المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لكن الفعل الواحد قد يختلف حاله في الحسن والقبح بسبب - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٣٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌سورة البلد

- ‌1

- ‌2

- ‌(3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌ 14

- ‌15

- ‌ 16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌سورة الشمس

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌(6)}

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌سورة الليل

- ‌1

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌(16)}

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌سورة الضحى

- ‌1

- ‌(2)}

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌سورة الشرح

- ‌(1)

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌سورة التين

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌سورة العلق

- ‌(1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌(10)}

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌سورة القدر

- ‌1)}

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌سورة البينة

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌سورة الزلزلة

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌سورة العاديات

- ‌(1)

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌سورة القارعة

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)}

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌سورة التكاثر

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌(5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌سورة العصر

- ‌(1)

- ‌2

- ‌3

- ‌سورة الهمزة

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌ 8

- ‌ 9

- ‌سورة الفيل

- ‌(1)

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌سورة قريش

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌سورة الماعون

- ‌(1)

- ‌2

- ‌ 3

- ‌4

- ‌5

- ‌(6)}

- ‌7

- ‌سورة الكوثر

- ‌1

- ‌2

- ‌3)}

- ‌سورة الكافرون

- ‌1

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌سورة النصر

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌سورة المسد

- ‌(1)

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌سورة الإخلاص

- ‌(1)}

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌سورة الفلق

- ‌1

- ‌(2)

- ‌3

- ‌ 4

- ‌ 5

- ‌سورة الناس

- ‌(1)

- ‌2

- ‌(3)

- ‌4

- ‌5)}

- ‌6

الفصل: لكن الفعل الواحد قد يختلف حاله في الحسن والقبح بسبب

لكن الفعل الواحد قد يختلف حاله في الحسن والقبح بسبب اختلاف الوجوه، ألا ترى أن صلاة الجماعة تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، مع أن صلاة الجماعة قد تنقص صورة، فإن المسبوق سقطت عنه ركعة واحدة، وأيضًا فأنت إذا قلت لمن يُرجَم بالزنا هذا زان فلا بأس، ولو قلته للنصراني فهو قذف يوجب التعزير، ولو قلته للمحصَن فهو قذف يوجب الحد، ولو قلته في حق عائشة كان ذلك القول كفرًا، ثم القائل بقوله: هذا زان قد ظن أن هذه اللفظة سهلة، مع أنها أثقل من الجبال، فثبت بهذا أن الأفعال تختلف آثارها في الثواب والعقاب؛ لاختلاف وجوهها، فلا يبعد أن تكون الطاعة القليلة في الصورة مساوية في الثواب للطاعة الكثيرة.

قال في "الكواشي": ثم إن (1) نهار ليلة القدر مثل ليلة القدر في الخير، واختلفوا في وقتها كما مر، فأكثرهم على أنها في شهر رمضان في العشر الأواخر في أوتارها، وإنما جُعلت في العشر الأخير الذي هو مظنة ضعف الصائم وفتوره في العبادة؛ ليتجدد جِده في العبادة رجاء إدراكها وجُعلت في الوتر؛ لأن الله سبحانه وتر يحب الوتر.

‌4

- والوجه الثاني من فضلها: قوله عز وجل: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} ؛ أي: في تلك الليلة تهبط الملائكة كلهم من كل سماء إلى الأرض، وهو الأظهر؛ لأن الملائكة إذا نزلت في سائر الأيام إلى مجلس الذكر، فلأن ينزلوا في تلك الليلة مع علو شأنها أولى، أو إلى السماء الدنيا قالوا: ينزلون فوجًا فوجًا فمن نازل ومن صاعد كأهل الحج، فإنهم على كثرتهم يدخلون الكعبة، ومواضع النسك بأسرهم، لكن الناس بين داخل وخارج، ولهذا السبب مدت إلى غاية طلوع الفجر، وذكر لفظ {تَنَزَّلُ} هو المفيد للتدريج، وبه يندفع ما يرد أن الملائكة لهم كثرة عظيمة لا تحتملها الأرض، وكذا السماء الدنيا على أن شأن الأرواح غير شأن الأجسام، والملائكة وإن كان لهم أجسام لطيفة يقال لهم: الأرواح.

وهذه الجملة مستأنفة مبينة لما له فضلت على ألف شهر، والحكمة (2) في نزولهم في تلك الليلة أنهم لما قالوا:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} وظهر أن الأمر

(1) روح البيان.

(2)

الخازن.

ص: 191

بخلاف ما قالوه. وتبين حال المؤمنين، وما هم عليه من الطاعة والعبادة والجد والاجتهاد .. نزلوا إليهم ليسلموا عليهم ويعتذروا مما قالوه، ويستغفروا لهم لما يرون من تقصير قد يقع من بعضهم، وقوله:{وَالرُّوحُ} هو: جبريل عليه السلام، قاله أكثر المفسرين، وفي حديث أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز وجل" ذكره ابن الجوزي.

ووجه ذكره بعد دخوله في الملائكة التعظيم له والتشريف لشأنه، وقيل: إن الروح صنف من الملائكة هم أشرافهم لا تراهم الملائكة إلا في تلك الليلة ينزلون من لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وقيل: إن الروح ملك عظيم ينزل مع الملائكة تلك الليلة، ومن عظمه أنه لو التقم السموات والأرضين كانت له لقمة واحدة، وقيل غير ذلك، والله أعلم.

وقرأ الجمهور (1): {تَنَزَّلُ} أصله: تتنزل بتاءين، وقرأ طلحة بن مصرف وابن سميفع بضمها على البناء للمفعول، وقوله:{بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} متعلق بـ {تَنَزَّلُ} ، من بمحذوف هو حال من {الْمَلَائِكَةُ}؛ أي: تنزل الملائكة وتهبط في تلك الليلة كلهم، والروح، بإذن ربهم؛ أي: بأمره وإرادته، أو حال كونهم متلبسين بإذن ربهم وإرادته.

وهذا يدل (2) على أنهم كانوا يرغبون إلينا ويشتاقون، فيستأذنون فيؤذن لهم في النزول إلينا، فإن قيل: كيف يرغبون إلينا مع علمهم بكثرة ذنوبنا؟ .. قلنا: لا يقفون على تفصيل المعاصي. روي أنهم يطالعون اللوح المحفوظ، فيرون فيه طاعة المكلف مفصلة، فإذا وصلوا إلى معاصيه أُرخي الستر، فلا يرونه فحينئذ يقولون: سبحان من أظهر الجميل وستر القبيح، من لأنهم يرون في الأرض من أنواع الطاعات أشياء ما رأوها في عالم السموات كإطعام الطعام وأنين العصاة، وفي الحديث القدسي:"لأنين المذنبين أحب إلى من زجل المسبحين" فيقولون: تعالوا نذهب إلى الأرض فنسمع صوتًا هو أحب إلى ربنا من صوت تسبيحنا، وكيف لا يكون أحب، وزجل المسبحين إظهار لكمال حال المطيعين، وأنين المذنبين إظهار

(1) الشوكاني.

(2)

روح البيان.

ص: 192

لغفارية رب العالمين.

وقوله: {مِنْ كُلِّ أَمْر} متعلق بـ {تَنَزَّلُ} أيضًا؛ أي: تنزل من أجل كل أمر من الأمور قد قدر وقضي في تلك السنة من خير من شر؛ أي: لأجل إنفاذ كل أمر قد قدر في تلك السنة، فـ {مِنْ} للتعليل، فإن قيل (1): المقدرات لا تُفعل في تلك الليلة، بل في تمام السنة، فلماذا تنزيل الملائكة فيها لأجل تلك الأمور؟ .. قيل: لعل تنزلهم؛ لتعين إنفاذ تلك الأمور، وتنزلهم لأجل كل أمر ليس تنزل كل واحد لأجل كل أمر، بل ينزل الجمع لأجل جميع الأمور حتى يكون في الكلام تقسيم العلل على المعلولات، وقيل: إن {مِنْ} بمعنى الباء؛ أي: بكل أمر من الخير والبركة كقوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} ؛ أي: بأمر الله، قيل: يقسم جبريل عليه السلام تلك الليلة بقية الرحمة في دار الحرب على من علم الله أنه يموت مسلمًا، فبتلك الرحمة التي قسمت عليهم ليلة القدر يُسلِمون ويموتون مسلمين.

وقرأ الجمهور (2): {أَمْرٍ} وهو واحد الأمور، وقرأ علي وابن عباس وعكرمة والكلبي:{من كل امرىء} مذكر امرأة؛ أي: من أجل إنسان، وتأولها الكلبي على أن جبريل ينزل مع الملائكة، فيسلمون على كل إنسان، فـ {مِنْ} على هذا بمعنى: على، والأول أولى، وقد تم الكلام عند قوله:{مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} ، وما بعده مستأنفة، والمعنى؛ أي (3): تنزلت الملائكة من عالمها حتى تمثلت لبصره صلى الله عليه وسلم، وتمثل له الروح جبريل مبلغًا للوحي، وهذا التجلي على النفس الكاملة كان بإذن ربهم بعد أن هيأه لقبوله ليبلغ لعباده ما فيه الخير والبركة لهم، ونزول الملائكة إلى الأرض شأن من شؤونه تعالى، لا نبحث عن كيفيته، فنحن نؤمن به دون أن نحاول معرفة تفاصيله وأسراره، فما عرف العالم بعد علمه المادي بشتى وسائله إلا النزر اليسير من الأكوان، كما قال تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} .

والخلاصة: أن هذه الليلة عيد المسلمين لنزول القرآن فيها، وليلة شكر على الإحسان والإنعام بذلك تشاركهم الملائكة فيها بما يشعر بعظمتها، ويشعر بفضل الإنسان، وقد استخلفه في الأرض.

(1) روح البيان.

(2)

الشوكاني.

(3)

المراغي.

ص: 193