الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آحاده أعشاره وقيل معنى الآية من عمل لله وفقه الله في المستقبل لطاعته وَإِنْ تَوَلَّوْا يعني وإن أعرضوا عما جئتم به من الهدى فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ أي: فقل لهم يا محمد إني أخاف عليكم عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ يعني:
عذاب النار في الآخرة إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ يعني في الآخرة فيثيب المحسن على إحسانه ويعاقب المسيء على إساءته وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يعني من إيصال الرزق إليكم في الدنيا وثوابكم وعقابكم في الآخرة قوله سبحانه وتعالى: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال ابن عباس: نزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر وكان يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب وينطوي بقلبه على ما يكره فنزلت ألا إنهم يثنون صدورهم يعني يخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة من ثنيت الثوب إذا طويته. وقال عبد الله بن شداد بن الهاد: نزلت في بعض المنافقين كان إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كي لا يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال قتادة: كانوا يحنون صدورهم كي لا يسمعوا كتاب الله تعالى ولا ذكره وقيل كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخي ستره ويحني ظهره ويتغشى بثوبه ويقول هل يعلم الله ما في قلبي، وقال السدي: يثنون صدورهم أي يعرضون بقلوبهم من قولهم ثنيت عناني لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ يعني من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مجاهد من الله عز وجل إن استطاعوا أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يعني يغطون رؤوسهم بثيابهم يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ومعنى الآية على ما قاله الأزهري: إن الذين أضمروا عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخفى علينا حالهم في كل حال وقد نقل عن ابن عباس غير هذا التفسير وهو ما أخرجه البخاري في إفراده عن محمد بن عياش بن جعفر المخزومي أنه سمع ابن عباس يقرأ: ألا إنهم يثنون صدورهم، قال: فسألته عنها فقال كل أناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم.
[سورة هود (11): الآيات 6 الى 7]
وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (6) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَاّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7)
وقوله سبحانه وتعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ الدابة اسم لكل حيوان دب على وجه الأرض وأطلق لفظ الدابة على كل ذي أربع من الحيوان على سبيل العرف والمراد منه الإطلاق فيدخل الآدمي وغيره من جميع الحيوانات إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها يعني هو المتكفل برزقها فضلا منه لا على سبيل الوجوب فهو إلى مشيئته إن شاء رزق وإن شاء لم يرزق وقيل إن لفظة على بمعنى أي من الله رزقها وقال مجاهد ما جاءها من رزق فمن الله وربما لم يرزقها فتموت جوعا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها قال ابن عباس: مستقرها المكان الذي تأوي في ليل أو نهار ومستودعها المكان الذي تدفن فيه بعد الموت، وقال ابن مسعود: مستقرها أرحام الأمهات والمستودع المكان الذي تموت فيه وقيل المستقر الجنة أو النار والمستودع القبر كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي كل ذلك مثبت في اللوح المحفوظ قبل خلقها قوله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ يعني قبل خلق السموات والأرض قال كعب خلق الله ياقوتة خضراء ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها ثم وضع العرش على الماء. قال ضمرة: إن الله سبحانه وتعالى كان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض وخلق القلم فكتب به ما خلق وما هو خالق وما هو كائن من خلقه إلى يوم القيامة ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من خلقه.
وقال سعيد بن جبير سئل ابن عباس عن قوله سبحانه وتعالى: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ على أي شيء كان الماء قال: على متن الريح، وقال وهب بن منبه: إن العرش كان قبل أن يخلق الله السموات والأرض ثم قبض الله
قبضة من صفاء الماء ثم فتح القبضة فارتفع دخان ثم قضاهن سبع سموات في يومين ثم أخذ سبحانه وتعالى طينة من الماء فوضعها مكان البيت ثم دحا الأرض منها ثم خلق الأقوات في يومين والسموات في يومين والأرض في يومين ثم فرغ آخر الخلق وفي اليوم السابع. قال بعض العلماء: وفي خلق جميع الأشياء وجعلها على الماء ما يدل على كمال القدرة لأن البناء الضعيف إذا لم يكن له أساس على أرض صلبة لم يثبت فكيف بهذا الخلق العظيم وهو العرش والسموات والأرض على الماء فهذا يدل على كمال قدرة الله تعالى (خ) عن عمران بن حصين قال «دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعقلت ناقتي بالباب فأتى ناس من بني تميم فقال اقبلوا البشرى يا بني تميم فقالوا بشرتنا فأعطنا مرتين فتغير وجهه ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا قبلنا يا رسول الله ثم قالوا جئنا لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان قال كان الله سبحانه وتعالى ولم يكن معه شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شيء ثم أتاني رجل فقال يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها فإذا السراب يقطع دونها وايم الله لوددت أنها ذهبت ولم أقم» عن أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال «كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء وخلق عرشه على الماء» أخرجه الترمذي، وقال قال أحمد: يريد بالعماء أنه ليس معه شيء قال أبو بكر البيهقي: في كتاب الأسماء والصفات له قوله صلى الله عليه وسلم «كان الله ولم يكن شيء قبله، يعني لا الماء ولا العرش ولا غيرهما وقوله «وكان عرشه على الماء» يعني وخلق الماء وخلق العرش على الماء ثم كتب في الذكر كل شيء، وقوله في عماء وجدته في كتاب عماء مقيدا بالمد فإن كان في الأصل ممدودا فمعناه سحاب رقيق ويريد بقوله في عماء أي فوق سحاب مدبرا له وعاليا عليه كما قال سبحانه وتعالى «أأمنتم من في السماء» يعني من فوق السماء وقال تعالى: لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ يعني على جذوعها وقوله ما فوقه هواء أي ما فوق السحاب هواء وكذلك قوله وما تحته هواء أي ما تحت السحاب هواء وقد قيل إن ذلك العمى مقصور والعمى إذا كان مقصورا فمعناه لا شيء ثابت لأنه مما عمى عن الخلق لكونه غير شيء فكأنه قال في جوابه كان قبل أن يخلق خلقه ولم يكن شيء غيره ثم قال ما فوقه هواء وما تحته هواء أي ليس فوق العمى الذي هو لا شيء موجود هواء ولا تحته هواء لأن ذلك إن كان غير شيء فليس يثبت له هواء بوجه والله أعلم وقال الهروي صاحب الغريبين: قال بعض أهل العلم معناه أين كان عرش ربنا فحذف المضاف اختصارا كقوله واسأل القرية ويدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ هذا آخر كلام البيهقي، وقال ابن الأثير: العماء في اللغة السحاب الرقيق وقيل: الكثيف وقيل: هو الضباب ولا بد في الحديث من حذف مضاف، تقديره أين كان عرش ربنا فحذف ويدل على هذا المحذوف قوله تعالى: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ وحكي عن بعضهم في العمى المقصور أنه قال هو كل أمر لا يدركه الفطن، وقال الأزهري: قال أبو عبيد إنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم وإلا فلا ندري كيف كان ذلك العماء قال الأزهري: فنحن نؤمن به ولا نكيف صفته (م) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «كتب الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» وفي رواية «فرغ الله من المقادير وأمور الدنيا قبل أن يخلق السموات والأرض
وكان عرشه على الماء بخمسين ألف سنة» قوله فرغ يريد إتمام خلق المقادير لا أنه كان مشغولا ففرغ منه لأن الله سبحانه وتعالى لا يشغله شأن عن شأن فإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
قوله سبحانه وتعالى: لِيَبْلُوَكُمْ يعني ليختبركم وهو أعلم بكم منكم أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا يعني بطاعة الله وأورع عن محارم الله وَلَئِنْ قُلْتَ يعني ولئن قلت يا محمد لهؤلاء الكفار من قومك إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ يعني للحساب والجزاء لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ يعنون القرآن.