الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكمن (1) نكح محرمًا، وهو (2) لَمْ يعلم، وبنى بها فحملت منه، فإن لها السكني، ونفقة الحمل إن كان.
قوله: (وَهَلْ نَفَقَةُ (3) ذَاتِ الزَّوْجِ إِنْ لَمْ تَحْمَلْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْوَاطِئ؟ قَوْلانِ) يريد: أن من غلط بأجنبية ذات الزوج يظنها (4) زوجته أو أمته فوطئها، فوجب عليها الاستبراء بسبب ذلك، فهل نفقتها في مدة الاستبراء إن لَمْ تحمل على (5) نفسها أو على الواطئ؟ قولان، واحترز بقوله:(إن لَمْ تحمل) مما إذا حملت؛ فإن نفقتها على الواطئ بلا خلاف، والله أعلم (6).
فصل [في أحكام أقسام الاستبراء]
(المتن)
فَصْلٌ يَجِبُ الاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ، إِنْ لَمْ تُوقَنِ الْبَرَاءَةُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا، وَلَمْ تَحْرُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتِ الْوَطْءَ، أَوْ كَبِيرَةً لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً، أَوْ وَخْشًا، أَوْ بِكْرًا، أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ، أَوْ غُنِمَتْ، أَوِ اشْتُرِيَتْ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبنَاءِ كَالْمَوْطُوءَةِ إِنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا، وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ، وَاتِّفَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ، وَكَالْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ، أَوْ سَاءَ الظَنُّ كَمَنْ عِنْدَهُ تَخْرُجُ، أَوْ لِكَغَائِبٍ، أَوْ مَجْبُوبٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ عَجَزَتْ أَوْ أَبْضَعَ فِيهَا وَأَرْسَلَهَا مَعَ غَيْرِهِ،
(الشرح)
(يَجِبُ الاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ المِلْكِ إِنْ لَمْ تُوقَنِ الْبَرَاءَةُ، ولم يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا، وَلَمْ تَحْرُمْ فِي المُسْتَقْبَلِ) الأصل فيه قوله عليه السلام في سبي أوطاس: "ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض"(7) وهو واجب كما قال، لئلا يؤدي تركه إلى اختلاط الأنساب،
(1) في (ز 2): (فمن).
(2)
قوله: (هو) زيادة من (ن 1).
(3)
قوله: (نَفَقَةُ) ساقط من (ز 2).
(4)
في (ن 1): (فظن أنَّها).
(5)
في (س): (عليها).
(6)
قوله: (والله أعلم) زيادة من (س) و (ن).
(7)
إسناده حسن، أخرجه أبو داود: 1/ 654، في باب في وطء السبايا، من كتاب النِّكَاح، برقم: =
واسترقاق الأحرار في الإماء الموطوءات لساداتهنَّ إذا خرجن عن (1) ملكهم.
قوله: (بحصول الملك) يريد على أي وجه كان، وقاله في المدونة. ابن شاس (2): وجميع أسباب الملك في ذلك سواء الإرث، والهبة، والصدقة، والوصية، والبيع، والفسخ، والغنيمة (3) والإقالة (4). وأشار إلى أن أسباب الاستبراء (5) أربعة:
الأول: زوال الملك. والثاني: ألا يوقن براءة الرحم، فإن تيقنت كالمودعة عنده تحيض ثم يشتريها. والثالث: ألا يكون (6) وطئها مباحًا في الحال. والرابع: ألا يكون وطؤها حرامًا في المستقبل؛ احترازًا مما إذا اشترى ذات زوج.
قوله: (وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتِ الْوَطْءَ، أَوْ كَبِيرَةً لَا تَحْملانِ عَادَةً) يريد: أن الاستبراء واجب بالشروط المذكورة ولو كانت الأمة صغيرة لَمْ تحض إذا أطاقت الوطء، أو كبيرة يئست من المحيض، وهذا الذي ذكره في المسألتين هو رواية ابن القاسم، وروى ابن عبد الحكم: أن الاستبراء لا يجب فيهما (7).
قوله: (أَوْ وَخْشًا أَوْ بكْرًا)(8) هو المشهور، وحكى المازري (9) وغيره نفي الوجوب في الوخش. اللخمي (10): والمذهب أن الاستبراء في البكر واجب، قال: وأرى الاستبراء فيها استحبابًا (11) على وجه الاحتياط، ولا يجب (12) لأن الغالب في بقاء
= 2157، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. ولفظه:"لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة". قال ابن حجر: إسناده حسن. انظر: التلخيص الحبير: 1/ 441، برقم:239.
(1)
في (ن): (على).
(2)
في (ن 1): (ابن شعبان).
(3)
في (ن) و (ن 1): (القسمة).
(4)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 587.
(5)
في (ن): (ذلك).
(6)
قوله: (ألا يكون) يقابله في (ن): (الآن).
(7)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 587.
(8)
زاد بعده في (ن): (هذا).
(9)
في (ز 2): (الباجي ري).
(10)
قوله: (اللخمي) ساقط من (ز 2).
(11)
في (ن): (استحسانًا).
(12)
قوله: (ولا يجب) زيادة من (ن 1).
البكارة عدم الوطء، ويستحسن ذلك؛ لاحتمال أن تكون أصيبت خارج الفرج، وقد تحمل (1) مع بقاء (2) البكارة (3).
قوله: (أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ) أي: وكذا يجب الاستبراء على الأمة إذا غصبت أو سبيت ثم رجعت لسيدها. يريد: لأنَّ كلًّا من الغاصب والسابي قد حازها على سبيل الملكية، واستباحة الوطء هذا إذا غاب عليها غيبة يمكن معها الوطء، ولا تصدق الأمة في عدم الوطء.
قوله: (أَوْ غُنِمَتْ) للحديث الوارد في سبي أوطاس: "ألا لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض"(4) ولو استغني عن هذا بقوله: يجب الاستبراء بحصول الملك لكان أحسن؛ لشموله ذلك وغره من الأوجه السابقة.
قوله: (أَوِ اشْتُرِيَتْ، وَلَوْ مُتَزَوِّجَةٍ، وَطَلَّقَهَا (5) قَبْلَ الْبِنَاءِ) إنما ذكر المشتراة وإن كان (6) الأمر فيها ظاهرًا مما تقدم ليرتب (7) عليه قوله: (ولو متزوجة)، ومعنى ذلك أن من اشترى أمة متزوجة ولم يبنِ بها زوجها، ثم طلقها بعد (8) انعقاد البيع من غير بناء؛ فإن المشتري لا يطؤها (9) حتى يستبرئها، وهو قول ابن القاسم (10). وقال سحنون: ليس عليه فيها استبراء، وتحل له حينئذ إذ لا موجب عنده للاستبراء؛ لأنَّها غير مدخول بها (11).
قوله: (كَالمُوْطُوءَةِ إِنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ) أي: كالأمة الموطوءة، فإن سيدها إذا باعها
(1) في (ز 2): (يحتمل).
(2)
قوله: (بقاء) ساقط من (ن) و (ن 1).
(3)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:4506.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
في (س) و (ن) و (ن 1) والمطبوع من مختصر خليل: (وطلقت).
(6)
قوله: (كان) ساقط من (س).
(7)
في (ن): (ليركب).
(8)
قوله: (بعد) زيادة من (ز 2).
(9)
قوله: (لا يطؤها) يقابله في (ن): (إليه ليس له وطأها).
(10)
قوله: (وهو قول ابن القاسم) يقابله في (ن 1): (وقاله ابن القاسم).
(11)
انظر: لباب اللباب: 150.
يجب فيها الاستبراء، (1) وهذا مستفاد مما تقدم (2)، ولعله يشير به (3) إلى ما وقع لابن القاسم: إن من اشترى زوجته قبل البناء لَمْ يجز له أن يزوجها لغيره حتى يستبرئها؛ لأن بائعها لَمْ يكن له وطؤها. وقال سحنون: يجوز له (4) أن يزوجها؛ لأن وطأها له جائز.
قوله: (أَوْ زُوِّجَتْ) يريد: أن سيد الموطوءة (5) إذا أراد تزويجها يجب عليه استبراؤها.
قوله: (وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا) أي: في استبرائها؛ لأنه لا يعلم إلَّا من جهته.
قوله: (وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ) يريد: أن من اشترى أمة من رجل يزعم أنه استبرأها قبل بيعها؛ فإنه يجوز له أن يزوجها من غير استبراء مستأنف، وهو المشهور خلافًا لسحنون.
قوله: (وَاتِّفَاقُ الْبَائِعِ والمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ) أي: وكذلك يجوز أن يتفق المشتري والبائع على استبراء واحد.
قوله: (وَكَالمُوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: (كَالمَوْطُوءَةِ إِنْ بِيعَتْ)؛ أي: وكذا يجب استبراء الأمة إذا وطئت بشبهة، وهو واضح؛ لأنه إذا وجب في الحرة؛ فكذلك يجب في الأمة، ولا خلاف في ذلك.
قوله: (أَوْ سَاءَ الظَّنُّ كَمَنْ عِنْدَهُ تَخْرُجُ) أي: وكذلك يجب الاستبراء على المبتاع إذا كانت الأمة ممن يساء الظن بها كمن كانت (6) عنده (7) تخرج أي (8) وتدخل، ثم يشتريها؛ لأنه يخاف أن تكون قد حملت بغصب أو زني، وهذا مذهب ابن القاسم، ويسمى عنده استبراء سوء الظن.
وقال أشهب: لا يجب (9). يريد: لأنه لو وجب فيها لوجب في أمته التي تخرج
(1) زاد بعده في (ن): (وقع لابن القاسم من اشتراء زوجته).
(2)
قوله: (وهذا مستفاد مما تقدم) يقابله في (ن 1): (معاد).
(3)
قوله: (به) زيادة من (س).
(4)
قوله: (له) ساقط من (ز 2).
(5)
قوله: (الموطوءة) ساقط من (ز 2)، وفي (ن 1):(المذكورة).
(6)
قوله: (كانت) زيادة من (ز 2).
(7)
زاد بعده في (ن): (أمة).
(8)
قوله: (أي) زيادة من (ن 1).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 5/ 13 و 14.
وتدخل، وأجيب بأن ذلك يشق في أمته (1)؛ لتكرره في ذلك يشق (2) بخلاف المشتراة.
قوله: (أَوْ لِكَغَائِبٍ، أَوْ مَجْبُوبٍ، وَمُكَاتِبَةٍ عَجِزَتْ أَوْ أَبْضَعَ فِيهَا وَأَرْسَلَهَا مَعَ (3) غَيْرِهِ) (4) هذا أيضًا من باب استبراء (5) سوء الظن، وهو أيضًا مذهب ابن القاسم، ومثل الغائب في وجوب استبراء (6) الأمة المشتراة من الصبي، والمرأة، والمحرم، قاله في الجواهر وغيرها (7)، المشهور ما ذكره في أمة المجبوب، وروى أبو الفرج: أن استبراءها لا يجب. ابن شاس: وأثبت ابن القاسم استبراء المكاتبة (8) إذا كانت تتصرف، ثم عجزت فرجعت لسيدها. وكذا نقله (9) التونسي والمازري وغيرهما، وظاهره كما هنا الوجوب، والذي في المدونة: أحببت له الاستبراء (10). أبو الحسن الصغير: أحببت (11) هنا على بابه؛ لأنَّها لَمْ تخرج عن ملكه، ونقل المازري وابن شاس عن أشهب: نفي الاستبراء فيها (12)، وقال ابن حبيب: يجب، ومراده بقوله: أو أبضع (13) فيها وأرسلها (14) مع غيره (15) أن من دفع لشخص ثمنًا (16) ليشتري له به (17) أمة فاشتراها،
(1) في (ز 2) و (ن) و (ن 1): (الأمة).
(2)
قوله: (في ذلك يشق) زيادة من (ن) و (ن 1).
(3)
في (ن): (من).
(4)
قوله: (عَجِزَتْ أَوْ أَبْضَعَ فِيهَا وَأَرْسَلَهَا مَعَ غَيْرِهِ) ساقط من (س).
(5)
قوله: (استبراء) ساقط من (س).
(6)
في (س): الاستبراء.
(7)
قوله: (غيرها) ساقط من (ن).
(8)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 588 و 289.
(9)
في (ز 2) و (ن 1): (نقل عنه).
(10)
انظر: التوضيح: 5/ 39.
(11)
في (ن): (أحببت).
(12)
قوله: (فيها) ساقط من (ز 2).
(13)
قوله: (ومراده بقوله: أو أبضع) يقابله في (ن) و (ن 1): (ومراده بأبضع).
(14)
في (ز 2): (أو أرسلها).
(15)
قوله: (وأرسلها مع غيره) يقابله في (ن) و (ن 1): (إلى آخر كلامه).
(16)
في (ن 1): (شيئًا).
(17)
قوله: (به) ساقط من (ن).
وأرسلها مع غيره (1) إلى ربها فحاضت معه في الطريق، فإنه لا يقربها حتى يستبرئها، وقاله في المدونة. وقال أشهب: يجزئه حيضتها في الطريق، أو عند الوكيل، ولا استبراء (2) من سوء الظن (3).
(المتن)
أَوْ (4) بِمَوْتِ سَيِّدٍ، وَإِنْ اسْتُبْرِئَتْ أَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَبِالْعِتْقِ، وَاسْتَأنَفَتْ إِنِ اسْتُبْرِئَتْ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدُمْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ بِحَيْضَةٍ، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ، أَوْ أَرْضَعَتْ، أَوْ مَرِضَتْ، أَوِ اسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ، فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، كَالصَّغِيرَةِ، وَالْيَائِسَةِ. وَنَظَرَ النِّسَاءُ فَإِنِ ارْتَبْنَ فَتِسْعَةٌ، وَبِالْوَضْعِ كَالْعِدَّةِ. وَحَرُمَ فِي زَمَنِهِ الاِسْتِمْتَاعُ، وَلَا اسْتِبْرَاءَ إِنْ لَمْ تُطِقِ الْوَطْءَ، أَوْ حَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ، كَمُودَعَةٍ وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ، وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيهَا سَيِّدُهَا، أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ، أَوِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَإِنْ بَعْدَ الْبِنَاءِ،
(الشرح)
قوله: (بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَإِنْ اسْتُبْرِئَتْ أَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أي: وكذلك يجب استبراء الأمة لموت سيدها، ولو كانت قبل موته قد استبرئت أو (5) انقضت عدتها (6)، وقاله في المدونة (7).
قوله: (وَبِالْعِتْقِ) أي: وكذلك يجب الاستبراء على المعتقة بسبب العتق الكائن فيها. يريد: إذا لَمْ يكن السيد قد استبرأها قبل العتق، فأما إن كان قد (8) استبرأها قبل ذلك فإنها لا تحتاج إلى استبراء ثان، قال في المدونة: ومن مات عن أمةٍ أو باعها أو أعتقها فاستبراؤها حيضة، وإن كانت مستبرأة قبل إلَّا (9) المعتقة المستبرأة قبل (10) فذلك يجزئها
(1) قوله: (أن من دفع لشخص ثمنًا ليشتري له به أمة فاشتراها، وأرسلها مع غيره) ساقط من (ز 2).
(2)
قوله: (ولا استبراء) يقابله في (ن 1): (والاستبراء) و (ن): (ولا تستبرأ).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 5/ 14.
(4)
في (ن): (و).
(5)
في (ن): (و).
(6)
في (ز 2): (حيضتها).
(7)
انظر: المدونة: 2/ 55.
(8)
قوله: (قد) زيادة من (ز 2).
(9)
قوله: (إلَّا) ساقط من (ن 1).
(10)
قوله: (قبل) ساقط من (ن).
وتنكح (1).
قوله: (وَاسْتَأنَفَتْ إِنِ اسْتُبْرِئَتْ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدُمْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ (2)) قوله: (أم الولد) هو فاعل (استأنفت)، ومراده: أن أم الولد لا تكتفي بذلك الاستبراء السابق وتستأنفه (3) بعد عتقها؛ لأنَّ الحيضة لها كالعدة للحرة لما فيها من شائبة الحرية فصارت بمنزلة الحرة يستبرئها زوجها بثلاث حيض ثم يطلقها (4)، فإنها لا بد لها من العدة أيضًا. وقوله:(أو غاب) أي: السيد غيبة علم أنه لَمْ يَقدم منها؛ أي: ولا يمكنه الإتيان إليها خفية (5)، وفي معنى الغيبة ما إذا كان مسجونًا، واحترز بقوله:(فقط)(6) من الأمة القن (7) ونحوها على ما تقدم. وقوله: (بِحَيْضَةٍ)(8) هكذا قال (9) في المدونة.
قوله: (وَإِنْ تَأَخَّرَتْ، أَوْ أَرْضَعَتْ، أَوْ مَرِضَتْ، أَوِ اسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ، فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، كَالصَّغِيرَةِ، وَالْيَائِسَةِ) هذا عام في أم الولد وغيرها، ومعنى كلامه: أن المستبرأة المرتابة (10) بتأخير حيضها (11) تمكث ثلاثة أشهر، وكذلك المرضع، والمريضة، والمستحاضة غير المميزة، وما ذكره في المرتابة بتأخير الحيض هو قول ابن القاسم، وروايته عن مالك، وروى عنه ابن وهب: أنَّها تتربص تسعة أشهر (12). ولابن القاسم (13): إن كانت عادتها أن حيضتها تتأخر ستة أشهر، أو سبعة، أو نحو ذلك فإنها
(1) انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 207 و 208.
(2)
زاد بعده في (ن): (بحيضة).
(3)
في (ز 2): (وتستأنف).
(4)
في (ن 1): (يطؤها).
(5)
في (ن): (حقيقة).
(6)
قوله: (فقط) زيادة من (ز 2).
(7)
قوله: (القن) ساقط من (ن 1).
(8)
زاد بعده في (ن): (هذا متعلق بقوله: (يجب الاستبراء).
(9)
قوله: (قال) زيادة من (ن 1).
(10)
قوله: (المرتابة) ساقط من (ن 1)، وفي (س):(المستبرأة).
(11)
في (ن): (حيضتها).
(12)
انظر: المدونة: 2/ 378.
(13)
زاد بعده في (ن): (أيضًا). وانظر: البيان والتحصيل: 4/ 116.
تنتظر الحيضة، وإن كان من عادتها أنَّها تتأخر أكثر من تسعة أشهر اكتفت بثلاثة أشهر، وإنما قيد المستحاضة بكونها غير مميزة؛ لأن المميزة تكتفي بحيضة مما تميزه، وما ذكره فيها (1) هو المشهور. وقيل: تتر بص تسعة أشهر، ولو ميزت، والمراد بالصغيرة هنا: المطيقة للوطء إذ لا استبراء على من لا تطيقه بلا خلاف. قال في البيان: وإنما اختلف فيمن تطيقه ويؤمن حملها، فذهب مالك وعامة أصحابه إلى وجوب استبرائها، والمواضعة (2) إن كانت من ذوات الأثمان بثلاثة أشهر، وقيل: شهران (3)، وقيل: شهر (4) ونصف، وقيل: شهر، ونقل بعضهم القول بالشهرين والشهر ونصف في اليائسة (5).
قوله: (وَنَظَرَ النِّسَاءُ فَإِنِ ارْتَبْنَ فتِسْعَةٌ)(6) أي: ونظر النساء من تأخرت حيضتها، وكذلك نصَّ عليه (7) ابن القاسم وكذلك هو المنصوص في المرضع، والمريضة أن تمكث ثلاثة أشهر وينظرها النساء فإن ارتبن فتسعة، وكذا في المستحاضة تمكث ثلاثة أشهر (8) فإن شكت تربصت تسعة أشهر (9).
قوله: (وَبِالْوَضْعِ كَالْعِدَّةِ) أي: ويجب استبراءُ الحامل بوضع جميع (10) حملها، وهو مراده بالتشبيه (11).
قوله: (وَحَرُمَ فِي زَمَنِهِ الاسْتِمْتَاعُ) أي: (في زمن الاستبراء فلا يطأ، ولا يقبل، ولا يباشر، وسواء كانت حاملًا من زنى أو غيره، مسبية كانت أو لا، وهو المعروف، ونقل المازري وابن شاس وغيرهما عن ابن حبيب أن الحامل من الزنى لا يحرم منها
(1) قوله: (فيها) زيادة من (ز 2).
(2)
في (ن): (المراضعة).
(3)
قوله: (وقيل: شهران) ساقط من (ز 2).
(4)
قوله: (وقيل: شهر) ساقط من (ن) و (ن 1).
(5)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 96.
(6)
(زاد بعده في (ن): (وكذا في المستحاضة).
(7)
قوله: (نصَّ عليه) يقابله في (ن): (عن).
(8)
قوله: (أشهر) زيادة من (ن 1).
(9)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 573.
(10)
قوله: (جميع) ساقط من (ن) و (ن 1).
(11)
في (ن): (بالعدة).
الاستمتاع بما عدا الوطء (1)، وعنه أن الاستمتاع لا يحرم من المسبية بما عدا الوطء، نقله عنه (2) في النوادر.
قوله: (وَلَا اسْتِبْرَاءَ إِنْ لَمْ تُطِقَ الْوَطْءَ) هذا مما لا خلاف فيه (3) قاله في البيان (4) وغيره.
قوله: (أَوْ حَاضَتْ تَحْتَ يَد كَمُودَعَةٍ) أي: وكذا لا يجب استبراء الأمة إذا كانت مودعة عنده فحاضت (5) تحت يده، ثم اشترا ها، وقيدها في المدونة: بما إذا كانت لا تخرج (6). قال: ولو كانت تخرج إلى السوق لَمْ تجزئه" أي: (7) تلك الحيضة، ولا بدَّ من استبرائها، وعلى هذا فقوله فيما يأتي (ولم تخرج) هو قيد في هذه والتي بعدها، وهي الأمة المبيعة بالخيار إذا قبضها المشتري فحاضت عنده ولم تخرج، ولم يدخل إليها (8) سيدها، وإليه أشار بقوله:(وَمَبيعَةٍ بِالخيَارِ وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) أي: فإن خرجت، أو كان (9) سيدها يدخل إلَيها لَمْ تكتف بتلك الحيضة واستأنفت غيرها.
قوله: (أَوْ أَعْتَقَ وتَزَوَّجَ) أي: وكذا لا يجب استبراء الأمة إذا أعتقها واطؤها وأراد تزويجها؛ لأن الماء ماؤه، وهو ماء صحيح، ونقل بعض المتأخرين قولًا بوجوب الاستبراء. الشيخ: ولم أره، وهو أظهر (10)، ليفرق بين ولده من وطء الملك فإنه ينتفي بلا لعان، وبين ولده من وطء النِّكَاح فإنه لا ينتفي إلَّا باللعان (11).
قوله: (أَوِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَإِنْ (12) بَعْدَ الْبِنَاءِ) أما أنه لا يجب عليه استبراؤها قبل
(1) انظر: عقد الجواهر: 2/ 586.
(2)
قوله: (عنه) ساقط من (ن).
(3)
من هنا بداية السقط من (ن 1).
(4)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 110.
(5)
قوله: (فحاضت) ساقط من (ز 2).
(6)
انظر: المدونة: 2/ 373.
(7)
قوله: (أي) ساقط من (ن).
(8)
في (ن): (عليها).
(9)
في (ن) و (ن 1) و (ز 2) و (س): (وكان).
(10)
في (ن): (ظاهر).
(11)
انظر: التوضيح: 5/ 57.
(12)
في (ن): (لو).
البناء فواضح، وأما بعد البناء فلأن الماء ماؤه وهوماء صحيح، قال في المدونة: ومن اشترى زوجته قبل البناء وطئها (1) بملك يمينه، ولا استبراء عليها.
عياض: وقال ابن كنانة: يستبرئها (2).
(المتن)
فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرَاةَ وَقَدْ دَخَلَ، أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ مَاتَ، أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ؛ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ وَلَا زَوْجٍ إِلَّا بِقَرْأَيْنِ: عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ.
(الشرح)
أي: فإن كان الذي اشترى زوجته قد باعها وقد دخل بها أو أعتقها أو مات عنها أو كان مكاتبًا اشترى زوجته فعجز قبل أن يطأها فرجعت إلى سيدها (3) لَمْ تحل واحدة منهن لسيد ولا زوج (4) إن زوجت إلَّا بعد قرأين عدة فسخ النِّكَاح الذي نشأ عن شراء الزوج لزوجته التي دخل بها، إذ (5) عدة فسخ النِّكَاح يجري مجرى عدة (6) الطلاق، وإلى هذا رجع مالك وبه أخذ ابن القاسم وكان قبله يقول: إن (7) كلّ من اشترى زوجته ثم باعها أو أعتقها فإنه يستبرئها بحيضة حرًّا كان أو عبدًا (8).
(المتن)
وَبَعْدَهُ بِحَيْضَةٍ، كَحُصُولِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ، أَوْ حَصَلَ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ. وَهَلْ إِلَّا أَنْ تَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ أَكْثَرُهَا؟ تَأْوِيلانِ، أَوِ اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ وَعَلَيْهِ الأَقَلُّ. وَيُسْتَحْسَنُ إِذَا غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ. وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا، وَتُتَوَاضَعُ الْعَلِيَّةُ، أَوْ وَخْشٌ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ، وَالشَّأنُ النِّسَاءُ، وَإِذَا رَضِيَا بِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الاِنْتِقَالُ، وَنُهِيَا عَنْ أَحَدِهِمَا، وَهَلْ يُكْتَفى بِوَاحِدَةٍ؟ قَالَ: يُخَرَّجُ عَلَى التُّرْجُمَانِ.
(الشرح)
(1) في (ز 2) و (ن): (ووطئها).
(2)
انظر: التوضيح: 5/ 57.
(3)
في (س) و (ن): (سيده).
(4)
في (ن): (لزوج).
(5)
في (ن): (إلا).
(6)
قوله: (عدة) ساقط من (س).
(7)
قوله: (إن) زيادة من (ز 2).
(8)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 586.
قوله: (وَبَعْدَهُ بِحَيْضَةٍ) أي: وبعد الوطء يكتفي بحيضة؛ لأن وطئه هادم لفسخ النِّكَاح الناشئ (1) عن الشراء، وإنما قال هنا:(بحيضة) وفيما تقدم (بقرأين)؛ لأن فسخ النِّكَاح عنده عدة فالمناسب (2) فيها ذكر الأقراء التي هي الأطهار، والمقصود هنا الاستبراء، وهو لا يكون إلَّا بالحيض لا بالأقراء (3) على المشهور، فذكر في كلّ موضع ما (4) يليق به.
قوله: (كَحُصُولِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ) أي: وهكذا تكتفي بحيضة إذا حصل الانتقال بأحد الوجوه السابقة بعد حيضة أو حيضتين؛ لأنه إن حصل بعد حيضة كانت الحيضة المطلوبة منها مكملة لعدتها فتحل بها، وتكون نائبة عن الاستبراء، وإن حصل بعد حيضتين (5) كانت استبراء لا غير.
قوله: (أَوْ حَصَلَ (6) فِي أَوَّلِ الحَيْضِ) أي: ولا يجب الاستبراء إذا حصل انتقال الأمة في أول الحيض وهو المشهور ومثله قوله في المدونة: من (7) ابتاع أمة في أول دمها أجزأه من الاستبراء (8). وقال أشهب: لا بدَّ من حيضة أخرى. واختاره ابن شعبان (9)، وإذا قلنا بمذهب المدونة فهل ذلك مشروط بأن لا يمضي من دمها مقدار حيضة استبراء، وهو تفسير ابن المواز أو بشرط إلا يمضي معظم الحيضة؟ وإلى هذا (10) أشار بقوله:(وَهَلْ إِلَّا أَنْ تَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ أَكْثَرُهَا؟ تَأْوِيلَانِ). واختلف الأشياخ في أكثر الحيضة؛ فقال أبو بكر بن عبد الرَّحمن: يراعى أكثر الأيام. وعن ابن شاس (11): اليومان
(1) في (ز 2): (والناشئ).
(2)
في (ن): (فالمناسبة).
(3)
قوله: (لا بالأقراء) ساقط من (ن).
(4)
في (ز 2): (مالًا).
(5)
في (ز 2): (حيضة).
(6)
في (ن): (حصلت).
(7)
في (ز 2) و (ن): (ومن).
(8)
انظر: المدونة: 2/ 369.
(9)
انظر: التوضيح: 5/ 38.
(10)
قوله: (وإلى هذا) يقابله في (ن): (وإليه).
(11)
في (ن): (ابن عباس).
الأولان لأن الدم يندفع فيهما أكثر من باقي الحيضة، وإن كثرت الأيام، والدم القوي هو الدافع لما في الرحم (1).
قوله: (أَوِ اسْتَبْرَأَ (2) أَبٍ جَارِيةَ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا (3)) أشار بهذا إلى قول ابن القاسم في المدونة: ومَن وطئ جارية ابنه فقومت عليه فليستبرئها (4). أي (5): ثم يطأها إن شاء، ثم قال: إن لَمْ يكن الأب قد عزلها عنده واستبرأها، وقال غيره: لا بدَّ من استبرائها لفساد وطئه وإن كانت مستبرأة عند الأب؛ ففهم أكثر الشيوخ قول ابن القاسم على أن الأب لو كان استبرأها قبل الوطء لَمْ يحتج إلى استبراء آخر، وصححه ابن رشد، وفهم ابن اللباد قوله: فليستبرئها إن لَمْ يكن عزلها عنده، واستبرأها على أن المراد قبل (6) وطئه، وإن كان ذلك بعد وطئه فلا يحتاج إلى استبراء، أي: لأن الاستبراء لا يحتاج إلَّا قصد ونية، وصححه ابن زرقون (7) واختاره عياض، وكلام الغير يشعر بأن الاستبراء واجب على الأب لفساد وطئه (8)، وهو رأي الأقلين، وإليه أشار بقوله:(وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ وَعَلَيْهِ الأقَلُّ).
قوله: (ويُسْتَحْسَنُ إِذَا غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ) أي: ويستحسن استبراء الأمة المبيعة (9) بخيار إذا (10) غاب عليها مشتريها. يريد: ثم إن (11) ردّت للبائع فلا يطأها على الأولى إلَّا بعد استبرائها لاحتمال أن تكون وطئت في غيبتها، وهو مراده بقوله في
(1) انظر: التوضيح: 5/ 39.
(2)
(ن) و (ن 1) و (ن 2) و (س): (استبراء).
(3)
(زاد بعده في (ن): (وتؤولت على وجوبه وعليه الأقل ويستحسن إذا غاب عليها مشتر بخيار له وتؤولت أي).
(4)
انظر: المدونة: 2/ 375.
(5)
قوله: (أي) ساقط من (ن).
(6)
في (س): (بعد).
(7)
في (ز 2): (رزق).
(8)
انظر: التوضيح: 5/ 44.
(9)
في (ن 1) و (ن 2) و (ز 2) و (س): (المباعة).
(10)
في (ن): (و).
(11)
قوله: (إن) ساقط من (ن).
المدونة: فذلك حسن، ولم يحك ابن شاس فيها إلَّا الاستحباب. وقال أبو الفرج: القياس إذا غاب عليها المشتري وجوب الاستبراء، واستحسنه اللخمي (1)، وإليه أشار بقوله:(وتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوب أَيْضًا). الشيخ: وهو الأقرب (2).
قوله: (وَتَتَوَاضَعُ الْعَلِيَّةُ أَو وَخَشٌ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا) المواضعة جعل الأمة المباعة (3) عند آمين أو أمينة في زمن الاستبراء. والعَلِيَّةُ واحدة (4) العلي (5) بفتح العين وكسر اللام المخففة وتشديد الياء، ويقال بتشديد اللام أيضًا، والأول أشهر، والعلي هو الشريف من الجنس. وفي العتبية والواضحة: أرى أن تحمل (6) الناس على المواضعة. ابن حبيب: وذلك في الرائعة وفيما وطئه البائع من الوخش (7). أي: لما يتقى من الحمل فيما.
قوله: (عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ وَالشَّأنُ النِّسَاءُ) قال في المدونة: ومن اشترى جارية من أعلى (8) الرقيق، فأحب إليَّ أن تكون مواضعتها على يد النساء وهو الشأن، وإن واضعها (9) على يد رجل له أهل ينظرون إليها أجزأه ذلك (10)، هكذا اختصرها ابن يونس، وهو موافق لما في الأمهات. أبو الحسن الصغير: والمواضعة على ثلاثة أوجه على يد النساء مستحب (11)، وعلى يد رجل له أهل ينظرون إليها يجزئ وليس بمستحب، وعلى يد المبتاع مكروه، وظاهر كلام البرادعي (12) إن وضعها أيضًا على يد الرجل مستحب، وليس كذلك، ولهذا تعقب عبد الحق كلامه فانظره، وقيد اللخمي
(1) انظر: عقد الجواهر: 2/ 588، التبصرة، للخمي، ص:4515.
(2)
انظر: التوضيح: 5/ 38.
(3)
في (ز 2) و (ن): (المبتاعة).
(4)
في (ن): (واحدها).
(5)
قوله: (واحدة العلي) زيادة من (س).
(6)
في (ن): (يحمل).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 5/ 5.
(8)
في (س): (على).
(9)
في (س) و (ن): (وضعاها).
(10)
انظر: المدونة: 2/ 373.
(11)
في (ن): (مستحبة).
(12)
زاد بعده في (ن): (غير).
قوله في المدونة على يد رجل (1) له أهل بكونه مأمونًا، قال (2): وأما غير المأمون فلا يجوز كان له أهل أو لا (3)، قلت: وقد نص عليه ابن القاسم، وهل من شرطه أن يكون متزوجًا أو لا؟ قولان للمتأخرين.
قوله: (وَإِذَا رَضِيَا بِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ لأَحَدِهِمَا الانْتِقَالُ (4)) أي: إذا رضي المتبايعان أن يضعا الجارية على يد أجنبي فليس لأحدهما أن ينقلها عنه، قال في الموازية: إلَّا أن يرى لذلك وجه، وينبغي أن يقيد كلامه هنا بمثل ذلك. المازري: وإن وضعاها عند أحدهما، فمن أراد الانتقال أجيب إليه.
قوله: (وَنُهِيَا عَنْ أَحَدِهِمَا) أي: ونهي (5) البائع والمشتري أن يضعا الأمة عند أحدهما، قال في المدونة: ويكره أن توضع على يد المشتري، وغيره أحب إليَّ، وإن فعلا أجزأهما (6)، وفي كتاب محمد مثل ذلك، إذا وضعت على يد البائع (7).
اللخمي: وعلى أصل أصبغ يمنع الوجهين جميعًا فلا يؤمن المشتري عليها؛ لأنه لَمْ يتقرر له انتقال الملك، ولا انتقال الضمان، وقد يتساهل فيها، ويرى أن له فيها عقد بيع فيصيبها في أيام الاستبراء، ولا يؤمن البائع عليها أيضًا؛ فقد يتأول فيها لما كانت في ضمانه وتدعوهما النفس إلى ما تعوّداه (8)، وهذا في المأمونين بائع أو مشتر، وأما غير المأمونين فلا يجوز بحال (9)؛ فالنهي الذي ذكره هنا باعتبار المأمونين على سبيل الكراهة، وباعتبار غير المأمونين على سبيل التحريم (10).
(1) في (ن): (الرجل).
(2)
قوله: (قال) ساقط من (ز 2).
(3)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:4518.
(4)
زاد بعده في (ن): (ونهى عن أحدهما).
(5)
زاد بعده في (ن): (وضع الجارية عند).
(6)
انظر: المدونة: 2/ 373.
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 5/ 6.
(8)
في (ز 2): (يعودان).
(9)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:4519.
(10)
قوله: (أن يضعا الأمة عند أحدهما، قال في المدونة: ويكره أن توضع على يد المشتري، وغيره أحب إليَّ، كان فعلا أجزأهما، وفي كتاب محمد مثل ذلك، إذا وضعت على يد البائع. =
قوله: (وَهَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ) اللخمي: والمشهور الاكتفاء بها، وقيل: لا يكتفي إلَّا بقول امرأتين (1). فقوله: (وَهَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ) أي: أو لا بد من امرأتين. قال المازري: الخلاف في ذلك مخرج على الخلاف في الترجمان والقائف (2)، وإليه أشار بقوله:(قَالَ: يُخَرَّجُ عَلَى التُّرْجُمَانِ) والخلاف في ذلك أيضًا مبني على أن ذلك من باب الخبر أو من باب الشهادة.
(المتن)
وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ، وَحَامِلٍ، وَمُعْتَدَّةٍ، وَزَانِيَةٍ، كَالْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ، أَوْ فَسَادٍ، أَوِ إِقَالَةٍ إِنْ لَمْ يَغِبِ الْمُشْتَرِي. وَفَسَدَ إِنْ نَقَدَ بِشَرْطٍ لَا تَطَوُّعًا، وَمُصِيبَتُهُ بِمَنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا. وَفِي الْجَبْرِ عَلَى إِيقَافِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ.
(الشرح)
قوله: (وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ وَحَامِلٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَزَانِيَةٍ (3)) هذا هو المشهور، وقاله المازري، وقال غيره: اختلف في المعتدة والزانية، ولم يختلف في الحامل؛ لأن الحمل متحقق، ولا في ذات الزوج لدخول المشتري على أن الزوج مرسل عليها. وقال ابن يونس: لا مواضعة في الزانية والمعتدة إذا كان الزنى (4) والزوج معروفين.
قوله: (كَالمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ أَوْ فَسَادٍ أَوْ إِقَالَةٍ إِنْ لَمْ يَغِبِ المُشْتَرِي) يريد لأن أصل (5) مشروعية المواضعة (6) ما يتقئ (7) من الحمل في الأمة، وخشية اختلاط الأنساب، والأمة لَمْ تخرج عن ملكه، ولو خرجت لَمْ يغب المشتري عليها، واحترز بذلك مما إذا غاب عليها، أي: غيبة يمكن فيها الوطء.
= اللخمي: وعلى أصل أصبغ يمنع الوجهين .... فالنهي الذي ذكره هنا باعتبار المأمونين على سبيل الكراهة، وباعتبار غير المأمونين على سبيل التحريم) يقابله في (ن):(لأن ذلك مكروه وقيل ممنوع انظر اللخمي والله أعلم).
(1)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:4518.
(2)
في (ن 1) و (ن 2) و (ز 2) و (س): (والفائق). وانظر: التوضيح: 7/ 523.
(3)
قوله: (وَزَانِيَةٍ) ساقط من (ن).
(4)
في (ن): (الزاني).
(5)
قوله: (أصل) ساقط من (ن).
(6)
في (ن): (المتواضعة).
(7)
في (ز 2): (يبقى).
قوله: (وَفَسَدَ إِنْ نَقَدَ بِشَرْطِ لا تَطَوُّعًا) أي: فإن اشترى الأمة التي يتواضع مثلها فنقد ثمنها بشرط، فإن البيع يفسد إذ يصير ذلك تارة ثمنًا وتارة سلفًا، ويجوز النقد تطوعًا لبعد التهمة، ومثل هذه المسألة بيع الخيار، وعهده (1) الثلاث، وبيع الشيء الغائب على الصفة.
قوله: (وَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قُضِيَ لَهُ بِها، وَفي الجَبْرِ عَلَى إِيقَافِ الثَّمَنِ قَوْلانِ) يريد أن الثمن إذا تلف في زمن (2) المواضعة فمصيبته ممن يقضى له بالأمة، قاله مالك، وعنه أيضًا: هو (3) من المبتاع. ابن رشد: وعلى هذا إن خرجت صحيحة لزمه ثمن آخر (4)، وقيل: يفسخ البيع إن لَمْ يؤد ثمنًا آخر (5) وخرجت معيبة (6)، وقيل: يأخذها بالثمن التالف أي: إن خرجت معيبة (7)، حوقيل: بثمن آخر، وقيل: إن حدث العيب قبل التلف أخذها به، وإن حدث بعده (8) فثمن آخر، واختلف هل يجبر البائع (9) على إيقاف الثمن أو لا؟ على قولين، قال في البيان عن مالك: يحكم على البائع بوضع الثمن على يدي عدل (10). ونقل المازري عن سحنون أن إيقافه جائز. المازري: فإن امتنع المشتري قيل: يجبر لأنه من البائع، وقيل: لا؛ لأن المبيع لَمْ يتعين للنقل، قال: وفي إيقافه على يدي البائع مختومًا عليه قولان (11).
(1) في (ز 2) و (ن): (وفي عهدة).
(2)
في (ن): (زمان).
(3)
قوله: (هو) ساقط من (ن).
(4)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 83.
(5)
قوله: (ثمنًا آخر) يقابله في (ز 2): (بما أخذ).
(6)
في (ن): (مبيعة).
(7)
في (ن): (مبيعة).
(8)
في (ز 2): (بعد).
(9)
قوله: (البائع) ساقط من (ز 2).
(10)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 83.
(11)
انظر: شرح التلقين: 5/ 773.