الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزانيين ثم أعرضوا عن حكمه في الآية لتقريع اليهود والمعنى وكيف يجعلونك حكما بينهم ويرضون بحكمك وعندهم التوراة فِيها حُكْمُ اللَّهِ يعني الرجم الذي تحاكموا إليك من أجله ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ يعني ثم يعرضون عن حكمك الموافق لما في كتابهم وَما أُولئِكَ يعني اليهود بِالْمُؤْمِنِينَ يعني بكتابهم كما يزعمون.
وقيل: معناه وما أولئك بالمصدقين.
[سورة المائدة (5): آية 44]
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (44)
قوله عز وجل: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ سبب نزول هذه الآية استفتاء اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الزانيين وقد سبق بيانه والهدى هو البيان لأن التوراة مبينة صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومبينة ما تحاكموا فيه والنور هو الكاشف للشبهات الموضح للمشكلات والتوراة كذلك. وقيل: الفرق بين الهدى والنور أن الهدى محمول على بيان الأحكام والشرائع والنور محمول على بيان أحكام التوحيد والنبوات والمعاد يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا أراد بالنبيين الذين بعثوا بعد موسى عليه السلام وذلك أن الله بعث في بني إسرائيل ألوفا من الأنبياء وليس معهم كتاب إنما بعثوا بإقامة التوراة وأحكامها ومعنى أسلموا: أي انقادوا لأمر الله تعالى والعمل بكتابه وهذا على سبيل المدح لهم وفيه تعريض باليهود لأنهم بعدوا عن الإسلام الذي هو دين الأنبياء عليهم السلام وقال الحسن والزهري وعكرمة وقتادة والسدي: يحتمل أن يكون المراد بالنبيين الذين أسلموا هو محمد صلى الله عليه وسلم وإنما ذكره بلفظ الجمع تعظيما وتشريفا له صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم على اليهود بالرجم وكان هذا الحكم في التوراة. قال ابن الأنباري هذا رد على اليهود والنصارى لأن الأنبياء عليهم السلام ما كانوا موصوفين باليهودية والنصرانية بل كانوا مسلمين لله تعالى منقادين لأمره ونهيه. للذين هادوا يعني لليهود يعني يحكم بالتوراة لهم وفيما بينهم ويحملهم على أحكامها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حملهم على حكم الرجم كما هو في التوراة ولم يوافقهم على ما أرادوه من الجلد وقال الزجاج وجائز أن يكون المعنى على التقديم والتأخير على معنى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور للذين هادوا يحكم بها النبيون الذين أسلموا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ أما الربانيون فتقدم تفسيره في سورة آل عمران وأما الأحبار فقال ابن عباس: هم الفقهاء. وقيل: هم العلماء الأحبار واحده حبر بفتح الحاء وكسرها لغتان. وقال الفراء: إنما هو حبر بكسر الحاء وإنما سمي به لمكان الحبر الذي يكتب به وذلك لأنه صاحب كتاب. وقال أبو عبيد: إنما هو حبر بفتح الحاء والحبر العالم لما يبقى من أثر علومه في قلوب الناس وأفعاله الحسنة التي يقتدى بها وجمعه أحبار ومنه كعب الأحبار. وقيل: الحبر الأثر المستحسن ومنه الحديث: يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره أي جماله وبهاؤه. وإنما سمي العالم حبرا لما عليه من أثر جمال العلم وهل فرق بين الربانيين والأحبار أم لا؟ فيه خلاف، فقيل: لا فرق. والربانيون، والأحبار بمعنى واحد وهم: العلماء والفقهاء. وقيل: الربانيون أعلى درجة من الأحبار لأن الله تعالى قدمهم في الذكر على الأحبار. وقيل: الربانيون هم الولاة. والحكام والأحبار هم العلماء. وقيل: الربانيون علماء النصارى، والأحبار: علماء اليهود. ومعنى الآية: يحكم بأحكام التوراة النبيون وكذلك يحكم بها الربانيون والأحبار. وقوله تعالى: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ يعني بما استودعوا من كتاب الله. وقيل: هو أن يحفظوا كتاب الله فلا ينسوه وقيل هو أن يحفظوه فلا يضيعوا أحكامه وشرائعه. وقد أخذ الله على العلماء حفظ كتابه من هذين الوجهين معا وذلك بأن يحفظوا كتاب الله في صدورهم ويدرسونه بألسنتهم لئلا ينسوه وأن لا يضيعوا أحكامه ولا يهملوا