المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في أحكام المفقود] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٣

[بهرام الدميري]

فهرس الكتاب

- ‌فصل [في خيار الأمة]

- ‌فصل [في الصداق وهو الركن الخامس]

- ‌[فصل في نكاع الشغار]

- ‌فصل [في نكاح التفويض]

- ‌فصل [في بيان أحكام تنازع الزوجين]

- ‌فصل [في الوليمة]

- ‌فصل [في القسم بين الزوجات والنشوز]

- ‌[فصل في النشوز]

- ‌فصل [في طلاق السنة]

- ‌فصل [في أركان الطلاق]

- ‌فصل [في أحكام وأقسام الاستنابة على الطلاق]

- ‌فصل [في أحكام رجعة المطلقة]

- ‌باب [في الإيلاء]

- ‌باب: [في الظهار]

- ‌باب [في اللعان]

- ‌باب [في العدة]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام المفقود]

- ‌فصل [في أحكام أقسام الاستبراء]

- ‌فصل [في بيان أحكام تداخل العدد والاستبراء]

- ‌باب [في أحكام] الرضاع

- ‌باب [في النفقة بالنكاح والملك والقرابة]

- ‌فصل [في نفقة الرقيق والدواب والقريب وخادمه والحضانة]

- ‌فصل [في حضانة الذكر والأنثى]

- ‌باب [في أحكام البيع]

- ‌[بيع الجزاف]

- ‌[باب في الصرف]

- ‌فصل [الربا في المطعومات]

- ‌[البيوع المنهي عنها]

- ‌[بيع النجش]

- ‌فصل [في أحكام بيوع الآجال]

- ‌فصل [في أحكام بيع العينة]

- ‌فصل [في خيار البيع]

- ‌فصل [في بيع المرابحة]

الفصل: ‌فصل [في أحكام المفقود]

‌فَصْلٌ [في أحكام المفقود]

(المتن)

فَصْلٌ وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي، وَالْوَالِي، وَوَالِي الْمَاءِ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُؤَجَّلُ أَرْبَعَ سِنِينَ، إِنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا، وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا مِنَ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ كَالْوَفَاةِ، وَسَقَطَتْ بِهَا النَّفَقَةُ. وَلَا تَحْتَاجُ فِيهَا لإِذْنٍ، وَلَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ بَعْدَهَا، وَقُدِّرَ طَلَاقٌ ويَتَحَقَّقُ بِدُخُولِ الثَّانِي فَتَحِلُّ لِلأَوَّلِ إِنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ، فَإِنْ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ فَكَالْوَلِيَّيْنِ، وَوَرِثَتِ الأَوَّلَ إِنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةٍ فَكَغَيْرِهِ.

(الشرح)

(وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي، وَالْوَالِي، وَوَالِي الْمَاءِ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) المراد بالمفقود هنا من عدم في بلاد المسلمين، ولم يعلم له خبرٌ احترازًا ممن فقد في بلاد العدو كالأسير ونحوه مما سيأتي، ولما (1) كان الرفع والكشف عن حال المفقود من حق الزوجة، قال:(ولزوجة المفقود الرفع)؛ أي: ولها أن لا ترفع إن شاءت من غير حجر عليها، واختلف فيمن يتولى ضرب الأجل للمفقود، فالمعروف أنه الخليفة والقاضي والوالي، قال مالك: ووالي المياه (2)، وأنكره (3) سحنون، وقال أبو مصعب: هو مختص بأمير المؤمنين (4) بعضهم: وهو مثل قول سحنون (5)، وقال عبد الملك: إذا كان الإمام الأعظم حاضرًا لَمْ يضرب غيره (6)، والمراد بولاة المياه السعاة وهم جباة الزكاة؛ لأنهم يبعثون عند حصول (7) المياه؛ فإن لَمْ تجد المرأة أحدًا ممن ذكرنا ببلدها ضربت لها جماعة

(1) في (س): (ولو).

(2)

انظر: تهذيب المدونة: 2/ 221، ونصها:"ويجوز ضرب ولاة المياه وصاحب الشرطة الأجل للعنين والمعترض والمفقود".

(3)

في (ن): (أنكر).

(4)

زاد بعده في (ن): (قال).

(5)

انظر: التوضيح: 5/ 88.

(6)

انظر: المنتقى، للباجي: 5/ 359، وعبارته:"قال ابن الماجشون: لا يضرب له الأجل إلَّا الإمام الأعظم".

(7)

زاد بعده في (ن): (الناس على).

ص: 343

المسلمين الأجل. التونسي وأبو عمران: ترفع أمرها إلى (1) صالحي جيرانها فيكشفوا (2) خبر زوجها ويضربوا لها الأجل.

قوله: (فَيُؤَجَّلُ أَرْبَعَ سِنِينَ إِنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا والْعَبْدُ نِصْفَهَا) أي: فإذا رفعت أمرها وكتب القاضي إلى النواحي وأمعن في الكشف عنه فلم يظهر له (3) خبر ضرب له (4) أجل أربع سنين من يومئذ إن كان حرًّا أو (5) سنتين إن كان عبدًا، وهذا إذا كان للمفقود مال ينفق منه على المرأة في المدة المذكورة، كما أشار إليه بقوله:(إن دامت نفقتها)، أي: وأما إن (6) لَمْ يكن له مال ولا شيء ينفق (7) منه صارت كزوجة المعسر بالنفقة، وسيأتي ذلك، والمشهور أن أجل العبد على النصف من أجل الحر كما قال، وقيل: كأجله وهو أظهر (8).

قوله: (مِنَ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ) هكذا تقدم أن (9) ضرب الأجل لا يكون إلَّا بعد العجز عن خبر المفقود، وقاله في المدونة (10)، وهو المشهور، وفي مختصر ابن عبد الحكم من يوم الرفع إذا ثبتت الزوجية والغيبة (11)، وبه قال ابن عبد الحكم (12).

قوله: (ثُمَّ اعْتَدَّتْ كَالْوَفَاةِ) هو مذهب المدونة (13) وغيرها، وسواء دخل بها أم لا، وألزم بعضهم فيها أقصى الأجلين.

في (ز 2): (أعلى).

(2)

في (ن): (فيكشفون عن).

(3)

قوله: (له) زيادة من (ز 2).

(4)

في (ز 2): (لها).

(5)

في (س) و (ز 2): (و).

(6)

قوله: (وأما إن) يقابله في (ز 2): (وإن).

(7)

قوله: (ينفقمنه) يقابله في (ن): (تنفق منه الزوجة).

(8)

في (ن 1): (ظاهر).

(9)

في (ن): (حكمه إن).

(10)

انظر: المدونة: 2/ 30.

(11)

قوله: (ثبتت الزوجية والغيبة) يقابله في (ز 2) و (ن): (أثبتت الزوجة الغيبة).

(12)

انظر: التوضيح: 5/ 89.

(13)

انظر: المدونة: 2/ 31.

ص: 344

قوله: (وسَقَطَتْ بِهَا النَّفَقَةُ) أي: وسقطت النفقة بالعدة؛ أي: فيها إذ لا نفقة للمتوفى عنها. قوله: (ولا تَحْتَاجُ فِيهَا لإِذْنٍ) يريد: أن المرأة لا تحتاج بعد انقضاء الأجل (1) إلى إذن الإمام في العدة، وقاله (2) في المدونة (3). عبد الوهاب: وكذا لا تحتاج بعد العدة إلى إذنه في التزويج (4).

قوله: (ولَيْسَ في الْبَقَاءُ بَعْدَهَا) هكذا قال أبو بكر بن عبد الرَّحمن؛ لأنَّها إنما أمرت بالعدة للفراق، فيُجرَى على ذلك حتى تظهر حياته.

قوله: (وقُدِّرَ طَلاقٌ وَيتَحَقَّقُ بِدُخُولِ الثَّانِي فتَحِلُّ لِلأَوَّلِ إِنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ) يريد أنه لابد من تقدير طلاق يُفِيُتها عن (5) الأول خشية أن يكون حيًّا، وذلك (6) الطلاق إنما يتحقق بدخول الزوج الثاني، ولهذا لو كان الأول طلقها قبل فقده، ثنتين، ثم دخل بها الثاني وطلقها فإنها تحل للأول، ولا تحتاج إلى زوج ثان؛ لأن المطلقة الثالثة (7) قُدر وقوعها قبل دخول الثاني كما تقدم، وهذا قول مالك وأشهب، وقال أصبغ: لا تحل (8). اللخمي: والأول أحسن (9)، وصوب أبو عمران قول أصبغ (10).

قوله: (فَإِنْ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ فكَالْوَلِيَّيْنِ) أي: فإن ظهر أن الأمر (11) على خلاف ما بني عليه حال المفقود بأن يأتي، أو ثبتت حياته، أو أنه قد مات؛ يريد: بعد العقد وقبل الدخول؛ فإن حكمها حينئذ يصير حكم ذات الوليين، يزوجها كلّ (12)

(1) في (ن 1): (المدة).

(2)

في (س): (وقال).

(3)

انظر: المدونة: 2/ 30.

(4)

انظر: المعونة، للقاضي عبد الوهاب: 1/ 552.

(5)

في (ز 2): (على).

(6)

في (ن): (كذلك).

(7)

في (س): (الثانية).

(8)

قوله: (وقال أصبغ لا تحل) ساقط من (ز 2).

(9)

انظر: المدونة: 2/ 29، وعقد الجواهر: 2/ 578، والتبصرة، للخمي، ص: 2233 و 2234.

(10)

انظر: التوضيح: 5/ 95.

(11)

قوله: (الأمر) ساقط من (ن 1).

(12)

زاد بعده في (ن): (واحد).

ص: 345

منهما بزوج، فإذا دخل الثاني بها (1) ولم تعلم (2) فهي له، وإلا فهي للأول، وكذلك هنا، وإنما قلنا: إن الموت توسط بين العقد (3) والدخول احترازًا مما إذا تقدم عليهما، فإنه ينظر إلى عقد (4) الثاني هل وقع بعد العدة؟ فيحكم بصحته، أو فيها؟ فيكون كالناكح (5) في العدة، ولا خلاف أنه إذا جاء قبل خروجها من العدة أنَّها زوجة للأول، وكذلك إذا خرجت منها ولم يعقد عليها الثاني خلافًا لابن نافع، واختلف إن عقد ولم يدخل (6) بها، فقال مالك (7) مرّة: تفوت على الأول ثم رجع، وقال: لا يفيتها إلَّا الدخول، وبالأول قال المغيرة وابن كنانة وابن دينار، وبالثاني قال ابن القاسم وأشهب، ولم يختلف قول مالك أنَّها تفوت بالدخول (8).

قوله: (ووَرِثَتِ الأَوَّلَ إِنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا) أي: فإن مات المفقود في وقت يحكم له بالزوجة (9) - ورثته مثل أن يموت قبل خروجها من عدته التي أمرت بها (10)، ولا خلاف أنَّها ترثه هنا؛ لأنه لو قَدِم كان أحق بها اتفاقًا. وإن مات قبل (11) انقضاء العدة ورثته على المعروف، وعلى قول ابن نافع: لا ترثه. وإن مات بعد العقد (12) وقبل دخول الثاني ورثته (13) على قول مالك المرجوع إليه، لا على القول المرجوع عنه. وإن مات بعد دخول الثاني لَمْ ترثه.

(1) قوله: (بها) ساقط من (ز 2).

(2)

في (ز 2) و (ن 1): (يعلم).

(3)

في (ن 1): (العقدين).

(4)

في (ز 2): (عقده).

(5)

في (ن 1): (كالنكاح).

(6)

في (ن): (يبني).

(7)

قوله: (مالك) ساقط من (ز 2).

(8)

انظر: المدونة: 2/ 29.

(9)

في (ن 1): (فيه بالزوجية).

(10)

قوله: (عدته التي أمرت بها) يقابله في (ن 1): (العدة التي ترتبت عليه من أجله).

(11)

في (ز 2) و (س) و (ن 2): (بعد).

(12)

في (ن): (العدة).

(13)

زاد بعده في (ن): (قبل الدخول).

ص: 346

قوله: (ولَوْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةٍ فكَغَيْرِهِ) أي: فإن ثبت أنه تزوجها في عدة المفقود فإن نكاحه يفسخ ولا تحرم عليه إن لَمْ يدخل بها، ويخطبها إن شاء، وتحرم عليه للأبد إن وطئها فيها (1)، وإنما قال:(فكغيره) ليشمل جميع ما تقدم في حكم الناكح (2) في العدة.

(المتن)

وَأَمَّا إِنْ نُعِيَ لَهَا، أَوْ قَالَ: عَمْرَةُ طَالِقٌ مُدَّعِيًا غَائِبَةً فَطُلِّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَثْبَتَهُ، وَذُو ثَلَاثٍ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ، وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ إِسْقَاطُهَا، وَذَاتُ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا فَيُفْسَخُ، أَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ أَوْ بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ فَيُفْسَخُ، ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولٍ.

(الشرح)

لما ذكر أن زوجة المفقود تفوت بالدخول، ذكر هذه المسائل الخمس؛ لأنَّها مخالفة (3) لما تقدم، وهو أنَّها لا تفوت بدخول الثاني.

فالأولى: مَنْ نُعي لها زوجها الغائب (4) فاعتمدت على ذلك الإخبار وتزوجت ودخل بها الثاني، ثم أتى زوجها الأول فإنها ترد إليه وهو المشهور، وبه قال محمد (5)، وعن مالك: أنَّها تفوت كزوجة المفقود (6)، وقيل: إن حكم لها حاكم فاتت وإلا فلا (7)، وقاله إسماعيل القاضي (8). فإن لَمْ يدخل بها الثاني لَمْ تفت بلا خلاف.

الثانية: من له زوجة اسمها عمرة ولم يعرف له زوجة غيرها، فقال: عمرة طالق، وادعى أنه لَمْ يرد التي عنده، وقال: إنما قصدت امرأة لي غائبة اسمها عمرة، فطلقت عليه وتزوجت، ثم أقام بينة أن له زوجة أخرى تسمى عمرة أيضًا؛ فإن امرأته ترد إليه ولو دخل بها الثاني وقاله (9) محمد (10)، والضمير في (أثبته) عائد على النِّكَاح؛ أي:

(1) في (ن): (في العدة).

(2)

في (س): (المناكح)، وفي (ن 1):(النِّكَاح)

(3)

قوله: (لأنها مخالفة) يقابله في (ن): (لمخالفتها).

(4)

قوله: (الغائب) ساقط من (ز 2).

(5)

انظر: النوادر والزيادات 5/ 252.

(6)

انظر: المدونة: 2/ 29.

(7)

قوله: (وإلا فلا) ساقط من (ز 2).

(8)

انظر: الذخيرة: 4/ 256.

(9)

في (ز 2): (وقال).

(10)

انظر: النوادر والزيادات 9/ 387.

ص: 347

ثم (1) أثبت نكاح المرأة التي ادعى نكاحها. وقوله: (غائبة) هو صفة لموصوف محذوف (2)؛ أي: امرأة غائبة.

الثالثة: من وكّل وكيلين فزوجه كلّ منهما بامرأة وله ثلاث زوجات فدخل بالآخرة، فإن نكاحها يفسخ؛ لأنَّها خامسة، ويثبت على نكاح الأولى لأنَّها رابعة.

الرابعة: المطلقة لعدم النفقة ثم يظهر إسقاطها.

الخامسة: المرأة (3) تتزوج في عدة زوجها المفقود فيفسخ نكاحها، ثم يتبين أن عدتها منه كانت انقضت بموت المفقود قبل ذلك فإنها ترد إلى الثاني. وقوله:(ثم يظهر أنه كان على الصحة) أي: النِّكَاح الذي فسخ وهو خاص بهذه الصورة (4) وما بعدها، وهو ما إذا تزوجت بدعوا ها الموت (5) أو بشهادة غير عدلين. وقوله:(فلا تفوت بدخول) هو خبر عن جميع المسائل المذكورة (6).

(المتن)

وَالضَّرْبُ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ، وَإنْ أَبَيْنَ. وَبُقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ، وَمَالُهُ، وَزَوْجَةُ الأَسِيرِ، وَمَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ لِلتَّعْمِيرِ، وَهُوَ سَبْعُونَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ ثَمَانِينَ، وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ فَالأَقَلُّ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ، وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ، وَإنْ تَنَصَّرَ أَسِيرٌ فَعَلَى الطَّوْعِ، وَاعْتَدَّتْ فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ، وَهَلْ يُتَلَوَّمُ وَيُجْتَهَدُ؟ تَفْسِيرَانِ. وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ كَالْمُنْتَجِعِ لِبَلَدِ الطَّاعُونِ، أَوْ فِي زَمَنِهِ.

(الشرح)

قوله: (وَالضَّرْبُ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ وَإنْ أَبَيْنَ) إذا كان للمفقود زوجات فرفعت إحداهن أمرها فضرب لها الحاكم الأجل؛ فإن ذلك يكون ضربًا لجميعهن وإن أبين، وهو قول مالك وابن القاسم (7)، وقيل: لا يكون ضربًا لمن لَمْ ترفع أمرها منهن،

(1) قوله: (ثم) ساقط من (ن 1).

(2)

قوله: (لموصوف محذوف) يقابله في (س): (لمحذوف).

(3)

قوله: (المرأة) ساقط من (ز 2).

(4)

قوله: (الصورة) زيادة من (س).

(5)

في (ز 2) و (س) و (ن 2): (الميت).

(6)

في (ن 1): (التي تقدمت).

(7)

انظر: المنتقى، للباجي: 5/ 360.

ص: 348

والأول هو الظاهر. ابن عبد السلام: والثاني أقرب (1).

قوله: (وَبُقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ، وَمَالُهُ، وَزَوْجَةُ الأَسِيرِ، وَمَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ لِلتَّعْمِيرِ) يريد: أن أم ولد المفقود إذا طلبت ضرب الأجل لَمْ تمكن من ذلك وتبقى إلى انقضاء (2) تعميره فتعتق عليه وقاله (3) ابن عبد السلام. وكذلك لا يقسم ماله حتى يأتي عليه حد التعمير، قال في المدونة: أو يصح موته فيرثه ورثته يوم صح موته (4)، وحكى ابن راشد (5) قولًا أن ذلك يقسم بعد الأربعة أعوام (6)، وإنما لَمْ يضرب لزوجة الأسير أجل، ويبقى (7)؛ لأن الإمام لا يصل إلى كشف حاله كما يفعل بالمفقود، وقاله في المدونة، قال: وسواء علمنا موضعه أم لا؟ لأنه معلوم أنه قد أسر (8)، وخرج اللخمي قولًا أن امرأته (9) تطلق عليه، قياسًا على أحد القولين فيمن قطع ذكره (10)، ولا خلاف أنه متى (11) عرف مكانه وثبتت (12) حياته أن امرأته لا تتزوج حتى يموت، ذكره ابن حارث (13)، واختلف إذا لَمْ يعرف ذلك، فقيل: كفقيد أرض الإسلام، وقيل: إن كان مكانه لا يدخله (14) التجار والطوافون فهو كذلك، وإلا فهو كالمفقود، فلو هرب من

بلاد العدو وجهل خبره، فإن لَمْ يثبت دخوله بلاد الإسلام فله حكم الأسير وإلا

(1) انظر: التوضيح: 5/ 97.

(2)

زاد بعده في (ن): (أمد).

(3)

(وقاله) ساقط من (س).

(4)

انظر: المدونة: 2/ 32.

(5)

في (ز 2): (رشد).

(6)

انظر: التوضيح: 5/ 101.

(7)

في (ن): (وتبقى).

(8)

انظر: المدونة، صادر: 4/ 178.

(9)

قوله: (أن امرأته) يقابله في (ز 2): (أنَّها).

(10)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:2390.

(11)

في (ن 2) و (ز 2): (من).

(12)

في (ز 2): (ويثبت).

(13)

انظر: التوضيح: 5/ 102.

(14)

في (ز 2): (تدخله).

ص: 349

فكالمفقود، وحكم مفقود أرض الشرك حكم الأسير (1)، وقاله جميع أصحاب مالك إلَّا أشهب فجعله (2) حكم المفقود (3)

قوله: (وهُوَ سَبْعُونَ واخْتَارَ الشَّيْخَانِ ثَمَانِينَ) أي: وحد التعمير سبعون سنة، وهو قول مالك وابن القاسم (4) وأشهب، عبد الوهاب: وهو الصحيح (5)، وقال ابن يونس: هو الظاهر لقوله عليه السلام: "أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّين إِلَى السَّبْعِين وَقَل مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ"(6)، وقال مالك وابن القاسم أيضًا: ثمانون، وقاله مطرف (7)، واختاره الشيخان (8) أبو محمد وأبو الحسن (9).

قوله: (وحُكِمَ بِخَمْسٍ وسَبْعِينَ) هكذا قال ابن العطار أن الحكم به عندهم (10)، وبه كان يحكم ابن زرب (11)، وعن ابن الماجشون تسعون، وعنه: مائة، ونحوه لأشهب (12)

(1) قوله: (وإلا فكالمفقود، وحكم مفقود أرض الشرك حكم الأسير) ساقط من (ز 2).

(2)

في (ز 2) و (ن): (فجعل له).

(3)

انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 282.

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 5/ 250.

(5)

انظر: المعونة: 1/ 553.

(6)

إسناده حسن، أخرجه الترمذي: 5/ 553، في باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الدعوات، برقم: 3550، وقال: هذا حديث حسن غريب، وابن ماجة: 2/ 1415، في باب الأمل والأجل، من كتاب الزهد، برقم: 4236، من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وابن حبان: 7/ 247، في باب المريض وما يتعلق به، من كتاب: الجنائز، برقم: 2980، والحاكم: 2/ 463، برقم: 3598، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

قلت: (فيه الحسن بن عرفة العبدي وهو صدوق، ومحمد بن عمرو بن علقمة وهو صدوق له أوهام. فالحديث على هذا إسناده حسن، والله أعلم. وانظر في تراجم هؤلاء: تقريب التهذيب: 1/ 206 و 2/ 119.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 3/ 324.

(8)

الشيخان عند السادة المالكية هما: أبو محمد عبد الله بن أبي زيد عبد الرَّحمن القيرواني المتوفى سنة 386 هـ. وأبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري المعروف بالقابسي المتوفي سنة 403 هـ.

(9)

انظر: التوضيح: 5/ 101.

(10)

انظر: وثائق ابن العطار، ص: 539، وعبارته:"واختار القضاة عندنا الثمانين".

(11)

انظر: لباب اللباب: 136.

(12)

حكى صاحب اللباب عن أشهب القولين، ص: 136، وأما النوادر والزيادات: 5/ 250، والبيان =

ص: 350

وابن حبيب (1). عبد الملك (2): وإليه رجع مالك، وعن ابن القاسم: هو الثمانون أو التسعون (3)، وعن ابن عبد الحكم: أنه مائة وعشرون (4).

قوله: (فَإِنِ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ فَالأَقَلُّ) أي: فقال بعضهم فُقِدَ (5) سِنُّهُ كذا، وقال بعضهم (6): بل كذا الأقل أو أكر، فإنه يعمل بقول من شهد بالأقل لأنه أحوط، إذ لو عمل بقول من شهد بالأكثر لاحتمل (7) إلا يكون (8) قد بلغ حد التعمير، فنكون قد قسمنا ماله على الشك، ولا (9) كذلك إذا عملنا بقول من شهد بالأقل.

قوله: (وتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ) أي: فلا يشترط فيها التحقيق بمقدار سِنِّهِ، بل يجوز على ما (10) يغلب على الظن مما يقرب (11) من ذلك، لكن لا بد مع ذلك من يمين الوارث على وفق ما ذكر الشهود، ولهذا قال:(وحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ) أي: إذا كان ممن يظن به علم ذلك.

قوله: (وَإِنْ تَنَصَّرَ أَسِيرٌ فَعَلَى الطَّوْعِ) هذا هو المشهور، وهو مذهب المدونة؛ أي: فيفرق بينه وبين زوجته ويوقف ماله (12)؛ فإن مات مرتدًّا فهو للمسلمين، وإن أسلم فهو له، وإنما حمل على الطوع مع الجهل بحاله؛ لأنه الأصل فيما يصدر من العقلاء في الأفعال والأقوال، وعن مالك: أنه محمول على الإكراه؛ لأنه الغالب من حال

= والتحصيل: 10/ 13، فلم يحكيا عنه سوى القول بأن حده مائة سنة من يوم مولده.

(1)

انظر: النوادر والزيادات: 3/ 324.

(2)

قوله: (عبد الملك) ساقط من (ن).

(3)

في (ز 2): (السبعون).

(4)

انظر: لباب اللباب، ص:136.

(5)

في (س): (فقدر).

(6)

في (ن): (الآخرون).

(7)

في (س): (لاحتمال).

(8)

قوله: (ألا يكون) يقابله في (ن 1): (أن يكون).

(9)

زاد بعده في (ن): (يكون).

(10)

قوله: (على ما) يقابله في (ن): (بما).

(11)

في (ز 2): (يفوت).

(12)

انظر: المدونة، صادر: 4/ 178.

ص: 351

المسلم (1)، أما إذا علم طوعه أو إكراهه عمل على ذلك بلا إشكال، وقاله في المدونة (2).

قوله: (واعْتَدَّتْ، فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمَسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفيْنِ) أي: واعتدت زوجة مفقود المعترك بين المسلمين من حين ينفصل الصفان، وقاله (3) مالك، ولابن القاسم مثله، وعنه أيضًا: تتربص سنة، ثم تعتد، وعنه أيضًا: العدة داخلة في السنة (4)، وفي العتبية: يتلوم لها الإمام فيما قرب باجتهاده بقدر (5) انصراف من انصرف، وانهزام من انهزم، ثم تعتد، وفيما بَعُدَ تنتظر سنة (6)، وقال محمد: هوفيما بَعُدَ على أحكام المفقود (7)، وقال أصبغ: يضرب لامرأته بقدر ما يستقصى أمره ويستبرأ خبره، وليس لذلك حد معلوم (8)، وإلى الاختلاف أشار بقوله:(وهَلْ يُتَلَوَّمُ ويُجْتَهَدُ؟ تَفْسِيرَانِ) فأطلق التلوم على الاستقصاء، والاجتهاد على الاستبراء الواردين (9) في كلام أصبغ، واختلف هل قوله مخالف لقول مالك الأول أو تفسير؟ وهو الأقرب. قوله:(ووُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ) أي: حين انفصال الصفين، اللخمي: ومن جعل حكمه كالمفقود وأن (10) الزوجة تتربص أربع سنين وُقِفَ ماله إلى التعمير، قال: واختلف على القول أنَّها تتر بص سنة، فقيل: يقسم ماله (11) ذلك الوقت، وقيل: يوقف إلى التعمير (12). اللخمي وغيره: ويحمل أمر من فقد في زمن الطاعون أو في بلد توجه إليه

(1) انظر: التوضيح: 5/ 102.

(2)

انظر: المدونة: 2/ 36

(3)

في (ن 1): (وقال).

(4)

انظر: النوادر والزيادات 5/ 246.

(5)

في (ن 1): (بعد).

(6)

انظر: البيان والتحصيل 5/ 411.

(7)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 579.

(8)

انظر: النوادر والزيادات 5/ 246.

(9)

في (ن): (الوارد).

(10)

في (ن 1): (فإن).

(11)

زاد بعده في (ن): (في).

(12)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:2252.

ص: 352

وفيه طاعون على الموت (1)، وإليه أشار بقوله:(كَالْمُنْتَجِعِ لِبَلَدِ الطَّاعُونِ، أَوْ فِي زَمَنِهِ) يريد: وكذلك المنتجعون في زمان المخمصة الغالب عليهم الهلاك، وهو المشهور قاله ابن عبد السلام (2).

(المتن)

وَفِي الْفَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ. وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَوِ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ السُّكْنَي، وَلِلْمُتَوَفي عَنْهَا إِنْ دَخَلَ بِهَا، وَالْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ، لَا بِلَا نَقْدٍ، وَهَلْ مُطْلَقًا؟ أَوْ إِلَّا الْوَجِيبَةَ؟ تَأْوِيلَانِ. وَلَا إِنْ لَمْ يَدْخُلْ، إِلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا، إِلَّا لِيَكُفَّهَا، وَسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ، وَرَجَعَتْ لَهُ إِنْ نَقَلَهَا وَاتُّهِمَ. أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِهِ وإِنْ بِشَرْطٍ فِي إِجَارَةِ رَضَاعٍ، وَانْفَسَخَتْ، وَمَعَ ثِقَةٍ إِنْ بَقِيَ شَيءٌ مِنَ الْعِدَّةِ، إِنْ خَرَجَتْ صَرُورَةً فَمَاتَ، أَوْ طَلَّقَهَا فِي كَالثَّلَاثَةِ الأَيَّامٍ، وَفِي التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ إِنْ خَرَجَ لِكَرِبَاطٍ، لَا لِمُقَامٍ وَإِنْ وَصَلَتْ، وَالأَحْسَنُ وَلَوْ أقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ. وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ.

(الشرح)

قوله: (وَفِي الْفَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ) أي: فإن فقد في المعترك الكائن بين المسلمين والكفار فإن الزوجة تعتد بعد (3) سنة بعد النظر في أمره، وذكر في المقدمات فيها أربعة أقوال:

روى ابن القاسم عن مالك: أن حكمه حكم الأسير.

وروى أشهب عنه أن حكمه حكم المفقود (4) بعد أن يتلوم له سنة من يوم يرفع أمره إلى السلطان ثم تعتد.

وقيل: حكمه حكم المفقود في جميع أحواله وحكاه محمد وعابه.

وقال أحمد بن خالد: حكمه حكم المفقود (5) في الزوجة فتعتد بعد التلوم وتتزوج، وبحكم (6) المفقود في المال فلا يقسم حتى يعلم موته أو يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا

(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص:2254.

(2)

قوله: (يريد وكذلك

قاله ابن عبد السلام) زيادة من (ن).

(3)

قوله: (بعد) ساقط من (ز 2) و (ن).

(4)

في (ن): (المعترك).

(5)

في (ن): (المعترك).

(6)

في (ن 1): (وحكم).

ص: 353

إلَّا مثله (1).

وكلام الشيخ هنا نص عليه ابن الحاجب بهذه العبارة (2)، وتأول رواية أشهب عليه، وفيه بُعد فتأمله (3).

قوله: (وللْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَو الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ السُّكْنَى) يريد: أن السكنى واجبة للمطلقة، يريد الرجعية أو (4) البائن لأنَّها محبوسة بسببه، وقاله في المدونة (5)، ولهذا كان قوله:(6)(أو المحبوسة بسببه) من باب عطف العام على الخاص (7)، وذكره ليشمل من فسخ نكاحها لفساده؛ لأنَّها محبوسة بسببه في الاستبراء، وكذلك الملاعنة على المشهور، وقيل: لا سكنى لها، واختاره ابن رشد (8) لانقطاع الزوجية وأسبابها بينهما (9)، واحترز بقوله:(في حياته) مما إذا لَمْ يعثر (10) على فساد النِّكَاح إلَّا بعد ممات الزوج، فإن المرأة حينئذ لا يكون لها في مدة الاستبراء سكنى.

قوله: (وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا إِنْ دَخَلَ بِهَا، وَالْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ) أي: وللمتوفي عنها أيضًا السكني، وإنما حذف ذكر السكنى من هذا الكلام استغناء عنه بما فوقه، والمشهور ما ذكره وهو مذهب المدونة (11)، قيل: وإنما ألحق المنقود كراؤه بالملك؛ لأنه يملك منه (12) المنفعة المقصودة من الملك وهو السكنى (13) غالبًا، وقيد ذلك أبو عمران بأن تكون قد انتقلت إليه، وإلا

(1) انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 282.

(2)

انظر: الجامع بين الأمهات: 484.

(3)

انظر: التوضيح: 5/ 104.

(4)

في (ن) و (ن 1): (و).

(5)

انظر: المدونة: 2/ 48.

(6)

قوله: (الرجعية أو البائن لأنَّها محبوسة بسببه،

كان قوله) ساقط من (ز 2).

(7)

زاد بعده في (ن 1): (واجبة).

(8)

في (ن): (ابن راشد).

(9)

انظر: البيان والتحصيل: 5/ 412.

(10)

في (ز 2) و (س) و (ن) و (ن 2): (يعسر).

(11)

انظر: المدونة: 2/ 52.

(12)

قوله: (منه) ساقط من (ن) و (ن 1).

(13)

قوله: (وهو السكنى) يقابله في (س): (والسكنى).

ص: 354

فلا سكنى (1) لها (2)، وروى (3) ابن دينار عن ابن القاسم: إن كان المسكن (4) له فلها السكني، وإلا فلا، وعن مالك: سقوط السكنى ولو كان المسكن له (5) أي: لأن ملكه قد زال عنه وانتقل الحق للورثة.

قوله: (لا بِلا نَقْدٍ) أي: فلا سكنى لها، وقاله في المدونة، وزاد: ولو كان الزوج موسرًا وتؤدي ذلك من مالها، ولا تخرج إلَّا أن يخرجها رب الدار ويطلب من الكراء ما لا يشبه (6)، وظاهره كان الكراء وجيبة أي: مدة معينة، أو مشاهرة (7)، وعليه حملها الباجي وغيره، وحملها بعض القروين على المشاهرة، قال: وأما الوجيبة فهي أحق، سواء نقد الكراء أم لا (8)، وإلى هذين التأويلين أشار بقوله:(وهَلْ مُطْلَقًا أَوْ لا إِلَّا الْوَجِيبَةَ؟ تَأْوِيلانِ).

قوله: (ولا إِنْ لَمْ يَدْخُلْ إِلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا) أي: وكذا لا سكنى لها إن لَمْ يكن الزوج قد دخل بها، إلَّا أن يكون قد أسكنها قبل موته.

بعض الأشياخ: وهو صحيح إن كان أسكنها معه لأنَّها كالمدخول بها، وتردد فيما إذا أسكنها في موضع له غير محل سكناه. ابن يونس عن أبي بكر بن عبد الرَّحمن: وإن كانت إنما أخذها ليكفها (9) ثم مات فلا سكنى لها، وأظن أن ابن المواز ذكره، وإليه أشار بقوله:(إلَّا ليَكُفَّهَا (10))؛ أي: فلا سكنى لها.

قوله: (وسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ) أي: فحالها في السكنى كحالها في الزوجية،

(1) في (ن) و (ن 1): (شيء).

(2)

انظر: التوضيح: 5/ 78.

(3)

قوله: (وروي) ساقط من (ز 2).

(4)

قوله: (إن كان المسكن) يقابله في (ن 1): (أن السكنى له).

(5)

قوله: (فلها السكنى

ولو كان المسكن له) ساقط من (ز 2). وانظر: التوضيح: 5/ 78.

(6)

انظر: المدونة: 2/ 52.

(7)

المشاهرة: لقب للمدة غير المحدودة، والوجيبة: لقب للمدة المحدودة. انظر: الخرشي: 7/ 44.

(8)

انظر: المنتقى، للباجي: 5/ 455.

(9)

في (ن) و (ن 1): (ليكفلها).

(10)

في (ن 1): (ليكفلها) والمطبوع من مختصر خليل و (ن): (لَا ليَكْفُلَهَا).

ص: 355

سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها، ولهذا كانت الأمة التي لَمْ تبوأ (1) بيتًا (2) تعتد في بيت سيدها، ولا يجب على زوجها إسكانها لا في طلاق ولا غيره.

قوله: (ورَجَعَتْ لَهُ إِنْ نَقَلَهَا واتُّهِمَ، أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِهِ وَإِنْ لِشَرْطٍ فِي إِجَارَةِ رَضَاعٍ وَانْفَسَخَتْ) أي: فإن نقلها إلى غير منزل سكناها ثم طلقها، واتهم على إسقاط حق الله تعالى من السكنى، فإنها ترد إلى المنزل الأول، ولم يكتفوا منه هنا باليمين، وأشار بقوله:(أو كانت بغيره) إلى ما ذكره التونسي: أنَّها إذا كانت إقامتها في غير منزلها لحق آدمي مثل أن تكون استؤجرت لرضاع بشرط أن تكون في دار أبوي (3) الولد فمات زوجها أو طلقها، فإنها ترجع إلى بيتها، وتنفسخ الإجارة، قال: بخلاف حق الله تعالى في العكوف والإحرام.

قوله: (وَمَعَ ثِقَةٍ إِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنَ الْعِدَّةِ، إِنْ خَرَجَتْ صرُورَةً فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا فِي كَالثَّلاثَةِ الأَيَّامِ) يريد: أن المرأة إذا خرجت مع زوجها إلى حجة الفريضة وهو معنى قوله: (إن خرجت صرورة) فطلقها أو مات عنها، فإنها ترجع إلى منزلها لتتم فيه العدة إن بقي منها شيء، وظاهر المدونة كما هنا أنَّها ترجع ولو أدركت من العدة (4) يومًا واحدًا (5)، وقيدها اللخمي بما إذا كانت تدرك ما له قدر، وإلا اعتدت بمكانها إن كان متسعًا (6)، وإلا انتقلت إلى أقرب مستعتب (7) إليه. وقوله:(ومع ثقة) أي (8): محرم أو نساء لا بأس بهن، قاله اللخمي. وأشار بقوله:(في كالثلاثة الأيام) إلى أن المرأة إنما ترجع إذا كان سيرها (9) عن موضع سكناها الأول (10) مقدار ثلاثة أيام

(1) في (ن 1): (تثوى).

(2)

في (ز 2): (ببيتها).

(3)

في (ن 1): (أب).

(4)

قوله: (من العدة) ساقط من (ن 1).

(5)

انظر: المدونة: 2/ 47.

(6)

في (ن 1): (مستغنيًا).

(7)

في (ن 1): (مستغنيا).

(8)

قوله: (أي) يقابله في (ن): (مع رجل ثقة).

(9)

في (ن): (سفرها).

(10)

زاد بعده في (ن): (على).

ص: 356

ونحوها (1).

قوله: (وَفِي التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ إِنْ خَرَجَ لِكَرِبَاطٍ لَا لِمُقَامٍ وَإِنْ وَصَلَتْ) أي (2): وترجع (3) في حجة التطوع والخروج (4) إلَّا الرباط ونحوه (5) وإن وصلت إلَّا المكان المقصود (6)، وقاله في المدونة (7). ومنهم من سوى بين حج الفرض والتطوع بخلاف الغزو والرباط. التونسي: وينبغي أن يلحق بذلك الغزو ونحوه (8)، وهذا كله إذا كان سفره لغير مقام كما قال. واختلف إذا أقامت به الأشهر أو السنة، فذكر التونسي وغيره قولين أحدهما وهو ظاهر المدونة: أنَّها ترجع، والآخر: أنَّها لا ترجع، وهو قول مالك في الموازية (9). ابن عبد الحكم: والأول أحسن (10). وإليه أشار بقوله: (وَالأَحْسَنُ (11) وَلَوْ أقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ). وقال اللخمي: الثاني أحسن (12)، وإليه أشار (13) بقوله:(وَالْمُخْتَارُ خِلافُهُ).

(المتن)

وَفِي الاِنْتِقَالِ تَعْتَدُّ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا، وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا. وَمَضَتِ الْمُحْرِمَةُ أَوِ الْمُعْتَكِفَةُ أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ. وَلَا سُكْنَى لِأَمَةٍ لَمْ تُبَوَّأْ، وَلَهَا حِينَئِذٍ الاِنْتِقَالُ مَعَ سَادَتِهَا، كَبَدْوِيَّةٍ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ، أَوْ لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُهَا

(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص: 2274، وما بعدها.

(2)

زاد بعده في (ن 1): (وإن وصلت).

(3)

في (ز 2): (ويخرج).

(4)

قوله: (والخروج) ساقط من (ز 2).

(5)

قوله: (ونحوه) ساقط من (ز 2).

(6)

زاد بعده في (ن 1): (ونحوه).

(7)

انظر: المدونة: 2/ 44 و 45.

(8)

انظر: التوضيح: 5/ 71.

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 5/ 47.

(10)

انظر: التوضيح: 5/ 72.

(11)

في (ن 1): (والأول أحسن).

(12)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:2275.

(13)

قوله: (بقوله: "والأَحْسَنُ ولَوْ أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ"، وقال اللخمي: الثاني أحسن، وإليه أشار) ساقط من (ز 2).

ص: 357

الْمُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا، كَسُقُوطِهِ وَخوْفِ جَارِ سُوءٍ، وَلَزِمَتِ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ. وَالْخُرُوجُ فِي حَوَائِجِهَا طَرَفَيِ النَّهَارِ، لَا لِضَرَرِ جِوَارٍ بِحَاضِرَةٍ، وَرَفَعَتْ لِلْحَاكِمِ، وَأَقْرَعَ لِمَنْ يَخْرُجُ إِنْ أَشْكَلَ. وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا؟ قَوْلَانِ، وَسَقَطَتْ إِنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ، كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ بِهِ.

(الشرح)

قوله: (وَفِي الانْتِقَالِ تَعْتَدُّ بِأَقْرَبِهِما أَوْ أَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا) أي: فإن كان سفره للانتقال فطلقها أو مات عنها قبل الوصول فإنها مخيرة، إن شاءت اعتدت في أقرب المكانيين؛ أي: الذي خرجت إليه والذي خرجت منه أو أبعدهما، وإن شاءت اعتدت في مكان الموت أو الطلاق. يريد: إن أمكن، وقاله في المدونة (1).

قوله: (وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا) يريد: لأنَّها إنما رجعت من أجله وحبست له، فذلك بمنزلة ما يجب لها من السكنى عليه، قاله أبو عمران (2).

قوله: (وَمَضَتِ الْمُحْرِمَةُ) أي: فإن خرج بها إلى الحج فأحرمت به، ثم مات أو طلقها، فإنها تمضي على إحرامها، قال في المدونة: وسواء قربت أو بعدت (3).

قوله: (أَوِ الْمُعْتكِفَةُ) أي: فإنها تمضي إذا دخلت في اعتكافها قبل موت زوجها أو طلاقه، ثم طلقها أو مات عنها كما تمضي إذا أحرمت. أبو الحسن الصغير بعد أن حكى مسألة المدونة أن المحرمة تمضي، قال: ظاهره أنَّها إذا (4) أحرمت قبل موت الزوج، ولا إشكال أنَّما تمضي، وهي غير عاصية، فلو أحرمت بعد موت (5) الزوج نفذت (6)، وكانت عاصية (7). وإليه أشار بقوله:(أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ)، وانظر (8): هل يكون حكم من اعتكفت بعد موت زوجها أو طلاقه كذلك أم لا؟

(1) انظر: المدونة: 2/ 44.

(2)

انظر: التوضيح: 5/ 71.

(3)

انظر: المدونة: 2/ 46 و 47.

(4)

قوله: (إذا) ساقط من (س) و (ن).

(5)

قوله: (موت) ساقط من (ن).

(6)

زاد بعده في (ن): (وتمضي أيضًا).

(7)

انظر: التوضيح: 5/ 72.

(8)

زاد بعده في (ز 2): (قوله).

ص: 358

قوله: (وَلَا سُكْنَى لأَمَةٍ لَمْ تُبَوَّأْ) أي: لَمْ (1) تبوأ مع الزوج بيتًا، وأما إن بوئت فلها السكنى، وقد تقدَّم.

قوله: (وَلَهَا حِينَئِذٍ الانْتِقَالُ مَعَ سَادَاتِهَا) أي: فإذا لَمْ يكن لها سكنى لكونها لَمْ تبوأ مع زوجها بيتًا فلها حينئذ أن تنتقل (2) مع ساداتها في عدتي الطلاق والوفاة، وقاله في المدونة (3). وما وقع في الموازية من أنَّها لا يجوز بيعها إلَّا ممن لا يخرجها في العدة (4)، فمحمول عند أبي عمران على ما إذا بوئت بيتًا (5)، وجعله حمديس مخالفًا لما في المدونة (6).

قوله: (كَبَدَوِيَّةٍ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ) هكذا شبه في المدونة (7) مسألة الأمة بمسألة البدوية، والمراد بالبدوية ساكنة العمود، قاله الباجي وغيره. بعض الأشياخ: وهذا إذا ارتحل أهلها إلى المكان البعيد لانقطاعها عنهم، وأما ما (8) قرب من ذلك بحيث لا تنقطع عنهم، وترجع عند تمام عدتها إليهم، فإنها تقيم مع أهل زوجها، واحترز بقوله:(فقط) من أهل زوجها ونحوهم، فإنها لا تنتقل معهم، وهذا (9) إذا كان معها أهلها أو عشيرتها، وإلا فإنها تعتد مع أهل زوجها، وترتحل معهم حيث ارتحلوا.

قوله: (أَوْ لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُهَا المُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا كَسُقُوطِهِ وَخَوْفِ جَارِ سُوءٍ) أي: وكذا يجوز للمعتدة أن تنتقل إذا حصل لها عذر لا يمكنها المقام معه في منزل الموت أو الطلاق، كما إذا خافت سقوط النزل أو خافت لصوصًا به. اللخمي: أو خوف جار سوء على نفسها، فإذا انتقلت بشيء من هذه الموانع (10) صار المنزل الثاني في لزوم

(1) قوله: (لم) ساقط من (ز 2).

(2)

قوله: (أن تنتقل) يقابله في (ن): (الانتقال).

(3)

انظر: المدونة: 2/ 53.

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 5/ 48.

(5)

قوله: (بيتًا) ساقط من (ن).

(6)

انظر: التوضيح: 5/ 74.

(7)

انظر: المدونة: 2/ 41.

(8)

في (س): (من).

(9)

قوله: (وهذا) زيادة من (س).

(10)

في (ز 2): (المواضع).

ص: 359

السكنى لها كالأول (1)، فإن حصل مانع في الثاني فكالأول ثم تلزم الثالث، وإليس أشار بقوله:(وَلَزِمَتِ الثَّانِيَ والثَّالِثَ) يعني: وكذلك الرابع والخامس إلى غير ذلك (2) إذا حصل فيها الموانع المذكورة (3).

قوله: (وَالخُرُوجُ في حَوَائِجِهَا طَرَفَي النَّهَارِ) أي: ولها الخروج في حوائجها طرفي النهار (4)، وقال غيره: جميع النهار وطرفي الليل، وهو (5) كقوله في المدونة: ولها التصرف نهارًا، والخروج (6) سحرًا أو (7) قرب (8) الفجر، وترجع (9) إلى بيتها ما بينها وبين العشاء الآخرة (10).

قوله: (لَا لِضَرَر جِوَارٍ بِحَاضِرَةٍ وَرَفَعَتْ لِلْحَاكِمِ) قال في المدونة وإذا كانت في مدينة فلا تنتقل لضرر الجوار: لترفع ذلك للإمام (11)، فلم يجعل الضرر (12) المذكور في هذه الصورة عذرًا؛ لأنَّها قادرة أن ترفع الأمر إلى الإمام فيزيل ما بها من الضرر المذكور (13)، فإذا لَمْ تفعل فقد رضيت بذلك، وإذا رفعت إلى الإمام لشر وقع بينها وبين جيرانها أو من سكن معها؛ فإن كان الشر منها أخرجت عنهم، أو من غيرها أخرجوا عنها، وإن أشكل الأمر أقرع بينهم على أيهم يخرج، وإل هذا الوجه أشار بقوله:(وَأَقْرَعَ لِمَنْ يَخْرُجُ إِنْ أَشْكَلَ)، ونحوه للخمي (14).

(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص:2259.

(2)

قولى: (إلى غير ذلك) ساقط من (ز 2).

(3)

في (ز 2) و (ن) و (ن 1): (المانع المذكور).

(4)

قوله: (طرفي النهار) ساقط من (ن 1).

(5)

قوله: (وهو) ساقط من (ن 1).

(6)

في (ن): (أو الخروج).

(7)

قوله: (أو) زيادة من (ن 1).

(8)

في (ز 2): (قبل).

(9)

في (ز 2): (ثم ترجع).

(10)

انظر: المدونة: 2/ 41 و 42.

(11)

انظر: المدونة: 2/ 37.

(12)

قوله: (الضرر) ساقط من (ن 1).

(13)

قوله: (المذكور) ساقط من (ن) و (ن 1).

(14)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:2259.

ص: 360

قوله: (وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا؟ قَوْلانِ) يريد: أنه اختلف في المرأة إذا أطاعت (1) لزوجها بالسكنى معها في دارها دون كراء، ثم إنه (2) طلقها فطلبت منه الكراء أمد العدة هل يلزمه ذلك؟ وإليه ذهب ابن عتاب، وابن زرب، واللخمي (3)؛ لأن المكارمة قد زالت بالطلاق، وبه أفتى المازري. أو لا يلزمه؟ وبه أفتى ابن المكوي، وابن القطان (4)، والأصيلي (5).

قوله: (وَسَقَطَتْ إِنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ) يريد: وسقطت نفقة المعتدة (6) إنْ أقامت بغير المنزل الذي لزمها أن تعتد فيه، وقاله في المدونة يريد (7): لأنَّها تركت ما كان واجبًا فلا يلزم غيرها عن ذلك عوض، قال في المدونة: ويردها الإمام (8) إن انتقلت بغير عذر إلى منزلها حتى تتم عدتها فيه ولا كراء لها فيما أقامت في غيره (9).

قوله: (كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ بهِ) هكذا قال غيره، وأقاموه من مسألة المدونة، وقيده غيره بأن تكون هربت بالولد إلى موضع لا يعلمه الزوج، أي: وأما (10) إن كان عالمًا فلا؛ لأنه رضي بالإنفاق على ولدها (11) كذلك، وينبغي أن يقيد أيضًا مع العلم (12) بما إذا كان قادرًا على ردها.

(المتن)

وَلِلْغُرَمَاءِ بَيعُ الدَّارِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، فَإِنِ ارْتَابَتْ فَهِيَ أَحَقُّ. وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَلِلزَّوْجِ فِي الأَشْهُرِ، وَمَعَ تَوَقُّعِ الْحَيضِ قَوْلَانِ. وَلَوْ بَاعَ إِنْ زَالَتِ الرِّيبَةُ فَسَدَ.

(1) في (س): (طاعت).

(2)

قوله: (أنه) زيادة من (ز 2).

(3)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 2259 و 2260.

(4)

في (ن): (ابن العطار).

(5)

انظر: التوضيح: 5/ 70.

(6)

قوله: (نفقة المعتدة) يقابله في (ن): (أجرة السكنى).

(7)

قوله: (يريد) ساقط من (ن) و (ن 1).

(8)

زاد بعده فِي (ن): (بالقضاء).

(9)

قوله: (ولا كراء لها فيما أقامت في غيره) زيادة من (ن).

(10)

قوله: (أما) ساقط من (ن) و (ن 1).

(11)

في (ن): (ولده).

(12)

قوله: (مع العلم) يقابله في (ن) و (ن 1): (مع علم الزوج).

ص: 361

وَأُبْدِلَتْ فِي الْمُنْهَدِمٍ، وَالْمُعَارِ، وَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُنْقَضَي الْمُدَّةِ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي مَكَانَيْنِ أُجِيبَتْ. وَامْرَأةُ الأَمِيرِ وَنَحْوِهِ لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ، وَإنِ ارْتَابَتْ كَالْحُبُسِ حَيَاتَهُ، بِخِلَافِ حُبُسِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ. وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ عَنْهَا السُّكْنَى. وَزِيدَ مَعَ الْعِتْقِ نَفَقَةُ الْحَمْلِ، كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمُشْتَبِهَةِ إِنْ حَمَلَتْ. وَهَلْ نَفَقَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ؟ قَوْلَانِ.

(الشرح)

قوله: (وَلِلْغُرَمَاءِ بَيعُ الدَّارِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) يريد: بشرط أن يستثنوا (1) سكنى المعتدة في المدة التي (2) تعتد فيها، وقاله في المدونة. وقال ابن عبد الحكم: لا يجوز ذلك؛ لأنه غرر لجواز (3) الريبة (4).

قوله: (فَإِنِ ارْتَابَتْ فَهِيَ أَحَقُّ) أي: فإن وقع البيع على الوجه المذكور، ثم ارتابت المرأة بحس بطن، أو تأخير حيض، فإنها تكون أحق بالمقام، وقاله مالك في الموازية (5).

قوله: (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) هكذا قال مالك، وقال ابن القاسم: لا خيار له، والقولان مرويان عن سحنون.

قوله: (وَللزَّوْجِ فِي الأَشْهُرِ) أي: وللزوج بيع الدار في ذات الأشهر كالصغيرة والآيسة (6)؛ أي: ويصير ذلك بمنزلة من باع داره واستثنى سكناها ثلاثة أشهر.

قوله: (وَمَعَ تَوَقُّعِ الحَيْضِ قَوْلانِ) أي: وهل يجوز له (7) ذلك إذا كانت المرأة ممن يتوقع حيضها كبنت ثلاث عشرة سنة، وخمسين (8)، أو لا يجوز بناءً على (9) اعتبار الحال أو (10) الطوارئ؟

(1) في (ن): (يستثنى).

(2)

زاد بعده في (ن): (تسكن).

(3)

في (ن 1): (بجواز).

(4)

انظر: التوضيح: 5/ 80.

(5)

في (ن 1): (المدونة). وانظر: المنتقى، للباجي: 5/ 453.

(6)

في (ز 2) و (ن) و (ن 1): (واليائسة).

(7)

قوله: (له) ساقط من (س).

(8)

في (ن 1): (أو خمسين).

(9)

في (س): (على أن).

(10)

في (ن) و (ن 1): (و).

ص: 362

قوله: (وَلَوْ بَاعَ إِنْ زَالَتِ الرِّيبَةُ فَسَدَ) أي: دخل المتبايعان (1) على أن المرأة إن لَمْ يحصل لها ريبة أو حصلت وزالت في زمن العدة فالبيع ماض، وإن استمرت بها فالبيع مردود - كان فاسدًا، وهو مذهب الواضحة، واختاره ابن المواز، ويفسخ إن وقع (2). وروى أبو زيد عن ابن القاسم: أن المبتاع لا حجة له، قال سحنون: ولو تمادت بها الريبة خمسة أعوام (3)؛ لأنه قد علم أن ذلك أقصى أمد الحمل؟ فكأنه دخل (4) على علم.

قوله: (وَأُبْدِلَتْ فِي: الْمُنْهَدِمِ، والْمُعَاِر، والْمُسْتَأجَرِ المنقضي المُدَّةِ) يريد: أن المطلقة إذا كانت معتدة (5) في بيت مملوك للمطلق فانهدم قبل انقضاء العدة؛ فإنه يلزمه أن يبدلها بيتًا غيره تتم فيه العدة، وكذا إن لَمْ تكن معتدة في ملكه، بل كانت في مكان معار أو مستأجر فانقضت مدة الإعارة أو الإجارة؟ فإنه يجب عليه أن يبدلها منزلًا غير ذلك.

قوله: (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي مَكَانَيْنِ أُجِيبَتْ) أي: فإن طلبت المطلقة الاعتداد في مكان، وطلب المطلق غيره أجيبت المرأة. يريد: ما لَمْ يكن على المطلق بسبب ذلك ضرر لكثرة كراء أو سكنى فتمنع، وقاله في المدونة (6).

قوله: (وَامْرَأَةُ الأَمِيرِ وَنَحْوِهِ لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ، وَإِنِ ارْتَابَتْ) يريد: أن الأمير إذا طلق امرأته، وهي (7) في دار الإمارة، ثم عزل، أو مات عنها؛ فإن الأمير القادم لا يخرجها حتى تنقضي عدتها، وكذلك القاضي إذا كان ساكنًا في بيت القضاء، وهو مراده بنحو الأمير. ابن المواز: ولا يخرجها وإن ارتابت حتى تنقضي الريبة، ولو إلى خمس سنين، قال: لأن العدة من أسباب الميت، إلَّا أنه لَمْ يذكره (8) إلا في مسألة الحبس الآتية،

(1) في (ن): (البائعان).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 5/ 44.

(3)

انظر: البيان والتحصيل: 5/ 474.

(4)

في (ن): (داخل).

(5)

قوله: (معتدة) ساقط من (ز 2).

(6)

انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 187.

(7)

في (ز 2): (وهو).

(8)

في (ن): (يذكرها).

ص: 363

ولا فرق، ولما ذكر هذه المسألة في المدونة قال بإثرها (1): وكذلك من حبست عليه دار وعلى آخر بعده، فهلك الأول وترك زوجته، فلا يخرجها من صارت إليه الدار حتى تتم عدتها (2). وإلى هذا أشار بقوله:(كَالحُبُسِ حَيَاتَهُ). اللخمي: وسواء كانت العدة (3) من طلاق أو وفاة (4).

قوله: (بِخِلافِ حُبُسِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ) أي: فإن للإمام الجديد أن يخرجها، وقاله ابن العطار، وعبد الحق، والباجي، وابن زرقون، وغيرهم (5). وفرق ابن رشد بأن امرأة الأمير لها حق في بيت المال، ودار (6) الإمارة من بيت المال بخلاف حبس المسجد. ابن زرقون: وهذا إذا كانت الدار حبسًا مطلقًا على المسجد، وأما إن حبست على أئمة المسجد فهي كدار الإمارة (7).

قوله: (وَلأُمِّ وَلَدٍ (8) يَمُوتُ عَنْهَا السُّكْنَى) أي: (في مدة الحيضة، وقاله في المدونة (9).

وفي الموازية: لا سكنى لها وذلك حق لها إن شاءت أخذته وإن شاءت تركته ولا سكنى لها (10)، ولا عليها. ورأى (11) أشهب ذلك عليها، ولها من غير إيجاب. وعن ابن القاسم أيضًا (12): إن (13) كانت حاملًا فلها السكنى إن أعتقها (14)، وإن لَمْ تكن حاملًا فلا

(1) قوله: (قال بإثرها) ساقط من (ن 1).

(2)

انظر: المدونة: 2/ 39.

(3)

قوله: (العدة) ساقط من (ز 2).

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:2261.

(5)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 583، والتوضيح: 5/ 84.

(6)

في (ن 1): (بيت).

(7)

انظر: التوضيح: 5/ 85.

(8)

في (ن): (الولد).

(9)

انظر: المدونة: 2/ 54.

(10)

قوله: (وذلك حق لها إن شاءت أخذته وإن شاءت تركته ولا سكنى لها) زيادة من (ن 1).

(11)

في (ن 1): (وروى).

(12)

قوله: (أيضًا) ساقط من (ن).

(13)

في (ن): (أنَّها إن).

(14)

انظر: النوادر والزيادات: 5/ 48.

ص: 364

سكنى لها، وقيل ذلك حق لها إن شاءت أخذته، وإن شاءت تركته، وقيل: تركه (1) مكروه.

قوله: (وَزِيدَ مَعَ الْعِتْقِ نَفَقَةُ الحَمْلِ) أي: فإن أعتقها سيدها فلها مع السكنى النفقة؛ إن كانت حاملًا، ونصَّ (2) ابن القاسم وأشهب وأصبغ (3): على أن لا نفقة لها في الموت؛ لأنَّ الحمل وارث (4)، وحمل بعضهم على المدونة القولين (5).

قوله: (كَالمُرْتَدَّةِ والمُشْتَبِهَةِ إِنْ حَمَلَتْ (6)) أي: فإن لكل منهما السكنى ونفقة الحمل.

قال في التهذيب: وللمرتدة (7) الحامل السكنى والنفقة ما دامت حاملًا (8). وعليه اختصر المدونة أكثرهم، وأنكر ابن اللباد ذكر السكنى هنا (9)، قال: لأنَّها تسجن (10) حتى تضع حملها (11). فمن الناس من قال: إنما وقع ذكر السكنى في السؤال، فقيل له: هل لها النفقة والسكنى (12) إن كانت حاملًا؟ فقال: نعم؛ لأن الولد يلحق بأبيه، ومنهم من قال: لعله قد غفل عنها.

عياض: ولعل الكراء كان عندهم يطلب (13) في موضع الاغتفال (14)، وأما المشتبهة

(1) في (ن) و (ن 2) و (ز 2) و (س): (تركها).

(2)

في (ن 1): (وقال).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 5/ 48.

(4)

زاد بعده في (ن): (كما لا نفقة لحمل الزوجة فيه وقال عبد الملك لها النفقة).

(5)

زاد بعده في (ن): (ابن محرز: ولو ولدت قبل ذلك من سيدها، فإني رجوت ألا يختلف ابن القاسم وعبد الملك في أن لا نفقة لها).

(6)

في (ن): (حملتا).

(7)

في (ز 2): (وللمرأة).

(8)

انظر: تهذيب المدونة: 1/ 440.

(9)

في (ز 2): (فهنا).

(10)

في (ن): (لا تستحق).

(11)

انظر: التوضيح: 5/ 86.

(12)

قوله: (والسكنى) ساقط من (ن 1).

(13)

في (ز 2): (ويطلب).

(14)

في (ن 1): (الأعمال).

ص: 365