الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو هريرة والضحاك ذلك عند نزول عيسى عليه السلام فلا يبقى أهل دين إلا دخلوا في الإسلام ويدل على صحة هذا التأويل ما روي عن أبي هريرة في حديث نزول عيسى عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ويهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام. عن المقداد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام إما بعز عزيز أو بذل ذليل إما أن يعزهم فيجعلهم من أهله فيعزوا به وإما أن يذلهم فيدينون له» أخرجه البغوي بغير سند (م) عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى فقلت يا رسول الله إني كنت أظن حين أنزل الله تعالى هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله إن ذلك تام قال إنه سيكون ذلك ما شاء الله ثم يبعث ريحا طيبة تتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم» قال الشافعي: وقد أظهر الله دين رسوله صلى الله عليه وسلم على الأديان كلها بأن أبان لكل من سمعه أنه الحق وما خالفه من الأديان باطل وقال وأظهره على الشرك دين أهل الكتاب ودين الأميين فقهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأميين حتى دانوا بالإسلام طوعا وكرها وقتل أهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالإسلام وأعطى بعضهم الجزية صاغرين وجرى عليهم حكمه فهذا هو ظهوره على الدين كله وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قوله تعالى:
[سورة التوبة (9): آية 34]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (34)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ قد تقدم معنى الأحبار والرهبان وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى وفي قوله سبحانه وتعالى: إِنَّ كَثِيراً دليل على أن الأقل من الأحبار والرهبان لم يأكلوا أموال الناس بالباطل ولعلهم الذين كانوا قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم وعبر عن أخذ الأموال بالأكل في قوله تعالى:
لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ لأن المقصود الأعظم من جمع المال الأكل فسمى الشيء باسم ما هو أعظم مقاصد واختلفوا في السبب الذي من أجله أكلوا أموال الناس بالباطل فقيل إنهم كانوا يأخذون الرشا من سفلتهم في تخفيف الشرائع والمسامحة في الأحكام وقيل إنهم كانوا يكتبون بأيديهم كتبا يحرفونها ويبدلونها ويقولون هذه من عند الله ويأخذون بها ثمنا قليلا وهي المآكل التي كانوا يصيبونها من سفلتهم على تغيير نعت النبي صلى الله عليه وسلم وصفته في كتبه لأنهم كانوا يخافون لو آمنوا به وصدقوه لذهبت عنهم تلك المآكل وقيل إن التوراة كانت مشتملة على آيات دالة على نعت النبي صلى الله عليه وسلم وكان الأحبار والرهبان يذكرون في تأويلها وجوها فاسدة باطلة ويحرفون معانيها طلبا للرياسة وأخذ الأموال ومنع الناس عن الإيمان به وذلك قوله تعالى: وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني ويمنعون الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والدخول في دين الإسلام وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ أصل الكنز في اللغة جعل المال بعضه على بعض وحفظه ومال مكنوز مجموع واختلفوا في المراد بهؤلاء الذين ذمهم الله بسبب كنز الذهب والفضة فقيل هم أهل الكتاب. قال معاوية بن أبي سفيان: لأن الله سبحانه وتعالى وصفهم بالحرص الشديد على أخذ أموال الناس بالباطل ثم وصفهم بالبخل الشديد وهو جمع المال ومنع إخراج الحقوق الواجبة منه. وقال ابن عباس: نزلت في مانعي الزكاة من المسلمين وذلك أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر قبح طريقة الأحبار والرهبان في الحرص على أخذ الأموال بالباطل حذر المسلمين من ذلك وذكر وعيد من جمع المال ومنع حقوق الله منه. وقال أبو ذر: نزلت في أهل الكتاب وفي المسلمين. ووجه هذا القول أن الله سبحانه وتعالى وصف أهل الكتاب بالحرص على أخذ أموال الناس بالباطل ثم ذكر بعده وعيد من جمع المال ومنع الحقوق الواجبة فيه سواء كان من أهل الكتاب أو من المسلمين (خ)
عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا بأبي ذر فقلت: ما أنزلك هذا المنزل؟ قال: كنت في الشأم فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فقال معاوية:
نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم فكان بيني وبينه في ذلك كلام فكتب إلى عثمان يشكوني فكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها فكثر عليّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكرت ذلك لعثمان فقال إن شئت تنحيت فكنت قريبا فذاك الذي أنزلني هذا المنزل ولو أمر على عبد حبشي لسمعت وأطعت واختلف العلماء في معنى الكنز فقيل هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد زكاته وروي عن ابن عمر: أنه قال له أعرابي أخبرني عن قول الله عز وجل: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ قال ابن عمر من كنزها فلم يؤد زكاتها ويل له هذا كان قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت جعلها الله طهرا للأموال. أخرجه البخاري. وفي رواية مالك عن عبد الله بن دينار قال: سمعت عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز ما هو فقال:
هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة ورواه الطبري بسنده عن ابن عمر قال: كل مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا وكل مال لم تؤد زكاته فهو الكنز الذي ذكره الله في القرآن يكوى به صاحبه وإن لم يكن مدفونا.
وروي عن علي بن أبي طالب قال: أربعة آلاف فما فوقها كنز وما دونها نفقة. وقيل: الكنز كل ما فضل من المال عن حاجة صاحبه إليه. وروى الطبري بسنده عن أبي أمامة قال: توفي رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره دينار فقال النبي صلى الله عليه وسلم كية ثم توفي آخر فوجد في مئزره ديناران فقال النبي صلى الله عليه وسلم كيتان كان هذا في أول الإسلام قبل أن تفرض الزكاة فكان يجب على كل من فضل معه شيء من المال إخراجه لاحتياج غيره إليه فلما فرضت الزكاة نسخ ذلك الحكم.
عن ابن عباس قال: «لما نزلت هذه الآية: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، كبر على المسلمين فقال عمر:
أنا أفرج عنكم. فانطلق فقال: يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية. فقال: إن الله لم يفرض الزكاة إلا لتطييب ما بقي من أموالكم وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم. قال: فكبر عمر ثم قال له: ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته» أخرجه أبو داود عن ثوبان قال «لما نزلت والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه أنزلت في الذهب والفضة فلو علمنا أي المال خيرا اتخذناه؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة صالحة تعين المؤمن على إيمانه» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن والصحيح من هذه الأقوال القول الأول وهو ما ذكرنا عن ابن عمر أن كل مال أديت زكاته فليس بكنز ولا يحرم على صاحبه اكتنازه وإن كثر وإن كان كل مال لم تؤد زكاته فصاحبه معاقب عليه وإن قل إذا كان مما تجب فيه الزكاة ويستحق على منع الزكاة الوعيد من الله إلا أن يتفضل الله عز وجل عليه بعفوه وغفرانه ويدل على ذلك ما روي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره كلما ردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقتضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار قيل يا رسول الله فالإبل قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم ورودها إلا إذا كان يوم القيامة بطح له بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار قيل يا رسول الله فالبقر والغنم قال ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا غضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة