الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة البينة
سورة البينة، وتسمى سورة: لم يكن، مدنية في قول الجمهور، نزلت بعد سورة الطلاق، وقيل: مكية، وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال نزلت سورة لم يكن بالمدينة، وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: نزلت سورة: لم يكن بمكة، وهي: ثمان آيات، وأربع وتسعون (1) كلمة، وثلاث مئة وتسعة وتسعون حرفًا.
المناسبة: مناسبتها لما قبلها (2): أن قوله سبحانه في هذه السورة {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}
…
الخ كالعلة لإنزال القرآن، كأنه قيل: إنا أنزلناه؛ لأنه لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى يأتيهم رسول يتلو صحفًا مطهرة، ووضعها النبي صلى الله عليه وسلم بعد سورة القدر؛ لأن الصحف المطهرة التي كان يتلوها النبي نزلت ليلة القدر.
فضلها: ومن فضائلها (3): ما أخرجه أبو نعيم في "المعرفة" عن إسماعيل بن أبي حكيم المزني قال: حدثني الفضل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يستمع قراءة: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} فيقول: أبشر عبدي وعنتي وجلالي لأمكنن لك في الجنة حتى ترضى" قال ابن كثير: حديث غريب جدًّا، وأخرجه أبو موسى المدني عن مطر المزني من المدني بنحوه. وما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}، قال: وسماني لك. قال: نعم، فبكى".
وما أخرجه أحمد وابن قانع في "معجم الصحابة" والطبراني وابن مردويه عن أبي حية - البدري قال: لما نزلت: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى آخرها .. قال جبريل: يا رسول الله: إن ربك يأمرك أن تُقرِئَها أُبَيًّا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
(1) الخازن.
(2)
المراغي.
(3)
الشوكاني.
لأبي: "إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة، فقال أُبَي: وقد ذُكِرْتُ ثَمَّ يا رسول الله، قال: نعم. فبكى". وسميت سورة - البينة؛ لذكر البينة فيها.
الناسخ والمنسوخ: وقال محمد بن حزم: سورة البينة كلها محكم ليس فيها ناسخ ولا منسوخ.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب النزول
كان اليهود والنصارى (1) من أهل الكتاب في ظلام دامس من الجهل بما يجب الاعتقاد به والسير عليه من شرائع أنبيائهم إلا من عصم الله؛ لأن أسلافهم غيروا وبدلوا في شرائعهم، وأدخلوا فيها ما ليس منها إما لسوء فهمهم لما أنزل على أنبيائهم، وإما لاستحسانهم ضروبًا من البدع تَوَهَّمُوها مؤيدة للدين، وهي هادمة لأركانه، وإما لإفحام خصومهم، والرغبة في الظفر بهم، وقد توالت على ذلك الأزمان، وكلما جاء جيل زاد على ما وضعه مَن قبلَهم حتى خفيت معالم الحق، وطُمست أنوار اليقين، وكان إلى جوار هؤلاء عبدة الأوثان من العرب وغيرهم ممن مرنت نفوسهم على عبادتها، والخنوع لها، وأصبح من العسير تحويلهم عنها زعمًا منهم أن هذا دين الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وكان الجدل ينشب حينًا بين المشركين واليهود، وحينًا آخر بين المشركين والنصارى، وكان اليهود يقولون للمشركين: إن الله سيبعث نبيًا من العرب من أهل مكة وينعتونه لهم، ويتوعدونهم بأنه متى جاء نصروه وآزروه واستنصروا به عليهم حتى يبيدهم.
قد كان هذا وذاك، فلما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم .. قام المشركون يناوِئُونه ويرفعون
(1) المراغي.