الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النقاخ الماء والبرد النوم إِذا مَا اتَّقَوْا يعني إذا ما اتقوا الشرك وقيل اتقوا ما حرم الله عليهم وَآمَنُوا يعني بالله ورسوله وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي وازدادوا من عمل الصالحات ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا يعني اتقوا الخمر والميسر بعد التحريم فعلى هذا تكون الأولى إخبارا عن حال من مات وهو يشربها قبل التحريم أنه لا جناح عليه.
والثانية: خطاب لمن بقي بعد التحريم أمروا باتقائها والإيمان بتحريمها ثُمَّ اتَّقَوْا يعني ما حرم عليهم في المستقبل وَأَحْسَنُوا يعني العمل. وقيل: المراد بالاتقاء الأول فعل التقوى وبالثاني المداومة عليها وبالثالث اتقاء الظلم مع ضم الإحسان إليه. وقيل: إن المقصود من التكرير التأكيد والمبالغة في الحث على الإيمان والتقوى وضم الإحسان إليهما ثم قال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ يعني أنه تعالى يحب المتقربين إليه بالإيمان والأعمال الصالحة والتقوى والإحسان وهذا ثناء ومدح لهم على الإيمان والتقوى والإحسان لأن هذه المقامات من أشرف الدرجات وأعلاها (م) عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إلى آخر الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لي: أنت منهم ومعناه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له إن ابن مسعود منهم يعني من الذين آمنوا وعملوا الصالحات والتقوى والإحسان.
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ نزلت هذه الآية عام الحديبية وكانوا محرمين، فابتلاهم الله بالصيد، فكانت الوحوش تغشى رحالهم من كثرتها فهمّوا بأخذها وصيدها فأنزل الله هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ الآية اللام في ليبلونكم لام القسم أي ليخبرن طاعتكم من معصيتكم والمعنى يعاملكم معاملة المختبر بشيء من الصيد يعني بصيد البر دون البحر. وقيل: أراد الصيد في حالة الإحرام دون الإحلال وإنما قال بشيء من الصيد ليعلم أنه ليس بفتنة من الفتن العظام التي نزل عندها أقدام الثابتين ويكون التكليف فيها صعبا شاقا كالابتلاء ببذل الأموال والأرواح وإنما هو ابتلاء سهل كما ابتلي أصحاب السبت بصيد السمك فيه لكن الله عز وجل بفضله وكرمه عصم أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلم يصطادوا شيئا في حالة الابتلاء ولم يعصم أصحاب السبت فمسخوا قردة وخنازير.
وقوله تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ يعني الفرخ والبيض وما لا يقدر أن يفر من صغار الصيد وَرِماحُكُمْ يعني كبار الصيد مثل حمر الوحش ونحوها. وقال ابن عباس: في قوله تناله أيديكم ورماحكم هو الضعيف من الصيد وصغيره يبتلي الله به عباده في إحرامهم حتى لو شاؤوا نالوه بأيديهم فنهاهم الله أن يقربوه لِيَعْلَمَ اللَّهُ أي: ليرى الله فإنه قد علمه فهو مجاز لأنه تعالى عالم لم يزل والمعنى يعاملكم معاملة المختبر. وقيل: معناه ليظهر المعلوم وهو خوف الخائف وقيل هو من باب حذف المضاف والتقدير ليعلم أولياء الله مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ يعني: من يخاف الله ولم يره فلا يصطاد في حالة الإحرام شيئا بعد النهي فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ يعني فصاد في حالة الإحرام بعد النهي فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني في الدنيا. قال ابن عباس: هو أن يوجع ظهره وبطنه جلدا وتسلب ثيابه وهذا قول أكثر المفسرين في معنى هذه الآية لأنه قد سمى الجلد عذابا وهو قوله وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين.
[سورة المائدة (5): آية 95]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95)
وقوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ جمع حرام. أي: لا تقتلوا الصيد وأنتم محرمون بالحج والعمرة وقيل المراد منه دخول الحرم. يقال: أحرم إذا عقد الإحرام، وأحرم: إذا دخل الحرم.
وقيل: هما مرادان بالآية فلا يجوز قتل الصيد للمحرم ولا في الحرم نزلت هذه الآية في أبي اليسر شد على حمار وحش فقتله وهو محرم ثم صار هذا الحكم عاما فلا يجوز قتل الصيد ولا التعرض له ما دام محرما ولا في الحرم. والمراد بالصيد، كل حيوان متوحش مأكول اللحم وهذا قول الشافعي. وقال أبو حنيفة: هو كل حيوان متوحش سواء كان مأكولا أو لم يكن فيجب عنده الضمان على من قتل سبعا أو نمرا أو نحو ذلك واستثنى الشارع خمس فواسق فأجاز قتلهن (ق).
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور» وفي رواية: «خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والإحرام» (ق). عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحرم:
الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور» ولمسلم «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم» وذكر نحوه. وفي رواية النسائي قال:«خمس يقتلن المحرم: الحية، والعقرب، والفأرة، والغراب الأبقع، والكلب العقور» . قال ابن عيينة: الكلب العقور كل سبع ضار يعقر. وقاس الشافعي عليها جميع ما لا يؤكل لحمه، قال:
لأن الحديث يشتمل على أشياء بعضها سباع ضارية وبعضها هوام قاتلة وبعضها طير لا يدخل في معنى السباع ولا في معنى الهوام وإنما هو حيوان مستخبث اللحم. وتحريم الأكل، يجمع الكل فاعتبره ورتب عليه الحكم.
وذهب أصحاب الرأي إلى وجوب الجزاء في كل ما لا يؤكل لحمه إلا الأعيان المذكورة في الحديث وقاسوا عليها الذئب فلم يوجبوا فيه كفارة.
قوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً قال مجاهد والحسن وابن زيد: هو الذي يتعمد قتل الصيد مع نسيان الإحرام فعليه الجزاء.
أما إذا تعمد قتل الصيد ذكرا لإحرامه، فلا جزاء عليه لأنه أعظم من أن يكون له كفارة. وقال ابن عباس والجمهور: يحكم عليه بالجزاء وإن تعمد القتل مع ذكر الإحرام وهذا مذهب عامة الفقهاء، أما إذا قتل الصيد خطأ بأن قصد غيره بالرمي فأصابه، فهو كالعمد في وجوب الجزاء وهذا مذهب جمهور المفسرين والفقهاء قال الزهري: نزل القرآن بالعمد وجرت السنة في الخطأ يعني ألحقت المخطئ بالمتعمد في وجوب الجزاء وقال سعيد بن جبير: لا أرى في الخطأ شيئا وهذا قول شاذ لا يؤخذ به فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يعني فعليه جزاء من النعم مثل ما قتل والمثل والشبه واحد واختلفوا في هذه المماثلة أهي بالخلقة أم بالقيمة والذي عليه جمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم أن المماثلة في الخلقة معتبرة لأن ظاهر الآية يدل على ذلك وما لا مثل له فالقيمة، وقال أبو حنيفة: المثل الواجب في قتل الصيد هو القيمة لأن الصيد المقتول إذا لم يكن له مثل فإنه يضمن بالقيمة وهذا لا نزاع فيه فكان المراد بالمثل هو القيمة في هذه الصورة فوجب أن يكون في سائر الصور كذلك لأن اللفظ الواحد لا يجوز حمله إلا على معنى واحد وأجيب عنه بأن حقيقة المماثلة أمر معلوم فيجب رعايتها بأقصى الإمكان وإن لم تكن رعايتها إلا بالقيمة وجب الاكتفاء بها للضرورة وحجة الشافعي ومن وافقه في اعتبار المماثلة بالخلقة أن الصحابة حكموا في بلدان شتى وأزمان مختلفة بالمثل من النعم فحكموا في النعامة ببدنة وهي لا تساوي بدنة وحكموا في حمار الوحش ببقرة وهو لا يساوي بقرة وكذا في الضبع بكبش فدل ذلك على أنهم إنما نظروا إلى ما يقرب من الصيد شبها من حيث الخلقة فحكموا به ولم يعتبروا القيمة فيجب في الظبي شاة وفي الأرنب سخل وفي الضب سخلة وفي اليربوع جفرة ويجب في الحمامة وكل ما عبّ وهدر كالفواخت والقمري وذوات الأطواق شاة وما سواه من الطير ففيه القيمة في المكان الذي أصيب فيه. وروي عن عثمان وابن عباس أنهما حكما في حمام الحرم. وروي عن عمر أنه قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة.
وقوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ يعني يحكم بالجزاء في قتل الصيد رجلان صالحان عدلان من أهل ملتكم ودينكم وينبغي أن يكونا فقيهين فينظران إلى أشبه الأشياء به من النعم فيحكمان به.
قال ميمون بن مهران: جاء أعرابي إلى أبي بكر الصديق، فقال: إني أصبت من الصيد كذا وكذا فسأل أبو بكر أبي بن كعب، فقال الأعرابي: إني أتيتك أسألك وأنت تسأل غيرك، فقال أبو بكر: وما أنكرت من ذلك؟ قال الله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فشاورت صاحبي فإذا اتفقنا على شيء أمرناك به وقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ يعني أن الكفارة هدي يساق إلى الكعبة وسميت الكعبة كعبة لارتفاعها والعرب تسمي كل بيت مرتفع كعبة. وإنما أريد الكعبة، كل الحرم لأن الذبح لا يقع في الكعبة وعندها ملاقيا لها إنما يقع في الحرم وهو المراد بالبلوغ فيذبح الهدي بمكة ويتصدق به على مساكين الحرم هذا مذهب الشافعي وقال أبو حنيفة له أن يتصدق به حيث شاء إذا وصل الهدي إلى الكعبة أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً ذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة إلى أن كلمة- أو- في هذه الآية للتخيير وقال أحمد وزفر من أصحاب أبي حنيفة إنها للترتيب وهما روايتان. عن ابن عباس قال الشافعي إذا قتل صيدا له مثل فهو مخير بين ثلاثة أشياء: إن شاء ذبح المثل من النعم وتصدق به على مساكين الحرم وإن شاء قوم المثل دراهم والدراهم طعاما ثم يتصدق به على مساكين الحرم وإن شاء صام عن كل مد من الطعام يوما. وقال أبو حنيفة: يصوم عن كل نصف صاع يوما. وعن أحمد روايتان كالقولين وأصل هذه المسألة أنّ الصوم مقدر بطعام اليوم فعند الشافعي مقدر بالمد وعند أبي حنيفة مقدر بنصف صاع وله أن يصوم حيث شاء لأنه لا نفع فيه للمساكين وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخيار في تعيين أحد هذه الثلاثة الأشياء إلى قاتل الصيد الذي وجب عليه الكفارة لأن الله أوجب عليه أحد هذه الثلاثة على التخيير فوجب أن يكون هو المخير بين أيها شاء وقال محمد بن الحسن من أصحاب أبي حنيفة التخيير إلى الحكمين لأن الله تعالى قال: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ومن قال: إن كلمة أو للترتيب، قال: إن لم يجد الهدي اشترى طعاما وتصدق به فإن كان معسرا صام وقال مالك: إن لم يخرج المثل من النعم يقوّم الصيد ثم يجعل القيمة طعاما فيتصدق به أو يصوم. وقال أبو حنيفة: لا يجب المثل من النعم، بل يقوم الصيد فإن شاء صرف تلك القيمة إلى شيء من النعم وإن شاء إلى الطعام فيتصدق به وإن شاء صام عن كل نصف صاع من بر أو صاع من غيره يوما واختلفوا في موضع التقويم فقال جمهور الفقهاء يقوم في المكان الذي قتل فيه الصيد. وقال الشعبي: يقوم بمكة بثمن مكة لأنه يصرف بها.
وقوله تعالى: لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ يعني جزاء ذنبه. والوبال في اللغة، الشيء الثقيل الذي يخاف ضرره.
يقال: مرعى وبيل إذا كان فيه وخامة وإنما سمى ذلك الله وبالا لأن إخراج الجزاء ثقيل على النفس لأن فيه تنقيصا للمال وهو ثقيل على النفس وكذا الصوم أيضا ثقيل على النفس لأن فيه إنهاك البدن عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ يعني قبل التحريم وَمَنْ عادَ يعني إلى قتل الصيد مرة ثانية فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ يعني في الآخرة والانتقام المبالغة في العقوبة وهذا الوعيد لا يمنع إيجاب الجزاء في المرة الثانية والثالثة فإذا تكرر من المحرم قتل الصيد تكرر عليه الجزاء وهذا قول جمهور العلماء وقد روي عن ابن عباس والنخعي وداود الظاهري أنه إذا قتل الصيد مرة ثانية فلا جزاء عليه لأنه وعد بالانتقام منه.
قال ابن عباس: إذا قتل المحرم صيدا متعمدا سئل هل قتل شيئا من الصيد، فإن قال نعم، لم يحكم عليه.
ويقال له: اذهب فينتقم الله منك وإن قال لم أقتل قبله شيئا، حكم عليه، فإن عاد بعد ذلك لم يحكم عليه، ولكن يملأ ظهره وصدره ضربا وكذلك حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيدوج وهو واد بالطائف: وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ يعني ممن عصاه. وإذا أتلف المحرم شيئا من الصيد الذي لا مثل له من النعم مثل البيض وطائر صغير دون الحمام