المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في نكاع الشغار] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٣

[بهرام الدميري]

فهرس الكتاب

- ‌فصل [في خيار الأمة]

- ‌فصل [في الصداق وهو الركن الخامس]

- ‌[فصل في نكاع الشغار]

- ‌فصل [في نكاح التفويض]

- ‌فصل [في بيان أحكام تنازع الزوجين]

- ‌فصل [في الوليمة]

- ‌فصل [في القسم بين الزوجات والنشوز]

- ‌[فصل في النشوز]

- ‌فصل [في طلاق السنة]

- ‌فصل [في أركان الطلاق]

- ‌فصل [في أحكام وأقسام الاستنابة على الطلاق]

- ‌فصل [في أحكام رجعة المطلقة]

- ‌باب [في الإيلاء]

- ‌باب: [في الظهار]

- ‌باب [في اللعان]

- ‌باب [في العدة]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام المفقود]

- ‌فصل [في أحكام أقسام الاستبراء]

- ‌فصل [في بيان أحكام تداخل العدد والاستبراء]

- ‌باب [في أحكام] الرضاع

- ‌باب [في النفقة بالنكاح والملك والقرابة]

- ‌فصل [في نفقة الرقيق والدواب والقريب وخادمه والحضانة]

- ‌فصل [في حضانة الذكر والأنثى]

- ‌باب [في أحكام البيع]

- ‌[بيع الجزاف]

- ‌[باب في الصرف]

- ‌فصل [الربا في المطعومات]

- ‌[البيوع المنهي عنها]

- ‌[بيع النجش]

- ‌فصل [في أحكام بيوع الآجال]

- ‌فصل [في أحكام بيع العينة]

- ‌فصل [في خيار البيع]

- ‌فصل [في بيع المرابحة]

الفصل: ‌[فصل في نكاع الشغار]

فرقوا إذا أراد طلاقها، فوضعت له من صداقها، أو سألها الحطيطة، فقالت:"أخاف أن تطلقني"، فقال:"لا أفعل" فحطت، ثم طلقها ونحو ذلك (1).

قوله: (بِلا يَمِينٍ مِنْهُ) أي: فإن كان الإسقاط معلقًا على يمين من الزوج كطلاق، أو تمليك، أو عتق، فلا رجوع للزوجة للزوم الطلاق، والعتق.

[فصل في نكاع الشغار]

(المتن)

أَوْ كَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ أُخْتِي بِمِائَةٍ، وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ، وإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَصَرِيحُهُ، وَفُسِخَ فِيهِ، وإِنْ فِي وَاحِدَةٍ، وَعَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الأَمَةِ أَبَدًا، وَلَهَا فِي الْوَجْهِ، وَمِائَةٍ وَخَمْرٍ، أَوْ مِائَةٍ نَقْدًا وَمِائَةٍ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ الأَكثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ. وَلَوْ زَادَ عَلَى الْجَمِيعِ، وَقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ الْمَعْلُومِ، إِنْ كَانَ فِيهِ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيمَا إِذَا سَمَّى لإِحْدَاهُمَا، وَدَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. وَفِي مَنْعِهِ بِمَنَافِعَ، أَوْ تَعْلِيمِهَا قُرْآنًا، أَوْ إِحْجَاجِهَا، ويرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ، وَكَرَاهَتِهِ: كَالْمُغَالاةِ فِيهِ، وَالأَجَلِ، قَوْلانِ.

(الشرح)

قوله: (أَوْ كَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ بِمائَةٍ عَلى أَنْ أُزَوِّجَكَ أُخْتِي بِمائَةٍ، وهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ) أي: ومما هو فاسد أيضًا نكاح الشغار لقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيح: "لا شغار في الإسلام"(2)، وفيه أيضًا: أنه نهى عن الشغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته (3)، واختلف أهل (4) التفسير من كلام نافع (5)، وهو الصحيح، أو

(1) انظر: التوضيح: 4/ 185.

(2)

أخرجه مسلم: 2/ 1034، في باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، من كتاب النكاح، برقم: 1415 من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وأخرجه الترمذي: 3/ 431، في باب النهي عن نكاح الشغار، من كتاب النكاح، برقم: 1123، والنسائي: 6/ 111، في باب الشغار، من كتاب النكاح، برقم: 3335، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، وأخرجه ابن ماجه: 1/ 606، في باب النهي عن الشغار، من كتاب النكاح، برقم: 1885، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(3)

انظر: الموطأ: 2/ 535، في باب جامع ما لا يجوز من النكاح، من كتاب النكاح، برقم:(1112).

(4)

في (ن): (هل).

(5)

في (ز 2): (ابن نافع).

ص: 31

من الحديث، وحكى القاضي الإجماع على تحريمه (1)، قال: واختلف مشايخنا في علة ذلك هل لفساد عقده، أو لفساد صداقه، أو لفسادهما معًا، أو لعِرْوه (2) عن الصداق، وانظر كلامه (3) في الشرح الكبير (4)، وجعل أهل المذهب الشغار على ثلاثة أقسام: وجه الشغار، وصريحه، ومركب منهما؛ فالأول أن يقول الرجل للآخر: زوجني أختك (5) أو أمتك (6) بمائة دينار على أن أزوجك أختي أو أمتي (7) بمائة دينار، وهو مراده بما ذكر (8)، والثاني أن يقول: زوجني بغير شيء على أن أزوجك بغير شيء، وإليه أشار بقوله:(وإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَصَرِيحُهُ)، والثالث: أن يسمي لواحدة دون أخرى، وإليه أشار بقوله:(وإنْ في وَاحِدَةٍ).

وأما قوله: (وفُسِخَ فِيهِ)(9) فإشارة إلى أن هذا النكاح يفسخ على كل حال، ولهذا قال:(وإنْ في وَاحِدَةٍ)؛ أي: وإن كان الشغار في واحدة، والأخرى قد سمي لها، وهذا هو المشهور، والفسخ فيه، وإن ولدت الأولاد، وعن مالك: إمضاؤه بالدخول (10)، وأخذ السيوري وابن شبلون قولًا بإمضائه بالعقد من قوله في المدونة: أن فيه الميراث، ويفسخ بطلاق (11)، وقال ابن أبي حازم: لا يفسخ نكاح من سمي لها (12)، وفي البيان: لم

(1) انظر: النوادر والزيادات: 4/ 504.

(2)

في (ن 1): (لغرره).

(3)

في (ن 2): (بيانه).

(4)

قوله: (وانظر كلامه في الشرح الكبير) زيادة من (ن 1).

(5)

في (ز 2): (ابنتك).

(6)

في (ن) و (ن 2): (أو ابنتك).

(7)

في (ن) و (ن 2): (ابنتي).

(8)

قوله: (بما ذكر) يقابله في (ن) و (ن 2): (بوجه الشغار).

(9)

زاد بعده في (ن): (أي في صريحه).

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 451.

(11)

قوله: (وأخذ السيوري وابن شبلون

ويفسخ بطلاق) ساقط من (ن) و (ن 2). وانظر: المدونة: 2/ 98.

(12)

قوله: (من سمى لها) يقابله في (ن 2): (الشغار في المسمى لها قبل البناء). وانظر: التوضيح: 4/ 168.

ص: 32

يختلف قول مالك في المسمى لها أنه لا يفسخ بعد البناء (1)، واشار بقوله:(وعَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الأَمَةِ أَبَدًا) إلى أن الحكم في نكاح الشغار أنه يفسخ أبدًا، وكذلك إذا زوج أمته على أن ولدها يكون حرًّا، قال في المدونة: ولا يقر هذا النكاح (2)، وحكي في البيان: الاتفاق على فسخه مطلقًا، قال: ولا يبعد دخول الخلاف في أنه يفسخ قبل البناء فقط، لأنه فسد لشرط فيه، ولعله إنما فسخ، لكونه من بيع الأجنة (3) بما زاد في الصداق، ومثله ما في العتبية: أن من زوج أمته (4) على أن (5) أول ولد تلده حر أنه يفسخ مطلقًا (6)، وقال عبد الملك: إن لم يعثر على ذلك حتى ولدته (7) فلا يفسخ لذهاب الشرط (8)، فإن زوجها من عبد غيره، وشرط أن يكون الولد بينهما، فروى محمد أنه يفسخ مطلقًا (9)، وحكى أبو الفرج أنه يفرق (10) بينهما (11).

قوله: (ولها في الْوَجْهِ، ومِائَةٍ وَخَمْرٍ، أو مِائَةٍ نَقْدًا ومِائَةٍ، لموْتٍ أَوْ فِرَاقٍ- الأكثَرُ مِنَ المْسَمَّى، وصَدَاقِ المثْلِ، وَلَوْ زَادَ عَلَى الجْمِيعِ) يريد: أن الواجب لكل واحدة من المرأتين في وجه الشغار، وفيما إذا زوجت (12) بمائة وخمر، أو بمائة نقدًا ومائة (13) إلى موت أو فراق -الأكثر من المسمى، وصداق المثل، والمشهور في وجه الشغار ما ذكر، وقيل: لها صداق المثل، وسواء دخل بها أم لا، وقال ابن لبابة كالأول: إن دخل بهما، وإن دخل

(1) انظر: البيان والتحصيل: 5/ 136.

(2)

انظر: المدونة: 2/ 162.

(3)

في (ن 1): (الاخفه).

(4)

في (ن 2): (أمة).

(5)

قوله: (أن) ساقط من (ز 2).

(6)

انظر: البيان والتحصيل: 4/ 467 و 468، والنوادر والزيادات: 4/ 553.

(7)

في (ن): (ولدت).

(8)

انظر: الذخيرة: 4/ 406.

(9)

زاد بعده في (ن): (قال: والولد لسيد الأمة). وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 553.

(10)

قوله: (يفرق) زيادة من (ن 1)، قوله:(أنه يفرق) يقابله في (ن) و (ن 2): (أن الولد).

(11)

انظر: التوضيح: 4/ 181.

(12)

في (ن 2): (زوجته).

(13)

في (ز 2): (وبمائة).

ص: 33

بواحدة فقط فصداق المثل مطلقًا (1)، ومراده في مسألة الخمر: إذا دخل بها، وهو ظاهر، ويكون لها الأكثر من المائة الباقية وصداق المثل، وأما من زوجت بمائة نقدًا ومائة لموت أو فراق، فلها مع البناء الأكثر من المائة النقد، ومن (2) صداق المثل، ولا ينقص من المائة النقد؛ لأنها تقول هو قد (3) رضي بأن يدفع المائة النقد، ويكون في ذمته مائة أخرى، فلأن يدفعها نقدًا من غير أن يبقى في ذمته شيء أحرى، ولو كان صداق مثلها يزيد على المائتين أخذتهما (4) معجلًا، ولهذا قال:(وَلَوْ زَادَ عَلى الجْمِيعِ)، وعن مالك: لزوم المائة النقد، وقيمة المؤجلة من المعجلة، فإذا كانت ثلثها أخذت (5) المعجلة، وثلث صداق المثل، وقال ابن القاسم: كما لا ينقص عن المعجلة لا يزاد على المؤجلة، لأن الزوج يقول: أنت (6) قد رضيتي بمائة معجلة ومائة مؤجلة فلأن ترضى بهما (7) معجلتين أحرى، وظاهر قول أصبغ عند ابن رشد: أن (8) لها صداق المثل زاد على المائتين، أو نقص عن المائة النقد (9)، وأشار بقوله:(وقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ المعْلُومِ إِنْ كَانَ فِيهِ) إلى أن المائتين إذا كان معهما مائة مؤجلة بأجل معلوم كسنة أو شهر، ونحو ذلك؛ فإن صداق المثل يقدر على أن فيه المائة المعلومة إلى أجلها، فإذا كان صداق مثلها أكثر من مائتي النقد والمعلومة الأجل أخذته (10)، ولا ينقص عنهما كما تقدم، ولم يذكر هنا ما الواجب في صريح الشغار، ولا خلاف فيه (11) عندنا أن فيه صداق المثل مع الدخول، وأما المركب من الوجه والصريح (12)، فإن دخل بالتي لم يسم لها

(1) انظر: البيان والتحصيل: 5/ 66.

(2)

قوله: (من) ساقط من (ن) و (ن 2).

(3)

قوله: (هو قد) ساقط من (ن).

(4)

في (ز 2): (أو إحداهما)، وفي (ن):(أخذت).

(5)

في (س): (أخذتهما).

(6)

قوله: (أنت) ساقط من (ز 2).

(7)

قوله: (ترضي بهما) يقابله في (ن): (ترضين).

(8)

قوله: (أن) ساقط من (ن).

(9)

انظر: البيان والتحصيل: 4/ 402.

(10)

قوله: (أخذته) زيادة من (س).

(11)

قوله: (فيه) زيادة من (ز 2).

(12)

في (ز 2): (والتصريح).

ص: 34

فليس لها (1) إلا صداق المثل، وإن دخل بالتي سمى لها فتأول أبو محمد المدونة: على أن لها الأكثر (2)، وتأولها ابن لبابة على أن لها صداق المثل مطلقًا (3)، وإليه أشار بقوله:(وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيما إِذَا سَمَّى لإحْدَاهُمَا وَدَخَلَ بالمْسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ المثْلِ)، ونبه (4) بقوله (أَيضًا) على أنه (5) في المسألتين تأويلين، الأول أن لها الأكثر، ودل (6) عليه ما تقدم والثاني هذا، والباء في (بالمسمى) متعلق بـ (دخل)، وفي (بصداق المثل) بـ (تؤولت)، وتقديره: تؤولت المدونة أيضًا بصداق المثل فيما إذا سمى لإحداهما ودخل بالمسمى لها (7).

قوله: (وفي مَنْعِهِ بِمَنَافِعَ أَوْ تَعْلِيمِهَا قُرْآنًا أَوْ إِحْجَاجِهَا ويرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ وكَرَاهَتِهِ كَالْمغَالاةِ فيهِ والأَجَلِ، قَوْلانِ) يريد: أنه اختلف هل يمنع النكاح بالمنافع كالخدمة والإسكان ونحو ذلك، أو بتعليم الزوجة قرآنًا أو إحجاجها عامًا ونحوه، ويرجع الزوج بقيمة عمله لأجل فسخ النكاح أو يكره ذلك كما يكره في الصداق المغالاة، والتأجيل فيه قولان، والمنع مع (8) الخدمة والتعليم لمالك، والكراهة لابن القاسم، قاله ابن شاس، وزاد عن أصبغ الجواز (9)، وفي البيان عنه الكراهة (10)، ونسب اللخمي المنع في جميع ذلك لابن القاسم، والكراهة لمالك، والجواز لأصبغ (11)، ولعل (12) لكل واحد قولين، ولابن القاسم أيضًا: إن لم يكن مع المنافع صداق فسخ

(1) قوله: (لها) ساقط من (س) و (ن).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 451.

(3)

انظر: التوضيح: 4/ 169.

(4)

في (ن 1) و (ز 2) و (س): (وفيه).

(5)

في (ن): (أن).

(6)

في (ن 1): (حمل).

(7)

انظر: المدونة: 2/ 100.

(8)

في (ن 2): (في الخدمة).

(9)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 473.

(10)

انظر: البيان والتحصيل: 4/ 424.

(11)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:1942.

(12)

زاد بعده في (ن): (أن).

ص: 35

قبل البناء، ويثبت بعده بصداق المثل، وتسقط الخدمة إلا أن يكون خدم؛ فيرجع بقيمة ذلك وعنه في الإحجاج الفسخ قبل البناء، والإمضاء بعده بصداق المثل؛ إلا أن يكون مع الحجة (1) غيرها فيجوز، وقال غيره من أصحاب مالك: إن ذلك جائز؛ لأنه يرجع (2) إلى حجة مثلها في النفقة، والكراء، والمصلحة كالتزويج على شورة مثلها، أو صداق مثلها، أو يكون لها الوسط، وانعقد الإجماع على كراهة المغالاة في الصداق، وقد تقدم ما نقلناه (3) عن مالك من (4) كرا هة تأجيله، وأنه مخالف لأنكحة السلف.

(المتن)

وإنْ أَمَرَهُ بِأَلْفٍ عَيَّنَهَا أَوَّلًا فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ؛ فَإِنْ دَخَلَ فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَلْفًا إِنْ تَعَدَّى بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَإِلَّا فَتَحْلِفُ هِيَ إِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ، وَفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ إِنْ نكلَ وَغَرِمَ الأَلْفَ الثَّانِيَةَ قَوْلانِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَرَضِيَ أحَدُهُمَا: لَزِمَ الآخَرَ؛ لا إِنِ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الأَلْفَ، وَلكُلٍّ تَحْلِيفُ الآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ إِقْرَارُهُ، إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، وَلا تُرَدُّ إِنِ اتَّهَمَهُ، وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إِلَّا بِألْفٍ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِالْأَلْفَيْنِ، وَإِلَّا فكَالاِخْتِلافِ فِي الصَّدَاقِ.

(الشرح)

قوله: (وإنْ أَمَرَهُ بِأَلْفٍ عَيَّنهَا أَوَّلًا فزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ دَخَلَ فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَلْفًا) هذا شروع منه في حكم التوكيل في التزويج والتعدي فيه، ومعنى كلامه أن الرجل إذا أمر (5) غيره أن يزوجه بألف سواء عين له الزوجة أم لا فزوجه بألفين، فإن دخل يريد، ولم يعلم واحد من الزوجين بالتعدي، فإن الزوج يلزمه ألف، ويغرم الوكيل الألف الباقية، وقاله في المدونة (6)، وقال عبد الملك: يلزم الزوج صداق المثل (7)، وينبغي أن يقيد بما إذا لم ينقص عن ألف، ولم يزد على الألفين، وما ذكره من

(1) قوله: (يكون مع الحجة) ساقط من (ن 1).

(2)

في (ن): (لا يرجع).

(3)

في (ز 2): (قلناه).

(4)

في (ز 2): (في).

(5)

في (ز 2): (أمره).

(6)

انظر: المدونة: 2/ 114 و 115.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 436.

ص: 36

التسوية (1) بين تعيين المرأة، وعدم تعيينها هو مذهب المدونة، قال فيها: وإن قال له زوجني بألف، أو قال: زوجني فلانة بألف فزوجه بألفين، ثم ساق المسألة (2)، وعن أصبغ: ينبغي أن يصدق الآمر مع عدم التعيين إذا أشبه (3) ودخل؛ لأنها فرطت (4)، وإذا عين له امرأة، ولا يشبه ما قال، صداقها ينبغي (5) أن يصدق المأمور (6).

قوله: (إِنْ تَعَدَّى بِإقْرَارٍ، أَوْ بَيِّنةٍ) يريد: أن الوكيل إنما يغرم الألف الزائدة بشرط إقرار الوكيل بالتعدي، أو إقامة البينة بذلك، وهذا كقوله في المدونة: وإن أقر المأمور بعد (7) البناء بالتعدي غرم الألف الثانية، والنكاح ثابت، وقيام البينة كالإقرار، وعن مالك: أنه لا يغرم شيئًا (8)، والأول هو المشهور، وقيل: يلزم الزوج صداق المثل، والمأمور ما بقي من الألفين، فإن ساوى صداق المثل الألفين فلا شيء على المأمور.

قوله: (وإِلَّا فتَحْلِفُ هِيَ إِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ) يريد: أن المرأة إذا ادَّعت على الزوج أنه وَكَّل في (9) التزويج بألفين، وقال الزوج: بل بألف، وتوجهت عليه اليمين فحلف، فإنها تحلف يريد (10) لتغريم الوكيل الباقي؛ فإن لم يحلف الزوج غرم الألف الثانية (11)، ثم اختلف هل للزوج أن يحلف الوكيل، وهو قول أصبغ قال (12): فإن نكل غرم الألف (13)، أو لا يحلفه، وهو قول محمد قال: وقول أصبغ غلط (14)؛ لأن

(1) في (ن 2): (التسمية).

(2)

انظر: المدونة: 2/ 114 و 115.

(3)

زاد بعده في (ن): (ما قال صداق مثلها).

(4)

في (ن 2): (فوضت) و (ن): (فوت).

(5)

قوله: (ينبغي) زيادة من (ن).

(6)

انظر: التوضيح: 4/ 186.

(7)

في (ز 2): (بعدم).

(8)

انظر: المدونة: 2/ 115.

(9)

قوله: (وَكَّل في) يقابله في (ن): (دخل على).

(10)

قوله: (يريد) ساقط من (ن 2).

(11)

في (ن): (الباقية).

(12)

قوله: (قال) زيادة من (س).

(13)

زاد بعده في (ن): (الثانية).

(14)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 436.

ص: 37

الوكيل (1) لو نكل عن اليمين لم يحكم عليه إلا بعد يمين الزوج (2)، والزوج قد نكل حين لم تحلف المرأة (3)، وإلى هذين القولين أشار بقوله:(وفي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ إِنْ نَكَلَ وغَرِمَ الأَلفَ الثَّانِيَةَ قَوْلانِ) وقول محمد عندي هو ظاهر.

قوله: (وإنْ لَمْ يَدْخُلْ ورَضِيَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الآخَرَ) أي: فإن لم يدخل الزوج حتى علم بالتعدي؛ فإن رضي أن يدفع الألفين لزم الزوجة ذلك، وثبت النكاح (4)؛ وإلا فإن رضيت هي بالألف لزمه ذلك، وثبت النكاح أيضًا، وإليه أشار بقوله:(ورَضِيَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الآخَرَ) يريد: إذا قامت البينة على التوكيل بالألف، وعلى التزويج بالألفين، أو تصادقا على ذلك، أو التصادق في أحد الأمرين (5)، وقامت البينة على الآخر، فإن لم يرض واحد منهما فسخ النكاح (6).

قوله: (لا إِنِ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الأَلفَ) أي فإن النكاح لا يلزم الزوج، وقاله في المدونة (7)، يريد لأن ذلك عطية من الوكيل، فلا يلزم الزوج قبولها، وأيضًا فإن فيه ضررًا من زيادة النفقة؛ لأن من صداقها ألفان أكثر نفقة ممن صداقها ألف، هكذا قيل، وفيه عندي نظر، وذكر ابن بشير قولا بلزوم ذلك للزوج (8).

قوله: (وَلكُلٍّ تَحْلِيفُ الآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ إِقْرَارُهُ) أي: ولكل من الزوجين أن يحلف صاحبه على دعواه، يريد: إذا لم تقم بينة لا على التوكيل بألف، ولا على التزويج بألفين، أو قامت على أحدهما دون الآخر، فأما إذا لم تقم بينة (9) على شيء من الأمرين فإن الحكم في ذلك كاختلاف الزوجين قبل البناء، وسيأتي. وإن لم تقم على التوكيل بينة

(1) في (ن 2): (الرجل).

(2)

في (ن): (الزوجة).

(3)

في (ن) و (ن 2): (يحلف للمرأة).

(4)

قوله: (النكاح) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (أو التصادق في أحد الأمرين) يقابله في (ز 2): (والتصادق في أحد الأمرين حاصل)، وفي (ن):(والتصادق في أحد الأمرين).

(6)

قوله: (النكاح) ساقط من (س) و (ن 2).

(7)

انظر: المدونة: 2/ 115.

(8)

في (ن): (الزوج). وانظر: التوضيح: 4/ 187.

(9)

قوله: (بينة) زيادة من (ز 2).

ص: 38

بالألف، وقامت على التزويج بالألفين فإن للمرأة تحليف الزوج أنه لم يأمر الوكيل إلا بالألف (1)، فإن نكل لزمه النكاح بالألفين، وإن حلف قيل للمرأة: إما أن ترضي (2) بذلك، وإلا فسخ النكاح؛ فإن قامت البينة (3) على التوكيل بالألف، ولم تقم بينة (4) على التزويج بالألفين، فإن للزوج تحليف المرأة أنها لم ترض بالألف؛ فإن نكلت لزمها النكاح بالألف، وإن حلفت قيل له: إما أن ترضى بالألفين، وإلا انفسخ النكاح.

قوله: (إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنةٌ) أي: بالأمرين (5)، وأما إن قامت على ذلك (6) فلا يمين، وهو ظاهر.

قوله: (ولا تُرَدُّ إِنِ اتَّهَمَهُ) هذا هو المشهور؛ لأن أيمان التهمة لا ترد، أما إذا حقق على صاحبه الدعوى بأن قالت المرأة: أنا أتحقق أنك أمرته بألفين، أو قال الزوج (7): أنا أتحقق أن العقد وقع بألف، فإن اليمين حينئذٍ تنقلب على المدعي، وهو ظاهر، وفاعل (اتهمه) عائد على أحد الزوجين لا بعينه، وكذلك الضمير فيه.

قوله: (ورُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إِلا بِأَلْفٍ ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إنْ قَامَتْ بَينةٌ عَلى التَّزْوِيجِ بالألفَيْنِ وإِلا فكَالاخْتِلافِ فِي الصَّدَاقِ) يريد: أن الزوج يحلف أولًا أنه ما أمر الرسول أَن يزوجه إلا بألف، ابن يونس: فإذا حلف قيل للمرأة: إن رضيت بألف، وإلا فرق بينكما، فإن نكل الزوج عن اليمين لزمه النكاح بالألفين، وهذا إذا كان على عقد الرسول بالألفين بينة، وإن لم تكن فالحكم كاختلاف الزوجين في الصداق قبل البناء، تحلف هي أن العقد كان بالألفين، ثم يقال له: ترضى بذلك، أو تحلف إنك ما أمرته إلا بألف، ويفسخ النكاح إن لم ترض الزوجة بالألف (8).

(1) قوله: (وقامت على التزويج

لم يأمر الوكيل إلا بالألف) زيادة من (ز 2).

(2)

في (ن): (ترضين).

(3)

قوله: (قامت البينة) يقابله في (ز 2): (أقامت بينة).

(4)

قوله: (بينة) زيادة من (ن 2).

(5)

قوله: (بالأمرين) يقابله في (ن): (بواحد من الأمرين).

(6)

زاد بعده في (ن): (بينة).

(7)

في (س) و (ن): (الرجل).

(8)

انظر: التوضيح: 4/ 187 و 188.

ص: 39

(المتن)

وإنْ عَلِمَتْ بِالتَّعَدِّي فأَلْفٌ، وَبِالْعَكْسِ أَلْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ، وَعَلِمَ بِعِلْمِ الآخَرِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، فَأَلْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ بِعِلْمِهَا فَقَطْ فَأَلْفٌ، وَبِالْعَكْسِ فَأَلْفَانِ، وَلَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ آذِنَةٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَعُمِلَ بِصَدَاقِ السِرِّ إِذَا أَعْلَنَا غَيْرَهُ، وَحَلَّفَتْهُ إِنِ ادَّعَتِ الرُّجُوعَ عَنْهُ، إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَن الْمُعْلَنَ لا أَصْلَ لَهُ، وإنْ تَزَوَّجَ بِثَلاثِينَ عَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ إِلَى أَجَلٍ وَسَكَتَا عَنْ عَشْرَةٍ: سَقَطَتْ. وَنَقَدَهَا كَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ،

(الشرح)

قوله: (وَإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّعَدِّي فَأَلْفٌ وبِالْعَكْسِ (1) أَلْفَانِ) أي: فإن علمت المرأة بتعدي الوكيل (2) دون الزوج فليس لها إلا الألف، لأنها عالمة بأن الزائد محض عداء (3)، ومكنت من نفسها على ما وكله (4) عليه، وهو الألف فيسقط الزائد عليها، وإن كان الزوج هو العالم بالتعدي دونها، وهو مراده (بالعكس) فعليه ألفان؛ لأنه علم بالتعدي دونها (5) ودخل (6)، وعلى ذلك فوت البضع، وهي لم تمكنه (7) ولا أباحت له نفسها إلا على ذلك.

قوله: (وإنْ عَلِمَ كُلٌّ وعَلِمَ بِعِلْمِ الآخَرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَأَلْفَانِ) أي: فإن علم كل من الزوجين بالتعدي، ودخل على ذلك، فالواجب ألفان، سواء علم كل بعلم الآخر أم لا، أما إذا علم كل بعلم الآخر فواضح، لأن الزوج لما علم ودخل فقد التزم الألفين، والمرأة قد علمت بدخوله على ذلك، ولذلك مكنته من نفسها، ولم أر فيه خلافًا، وأما إذا لم يعلم كل منهما (8) بعلم الآخر فالروايات أيضًا: بوجوب الألفين، لتساويهما في العلم وغيره. وقال اللخمي وغيره: القياس أن يكون لها نصف الألف

(1) في (ن): (أو بالعكس).

(2)

في (س) و (ن) و (ن 2): (الرسول).

(3)

في (ن 2): (عدي).

(4)

في (ن) و (ن 2): (وكل).

(5)

قوله: (علم بالتعدي دونها) يقابله في (س) و (ن 2): (عالم بالعداء).

(6)

قوله: (دونها ودخل) ساقط من (ن) و (ن 2).

(7)

في (س): (تمكن).

(8)

قوله: (كل منهما) زيادة من (ن 2).

ص: 40

الثانية (1).

قوله: (وإِنْ عَلِمَ بِعِلْمِهَا فَقَطْ فَأَلْفٌ) أي: فإن علما بالتعدي، وعلم الزوج فقط بعلمها فالواجب ألف؛ لأن المرأة لما علمت بالتعدي فقد مكنت الزوج من نفسها على ذلك، وهو قد علم بأنها دخلت على ذلك، فلا موجب للألف الأخرى.

قوله: (وبِالْعَكْسِ فَأَلْفَانِ) أي: فإن كانت الزوجة هي التي قد علمت بعلمه فقط، ولم يعلم هو (2) بعلمها فالواجب ألفان؛ لأنه لما علم بالتعدي (3) فقد دخل على الألفين، وهي لما علمت بعلمه لَمْ (4) تمكنه إلَّا على ذلك (5).

قوله: (ولَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ آذِنَةٍ غَيْرِ مُجْبرةٍ بِدُونِ صَدَاقِ المثْلِ) يريد: أن اليتيمة، أو المالكة أمرها (6) إذا أذنت لوليها أن يزوجها، ولم تسم له مقدار الصداق فزوَّجها بدون صداق المثل لَمْ يلزمها النِّكَاح، ابن رشد باتفاق (7) فإن زوّجها بصداق المثل (8) فأكثر لزمها، وإنما قيد الآذنة بغير المجبَرة؛ لأن المجبَرة (9) يزوجها المجبِر إن شاء بدون صداق المثل.

قوله: (وعُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ إِذَا أَعْلَنَا غَيْرَهُ) يريد: أن الزوجين إذا أسرَّا صداقًا بينهما، وأعلنا غيره مخالفًا له في القدر أو في الجنس، أو في الصفة، فإن الصداق المعمول (10) به هو ما أسراه، ولا إشكال إذا اتفق الزوجان على ذلك (11)، وأما إن اختلفا فإن لَمْ يكن

(1) انظر: التوضيح: 4/ 191، التبصرة، للخمي، ص: 1837 و 1838.

(2)

قوله: (على ذلك، وهو قد علم بأنها دخلت على ذلك، فلا موجب للألف الأخرى. قوله: (وبِالْعَكْسِ فَأَلْفَانِ) أي: فإن كانت الزوجة هي التي قد علمت بعلمه فقط، ولم يعلم هو) يقابله في (ن):(وعلم الزوج فقط).

(3)

قوله: (مكنت الزوج من نفسها

لأنه لما علم بالتعدي) ساقط من (ن 1).

(4)

في (ن): (لا).

(5)

قوله: (ذلك) ساقط من (ن 1).

(6)

في (س): (لأمرها).

(7)

انظر: البيان والتحصيل: 4/ 354.

(8)

قوله: (لم يلزمها النِّكَاح

فإن زوجها بصداق المثل) زيادة من (س).

(9)

في (ن 2): (المرأة).

(10)

في (ن 2): (المعقود).

(11)

قوله: (على ذلك) ساقط من (ن 2).

ص: 41