهِ

- ‌من ظلم قطعة أرض طوق بها مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌عذاب المصورين المجسمين يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌خمس لا تزول قدما العبد عن أرض المحشر يوم القيامة حتى يسأل عنها

- ‌الصلاة أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فإِن صلحت صلح عمله كله وإن فسدت فسد سائر عمله

- ‌الاقتصاص من الظالمين يوم القيامة

- ‌الشرك بالله لا يغفر ومظالم العباد يقتص بها حتماً يوم القيامة

- ‌الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إلا الأمانة

- ‌يسأل العبد عن النعيم يوم القيامة

- ‌حَدِيثٌ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصَالِحُ عَنْ عبده الذي له عناية ممن ظَلَمَهُ، بِمَا يُرِيهِ مِنْ قُصُورِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا

- ‌الله عز وجل أرحم بعباده من المرضعة بوليدها

- ‌ذِكْرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّة مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بغَير حِسَاب

- ‌ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ تَفَرُّقِ الْعِبَادِ عَنْ موِقف الْحِسَابِ وما إليه أمرهم ففريق من الجنة وفريق من السعير

- ‌مدخل

- ‌إيراد الأحاديث في ذلك آخر أهل الجنة دخولاً اليها

- ‌ ذِكْرِ الصِّرَاط غَيْر مَا ذُكِرَ آنِفًا مِنَ الأَحَاديث الشَّريفة

- ‌ذكر بعض صفات أهل الجنة وبعض ما أعد من نعيم لهم

- ‌مدخل

- ‌ذكر بعض ما ورد في سن أهل الجنة

- ‌كِتَابُ صِفَةِ النَّارِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ الأليم

- ‌مدخل

- ‌فتى من الأنصار يميته خوف النار

- ‌سلمان الفارسي وخشيته من عذاب النار

- ‌ذكر جهنم وشدة سوادها

- ‌مدخل

- ‌جهنم- والعياذ بالله تعالى- أشد سبعين مرة من نار الدنيا

- ‌أوقد على نار جهنم ثلاثة آلاف عام حتى أصبحت سوداء مظلمة

- ‌نار جهنم لا ينطفىء حرها ولا يصطلى بلهيبها

- ‌أبو طالب أدنى أهل النار عذاباً يوم القيامة

- ‌شكوى النار إلى ربها من كل بعضها بعضا

- ‌أشد ما يكون الحر من قيح جهنم

- ‌أنعم أهل الدنيا من أهل النار إذا غمس فيها نسي ما ذاق من نعيم وأشد أهل الدنيا بؤساً من أهل الجنة إذا دخلها نسي ما ذاق من بؤس

- ‌لو أن للكافر ملء الأرض ذهباً وافتدى به نفسه من العذاب يوم القيامة ما تقبل منه

- ‌تمنى المؤمن يوم القيامة أن يرد إلى الدنيا، ليقاتل في سبيل الله، فيقتل، لما يرى من فضل الشهادة والشهداء

- ‌ذكر وصف جهنم واستاعها وضخامة أَهلها أَجارنا الله تعالى منها

- ‌مدخل

- ‌كلمة السوء تقال بغير رؤية تهوي بصاحبها في نار جهنم أبعد مما بين المشرق والمغرب

- ‌عمق جهنم مسافة هوى حجر مقذوف سبعين سنة

- ‌بشاعة الكافر وضخامة جسمه في نار جهنم يوم القيامة

- ‌ذكر أن البَحر يُسَعر في جَهنم وَيَكُون مِن جمْلة جَهَنم

- ‌ذكر أبواب جهنم وصفة خزنتها وزبانيتها

- ‌مدخل

- ‌ألوان من عذاب أهل النار

- ‌طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ وَشَرَابِهِمْ

- ‌ذكر أحاديت وَرَدَتْ بَأسْمائِهَا وبَيَان صحيح ذلِك مِنْ سَقيمه

- ‌الهاوية:

- ‌سجْن في جهنم له بُولس أعاذنا الله عز وجل منه

- ‌جُبُّ الْحَزَنِ

- ‌ذكر نفر فيها هو مِنْهَا بمنزلة الأوْساخ والأقْذار والنَّتن في الدنيا

- ‌ذِكْرُ وَادِي لَمْلَمَ

- ‌ذكر واد وبئر فِيهَا يُقَالُ لَهُ هَبْهَبٌ

- ‌ذكر وَيل وصعُود

- ‌ذكر حياتها وعقاربها

- ‌خطبة واعظة، ترغب وترهب من كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد

- ‌رحمة الله قريب ممن يستجير به مخلصاً من حر النار وزمهريرها

- ‌ دركات جهنم

- ‌ذكر بعض أفاعي جهنم والعياذ بالله تعالى

- ‌ذكر بكَاء أهل النار فيها

- ‌أَحَادِيثُ شَتَّى فِي صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا

- ‌ذِكْرُ الأَحاديث الْوَارِدَةِ فِي شَفَاعَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَيَانُ أنواعها وتعْدَادِها

- ‌الشفاعة العظمى

- ‌ما خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دون جميع الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله أجمعين

- ‌النوع الثاني والثالث: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم وفي أقوام قد أمر بهم إلى النار

- ‌النوع الرابع من الشفاعة: شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات من يدخل الجنة فيها

- ‌من الشفاعة ما يدخل من شفع له الجنة بغير حساب ومنها ما يخفف عن المذنب من العذاب

- ‌النوع السابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ قَاطِبَةً فِي أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ: شَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها

- ‌ذكر شفاعة المؤمنين لأهاليهم

- ‌يشفع المؤمنون يوم القيامة، إلا اللعانين، فلا شفاعة لهم

- ‌حديث فيه شفاعة الأعمال لصاحبها

- ‌فصل: أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ

- ‌ذكر أول من يخرج من النارِ فيدخل الجنة

- ‌كتاب صفة أَهل الجنة وما فيها من النعيم

- ‌ذكر ما ورد في عدد أبوابها واتساعها وعظمة جناتها

- ‌أسماء أبواب الجنة

- ‌ذِكْرُ تَعْدَادِ مَحَالِّ الْجَنَّةِ وَارْتِفَاعِهَا وَاتِّسَاعِهَا

- ‌قليل العمل في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وأقل شيء في الجنة خير من الدنيا وما فيها

- ‌الفردوس أعلى درجات الجنة والصلاة والصيام يقتضيان مغفرة الله عز وجل

- ‌من الفردوس تتفجر أنهار الجنة

- ‌درجات الجنة متفاوتة وليس يعلم مقدار تفاوتها إلا الله رب العالمين

- ‌ذِكْرُ مَا يكُون لِأَدْنَى أَهْلِ الجنَّةِ مَنْزِلَةً وأَعْلَاهُم مِن اتساع الملك العظيم

- ‌ذكر غرف الْجنَّة وارتفاعها واتساعِها وَعِظَمها

- ‌ذِكْرُ أَعْلَى مَنْزِلَةٍ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْوَسِيلَةُ فيها مَقَامِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الوسيلة أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بُنيان قُصورُ الْجنَّةِ مِمَّ هُوَ

- ‌فضل قيام الليل وإطعام الطعام وكثرة الصيام

- ‌ذكر الخيَام في الْجنَّة

- ‌ذِكْرُ تربَة الجَنَّة

- ‌ذِكْرُ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَأَشْجَارِهَا وَثِمَارِهَا

- ‌صِفَة الكَوثر

- ‌ذكر نهر البيدخ فِي الْجَنَّةِ

- ‌نَهْرُ بَارق عَلَى بَاب الْجَنَّة

- ‌ أشجار الجنة

- ‌ ثِمَار الْجَنَّة

- ‌ذكر طعَام أَهْل الجَنَّة وأكلهم فيها وَشرابهم وَشربهم فِيها

- ‌ذكر أول طَعام يَأكُله أهل الجنَة

- ‌ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم

- ‌أسئلة من أم سلمة رضي الله عنها وأجوبة مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حول نساء أهل الجنة

- ‌وهذا مَا وَرَدَ مِنْ غِنَاءِ الْحُورِ الْعِينِ فِي الْجَنَّةِ

- ‌ذكر جماع أهل الجنة نساءهم ولا أولاد إلا أن يشاء أحدهم

- ‌ما قيل من منح الأطفال ولادة لأهل الجنة

- ‌ذِكْرُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا لكمال حياتهم

- ‌أهل الجنة لا ينامون

- ‌ذكر إحلال الرضوان عليهم وذلك فضل عمَّا لديهم

- ‌ذكر نظر الرب وتقدس إليهِم ونظرهم إليه سُبْحانه

- ‌ذِكْرُ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ عز وجل فِي مِثْلِ أَيَّامِ الْجُمَعِ فِي مُجْتَمَعٍ لَهُمْ معه لذلك هُنَالِكَ

- ‌ذِكْرُ سُوق الجَنَّة

- ‌ما ورد في وصف أرض الجنة وطيب عرفها وانتشاره

- ‌ذِكْرُ رِيحِ الْجَنَّةِ وَطِيبِهِ وَانْتِشَارِهِ حَتَّى إِنَّهُ يشم من مسيرة سِنِينَ عَدِيدَةٍ وَمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ

- ‌ذِكْرِ نُور الْجَنَة وبَهائِهَا وَطيب فِنَائِها وحسْن مَنْظَرها في صَباحِها ومَسائِها

- ‌ذكر الأَمر بطلب الجَنَّة وترغيب الله تَعالى عِبَادَهُ فيهَا وأَمرهم بِالْمُبَادَرَةِ إِليها

- ‌من استجار بالله من النار أجاره ومن طلب الجنة من الله أدخله الجنة إذا صدقت النية وصح العمل

- ‌الجنة والنار شافعتان مشفعتان

- ‌ذكر أن الجنة حفت بالمكاره وأن النار حفت بالشهوات

- ‌غناء الحور في جنة الله

- ‌ذِكْرُ خيْل الجَنَّة

- ‌ذكر زيارة أهل الجنة بعضهم بعضاً واجتماعهم وتذاكرهم أموراً كانت منهم في الدنيا من طاعات وزلات

- ‌فضل الله عز وجل على الآباء ببركة عمل الأبناء

- ‌فصل الجنة والنار موجودتان

- ‌فصل في بعض صفات أهل الجنة وبعض صفات أهل النار

- ‌يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة

- ‌أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار

- ‌الحمادون لله عز وجل في السراء والضراء هم أول من يدعى يوم القيامة لدخول الجنة

- ‌ أمة محمد عليه السلام أكثر أهل الجنة عدداً، وأعلاهم مكاناً ومكانة

- ‌بعض الآثار الواردة في دخول أعداد كبيرة من هذه الأمة إلى الجنة بغير حساب

- ‌ فِي بَيان وُجود الجَنَّة وَالنَّار وأَنَّهُما مخلوقان خِلافاً لِمَنْ زَعَمَ خِلاف ذَلِك مِن أهل البطلان

- ‌ فِي الْمَرأَة تَتزوج فِي الدُّنْيَا بَأزواج وتَكون في الجنَّة لِمَنْ كان في الدُّنْيَا أَحْسَنَهُمْ خُلُقاً

الفصل: ‌النوع الثامن: شفاعته في أهل الكبائر من أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها

لأحد من خلقه، ثم يقول الله لي: ارفع يا محمد رأسك، واشفع تشفع، وسل تعطه، فإذا رفعت رأسي، قَالَ اللَّهُ: - وَهُوَ أَعْلَمُ- مَا شَأْنُكَ? فَأَقُولُ: يَا رَبِّ: وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ، فَشَفِّعْنِي فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: قَدْ شَفَّعْتُكَ، وَأَذِنْتُ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ"، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، مَا أَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا بِأَعْرَفَ بِأَزْوَاجِكُمْ وَمَسَاكِنِكُمْ، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بأزواجهم ومسا كنهم".

فيدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله عز وجل، واثنتين مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، لَهُمَا فَضْلٌ عَلَى مَنْ يشاء الله، بعبادتهما الله في الدنيا ثم ذكر بعد هذا الشَّفَاعَةَ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَهُوَ النَّوْعُ الثَّامِنُ.

ص: 209

‌النَّوْعُ الثَّامِنُ: شَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها

النوع الثامن: من الشفاعة، شفاعته في أهل الكبائر من أمة محمد ممن دخل النار، فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا

وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهَذَا النَّوْعِ الْأَحَادِيثُ.

خفي علم الشفاعة على الخوارج والمعتزلة فأنكروها، وعاند بعضهم فرفضوا القول بها.

وَقَدْ خَفِيَ عِلْمُ ذَلِكَ عَلَى الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، فَخَالَفُوا فِي ذَلِكَ، جَهْلًا مِنْهُمْ بِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ، وَعِنَادًا مِمَّنْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى بِدْعَتِهِ، وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ يُشَارِكُهُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ، وَالنَّبِيُّونَ، وَالْمُؤْمِنُونَ أيضاً، وهذه الشفاعة تتكرر منه صلوات الله وسلامه عليه.

ص: 209

بَيَان طُرق الأحَاديث وألْفَاظِها وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدة فِي شَفَاعَة المُؤمنين لأهَالِيهم

رِوَايَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"أَنَا خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِمَامُهُمْ، وَصَاحِبُ شَفَاعَتِهِمْ".

رِوَايَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ ليث، عن الربيع، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"أَنَا أَوَّلُهُمْ خُرُوجًا، وَأَنَا قَائِدُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا أَنْصَتُوا، وَأَنَا شَفِيعُهُمْ إِذَا حُبِسُوا، وَأَنَا مبشرهم إذا يئسوا، والكرامة وَالْمَفَاتِيحُ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وأنا أكرم ولد آدم على الله عز وجل، يَطُوفُ عَلَيَّ أَلْفُ خَادِمٍ، كَأَنَّهُمْ بَيْضٌ مُكَنُّونٌ، أَوْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَنْثُورٌ".

ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ خلف، عن هشام، عن جبير بن علي العري، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْر، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عن أَنَسٍ فَذَكَرَهُ مَرْفُوعًا كَمَا تَقَدَّمَ.

ص: 210

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا بسطام بن حرب، عن أشعث الحذاء، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي"1.

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ بِسْطَامٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عبد الله، عن جابر الحماني، عن أنس.

طريق أخرى

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حدثنا الخزرج بن عثمان، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي".

ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ ثَابِتٍ إلا الخزرج بن عثمان.

وهكذا روى أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:

"شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ من أمتي".

طريق أخرى

قال الإِمام أحمد: حدثنا عارم، عن مُعْتَمِرُ، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:

"كل نبي سَأَلَ سُؤَالًا أَوْ قَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قد دعاها، فاستجيب له، وقد استجاب الله تعالى دعوتي، شفاعة لأمتي يوم القيامة"2.

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 3/213.

2 الحديث رواه أحمد في مسنده 3/219.

ص: 211

أَوْ كَمَا قَالَ.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا فَقَالَ: وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: عَنْ أَبِيهِ، وَأَسْنَدَهُ مُسْلِمٌ، فَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَدِ الْأَعْلَى، عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ طَرْخَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أنس به نحوه:

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا فُضَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن عياش، عن حميد، عن أنس ابن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن يَزِيدَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"إن كان يوم القيامة أوتيت الشَّفَاعَةَ، فَأَشْفَعُ لِمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ، حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِنَ الإِيمان مِثْلُ هَذَا" وَحَرَّكَ الإِبهام والمسبحة.

طريق أخرى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"لِكُلِّ نبي دعوة قد دعاها، واستجيب له، وإني قد خبأت دعوتي، شفاعة لأمتي يوم القيامة".

ص: 212

على شرطيهما، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ الْوَضَّاحِ بْنِ عبد الملك الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ.

ثُمَّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ: مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيهتمون بذلك، أو يهمون لذك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم صلى الله عليه وسلم فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله تعالى بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فسجدوا لك. اشفع لنا عند ربك، ليريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي من ربه منها" بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:

"ثُمَّ آتِيهِ الرَّابِعَةَ، أَوْ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ: مَا بَقِيَ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القرآن".

طريق أخرى

قال أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"يُحْبَسُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا هذا، قال: فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُونَا، خَلَقَكَ اللَّهُ تعالى بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شيء، فاشفع لنا عند ربك، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا، وَلَكِنِ أتوا نُوحًا، أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، قَالَ: فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ويذكر خطيئته، بسؤاله ربه بغير علم، ولكن ائتوا إبراهيم، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ

ص: 213

هُنَاكُمْ: وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، كَذَبَهُنَّ، قَوْلُهُ:{إِنِّي سَقِيمٌ} وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وأتى على الجبار النمرود وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَ: أَخْبِرِيهِ أَنِّي أَخُوكِ، فإِني مُخْبِرُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى، عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا، وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، قَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي هي قتله الرجل، ولكن ائتوا عيسى، عبداً هو كلمة اللَّهِ وَرُوحَهُ. قَالَ: فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هناكم، ولكن ائتوا محمداً، عبداً غفر الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: فيأتون فأستأذن على ربي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ فإِذا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وقل تسمع، واشفع تشفع، وسل تعط، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحُمَيْدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحِدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، قَالَ: ثم استأذن على ربي الثَّانِيَةَ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فإِذا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَقُلْ تُسْمَعْ، واشفِع تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ، قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحُمَيْدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أشفع، فيحد لي حداً، فأدخلهم الجنة، قال همام: وأيضاً سمعته يَقُولُ: فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ قَالَ: ثم استأذن على ربي الثَّالِثَةَ، فإِذا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وتحميد يعلمينه، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحِدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ"، قَالَ هَمَّامٌ: وَسَمِعَتُهُ يَقُولُ: فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ فَمَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ1.

ثُمَّ تَلَا قَتَادَةُ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبًّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً} . [17-الإسراء- 79] .

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 3- 244، 245.

ص: 214

قَالَ هُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ تعالى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مُعَلَّقًا فَقَالَ: وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، عَنْ هَمَّامٍ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ.

طرق آخر متعددة

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا معبد بن هلال البغوي، قال: اجتمعنا مع ناس من البصرة، فذهبنا إلى أنس بن مالك، وذهب معنا ثابت البناني، ليسأله لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فإِذا هُوَ فِي منزله يصلي الضحى، فوقفنا حتى انتهى من صلاته، فاستأذناه، فَأَذِنَ لَنَا، وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقُلْنَا لثابت: لا تسأله عن شيء أولى مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ: هَؤُلَاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، جَاءُوا يَسْأَلُونَكَ عن الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ. فَيَقُولُونَ: اشفع لنا إلى ر بك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإِبراهيم، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى، فإِنه كَلِيمُ اللَّهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى، فإِنه رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بمحمد، فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأستأذن على ر بي، فَيُؤْذَنُ لِي، وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا، لَا تَحْضُرُنِي الْآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، وأخِر لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يسمع لك، واشفع تشفع، وسل تعط،

ص: 215

فأقول: يا رب: أمتي، فيقال: انطلق، فأخرج مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَنْطَلِقُ، فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ، فأحمد الله بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، واشفع تشفع وسل تعط، فأقول: يا رب: أمتي أمتي، فيقال، انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ".

قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ، قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِي لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ، فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا حدثناه أنس بن مالك، فلم ير مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: هِيهِ: فحدثناه بالحديث، فانتيهنا إلى هذا الموضع، فقال: لم يرو على هذا، فقال: لقد حدثني بهذا الحديث مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَمَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كره أن تتكلموا? فَقُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ: فَحَدِّثْنَا، فَضَحِكَ، وَقَالَ:{وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجًولاً} . [17-الإسراء-11] .

مَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ، حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ قَالَ:"ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ: ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لَا إِله إلا الله، فيقول: وعزتي، وَكِبْرِيَائِي، وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ: عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، بِهِ نَحْوَهُ.

وَقَدْ رواه أَحْمَدُ: عَنْ عَفَّانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَالَ:

"فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي، وَلَا يَحْمَدُهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، قال: فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ فَيُقَالُ: مِثْقَالُ ذَرَّةٍ" وَلَمْ يَذْكُرِ الرابعة.

ص: 216

وهكذا رَوَاهُ الْبَزَّارُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ مَسْعَدَةَ، عن محمد بن عجلان، عن جونة بْنِ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فذكر الحديث بطوله، وذكر فيه الشَّفَاعَةُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَرْوِ عَنْ جونة بن عبيد إلا ابن عجلان.

وهكذا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى: مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زيد الرقاشي، عن أنس فذكر الحديث بطوله، فذكر ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ، وَقَالَ فِي آخِرِهِنَّ: فَأَقُولُ: أُمَّتِي، فيقال:"لَكَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا".

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بن علي، حدثنا عمرو بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ الْعَمِّيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"لَا أَزَالُ أَشْفَعُ وَأُشَفَّعُ- أَوْ قَالَ: وَيُشَفِّعُنِي رَبِّي عز وجل، حَتَّى أَقُولَ: أَيْ رَبِّ: شَفِّعْنِي فِيمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلَّا بِهَذَا الإِسناد. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: عَنْ أَبِي حَفْصٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ مَسْعَدَةَ بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو الْخَطَّابِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِنِّي لَقَائِمٌ أَنْتَظِرُ أُمَّتِي تَعْبُرُ الصِّرَاطَ، إِذْ جَاءَنِي عِيسَى، فَقَالَ: هَذِهِ الْأَنْبِيَاءُ قَدْ جَاءَتْكَ يَا مُحَمَّدُ يسألون، أو قال: يجتمعون إليك، لتدعو الله أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ جَمِيعِ الْأُمَمِ، إِلَى حَيْثُ يشاء لهم، فيخرجهم مما هم فيه، والخلق مُلْجَمُونَ بِالْعَرَقِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَهُوَ عَلَيْهِ كَالزُّكْمَةِ، وأما الكافر

ص: 217

فيغشاه الموت، قال: فأقول: يَا عِيسَى: انْتَظِرْ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ، قَالَ: فأذهب حتى أقوم تحت العرش، فألقي ما لم يلق نبي مصطفى، ولا نبي مرسل، فيوحي الله إِلَى جِبْرِيلَ: اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: ارْفَعْ رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، قال: فأشفع فِي أُمَّتِي، أَنْ أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ وتسعين إنسانَاً واحداً، قال: فما أزال أتردد على ربي، فلا أقوم بين يديه مقاماً إلا شفعت، حتى يعطيني الله عز وجل من ذلك أن يقول سبحانه وتعالى: يا محمد: أدخل مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَوْمًا وَاحِدًا مُخْلِصًا، وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، وَقَدْ حَكَمَ التِّرْمِذِيُّ بِالْحُسْنِ لِهَذَا الإِسناد.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حدثنا أبو يوسف العلوي: حدثنا عبد الله بن رجاء، أخبرنا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:"جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ حَضَرَ مِنْ أمر العباد منا حضر، فقال: أستأذن إِلَى رَبِّكَ، فَسَلْ لِأُمَّتِكَ الشَّفَاعَةَ، قَالَ: فَدَنَوْتُ من العرش، فقصت عِنْدَ الْعَرْشِ، فَلَقِيتُ مَا لَمْ يَلْقَ نَبِيٌّ، وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، فَقَالَ: سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تشفع، فقلت: أمتي". وذكر الحديث كنحو سياق الإِمام أحمد.

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إسرائيل، عن الحارث ابن حصيرة، عن ابن أبي بريدة، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أشفع في عَدَدَ كُلِّ حَجَرٍ وَمَدَرٍ لِأُمَّتِي".

ص: 218

رِوَايَةُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حدثنا معمر، حدثنا عبد الله، حدثنا هشام، سمعت الحسن يذكر عن جابر بنعبد الله، قال: قال رسول الله:

"إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً قَدْ دَعَا بِهَا، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي، شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"1.. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

طَرِيقٌ أخرى

شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة تكون لمن أوثق نفسه وأثقل ظهره:

قال الحافظ البيهقي: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ داود العلوي، أنبأنا محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، أخبرنا أَبُو نَصْرٍ الْغَازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حماد الأيلي، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا زهر بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي".

فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جَابِرُ? قَالَ: نَعَمْ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُ مَنْ زَادَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، ومن استوت حسناته وسيئاته فذلك الَّذِي يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا، ثُمَّ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَإِنَّمَا شَفَاعَةُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ أوثق نفسه وأعلق ظهره.

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 3- 396.

ص: 219

وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا: عَنِ الْحَاكِمِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُزَكِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ كَعْبٍ الْحَلَبِيِّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مسلم، عن زهر بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تلا:{وَلَا يَشْفَغونَ إِلَاّ لِمَن ارتَضَى وهمْ مِنْ خَشْيتهِ مشْفِقونَ} . [21-الأنبياء-28] .

ثم قال صلى الله عليه وسلم:

"شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي". قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَظَاهِرُهُ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الشَّفَاعَةُ في أهل الكبائر، تختص برسول الله صلى الله عليه وسلم، فالملائكة إنما يشفعون في أهل الصغائر، واستزادة الدَّرَجَاتِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ، بَيَانَ كَوْنِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ مُرْتَضًى بإِيمانه، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كَبَائِرُ وَذُنُوبٌ، دُونَ الشِّرْكِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ، نَفْيَ الشَّفَاعَةِ لِلْكُفَّارِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لم يأذن بها، ولم يرض اعتقاد جوازها.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا روح، حدثنا ابن جرير، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قال رسول الله:

"لكل نبي دعوة مستجابة قد دعاها فِي أُمَّتِهِ، وَخَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القيامة". وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أبي خلف، عن روح بن عبادة.

ص: 220

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حدثنا زهر، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم:

"إِذَا مُيِّزَ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ، فَدَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، قَامَتِ الرُّسُلُ، فشفعوا، فيقال: انطلقوا واذهبوا، فمن عرفتموه فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتَحَشُوا فَيُلْقُونَهُمْ فِي نَهَرٍ-أو على نهر- يقال له نهر الحياة".

قال: "فيسقط امتحاشهم على حافتي النهر، ويخرجون بيضاً، كالقوارير ثم يشفعون، فيقال: اذهبوا وانطلقوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة قيراط من إيمان فأخرجوه، قال: فيخرجون سراعاً، ويشفعون، فيقال: اذهبوا وانطلقوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خردل من إيمان فأخرجوه، ثم يقول الله: أَنَا الْآنَ أُخْرِجُ بِعِلْمِي وَرَحْمَتِي، فَيُخْرِجُ أَضْعَافَ مَا أَخْرَجُوا، وَأَضْعَافَهُ، فَيُكْتَبُ فِي رِقَابِهِمْ عُتَقَاءُ الله، ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيُسَمَّوْنَ فِيهَا الْجَهَنَّمِيِّينَ"1. تَفَرَّدَ به أحمد.

حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه

قَالَ أحمد: حدثنا إبراهيم بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: فَقَدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً أَصْحَابُهُ، وَكَانُوا إِذا نزلوا أنزلوه أوسطهم، ففزعوا وظنوا أن الله تبارك وتعالى اختار له أصحاباً غيرهم،

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 3-326.

ص: 221

فإِذا هُمْ بِخَيَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرُوا حِينَ رَأَوْهُ، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أشفقنا أن يكون الله تبارك وتعالى اخْتَارَ لَكَ أَصْحَابًا غَيْرَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"لَا، بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَيْقَظَنِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيًّا، وَلَا رَسُولًا إِلَّا وَقَدْ سَأَلَنِي مَسْأَلَةً أعطيتها إياه، فاسأل يَا مُحَمَّدُ تُعْطَهْ، فَقُلْتُ: مَسْأَلَتِي شَفَاعَةٌ لِأُمَّتِي يوم القيامة فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الشَّفَاعَةُ? قَالَ: أَقُولُ: يَا رَبِّ شَفَاعَتِي الَّتِي اختبأت لأمتي عندك، فيقول الرب تبارك وتعالى نعم، فيخرج الله بقية أمتي من النار فينبذهم في الجنة"، تفرد به أَحْمَدُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، قَالَ: قَالَ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ: كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَكْذِيبًا بِالشَّفَاعَةِ، حَتَّى لَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ كُلَّ آيَةٍ أَقْدِرُ عليها، فيها ذكر خلود أهل النار في النَّارِ، فَقَالَ لِي: يَا طَلْقُ: أَتُرَاكَ أَقْرَأُ لكتاب الله، وأعلم بسنة نبيه مني? قال: إن الذي قرأت هُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ أَصَابُوا ذُنُوبًا عُذِّبُوا بِهَا، ثُمَّ أُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ- ثُمَّ أومأ بيده إلى أذنيه- ثُمَّ قَالَ: صَمَّتَا، إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ ونحن نقرأ الذي نقرأ.

قَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بْنِ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 222

"إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا لَهُ دَعْوَةٌ، قد أنجزها فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي قَدِ اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي، وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرض، ولا فخر، بيدي لِوَاءُ الْحَمْدِ، وَلَا فَخْرَ، آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تحت لوائي، ولا فخر، ويطول عَلَى النَّاسِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ، فَيَشْفَعُ لنا إلى ربنا، ليقضي بَيْنَنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا، فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي قَدْ أخرجت من الجنة بخطيئتي، وإني لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا إبراهيم الخليل، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا، فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هناكم إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات والله إن حاول بهن إلا الدفاع عن دين الله، قوله:{ِنِّي سَقِيمٌ} وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} وَقَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ حِينَ أَتَى عَلَى الْمَلِكِ: أُخْتِي، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا موسى، اصطفاه الله برسالته، وبكلامه، فيأتون موسى، فيقولون اشفع لنا إلى ربك، فليقض بيننا، فيقول: لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، وإنه لا يهني الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى، رُوحَ الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقولون: اشفع لنا رَبِّنَا فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي اتُّخِذْتُ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَإِنَّهُ لا يهمني إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ مَتَاعٌ فِي وِعَاءٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ، أَكَانَ يُقْدَرُ عَلَى مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يُفَضَّ الْخَاتَمُ? قَالَ، فيقولون: لا، قال: فَيَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَقَدْ حَضَرَ الْيَوْمَ، وَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فيأتون، فيقولون: يا محمد، اشفع إِلَى رَبِّكَ، فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصْدَعَ بَيْنَ خَلْقِهِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ. فَنَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ، آخِرُ الْأُمَمِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ، فَتُفْرِجُ لَنَا

ص: 223

الْأُمَمُ طَرِيقًا، فَنَمْضِي غُرًّا مُحَجَّلِينَ، مِنْ أَثَرِ الوضوء، فيقال: كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها، فَآتِي بَابَ الْجَنَّةِ، فَآخُذُ بِحَلْقَةِ، الْبَابِ فَأَقْرَعُ الْبَابَ، فَيُقَالُ مَنْ أَنْتَ? فَأَقُولُ: أَنَا مُحَمَّدٌ، فيفتح، فأرى رَبِّي عز وجل وَهُوَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، أَوْ سَرِيرِهِ- شَكَّ حَمَّادٌ- فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي، وَلَيْسَ يَحْمَدُهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، فَيُقَالُ: يَا محمد: ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع لَكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ كَذَا وَكَذَا- لَمْ يَحْفَظْ حَمَّادٌ- ثُمَّ أَعُودُ فَأَسْجُدُ فَأَقُولُ مَا قلت، فيقول: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ. أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ كَذَا وَكَذَا. دُونَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَسْجُدُ وَأَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِيَ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يسمع، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي? فَيَقُولُ: أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ كَذَا وَكَذَا دُونَ ذَلِكَ" 1.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بَعْضَهُ: مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عن سعيد بن إياس الجوهري عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْمُنْذِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ قطنة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الصِّنْفِ الثاني والثالث من أنواع الشَّفَاعَةِ، فِي أَقْوَامٍ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النار أن لا يدخلوها.

رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البزار: حدثنا "هنا بياض بالأصل إلى العنوان الآتي".

1 اححديث رواه أحمدفي مسنده 2546- معارف وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.

ص: 224

طَرِيقٌ أُخْرَى

وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أمتي".

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ قُرَادٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"خيرت بين الشفاعة، وبين أن يكون نصف أمتي في الجنة فاخترت الشفاعة، لأنها أعم وأكفأ، أترونها للمتقين? لا، ولكنها للمتأوبين الخطائين" 1 قال زياد: أما إنها الحق، لكن هكذا الَّذِي حَدَّثَنَا.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ نُعْمَانَ بْنِ قُرَادٍ، عَنْ عَبْدِ الله، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ.

هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْأَهْوَالِ، وَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ.

رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصدفي، أنبأنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أن رسولط اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلَا قَوْلَ الله حكاية لسان إبراهيم:

1 الحديث روته أحمد في مسنده 5452- معارف وقال أحمد شاكر: اسناده ضعيف لإيهام التابعي الراوي عن ابن عمر.

ص: 225

{رَبِّ إِنَّهُنّ أَضْلَلْن كَثِيراً مِنَ النَّاس فَمَنْ تَبْعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَاني فَإِنَّكَ غَفورٌ رَحِيمٌ} . [14- إبراهيم-36] . الآية.

وقول الله تعالى حكاية على لسان عِيسَى: {إِنْ تعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} . [5- المائدة- 118] .

وقول الله تعالى حكاية على لسان نُوحٌ: {رَبِّ لَا تذَرْ عَلَى الأَرْض مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّاراً} . [71- نوح- 26]

فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ:"اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي"، وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مَحَمَّدٍ- وَرَبُّكَ أَعْلَمُ- فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ? فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قال، فأخبر جبريل ربه بِمَا قَالَ- وَهُوَ أَعْلَمُ- فَقَالَ اللَّهُ: يَا جبريل: اذهب إلى محمد، فقل له: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ.

رِوَايَةُ عبد الله بن مسعود

قد تقدمت رواية علقمة فِي الْحَوْضِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَفِيهِ ذِكْرُ الشَّفَاعَةِ.

رواية عبد الرحمن بن أبي عقيل

قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسن بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ، قَالَ:

ص: 226

انْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وَفْدٍ، فَأَتَيْنَاهُ، فَأَنَخْنَا بِالْبَابِ، - وَمَا فِي النَّاسِ أَبْغَضُ إِلَيْنَا مِنْ رَجُلٍ نَلِجُ عَلَيْهِ- فلما خرجنا، خرجنا وما فِي النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَجُلٍ دَخَلْنَا عليه، فقال قائل منهم: يا رسول الله: سألت ر بك كَمُلْكِ سُلَيْمَانَ? فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال:

"فلعل قضاء حوائجكم عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلَ مِنْ مُلْكِ سُلَيْمَانَ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا أَعْطَاهُ دَعْوَةً، فَمِنْهُمْ مَنِ اتَّخَذَهَا دُنْيَا فَأُعْطِيَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ دعاها عَلَى قَوْمِهِ إِذْ عَصَوْهُ فَأُهْلِكُوا بِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي دَعْوَةً، فَاخْتَبَأْتُهَا عِنْدَ رَبِّي، شَفَاعَةً لأمتي يوم القيامة". قلت: إسناد غريب، وَحَدِيثٌ غَرِيبٌ.

رِوَايَةُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه:

الشفعاء يوم القيامة هم الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء:

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن عنبسة القرشي، عن علاف بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عن عثمان، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْعُلَمَاءُ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ".

وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرحمن، عن علاف بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ فِي مَوْضِعٍ آخر عندي، عن عبد الملك بن علاف، عَنْ أَبَانٍ عَنْ عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُونَ ".

قال البزار: وعنبسة هذا لين الحديث، وعبد الملك بن علاف لا يعلم من روى عنه غير عنبسة.

ص: 227

رواية عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زيد المداري، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شريح الْبَزَّارُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ، أَحَقٌّ هِيَ? قَالَ: شَفَاعَةُ مَاذَا? قُلْتُ: شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، قال: حق: إي والله: والله لقد حدثني عمي محمد بن علي بن الْحَنَفِيَّةِ: عَنْ عَلَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"أَشْفَعُ لِأُمَّتِي حَتَّى يُنَادِيَنِي رَبِّي عز وجل فَيَقُولُ: أَرَضِيتَ يَا مُحَمَّدُ. فَأَقُولُ: رَبِّ رَضِيتُ". ثُمَّ قَالَ: لَا نعلمه يروى هذا، إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

رِوَايَةُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خداش بن خلف بن هشام، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:

"أتاني الليلة آت من ربي، فخبرني بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، وَبَيْنَ الشفاعة، فاخترت الشفاعة". قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: نَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالصُّحْبَةَ، لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ. قَالَ:"فَإِنِّي أُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ، أَنَّ شَفَاعَتِي لِمَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِنْ أُمَّتِي".

وَقَدْ رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ الْوُحَاظِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ غَانِمٍ، عَنْ سُلَيْمِ بن عامر، عن معدي كرب بن عبد بلال، عن عوف بن مالك، قال:

"أتاني جبريل عليه السلام، من قبل ربي، فخيرني بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ، أَنْ يُدْخِلَ نِصْفَ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ".

ص: 228

وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ: عَنِ الْحَاكِمِ، عَنِ الْأَصَمِّ بن بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ، عن أبي جَابِرٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، سَمِعْتُ عَوْفَ بن مالك: فذكر الحديث وفيه: وَرَوَاهُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قلابة، يرد الْحَدِيثَ إِلَى عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ.

رِوَايَةُ كَعْبِ بن عجرة

قال البيهقي: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أبي عثمان الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عيينة، عن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: الشَّفَاعَةُ الشَّفَاعَةُ، فَقَالَ:

"شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أمتي".

رواية أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه

قَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْمَازِنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُنَيْدَةَ الْبَرَاءُ بْنُ نَوْفَلٍ، عَنْ وَالَانَ الْعَدَوِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنْ أبي بكر الصديق قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَصَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ جَلَسَ، حتى إذا كان من الضحاة ضحك، ثُمَّ جَلَسَ مَكَانَهُ، حَتَّى صلَّى الْأُولَى، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ، كُلُّ ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ الناس لأبي بكر الصديق: أَلَا تَسْأَلُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَأْنُهُ. صَنَعَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ قَطُّ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:

"نَعَمْ: عُرِضَ عليَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَأَمْرِ الآخرة، يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فقطع الناس كذلك، حتى انطلقوا إلى

ص: 229

آدم، والعرق يُلْجِمُهُمْ، فَقَالُوا: يَا آدَمُ: أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، أَنْتَ اصْطَفَاكَ اللَّهُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فقال: قد لَقِيتُ مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُمُ، انْطَلِقُوا إِلَى أَبِيكُمْ بَعْدَ أَبِيكُمْ، إِلَى نُوحٍ عليه السلام:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} . [3- آل عمران- 33] .

قَالَ: "فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نُوحٍ عليه السلام، فَيَقُولُونَ: اشفع لنا إلى ربك، فأنت الذي اصْطَفَاكَ اللَّهُ، وَاسْتَجَابَ لَكَ فِي دُعَائِكَ، وَلَمْ يدعِ أحد من الأنبياء بمثل دعوتك.

فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، انْطَلِقُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فيقول: ليس ذاكم عندي، انْطَلِقُوا إِلَى مُوسَى، فَإِنَّ اللَّهَ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، فيقول موسى: ليس ذاكم عندي، انْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، انْطَلِقُوا إلى محمد، فيشفعِ لكم إلى ربكم، قال: فينطلقون، فيأتون إليّ، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الله أن يدعني، ثم يقول الله. ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفع: قال: فأرفع رأسي، فإذا نظر إليّ ربي عز وجل، خررت سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى، فَيَقُولُ اللَّهُ: ارْفَعْ رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفع. قال: فأرفع رأسي، فإذا نظر إليَّ ربي عز وجل، خررت سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى، فَيَقُولُ اللَّهُ: ارْفَعْ رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفع. قال: فأذهب لأقع ساجداً، فيأخذ جبريل بضبعي ويفتح عليَّ من الدعاء شيء لم يفتحه على بشر قط، فأقول: أَيْ رَبِّ: خَلَقْتَنِي سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا فَخْرَ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَرِدُ عَلَيَّ الحوض من أمتي أَكْثَرُ مِمَّا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ، ثُمَّ يُقَالُ: ادعوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قَالَ: فَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الخمسة، والستة، والنبي ليس

ص: 230

معه أحد ثم يقال: ادعوا الشهداء، فيشفعون فيمن أَرَادُوا، قَالَ: فَإِذَا فَعَلَتِ الشُّهَدَاءُ ذَلِكَ، يَقُولُ الله: أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، أَدْخِلُوا جَنَّتِي مَنْ كَانَ لا يشرك بالله شَيْئًا، قَالَ: فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: انظروا إلى النَّارِ، هَلْ تَلْقَوْنَ مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ? قَالَ: فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رجَلاً، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ. فَيَقُولُ: لَا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ، فيقول الله: أسمحوا إلى لعبدي، كإسماحه إلى عبادي، ثُمَّ يُخْرِجُونَ مِنَ النَّارِ رَجُلًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ? فَيَقُولُ: لَا غَيْرَ أني قد أمرت ولدي فقلت لهم: إذا مت فأحرقوني في النار، ثم اطحنوني، حتى إذا صرت مثل الكحل، فأذهبوا بي إلى البحر، فذروني فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَا يَقْدِرُ عليَّ رَبُّ العالمين أبداً، فيقول الله له: لم فعلت ذلك. فيقول: من مخافتك، قال: فيقول الله: انْظُرْ إِلَى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهِ. قَالَ: فَيَقُولُ: لِمَ تَسْخَرُ مني وَأَنْتَ الْمَلِكُ?" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَذَاكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ مِنَ الضُّحَى" 1.

وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخر مسند الصديق بكلام طويل.

رواية أبي سعيد الخدري

قَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن المغيرة، عن معيقب، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدٍ الْعُتْوَارِيِّ قال أحمد: -وهو أبو الهيثم- قال. حدثني ليث- وكان فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُوضَعُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، عَلَيْهِ حَسَكٌ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ، ثُمَّ يستجيز الناس، فناج مسلم، ومجروح به ناج، ومحتبس فمكدوس فيها،

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 10- معارف وقال أحمد شاكر إسناده صحيح.

ص: 231

فَإِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، تفقد الْمُؤْمِنُونَ رِجَالًا، كَانُوا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيَا، يُصَلُّونَ كصلاتهم، ويزكون كزكاتهم، ويصومون كصيامهم، ويحجون كحجهم، ويغزون كغزوهم، فَيَقُولُونَ: أَيْ رَبَّنَا، عِبَادٌ مِنْ عِبَادِكَ، كَانُوا معنا، يصلون في الدنيا صَلَاتَنَا، وَيُزَكُّونَ زَكَاتَنَا وَيَصُومُونَ صِيَامَنَا، وَيَحُجُّونَ حَجَّنَا، وَيَغْزُونَ غَزْوَنَا، لَا نَرَاهُمْ? فَيَقُولُ: اذْهَبُوا إِلَى النار، فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوهم. قَالَ: فَيَجِدُونَهُمْ، وَقَدْ أَخَذَتْهُمُ النَّارُ عَلَى قَدْرِ أعمالهم، فمنهم من أخذته قَدَمَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى آزِرَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى ثَدْيَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَلَمْ تَغْشَ الْوُجُوهَ، فَيَسْتَخْرِجُونَهُمْ مِنْهَا، فَيَطْرَحُونَهُمْ فِي مَاءِ الْحَيَاةِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وما ماء الْحَيَاةُ. قَالَ: غُسْلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ المزرعة، وقال: مرة تنبت المرزعة فِي غُثَاءِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَشْفَعُ الْأَنْبِيَاءُ فِي كُلِّ مَنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُخْلِصًا، فَيُخْرِجُونَهُمْ مِنْهَا، قَالَ: ثُمَّ يتجلى الله برحمته على من فيها، فلا يَتْرُكُ فِيهَا عَبْدًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ من إيمان، إلا أخرجه الله مِنْهَا" 1. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدنيا: من حديث إسحاق به، قال: موضع الصراط جهنم، قال محمد: لا أعلمهإلا كحد السيف، وذكر تمام الحديث.

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ، - يَعْنِي التَّيْمِيَّ-، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أهل النار الذي هُمْ أَهْلُهَا، لَا يَمُوتُونَ، وَلَا يَحْيَوْنَ، وَأَمَّا من يريد الله بهم الرحمة فإنه يميتهم في النار، ثم يدخل ضبارة فيهم، فيبثهم أو قال: فيبثون على نهر الحياة، أَوْ قَالَ: نَهَرِ الْجَنَّةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحَبَّةِ في حميل

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 2- 11.12.

ص: 232

السَّيْلِ"، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَمَا تَرَوْنَ الشَّجَرَةَ تَكُونُ خَضْرَاءَ، ثُمَّ تَكُونُ صَفْرَاءَ، ثُمَّ تَكُونُ خَضْرَاءَ؟ ". قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْبَادِيَةِ1.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن سعيد بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا، وَلَا يَحْيَوْنَ، ولكن هم أناس أو كما قال: يصلون النار بذنوبهم -أو قال: بخطيئاتهم- فتميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحماً أذن الله في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر فبثوا على أنهار الجنة، فيقول: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحَبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ".

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان بالبادية". وهذا إسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهو صحيح مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عاد، حَدَّثَنِي أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لايعرض الناس على جسر جهنم، عليه كلاليب، وحسك، وخطاطيف تخطف الناس، قال: فيمر ناس مِثْلَ الْبَرْقِ، وَآخَرُونَ مِثْلَ الرِّيحِ، وَآخَرُونَ مِثْلَ الفرس المجري، وَآخَرُونَ يَزْحَفُونَ زَحْفًا، فَأَمَّا أَهْلُ النَّارِ، فَلَا يموتون

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 3-5.

ص: 233

ولا يحيون، وأما أهل الذنوب فَيُؤْخَذُونَ بِذُنُوبِهِمْ، فَيُحْرَقُونَ، فَيَكُونُونَ فَحْمًا، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ فِي الشَّفَاعَةِ، فَيُؤْخَذُونَ ضِبَارَاتٍ ضِبَارَاتٍ، فَيُقْذَفُونَ عَلَى نَهَرٍ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"فيخرج أدنى رجل من النار، فيكوق عَلَى شَفَتِهَا، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنْهَا، قَالَ: فَيَقُولُ: وَعَهْدِكَ وَذِمَّتِكَ لَا تَسْأَلْنِي غيرها. فيقول: وعهدي وذمتي لا أسلك غيرها، فيصرف وجهه عنها، قَالَ: فَيَرَى شَجَرَةً فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَآكُلُ مِنْ ثمرها. قَالَ، فَيَقُولُ: وَعَهْدِكَ وَذِمَّتِكَ لَا تَسْأَلْنِي غَيْرَهَا? فيقول: وعهدي وذمتي لا أسألك غيرها، فيدنيه منها، قال: فيرى شجرة أخرى أحسن منها، قال: فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَوِّلْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، أستظل بظلها، وآكل من ثمرها. قَالَ: فَيَقُولُ: وَعَهْدِكَ وَذِمَّتِكَ لَا تَسْأَلْنِي غَيْرَهَا. فيقول: وعهدي وذمتي لا أسألك غيرها، فيحوله إليها، قال: فيرى الثالثة، فيقول: رَبِّ حَوِّلْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، أَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وآكل من ثمرها قال: فيقو ل: وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها. فيقول: وعهدي وذمتي لا أسلك غيرها، فيحوله، قَالَ: فَيَرَى سَوَادَ النَّاسِ، وَيَسْمَعُ أَصْوَاتَهُمْ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ".

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا:"فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيُعْطَى الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا".

وَقَالَ الْآخَرُ: "فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيُعْطَى الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا"1.

وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، بِهِ نَحْوَهُ.

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 2- 373.

ص: 234

رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

قَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ- يَعْنِي ابْنَ دَاوُدَ- حدثنا إسماعيل، حدثنا عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ النبي:

"لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَنْ لَا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لا إله إلا الله خالصة من نَفْسِهِ"1. هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دعوتي، شفاعة لأمتي، نائلة إن شاء الله تعالى مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا"2.

قَالَ- يعني شفاعته- وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدِ بن حازم الضَّرِيرِ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، وَالْخُزَاعِيُّ- يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ- قَالَا: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

1 الْحَدِيثَ رواه أحمد في مسنده 3- 73.

2 الحديث رواه أحمد في مسنده 2- 426. ورواه مسلم في صحيحه 1- 75.

ص: 235

ماذا أراد إِلَيْكَ رَبُّكَ فِي الشَّفَاعَةِ? فَقَالَ:

"وَالَّذِي نَفْسُ محمد بيده، لقد ظنت أَنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَسْأَلُنِي عَنْ ذَلِكَ مِنْ أُمَّتِي، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَا يُهِمُّنِي مِنَ وقوفهم عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، أَهَمُّ عِنْدِي مِنْ تَمَامِ شَفَاعَتِي، وَشَفَاعَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله، مخلصاً، فصدق قَلْبُهُ لِسَانَهُ، وَلِسَانُهُ قَلْبَهُ"1.

تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكٍ، حدثنا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"لِكُلِّ نَبِيٍّ دعوة يدعو بها، وأريد أن أختبىء دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الْآخِرَةِ".

قَالَ إِسْحَاقُ: "فأردت أن أختبىء"2. وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بن أبي أسيد بن حارثة الثَّقَفِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لِكَعْبِ الْأَحْبَارِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا، فأنا أريد- إن شاء الله- أن أختبىء دعوتي، شفاعة لأمتي يوم القيامة".

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 8056- معارف.

2 رواه أحمد في مسنده 2- 486، 487.

ص: 236

قال كَعْبٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نَعَمْ. تفرَّد بِهِ مُسْلِمٌ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَعْبٌ، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ كَعْبًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وكعب يحدث أبا هريرة عن الكتب، قال أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

"لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَلَى شَرْطِهِمَا، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ غُنْدَرٌ فِي حَدِيثِهِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً دَعَا بِهَا، وإني أُرِيدُ أَنْ أَدَّخِرَ دَعْوَتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: فِي أُمَّتِي". وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ شعبة به.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ تُسْتَجَابُ له، فأريد إن شاء الله أن أدخردعوتي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.

ص: 237

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ، وَهُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ يَدْعُو بِهَا، فَيُسْتَجَابُ لًهُ، فَيُؤْتَاهَا، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ". انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ.

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو سلمة ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"لِكُلِّ نبي دعوة، وأريد إن شاء الله أن أختبىء دَعْوَتِي لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ شَفَاعَةً لِأُمَّتِي".

تَفَرَّدَ بِهِ أيضاً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ.

طَرِيقٌ أخرى

قال أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْأَوْدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْموداً} . [17- الْإِسْرَاءِ- 97] .

قَالَ: هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي أَشْفَعُ لِأُمَّتِي فِيهِ.

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ دَاوُدَ، وَقَالَ: حَسَنٌ.

ص: 238

طَرِيقٌ أُخْرَى

قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يعقوب، عن أبيدارة مولى عثمان، قال: إنا بالبقيع مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذْ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، قال: فتدارك النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: إِيهِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"اللَّهُمَّ اغفر لكل عبد لقيك، يؤمن بك، لا يشرك بك"1. تفرَّد به أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

رِوَايَةُ أَمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو داود الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى الْأَدَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"أرأيت مَا تَلْقَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، وَسَفْكَ بَعْضِهِمْ دماء بعض، سبق ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ، كَمَا سَبَقَ فِي الْأُمَمِ قبلهم، فسألت الله أن يوليني منهم شَفَاعَةً، فَفَعَلَ". قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

1 رواه أحمد في مسنده 2-441.

ص: 239