الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوّلْ كَلامه عز وجل لِلْمُؤْمِنِينَ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رجاء، عن خالد بن أبي عمران، عن ابن عباس، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ بِأَوَّلِ مَا يَقُولُ اللَّهُ عز وجل للمؤمنين يوم القيامة، وبأول ما تقولون لَهُ" قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فإِن اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ: هَلْ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي. فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا رَبَّنَا فَيَقُولُ: وَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ? فَيَقُولُونَ: عَفْوُكَ وَرَحْمَتُكَ 1 وَرِضْوَانُكَ، فيقول: فإِني قد أوجبت لكم رحمتي"2.
1 كذا في الأصل والصواب كما في مسند الطيالسي
…
رجونا عفوك ورحمتك..
2 الحديث رواه الدارقطني في تذكرته 2- 341.
فصل: لا خلاق في الآخرة لمن يخون أَمانة الله وعهده
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِن الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنَاَ قَلِيلاً أولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزكِّيهِمْ وَلَهمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . [3- آل عمران-77] .
والمراد من هذا أَنه لا يكلمهم ولا ينظر إليهم كلاماً ونظراً يرحمهم به، كما أَنهم عن ربهم يومئذ محجوبون بقوله تعالى:{كلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَومَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} . [83- المطففين-15] .
وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشرهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْس وَقَالَ أَوْليَاؤهُمْ مِنَ الإِنْس رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضنَا بِبَعْض وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَاّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيم عَلِيمٌ} . [- الْأَنْعَامِ- 128] .
وَقَالَ تَعَالَى: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْل جَمَعْناكمْ وَالأَوَّلينَ فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمكًذّبينَ} [77-المرسلات-38-40] . وقال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثًهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} . [58- المجادلة- 18] .
وقال بعد هذا: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقول أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أمَّة شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ للَّهِ وَضَلَّ عَنهمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} . [28- القصص- 74-75] .
والآيات في هذا كثير جِدًّا.
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ طَرِيقِ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ له: أَلَمْ أُكْرِمْكَ? أَلَمْ أُزَوِّجْكَ? أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الخيل والإِبل، أذرك ترأس وتربع? فيقول: بلى، فيقول: أظننت أَنَّكَ مُلَاقِيَّ? فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كما نسيتني"1. فهذا فيه صراحة عظيمة في تكلم الله تعالى ومخاطبته لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ.
وَأَمَّا الْعُصَاةُ
فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عمر الذي في الصحيحين كَمَا سَيَأْتِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُدْنِي اللَّهُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ثُمَّ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ فَيَقُولُ: عَمِلْتَ فِي يَوْمِ كَذَا كَذَا وَكَذَا? وَفِي يَوْمِ كَذَا كَذَا وَكَذَا? فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ"2.
1 الحديث رواه السيوطي في الفتح الكبير 3- 124 وقال: رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن عدي بن حاتم وقد سبق تخريجه في باب كلام الرب.
2 الحديث رواه البخاري في صحيحه 65-11، 4، 78-60، 97-63 ورواه مسلم في صحيحه 49-52. ورواه ابن ماجه في سننه مقدمة-13.