المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ في بيان وجود الجنة والنار وأنهما مخلوقان خلافا لمن زعم خلاف ذلك من أهل البطلان - النهاية في الفتن والملاحم - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كَلَامِ الرَّبِّ سبحانه وتعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأنبياء

- ‌مقدمة

- ‌شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم يوم القيامة

- ‌كلامه سبحانه وتعالى مع آدم عليه الصلاة والسلام يوم القيامة

- ‌امة محمد علية الصلاة والسلام في الامم كالشفرة البيضاء في الثور الاسود

- ‌أول من يدعى يوم القيامة آدم عليه الصلاة والسلام

- ‌رجاء الرسول صلى الله علية وسلم ان يمون اتباعة نصف اهل الجنة

- ‌كلام الرب سبحانة وتعالى مع نوح علية الصلاة والسلام

- ‌مقدمة

- ‌شهادة أمة محمد عليه الصلاة والسلام على جميع الأمم يوم القيامة دليل عدالة هذه الأمة وشرفها

- ‌تشريف إِبْرَاهيم عليه الصلاة والسلام يَوْم الْقِيَامة عَلَى رؤوس الأَشْهَاد

- ‌ذِكْرُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام وَكَلَامِ الرَّبِّ عز وجل معه يوم القيامة

- ‌مدخل

- ‌مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الله يوم القيامة لا يدانيه مقام

- ‌ذكر في كلام الرب تَعالى مَعَ العُلماء في فصْل القضَاءِ

- ‌إكرام الله عز وجل للعلماء يوم القيامة الْقَضَاءِ

- ‌أَوّلْ كَلامه عز وجل لِلْمُؤْمِنِينَ

- ‌فصل: لا خلاق في الآخرة لمن يخون أَمانة الله وعهده

- ‌فصل: إِبراز النِّيرَانِ وَالْجِنَانِ وَنَصْبِ الْمِيزَانِ وَمُحَاسَبَةِ الدَّيَّانِ

- ‌ذكر إِبداء عين من النار على المحشر فتطلع على الناس

- ‌مدخل

- ‌يخرج عنق من النار يتكلم، يقذف في جهنم الجبارين والمشركين والقائلين بغير حق

- ‌ذكر الميزان

- ‌مدخل

- ‌وزن الأعمال بعد القضاء والحساب

- ‌بَيَان كَون الميزان له كًفّتان حسيتان

- ‌شهادة ألا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ترجح بالذنوب في الميزان يَوْمِ الْقِيَامَةِ

- ‌الخلق الحسن أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة

- ‌ أقوال العلماء في تفسير الميزان الذي يكون يوم القيامة

- ‌ليس الميزان لكل فرد من أفراد الناس يوم القيامة

- ‌ذكر العرض على الله عز وجل وتطاير الصحف ومحاسبة الرب تعالى عباده

- ‌مدخل

- ‌من نوقش الحساب هلك

- ‌ أول ما يقضي فيه يوم القيامة الدِّمَاءُ

- ‌أمة محمد صلى الله عليه وسلم أول الأمم حساباً يوم القيامة

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ يوم القيامة، ومن يناقش الْحِسَابِ، وَمَنْ يُسَامَحُ فِيهِ

- ‌من ظلم قطعة أرض طوق بها مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌عذاب المصورين المجسمين يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌خمس لا تزول قدما العبد عن أرض المحشر يوم القيامة حتى يسأل عنها

- ‌الصلاة أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فإِن صلحت صلح عمله كله وإن فسدت فسد سائر عمله

- ‌الاقتصاص من الظالمين يوم القيامة

- ‌الشرك بالله لا يغفر ومظالم العباد يقتص بها حتماً يوم القيامة

- ‌الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إلا الأمانة

- ‌يسأل العبد عن النعيم يوم القيامة

- ‌حَدِيثٌ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصَالِحُ عَنْ عبده الذي له عناية ممن ظَلَمَهُ، بِمَا يُرِيهِ مِنْ قُصُورِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا

- ‌الله عز وجل أرحم بعباده من المرضعة بوليدها

- ‌ذِكْرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّة مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بغَير حِسَاب

- ‌ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ تَفَرُّقِ الْعِبَادِ عَنْ موِقف الْحِسَابِ وما إليه أمرهم ففريق من الجنة وفريق من السعير

- ‌مدخل

- ‌إيراد الأحاديث في ذلك آخر أهل الجنة دخولاً اليها

- ‌ ذِكْرِ الصِّرَاط غَيْر مَا ذُكِرَ آنِفًا مِنَ الأَحَاديث الشَّريفة

- ‌ذكر بعض صفات أهل الجنة وبعض ما أعد من نعيم لهم

- ‌مدخل

- ‌ذكر بعض ما ورد في سن أهل الجنة

- ‌كِتَابُ صِفَةِ النَّارِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ الأليم

- ‌مدخل

- ‌فتى من الأنصار يميته خوف النار

- ‌سلمان الفارسي وخشيته من عذاب النار

- ‌ذكر جهنم وشدة سوادها

- ‌مدخل

- ‌جهنم- والعياذ بالله تعالى- أشد سبعين مرة من نار الدنيا

- ‌أوقد على نار جهنم ثلاثة آلاف عام حتى أصبحت سوداء مظلمة

- ‌نار جهنم لا ينطفىء حرها ولا يصطلى بلهيبها

- ‌أبو طالب أدنى أهل النار عذاباً يوم القيامة

- ‌شكوى النار إلى ربها من كل بعضها بعضا

- ‌أشد ما يكون الحر من قيح جهنم

- ‌أنعم أهل الدنيا من أهل النار إذا غمس فيها نسي ما ذاق من نعيم وأشد أهل الدنيا بؤساً من أهل الجنة إذا دخلها نسي ما ذاق من بؤس

- ‌لو أن للكافر ملء الأرض ذهباً وافتدى به نفسه من العذاب يوم القيامة ما تقبل منه

- ‌تمنى المؤمن يوم القيامة أن يرد إلى الدنيا، ليقاتل في سبيل الله، فيقتل، لما يرى من فضل الشهادة والشهداء

- ‌ذكر وصف جهنم واستاعها وضخامة أَهلها أَجارنا الله تعالى منها

- ‌مدخل

- ‌كلمة السوء تقال بغير رؤية تهوي بصاحبها في نار جهنم أبعد مما بين المشرق والمغرب

- ‌عمق جهنم مسافة هوى حجر مقذوف سبعين سنة

- ‌بشاعة الكافر وضخامة جسمه في نار جهنم يوم القيامة

- ‌ذكر أن البَحر يُسَعر في جَهنم وَيَكُون مِن جمْلة جَهَنم

- ‌ذكر أبواب جهنم وصفة خزنتها وزبانيتها

- ‌مدخل

- ‌ألوان من عذاب أهل النار

- ‌طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ وَشَرَابِهِمْ

- ‌ذكر أحاديت وَرَدَتْ بَأسْمائِهَا وبَيَان صحيح ذلِك مِنْ سَقيمه

- ‌الهاوية:

- ‌سجْن في جهنم له بُولس أعاذنا الله عز وجل منه

- ‌جُبُّ الْحَزَنِ

- ‌ذكر نفر فيها هو مِنْهَا بمنزلة الأوْساخ والأقْذار والنَّتن في الدنيا

- ‌ذِكْرُ وَادِي لَمْلَمَ

- ‌ذكر واد وبئر فِيهَا يُقَالُ لَهُ هَبْهَبٌ

- ‌ذكر وَيل وصعُود

- ‌ذكر حياتها وعقاربها

- ‌خطبة واعظة، ترغب وترهب من كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد

- ‌رحمة الله قريب ممن يستجير به مخلصاً من حر النار وزمهريرها

- ‌ دركات جهنم

- ‌ذكر بعض أفاعي جهنم والعياذ بالله تعالى

- ‌ذكر بكَاء أهل النار فيها

- ‌أَحَادِيثُ شَتَّى فِي صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا

- ‌ذِكْرُ الأَحاديث الْوَارِدَةِ فِي شَفَاعَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَيَانُ أنواعها وتعْدَادِها

- ‌الشفاعة العظمى

- ‌ما خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دون جميع الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله أجمعين

- ‌النوع الثاني والثالث: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم وفي أقوام قد أمر بهم إلى النار

- ‌النوع الرابع من الشفاعة: شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات من يدخل الجنة فيها

- ‌من الشفاعة ما يدخل من شفع له الجنة بغير حساب ومنها ما يخفف عن المذنب من العذاب

- ‌النوع السابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ قَاطِبَةً فِي أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ: شَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها

- ‌ذكر شفاعة المؤمنين لأهاليهم

- ‌يشفع المؤمنون يوم القيامة، إلا اللعانين، فلا شفاعة لهم

- ‌حديث فيه شفاعة الأعمال لصاحبها

- ‌فصل: أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ

- ‌ذكر أول من يخرج من النارِ فيدخل الجنة

- ‌كتاب صفة أَهل الجنة وما فيها من النعيم

- ‌ذكر ما ورد في عدد أبوابها واتساعها وعظمة جناتها

- ‌أسماء أبواب الجنة

- ‌ذِكْرُ تَعْدَادِ مَحَالِّ الْجَنَّةِ وَارْتِفَاعِهَا وَاتِّسَاعِهَا

- ‌قليل العمل في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وأقل شيء في الجنة خير من الدنيا وما فيها

- ‌الفردوس أعلى درجات الجنة والصلاة والصيام يقتضيان مغفرة الله عز وجل

- ‌من الفردوس تتفجر أنهار الجنة

- ‌درجات الجنة متفاوتة وليس يعلم مقدار تفاوتها إلا الله رب العالمين

- ‌ذِكْرُ مَا يكُون لِأَدْنَى أَهْلِ الجنَّةِ مَنْزِلَةً وأَعْلَاهُم مِن اتساع الملك العظيم

- ‌ذكر غرف الْجنَّة وارتفاعها واتساعِها وَعِظَمها

- ‌ذِكْرُ أَعْلَى مَنْزِلَةٍ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْوَسِيلَةُ فيها مَقَامِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الوسيلة أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بُنيان قُصورُ الْجنَّةِ مِمَّ هُوَ

- ‌فضل قيام الليل وإطعام الطعام وكثرة الصيام

- ‌ذكر الخيَام في الْجنَّة

- ‌ذِكْرُ تربَة الجَنَّة

- ‌ذِكْرُ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَأَشْجَارِهَا وَثِمَارِهَا

- ‌صِفَة الكَوثر

- ‌ذكر نهر البيدخ فِي الْجَنَّةِ

- ‌نَهْرُ بَارق عَلَى بَاب الْجَنَّة

- ‌ أشجار الجنة

- ‌ ثِمَار الْجَنَّة

- ‌ذكر طعَام أَهْل الجَنَّة وأكلهم فيها وَشرابهم وَشربهم فِيها

- ‌ذكر أول طَعام يَأكُله أهل الجنَة

- ‌ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم

- ‌أسئلة من أم سلمة رضي الله عنها وأجوبة مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حول نساء أهل الجنة

- ‌وهذا مَا وَرَدَ مِنْ غِنَاءِ الْحُورِ الْعِينِ فِي الْجَنَّةِ

- ‌ذكر جماع أهل الجنة نساءهم ولا أولاد إلا أن يشاء أحدهم

- ‌ما قيل من منح الأطفال ولادة لأهل الجنة

- ‌ذِكْرُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا لكمال حياتهم

- ‌أهل الجنة لا ينامون

- ‌ذكر إحلال الرضوان عليهم وذلك فضل عمَّا لديهم

- ‌ذكر نظر الرب وتقدس إليهِم ونظرهم إليه سُبْحانه

- ‌ذِكْرُ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ عز وجل فِي مِثْلِ أَيَّامِ الْجُمَعِ فِي مُجْتَمَعٍ لَهُمْ معه لذلك هُنَالِكَ

- ‌ذِكْرُ سُوق الجَنَّة

- ‌ما ورد في وصف أرض الجنة وطيب عرفها وانتشاره

- ‌ذِكْرُ رِيحِ الْجَنَّةِ وَطِيبِهِ وَانْتِشَارِهِ حَتَّى إِنَّهُ يشم من مسيرة سِنِينَ عَدِيدَةٍ وَمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ

- ‌ذِكْرِ نُور الْجَنَة وبَهائِهَا وَطيب فِنَائِها وحسْن مَنْظَرها في صَباحِها ومَسائِها

- ‌ذكر الأَمر بطلب الجَنَّة وترغيب الله تَعالى عِبَادَهُ فيهَا وأَمرهم بِالْمُبَادَرَةِ إِليها

- ‌من استجار بالله من النار أجاره ومن طلب الجنة من الله أدخله الجنة إذا صدقت النية وصح العمل

- ‌الجنة والنار شافعتان مشفعتان

- ‌ذكر أن الجنة حفت بالمكاره وأن النار حفت بالشهوات

- ‌غناء الحور في جنة الله

- ‌ذِكْرُ خيْل الجَنَّة

- ‌ذكر زيارة أهل الجنة بعضهم بعضاً واجتماعهم وتذاكرهم أموراً كانت منهم في الدنيا من طاعات وزلات

- ‌فضل الله عز وجل على الآباء ببركة عمل الأبناء

- ‌فصل الجنة والنار موجودتان

- ‌فصل في بعض صفات أهل الجنة وبعض صفات أهل النار

- ‌يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة

- ‌أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار

- ‌الحمادون لله عز وجل في السراء والضراء هم أول من يدعى يوم القيامة لدخول الجنة

- ‌ أمة محمد عليه السلام أكثر أهل الجنة عدداً، وأعلاهم مكاناً ومكانة

- ‌بعض الآثار الواردة في دخول أعداد كبيرة من هذه الأمة إلى الجنة بغير حساب

- ‌ فِي بَيان وُجود الجَنَّة وَالنَّار وأَنَّهُما مخلوقان خِلافاً لِمَنْ زَعَمَ خِلاف ذَلِك مِن أهل البطلان

- ‌ فِي الْمَرأَة تَتزوج فِي الدُّنْيَا بَأزواج وتَكون في الجنَّة لِمَنْ كان في الدُّنْيَا أَحْسَنَهُمْ خُلُقاً

الفصل: ‌ في بيان وجود الجنة والنار وأنهما مخلوقان خلافا لمن زعم خلاف ذلك من أهل البطلان

فَصْلٌ‌

‌ فِي بَيان وُجود الجَنَّة وَالنَّار وأَنَّهُما مخلوقان خِلافاً لِمَنْ زَعَمَ خِلاف ذَلِك مِن أهل البطلان

قال تعالى:

{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ ربِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّموَاتُ وَالأرْضُ أعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} . [3- آل عمران -133] .

وقال تعالى:

{سَابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ ربكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْض السَّمَاءِ وَالأرْض أعِدَّتْ لِلّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْل الْعَظِيم} . [57-الحديد-21] .

وقال تعالى:

{واتَّقُوا النَّار الَّتي أعِدَّتْ لِلْكافِرِين} . [3- آل عمران- 131] .

وقال فِي حَقِّ آلِ فِرْعَوْنَ:

{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا عدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابَ} . [40- غافر-46] .

وقال تَعَالَى:

{فَلَا تَعْلَمُ نَفْس مَا أخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قرَّةِ أعْيُن جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلونَ} . [32- السجدة- 17] .

ص: 406

وثبت في الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:

"يَقُولُ اللَّهُ تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خطر على قلب بشر، ذخراً من بله ما أطلعتم عَلَيْهِ" ثُمَّ قَرَأَ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُن} . الآية.

وفي الصحيحين: من حديث مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ، عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ من أهل النار، فمن أهل النار، فقيل: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة".

وفي صحيح مسلم: عن أبي مَسْعُودٍ: "أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إلى قناديل معلقة في العرش".

وروينا من حديث الإِمام أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:

"إنما نسمة المؤمن في طائر معلق في شجر الجنة حتى يرجعها اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ". وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ المتفق عليه: مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ.:"حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النار بالشهوات".

وذكر الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:

"لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الجنة قال يا جبريل: اذهب فانظر إليها" الحديث.

ص: 407

وتقدم الْحَدِيثُ الْآخَرُ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ، قَالَ لها: تكلمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون".

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ" الْحَدِيثَ.

وَفِيهِمَا: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوعًا:"الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ".

وَفِيهِمَا: عَنْ أَبِي ذَرٍّ، مَرْفُوعًا:"إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ".

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: "إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النار".

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ الإِسراء: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى الْجَنَّةَ والنار ليلتئذ.

وقال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى} . [53- النَّجْمِ- 13- 15] .

وَقَالَ فِي صِفَةِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى: "إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وذكر الْبَاطِنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ".

ص: 408

وفي الصحيحين: "ثم أدخلت الجنة، فإذا جنادل اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك".

وفي صحيح مسلم: من طريق قتادة، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قال:

"بينا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا? قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ".

وَفِي مناقب عمر: أنه صلى الله عليه وسلم قال:

"أدخلت الجنة فرأيت جارية تتوضأ عند قصر، فقلت: لمن أنت? قالت لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ، فَذَكَرْتُ غيرتك".

فبكى عمر وقال: أو عليك أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ? وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عن جابر.

وقال لبلال: "دخلت الجنة فسمعت خشف نعليك بين يدي في الجنة، فَأَخْبِرْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ"، فَقَالَ: ما عملت عملاً في الإِسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهوراً تاماً في ساعة من ليل ولا نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي.

وأخبرني عَنْ الرُّمَيْصَاءِ: "أَنَّهُ رَآهَا فِي الْجَنَّةِ".

أَخْرَجَاهُ عن جابر بن عبد الله.

وَأَخْبَرَ فِي يَوْمِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ: "أَنَّهُ عُرِضَتْ عليه الجنة والنار، وأنه دنت منه الجنة، وأنه همّ أن يأخذ منها قطفاً من عنب. ولو أخذ ثمة لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا".

ص: 409

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: مِنْ طَرِيقِ الْزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عامر بن الخزاعي ابن قمعة بن خندف أخا بني كعب هؤلاء1 يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ".

وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الآخر: "ورأيت فيها صاحب المحجن".

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ، فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى ماتت، فلا هي أطعمتها وسقتها، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ".

"ولقد رأيتها تحمشها".

وأخبر عن الرجل الذي ينحي غصن شوك عن طريق المارة. فقال: "فلقد رأيته يستظل به في الجنة".

وفي الحديث: فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ".

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: مِنْ طَرِيقِ الْمُخْتَارِ بن فلفل المخزومي، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا"، قَالُوا: يَا رسول الله فما رأيت? قال: "رأيت الجنة والنار".

1 ما بين القوسين موجود في مسلم وغير موجود بالأصل.

ص: 410

وأخبر:

"أن المتوضىء إذا تشهد بعد وضوئه فإنه تفتح له أبواب الجنة يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ".

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ عدي بن حاتم، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إن له لمرضعاً في الجنة".

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ، أَخْبَرَنَا الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا ابن عباس الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"أَوْلَادُ الْمُؤْمِنِينَ فِي جَبَلٍ فِي الْجَنَّةِ، يَكْفُلُهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ إِلَى آبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

وَكَذَا رَوَاهُ وَكِيعٌ: عَنْ سُفْيَانَ- وَهُوَ الثَّوْرِيُّ- وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَدْ أَوْرَدْنَا كَثِيرًا مِنْهَا بأسانيدها ومتونها فيما تقدم.

وقال الله تَعَالَى:

{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة} . [2- البقرة- 35] .

وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْجَنَّةَ جَنَّةُ الْمَأْوَى، وَذَهَبَ طَائِفَةٌ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا جَنَّةٌ فِي الأرض، خلقها الله تعالى له، ثم أخرجه منها.

وقد ذكرنا ذلك مبسوطاً في قصة آدم، مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، وبالله المستعان.

ص: 411

فَصْلٌ

وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خريفاً".

كذا روى الترمذي: من حديث جابر، وصححه أنس وَاسْتَغْرَبَهُ.

وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَصَحَّحَهُ، وأ بي سعيد، وحسنه:"بنصف يوم، خمسمائة عام".

قلت: فإن كان محفوظاً- كما صححه الترمذي- فتحصل أن ذلك باعتبار أول دخول الفقراء، وآخر الأغنياء، ويكون الْأَرْبَعُونَ خَرِيفًا، بِاعْتِبَارِ مَا بَيْنَ دُخُولِ آخِرِ الْفُقَرَاءِ، وَأَوَّلِ الْأَغْنِيَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ حَيْثُ قَالَ: "وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ" يشير الى ما ذكرناه.

قال الزهري: "كلام أهل الجنة عربي، وبلغنا أَنَّ النَّاسَ يَتَكَلَّمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، فَإِذَا دخلوا الجنة تكلموا بالعربية".

ص: 412