الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الكافرون
سورة الكافرون نزلت بعد سورة الكوثر مكية في قول ابن مسعود والحسن وعكرمة، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك، وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة: يا أيها الكافرون بمكة، وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال: أنزلت سورة يا أيها الكافرون بالمدينة، وآياتها: ست، وكلماتها: ست وعشرون، وحروفها: أربعة وتسعون.
المناسبة: ومناسبتها لما قبلها (1): أنه سبحانه وتعالى في السورة السابقه أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بعبادته والشكر له على نعمه الكثيرة بإخلاص العبادة، وفي هذه السورة التصريح بما أشير إليه في السالفة، سميت سورة الكافرون، لذكر لفظ (الكافرون) فيها.
الناسخ والمنسوخ: وقال محمد بن حزم - رحمه الله تعالى -: سورة الكافرون فيها آية واحدة منسوخة، وهي قوله تعالى:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} نُسخت بآية السيف.
فضلها: وقد ورد في فضل هذه السورة أحاديث شريفة تنبه إلى أهمية هذه السورة وعظيم قدرها.
فمنها (2): ما أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهذه السورة، وبقل هو الله أحد في ركعتي الطواف.
وفي "صحيح مسلم" أيضًا من حديث أبي هريرة ما أخرجه أحمد والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه وابن حبان وابن مردويه عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب بضعًا وعشرين أو بضع عشرة مرة. {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ (1)} ).
(1) المراغي.
(2)
الشوكاني.
ومنها: ما أخرجه الحاكم وصححه عن أُبيِّ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ {سَبِحِ} ، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ (1)} .
ومنها: ما أخرجه محمد بن نصر والطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} تُعدل ربع القرآن" وكان يقرأ بهما الذي ركعتي الفجر.
ومنها: ما أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} كانت له عدلَ ربع القرآن"، ومنها: ما أخرجه الطبراني في "الصغير"، والبيهقي في "الشعب" عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} فكأنما قرأ ربع القرآن، ومن قرأ {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ (1)} فكأنما قرأ ثلث القرآن".
ومنها: ما أخرجه أحمد وابن الضريس والبغوي وحميد بن زنجويه في "ترغيبه" عن شيخ أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فمر برجل يقرأ:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} فقال: "أما هذا فقد برىء من الشرك، وإذا آخر يقرأ: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ (1)}، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بها وجب له الجنة"، وفي رواية "أما هذا فقد غفر له".
ومنها: ما أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الأنباري في "المصاحف" والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في "الشعب" عن فروة بن نوفل بن معاويةَ الأشجعي عن أبيه أنه قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أويت إلى فراشي قال: "اقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)}، ثم نم على خاتمتها، فإنها براءة من الشرك" وأخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن مردويه عن عبد الرحمن بن نوفلٍ الأشجعي عن أبيه مرفوعًا مثله.
ومنها: ما أخرجه ابن مردويه عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنوفل بن معاوية الأشجعي: "إذا أتيت مضجعك للنوم، فاقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} فإنك إذا قلتها فقد برئت من الشرك".
ومنها: ما أخرجه أحمد والطبراني في "الأوسط" عن الحارث بن جبلة، وقال الطبراني عن جبلة بن حارثة، وهو أخو زيد بن حارثة قال: قلت يا رسول الله
علمني شيئًا أقوله عند منامي، قال:"إذا أخذت مضجعك من الليل، فاقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} حتى تمر بآخرها فإنها براءة من الشرك".
ومنها: ما أخرجه البيهقي في "الشعب" عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "اقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} عند منامك، فإنها براءة من الشرك".
ومنها: ما أخرجه أبو يعلى والطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك بالله تقرؤون {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} عند منامكم".
ومنها: ما أخرجه البزار والطبراني وابن مردويه عن خباب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أخذت مضجعك، فاقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} " وإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت فراشه قط إلا قرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} حتى يختم، وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لقي الله بسورتين، فلا حساب عليه {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ (1)} ".
ومنها: ما أخرجه أبو عبيد في "فضائله"، وابن الضريس عن أبي مسعود الأنصاري قال: من قرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} . {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ (1)} في ليلة فقد أكثر وأطاب.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب النزول
ذكر المفسرون رحمهم الله تعالى: أن هذه السورة نزلت في نفر من قريش، منهم الحارث بن العاص السهمي، والعاص بن أبي وائل، والوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن عبد المطلب بن أسد، وأمية بن خلف في جماعة آخرين من صناديد قريش وساداتهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: له هلم يا محمد، فاتبع ديننا ونتبع دينك، ونشركك في أمرنا كله، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فإن كان في جئت به خيرًا كنا قد شركناك فيه، وأخذنا بحظنا منه، وإن كان في بأيدينا خيرًا كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت حظك منه، فقال: معاذ الله أن أشرك به غيره، وأنزل الله ردًا على هؤلاء هذه السورة، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام، وفيه ملأ من قريش، فقام على رؤوسهم، ثم قرأ عليهم هذه السورة حتى فرغ منها، فأيسوا منه عند ذلك، وطفقوا يؤذون أصحابه حتى كانت الهجرة، قال ابن عباس: وفيهم نزل أيضًا قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس أن قريشًا قالت: لو استلَمْتَ آلهتنا لعبدنا إلهك، فأنزل الله عز وجل: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)
…
} السورة كلها.