المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث فيه أن الله تعالى يصالح عن عبده الذي له عناية ممن ظلمه، بما يريه من قصور الجنة ونعيمها - النهاية في الفتن والملاحم - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كَلَامِ الرَّبِّ سبحانه وتعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأنبياء

- ‌مقدمة

- ‌شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم يوم القيامة

- ‌كلامه سبحانه وتعالى مع آدم عليه الصلاة والسلام يوم القيامة

- ‌امة محمد علية الصلاة والسلام في الامم كالشفرة البيضاء في الثور الاسود

- ‌أول من يدعى يوم القيامة آدم عليه الصلاة والسلام

- ‌رجاء الرسول صلى الله علية وسلم ان يمون اتباعة نصف اهل الجنة

- ‌كلام الرب سبحانة وتعالى مع نوح علية الصلاة والسلام

- ‌مقدمة

- ‌شهادة أمة محمد عليه الصلاة والسلام على جميع الأمم يوم القيامة دليل عدالة هذه الأمة وشرفها

- ‌تشريف إِبْرَاهيم عليه الصلاة والسلام يَوْم الْقِيَامة عَلَى رؤوس الأَشْهَاد

- ‌ذِكْرُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام وَكَلَامِ الرَّبِّ عز وجل معه يوم القيامة

- ‌مدخل

- ‌مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الله يوم القيامة لا يدانيه مقام

- ‌ذكر في كلام الرب تَعالى مَعَ العُلماء في فصْل القضَاءِ

- ‌إكرام الله عز وجل للعلماء يوم القيامة الْقَضَاءِ

- ‌أَوّلْ كَلامه عز وجل لِلْمُؤْمِنِينَ

- ‌فصل: لا خلاق في الآخرة لمن يخون أَمانة الله وعهده

- ‌فصل: إِبراز النِّيرَانِ وَالْجِنَانِ وَنَصْبِ الْمِيزَانِ وَمُحَاسَبَةِ الدَّيَّانِ

- ‌ذكر إِبداء عين من النار على المحشر فتطلع على الناس

- ‌مدخل

- ‌يخرج عنق من النار يتكلم، يقذف في جهنم الجبارين والمشركين والقائلين بغير حق

- ‌ذكر الميزان

- ‌مدخل

- ‌وزن الأعمال بعد القضاء والحساب

- ‌بَيَان كَون الميزان له كًفّتان حسيتان

- ‌شهادة ألا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ترجح بالذنوب في الميزان يَوْمِ الْقِيَامَةِ

- ‌الخلق الحسن أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة

- ‌ أقوال العلماء في تفسير الميزان الذي يكون يوم القيامة

- ‌ليس الميزان لكل فرد من أفراد الناس يوم القيامة

- ‌ذكر العرض على الله عز وجل وتطاير الصحف ومحاسبة الرب تعالى عباده

- ‌مدخل

- ‌من نوقش الحساب هلك

- ‌ أول ما يقضي فيه يوم القيامة الدِّمَاءُ

- ‌أمة محمد صلى الله عليه وسلم أول الأمم حساباً يوم القيامة

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ يوم القيامة، ومن يناقش الْحِسَابِ، وَمَنْ يُسَامَحُ فِيهِ

- ‌من ظلم قطعة أرض طوق بها مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌عذاب المصورين المجسمين يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌خمس لا تزول قدما العبد عن أرض المحشر يوم القيامة حتى يسأل عنها

- ‌الصلاة أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فإِن صلحت صلح عمله كله وإن فسدت فسد سائر عمله

- ‌الاقتصاص من الظالمين يوم القيامة

- ‌الشرك بالله لا يغفر ومظالم العباد يقتص بها حتماً يوم القيامة

- ‌الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إلا الأمانة

- ‌يسأل العبد عن النعيم يوم القيامة

- ‌حَدِيثٌ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصَالِحُ عَنْ عبده الذي له عناية ممن ظَلَمَهُ، بِمَا يُرِيهِ مِنْ قُصُورِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا

- ‌الله عز وجل أرحم بعباده من المرضعة بوليدها

- ‌ذِكْرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّة مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بغَير حِسَاب

- ‌ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ تَفَرُّقِ الْعِبَادِ عَنْ موِقف الْحِسَابِ وما إليه أمرهم ففريق من الجنة وفريق من السعير

- ‌مدخل

- ‌إيراد الأحاديث في ذلك آخر أهل الجنة دخولاً اليها

- ‌ ذِكْرِ الصِّرَاط غَيْر مَا ذُكِرَ آنِفًا مِنَ الأَحَاديث الشَّريفة

- ‌ذكر بعض صفات أهل الجنة وبعض ما أعد من نعيم لهم

- ‌مدخل

- ‌ذكر بعض ما ورد في سن أهل الجنة

- ‌كِتَابُ صِفَةِ النَّارِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ الأليم

- ‌مدخل

- ‌فتى من الأنصار يميته خوف النار

- ‌سلمان الفارسي وخشيته من عذاب النار

- ‌ذكر جهنم وشدة سوادها

- ‌مدخل

- ‌جهنم- والعياذ بالله تعالى- أشد سبعين مرة من نار الدنيا

- ‌أوقد على نار جهنم ثلاثة آلاف عام حتى أصبحت سوداء مظلمة

- ‌نار جهنم لا ينطفىء حرها ولا يصطلى بلهيبها

- ‌أبو طالب أدنى أهل النار عذاباً يوم القيامة

- ‌شكوى النار إلى ربها من كل بعضها بعضا

- ‌أشد ما يكون الحر من قيح جهنم

- ‌أنعم أهل الدنيا من أهل النار إذا غمس فيها نسي ما ذاق من نعيم وأشد أهل الدنيا بؤساً من أهل الجنة إذا دخلها نسي ما ذاق من بؤس

- ‌لو أن للكافر ملء الأرض ذهباً وافتدى به نفسه من العذاب يوم القيامة ما تقبل منه

- ‌تمنى المؤمن يوم القيامة أن يرد إلى الدنيا، ليقاتل في سبيل الله، فيقتل، لما يرى من فضل الشهادة والشهداء

- ‌ذكر وصف جهنم واستاعها وضخامة أَهلها أَجارنا الله تعالى منها

- ‌مدخل

- ‌كلمة السوء تقال بغير رؤية تهوي بصاحبها في نار جهنم أبعد مما بين المشرق والمغرب

- ‌عمق جهنم مسافة هوى حجر مقذوف سبعين سنة

- ‌بشاعة الكافر وضخامة جسمه في نار جهنم يوم القيامة

- ‌ذكر أن البَحر يُسَعر في جَهنم وَيَكُون مِن جمْلة جَهَنم

- ‌ذكر أبواب جهنم وصفة خزنتها وزبانيتها

- ‌مدخل

- ‌ألوان من عذاب أهل النار

- ‌طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ وَشَرَابِهِمْ

- ‌ذكر أحاديت وَرَدَتْ بَأسْمائِهَا وبَيَان صحيح ذلِك مِنْ سَقيمه

- ‌الهاوية:

- ‌سجْن في جهنم له بُولس أعاذنا الله عز وجل منه

- ‌جُبُّ الْحَزَنِ

- ‌ذكر نفر فيها هو مِنْهَا بمنزلة الأوْساخ والأقْذار والنَّتن في الدنيا

- ‌ذِكْرُ وَادِي لَمْلَمَ

- ‌ذكر واد وبئر فِيهَا يُقَالُ لَهُ هَبْهَبٌ

- ‌ذكر وَيل وصعُود

- ‌ذكر حياتها وعقاربها

- ‌خطبة واعظة، ترغب وترهب من كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد

- ‌رحمة الله قريب ممن يستجير به مخلصاً من حر النار وزمهريرها

- ‌ دركات جهنم

- ‌ذكر بعض أفاعي جهنم والعياذ بالله تعالى

- ‌ذكر بكَاء أهل النار فيها

- ‌أَحَادِيثُ شَتَّى فِي صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا

- ‌ذِكْرُ الأَحاديث الْوَارِدَةِ فِي شَفَاعَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَيَانُ أنواعها وتعْدَادِها

- ‌الشفاعة العظمى

- ‌ما خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دون جميع الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله أجمعين

- ‌النوع الثاني والثالث: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم وفي أقوام قد أمر بهم إلى النار

- ‌النوع الرابع من الشفاعة: شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات من يدخل الجنة فيها

- ‌من الشفاعة ما يدخل من شفع له الجنة بغير حساب ومنها ما يخفف عن المذنب من العذاب

- ‌النوع السابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ قَاطِبَةً فِي أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ: شَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها

- ‌ذكر شفاعة المؤمنين لأهاليهم

- ‌يشفع المؤمنون يوم القيامة، إلا اللعانين، فلا شفاعة لهم

- ‌حديث فيه شفاعة الأعمال لصاحبها

- ‌فصل: أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ

- ‌ذكر أول من يخرج من النارِ فيدخل الجنة

- ‌كتاب صفة أَهل الجنة وما فيها من النعيم

- ‌ذكر ما ورد في عدد أبوابها واتساعها وعظمة جناتها

- ‌أسماء أبواب الجنة

- ‌ذِكْرُ تَعْدَادِ مَحَالِّ الْجَنَّةِ وَارْتِفَاعِهَا وَاتِّسَاعِهَا

- ‌قليل العمل في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وأقل شيء في الجنة خير من الدنيا وما فيها

- ‌الفردوس أعلى درجات الجنة والصلاة والصيام يقتضيان مغفرة الله عز وجل

- ‌من الفردوس تتفجر أنهار الجنة

- ‌درجات الجنة متفاوتة وليس يعلم مقدار تفاوتها إلا الله رب العالمين

- ‌ذِكْرُ مَا يكُون لِأَدْنَى أَهْلِ الجنَّةِ مَنْزِلَةً وأَعْلَاهُم مِن اتساع الملك العظيم

- ‌ذكر غرف الْجنَّة وارتفاعها واتساعِها وَعِظَمها

- ‌ذِكْرُ أَعْلَى مَنْزِلَةٍ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْوَسِيلَةُ فيها مَقَامِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الوسيلة أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بُنيان قُصورُ الْجنَّةِ مِمَّ هُوَ

- ‌فضل قيام الليل وإطعام الطعام وكثرة الصيام

- ‌ذكر الخيَام في الْجنَّة

- ‌ذِكْرُ تربَة الجَنَّة

- ‌ذِكْرُ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَأَشْجَارِهَا وَثِمَارِهَا

- ‌صِفَة الكَوثر

- ‌ذكر نهر البيدخ فِي الْجَنَّةِ

- ‌نَهْرُ بَارق عَلَى بَاب الْجَنَّة

- ‌ أشجار الجنة

- ‌ ثِمَار الْجَنَّة

- ‌ذكر طعَام أَهْل الجَنَّة وأكلهم فيها وَشرابهم وَشربهم فِيها

- ‌ذكر أول طَعام يَأكُله أهل الجنَة

- ‌ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم

- ‌أسئلة من أم سلمة رضي الله عنها وأجوبة مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حول نساء أهل الجنة

- ‌وهذا مَا وَرَدَ مِنْ غِنَاءِ الْحُورِ الْعِينِ فِي الْجَنَّةِ

- ‌ذكر جماع أهل الجنة نساءهم ولا أولاد إلا أن يشاء أحدهم

- ‌ما قيل من منح الأطفال ولادة لأهل الجنة

- ‌ذِكْرُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا لكمال حياتهم

- ‌أهل الجنة لا ينامون

- ‌ذكر إحلال الرضوان عليهم وذلك فضل عمَّا لديهم

- ‌ذكر نظر الرب وتقدس إليهِم ونظرهم إليه سُبْحانه

- ‌ذِكْرُ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ عز وجل فِي مِثْلِ أَيَّامِ الْجُمَعِ فِي مُجْتَمَعٍ لَهُمْ معه لذلك هُنَالِكَ

- ‌ذِكْرُ سُوق الجَنَّة

- ‌ما ورد في وصف أرض الجنة وطيب عرفها وانتشاره

- ‌ذِكْرُ رِيحِ الْجَنَّةِ وَطِيبِهِ وَانْتِشَارِهِ حَتَّى إِنَّهُ يشم من مسيرة سِنِينَ عَدِيدَةٍ وَمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ

- ‌ذِكْرِ نُور الْجَنَة وبَهائِهَا وَطيب فِنَائِها وحسْن مَنْظَرها في صَباحِها ومَسائِها

- ‌ذكر الأَمر بطلب الجَنَّة وترغيب الله تَعالى عِبَادَهُ فيهَا وأَمرهم بِالْمُبَادَرَةِ إِليها

- ‌من استجار بالله من النار أجاره ومن طلب الجنة من الله أدخله الجنة إذا صدقت النية وصح العمل

- ‌الجنة والنار شافعتان مشفعتان

- ‌ذكر أن الجنة حفت بالمكاره وأن النار حفت بالشهوات

- ‌غناء الحور في جنة الله

- ‌ذِكْرُ خيْل الجَنَّة

- ‌ذكر زيارة أهل الجنة بعضهم بعضاً واجتماعهم وتذاكرهم أموراً كانت منهم في الدنيا من طاعات وزلات

- ‌فضل الله عز وجل على الآباء ببركة عمل الأبناء

- ‌فصل الجنة والنار موجودتان

- ‌فصل في بعض صفات أهل الجنة وبعض صفات أهل النار

- ‌يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة

- ‌أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار

- ‌الحمادون لله عز وجل في السراء والضراء هم أول من يدعى يوم القيامة لدخول الجنة

- ‌ أمة محمد عليه السلام أكثر أهل الجنة عدداً، وأعلاهم مكاناً ومكانة

- ‌بعض الآثار الواردة في دخول أعداد كبيرة من هذه الأمة إلى الجنة بغير حساب

- ‌ فِي بَيان وُجود الجَنَّة وَالنَّار وأَنَّهُما مخلوقان خِلافاً لِمَنْ زَعَمَ خِلاف ذَلِك مِن أهل البطلان

- ‌ فِي الْمَرأَة تَتزوج فِي الدُّنْيَا بَأزواج وتَكون في الجنَّة لِمَنْ كان في الدُّنْيَا أَحْسَنَهُمْ خُلُقاً

الفصل: ‌حديث فيه أن الله تعالى يصالح عن عبده الذي له عناية ممن ظلمه، بما يريه من قصور الجنة ونعيمها

‌حَدِيثٌ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصَالِحُ عَنْ عبده الذي له عناية ممن ظَلَمَهُ، بِمَا يُرِيهِ مِنْ قُصُورِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا

قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حدثنا عبد الله بن بكير، حدثنا عباد الحنطي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، إِذْ رَأَيْنَاهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ. مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بأبي أنت وأمي. فقال:"رجلان من أمتي، جثوا بين يدي الله عز وجل، رَبِّ الْعِزَّةِ، تبارك وتعالى، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَبِّ خُذْ لِي مَظْلِمَتِي مِنْ أَخِي. قَالَ الله تعالى. أعط أخاك مظلمته، قال: يارب لَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِي شَيْءٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِأَخِيكَ. لَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ. قَالَ: يَا رَبِّ فَلْيَحْمِلْ عَنِّي مِنْ أَوْزَارِي. قَالَ. وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبُكَاءِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ يَحْتَاجُ الناس إلى أن يتحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله لِلطَّالِبِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ فِي الْجِنَانِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أَرَى مَدَائِنَ مِنْ فِضَّةٍ، وَقُصُورًا مَنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلَةً بِاللُّؤْلُؤِ، لِأَيِّ نَبِيٍّ هَذَا? لِأَيِّ صِدِّيقٍ هَذَا? لِأَيِّ شَهِيدٍ هَذَا? قَالَ: هَذَا لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ، قَالَ. يَا رَبِّ وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ? قَالَ: أَنْتَ تملكه. قال: ماذا يا رب? قال: تعفو عَنْ أَخِيكَ. قَالَ: يَا رَبِّ فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: خُذْ بِيَدِ أخيك، فأدخله الْجَنَّةِ"، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عند ذلك:

ص: 69

"فإن الله يصالح بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

إِسْنَادٌ غَرِيبٌ، وَسِيَاقٌ غَرِيبٌ، وَمَعْنَى حَسَنٌ عَجِيبٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ من حديث عبد الله بن أبي بكر به.

وحكى البخاري أنه قال: حديث سَعِيدُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ فِي الْمَظَالِمِ، لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا.

وَقَدْ يُسْتَشْهَدُ له بما رواه البخاري في صحيحه، من أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا، أدى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ الله".

وقد روى أبو داود الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْقَاهِرِ بْنِ السَّرِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِهِ عن ابْنٌ لِكِنَانَةَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ لِأُمَّتِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ، فأجابه الله: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ، إِلَّا ظُلْمَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، فقال: يا رب، إنك قادر أن تثبت لمظلوم خيراً من ظلمه، وَتَغْفِرَ لِهَذَا الظَّالِمِ، فَلَمْ يُجِبْهُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ، فَلَمَّا كَانَ غَدَاةَ الْمُزْدَلِفَةِ، أَعَادَ الدُّعَاءَ، فَأَجَابَهُ اللَّهُ: إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أصحابه: يا رسول الله صلى الله عليك تَبَسَّمْتَ فِي سَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ تَبَسَّمُ فِيهَا? فَقَالَ: "تَبَسَّمْتُ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ إِبْلِيسَ، إِنَّهُ لَمَّا علم أن الله اسْتَجَابَ لِي فِي أُمَّتِي، أَهْوَى يَدْعُو بِالْوَيْلِ، والثبور، ويحثو التراب على رأسه"1.

1 الحديث رواه أبو داود في سننه 8-96- مختصر المنذري.

ص: 70

قال البيهقي: وهذا الغفران يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ عَذَابٍ يَمَسُّهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِبَعْضِ النَّاسِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِي كُلِّ أَحَدٍ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ زَيْدٍ أَوْ زَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَاضِي الْمِصْرَيْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِنَّ اللَّهَ يَدْعُو صَاحِبَ الدَّيْنِ يَوْمَ القيامة، فيقول: يا ابن آدَمَ: فِيمَ أَضَعْتَ حُقُوقَ النَّاسِ? فِيمَ أَذْهَبْتَ أموالهم? فيقول: يا رب لم أفسد، ولكنني أصبت، فَيَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ مَنْ قَضَى عَنْكَ الْيَوْمَ، فتربح حسناته على سيئاته فيؤمر إِلَى الْجَنَّةِ".

وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الرجل الذي يقول الله تعالى:"اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَاتْرُكُوا كِبَارَهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ تُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا? فَيَقُولُ: لَا، وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا قَدْ بدلناك مكان كل سيئة حسنة فأقول: يَا رَبِّ إِني قَدْ عَمِلْتُ ذُنُوبًا لَا أراها هنا?" قَالَ: وَضَحِكَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بدت نواجذه.

وتقدم في حديث عبد الله بن عُمَرَ فِي حَدِيثِ النَّجْوَى: "يُدْنِي اللَّهُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لك اليوم، ويعطي كبار حَسَنَاتِهِ بِيَمِينِهِ".

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حاتم، أخبرنا جعفر بن سليمان، أخبرنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

ص: 71

"يدني الله العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه فيستره مِنَ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا، وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ كِتَابَهُ فِي ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، فيمر بالحسنة فيسر بها قبله، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي? فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ أَعْرِفُ، فَيَقُولُ: إِنِّي قد تقبلتها. قال: فيخر ساجداً قال: فيقول ارفع رأسك، وعد إلى كتابك، فيمر بالسيئة فيسود لها وجهه، ويحزن بها قلبه، وترتعد مِنْهَا فَرَائِصُهُ، وَيَأْخُذُهُ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْ رَبِّهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي? فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ أعرف، فيقول فإِني قد غفرتها لك، فلا يزال بين حسنة تقبل فيسجد، وسيئة تغفر فيسجد، لَا يَرَى الْخَلَائِقُ مِنْهُ إِلَّا ذَاكَ السُّجُودَ، حَتَّى يُنَادِيَ الْخَلَائِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا: طُوبَى لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِي لَمْ يَعْصِ اللَّهَ قَطُّ وَلَا يَدْرُونَ مَا قَدْ لَقِيَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله تعالى مما قد وقف عليه".

وقال ابن أبي الدنيا، وقال ابن أبي يَاسِرٍ، عَمَّارُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ: مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ أُتِيَ بكتاب في باطنه سيئاته، وظاهره حَسَنَاتُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ كِتَابَكَ فَيَقْرَأُ بَاطِنَهُ فَيُسَاءُ بِمَا فِيهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهَا قَرَأَ فِيهِ: هَذِهِ سَيِّئَاتُكَ، وَقَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَغَفَرْتُهَا لَكَ اليوم، ويغبطه الأشهاد، أو قال أهل الجمع، بما يقرأون فِي ظَاهِرِ كِتَابِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَيَقُولُونَ: سَعِدَ هَذَا، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِتَحْوِيلِهِ وَقِرَاءَةِ مَا فِي ظاهره، فيحول الله مَا كَانَ فِي بَاطِنِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ حَسَنَاتٍ، وَيَقْرَأُ حَسَنَاتَهُ، حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخرها، ثم يقول: هذه حسناتك، وقد قبلتها، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَمْعِ:

{هَاؤُمُ اقْرءُوا كِتَابِيَهْ إنِّي ظَنَنْتُ أنِّي مُلَاق حِسَابِيَهْ} . [9- الحاقة- 19- 20] .

ص: 72

قال: ومن أوتي كتابه وراء ظهره، يأخذه بشماله، يقال له: اقرأ كتابك، فيقرأ كتابه، في باطنه حسناته، وفي ظاهره سيئاته، فيقرؤه أهل الجمع، ويقولون: هلك هذا، فإذا أتى على آخر حسناته، قيل: هذه حسناتك، وقد رددتها عليك، ويؤمر بتحويله، ويقرأ سيئاته حتى يأتي على آخرها، فعند ذلك يقول لأهل الجمع:

{يَا لَيْتَنِي لَمْ أوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أدرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغنَى عَنِّي مَالِيَهْ} . [69- الْحَاقَّةِ- 25-27] .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُؤْتَى بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ بَذَجٌ والبذج ولد الشاة، فيقول له ربه: أَيْنَ مَا خَوَّلْتُكَ? أَيْنَ مَا مَلَّكْتُكَ? أَيْنَ مَا أَعْطَيْتُكَ? فَيَقُولُ: يَا رَبِّ جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ، وتركته أكثر ما يكون فيقول: ما قدمت فيه? فينظر فلا يرى قدم شيئاً، فليس يراجع الله بعده".

وَحَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عثمان، حدثنا ابن المبارك، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَرْجِعْنِي آتِكَ بِهِ كُلِّهِ، فَإِذَا أُعِيدَ لَمْ يُقَدِّمْ شَيْئًا فَيُمْضَى بِهِ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الرَّقَاشِّيِّ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرَادَى كَمَا خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مًرّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلَناكمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} . [6- الأنعام- 94] .

وفي الصحيح لمسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: يقول ابن آدم: مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ، فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ، وقال الله تَعَالَى:

{يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً أَيَحْسَبُ أَنْ لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} . [90- البلد- 6-7] .

ص: 73

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا شريح بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ابْنُ أُخْتِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ، فِيمَ أَفْنَاهُ? وَعَنْ جَسَدِهِ، فِيمَ أَبْلَاهُ? وَعَنْ عِلْمِهِ، مَا عَمِلَ فِيهِ? وَعَنْ مَالِهِ، مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ?" وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَرِيبٌ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا الوليد بن مسلم، عن المنصور بْنِ عَتِيقٍ عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يا غريم يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَيْفَ بِكَ إِذَا قِيلَ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَلِمْتَ أَوْ جَهِلْتَ? فَإِنْ قلت: علمت فيقول: ماذا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ? وَإِنْ قُلْتَ: جَهِلْتُ، قِيلَ: فَمَاذَا كَانَ عُذْرُكَ فِيمَا جَهِلْتَ? أَلَا تَعَلَّمْتَ". وقد روي من وجه آخر موقوف على أبي الدرداء فالله أعلم.

فصل

قال البخاري رحمه الله: باب يدعى الناس بِآبَائِهِمْ، ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه فيقال: هذه غدرة فلان ابن فلان".

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَا. حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَمْرِو، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ".

ص: 74

وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تلقى الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، فَيَمُرُّ السَّارِقُ، فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، وَيَجِيءُ الْقَاتِلُ، فَيَقُولُ: فِي هذا قتلت، ويجيء القاطع الرَّحِمِ، فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي ثُمَّ يدعونه فلا يأخذون منه شياً".

فصل

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وجُوهٌ، وَتَسْوَدُ وُجُوه، فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ، فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} . [3- آل عمران- 106] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَة إِلى ربِّهَا نَاظِرَةٌ، وَوُجًوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَة} . [75- القيامة- 22- 25] .

وقال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَة ضَاحِكَة مُسْتَبْشِرَةٌ ووجُوهٌ يَوْمَئِدٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ قي تَرْهَقُهَا قَتَرَة أولَئِكَ هُمُ الكَفَرَةُ الفَجَرَةً} . [80- عَبَسَ- 38- 41] .

وَقَالَ تَعَالَى: {لِلذِينَ أَحْسَنُوا الحسْنَى وَزِيَادةٌ، وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّة أولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ

ص: 75

جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ، كَأَنَّمَا أغشِيَتْ وُجُوههُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْل مُظْلِماً أولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} . [10- يونس- 26- 27] .

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معمر، ومحمد بن عثمان، ابن كَرَامَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{يَوْمَ نَدْعُو كلَّ أنَاس بإِمَامِهِمْ، فَمَنْ أوتيَ كِتَابَهُ بِيَمينهِ فَأولَئِكَ يَقرءونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمونَ فَتِيلاً وَمَنْ كَانَ في هذه أعْمَى فَهُوَ في الآخِرَةِ أعْمَى وَأضَلُّ سَبِيلاً} . [17- الإسراء- 71- 72] .

قال: "يدعى آخرهم فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسده، وَيُبَيَّضُ وَجْهُهُ وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ لؤلؤ، يتلألأ، فَيَنْطَلِقُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ، فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ائْتِنَا بِهَذَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي هَذَا، فَيَأْتِيهِمْ، فَيَقُولُ: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُسَوَّدُ وَجْهُهُ، وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ، فَيَرَاهُ أَصْحَابُهُ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بالله من هذا، من شَرِّ هَذَا، اللَّهُمَّ لَا تَأْتِنَا بِهِ، فَيَأْتِيهِمْ، فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ أَخْزِهِ، فَيَقُولُ: أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ، فإِن لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا"، ثُمَّ قَالَ: لا نعرفه إلا بهذا الإِسناد، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ العباس بن محمد، بن عُبَيْدِ اللَّهِ، بْنِ مُوسَى، الْعَبْسِيِّ بِهِ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَهُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَالَ اللَّهُ تعالى للعبد: خذوه فغلوه، ابتدره سبعون ألف ملك، فتسلسل السلسلة من فيه، فتخرج من دبره، وينظم في سلسلة كَمَا يُنْظَمُ الْخَرَزُ فِي الْخَيْطِ، وَيُغْمَسُ فِي النار، غمسة، فيخرج عظاماً، فيقع، ثُمَّ تُسْجَرُ تِلْكَ الْعِظَامُ فِي النَّارِ، ثُمَّ يُعَادُ غَضًّا طَرِيًّا.

ص: 76

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا قَالَ اللَّهُ: خُذُوهُ، ابْتَدَرَهُ أَكْثَرُ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، وَعَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سليمان، عنأبيه، أَنَّهُ قَالَ: لَا يَبْقَى شَيْءٌ إِلَّا ذَمَّهُ، فيقول: ما تَرْحَمُنِي? فَيَقُولُ: كَيْفَ أَرْحَمُكَ، وَلَمْ يَرْحَمْكَ أَرْحَمُ الراحمين?!

فصل

قال ابن ماجه في كتاب الرقائق من سننه:

ما يرجى من رحمة الله تعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هارون، حدثنا عبد الملك بن عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رحمة، أنزل منها واحدة بين جميع الخلق، فبها يتراحمون وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخر تسعة وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ 1 يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيَ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حدثنا قتيبة بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنِ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فأمسك عنده تسعة وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً واحدة،

1 الحديث رواه ابن ماجه في سننه 37- 35-4293. ورواه مسلم في صحيحه 49-4.

ص: 77

فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يعلم المؤمن بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يأمن من النار". انفرد به البخاري عن هَذَا الْوَجْهِ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا أبو كريب، وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خلق الله عز وجل يوم خلق السموات وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ مِنْهَا رَحْمَةً، فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالْبَهَائِمُ بعضها على بعض، والطير، وأخر تسعة وَتِسْعِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القيامة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ"، انْفَرَدَ بِهِ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الصحيحين، وورد من طرق عن أبي هريرة:"أن الله كتب كتاباً يوم خلق السموات وَالْأَرْضَ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي"، وَفِي رِوَايَةٍ:"سَبَقَتْ غَضَبِي"، وَفِي رِوَايَةٍ:"فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ فوق العرش".

وقد قال اللهّ تَعَالَى: {كَتَب رَبًّكم عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} . [6- الأنعام- 54] .

وقال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْءٍ فَسَسأكْتبُهَا لِلّذِينَ يَتَّقُونَ، وَيؤتُونَ الزَّكاةَ، وَالَّذِينَ همْ بآيَاتِنَا. يُؤمِنُونَ} . [7- الأعراف- 156] .

ثُمَّ أَوْرَدَ ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي مليكة، عن مُعَاذُ:"أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ? أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا"، ثُمَّ قَالَ:"أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا هُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ? أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ"، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ معاذ.

ص: 78

وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا سهيل بن عبد الله أخو حزم القطيعي، حَدَّثَنَا ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:

{هُو أهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} . [74- المدثر- 56] .

"ثم قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى، فَلَا يُجْعَلَ مَعِي إِلَهٌ آخَرُ، فَمَنِ اتَّقَى أَنْ يَجْعَلَ مَعِي إِلَهًا آخَرَ فَأَنَا أَهْلٌ أن أغفر له".

ثم قال ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَمَرَّ بِقَوْمٍ، فَقَالَ:"مَنِ القوم?" فقالوا: نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ: وَامْرَأَةٌ تَحْصِبُ تَنُّورَهَا، وَمَعَهَا ابْنٌ لها، فإذا ارتفع وهج التنور نجت بِهِ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ? قَالَ: "نَعَمْ" قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ? قال:"بلى". قالت: أو ليس اللَّهُ أَرْحَمَ بِعِبَادِهِ مِنَ الْأُمِّ بِوَلَدِهَا. قَالَ: "بلى". فَأُتِيَ بِأَطْبَاقِ الْجَوْزِ وَالسُّكَّرِ، فَنُثِرَ، فَجَعَلَ يُخَاطِفُهُمْ، ويخاطفونه". والحديث بتمامه وهو غريب جداً.

طريق أخرى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الحنطي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القيامة رهط من أصحابي، فيجعلون عَنِ الْحَوْضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إنك لا تعلم ما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى".

ص: 79

قال شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "فيحملون" وقال عقيل:"فيجلون" وقال الزبيدي: عن أبي هريرة، عن محمد بن علي، عن عبد اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا كله تعليق ولم أر أحداً أسنده بشيء من هذا الوجه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عن ابن المسيب، أنه كان يحدث:"فيجلون عَنْهُ: فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لا تدري ما أجدثوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى".

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زيد، عن كلثوم إمام مسجد قشير، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:"كَأَنِّي بِكُمْ صادرين عن الْحَوْضِ، يَلْقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: أَشَرِبْتَ? فَيَقُولُ: نعم، ويلقى الرجل الرجل فيقول: أشربت? فيقولا: لَا، وَاعَطَشَاهُ".

رِوَايَةُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عن نافع، عن ابن عمر، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبي بكر الصديق، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

"إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ، حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ منكم علي، وسيؤخذ أناس دوني، فأقول: يا رب، هؤلاء مني ومن أمتي? فيقال: هل شعرت بما عَمِلُوا بَعْدَكَ? وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ". فَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنا نعوذ بك.

ص: 80