المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المفعول معه: قال: يُنصَب تالي الواو مفعولا معه … في نحو سيري - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌ ‌المفعول معه: قال: يُنصَب تالي الواو مفعولا معه … في نحو سيري

‌المفعول معه:

قال:

يُنصَب تالي الواو مفعولا معه

في نحو سيري والطريق مسرعه

المفعول معه: هو الاسم المنصوب بعد "واو بمعنى"1 مع، نحو:"سيري والطريقَ" أي: مع الطريق.

وهذا الباب مقيس على الأصح2، وقد فهم ذلك من قوله:"نحو".

ثم قال:

بما من الفعل وشَبَهه سبق

ذا النصب لا بالواو في القول الأحقّ

ناصب المفعول معه: إما فعل نحو: "استوى الماءُ والخشبةَ"، وإما اسم يشبهه نحو:"زيد سائرٌ والطريقَ".

ومذهب سيبويه3 أنه لا يعمل فيه العامل المعنوي كاسم الإشارة وحرف التشبيه4 والظرف المخبر به.

وأجاز أبو علي في قول الشاعر:

.............................

هذا ردائي مطويا وسربالا5

1 أ، جـ، وفي ب "الواو التي بمعنى".

2 قال الأخفش: هذا الباب سماعي، وذهب غيره إلى أنه مقيس في كل اسم استكمل الشروط، وهو الصحيح، أشموني 1/ 277.

3 جـ1 ص150 الكتاب.

4 ب، جـ، وفي أ "التنبيه".

5 هذا عجز بيت من البسيط. قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر على اسم قائله.

وصدره:

لا تحسبنك أثوابي فقد جمعت

وذكر البيت كله في نسخة ب.

الشرح: "سربالا" -بكسر السين- وهو القميص. قاله الجوهري.

الإعراب: "لا" حرف نهي، "تحسبنك" فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا الناهية، ونون التوكيد حرف، والكاف ضمير المخاطب =

ص: 663

أن يكون العامل فيه هذا.

وذهب الجرجاني إلى أن ناصبه الواو نفسها؛ لاختصاصها بالاسم، ورُد بأنها لو كانت ناصبة، لاتصل الضمير بها1.

ولم يشترط "تقديم"2 فعل أو شبهه، وإليه أشار بقوله:"بالواو"، وفهم من قوله:"سَبَق" أن المفعول معه لا يتقدم على عامله، "وهذا"3 متفق عليه.

وأما تقديمه على مصاحبه نحو: "استوى والخشبةَ الماءُ" فمذهب الجمهور، والصحيح منعه، وأجازه ابن جني4.

= مفعول مبني على الفتح في محل نصب، "أثوابي" فاعل مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وياء المتكلم مضاف إليه، "فقد" الفاء للتعليل، وقد حرف تحقيق، "جمعت" فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، "هذا" ها حرف تنبيه، وذا اسم إشارة مبتدأ مبني على السكون في محل رفع، "ردائي" خبر المبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وهي مضاف إليه، "مطويا" حال من رداء منصوب بالفتحة الظاهرة، "وسربالا" الواو للمعيّة، وسربالا مفعول معه منصوب بفتحة ظاهرة.

الشاهد: في "هذا.... سربالا"، "حيث إن سربالا مفعول معه ولم يتقدمه الفعل، بل قد تقدمه ما يتضمن معنى الفعل وحروفه وهو هذا".

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص116، والأشموني 1/ 244.

1 كما في سائر الحروف الناصبة، فكان يقال: جلست وك، وذلك ممتنع، والصحيح الأول، قال السيوطي في الهمع 1/ 219:"أحدها وهو الأصح أن ما تقدمه من فعل أو شبهه".

2 أ، وفي ب، جـ "تقدم".

3 أ، جـ، وفي ب "وهو".

4 تمسك ابن جني بقوله:

جمعت وفحشا غيبة ونميمة

ثلاث خصال لست عنها بمرعوي

وقوله:

أكنيه حين أناديه لأكرمه

ولا ألقبه والسوءة اللقبا

على رواية من نصب السوءة واللقب. يعني أن المراد في الأول جمعت غيبة ونميمة مع فحش. وفي الثاني ولا ألقبه اللقب مع السوءة؛ لأن من اللقب ما يكون لغير سوءة، ولا حجة له فيهما؛ لإمكان جعل الواو فيهما عاطفة قدمت هي ومعطوفها، وذلك في البيت الأول ظاهر، وأما الثاني فعلى أن يكون أصله: ولا ألقبه اللقب ولا أسوءه السوءة ثم حذف ناصب السوءة ا. هـ. أشموني جـ1 ص224، وراجع الخصائص 2/ 383 لذلك أقول: والمنع أولى.

ص: 664

ثم قال:

وبعد "ما" استفهام أو "كيف" نصب

بفعل كون مضمر بعض العرب

من كلامهم: "كيف أنت، وقصعة من ثريد" و"ما أنت وزيدٌ" برفع ما بعد الواو على أنها العاطفة، وبعضهم ينصب على أنها التي للمعية وما قبلها مرفوع بفعل مضمر هو الناصب لما بعدها، تقديره: كيف يكون؟ وما يكون؟ والصحيح أن "كان" المقدرة ناقصة، وكيف خبر مقدم، وكذلك "ما". واعلم أن الصالح؛ لكونه مفعولا معه على ثلاثة أقسام:

قسم: يجوز فيه العطف والنصب على المعية، والعطف أرجح.

وقسم: يجوز فيه الأمران، والنصب على المعية أرجح.

وقسم: يمنع فيه العطف.

فالأول: "هو"1 ما أمكن فيه العطف بلا ضعف من جهة اللفظ، ولا من جهة المعنى نحو:"قمت أنا وزيد" وإن شئت نصبت.

والثاني: ما لا يمكن فيه العطف إلا بضعف من جهة اللفظ نحو: "قمت وزيد"؛ لأن العطف على الضمير المرفوع المتصل بغير توكيد أو فصل ضعيف، أو من جهة المعنى كقولهم:"لو تركتَ الناقةَ وفصيلَها لرضعَها"، فإن العطف فيه ممكن على تقدير: لو تركت الناقة ترأَمُ فصيلها وترك فصيلها لرضاعها لرضعه2.

هذا تكلف وتكثير عبارة3، فهو "ضعيف"4، والوجه النصب على معنى: لو تركت الناقة مع فصيلها.

1 أ، جـ.

2 جـ، وفي أ "لو تركت الناقة ترأم فصيلها وترك فصيلها لرضاعها فأرضعها"، وفي ب "لو تركت الناقة وفصيلها لرضاعها لرضعها"، والتقدير مع العطف لو تركت الناقة ترأم فصيلها لرضاعها لرضعها.

3 أي: تكثير للعبارة المقدرة، والعطف من عطف السبب على المسبّب. ا. هـ. صبان 1/ 105.

4 أ، جـ، وفي ب "مضعف".

ص: 665

والثالث: "هو"1 ما لا يمكن فيه العطف لمانع لفظي نحو: "ما لك وزيدًا؟ " فإن العطف على الضمير المجرور بغير إعادة الجار ممتنع عند الجمهور، أو معنوي نحو:"سرت والجبل" مما لا يصلح للمشاركة.

فهذا ونحوه يجب فيه النصب على المعية، ويمتنع "فيه"2 العطف.

وقد أشار إلى الأول بقوله:

والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق

..............................

وإلى الثاني بقوله:

..............

والنصب مختار لدى ضعف النَّسَق

وإلى الثالث بقوله:

والنصب إن لم يجُز العطف يجب

...............................

وأما قوله:

...................

أو اعتقد إضمار عامل تُصِب

فيحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون "تخييرا"3 فيما امتنع عطفه بين نصبه على المعية وبين إضمار عامل، حيث يصح إضماره، كقوله تعالى:{فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} 4.

فإنه لا يصح جعله معطوفا؛ لأن أجمع بمعنى عزم، "فلا"5 ينصب "إلا"6 الأمر والكيد ونحوهما.

ولك أن تجعل "شركاءكم" مفعولا معه، و"لك"7 أن تجعله مفعولا به بفعل مقدر.

تقديره: وأجمعوا من جمع؛ لأن جمع بمعنى ضم المتفرق، فينصب الشركاء ونحوه.

وقد حكي أن أجمع بمعنى جمع، فعلى هذا يصح العطف.

1 أ، جـ.

2 أ، جـ.

3 أ، جـ، وفي ب "مخيرا".

4 من الآية 71 من سورة يونس.

5 أ، جـ، وفي ب "لا".

6 أ، ب.

7 ب.

ص: 666

والثاني: أن يكون تنويعا.

والمعنى: أن ما امتنع فيه العطف نوعان: نوع يجب فيه النصب على المعية، ونوع يضمر له عامل؛ لأن المعية فيه أيضا ممتنعة كقوله:

علفتُهَا تبنا وماء باردا1

...................

فماء منصوب بفعل مضمر تقديره: "سقيتها ماء"، ولا يجوز عطفه لعدم المشاركة ولا نصبه على المعية لعدم المصاحبة.

ويجوز أن يجعل "قوله"2: "أو اعتقد إضمار عامل" شاملا للناصب كما مثلنا به.

1 هذا صدر بيت. قال العيني: أقول: هذا رجز مشهور بين القوم لم أر أحدا عزاه إلى راجزه. وبحثت فلم أعثر على قائله.

وعجزه:

حتى شتت همالة عيناها

الشرح: "علفتها": أطعمتها وقدمت لها ما تأكله، "تبنا" -بكسر التاء وسكون الباء- قصب الزرع بعد أن يدرس، "شتت" يروى في مكانه "بدت" وهما بمعنى واحد، "همالة" صيغة مبالغة، من هملت العين، إذا همرت بالدموع.

المعنى: قد أشبعت الدابة تبنا، وأرويتها ماء حتى فاضت عيناها بالدموع من الشبع على عادة الدواب.

الإعراب: "علفتها" فعل وفاعل ومفعول أول، "تبنا" مفعول ثانٍ منصوب بالفتحة الظاهرة، "وماء" الواو عاطفة، ماء مفعول به لفعل محذوف تقديره: وسقيتها ماء، "باردا" صفة لماء منصوبة بالفتحة الظاهرة، "حتى" حرف غاية وجر، "شتت" فعل ماضٍ والتاء للتأنيث، "همالة" حال من فاعل غدت منصوب بالفتحة الظاهرة، "عيناها" فاعل غدت مرفوع بالألف نيابة عن الضمة؛ لأن مثنى وضمير الغائبة مضاف إليه.

الشاهد: في "وماء"، فإنه لا يمكن عطفه على ما قبله؛ لكون العامل في المعطوف عليه لا يتسلط على المعطوف، إذ لا يقال: علفتها ماء.

ومن أجل ذلك كان نصبه على أحد أقوال ثلاثة: إما على تقدير فعل يعطف على "علفتها"، وإما على أن "علفتها" بمعنى أنلتها، وإما النصب على المعية.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص119، وابن عقيل 1/ 334، والأشموني 1/ 226، وابن هشام 2/ 56. وأيضا في شذور الذهب ص214، والمكودي ص69، والسيوطي ص62، وابن هشام في مغني اللبيب 2/ 169.

2 ب، جـ.

ص: 667

وللجار كقولك: "ما لك وزيد؟ " فيجوز جره لا بالعطف بل بإضمار الجار، كما نص عليه في شرح الكافية1، وكلامه فيه يؤيد هذا الاحتمال "والله أعلم"2.

1 راجع شرح الكافية، ورقة 43.

2 أ، ب.

- فائدة ذكرها الشيخ الصبان عقب المفعول معه:

"قال الفارضي: إذا اجتمعت المفاعيل قدم المفعول المطلق ثم المفعول به الذي تعدى إليه العامل بنفسه، ثم الذي تعدى إليه بواسطة الحرف، ثم المفعول فيه الزماني، ثم المكاني، ثم المفعول له، ثم المفعول معه "كضربت ضربا زيدا بسوط نهارا هنا تأديبا وطلوع الشمس" ا. هـ باختصار.

والظاهر أن هذا الترتيب أولى، لا واجب" ا. هـ 2/ 106.

ص: 668