الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حملة هانوتو
مهاجمة الإسلام والمفاضلة بينه وبين المسيحية
وكانت حملة "هانوتو" واحدة من هذه الحملات التي شنها الغرب على الإسلام ومحاولة أثارة الشبهات حوله والسخرية منه وقد حاول هانوتو (وزير خارجية فرنسا) ان يلصق بالإسلام كل عيب. متهما أياه بالتعصب والتخلف. وحاول ان يرفع من شأن المسيحية على حساب الغض من قدر الإسلام حيث قال: ان الإسلام برفع حق الربوبية ويجعل الانسان في حضيض الضعف ودرك اوهن بينما ترفع المسيحية من شأن الانسان وتخوله حق القربى من الذات الأنة، وقلهل هانوتو ان نتيجة الاتجاه الأول هو تحريض الانسان على اغفال شئون نفسه وبث التنوط في قلبه وتثبيط همته.
وقال ان "المسيحية" هى الوارثة لآثار الآريين، وهى منقطعة الصلة بالمذاهب السامية وان كانت مشتقة منها، أما الإسلام فهو متأثر بالمذهب السامى، وذلك فهو ينزل بالانسان إلى أسفل الدرك ويرفع الآلة عنه في علاء لا نهاية له.
وأعتد قول كاتب آخر هو "كيمون" الذي يعتقد ان الإسلام جذام فشا بين الناس وأخذ يفتك بهم فتكا ذريعا ويقول "كيمون" بل هو مرض مريع. وشلل عام. وجنون ذهولى. يبعث الانسان على الخمود والكسل ويرى ان المسلمين وحوشا ضاربة ويعتقد ان الواجب أبادة خمسهم والحكم على الباقين بالأشغال الشاتنة وتدمير الكعبة ووضع ضريح "محمد" في متحف اللوفر.
وأشار إلى ان الإسلام دين وسياسة وان شعور المسلمين مبهم من حيث الجامعة السياسية والرابطة المدنية او الوطنية، فالوطن عندهم في الإسلام وهم يقولون ان السلطة مستمدة من الالوهية فلا يجوز ان يتولاها الا المسلمون.
وقال هانوتو: ان الإسلام عقبة في سبيل العلم والحضارة.
***
رد محمد عبده
ورد محمد عبده على هانوتو متهما أياه بتحريك نيران العداوة في الفرنسيين أثارتهم على حرب المسلمين. وقال ان أصل التمدن الآري هو الهند وان الإسلام هو الذي بعد ان صفاها وهذبها، وذلك عن طريق الأندلس.
وقال انه لا صلة بين الدين المسيحي والمدنية الحاضرة، فالانجيل يأمر اتباعه بالانسلاخ من الدنيا والزهادة فيها.
ويقص عليهم ان دخول الجمل في سم الخياط أيسر من دخول الغنى في ملكوت السماوات. فهل تقوم المدنية الأوربية على هذا الأساس.
ثم قال أن الفينيقيين- وهم ساميون- هم أساتذة العالم في الصناعة والتجارة بل والقراءة والكتابة ولا زالت الأمم يأخذ بعضها من بعض في المدينة لا فرق بين آري وسامى.
ودفع "محمد عبده" عن الإسلام تهمة الاتكال على القدر والجبرية وبين ان النبى وأصحابه جاهدا في سبيل نشر الدعوة ولم يكتفوا بالتسليم للقدر في اتمامها، قائلين ان الذي كفل لهم النصر يكفيهم التعب. وان الآريين الذين دخلوا في الإسلام من فرس ورومان هم الذين أفسدوا العقائد الإسلامية فادخلوا فيها ما ليس منها.
وقال ان ربط هانوتو بين المسيحية وبين الديانة اليونانية باطل، وان نظرية التشبيه لم تظهر في المسيحية الا بعد قرون من نشأتها. وقال ان من المسيحيين الآن من يعتقد أن المسيح لم يكن الا نبيا مختارا بعثه الله لخلاص البشر أما الإسلام فقد دعا إلى التوحيد وبعقيدة التوحيد فتح المسلمون الدنيا وجالوا في علوم السماوات والأرض فنبغوا في مختلف العلوم، وانما فسدوا وتأخروا حين فسدت عقيدتهم ودخل فيها ما ليس منها" أ. هـ.
?
ومما يذكر أن عصر التغريب بالذي أمتد في مصر خلال هذه الفترة (1920 - 1940) قد فرض أن يختار "هانوتو" هذا نفسه ليكتب تاريخ مصر في مقابل ثمانية آلاف جنيه، والعجيب أنه كتب تاريخا مشوها نقدته الصحف وعارضه الكتاب، فقد زعم أن مصر لم تستقل في حياتها الا فترات قصيرة جدا وأجابت مجلة النهضة الفكرية (18 يناير 1932) على ذلك: بأن مصر كانت امبراطورية كبيرة يوم كانت أوروبا تتخذ من الكهوف والمغاور مساكن ومن جلود الحيوانات أطعمة. ولو لم يتصل اليونان بمصر لظلت فرنسا وانجلترا في العصر الحجري إلى القرن العشرين. وتساءلت المجلة: هل كانت مصر مستعمرة في عهد البطالسة؟ أيام كانت فرنسا مسكونة بصنف من البشر همجى متوحش.