الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَطَارَتِ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي مُنَشَّرَةً
…
فِيهَا السَّرَائِرُ والأبصار تطلع
فَكَيْفَ سَهْوُكَ وَالْأَنْبَاءُ وَاقِعَةٌ
…
عَمَّا قَلِيلٍ وَلَا تدري بما يقعُ
أفي الجنان ونور لا انقطاع له
…
أم الجحيم فلا يبقى ولا يدع
تَهْوِي بِسَاكِنِهَا طَوْرًا وَتَرْفَعُهُمْ
…
إِذَا رَجَوْا مَخْرَجًا من عمقها قُمِعُوا
طَالَ الْبُكَاءُ فَلَمْ يَرْحَمْ تَضَرُّعَهُمْ
…
فِيهَا وَلَا رِقَّةٌ تُغْنِي وَلَا جَزَعُ
لَيَنْفَعُ الْعِلْمُ قبل الموت عامله
…
قَدْ سَالَ قَوْمٌ بِهَا الرُّجْعَى فَمَا رَجَعُوا
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {يَا أيُهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أوتيَ كِتَابَهُ بِيَمينهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وأَمَّا مَنْ أؤتيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَيَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إنَّهُ ظَنَّ أنْ لَنْ يَحُورَ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} . [84- الانشقاق- 5-15] .
من نوقش الحساب هلك
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن أبي صفرة، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا هَلَكَ" فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أؤتيَ كِتَابَة بِيَمينهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبَ حِسَاباً يَسِيراً}
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يوم القيامة إِلا عذب"1.
يعني أنه تعالى إذا ناقش في حسابه عبيده عذبهم، وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يَعْفُو، ويغفر، ويستر في الدنيا والآخرة، كما سيأتي في حديث ابن عمر:"يُدْنِي اللَّهُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، ثُمَّ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لك اليوم "2.
فصل
قال الله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَاب الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقونَ أولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيم} . [56- الواقعة- 7-12] .
الآيات: فَإِذَا نُصِبَ كُرْسِيُّ فَصْلِ الْقَضَاءِ انْمَازَ الْكَافِرُونَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَوْقِفِ إِلَى نَاحِيَةِ الشِّمَالِ، وَبَقِيَ الْمُؤْمِنُونَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} . [36- يس- 59] .
1 الحديث رواه البخاري في صحيحه 8-112.
2 الحديث رواه مسلم في صحيحه 49- 8- 52.
وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ نَقُولُ لِلّذِينَ أَشْرَكًوا مَكَانَكمْ أَنْتُمْ وَشرَكَاءكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} . [10- يُونُسَ- 28] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَتَرَى كُلَّ أمَّةٍ جَاثِيَةً كلُّ أمَّةٍ تدعَى إِلى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتمْ تَعْمَلُونَ} . [45- الجاثية- 28] .
وقال تعالى: {وَوُضِعَ الكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مشفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادر صغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَاّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} . [18- الكهف- 49] .
فالخلق قيام لرب العالمين، بين يديه، والعرق غمر أكثرهم، وبلغ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ، وَالنَّاسُ فِيهِ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ، خَاضِعِينَ، صَامِتِينَ، لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلا بإِذنه تَعَالَى، وَلَا يَتَكَلَّمُ يومئذ إِلا الرسل، والأنبياء حول أممهم، وكتاب الأعمال قد اشتمل على أعمال الأولين والآخرين، موضوع لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ذلك ما كانت تعمل الخلائق، وتكتبه عليهم الحفظة في قديم الدهر وحديثه، قال الله تعالى:{يُنَبؤاْ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} .
وقال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ في عُنُقِهِ وَنخْرجُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشوراً اقْرَأ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} . [17- الإسراء- 13- 14] .
قال البصري: لقد أنصفك يا ابن آدَمَ مَنْ جَعَلَكَ حَسِيبَ نَفْسِكَ، وَالْمِيزَانُ مَنْصُوبٌ لوزن أعمال الخير والشر فيه كما تقدم، وَالصِّرَاطُ قَدْ مُدَّ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ، وَالْمَلَائِكَةُ محدقون ببني آدم والجن، وَقَدْ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ، وَأُزْلِفَتْ دَارُ النَّعِيمِ، وَتَجَلَّى الرب تعالى لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا، وَقُرِئَتِ الصُّحُفُ، وَشَهِدَتْ عَلَى بَنِي آدَمَ الملائكة بما فعلوا، والأرض بما وقع عَلَى ظَهْرِهَا، فَمَنِ اعْتَرَفَ مِنْهُمْ وإِلاّ خُتِمَ عَلَى فيهِ، وَنَطَقَتْ جَوَارِحُهُ بِمَا عَمِلَ بِهَا فِي أَوْقَاتِ عَمَلِهِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ قال الله تعالى:{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ ربَّكَ أَوْحَى لَهَا} . [99- الزلزلة- 4-5] .
وقال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمُ ألْسِنَتُهُمْ وَأيْدِيهِمْ وَأرْجًلهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوفِّيهمُ اللَّهُ دينَهُمُ الْحًقّ وَيَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ ذوَ الْحَقُّ المُبِينُ} . [24- النور- 24- 25] .
وَقَالَ تَعَالَى:
وَقَالَ تعالى:
{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلحَيِّ القَيُّوم وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مؤمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً} . [20- طه- 111-112] .
أَيْ لَا يُنْقَصُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ، وهو الهضم، ولا يحمل عليه شيء من عمل غيره، وهو الظلم.
فصل
فَأَوَّلُ مَا يَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمْ مِنَ المخلوقات الحيوانات غير الإنس والجن وهما الثقلان، والدليل على حشر بقية الْحَيَوَانَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِر يَطِير بِجَنَاحَيْهِ إِلَاّ أمَمٌ أمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثمَّ إِلَى رَبهِمْ يُحْشَرُونَ} . [6- الأنعام- 38] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا الوُحْوشُ حُشِرَتْ} . [81- التكوير- 5] .
وقال عبد الله ابن الإِمام أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو يحيى البزار قالا: حدثنا حجاج بننصر، حدثنا شعبة، عن العوام بن مزاح بن قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"إِنَّ الْجَمَّاءَ لَتُقَصُّ مِنَ الْقَرْنَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"1.
وَقَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، سَمِعْتُ الْعَلَاءَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقْتَصَّ لِلشَّاةِ الْجَمَّاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ بنطحها"2.
هذا إسناد على شرط مسلم ولم يخرجوه.
وَقَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:
1 الحديث ضعيف: رواه أحمد في مسنده 520- معارف وفيه: حجاج بن نصير الفساطيطي عن شعبة، ضعيف، وبعضهم تركه وكان لا يقبل التلقين، من التاسعة. المغني في الضعفاء 1- 151-1327. والمتن لم يخرجه أحد من الستة وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 10-352. ونسبة للبزار والطبراني غريب الحديث.
الجماء: التي لا قرن لها. القرناء: ذات القرن.
2 الحدث رواه أحمد في المسند 7203- معرف. ورواه مسلم 2- 283-284. من طريق إسماعيل بن جعفر. والترمذي 3- 392 من طريق الداروردي كلاهما عن العلاء، وهو ان عبد الرحمن مولى الحرقة، بهذا الإسناد، نحوه. قال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. ورواه المنذري في الترغيب والترهيب 4- 201.
"يُقْتَصُّ لِلْخَلْقِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ، وَحَتَّى لِلذَّرَّةِ مِنَ الذَّرَّةِ"1. تَفَرَّدَ به أحمد.
وقال عبد الله بن أحمد: وحدث هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ، حدثنا عبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حدثنا ليث، عن عبد الرحمن بن مروان، عن الهذيل بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ جَالِسًا، وَشَاتَانِ تَعْتَلِفَانِ فَنَطَحَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَأَجْهَضَتْهَا، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقيل له: مايضحكك يا رسول الله? فقال: "عَجِبْتُ لَهَا? وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُقَادَنَّ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". 2
وَقَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ، عن منذر بن يعلى الثوري، عن أشياخ لهم، عن مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُنْذِرِ بْنِ يَعْلَى عن أشياخه، عن أبي ذر: فذكر ما مَعْنَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ: هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ?" قَالَ: لَا. قال: "لكن الله يدري وسيقضي بينهما". 3
وإسناده جيد حسن، قال الطرطبي: ورواه عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. قال القرطبي: ورواه الليث بن سليم، عن إبراهيم بن مروان، عن الهذيل، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ:
1 الحديث رواه أحمد في المسند 2- 363.
2 رواه أحمد في المسند 5- 162.
3 رواه أحمد في المسند 5- 162.
"ليقضين الله يوم القيامة لهذه الجماء مِنْ هَذِهِ الْقَرْنَاءِ"1.
قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بكر بن سوادة، أن أبا سالم الحساني حدثه: أن ثابت بن ظريف اسْتَأْذَنَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ، فَسَمِعَهُ رَافِعًا صَوْتَهُ يقول: أما والله لولا يوم الخصومة لسؤتك، فَدَخَلْتُ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ يَا أَبَا ذَرٍّ? وما عليك أن يضربها? فَقَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَوْ قَالَ: والذي نفس محمد بيده، لتسألن الشاة فيما نطحت صاحبتها، وليسألن الجماد فيما. نكب إصبع الرجل2.
وقال أحمد: حدثنا إسماعيل بن علية، أخبرنا أبوحيان، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، ثُمَّ قَالَ:"لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بعير له رغاء فيقول: يارسول الله أغثني: فأقول لا أملك لك من الله شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أملك لك من الله شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أملك لك من الله شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أملك لك من الله شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ من الله شيئاً قد أبلغتك".
وأخرجاه مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَيَّانَ، وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ بِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي حديث أبي هر يرة:
1 الحديث رواه القرطبي في تذكرته 1- 322.
2 الحديث رواه القرطبي في تذكرته 1-333.
"مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا بُطِحَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، فتطأه بِأَخْفَافِهَا كُلَّمَا مَرَّتْ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا"1.
وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَعَ الْآيَاتِ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى حشر الحيوانات كلها..
وقد تقدم في حديث الصور: "فَيَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ خَلْقِهِ، إِلا الثَّقَلَيْنِ الإِنس وَالْجِنَّ، فَيَقْضِي بَيْنَ الْوُحُوشِ وَالْبَهَائِمِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُقِيدُ الْجَمَّاءَ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ، حَتَّى إِذَا فرغ من ذلك، فلم يبق لواحدة عند أخرى حق، قَالَ اللَّهُ لَهَا: كُونِي تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً".
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا هَارُونُ بن عبد الله، حدثنا سيار، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ يقول، أَنَّ الْبَهَائِمَ إِذَا رَأَتْ بَنِي آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ تَصَدَّعُوا مِنْ بَيْنِ يَدَيِ اللَّهِ صنفاً إلى الجنة، وصنفاً إلى النار، نادت: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَا بَنِي آدَمَ الَّذِي لَمْ يجعلنا اليوم مثلكم، فلا جنة مرجوة، ولا عقاب يخاف.
وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ2 عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى عِنْدَ قَوْلِهِ الْمُقْسِطُ الْجَامِعُ قال: وفي خبر: أن الْوُحُوشِ وَالْبَهَائِمِ تُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَتَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: لَيْسَ هَذَا يَوْمَ سُجُودٍ، هذا يوم الثواب والعقاب، فتقول لِلْبَهَائِمِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَحْشُرْكُمْ لِثَوَابٍ وَلَا لِعِقَابٍ وَإِنَّمَا حَشَرَكُمْ تَشْهَدُونَ فَضَائِحَ بَنِي آدَمَ، وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهَا إِذَا حُشِرَتْ وَحُوسِبَتْ تَعُودُ تُرَابًا ثُمَّ يُحْثَى بِهَا فِي وُجُوهِ فَجَرَةِ بَنِي آدَمَ قَالَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} . [80- عبس-40] .
1 الحديث رواه مسلم في صحيحه 12- 6-26.
2 القرطبي في التذكرة 1-333.