الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الله تَعَالَى:
{فَأَمَّا الَذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَة يُحْبَرُونَ} . [30- الروم- 15] .
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: "هُوَ السَّمَاعُ فِي الجنة".
غناء الحور في جنة الله
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق، عن النعمان بن سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لمجتمعاً للحور العين، يغنين بأصوات لَمْ يَسْمَعِ الْخَلَائِقُ بِمِثْلِهَا، يَقُلْنَ: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فلا نبيد أبداً، ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ أَبَدًا، طُوبَى لِمَنْ كان لنا وكنا له".
قال: وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَنَسٍ.
قُلْتُ: وَكَذَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أمامة: رضي الله عنهم أجمعين.
حديث أبي هريرة
قال جعفر الفريابي: حدثنا سعد بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أنيسة، عن المنهال، عن عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهَرًا طُولَ الْجَنَّةِ، على حافتيه العذارى قياماً متقابلات، يغنين بأصوات يسمعها الخلائق، ما يرون في الجنة لذة مثلها. قلت: يا أبا
هُرَيْرَةَ: وَمَا ذَاكَ الْغِنَاءُ? قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ التَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّقْدِيسُ وَثَنَاءٌ عَلَى الرَّبِّ عز وجل".
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي صِفَةِ الجنة من طريق سليم بْنِ عُلَيٍّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا:
"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً جُذُوعُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفُرُوعُهَا مِنْ زبرجد ولؤلؤ، تهب عليها ريح فتصطفق، فما يسمع السامعون بشيء قَطُّ أَلَذَّ مِنْهُ".
وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهَا تُحَرِّكُهَا الرِّيَاحُ، فَتَتَحَرَّكُ بِصَوْتِ كُلِّ لهو كان في الدنيا".
حديث أنس
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا خيثمة، حدثنا إسماعيل، عن عمرو بن أبي ذؤيب، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إن الحور العين تغنين في الجنة: نحن الحور الحسان، خلقن لأزواج كرام".
حديث عبد الله بن أبي أوفى، وهو حديث غريب جداً
قال الحافظ أبو نعيم محمد بن جعفر بن أصيلة، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، حَدَّثَنِي سَعْدٌ الطَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"يزوج كُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعَةُ آلَافِ بِكْرٍ، وَثَمَانِيَةُ آلَافِ أَيِّمٍ، وَمِائَةُ حَوْرَاءَ، فَيَجْتَمِعْنَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَيَقُلْنَ بِأَصْوَاتٍ حِسَانٍ لم يسمع الخلائق بمثلهن: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَبِيدُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نبأس،
ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نَظْعَنُ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ".
حديث ابن عمر
قال الطبراني: حدثنا أبو رفاعة عمارة البصري، حَدَّثَنَا سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر بن كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أزواجهن بأحسن أصوات سمعها أحد قط وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نموت، نحن الآمنات فلا نخاف، نحن المقيمات فلا نظعن".
حديث أبي أمامة
قَالَ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرحمن، حدثنا خالد بن زيد بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"مَا مِنْ عَبْدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا وَيَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ ثِنْتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، يُغَنِّيَانِهِ بأحسن صوت يسمعه الْإِنْسُ وَالْجِنُّ، وَلَيْسَ بِمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ".
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِابْنِ شِهَابٍ: هَلْ فِي الْجَنَّةِ سَمَاعٌ? فَإِنَّهُ حُبِّبَ إليَّ السَّمَاعُ، فَقَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسُ ابْنِ شِهَابٍ بِيَدِهِ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرًا حَمْلُهُ اللُّؤْلُؤُ وَالزَّبَرْجَدُ، تحته حور نَاهِدَاتٌ يَتَغَنَّيْنَ بِالْقُرْآنِ وَيَقُلْنَ: نَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ، وَنَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُوتُ، فَإِذَا سَمِعَ ذلك الشجر صفق بعضه بعضاً فأعجبت
بصوت صفقه الْجَوَارِيَ، فَلَا يُدْرَى، أَأَصْوَاتُ الْجَوَارِي أَحْسَنُ، أَمْ أصوات الشجر"? قال ابن وهب: حدثنا الليث عن خالد بن يزيد? أن الجواري يغنين أزواجهن فيقلن، نَحْنُ الْخَيْرَاتُ الْحِسَانُ، أَزْوَاجُ شَبَابٍ كِرَامٍ، وَنَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُوتُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ، ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نَظْعَنُ، فِي صَدْرِ إِحْدَاهُنَّ مَكْتُوبٌ: أَنْتَ حِبِّي، وأنا حبك، لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَكَ".
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: حدثني الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: أَنَّ الحور العين يتلقين أزواجهن عند باب الْجَنَّةِ فَيَقُلْنَ: طَالَمَا انْتَظَرْنَاكُمْ، نَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ، وَالْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظْعَنُ، وَالْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُوتُ: بأحسن أصوات سمعت.
وتقول الحورية لزوجها: "أَنْتَ حِبِّي وَأَنَا حِبُّكَ، لَيْسَ دُونَكَ مَقْصِدٌ ولا وراءك معدل".
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعيد، حدثني علي بن عاصم، حدثني سعيد بن أبي سعيد، قال: حدثنا أَنَّ فِي الْجَنَّةِ آجَامًا مِنْ قَصَبٍ مِنْ ذَهَبٍ، حَمْلُهَا اللُّؤْلُؤُ، فَإِذَا اشْتَهَى أَهْلُ الْجَنَّةِ أن يسمعوا صوتاً، بَعَثَ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْآجَامِ رِيحًا، فَتَأْتِيهِمْ بكل صوت يشتهونه.
فَرع آخر أَعْلَى مِن الَّذِي قبْله
ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سلمة، عن ثابت البناني، وحجاج بن الْأَسْوَدِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ: إِنَّ عِبَادِي كانوا يحبون الصوث الْحَسَنَ فِي الدُّنْيَا، وَيَدَعُونَهُ مِنْ أَجْلِي، فَأَسْمِعُوا عِبَادِي: فَيَأْخُذُونَ بِأَصْوَاتٍ، مِنْ تَهْلِيلٍ، وَتَسْبِيحٍ، وَتَكْبِيرٍ، لَمْ يَسْمَعُوا بِمِثْلِهَا قَطُّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَسْمَاعَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ عَنْ مَجَالِسِ اللَّهْوِ وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ? أَسْكِنُوهُمْ رِيَاضَ الْمِسْكِ، ثُمَّ يَقُولُ للملائكة: أسمعوهم تحميدي وتمجيدي.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا دهيم بن الفضل القرشي، حدثنا داود بْنُ الْجَرَّاحِ: عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ:
"بَلَغَنِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحْسَنُ صَوْتًا مِنْ إسرافيل، فيأمره الله فيأخذ في الاسماع، فلا يبقى ملك في السموات إلا قطع عليه صلاته، فيمكث على ذلك مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: وعزتي لو تعلم الْعِبَادُ قَدْرَ عَظَمَتِي مَا عَبَدُوا غَيْرِي".
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{وإِنَّ لَه عِنْدَنَا لَزُلْفَى وحسْنَ مآبٍ} . [38- ص-40] .
قَالَ:
"إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُمِرَ بِمِنْبَرٍ رَفِيعٍ فَوُضِعَ فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ نُودِيَ: يَا داود مجدني بذلك الصوت الَّذِي كُنْتَ تُمَجِّدُنِي بِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، قال: فيرتفع صوت داود، يعم أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مآبٍ} .
وهو سماعهم كلام الرب جل جلاله إذا خاطبهم في المجامع التي يجتمعون لها بين يديه- تعالى وتقدس- ليخاطب كل واحد، ويذكره بِأَعْمَالِهِ الَّتِي سلفتَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَكَذَلِكَ إِذَا تَجَلَّى لَهُمْ جَهْرَةً فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:{سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} . [36- يس-58] .
وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ جابر في ذلك فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبِهَانِيُّ: مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ حبان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ: قَالَ:
"إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَدْخُلُونَ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى الْجَبَّارِ- جل جلاله فَيَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَقَدْ جَلَسَ كل امرىء منهم مَجْلِسَهُ الَّذِي هُوَ مَجْلِسُهُ، عَلَى مَنَابِرِ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالذَّهَبِ وَالزُّمُرُّدِ، فَلَمْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُمْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَسْمَعُوا شَيْئًا قَطُّ أَعْظَمَ وَلَا أَحْسَنَ مِنْهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ إِلَى رِحَالِهِمْ بِأَعْيُنٍ قريرة، وأعينهم إلى مثلها من الغد".
وروى أبو نعيم: من حديث حسن بْنِ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، مَرْفُوعًا: