الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبين زوجته، فاذا أصر الزوج بعد مضى أسبوع على نية الطلاق أن يبعث حكما من أهل الزوجة وحكما من أهل الزوج أو عدلين ليصلحا بينهما، فاذا لم ينجح الحكمان فعليهما أن يقدما تقريرا للقاضى الذي يأذن بالطلاق.
وجملة آراء قاسم هى:
(1)
رفع الحجاب الذي كان سائدا بصورة شاملة (2) تعليم المرأة حتى ترتفع إلى المستوى اللائق بوظيفتها في الحياة (3) لا تتزوج المرأة بلا ارادة ولا اختيار (4) تحريم تعدد الزوجات، وتقييد حق الرجل في الطلاق.
***
تطور الحركة
وقد عرفت المرأة العربية ضياء العلم في مصر، قريبا من ذلك العهد حيث ذكرت أسماء الست جليلة تمر هان الحكيمة التي أقدمت على الاشتغال بمهنة الطب وكان لها مكانة مرموقة وكتبت فصولا في مجلة يعسوب الطب و (زبيدة المغربية) الشاعرة الزجالة المشهورة وهى أول امرأة ظهرت سافرة بين الناس حيث كانت تحضر مجالس الأدباء وتساجلهم.
كما سجل المؤرخون أسماء ستيتة الطتلاوية وفاطمة الأزهرية التي قيل أنهما تربتا في الأزهر وحضرتا على كبار علمائه وكانتا من معلمات عائشة تيمور.
وعندما قدم جمال الدين الأفغانى إلى مصر 1871 أثار الدعوة إلى تحرير المرأة في مجالسه على نحو يتفق مع أسلوبه، فقد كان يوجهه أنظار تلاميذه نحو هذا الرأى أو ذاك بطريق غير مباشر. وقد روى إبراهيم الهلباوى أنه كان جالسا مع جمال الدين وكان معهما إبراهيم اللقانى وجماعة آخرين في الجزيرة بين المزارع فمرت من بعد سيدة انجليزية راكبة جوادا فلما لمحها السيد خاطب اللقانى وجماعة لآخرون في الجزيرة بين المزارع قال: ما تتمنى يالقانى. فأجابه: أن تكون لى زوجة كهذه السيدة، فأبدى السيد علامة الاستحسان. وقد تردد أن جمال الدين كان يعتقد بأن المرأة تتمتع بنفس التكوين العقلى الذر للرجل ولا يعتقها الا نشأتها وان لم "تتأكد مصادر هذا الرأى.
وقد ظهرت أول مجلة تحررها فتاة عام 1890 او هى مجلة الفتاة لهند نوفل ثم فتاة الشرق للبيبة هاشم وتوالت الصحف التي صدرت في القاهرة وكان بعض أصحابها من الشام.
وكانت مدرسة البنات الأمريكية قد تأسست في بيروت 1862 فكان لها أثرها في تعليم المرأة ودفعها نحو السفور، وظهرت اذ ذال كاتبات منهن زينب فواز وسليمة أبو راشد ومارى عجمى وجوليا دمشقية.
وكان للمدارس الأجنبية أثرها في مصر ولبنان. وقد تبادلت مصر والشام المدرسات لمدارس الأمريكان والفرير والجزويت. وفتحت أبواب التعليم للفتاة المصرية، ومن تقارير المراسلين الأمريكان يظهر أن عدد البنات اللائى يتلقين التعليم في المدارس في مصر بلغ عام 1898: 3720 بنتا أغلبهن من الاقباط: وقد حال الاستعمار البريطانى في مصر دون فتح أبواب التعليم الثانوى والعالى أمام الفتاة وكان المستشار الانجليزى يمنع ذلك بحجة أنه مخالف لتقاليد البلاد.
ومما يذكر أنه أبان الثورة العرابية (1882) بينما كان "عبد الله نديم" يخطب الناس في الاسكندرية تقدمت
"زينب ضيف" وطالبت بحقوق المرأة وقالت:
هل يرضيكم أن يعيش نصفكم ويموت النصف الآخر. ان العلم هو الحياة والجهل مت زؤام. ان المرأة المصرية لها في أعناقكم حقوق ولها عندكم واجب وهو أن تعلموها. ومن العار أن تخلو بلاد كمصر من مدارس البنات" ثم كان صالون نازلى هانم فاضل الذي جمع محمد عبده وقاسم أمين وسعد زغلول وغيرهم من أصدقاء اللورد كرومر وفيه تمت عملية "مخاض" كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين.
ونازلى فاضل هى حفيدة إبراهيم وابنة فاضل باشا وتحسن اللغات الفرنسية والانجليزية والتركية (توفيت ديسمبر 1913)
وقد كشف (داود بركات- الاهرام 4 مايو 1928) وفارس نمر (الحديث يناير 1939) حقيقة الدوافع لصدور كتاب تحرير المرأة، وجملة القول في هذان أن قاسم
…
أمين حين قرأ كتاب الدوق "داركور: المصريون" ورد عليه بكتاب باللغة الفرنسية فند فيه اتهاماتته.
وصف هذا الكتاب بأنه لم يكن في صف النهضة النسائية فقد رفع من شأن الحجاب وعده دليلا على كمال المرأة كما ندد بالداعيات إلى السفور وقد رأت غيه الأميرة
نازلى تعريضا بها. وقد أشير على جريدة المقطم بأن تكتب ستة مقالات عنه تنفذ اخطاء قاسم أمين في هذا الاتجاه. ودفاعه عن الحجاب واستنكاره اختلاط الجنسين وأوقفت الحملة بعد اتفاق الشيخ محمد عبده وسعد زغلول مع قاسم أمين على تصحيح رأيه. وقد حمل الشيخ محمد عبده الدعوة إلى تحرير المرأة في دروسه في الرواق العباسى حيث أعلن مرارا أن الرجل والمرأة متساويان عند الله.
وقد ترددت آراء كثيرة بأن الشيخ محمد عبده كتب بعض فصول هذا الكتاب أو كان له دور في مراجعتها، ومما أورده لطفى السيد أنه اجتمع في جنيف عام 1897 بالشيخ محمد عبده وقاسم أمين وسعد زغلول، وأن قاسم أخذ يتلو على الشيخ فقرات من الكتاب تحرير المرأة وصفت بأنها تنم عن أسلوب الشيخ محمد عبده نفسه. وقد صدر الكتاب عام 1899 ومعنى هذا أنه أمضى ثلاث سنوات في اعداده.
وقد قوبل كتاب (تحرير المرأة) بضجة قوية. وألف العلماء لجنة للرد عليه برئاسة محمد حسنين البولاقى. وانبرى للرد عليه طلعت حرب فريد وجدى حيث أصدر كل منهما كتابا في معارضة آراء قاسم.
وقد تراجع فريد وجدى شيئا ما عن آرائه غير أنه ظل محتفظا برأيه في حجاب المرأة حتى ردده مرة أخرى عام 1933 في مقالات له بالاهرام وقد أنشأت زوجته مجلة واشتغلت بالسياسة، ومما قاله محمد فريد وجدى
(المرأة المسلمة-1901) أن الحجاب ضرورى للنساء لصالح النوع الانسانى كله على العموم، وصلاحها على الخصوص، لا ينقص المرأة المسلمة لكى تبلغ أكمل نقطة يمكن ان ينالها جنسها الا تعلم مبادئ العلوم الضرورية وان اشتغال المرأة في اشغال الرجال قتل لمواهبها واطفاء لمكانتها.
وقال فريد وجدى: أن وظيفة المرأة هى حمل ووضع وارضاع وتربية.
وأن تعليم الأم لابد أن يشمل تربية الطفل وتربية ملكاته، وقال ان علينا "أن نعمل كل ما يمكننا لتقترب المرأة من كمالها وتدخل إلى حدود وظيفتها وان تعتبر أن كل ما يبعدها عن هذه الوظيفة داء اجتماعى يجب التغلب على ملابساته أو بذل الجهد في حصره في محله وان كل امرأة مهما قيل انها مكتشفة لمنجم أو باحثة في الميكروبات أو علم التشريح أو غير ذلك ناقصة وعاصية للطبيعة وخارجة عن حدود وظيفتها" وأن للمرأة كمالا خاصا بها لا يتأتى لها الحصول عليه البتة الا اذا صارت زوجة وأما تلد وتربى وتدير البيت. وان كان شئ يبعدها عن وظيفتها ينقص من كمالها ويؤثر عليها تأثيرا سيئا. ولا تكون الأمة كاملة الا اذا توزعت فيها الأعمال على العاملين كل على حسب استعداده ووظيفته الكونية.
وقال فريد وجدى عن الحجاب: أنا لا أفكر في الحجاب شرا ولكنى أعتقد أنه مانع من شر أكبر فهو بهذا الاعتبار يعتبر خيرا، وانه لا يمنع من التهذيب. وشبيها من هذا كان رأى طلعت حرب، وهو للتاريخ: ضد سفور المرأة وحده، ولم يكن ضد تعليم المرأة كما ورد خطأ في مقال للصحفى العجوز بالاهرام (هامش سبتمبر/1932) ومجمله ان الحجاب لا يحول دون تعليم المرأة.
وكأنما كان كتاب قاسم أمين قنبلة عنيفة الانفجار احتاجت إلى أكثر من عام ونصف تشغل الصحف اليومية والأسبوعية وقد وجد قاسم في الشباب مؤازرا وفي مقدمتهم إبراهيم رمزى الذي أنشأ مجلة خاصة لمقاومة آراء خصوم قاسم أمين وعبد الحميد حمدى الذي أنشأ مجلة السفور من بعد، وفي خلال ذلك، كان رأى قاسم مؤيدا في دوائر اللورد كرومر وصالون نازلى فاضل. ولكنه كان مكروها في دوائر اللواء والحزب الوطنى والقصر.
وظل قاسم خلال هذه الفترة صامتا يجمع النقود الموجهة إلى آرائه ويعد الرد عليها وكان ثمرة ذلك كتابه الثانى:
"المرأة الجديدة" الذي أهداه إلى سعد زغلول. وقد تناول فيه أسانيد الخصوم وفحصها ورد عليها.
وقد كان في كتابه الثانى مثل ما كان في كتابه الأول حصيفا، تسلح بضبط النفس وبعد قلمه عن الهوى والعاطفة ومضى يقنن بأسلوب العلم وفق منطق العقل كل رأى. ولم يتناول رأيا جديدا ولكنه وضح بعض الجوانب خاصة في الموضوعات الرئيسية: الحجاب وتعليم المرأة والطلاق وتعدد الزوجات.
ولقد كان مجمل رأى خصوم قاسم: أن تحرير المرأة يناقض أصول الدين بينهما اعتمد هو في كتابه الأول على نصوص الدين: القرآن والحديث، وقد كان الفرق بينه وبين خصومه في هذه المعركة أنهم حملوا عليه بعنف وتركوا لعواطفهم العنان في تجريحه واتهامه ولم