الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى لتعتبروا بها. وقال عطية العوفي يعني دار فرعون وقومه وهي مصر. وقال السدي: يعني منازل الكفار وقال الكلبي هي منازل عاد وثمود والقرون الذين هلكوا فكانوا يمرون عليها إذا سافروا.
[سورة الأعراف (7): آية 146]
سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (146)
قوله عز وجل: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ قال ابن عباس يريد الذين يتجبرون على عبادي ويحاربون أوليائي سأصرفهم عن قبول آياتي والتصديق بها حتى لا يؤمنوا بي عقوبة بحرمان الهداية لعنادهم الحق. وقال سفيان بن عيينة: سأمنعهم فهم القرآن وقيل معناه سأصرفهم عن التفكير في خلق السموات والأرض وما فيهما من الآيات والعبر وقيل حكم الآية لأهل مصر خاصة وأراد بالآيات الآيات التسع التي أعطاها الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام والأكثرون على أن الآية فيه دليل لمذهب أهل السنة على أن الله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويصرف عن آياته ويقبل الحق من يشاء ويوفق بالتفكر في آياته وقبول الحق من يشاء لأنه القادر على ما يشاء لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ ومعنى الذين يتكبرون الذين يرون أنهم أفضل الخلق وأن لهم من الحق ما ليس لغيرهم والتكبر على هذه الصفة لا يكون إلا لله عز وجل لأنه هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأحد سواه فالتكبر في حق الله عز وجل صفة مدح وفي حق المخلوقين صفة ذم لأنه تكبر بما ليس له ولا يستحقه وقيل التكبر إظهار كبر النفس على غيرها فهو صفة ذم في حق جميع العباد وقوله يتكبرون من الكبر لا من التكبر أن يفتعلون التكبر ويرون أنهم أفضل من غيرهم فلذلك قال يتكبرون في الأرض بغير الحق بل بالباطل وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ يعني طريق الحق والهدى والسداد والصواب لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا يعني لا يختاروه لأنفسهم طريقا يسلكونه إلى الهداية وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يعني طريق الضلال يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا يعني ذلك اختاروه لأنفسهم من ترك الرشد واتباع الغي بسبب أنهم كذبوا بآيات الله الدالة على توحيده وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ يعني عن التفكر فيها والاتعاظ بها،
[سورة الأعراف (7): الآيات 147 الى 150]
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَاّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (147) وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ (148) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (149) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ يعني ولقاء الدار الآخرة التي فيها الثواب والعقاب حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ يعني بطلت فصارت كأن لم تكن والمعنى أنه قد يكون في الذين يكذبون بآيات الله من يعمل البر والإحسان والخير فبين الله تعالى بهذه الآية أن ذلك ليس ينفعهم من كفرهم وتكذيبهم بآيات الله وإنكارهم الدار الآخرة والبعث هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ
يعني هل يجزون في العقبى إلا جزاء العمل الذي كانوا يعملونه في الدنيا.
قوله تعالى: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ يعني من بعد انطلاق موسى إلى الجبل لمناجاة ربه عز وجل:
مِنْ حُلِيِّهِمْ يعني التي استعاروها من قوم فرعون وذلك أن بني إسرائيل كان لهم عيد فاستعاروا من القبط الحلي ليتزينوا به في عيدهم فبقي عندهم إلى أن أهلك الله فرعون وقومه فبقي الحلي لبني إسرائيل ملكا لهم فلذلك قال الله تعالى من حليهم فلما أبطأ موسى عليهم جمع السامري ذلك الحلي وكان رجلا مطاعا في بني إسرائيل فذلك قال تعالى: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى. والمتخذ هو واحد فنسب الفعل إلى الكل لأنه كان برضاهم فكأنهم أجمعوا عليه وكان السامري رجلا صائغا فصاغ لهم عِجْلًا جَسَداً يعني من ذلك الحلي وهو الذهب والفضة وألقى في ذلك العجل من تراب أثر فرس جبريل عليه السلام فتحول عجلا جسدا لحما ودما لَهُ خُوارٌ هو صوت البقر وهذا معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة وجمهور أهل التفسير وقيل كان جسدا لا روح فيه وكان يسمع منه صوت وقيل إن ذلك الصوت كان خفيق الريح وذلك أنه جعله مجوفا ووضع في جوفه أنابيب على وضع مخصوص فإذا هبت الريح دخلت في تلك الأنابيب فيسمع لها صوت كصوت البقر.
والقول الأول: أصح لأنه كان يخور وقيل إنه خار مرة واحدة وقيل إنه كان يخور كثيرا وكلما خار سجدوا له وإذا سكت رفعوا رؤوسهم. قال وهب كان يسمع منه الخوار ولا يتحرك. وقال السدي: كان يخور ويمشي أَلَمْ يَرَوْا يعني الذين عبدوا العجل وقيل إن بني إسرائيل كلهم عبدوا العجل إلا هارون عليه الصلاة والسلام بدليل قوله تعالى: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ وهذا يفيد العموم وقيل إن بعضهم عبد العجل وهو الصحيح وأجيب عن قوله واتخذ قوم موسى أنه خرج على الأغلب وكذا قوله أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ يعني العجل الذي عبدوه لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا يعني أن هذا العجل لا يمكنه أن يتكلم بصواب ولا يهدي إلى رشد ولا يقدر على ذلك ومن كان كذلك كان جمادا أو حيوانا ناقصا عاجزا وعلى كلا التقديرين لا يصلح لأن يعبد اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ يعني لأنفسهم حيث أعرضوا عن عبادة الله تعالى الذي يضر وينفع واشتغلوا بعبادة العجل الذي لا يضر ولا ينفع ولا يتكلم ولا يهديهم إلى رشد وصواب.
قوله عز وجل: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ يعني ولما ندموا على عبادة العجل. تقول العرب لكل نادم على أمر: سقط في يده وذلك لأن من شأن من اشتد ندمه على أمر أن يعض يده ثم يضرب على فخذه فتصير يده ساقطة لأن السقوط عبارة عن النزول من أعلى إلى أسفل وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا يعني وتيقنوا أنهم على الضلالة في عبادتهم العجل قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا يعني يتب علينا ويتجاوز عنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ يعني الذين خسروا أنفسهم بوضعهم العبادة في غير موضعها وهذا كلام من اعترف بعظيم ما أقدر عليه من الذنب وندم على ما صدره منه ورغب إلى الله تعالى في إقالة عثرته واعترافهم على أنفسهم بالخسران إن لم يغفر لهم ربهم ويرحمهم كلام التائب النادم على ما فرط منه وإنما قالوا ذلك لما رجع موسى عليه الصلاة والسلام إليهم وهو قوله تعالى: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً يعني لما رجع موسى عليه الصلاة والسلام من مناجاة ربه إلى قومه بني إسرائيل رجع غضبان أسفا لأن الله تعالى كان قد أخبره أنه قد فتن قومه وأن السامري قد أضلهم فكان موسى في حال رجوعه غضبان أسفا. قال أبو الدرداء: الأسف أشد الغضب. وقال ابن عباس والسدي: الأسف الحزن والأسيف الحزين. قال الواحدي والقولان متقاربان لأن الغضب من الحزن والحزن من الغضب فإذا جاءك ما تكره ممن هو دونك غضبت وإذا جاءك ما تكره ممن هو فوقك حزنت فتسمى إحدى هاتين الحالتين حزنا والأخرى غضبا فعلى هذا كان موسى عليه الصلاة والسلام غضبان من قومه لأجل عبادتهم العجل آسفا حزينا لأن الله تعالى فتنهم وأن الله تعالى كان قد أعلمه بذلك فحزن لأجل ذلك قالَ يعني موسى عليه الصلاة والسلام لقومه بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أي بئس الفعل فعلتم بعد فراقي إياكم هذا الخطاب يحتمل