الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم
نسأل الله تعالى منها
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{عَالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُس خُضْرٌ وَإسْتَبْرَقٌ وَحُلوا أسَاوِرَ مِنْ فِضَّة وَسَقَاهُمْ ربهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} . [76- الإنسان- 21] .
وَقَالَ تَعَالَى:
{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحلّوْنَ فِيهَا مِنْ أسَاوِرَ مِنْ ذهَبٍ وَلُؤلُؤاً ولبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} . [35- فاطر- 33] .
وَقَالَ تَعَالَى:
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "تبلغ الحلة مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ".
وَقَالَ الْحَسَنُ البصري: "الحلة في الجنة على الرجال أحسن منها عَلَى النِّسَاءِ".
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ:
حدثني ابن لهيعة: عن عبيد بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حدثهم- وذكر أهل الجنة- فقال:
"إنهم مسورون بالذهب، والفضة، مكللون بالدر، وعليهم أكاليل در، وياقوت وعليهم تاج كتاج الملوك، شباب، جرد، مكحولن".
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ منيع، حدثنا الحسن بن موسى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ دَاوُدَ بن عامر بن سعد أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدُّهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"لَوْ أن رجلاً من الجنة أطلع قيد سواره لطمس ضوءه الشَّمْسِ كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ".
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، عن ثابت أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"من يدخل الجنة ينعم، ولا يَبْأَسُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ، فِي الْجَنَّةِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خطر على قلب بشر"1.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ: مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، إِلَى قَوْلِهِ:"لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ".
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ? حَدَّثَنَا مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عن الجلاس، عن أبي رافع، إِنْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"لِلْمُؤْمِنِ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهِمَا".
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ علي الحلواني، والحسن بن علي النسوي، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بن مرزوق، عن أبي إسحاق، عن عمر بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
1 الحديث رواه أحمد في مسنده 2- 369.
"أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ ضَوْءُ القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية كأحسن كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ لُحُومِهِمَا وَحُلَلِهِمَا، كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الْأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ".
قَالَ الضِّيَاءُ: هَذَا عِنْدِي عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْخَزْرَجُ بْنُ عُثْمَانَ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا أبو أيوب- مولى لعثمان ابن عَفَّانَ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"قِيدُ سَوْطِ أحدكم في الجنة خير من الدنيا ومثلها معها، وَلَوِ اطَّلَعَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ، لَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَطَابَ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدنيا وما فيها".
قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ: وَمَا النَّصِيفُ في ذلك? قَالَ: الْخِمَارُ. قُلْتُ: الْخَزْرَجُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَلَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِ:
"لنصيفها- يَعْنِي الْخِمَارَ- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
وقال حرملة: عن ابن وهب، أخبرنا عمر، أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ ليتكىء سبعين سنة قبل أن يتحرك، ثم تأتيه زوجته- أراه قال-: فتضربه عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَيَنْظُرُ وَجْهَهُ فِي خَدِّهَا أَصْفَى. مِنَ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَتُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَيَرُدُّ السَّلَامَ، وَيَسْأَلُهَا: مَنْ أَنْتِ? فَتَقُولُ: أَنَا الْمَزِيدُ وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثَوْبًا أَدْنَاهَا مِثْلُ النعمان من طوبى فينفذها بصره حتى مخ ساقها من
وراء ذلك، وإن عليها التيجان، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ".
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ بِهِ بِطُولِهِ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تلا قوله تَعَالَى:{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحًلّوْنَ فِيهَا مِنْ أسَاوِرَ مِنْ ذهَبٍ} . [35- فاطر- 33] .
فَقَالَ: "إِنَّ عَلَيْهِمُ التيجان، وإن أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ مِنْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمُشْرِقِ والمغرب".
وقد روى الترمذي في ذِكْرَ التِّيجَانِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ.
وَرَوَى الإِمام أَحْمَدُ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عن جبار بْنِ خَارِجَةَ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَخْبِرْنَا عَنْ ثِيَابِ الجنة: أخلق يخلق أم نسيج ينسج? فَضَحِكَ بَعْضُ الْقَوْمِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"مِمَّ تَضْحَكُونَ? مِنْ جَاهِلٍ يَسْأَلُ عَالِمًا". ثُمَّ أَكَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أين السائل?" قال: هوذا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "لَا: بَلْ تنشق عنها ثمر الجنة". قالها ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ أَبِي كَامِلٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ علاثة القاص أبو سَهْلٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ الْفَرَزْدَقِ بن حنان القاص، عن
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَذَكَرَ نحوه في حَدِيثِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طُوبَى? قَالَ:
"شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ مِائَةِ سَنَةٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا".
وَقَالَ أبو بكر عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا: حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي، حدثنا عتبة، حدثنا أبو إسماعيل بن عباس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير، عن ابن سلام الأسود، سمعت أبا أمامة يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ:
"مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا انْطُلِقَ بِهِ إِلَى طُوبَى، فَتَفَتَّحُ لَهُ أكمامها يأخذ من أي ذلك، إن شاء أبيض، وَإِنْ شَاءَ أَخْضَرَ، وَإِنْ شَاءَ أَصْفَرَ، وَأَنْ شَاءَ أَسْوَدَ، مِثْلَ شَقَائِقِ النُّعْمَانِ، وَأَرَقُّ وَأَحْسَنُ". غَرِيبٌ. حَسَنٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا سويد بن سعد، حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ بَارِقٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ خاله الرميل بن سماك، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: ما حلل أهل الجنة? قال: فيها شجر فِيهَا ثَمَرٌ كَأَنَّهُ الرُّمَّانُ، فَإِذَا أَرَادَ وَلِيُّ الله كسوة، انحدرت إليه من غصنها، فانقلعت عَنْ سَبْعِينَ حُلَّةً، أَلْوَانًا بَعْدَ أَلْوَانٍ، ثُمَّ ينطلق فَتَرْجِعُ كَمَا كَانَتْ".
وَتَقَدَّمَ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه قَالَ: نَخْلُ الْجَنَّةِ جُذُوعُهَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ، وفروعها مِنْ ذَهَبٍ أَحْمَرَ، وَسَعَفُهَا كِسْوَةٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، مِنْهَا مُقَطَّعَاتُهُمْ وَحُلَلُهُمْ".
صِفَةُ فُرُشِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُش بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَق وَجَنى الجَنَّتَيْن دَانٍ فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . [55- الرحمن- 54] .
قال ابن مسعود: إذا كانت البطائن من إِستبرق، فما بالك بالظهائر? وقوله تعالى:
{وَفرُش مَرْفُوعَةٍ} . [56- الواقعة- 34] .
روى أَحْمَدُ: وَالتِّرْمِذِيُّ: مِنْ حَدِيثِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلَا قَوْلَ اللَّهِ تعالى:{وَفُرُش مَرْفًوعَة} .
ثم قال: "والذي نفسي بيده، إن ارتفاعها لكما بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرض لمسيرة خَمْسِمِائَةِ عَامٍ".
ثُمَّ قَالَ: غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حديث رشدين. - يعني عمرو بن الحارث- عن دراج.
قلت: ورواه حَرْمَلَةُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الحديث: "إن معناه ارتفاع الفرش في الدرجات وما بين الدَّرَجَاتِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ".
قُلْتُ: وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا مَا رَوَاهُ عَبْدُ الله بن وهب، عن عمر، وعن دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وَفرُش مَرْفُوعَةٍ} . قَالَ: "مَا بَيْنَ الْفِرَاشَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرض". وهذا يشبه أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا.
وَقَالَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بن مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ كعب الأحبار، في قوله نعالى:{وَفرُش مَرْفُوعَةٍ} . قَالَ: مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
يَعْنِي أَنَّ الْفُرُشَ فِي كُلِّ مَحَلٍّ وَمَوْطِنٍ مَوْجُودَةٌ مُهَيَّأَةٌ، لِاحْتِمَالِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فِيهَا عَيْن جَارِيَة فِيهَا سُرر مَرْفُوعَةٌ وَأكْوَاب مَوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِي مَبْثُوثَة} . [88- الغاشية- 12-16] .
أي النمارق، وهي المخاد، مصفوفة مسومة هاهنا، وهاهنا في كل مكان من الجنة كما قال تعالى:{مُتّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْر وَعَبْقَري حِسَانٍ} . [55- الرحمن- 76] .
والعبقري: هِيَ عِتَاقُ الْبُسُطِ أَيْ جِيَادُهَا، وَخِيَارُهَا، وَحِسَانُهَا، وقد خوطب العرب بما هو عندهم أحسن، وفيها أعظم مِمَّا فِي النُّفُوسِ وَأَجَلُّ، مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ونوع، من أجناس الملاذ والمناظر، وبالله المستعان.
وَالنَّمَارِقُ: جَمْعُ نُمْرُقَةٍ بِضَمِّ النُّونِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا، وهي الوسائد، وهي الْمَسَانِدُ، وَقَدْ يَعُمُّهَا اللَّفْظُ.
وَالزَّرَابِيُّ: الْبُسُطُ، وَالرَّفْرَفُ: قيل رياض الجنة، وَقِيلَ ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْعَبْقَرِيُّ، جِيَادُ الْبُسُطِ، والله أعلم.
حلية الحور العين وبنات آدم وشرفهن عليهن وكم لكل واحدة منهن
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فرُش بَطَائِنُهَا مِنْ إسْتَبْرَق وَجَنَى الْجَنَّتَيْن دَان فَبأي آلَاءِ رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِن قَاصرِاتُ الطَرْفِ لَمْ يَطْمِثْهنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَان فَبِأيِّ آلَاءِ ربنكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأنّهُنَّ اليَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فَبأي آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذبَانِ هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانَ إِلَاّ الإحْسَانُ فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . [55- الرحمن- 54- 61] .
وقال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا أزْوَاج مُطَهَّرَةٌ} . [2- البقرة- 25] .
أَيْ مِنَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَالْبَوْلِ، والغائط والبزاق، والمخاط، لا يصدر منهن شيء من ذلك، وكذلك طهرت أخلاقهن وأنفاسهن وألفاظهن ولباسهن وسجيتهن.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حدثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبيط سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قوله تعالى:
{وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} . [2- البقرة-25] .
قال: "من الحيض والغائط والنخامة وَالْبُزَاقِ".
وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ: عِنْدَ قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} "بلغنا فى الرواية أن سحابة أمطرت من تحت العرش فخلقن من قطراتها، ثم ضربت على كل واحدة خيمة على شاطىء الآنهار، سعتها أَرْبَعُونَ مِيلًا، وَلَيْسَ لَهَا بَابٌ، حَتَّى إِذَا حَلَّ وَلِيُّ اللَّهِ بِالْخَيْمَةِ انْصَدَعَتِ الْخَيْمَةُ عَنْ بَابٍ، لِيَعْلَمَ وَلِيُّ اللَّهِ أَنَّ أَبْصَارَ الْمَخْلُوقِينَ من الملائكة، والخدم، لم تأخذها، فهن مقصورات قد قصرت عَنْ إِبْصَارِ الْمَخْلُوقِينَ".
وَقَالَ تَعَالَى: {وَحُورٌ عِينٌ كَأمْثَالِ اللؤلُؤِ الْمَكْنُونِ} . [56- الواقعة- 22] .
وقال في الآية الآخرى: {كَأنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُون} . [37-الصَّافَّاتِ- 49] .
قِيلَ: إِنَّهُ بَيْضُ النَّعَامِ الْمَكْنُونُ فِي الرمل: وبياضه عند العرب أحسن ألوان البياض، وقيل: المراد به اللُّؤْلُؤُ قَبْلَ أَنْ يَبْرُزَ مِنْ صَدَفِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أنْشَأنَاهُنَّ إنْشاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أبْكَاراً عُرباً أتْرَاباً لأِصْحَابِ اليَمِين} . [56- الواقعة- 35- 38] .
أي أنشأهن الله بَعْدَ الْكِبَرِ وَالْعَجْزِ وَالضَّعْفِ فِي الدُّنْيَا، فَصِرْنَ في الجنة شباباً طرياً أبكاراً عرباً أي: متحببات إلى بعولهن، أتراباً لأصحاب اليمين أي: في مثل أعمارهم.