المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم - النهاية في الفتن والملاحم - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كَلَامِ الرَّبِّ سبحانه وتعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأنبياء

- ‌مقدمة

- ‌شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم يوم القيامة

- ‌كلامه سبحانه وتعالى مع آدم عليه الصلاة والسلام يوم القيامة

- ‌امة محمد علية الصلاة والسلام في الامم كالشفرة البيضاء في الثور الاسود

- ‌أول من يدعى يوم القيامة آدم عليه الصلاة والسلام

- ‌رجاء الرسول صلى الله علية وسلم ان يمون اتباعة نصف اهل الجنة

- ‌كلام الرب سبحانة وتعالى مع نوح علية الصلاة والسلام

- ‌مقدمة

- ‌شهادة أمة محمد عليه الصلاة والسلام على جميع الأمم يوم القيامة دليل عدالة هذه الأمة وشرفها

- ‌تشريف إِبْرَاهيم عليه الصلاة والسلام يَوْم الْقِيَامة عَلَى رؤوس الأَشْهَاد

- ‌ذِكْرُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام وَكَلَامِ الرَّبِّ عز وجل معه يوم القيامة

- ‌مدخل

- ‌مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الله يوم القيامة لا يدانيه مقام

- ‌ذكر في كلام الرب تَعالى مَعَ العُلماء في فصْل القضَاءِ

- ‌إكرام الله عز وجل للعلماء يوم القيامة الْقَضَاءِ

- ‌أَوّلْ كَلامه عز وجل لِلْمُؤْمِنِينَ

- ‌فصل: لا خلاق في الآخرة لمن يخون أَمانة الله وعهده

- ‌فصل: إِبراز النِّيرَانِ وَالْجِنَانِ وَنَصْبِ الْمِيزَانِ وَمُحَاسَبَةِ الدَّيَّانِ

- ‌ذكر إِبداء عين من النار على المحشر فتطلع على الناس

- ‌مدخل

- ‌يخرج عنق من النار يتكلم، يقذف في جهنم الجبارين والمشركين والقائلين بغير حق

- ‌ذكر الميزان

- ‌مدخل

- ‌وزن الأعمال بعد القضاء والحساب

- ‌بَيَان كَون الميزان له كًفّتان حسيتان

- ‌شهادة ألا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ترجح بالذنوب في الميزان يَوْمِ الْقِيَامَةِ

- ‌الخلق الحسن أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة

- ‌ أقوال العلماء في تفسير الميزان الذي يكون يوم القيامة

- ‌ليس الميزان لكل فرد من أفراد الناس يوم القيامة

- ‌ذكر العرض على الله عز وجل وتطاير الصحف ومحاسبة الرب تعالى عباده

- ‌مدخل

- ‌من نوقش الحساب هلك

- ‌ أول ما يقضي فيه يوم القيامة الدِّمَاءُ

- ‌أمة محمد صلى الله عليه وسلم أول الأمم حساباً يوم القيامة

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ يوم القيامة، ومن يناقش الْحِسَابِ، وَمَنْ يُسَامَحُ فِيهِ

- ‌من ظلم قطعة أرض طوق بها مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌عذاب المصورين المجسمين يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌خمس لا تزول قدما العبد عن أرض المحشر يوم القيامة حتى يسأل عنها

- ‌الصلاة أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فإِن صلحت صلح عمله كله وإن فسدت فسد سائر عمله

- ‌الاقتصاص من الظالمين يوم القيامة

- ‌الشرك بالله لا يغفر ومظالم العباد يقتص بها حتماً يوم القيامة

- ‌الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إلا الأمانة

- ‌يسأل العبد عن النعيم يوم القيامة

- ‌حَدِيثٌ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصَالِحُ عَنْ عبده الذي له عناية ممن ظَلَمَهُ، بِمَا يُرِيهِ مِنْ قُصُورِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا

- ‌الله عز وجل أرحم بعباده من المرضعة بوليدها

- ‌ذِكْرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّة مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بغَير حِسَاب

- ‌ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ تَفَرُّقِ الْعِبَادِ عَنْ موِقف الْحِسَابِ وما إليه أمرهم ففريق من الجنة وفريق من السعير

- ‌مدخل

- ‌إيراد الأحاديث في ذلك آخر أهل الجنة دخولاً اليها

- ‌ ذِكْرِ الصِّرَاط غَيْر مَا ذُكِرَ آنِفًا مِنَ الأَحَاديث الشَّريفة

- ‌ذكر بعض صفات أهل الجنة وبعض ما أعد من نعيم لهم

- ‌مدخل

- ‌ذكر بعض ما ورد في سن أهل الجنة

- ‌كِتَابُ صِفَةِ النَّارِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ الأليم

- ‌مدخل

- ‌فتى من الأنصار يميته خوف النار

- ‌سلمان الفارسي وخشيته من عذاب النار

- ‌ذكر جهنم وشدة سوادها

- ‌مدخل

- ‌جهنم- والعياذ بالله تعالى- أشد سبعين مرة من نار الدنيا

- ‌أوقد على نار جهنم ثلاثة آلاف عام حتى أصبحت سوداء مظلمة

- ‌نار جهنم لا ينطفىء حرها ولا يصطلى بلهيبها

- ‌أبو طالب أدنى أهل النار عذاباً يوم القيامة

- ‌شكوى النار إلى ربها من كل بعضها بعضا

- ‌أشد ما يكون الحر من قيح جهنم

- ‌أنعم أهل الدنيا من أهل النار إذا غمس فيها نسي ما ذاق من نعيم وأشد أهل الدنيا بؤساً من أهل الجنة إذا دخلها نسي ما ذاق من بؤس

- ‌لو أن للكافر ملء الأرض ذهباً وافتدى به نفسه من العذاب يوم القيامة ما تقبل منه

- ‌تمنى المؤمن يوم القيامة أن يرد إلى الدنيا، ليقاتل في سبيل الله، فيقتل، لما يرى من فضل الشهادة والشهداء

- ‌ذكر وصف جهنم واستاعها وضخامة أَهلها أَجارنا الله تعالى منها

- ‌مدخل

- ‌كلمة السوء تقال بغير رؤية تهوي بصاحبها في نار جهنم أبعد مما بين المشرق والمغرب

- ‌عمق جهنم مسافة هوى حجر مقذوف سبعين سنة

- ‌بشاعة الكافر وضخامة جسمه في نار جهنم يوم القيامة

- ‌ذكر أن البَحر يُسَعر في جَهنم وَيَكُون مِن جمْلة جَهَنم

- ‌ذكر أبواب جهنم وصفة خزنتها وزبانيتها

- ‌مدخل

- ‌ألوان من عذاب أهل النار

- ‌طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ وَشَرَابِهِمْ

- ‌ذكر أحاديت وَرَدَتْ بَأسْمائِهَا وبَيَان صحيح ذلِك مِنْ سَقيمه

- ‌الهاوية:

- ‌سجْن في جهنم له بُولس أعاذنا الله عز وجل منه

- ‌جُبُّ الْحَزَنِ

- ‌ذكر نفر فيها هو مِنْهَا بمنزلة الأوْساخ والأقْذار والنَّتن في الدنيا

- ‌ذِكْرُ وَادِي لَمْلَمَ

- ‌ذكر واد وبئر فِيهَا يُقَالُ لَهُ هَبْهَبٌ

- ‌ذكر وَيل وصعُود

- ‌ذكر حياتها وعقاربها

- ‌خطبة واعظة، ترغب وترهب من كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد

- ‌رحمة الله قريب ممن يستجير به مخلصاً من حر النار وزمهريرها

- ‌ دركات جهنم

- ‌ذكر بعض أفاعي جهنم والعياذ بالله تعالى

- ‌ذكر بكَاء أهل النار فيها

- ‌أَحَادِيثُ شَتَّى فِي صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا

- ‌ذِكْرُ الأَحاديث الْوَارِدَةِ فِي شَفَاعَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَيَانُ أنواعها وتعْدَادِها

- ‌الشفاعة العظمى

- ‌ما خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دون جميع الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله أجمعين

- ‌النوع الثاني والثالث: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم وفي أقوام قد أمر بهم إلى النار

- ‌النوع الرابع من الشفاعة: شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات من يدخل الجنة فيها

- ‌من الشفاعة ما يدخل من شفع له الجنة بغير حساب ومنها ما يخفف عن المذنب من العذاب

- ‌النوع السابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ قَاطِبَةً فِي أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ: شَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها

- ‌ذكر شفاعة المؤمنين لأهاليهم

- ‌يشفع المؤمنون يوم القيامة، إلا اللعانين، فلا شفاعة لهم

- ‌حديث فيه شفاعة الأعمال لصاحبها

- ‌فصل: أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ

- ‌ذكر أول من يخرج من النارِ فيدخل الجنة

- ‌كتاب صفة أَهل الجنة وما فيها من النعيم

- ‌ذكر ما ورد في عدد أبوابها واتساعها وعظمة جناتها

- ‌أسماء أبواب الجنة

- ‌ذِكْرُ تَعْدَادِ مَحَالِّ الْجَنَّةِ وَارْتِفَاعِهَا وَاتِّسَاعِهَا

- ‌قليل العمل في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وأقل شيء في الجنة خير من الدنيا وما فيها

- ‌الفردوس أعلى درجات الجنة والصلاة والصيام يقتضيان مغفرة الله عز وجل

- ‌من الفردوس تتفجر أنهار الجنة

- ‌درجات الجنة متفاوتة وليس يعلم مقدار تفاوتها إلا الله رب العالمين

- ‌ذِكْرُ مَا يكُون لِأَدْنَى أَهْلِ الجنَّةِ مَنْزِلَةً وأَعْلَاهُم مِن اتساع الملك العظيم

- ‌ذكر غرف الْجنَّة وارتفاعها واتساعِها وَعِظَمها

- ‌ذِكْرُ أَعْلَى مَنْزِلَةٍ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْوَسِيلَةُ فيها مَقَامِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الوسيلة أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بُنيان قُصورُ الْجنَّةِ مِمَّ هُوَ

- ‌فضل قيام الليل وإطعام الطعام وكثرة الصيام

- ‌ذكر الخيَام في الْجنَّة

- ‌ذِكْرُ تربَة الجَنَّة

- ‌ذِكْرُ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَأَشْجَارِهَا وَثِمَارِهَا

- ‌صِفَة الكَوثر

- ‌ذكر نهر البيدخ فِي الْجَنَّةِ

- ‌نَهْرُ بَارق عَلَى بَاب الْجَنَّة

- ‌ أشجار الجنة

- ‌ ثِمَار الْجَنَّة

- ‌ذكر طعَام أَهْل الجَنَّة وأكلهم فيها وَشرابهم وَشربهم فِيها

- ‌ذكر أول طَعام يَأكُله أهل الجنَة

- ‌ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم

- ‌أسئلة من أم سلمة رضي الله عنها وأجوبة مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حول نساء أهل الجنة

- ‌وهذا مَا وَرَدَ مِنْ غِنَاءِ الْحُورِ الْعِينِ فِي الْجَنَّةِ

- ‌ذكر جماع أهل الجنة نساءهم ولا أولاد إلا أن يشاء أحدهم

- ‌ما قيل من منح الأطفال ولادة لأهل الجنة

- ‌ذِكْرُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا لكمال حياتهم

- ‌أهل الجنة لا ينامون

- ‌ذكر إحلال الرضوان عليهم وذلك فضل عمَّا لديهم

- ‌ذكر نظر الرب وتقدس إليهِم ونظرهم إليه سُبْحانه

- ‌ذِكْرُ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ عز وجل فِي مِثْلِ أَيَّامِ الْجُمَعِ فِي مُجْتَمَعٍ لَهُمْ معه لذلك هُنَالِكَ

- ‌ذِكْرُ سُوق الجَنَّة

- ‌ما ورد في وصف أرض الجنة وطيب عرفها وانتشاره

- ‌ذِكْرُ رِيحِ الْجَنَّةِ وَطِيبِهِ وَانْتِشَارِهِ حَتَّى إِنَّهُ يشم من مسيرة سِنِينَ عَدِيدَةٍ وَمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ

- ‌ذِكْرِ نُور الْجَنَة وبَهائِهَا وَطيب فِنَائِها وحسْن مَنْظَرها في صَباحِها ومَسائِها

- ‌ذكر الأَمر بطلب الجَنَّة وترغيب الله تَعالى عِبَادَهُ فيهَا وأَمرهم بِالْمُبَادَرَةِ إِليها

- ‌من استجار بالله من النار أجاره ومن طلب الجنة من الله أدخله الجنة إذا صدقت النية وصح العمل

- ‌الجنة والنار شافعتان مشفعتان

- ‌ذكر أن الجنة حفت بالمكاره وأن النار حفت بالشهوات

- ‌غناء الحور في جنة الله

- ‌ذِكْرُ خيْل الجَنَّة

- ‌ذكر زيارة أهل الجنة بعضهم بعضاً واجتماعهم وتذاكرهم أموراً كانت منهم في الدنيا من طاعات وزلات

- ‌فضل الله عز وجل على الآباء ببركة عمل الأبناء

- ‌فصل الجنة والنار موجودتان

- ‌فصل في بعض صفات أهل الجنة وبعض صفات أهل النار

- ‌يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة

- ‌أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار

- ‌الحمادون لله عز وجل في السراء والضراء هم أول من يدعى يوم القيامة لدخول الجنة

- ‌ أمة محمد عليه السلام أكثر أهل الجنة عدداً، وأعلاهم مكاناً ومكانة

- ‌بعض الآثار الواردة في دخول أعداد كبيرة من هذه الأمة إلى الجنة بغير حساب

- ‌ فِي بَيان وُجود الجَنَّة وَالنَّار وأَنَّهُما مخلوقان خِلافاً لِمَنْ زَعَمَ خِلاف ذَلِك مِن أهل البطلان

- ‌ فِي الْمَرأَة تَتزوج فِي الدُّنْيَا بَأزواج وتَكون في الجنَّة لِمَنْ كان في الدُّنْيَا أَحْسَنَهُمْ خُلُقاً

الفصل: ‌ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم

‌ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم

نسأل الله تعالى منها

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

{عَالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُس خُضْرٌ وَإسْتَبْرَقٌ وَحُلوا أسَاوِرَ مِنْ فِضَّة وَسَقَاهُمْ ربهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} . [76- الإنسان- 21] .

وَقَالَ تَعَالَى:

{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحلّوْنَ فِيهَا مِنْ أسَاوِرَ مِنْ ذهَبٍ وَلُؤلُؤاً ولبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} . [35- فاطر- 33] .

وَقَالَ تَعَالَى:

{إنَّ الذِين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إنا لَا نُضِيعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلاً أولئِكَ لهم جَنَّات عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ يُحًلوْنَ فِيهَا مِنْ أسَاوِرَ مِنْ ذهَب وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُس وإِسْتَبْرَق مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} . [18- الكهف- 30-31] .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "تبلغ الحلة مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ".

وَقَالَ الْحَسَنُ البصري: "الحلة في الجنة على الرجال أحسن منها عَلَى النِّسَاءِ".

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ:

ص: 323

حدثني ابن لهيعة: عن عبيد بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حدثهم- وذكر أهل الجنة- فقال:

"إنهم مسورون بالذهب، والفضة، مكللون بالدر، وعليهم أكاليل در، وياقوت وعليهم تاج كتاج الملوك، شباب، جرد، مكحولن".

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ منيع، حدثنا الحسن بن موسى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ دَاوُدَ بن عامر بن سعد أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدُّهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"لَوْ أن رجلاً من الجنة أطلع قيد سواره لطمس ضوءه الشَّمْسِ كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ".

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، عن ثابت أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"من يدخل الجنة ينعم، ولا يَبْأَسُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ، فِي الْجَنَّةِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خطر على قلب بشر"1.

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ: مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، إِلَى قَوْلِهِ:"لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ".

وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ? حَدَّثَنَا مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عن الجلاس، عن أبي رافع، إِنْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"لِلْمُؤْمِنِ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهِمَا".

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ علي الحلواني، والحسن بن علي النسوي، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بن مرزوق، عن أبي إسحاق، عن عمر بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

1 الحديث رواه أحمد في مسنده 2- 369.

ص: 324

"أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ ضَوْءُ القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية كأحسن كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ لُحُومِهِمَا وَحُلَلِهِمَا، كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الْأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ".

قَالَ الضِّيَاءُ: هَذَا عِنْدِي عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْخَزْرَجُ بْنُ عُثْمَانَ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا أبو أيوب- مولى لعثمان ابن عَفَّانَ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"قِيدُ سَوْطِ أحدكم في الجنة خير من الدنيا ومثلها معها، وَلَوِ اطَّلَعَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ، لَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَطَابَ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدنيا وما فيها".

قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ: وَمَا النَّصِيفُ في ذلك? قَالَ: الْخِمَارُ. قُلْتُ: الْخَزْرَجُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَلَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِ:

"لنصيفها- يَعْنِي الْخِمَارَ- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".

وقال حرملة: عن ابن وهب، أخبرنا عمر، أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ ليتكىء سبعين سنة قبل أن يتحرك، ثم تأتيه زوجته- أراه قال-: فتضربه عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَيَنْظُرُ وَجْهَهُ فِي خَدِّهَا أَصْفَى. مِنَ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَتُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَيَرُدُّ السَّلَامَ، وَيَسْأَلُهَا: مَنْ أَنْتِ? فَتَقُولُ: أَنَا الْمَزِيدُ وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثَوْبًا أَدْنَاهَا مِثْلُ النعمان من طوبى فينفذها بصره حتى مخ ساقها من

ص: 325

وراء ذلك، وإن عليها التيجان، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ".

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ بِهِ بِطُولِهِ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تلا قوله تَعَالَى:{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحًلّوْنَ فِيهَا مِنْ أسَاوِرَ مِنْ ذهَبٍ} . [35- فاطر- 33] .

فَقَالَ: "إِنَّ عَلَيْهِمُ التيجان، وإن أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ مِنْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمُشْرِقِ والمغرب".

وقد روى الترمذي في ذِكْرَ التِّيجَانِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ.

وَرَوَى الإِمام أَحْمَدُ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عن جبار بْنِ خَارِجَةَ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَخْبِرْنَا عَنْ ثِيَابِ الجنة: أخلق يخلق أم نسيج ينسج? فَضَحِكَ بَعْضُ الْقَوْمِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"مِمَّ تَضْحَكُونَ? مِنْ جَاهِلٍ يَسْأَلُ عَالِمًا". ثُمَّ أَكَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أين السائل?" قال: هوذا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "لَا: بَلْ تنشق عنها ثمر الجنة". قالها ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ أَبِي كَامِلٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ علاثة القاص أبو سَهْلٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ الْفَرَزْدَقِ بن حنان القاص، عن

ص: 326

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَذَكَرَ نحوه في حَدِيثِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طُوبَى? قَالَ:

"شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ مِائَةِ سَنَةٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا".

وَقَالَ أبو بكر عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا: حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي، حدثنا عتبة، حدثنا أبو إسماعيل بن عباس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير، عن ابن سلام الأسود، سمعت أبا أمامة يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ:

"مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا انْطُلِقَ بِهِ إِلَى طُوبَى، فَتَفَتَّحُ لَهُ أكمامها يأخذ من أي ذلك، إن شاء أبيض، وَإِنْ شَاءَ أَخْضَرَ، وَإِنْ شَاءَ أَصْفَرَ، وَأَنْ شَاءَ أَسْوَدَ، مِثْلَ شَقَائِقِ النُّعْمَانِ، وَأَرَقُّ وَأَحْسَنُ". غَرِيبٌ. حَسَنٌ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا سويد بن سعد، حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ بَارِقٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ خاله الرميل بن سماك، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: ما حلل أهل الجنة? قال: فيها شجر فِيهَا ثَمَرٌ كَأَنَّهُ الرُّمَّانُ، فَإِذَا أَرَادَ وَلِيُّ الله كسوة، انحدرت إليه من غصنها، فانقلعت عَنْ سَبْعِينَ حُلَّةً، أَلْوَانًا بَعْدَ أَلْوَانٍ، ثُمَّ ينطلق فَتَرْجِعُ كَمَا كَانَتْ".

وَتَقَدَّمَ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه قَالَ: نَخْلُ الْجَنَّةِ جُذُوعُهَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ، وفروعها مِنْ ذَهَبٍ أَحْمَرَ، وَسَعَفُهَا كِسْوَةٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، مِنْهَا مُقَطَّعَاتُهُمْ وَحُلَلُهُمْ".

ص: 327

صِفَةُ فُرُشِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُش بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَق وَجَنى الجَنَّتَيْن دَانٍ فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . [55- الرحمن- 54] .

قال ابن مسعود: إذا كانت البطائن من إِستبرق، فما بالك بالظهائر? وقوله تعالى:

{وَفرُش مَرْفُوعَةٍ} . [56- الواقعة- 34] .

روى أَحْمَدُ: وَالتِّرْمِذِيُّ: مِنْ حَدِيثِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلَا قَوْلَ اللَّهِ تعالى:{وَفُرُش مَرْفًوعَة} .

ثم قال: "والذي نفسي بيده، إن ارتفاعها لكما بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرض لمسيرة خَمْسِمِائَةِ عَامٍ".

ثُمَّ قَالَ: غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حديث رشدين. - يعني عمرو بن الحارث- عن دراج.

قلت: ورواه حَرْمَلَةُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الحديث: "إن معناه ارتفاع الفرش في الدرجات وما بين الدَّرَجَاتِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ".

ص: 328

قُلْتُ: وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا مَا رَوَاهُ عَبْدُ الله بن وهب، عن عمر، وعن دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وَفرُش مَرْفُوعَةٍ} . قَالَ: "مَا بَيْنَ الْفِرَاشَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرض". وهذا يشبه أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا.

وَقَالَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بن مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ كعب الأحبار، في قوله نعالى:{وَفرُش مَرْفُوعَةٍ} . قَالَ: مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

يَعْنِي أَنَّ الْفُرُشَ فِي كُلِّ مَحَلٍّ وَمَوْطِنٍ مَوْجُودَةٌ مُهَيَّأَةٌ، لِاحْتِمَالِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فِيهَا عَيْن جَارِيَة فِيهَا سُرر مَرْفُوعَةٌ وَأكْوَاب مَوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِي مَبْثُوثَة} . [88- الغاشية- 12-16] .

أي النمارق، وهي المخاد، مصفوفة مسومة هاهنا، وهاهنا في كل مكان من الجنة كما قال تعالى:{مُتّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْر وَعَبْقَري حِسَانٍ} . [55- الرحمن- 76] .

والعبقري: هِيَ عِتَاقُ الْبُسُطِ أَيْ جِيَادُهَا، وَخِيَارُهَا، وَحِسَانُهَا، وقد خوطب العرب بما هو عندهم أحسن، وفيها أعظم مِمَّا فِي النُّفُوسِ وَأَجَلُّ، مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ونوع، من أجناس الملاذ والمناظر، وبالله المستعان.

وَالنَّمَارِقُ: جَمْعُ نُمْرُقَةٍ بِضَمِّ النُّونِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا، وهي الوسائد، وهي الْمَسَانِدُ، وَقَدْ يَعُمُّهَا اللَّفْظُ.

وَالزَّرَابِيُّ: الْبُسُطُ، وَالرَّفْرَفُ: قيل رياض الجنة، وَقِيلَ ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْعَبْقَرِيُّ، جِيَادُ الْبُسُطِ، والله أعلم.

ص: 329

حلية الحور العين وبنات آدم وشرفهن عليهن وكم لكل واحدة منهن

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فرُش بَطَائِنُهَا مِنْ إسْتَبْرَق وَجَنَى الْجَنَّتَيْن دَان فَبأي آلَاءِ رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِن قَاصرِاتُ الطَرْفِ لَمْ يَطْمِثْهنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَان فَبِأيِّ آلَاءِ ربنكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأنّهُنَّ اليَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فَبأي آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذبَانِ هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانَ إِلَاّ الإحْسَانُ فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . [55- الرحمن- 54- 61] .

وقال تعالى: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ فَبِأي آلَاءِ ربِّكُمَا تُكَذِبَانِ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ في الْخِيَام فَبِأي آلَاءِ ربكُمَا تكَذِّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنّ إنْس قَبْلَهُمْ وَلَا جَان فَبِأيِّ آلَاءِ رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَكِئِينَ عَلَى رَفْرَف خُضْر وَعَبْقَري حِسَانٌ فَبِأي آلَاءِ ربِّكُمَا تُكَذِّبَانِ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجِلال والإكْرَام} . [55- الرحمن- 70-78] .

وقال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا أزْوَاج مُطَهَّرَةٌ} . [2- البقرة- 25] .

أَيْ مِنَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَالْبَوْلِ، والغائط والبزاق، والمخاط، لا يصدر منهن شيء من ذلك، وكذلك طهرت أخلاقهن وأنفاسهن وألفاظهن ولباسهن وسجيتهن.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حدثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبيط سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قوله تعالى:

ص: 330

{وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} . [2- البقرة-25] .

قال: "من الحيض والغائط والنخامة وَالْبُزَاقِ".

وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ: عِنْدَ قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} "بلغنا فى الرواية أن سحابة أمطرت من تحت العرش فخلقن من قطراتها، ثم ضربت على كل واحدة خيمة على شاطىء الآنهار، سعتها أَرْبَعُونَ مِيلًا، وَلَيْسَ لَهَا بَابٌ، حَتَّى إِذَا حَلَّ وَلِيُّ اللَّهِ بِالْخَيْمَةِ انْصَدَعَتِ الْخَيْمَةُ عَنْ بَابٍ، لِيَعْلَمَ وَلِيُّ اللَّهِ أَنَّ أَبْصَارَ الْمَخْلُوقِينَ من الملائكة، والخدم، لم تأخذها، فهن مقصورات قد قصرت عَنْ إِبْصَارِ الْمَخْلُوقِينَ".

وَقَالَ تَعَالَى: {وَحُورٌ عِينٌ كَأمْثَالِ اللؤلُؤِ الْمَكْنُونِ} . [56- الواقعة- 22] .

وقال في الآية الآخرى: {كَأنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُون} . [37-الصَّافَّاتِ- 49] .

قِيلَ: إِنَّهُ بَيْضُ النَّعَامِ الْمَكْنُونُ فِي الرمل: وبياضه عند العرب أحسن ألوان البياض، وقيل: المراد به اللُّؤْلُؤُ قَبْلَ أَنْ يَبْرُزَ مِنْ صَدَفِهِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أنْشَأنَاهُنَّ إنْشاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أبْكَاراً عُرباً أتْرَاباً لأِصْحَابِ اليَمِين} . [56- الواقعة- 35- 38] .

أي أنشأهن الله بَعْدَ الْكِبَرِ وَالْعَجْزِ وَالضَّعْفِ فِي الدُّنْيَا، فَصِرْنَ في الجنة شباباً طرياً أبكاراً عرباً أي: متحببات إلى بعولهن، أتراباً لأصحاب اليمين أي: في مثل أعمارهم.

ص: 331