الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الثالث:
إعمال المصدر:
بفعله المصدر ألحق في العمل
أي: ألحق المصدر بفعله في عمله، فيعمل عمل الفعل في اللزوم والتعدي بنفسه وبالحرف، وخطب التمثيل في ذلك سهل.
"تنبيه":
"يخالف"1 المصدر "فعله"2 في أمرين:
أحدهما: أن في رفعه "نائب الفاعل"3 خلافا، ومذهب جمهور البصريين جوازه، وإليه ذهب في التسهيل.
الثاني: "أن"4 فاعل المصدر يجوز حذفه بخلاف فاعل الفعل، وإذا حذف لم يتحمل "ضميره"5، خلافا لبعضهم.
ثم قال:
مضافا أو مجردا أو مع أل
فهو ثلاثة أحوال، وإعماله مضافا أكثر نحو:{.... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ....} 6 ولا خلاف فيه، وفي كلام بعضهم ما يشعر بالخلاف.
1 ب، وفي أ، جـ "يفارق".
2 أ، جـ، وفي ب "الفعل".
3 أ، جـ، وفي ب "نائبا عن الفاعل".
4 أ.
5 أ، جـ، وفي ب "ضميرا".
6 من الآية 251 من سورة البقرة.
وإعماله مجردا "من"1 الإضافة وأل أقل من المضاف نحو: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا} 2.
وفيه خلاف أجازه البصريون، ومنعه الكوفيون.
فإن "وقع بعده"3 مرفوع أو منصوب، فهو محمول عندهم على فعل مضمر، وإعماله مع أل أقل من المجرد، ومنه قول الشاعر4:
ضعيف النكاية أعداءه
…
يخال الفرار يراخي الأجل
وفيه خلاف؛ أجازه سيبويه ومن وافقه، ومنعه الكوفيون وبعض البصريين كابن السراج، وأجازه الفارسي على قبح، وفصّل ابن طلحة بين أن
1 أ، جـ، وفي "ب "عن".
2 من الآية 14 من سورة البلد، إطعام مصدر فاعله محذوف "يتيما" مفعوله.
3 أ، جـ، وفي ب "وقع عندهم بعده".
4 قائله: لم ينسب إلى قائل -وبالبحث لم أعثر له على قائل- وذكره سيبويه وهو من الخمسين التي لم يعرف قائلوها، وهو من المتقارب.
اللغة: "النكاية" الإضرار، يقال: نكيت في العدو أنكي نكاية، إذا قتلت فيهم وجرحت، "يخال" يظن، "يراخي" يباعد ويؤخر.
المعنى: إن هذا الرجل ضعيف لا يستطيع أن يؤثر في أعدائه أو يقهرهم أو ينازلهم القتال، يظن أن الهرب والفرار من الحرب يبعد عنه الموت، ويفسح له في العمر.
الإعراب: "ضعيف" خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: هو ضعيف، "النكاية" مضاف إليه، "أعداءه" مفعول للنكاية، والضمير مضاف إليه، "يخال" فعل مضارع، والضمير المستتر الذي يعود على الفرار فاعل، "الأجل" مفعول ليراخي، والجملة في محل نصب مفعول ثانٍ ليخال.
الشاهد فيه: "النكاية أعداءه"، حيث عمل المصدر المقترن بأل وهو "النكاية"، ونصب المفعول وهو "أعداءه".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن هشام 5/ 3، وابن عقيل 2/ 72، والأشموني 2/ 233، والسيوطي ص80، وذكره سيبويه 1/ 99، وابن يعيش 6/ 59، وشذور الذهب ص399، والخزانة الشاهد 597.
يكون بأل معاقبة "للضمير"1، فيجوز نحو:"إنك والضرب خالد المسيء إليه" وإلا فلا يجوز نحو: "عجبت من الضرب عمرا"، ثم نبه على "شرط"2 عمل المصدر بقوله:
إن كان فعل مع "أن" أو "ما" يحل محله
شرط إعمال المصدر غير الواقع بدلا من اللفظ بفعله، أن يصح تقديره بالفعل مع حرف مصدري.
فإن أريد به غير الحال جاز أن يقدر بأن "أو"3 بما، وإن أريد به الحال قدر بما ولم يقدر بأن؛ لأن مصحوبها لا يكون حالا؛ فلذلك لم يقتصر على أن كما فعل بعضهم.
فإن قلت: قد ذكر في التسهيل "معهما"4 "أن" المخففة، ومثله بنحو:"علمتُ ضربَكَ زيدًا" تقديره: علمت أن قد ضربت زيدا، فأن "هذه"5 مخففة؛ لأنها واقعة بعد العلم، وهي موضع غير صالح للمصدرية6.
قلت: ذكر "ما" المصدرية مغنٍ عنها، فإنها يصح وقوعها بعد العلم، ولم يقدر سيبويه في الباب بغير "أن" الثقيلة مع ضمير الشأن.
فإن قلت: ظاهر قوله: "إن كان" وقوله في الكافية:
حيث ما يصح حرف مصدري تمما
أن هذا الشرط لازم، وقد جعله في التسهيل غالبا7، وقال في شرحه: وليس تقديره بأحد الثلاثة شرطا في عمله، ولكن الغالب أن يكون كذلك، ومن
1 أ.
2 ب، جـ، وفي أ "شروط".
3 أ، وفي ب، جـ "و".
4 ب، جـ، وفي أ "معها" التسهيل ص142.
5 أ.
6 أي: لأنها لا تقع بعد العلم ولا تسد مسد مفعوليه، ا. هـ. صبان 2/ 268.
7 التسهيل ص1420.
وقوعه غير مقدر بأحدها قول العرب: "سَمْعُ أذني زيدا يقول ذلك"1 وذكر مثلا آخر.
قلت: المشهور أن تقديره بذلك شرط وما ذكره من المثل لا يتعذر فيه التقدير، وكلام صاحب البسيط موافق للمصنف في عدم اشتراط ذلك.
"تنبيه":
لإعمال المصدر شروط لم يذكرها هنا:
الأول: أن يكون مظهرا، فلو أضمر لم يعمل؛ لعدم حروف الفعل، خلافا للكوفيين، وأجاز ابن جني في الخصائص والرماني إعماله في المجرور ونقل عن الفارسي، وقياسه في الظرف.
الثاني: أن يكون مكبرا، فلو صُغِّر لم يعمل.
الثالث: أن يكون غير محدود، فلو حُدّ بالتاء لم يعمل، فإن ورد حكم بشذوذه كقوله2:
يحايي به الجلد الذي هو حازم
…
بضربة كفيه الملا نفس راكب
فنصب الملا بضربة كفيه وهو محدود، ونصب نفس بيحايي.
ومعناه: يصف الشاعر مسافرا معه ماء فتيمم، وأحيا بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا.
1 قال الصبان 268/ 2: حال كالحال في: ضربي العبد مسيئا، فالتقدير: سمع أذني أخاك حاصل إذ كان أو إذا كان، فصاحب الحال ضمير الفعل المحذوف لا الأخ، وإن زعمه البعض، وإنما لم يكن المصدر هنا مقدرا بما أو أن المخففة؛ لاشتراط أن يسبقهما أو المصدر المقدر بهما شيء، ولم يوجد، وإنما لم يكن مقدرا بأن المصدرية؛ لأن المراد الإخبار بأن سمع أذنه قول أخيه حاصل، وأن تقتضي أنه سيحصل؛ لأنها تخلص المضارع للاستقبال، كذا قال البعض وفيه نظر، إذ تقدير أن والماضي لا يقتضي أن السمع سيحصل. ا. هـ. وأقول:"سمع" مبتدأ خبره محذوف وجوبا، وجملة:"يقول ذلك" في محل نصب حال من "أخاك".
2 قائله: لم ينسب لقائل -وبالبحث لم أعثر له على قائل- وهو من الطويل.
اللغة: "يحايي" بمعنى: يحيي من الإحياء، "الجلد" القوي الصلب، "الحازم" الضابط، "الملا" -بفتح الميم- مقصور، أراد به التراب. =
الرابع: أن يكون غير منعوت قبل تمام عمله؛ لأن معمول المصدر بمنزلة الصلة من الموصول، فلا يفصل بينهما بالنعت، فإن ورد ما يوهم ذلك قدر فعل بعد النعت يتعلق به المعمول المتأخر، فلو نعت بعد تمامه لم يمنع.
والأولى أن يقال: "غير متبوع" بَدَل "غير منعوت"؛ لأن حكم سائر التوابع حكم النعت.
الخامس: أن يكون مفردا. ذكره في البسيط عن بعضهم ولم يشترطه في التسهيل1، وقال في الكافية:
وأهمل المضمر والمحدود
…
ومصدر فارقه التوحيد
ورب محدود ومجموع عمل
…
وبسماع لا قياس قد قبل
وصرح بجوازه في شرح التسهيل:
ومن إعماله مجموعا قوله2:
قد جربوه فما زادت تجاربهم
…
أبا قدامة إلا المجد والفنعا
= المعنى: يصف مسافرا معه ماء فتيمم، وأحياء بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا.
الإعراب: "يحايي" فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء، "به" متعلق بيحايي، "الجلد" فاعل مرفوع، "الذي" نعت الجلد، "هو" ضمير منفصل مبتدأ، "حازم" خبر مرفوع بالضمة الظاهرة والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، "بضربة" جار ومجرور متعلق بيحايي وضربة مضاف، وكفي من "كفيه" مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله مجرور بالياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه مثنى، وهو مضاف وضمير الغائب العائد إلى الجلد مضاف إليه، "الملا" مفعول به لضربة، "نفس" مفعول به ليحايي وهو مضاف و"راكب" مضاف إليه.
الشاهد فيه: "بضربة كفيه"، فإن ضربة مصدر محدود أضيف إلى فاعله ونصب الملا وهو مفعول، وهو شاذ؛ لأن المصدر المحدود لا يعمل، فإن ورد حُكم بشذوذه.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 335/ 2، والسيوطي ص81، وذكر في قطر الندى ص268، وهمع الهوامع 92/ 2.
1 التسهيل ص142.
2 قائله أعشى ميمون من قصيدة يمدح فيها هوذة بن علي الحنفي، وهو من البسيط.
اللغة: "أبا قدامة" هذه كنية هوذة الممدوح، "المجد" اسم جامع لخصال المروءة والسخاء والشرف، "الفنعا" -بفتح الفاء والنون- الكرم والعطاء الواسع. =
واختلف النحويون في "جوازهم"1 إعمال المجموع، فأجازه قوم، واختاره ابن عصفور، ومنعه قوم ومنهم ابن سيده.
فإن قلت: فهل يشترط في إعماله أن يكون بمعنى الحال والاستقبال، كاسم الفاعل؟
قلت: لا يشترط ذلك؛ لأنه عمل لكونه أصلا، فلم يتقيد بزمان بخلاف اسم الفاعل، قاله المصنف. وقال غيره: لأنه عمل بالنيابة عن الفعل، والفعل لا يشترط فيه ذلك.
وحكي عن بعض المتأخرين أنه منع إعماله ماضيا، وليس بصحيح.
وقوله: ولاسم مصدر عمل.
يعني أن اسم المصدر يعمل عمل فعله، وهو قليل، وإلى قلته أشار بتنكير "عمل" واختلف في إعمال اسم المصدر، فأجازه الكوفيون ومنعه البصريون، قال بعضهم: إلا في ضرورة، وتأولوا ما ورد من ذلك على إضمار فعل.
ومن عمله قول عائشة رضي الله عنها: "من قبلة الرجل امرأتَه الوضوءُ"2 وظاهر كلامه في التسهيل أنه مَقِيس3، وقال الشارح: وليس ذلك بمطرد في اسم المصدر، ولا فاشٍ.
= الإعراب: "قد" حرف تحقيق، "جربوه" فعل ماض وواو الجماعة فاعله وضمير الغائب العائد إلى الممدوح مفعول به، "فما" الفاء عاطفة وما حرف نفي، "زادت" فعل ماض والتاء للتأنيث، "تجاربهم" فاعل زادت وضمير الغائبين مضاف إليه، "أبا" مفعول به لتجارب لأنه مصدر الفعل المتعدي، "قدامة" مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه اسم لا ينصرف للعلمية والتأنيث، "إلا" أداة استثناء ملغاة، "المجد" مفعول به لزادت، و"الفنعا" معطوف على المجد، والألف للإطلاق.
الشاهد فيه: "تجاربهم أبا قدامة"، حيث إن "تجاربهم" عمل مجموعا في "أبا قدامة".
مواضعه من شراح الألفية: الأشموني 335/ 2.
1 أ، جـ.
2 "قبلة" اسم مصدر مضاف لفاعله، و"امرأته" مفعول، والجار والمجرور خبر مقدم عن الوضوء، ا. هـ. خضري 23/ 1.
3 التسهيل ص142.
"تنبيهان":
الأول: أطلق في قوله: "ولاسم مصدر عمل" وهو مقيد بغير العَلَم، فالعلم لا يعمل، وهو ما دل على معنى المصدر دلالة مغنية عن الألف واللام؛ لتضمن الإشارة إلى حقيقته كيسار وبرة وفجار1.
الثاني: عرف اسم المصدر في التسهيل إذ قال: ويعمل عمله اسمه غير العلم، وهو ما دل على معناه وخالفه بخلوه -لفظا وتقديرا دون عوض- من بعض ما في فعله، مثال ذلك:
"توضأ وضوءا" و"تكلم كلاما"؛ فالوضوء والكلام اسمان للمصدر، لا مصدران؛ لخلوهما -لفظا وتقديرا- من بعض ما في فعلهما.
وحق المصدر أن يتضمن حروف فعله بمساواة نحو: "توضأ توضؤا" أو بزيادة نحو: "أعلم إعلاما".
واحترز بقوله: "أو تقديرا" من نحو: "قاتل قتالا" فإنه مصدر لا اسم مصدر، إذ لم يخل تقديرا، فإن أصله:"قيتالا"، فالمدة مقدرة وقد "ثبتت"2 لفظا.
وبقوله: "دون عوض" من نحو: "عدة"، فإنه مصدر مع خلوه من الواو؛ لأن التاء عوض "منها"3.
من نحو: "كلّم تكليما" فإنه مصدر مع خلوه من التضعيف؛ لأن "التاء"4 عوض منه.
قال الشارح: اعلم أن اسم المعنى الصادر عن الفاعل كالضرب، أو القائم بذاته كالعلم، ينقسم إلى مصدر واسم مصدر.
1 يسار علم لليسر مقابل العسر، وبرة: علم للبر، وفجار: علم للفجور.
2 أ، جـ، وفي ب "حذفت".
3 ب.
4 أ، ب، وفي جـ "الياء".
فإن كان أوله ميما مزيدة لغير مفاعلة كالمضرب والمحمدة، أو كان لغير ثلاثي بوزن ما لثلاثي كالغسل والوضوء، فهو اسم للمصدر، وإلا فهو المصدر.
قلت: الذي أوله الميم المذكورة، وإن أطلق بعضهم عليه اسم المصدر فإنه يعمل عمل فعله، وليس هو موضع الخلاف، ولا المراد هنا.
والنوع الثاني وهو ما كان لغير ثلاثي بوزن ما لثلاثي، هو المذكور في التسهيل1.
قال الشيخ أبو حيان: وهذا الثاني عندنا مصدر، لا اسم مصدر، قال: واسم المصدر يقال باصطلاحين:
أحدهما: "ما ينقاس"2 بناؤه من الثلاثي على مفعل، "وما زاد"3 على صيغة اسم المفعول وهذا يعمل عمل فعله.
الثاني: ما كان أصل وضعه لغير المصدر كالثواب والعطاء والكلام والدهن والخبز، فهذه وضعت لما يثاب به ولما يعطى وللجمل "المقولة"4 ولما يدهن به ولما يخبز به.
وفي هذا النوع اختلف الكوفيون والبصريون، وتحقيق الخلاف بين الفريقين:
هل ينقاس أن يطلق اسم المصدر مجازا على المصدر ويعمل عمل المصدر، أو لا؟
فقال البصريون: لا، إلا أن يضطر شاعر. وقال الكوفيون والبغداديون: ينقاس ذلك.
قلت: وصرح في شرح التسهيل بأن ثوابا وعطاء مصدران؛ لقرب ما بينهما وبين الأصل، وهو إثواب وإعطاء.
1 التسهيل ص142.
2 أ، ب، وفي جـ "ينقاس".
3 أ، جـ، وفي ب "وما زادوا".
4 أ، جـ، وفي ب "المفيدة".
قوله:
وبعد جره الذي أُضيف له
…
كمل بنصب أو برفع عمله
للمصدر المضاف خمسة أحوال:
الأول: أن يضاف إلى فاعله ويحذف مفعوله نحو: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ....} 1.
الثاني: أن يضاف إلى مفعوله ويحذف فاعله نحو: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ
…
} 2.
الثالث: أن يضاف إلى فاعله ثم يكمل عمله بنصب مفعوله نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} 3.
الرابع: أن يضاف إلى مفعوله ثم يكمل عمله برفع فاعله نحو قوله عليه الصلاة والسلام: "
…
وحج البيت من استطاع إليه سبيلا" 4.
وهو قليل، قيل: ولم يجئ في القرآن إلا ما روي عن ابن عامر أنه قرأ: "ذكر رحمةِ ربك عَبْدُهُ زَكَرِيَّاءُ"5 -برفع الدال والهمزة- وليس ذلك مخصوصا بالضرورة على الصحيح.
والأكثر في المصدر إذا أضيف إلى مفعوله أن يحذف فاعله.
1 من الآية 114 من سورة التوبة.
2 من الآية 49 من سورة فصلت.
3 من الآية 251 من سورة البقرة.
4 "حج" مصدر مضاف إلى مفعول وهو "البيت"، "من" اسم موصول فاعله، وقد عدل المصنف عن الاستدلال بالآية:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ؛ لاحتمال كون "من" بدلا من الناس بدل بعض من كل، وقد حذف الرابط للعلم به -أي: من استطاع منهم- كما يحتمل أن تكون مبتدأ خبره محذوف -أي: فعليه أن يحج- وجعلها فاعلا للمصدر يفسد معه المعنى؛ لأن المعنى يكون حينئذ: ولله على الناس مستطيعهم وغير مستطيعهم أن يحج البيت المستطيع، فيلزم تأثيم جميع الناس بتخلف المستطيع، فتدبر. م 271/ 2 صبان.
5 من الآية 2 من سورة مريم.
الخامس: أن يضاف إلى الظرف، فيرفع وينصب كالمنون نحو:"عجبت من انتظار يوم الجمعة زيدٌ عمرًا".
وقوله: "كمل" يعني: إن أردت؛ لأن "ذاك"1 غير لازم. وقوله:
وجُر ما يتبع ما جُر ومن
…
راعى في الاتباع المحل فحسن
المضاف إليه المصدر، إن كان فعلا فمحله رفع، وإن كان مفعولا فهو في موضع نصب، إن قدر المصدر بأن وفعل الفاعل، وفي موضع رفع إن قدر المصدر بأن وفعل المفعول، خلافا لمن منع تقديره بفعل المفعول.
فلك في التابع الجر على اللفظ والرفع على المحل، إن كان فاعلا أو نائبه، والنصب على المحل إن كان مفعولا به، تقول:"عجبت من أكل الخبز واللحم" بالجر والرفع والنصب.
فالجر على اللفظ، والنصب على المحل؛ لأنه مفعول به، والرفع على تقدير: إن أُكل الخبز "واللحم"2.
"تنبيه":
ظاهر كلام المصنف جواز الإتباع على المحل في جميع التوابع، وهو مذهب الكوفيين، وطائفة من البصريين، وذهب سيبويه ومن وافقه من أهل البصرة إلى أنه لا يجوز الإتباع على المحل، وفصل أبو عمرو فأجاز في العطف والبدل ومنع في التوكيد والنعت، والظاهر الجواز لورود السماع، والتأويل خلاف الظاهر.
1 ب، وفي أ، جـ "ذلك".
2 ب.