الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول، وهذا الخلاف مقيد بما إذا لم تفت السلعة (1) الثانية، فإن فاتت فيفسخ البيعتان معًا عندهما كما أشار إليه، والفوات بحوالة الأسواق (2) فأعلى، ونص عليه سحنون، وقيل: لا يفيتها ذلك، وإنما تفوت بذهاب عينها أو بالعيوب المفسدة، ونقل (3) أيضا عن سحنون وهو قول ابن كنانة، وإليه نحا أبو إسحاق وغيره (4).
قوله: (وَهَلْ مُطْلَقًا، أو إِن كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلّ؟ ) خلاف (5)؛ أي: وهل يفسخ البيعان مع الفوات (6) مطلقًا، وهو قول ابن القاسم.
ابن شاس: وهو المشهور وذلك مقيد بما إذا كانت القيمة الواجبة أقل من الثمن الأول (7).
ابن الحاجب: وهو الأصح، وقال غيره، وهو المشهور، وإلى هذا أشار بقوله:(خِلافٌ) جريًا على عادته، ولابن مسلمة أن البيع الثاني يفسخ مع القيام، فإن فاتت السلعة مضت البيعتان معا، يريد: إذا فاتت (8) بيد البائع الأول وهو المشتري الثاني، وأما لو فاتت بيد المشتري الثاني فإن البيع الثاني يفسخ فقط، واختاره الباجي (9).
فصل [في أحكام بيع العينة]
(المتن)
فَصْلٌ جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَبِيعَهَا بِمَالٍ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ، وَكُرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ مَا بِثَمَانِينَ، أَوِ يشْتَرِيهَا وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ وَلَمْ يُفْسَخْ؛ بِخِلَافِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ آخُذُهَا بِاثْنَي عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ. وَلَزِمَتِ الآمِرَ، إِنْ قَالَ: لِي. وَفِي الْفَسْخِ إِنْ لَمْ يَقُلْ لِي إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ، أَوْ إِمْضَائِهِ وَلُزُومِهِ الإِثْنَا عَشَرَ
(1) في (ن 5): (البيعة).
(2)
في (ن): (السوق).
(3)
في (ن 3): (ويقال).
(4)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 370، والتوضيح: 5/ 404.
(5)
قوله: (خلاف) ساقط من (ن).
(6)
قوله: (مع الفوات) ساقط من (ن 5).
(7)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 687 - 689.
(8)
في (ن 4): (قامت).
(9)
انظر: المنتقى: 6/ 47، والتوضيح: 5/ 404.
قَوْلَانِ. وَبخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَي عَشَرَ نَقْدًا، إِنْ نَقَدَ الْمَأمُورُ بِشَرْطٍ، وَلَهُ الأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ أَوِ الدِّرْهَمَيْنِ فِيهِمَا. وَالأَظْهَرُ وَالأَصَحُّ لَا جُعْلَ لَهُ، وَجَازَ بِغَيْرِهِ كَنَقْدِ الآمِرِ؛ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ.
(الشرح)
(جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ أَنْ يَشْتَرِيَهَا ليَبِيعَهَا بِمَال)(1) هذا يعرف عندنا ببيع أهل العينة، وقسمه ابن رشد وعياض إلى جائز ومكروه وممنوع، فالجائز أن يمر (2) الرجل بغيره من أهل العينة؛ فيقال (3) له هل عندك سلعة كذا، فيقول: لا، فيذهب من عنده من (4) غير مراوضة ولا وأي ولا عادة؛ فيشتريها ثم يلقاه فيخبره أنه اشتراها فيبيعها له بما شاء نقدًا أو نسيئة، وإليه أشار بقوله:(ولو بمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ) وهو ظاهر الأمهات والكتاب، ونقل عياض عن العتبية كراهته، قال: ويكره أن يقول له لا يحل لي أن أعطيك ما (5) بثمانين (6) بفيئة، ولكن هذه السلعة قيمتها ثمانون وخذها بمائة، وكرهه بعضهم، وإليه أشار بقوله:((7) خُذْ بِمائَةٍ مَا بِثَمانِينَ) أي: ما يباع بثمانين قوله: (أَوِ يشْتَرِيِهَا ويُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ)؛ أي: وكذا يكره أن يقول له أشتريها ويومئ له أنه يربحه فيها، وهكذا ذكره ابن رشد وعياض (8).
قوله: (وَلَمْ يُفْسَخْ) هكذا روي عن مالك، وبه قال ابن حبيب.
(المتن)
وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَي عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَشْتَرِيهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، فَيُلْزَمُ بِالْمُسَمَّى، وَلَا يعَجل الْعشرة، وَإِنْ عُجِّلَتْ أُخِذَتْ وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ إلا إِذَا فَاتَ وَلَيْسَ عَلَى الأمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ؟ أَوْ يُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إلَّا أَنْ
(1) زاد في (ن 5): (هذا الفضل).
(2)
في (ن 5): (يسأل).
(3)
قوله: (فيقول) ساقط من (ن).
(4)
قوله: (من عنده) ساقط من (ن 4).
(5)
قوله: (ما) ساقط من (ن).
(6)
في (ن 5): (ثمانين).
(7)
زاد بعده في (ن 4): (وكره).
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 85 وما بعدها، والبيان والتحصيل: 7/ 86، وإكمال المعلم: 5/ 82 و 83.
يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ؟ قَوْلَانِ.
(الشرح)
قوله: (بِخِلافِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةِ نَقْدًا أو آخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ إلى أَجَلٍ)؛ أي: فإنه ممنوع، ويفسخ، وقد قسم ابن رشد الممنوع على ستة أقسام: ثلاثة في قوله: (اشْتَرِ لي) وثلاثة في قوله: (اشتر دون لي)(1) وقد أشار إلى الأول من الثلاثة الأول، بما ذكر (2) وهو واضح، لأنه سلف جر منفعة (3).
قوله: (وَلَزِمَتِ الآمِرَ إِنْ قَالَ لِي)؛ أي: إن قال اشترها لي؛ لأن الشراء له، وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ أكثر منه إلى أجَل فيعطيه العشرة معجلة ويسقط عنه ما أربى.
قوله: (وَفِي الْفَسْخِ إِنْ لَمْ يَقُلْ لِي إِلا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ أَوْ إِمْضَائِه (4) وَلُزُومِهِ الاثْنَا عَشَرَ قَوْلانِ) أي: اختلف في الفسخ والإمضاء إذا لم يقل في الفرض المذكور لي، وإنما قال: اشتر (5) بعشرة إلى آخره، على قولين، والأول منهما لابن حبيب، والثاني رواه سحنون عن ابن القاسم (6).
قوله: (إِلا أَنْ يفُوتَ فَالْقِيمَةُ) من تمام الأول.
قوله: (وَلُزوُمهِ الاثْنَي عَشَرَ) من تمام الثاني، ولو عطفه بـ "الفاء" لكان أحسن، ويستحب للمأمور على هذا القول ألا يأخذ من الآمر شيئا إلا ما نقد، وهو العشرة.
قوله: (وَبِخِلافِ اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةِ نَقْدًا، وَآخُذُهَا بَاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا) أي: ومما يمنع أيضا أن يقول اشترها لي بعشرة نقدا (7)، وأنا اشتريها منك باثني عشر نقدًا ومثله أو أربحك فيه كذا نقدا (8)، وإنما (9) فسد هذا إذا كان النقد من المأمور بشرط، لأنها إجارة
(1) قوله: (وثلاثة في قوله: اشتر دون لي) زيادة من (ن 5).
(2)
قوله: (بما ذكر) زيادة من (ن).
(3)
انظر: البيان والتحصيل: 7/ 86 - 89.
(4)
في (ن): (إمضاؤها).
(5)
زاد في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (لي).
(6)
انظر: التوضيح: 5/ 408.
(7)
قوله: (نقدا) زيادة من (ن 5).
(8)
قوله: (ومثله أو أربحك فيه كذا نقدا) ساقط من (ن 4).
(9)
في (ن 4): (أو إنما).
فاسدة؛ لأنه أعطاه الجعل على أن يسلفه فهي إجارة فاسدة، ولهذا قال:(إِنْ نَقَدَ الْمَأمُورُ بِشَرْطٍ).
قوله: (وَلَهُ الأقَلُّ مِنْ جُعْلِ مثله أَوِ (1) الدِّرْهَمَيْنِ فِيهِمَا) أي: في القسمين وهما اشترها لي بعشرة نقدًا وأنا أشتريها منك باثني عشر إلى أجل، أو اشترها بعشرة نقدًا وأشتريها منك باثني عشر نقدًا، وهذا (2) على مذهب ابن القاسم في منع البيع والسلف يكون له الأقل من الدرهمين أو جعل مثله، وهو الذي صدر به، وعلى قول ابن حبيب أنه قبض السلف يكون (3) له أجر مثله بالغًا ما بلغ (4)، وقال ابن المسيب: لا أجر له (5).
ابن رشد وابن زرقون: وهو الأصح (6)، وإليه أشار بقوله:(وَالأَظْهَرُ وَالأَصَحُّ لا جُعْلَ لَهُ). أي لئلا يكون. . . للفساد (7) يكون قوله: (وَجَازَ بغَيره كَنَقْدِ الآمِرِ) أي: وجاز ذلك إذا كان النقد من عند المأمور بلا شرط كما إذا نقد الآمَر ذلك من عنده إذا كان (8) لا محذور فيه.
قوله: (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي، فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلانِ) أي: فإن قال: اشترها بعشرة نقدا وأنا آخذها باثني عشر نقدًا أو لم (9) يقل اشترها لي، والقولان لمالك، مرة قال في الجواز إذا انتقد، وأخرى قال بالكراهة للمراوضة التي وقعت بينهما في السلعة قبل صيرورتها في ملك المأمور (10).
قوله: (وَبِخِلافِ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لأَجَلٍ وَأَشْتَريهَا بِعَشَرَةِ نَقْدًا) يريد: أن الآمر إذا قال للمأمور: اشتر لي سلعة كذا باثني عشر لأجل، وأنا أشتريها منك بعشرة نقدًا،
(1) في (ن): (و).
(2)
قوله: (هذا) ساقط من (ن).
(3)
قوله: (له الأقل من الدرهمين. . . السلف) ساقط من (ن 3).
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 89 و 90.
(5)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 372.
(6)
انظر: البيان والتحصيل: 7/ 89، والتوضيح: 5/ 407.
(7)
قوله: (أي لئلا يكون. . . للفساد) زيادة من (ن 5).
(8)
قوله: (إذا كان) يقابله في (ن) و (ن 5): (إذ).
(9)
في (ن 5): (ولم).
(10)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 372.
فإن ذلك يمنع ولا إشكال فيه، لأن الآمر استأجر المأمور على أن يبتاع له السلعة بعشرة يدفعها له ينتفع بها إلى أجل، ثم يقتضي منه (1) اثني عشر عند الأجل.
قوله: (فَيُلْزَمُ بالْمُسَمَّى): فليزم بالمسمى (ولا يعجل العشرة)(2) أي فيلزم الآمر السلعة بالمسمى وهو اثنا (3) عشر إلى أجل ولا يتعجل المأمور منه العشرة النقد، فإن دفعها إليه صوفها عنه ولم تترك عنده إلى الأجل وهو معنى قوله:(4) وَإِنْ عُجِّلَتْ أُخِذَتْ)، وقوله (5):(وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ) يعني: وللمأمور جعل مثله في شراء السلعة بالغًا مَا بلغ هكذا قال ابن رشد (6).
قوله: (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَهَلْ لا يُرَدُّ (7) الْبَيع إلا إِذَا فَات وَلَيْسَ عَلَى الآمِرِ إلا الْعَشَرَةُ (8)؟ أَوْ يُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إِلا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ؟ قَوْلانِ) يريد: أن الآمر إذا قال له: اشترها باثني عشر إلى أجل؛ وأنا أشتريها منك بعشرة نقدًا اختلف في ذلك على قولين كما قال، فروى سحنون عن ابن القاسم أن البيع لا (9) يرد إذا فات، ولا يكون على الآمر إلا العشرة.
ابن رشد: وهو ظاهر الروايات (10) أن البيع الثاني يفسخ ما لم تفت السلعة (11). وقال ابن حبيب: يفسخ على كل حال، وهو مراده هنا بالإطلاق، فإن فاتت ردت إلى قيمتها يوم قبضها (12).
(1) في (ن): (منها).
(2)
قوله: (فليزم بالمسمى ولا يعجل العشرة) زيادة من (ن).
(3)
في (ن): (اثنتا).
(4)
زاد بعده في (ن 4): (ولا تعجل العشرة).
(5)
قوله: (قوله) زيادة من (ن).
(6)
انظر: البيان والتحصيل: 7/ 89.
(7)
قوله: (لا يرد) زيادة من (ن).
(8)
في (ن 4): (إلا العشرة).
(9)
قوله: (لا) ساقط من (ن 3).
(10)
في (ن 5): (الرواية)، وفي (ن) و (هذه الرواية).
(11)
انظر: البيان والتحصيل: 7/ 87.
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 89.