الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا كَانَ بَيْتُهَا مِنْ قَصَبِ اللُّؤْلُؤِ، لِأَنَّهَا حَازَتْ قَصَبَ السَّبْقِ فِي تَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حِينَ بَعَثَهُ اللَّهُ عز وجل، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حديث أول البعثة، فإِنها أول من آمن، حيث قالت- وقد أخبرها خبر ما رأى- وقال:"لقد خشيت على عقلي" قَالَتْ: "كَلَّا: وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الدَّهْرِ".
وَأَمَّا ذِكْرُ مَرْيَمَ وَآسِيَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَفِيهِ إِشْعَارٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَزَوَّجُ بِهِمَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَأَخُذَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ في سورة:{يا أيُّهَا النبي لِمَ تُحَرِّمُ} . [66- التحريم-1] .
في قوله: {ثَيبَات وأبْكَاراً} . [66- التحريم-5] .
ثُمَّ ذُكِرَتْ آسِيَةُ وَمَرْيَمُ فِي آخِرِ السُّورَةِ. يُرْوَى مِثْلُ هَذَا عَنِ البراء بن عازب، أو عن غيره من السلف، والله أعلم.
فضل قيام الليل وإطعام الطعام وكثرة الصيام
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا ابن المنذر الطريفي، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إسحاق، عن النعمان بن سعد، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إن في الجنة لغرفاً ترى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها، فقيل لرسول الله: لمن هي? قال: لِمَنْ طَيَّبَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ: غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ: مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بن سلام، عن يزيد بْنِ سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي أَبُو موسى الْأَشْعَرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ".
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا: مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، حدثني حيي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا".
قَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ? قَالَ:
"لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ قائْماً وَالنَّاسُ نِيَامٌ".
قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ: هَذَا عِنْدِي إسناد حسن، وذكر أبي مالك فيه مما يدل على صحته، لأنه قد رواه وإسناد حديثه أيضاً.
وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْقَصْرَ يَكُونُ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ، أَبْوَابُهُ وَمَصَارِيعُهُ وَسُقُفُهُ.
وفي حديث آخر:
"سقوف الجنة نور، تتلالأ كالبرق اللامع، لولا أن الله يثبت أبصارهم لأوشك أن يخطفها".
وقال البيهقي: أخبرنا أبو الخبر بن بشران، أخبرنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ يَذْكُرُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِغُرَفِ الْجَنَّةِ?" قَالَ: قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ: بِأَبِينَا أَنْتَ وَأُمِّنَا. قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا مِنْ أَصْنَافِ الْجَوْهَرِ كُلِّهِ، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظاهرها، فيها من النعيم واللذات والشفوف مالا عين رأت ولا أذن سمعت". قال: قلنا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَلِمَنْ هَذِهِ الْغُرَفُ? قَالَ: "لِمَنْ أَفْشَى السَّلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ".
قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ. قَالَ: "أُمَّتِي تُطِيقُ ذَلِكَ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، مَنْ لَقِيَ أخاه فسلم عليه، ورد عليه فقد أفشى السلام، ومن أطعم عياله، وأهله، حَتَّى يُشْبِعَهُمْ، فَقَدْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَمِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَدْ أدام الصيام، ومن صلى العشاء الأخيرة وَصَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، فَقَدْ صَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ".
ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا الإِسناد غَيْرُ قَوِيٍّ، إِلَّا أَنَّهُ بالإِسنادين يقوي بعضه ببعض، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: وَرُوِيَ بإِسناد آخَرَ عَنْ جَابِرٍ.
ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ حرب، عن حفص بن عمرو، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ: من حديث حسن بْنِ فَرْقَدٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بن حصين، وأبي، قَالَا: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} . [9- التوبة- 72] .
فقال: "قصر من لؤلؤ، فِي ذَلِكَ الْقَصْرِ سَبْعُونَ دَارًا مِنْ يَاقُوتَةٍ، فِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ بَيْتًا مِنْ زُمُرُّدَةٍ خضراء، في كل بيت سرير، على كل سريرسبعون فِرَاشًا، مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ مَائِدَةً، عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ سَبْعُونَ لَوْنًا من الطعام، في كل بيت سبعون وصيفة، ويعطي المؤمن مَا يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَجْمَعَ".
قُلْتُ: وهذا الحديث غريب فإن هذا الجسر ضعيف جداً، وإذا كان الجسر ضعيفاً فلا يملك الاتصال..
وقال عبد الله بن وهب: أخبرنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إنه ليحاز الرجل الْوَاحِدِ بِالْقَصْرِ مِنَ اللُّؤْلُؤَةِ الْوَاحِدَةِ، فِي ذَلِكَ الْقَصْرِ سَبْعُونَ غُرْفَةً، فِي كُلِّ غُرْفَةٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فِي كُلِّ غُرْفَةٍ سَبْعُونَ باباً، تدخل عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَابٍ رَائِحَةٌ مِنْ رَائِحَةِ الْجَنَّةِ سِوَى الرَّائِحَةِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الباب الآخر".
ثُمَّ قرأَ: {فَلَا تَعْلَم نَفْسٌ مَا أخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قرَّةِ أعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْملون} . [32- السجدة- 17] .
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ الإِمام أَحْمَدُ، عَنْ حَسَنٍ، عَنِ ابْنُ لَهِيعَةَ..
حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن شريح الْمَعَافِرِيُّ، فَذَكَرَ بإِسناده مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، لِمَنْ هِيَ يَا رسول الله. والله أعلم.