المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حروف الجر: قال: هاك حروف الجر وهي من إلى … حتى خلا - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌ ‌حروف الجر: قال: هاك حروف الجر وهي من إلى … حتى خلا

‌حروف الجر:

قال:

هاك حروف الجر وهي من إلى

حتى خلا حاشا عدا في عن على

مذ منذ رب اللام كي واو وتا

والكاف والبا ولعل ومتى

هذه عشرون حرفا مشتركة في جر الاسم ولكل منها تفصيل يأتي، إلا "خلا، وحاشا، وعدا" فإن حكمها تقدم في الاستثناء.

وإلا "كي، ولعل، ومتى"؛ لغرابة الجر بهن.

أما "كي" فتجر ثلاثة أشياء:

الأول: "ما" الاستفهامية "كقولهم"1 في السؤال عن "علة"2 الشيء: كَيْمَهْ؟ بمعنى: لِمَهْ؟

الثاني: "أن" المصدرية مع صلتها في نحو: "جئت كي تفعل"3 في أحد الوجهين4.

الثالث5: "ما" المصدرية مع صلتها في قوله:

................

يراد الفتى كَيْمَا يضر وينفع6

وهو نادر.

1 أ، جـ.

2 أ، جـ.

3 أ، جـ، وفي ب مثّل بقوله: كقولك: كي أن تغر وتخدعا.

4 قال الأشموني جـ2 ص283: "إذا قدرت أن بعدها، فإن والفعل في تأويل مصدر مجرور بها ويدل على أن بعدها ظهورها في الضرورة كقوله:

فقالت أكل الناس أصبحت مانحا

لسانك كَيْمَا أن تغر وتخدعا

والأولى أن تقدر "كي" مصدرية، فتقدر اللام قبلها، بدليل كثرة ظهورها معها، نحو:"لكيلا تأسوا" ا. هـ.

5 جعل الثاني "أن" المصدرية، والثالث "ما" المصدرية، ترتيب أ، جـ، وفي الثاني "ما" والثالث "أن".

6 قيل: إن قائله هو النابغة الذبياني، وقيل: الجعدي، والأصح أن قائله قيس بن الخطيم، كذا ذكره البحتري في حماسته. =

ص: 738

وأما "لعل" فتجر في لغة عقيل ثابتة "الأول ومحذوفته"1 ومفتوحة الآخر "و"2 مكسورته3، خلافا لمن أنكر الجر بها4.

وأما "متى""فتجر"5 في لغة هذيل بمعنى من6، ومن كلامهم:"أخرجها متى كُمِّه" أي: من كمه.

وصدر البيت:

إذا أنت لم تنفع فضُر فإنما

وهو من الطويل.

المعنى: إذا لم تستطع نفع من يستحق النفع فضر من يستوجب الإيذاء، فإن المرء لا يقصد منه إلا أحد هذين.

الإعراب: "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان، "أنت" فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده، "لم" حرف نفي وجزم وقلب، "تنفع" فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، "فضر" الفاء واقعة في جواب إذا، ضر فعل أمر مبني على السكون وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين وللتخفيف، "فإنما" الفاء للتعليل، إنما حرف دال على الحصر، "يراد" فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة الظاهرة، "الفتى" نائب فاعل يراد مرفوع بضمة مقدرة على الألف، "كيما" كي: حرف تعليل وجر، ما حرف مصدري، "يضر" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو، "وينفع" الواو عاطفة، ينفع فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة وفاعله ضمير مستتر تقديره هو.

الشاهد: في دخول "ما" المصدرية على "كي" وهو نادر، وهو تخريج الأخفش، وهي عند غيره كافة لكي عن عمل النصب في الفعل المضارع، والفعل مؤول بالمصدر على القولين بواسطة "ما" على الأول، وبواسطة "كي" على الثاني.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص147، وابن هشام 2/ 120، والأشموني 2/ 283، والمكودي ص81، وداود، والسندوبي.

1 أ، جـ، وفي ب "اللام الأولى ومحذوفه".

2 أ، جـ، وفي ب "أو".

3 فهذه أربع لغات يجوز الجر فيها، ولا يجوز في غيرها من بقية لغات "لعل". صبان 2/ 156.

ومثال الجر قول الشاعر:

لعل أبي المغوار منك قريب

4 قال السيوطي في همع الهوامع: "منهم الفارسي، وتأول البيت على أن الأصل: لعله لأبي المغوار جوابه قريب؛ فحذف موصوف قريب وضمير الشأن ولام لعل الثانية تخفيفا، وأدغم في لام الجر، ومن ثم كانت مكسورة. ومن فتح فهو على لغة "المال لزيد" وهذا تكلف كثير مردود بنقل الأئمة" ا. هـ. 2/ 23، وأميل إلى الجر؛ لعدم التكلفة كما قال السيوطي.

5 أ، جـ.

6 أي: الابتدائية.

ص: 739

تنبيه:

عد بعضهم من حروف الجر "ها" التنبيه، وهمزة الاستفهام، وهمزة القطع إذا جعلت عوضا من حروف الجر في القسم1.

قال في التسهيل2: وليس في الجر في التعويض بالعوض، خلافا للأخفش ومن وافقه ا. هـ. وذهب الزجاج والرماني إلى أن ايمُن في القسم حرف جر وشذَّا في ذلك.

"وعد"3 بعضهم منها الميم "مثلثة"4 في القسم نحو5: مَُِ الله، وجعلها في التسهيل بقية "أامُن".

قال: وليست6 بدلا من الواو، ولا أصلها "من" خلافا لمن زعم ذلك. "وذكر"7 الفراء أن "لات""قد"8 تجر الزمان، وقرئ:"ولات حِينِ مناص"9 بالجر.

وزعم الأخفش أن "بَلْهَ" حرف جر بمعنى "مِنْ"، والصحيح أنها اسم10. وذهب سيبويه11 إلى أن "لولا" حرف جر إذا وليها ضمير متصل نحو: لولاك ولولاي "ولولاه"12.

1 راجع الأشموني 2/ 285.

2 التسهيل ص151، القسم.

3 أ، جـ، وفي ب "وعده".

4 أ، ب.

5 ب، وفي أ "نحو ما الله"، ونحو سقط في جـ.

6 أ، جـ، وفي ب "قال فيه: وم مثلثة وليست".

7 أ، جـ. وفي ب "ذهب".

8 أ، جـ.

9 من الآية 3 من سورة ص.

10 أي: مصدر أو اسم فعل أو بمعنى كيف، صبان جـ2 ص157.

11 قال سيبويه جـ1 ص288: "وذلك لولاك ولولاي، إذا أضمرت الاسم فيه جر

".

12 جـ.

ص: 740

ومذهب الأخفش والكوفيين، أن الضمير بعدها مرفوع الموضع، استعير ضمير الجر للرفع1.

ثم قال:

بالظاهر اخصُصْ منذُ مذُ وحتى

والكاف والواو ورُبَّ والتا

حروف الجر نوعان: نوع يجر الظاهر فقط، ونوع يجر الظاهر والمضمر.

فالأول: هو الأحرف المذكورة في هذا البيت، ولعل وكي ومتى.

والثاني: ما عداها.

وقوله: واخصص بمذ ومنذ وَقْتًا، "يعني: أن مذ ومنذ لا يجران إلا الزمان، وسيأتي الكلام عليهما"2.

وقوله: وبرُبَّ مُنَكَّرا.

يعني أن "رب" لا تجر إلا نكرة، وسيأتي دخولها على الضمير.

وأجاز بعضهم أن تجر المعرف بأل، وأنشد:

ربما الجامل المؤبل3.....

....................

بخفض الجامل وصفته

1 قال الأشموني 2/ 258 نقلا عن التسهيل: وزعم المبرد أن هذا التركيب فاسد لم يرد على لسان العرب، وهو محجوج بثبوت ذلك منهم كقوله:

أتطمع فينا من أراق دماءنا

ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن

وقوله:

وكم موطن لولاي طحت كما هَوَى

بأجرامه من قلة النيق منهوي

2 أ، جـ.

3 جزء من بيت، قائله أبو دؤاد الإيادي أحد بني برد بن أفصى من إياد، وتمامه:

........ فيهم

وعناجيج بينهن المهار

وهو من الخفيف.

الشرح: "الجامل" -بالجيم- اسم جمع للإبل لا واحد له من لفظه، وقيل: القطيع من الإبل مع راعيها، "المؤبل" -بضم الميم وفتح الهمزة والباء المشددة- المعد للقنية، "عناجيج" جمع عنجوج -بزنة عصفور- وهي الخيل الطويلة الأعناق، "المهار" -بكسر الميم- جمع مهر وهو ولد الفرس، والأنثى مهرة. =

ص: 741

فإن صحت الرواية، حمل على زيادة "أل".

وشذ "رب أبيه" و"رب أخيه" و"رب أمه"1.

واختلف في معنى "رب"، فقيل: للتقليل، وقيل: للتكثير، ونسب كل منهما2 إلى سيبويه.

وقيل: تكون "لهما"3، وقيل4: حرف إثبات لم يوضع لتقليل ولا لتكثير5، وفي التسهيل: وللتقليل بها نادر. هـ6.

وقوله: "والتاء لله ورب".

يعني: أن التاء مختصة باسم الله، نحو:{تَاللَّهِ تَفْتَأُ} 7.

= المعنى: يصف نفسه بالكرم، وأنه لا يبخل على من معه بأحسن ما عنده من الإبل المتخذة للقنية والخيل الجياد التي بينها أولاد.

الإعراب: "ربما" رب: حرف تقليل وجر، ما: زائدة كافة، "الجامل" مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، "المؤبل" صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة، "فيهم" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، "وعناجيج" الواو عاطفة، عناجيج مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة وخبره محذوف يدل على ما قبله، والتقدير: وعناجيج فيهم، "بينهن" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم والضمير مضاف إليه، "المهار" مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة، والجملة من المبتدأ والخبر في محل رفع صفة لقوله:"عناجيج" وهي التي سوَّغت الابتداء بالنكرة.

الشاهد: في "ربما الجامل" حيث دخلت رب المكفوفة بما على الجملة الاسمية وهو نادر.

قال العيني: ولأجل هذا قال أبو علي: يجب أن تقدر "ما" اسما مجرورا على معنى شيء والجامل خبر لمبتدأ محذوف وتكون الجملة صفة لما، والتقدير: رب شيء هو الجامل المؤبل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص153، وابن هشام 2/ 161، وابن عقيل 2/ 25، والأشموني 2/ 298، وداود، والسيوطي ص73، وفي همعه 2/ 26.

1 بهذا يستقيم الكلام، وفي أ، ب "واحد أمه"، وفي جـ "وجد أمه".

2 "كل واحد منهما" في ب.

3 جـ، وفي أ، ب "لها".

4 أ، ب، وفي جـ "هو".

5 ب، وفي أ، جـ "تكثير".

6 التسهيل ص147.

7 من الآية 85 من سورة يوسف.

ص: 742

وحكى الأخفش دخولها على الرب، قالوا:"تربِّ الكعبة"، وقالوا أيضا:"تالرحمن" و"تحياتك" وهو شاذ.

وقالوا: إنها بدل من واو القسم.

وقوله:

وما رَوَوْا من نحو رُبَّهُ فتى

نزر...................

أشار "به"1 إلى أنه قد ورد دخول رب على المضمر، وأنه قليل. ومنه قول الشاعر:

..............

ورُبَّهُ عطبا أنقذت من عَطَبه2

وروي: "وربه عطبٍ" بالجر على نية من، وهو شاذ.

فإن قلت: إنما أورد النحويون ذلك على أنه "فصيح"3 مقيس "عليه"4، فكيف قال:"نزر"؟

1 أ، جـ.

2 قال العيني: أنشده ثعلب ولم يعزه إلى قائله، وهو من البسيط.

وصدره:

#واهٍ رأبت وشيكا صدع أعظمه

الشرح: "واه" من وها الحائط، إذا ضعف وهمّ بالسقوط، "رأبت" أصلحت وشعبت، "وشيكا" -بفتح الواو وكسر الشين- سريعا، "صدع أعظمه" الصدع: الشق، "عطبا" هو صفة مشبهة على وزن فعل -بفتح الفاء وكسر العين- أي: هالكا، "من عطبه" مصدر على وزن فَعَل بفتحتين.

المعنى: رب شخص ضعيف أشرف على الهلاك والسقوط، فجبرت كسره ورشت جناحه.

الإعراب: "واه" هو على تقدير رب مبتدأ، "رأبت" فعل وفاعل والجملة في محل رفع خبر، "وشيكا" مفعول مطلق لرأبت، أي: رأبت رأبا وشيكا، "صدع" مفعول لرأبت منصوب بالفتحة الظاهرة، "أعظمه" مضاف إليه، "وربه" رب حرف جر شبيه بالزائد والضمير في محل جر لرب، وله محل رفع بالابتداء، "عطبا" تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة، "أنقذت" فعل وفاعل والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو مجرور برب، "من عطبه" جار ومجرور متعلق بأنقذ.

الشاهد: في "وربه عطبا" حيث جرت "رب" الضمير وهو شاذ.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص148، وابن عقيل 2/ 9، والأشموني 2/ 258، وداود، والسندوبي.

3 أ، جـ، وفي ب "صحيح".

4 جـ.

ص: 743

قلت: لعله أراد أنه قليل بالنسبة إلى الظاهر، ويؤيده قوله في الكافية:

وربَّهُ عطبا استُندر وقِس

عليه إن شئت وحُد عن مُلْبِس

فقال1: وقس عليه.

تنبيهان:

الأول: مذهب البصريين أن الضمير المجرور برب يلزم إفراده وتذكيره استغناء بمطابقة التمييز "للمراد"2، وحكى الكوفيون مطابقته أيضا.

الثاني: اختلف في الضمير المجرور برب، فقيل: معرفة، وإليه ذهب الفارسي وكثير. وقيل: نكرة، واختاره الزمخشري وابن عصفور.

وقوله: كذا كَهَا.

أشار به إلى أن الكاف قد تجر ضمير الغائب قليلا، كقول الراجز:

.................

وأم أوعال كَهَا أو أقربا3

1 ب.

2 أ، جـ.

3 عجز بيت قائله العجاج، يصف حمار الوحش وأتنه حين أرادوا ورود الماء، فرأى الصياد فهرب بهن. والبيت من قصيدة مرجزة مسدسة.

وصدره:

خلَّى الذنَابات شمالا كَثَبا

ويروى: نحى الذنابات. ورواية الأشموني:

وأم أوعال كها أو أقربا

ذات اليمين غير ما أن ينكبا

الشرح: "الذنابات" -بفتح الذال- جمع ذنابة، وهي آخر الوادي ينتهي إليه السيل، وقيل: اسم مكان بعينه، "كثبا" -بفتح الكاف والتاء- أي: قربا، "أم وعال" -بفتح الهمزة- هي هضبة في ديار بني تميم.

المعنى: أنه جعل الذنابات -أي الحمار الوحشي- عن طريقه في جانب شماله قريبا منه، وجعل أم أوعال في جانب يمينه مثل الذنابات في القرب، أو أقرب.

الإعراب: "خلى" فعل ماض وفاعله ضمير مستتر، "الذنابات" مفعول أول، "شمالا" مفعول ثان، "كثبا" صفة لشمال، "وأم أوعال" يروى بالنصب وبالرفع؛ فأما النصب فبالعطف على الذنابات، وأما الرفع فبالابتداء، "كها" على رواية النصب هو في موضع المفعول الثاني، وعلى رواية الرفع متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، "أو" عاطفة، "أقربا" معطوف على الضمير المجرور بالكاف من غير إعادة الجار.

الشاهد: في "كها"، حيث دخلت كاف التشبيه على الضمير وهو قليل. =

ص: 744

"وإليه"1 أشار بقوله: "كها""وهذا من الضرائر"2.

وقد شذّ دخول الكاف على ضميري المتكلم، والمخاطب في قول الحسن:"أنا كَكَ وأنتَ كِي"3.

وقول الشاعر:

وإذا الحرب شمَّرت لم تكن كِي4

والكاف في:"كِي" مكسورة5

1 أ.

2 أ، وفي ب "كذا إلى القلة، وهو عند غيره من الضرائر"، وفي جـ "كها إلى أن هذا من الضمائر".

3 قال العيني: يعني: أنا كمثلك وأنت كمثلي "كذا بالنسخ، والمناسب: وأنا مثلك وأنت مثلي ا. هـ. مصحح هامش" واستعمال هذا في حال السعة شذوذ، لا يلتفت إليه 3/ 266.

4 صدر بيت. قال العيني: أنشده الفراء، وقال: أنشدنيه بعض أصحابنا ولم أسمعه أنا من العرب، ولم يذكر اسم قائله. وبحثت فلم أعثر على قائل، وهو من الخفيف.

وعجزه:

حيث تدعو الكماة فيها نزال

ورواية الأشموني:

حين تدعو....

الشرح: "شمرت" أي: نهضت، "الكماة" -بضم الكاف- جمع كامٍ مثل قاضٍ وقضاة، وهو الشجاع المنكمي في سلاحه؛ لأنه كمى نفسه، أي: سترها بالدرع والبيضة، "نزال" كلمة توضع موضع انزل.

الإعراب: "وإذا" الواو للعطف، إذا للشرط وفعل الشرط محذوف دل عليه قوله: شمرت، والتقدير: إذا شمرت الحرب؛ لأن إذا لا تدخل على الجملة الفعلية، "الحرب" فاعل، "لم" حرف نفي وجزم وقلب، "تكن" فعل مضارع مجزوم بلم وهو جواب الشرط، "حين" منصوب على الظرفية، "تدعو" فعل مضارع، "الكماة" فاعل، "فيها" جار ومجرور متعلق بتدعو، "نزال" في محل النصب على أنه مفعول تدعو، والتقدير: حين تدعو تقول: نزال.

الشاهد: في "لم تكن كي" حيث أدخل الكاف على ضمير المتكلم، على معنى: لم تكن أنتَ مثلي. وهذا شاذ لا يستعمل إلا في الضرورة.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 286.

5 قال الصبان 2/ 159: "وكي -بكسر الكاف- لمناسبة ياء المتكلم كما في الدماميني عن سيبويه".

ص: 745

وقد دخلت أيضا على ضميري الرفع والنصب "المنفصلين"1 كقولهم: "ما أنا كأنت "ولا"2 أنت كأنا".

"والنصب كقوله:

............

ولم يأسر كإيَّاك آسِر3، 4

وجعله في التسهيل أقل من دخولها على ضمير الغائب المتصل5.

قيل: وفيه نظر.

1 أ، جـ.

2 أ، ب، وفي جـ "لولا".

3 ب.

4 جزء من بيت. قال البغدادي في خزانة الأدب: "والبيت لم أطلع على قائله" وتكملة البيت:

فأجملْ وأحسنْ في أسيرك إنه

ضعيف..........

وقال أبو حيان في أماليه: أنشده الفراء وهشام عن الكسائي: "وأحسن وأجمل في أسيرك".

الشرح: "فأجمل" بقطع الهمزة المفتوحة وكسر الميم، أي: عامل الجميل، "وأحسن" بفتح الهمزة وكسر السين، أي: افعل الحسن، وأسرته أسرا من باب ضرب فهو أسير وذاك آسر وهو فاعل يأسر، يريد: لم يأسرني آسر مثلك.

الإعراب: "فأجمل" فعل أمر وفاعله ضمير، "وأحسن" الواو عاطفة، أحسن فعل أمر وفاعله ضمير، "في" حرف جر، "أسيرك" مجرور بفي والكاف مضاف إليه، "إنَّهُ" إنَّ حرف توكيد ونصب والهاء اسمها مبني على الضم في محل نصب، "ضعيف" خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة، "ولم" حرف نفي وجزم وقلب، "يأسر" فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، "آسر" فاعل ياسر مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشاهد: قوله: "كإياك" حيث دخلت الكاف على الضمير المنفصل. قال البغدادي 4/ 472 في الخزانة: "قال ابن عصفور في كتاب الضرائر: ومنه وضع صيغة ضمير النصب المنفصل بدل صيغة ضمير الرفع المنفصل المجهول في موضع خفض بكاف التشبيه. يريد: كأنت آسر، فوضع "إياك" موضع "أنت" للضرورة وإنما قضي على "إياك" بأنها في موضع "أنت"؛ لأن الكاف لا تدخل في سعة الكلام على مضمر إلا أن تكون صيغته صيغة رفع منفصل نحو قولهم: "ما أنا كأنت، ولا أنت كأنا" هـ.

مواضعه: ذكره البغدادي في خزانة الأدب الشاهد 834.

5 قال في التسهيل ص147: "ودخولها على ضمير الغائب قليل، وعلى أنت وإياك وأخواتها أقل".

ص: 746

بل إن لم يكن أكثر فهو "مساوٍ"1.

فإن قلت: إِلَامَ أشار بقوله: "ونحوه أتى"؟

قلت: يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون أشار إلى ما ورد من دخول الكاف على الضمير في غير البيت المشار إليه، كقول الشنفرى:

لئن كان من جن لأبرح طارقا

وإن يك إنسا ما كها الإنس تفعل2

ولا حجة في قوله:

.........

كَهُ ولا كَهُنَّ إلا حاظلا3

1 ب، وفي أ "متساوي"، وفي جـ "مساوي". راجع الأشموني 2/ 287.

2 قائله الشنفرى الأزدي، واسمه براق. وهو من قصيدته المشهورة، من الطويل.

الشرح: "لأبرح" أي: جاء بالبرح وهو الشدة، "طارقا" من طرق أهله، إذا أتاهم ليلا.

الإعراب: "لئن" اللام للتأكيد وإن شرطية، "كان" فعل ماض ناقص فعل الشرط واسمه ضمير مستتر، "من جن" جار ومجرور في محل نصب خبر كان، "لأبرح" جواب الشرط، "طارقا" حال منصوب بالفتحة الظاهرة، "وإن يك" أصله: يكن؛ حذفت النون للتخفيف لكثرة استعماله في الكلام واسمه ضمير مستتر فيه، "إنسا" خبر يك، "ماكها" ما نافية والكاف للتشبيه دخلت على الضمير، "الإنس" مبتدأ، "يفعل" فعل مضارع وفاعله ضمير والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.

الشاهد في: "ما كها"، حيث دخلت الكاف على الضمير، وهو شاذ.

مواضعه: ذكره السيوطي في همع الهوامع 2/ 30، وفي شرحه للألفية ص71.

3 عجز بيت قائله رؤبة بن العجاج يصف حمارا وأتنه، وهو من قصيدة مرجزة مسدسة، وصدره:

ولا ترى بعلا ولا حلائلا

الشرح: "بعلا" زوجا، "حلائلا" -بالحاء المهملة- زوجات، "حاظلا" المانع من التزويج.

المعنى: لا ترى من الأزواج والزوجات من يحبس نفسه على صاحبه ولا يتطلع إلى غيره كحمار الوحش وأتنه، إلا من منع أنثاه عن التزويج بغيره، كانت عادة الجاهلية إذا طلّقوا امرأة منعوها أن تتزوج بغيرهم إلا بإذنهم.

الإعراب: "لا" نافية، "ترى" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه، "بعلا" مفعول أول منصوب بالفتحة الظاهرة، "ولا" الواو عاطفة، ولا لتأكيد النفي، "حلائلا" معطوف على قوله:"بعلا"، "كه" متعلق بمحذوف حال من "بعلا"، "ولا كهن" متعلق بمحذوف حال من "حلائلا"، "إلا" أداة استثناء ملغاة، "حاظلا" مفعول ثانٍ لترى منصوب بالفتحة الظاهرة.

الشاهد: في "كه وكهن" حيث جر الضمير بالكاف، وهو شاذ.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص48، وابن هشام 2/ 152، وابن عقيل 2/ 10، والأشموني 2/ 286.

ص: 747

على الاتصال؛ "لاحتمال"1 أن يكون أصله كهو.

والثاني: أن يكون أشار إلى أنه قد "ندر"2 دخول بعض الأحرف المخصوصة بالظاهر "غير الكاف"3 على الضمير، كما "ندر"4 دخول الكاف عليه كقول الشاعر:

فلا والله لا يُلقَى أناس

فتى حَتَّاك يابن أبي يزيد5

وهو عند البصريين ضرورة.

ثم قال:

بَعِّض وبَيِّن وابتدِي في الأمكنة

بمن.........

شرع في بيان معاني "بعض"6 هذه الحروف، فبدأ بمن وذكر لها في هذا البيت ثلاثة معانٍ:

الأول: التبعيض نحو: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} 7 وعلامتها جواز الاستغناء عنها ببعض.

1 أ، جـ، وفي ب "لأنه يحتمل".

2 أ، وفي ب، جـ "ورد".

3 أ، جـ.

4 أ، جـ، وفي ب "ورد".

5 قال الشيخ محيي الدين: هذا البيت من الشواهد التي لا يعرف قائلها. وبحثت فلم أعثر له على قائل، وهو من الوافر.

وروي: "أبي زياد" بدل "أبي يزيد"، و"لا يلفى" بدل "لا يلقى".

الشرح: لا يلفى6 "لا يجد"، قال تعالى:{وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} أي: وجده، وبالقاف من اللقى.

الإعراب: "فلا" زائدة قبل القسم للتوكيد، "والله" الواو حرف قسم ولفظ الجلالة مقسم به مجرور بالواو وفعل القسم الذي يتعلق به الجار والمجرور محذوف، "لا" نافية، "يلقى" فعل مضارع، "أناس" فاعل، "فتى" مفعول به، "حتاك" حتى جارة والضمير في محل جر بها والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لفتى، "يا" حرف نداء، "ابن" منادى، "أبي" مضاف إليه، "يزيد" مضاف إليه.

الشاهد: في "حتاك" حيث دخلت "حتى" الجارة على الضمير، وهو نادر.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن عقيل 2/ 8، والأشموني 2/ 286، والمكودي ص8، وداود.

6 أ، ب.

7 من الآية 8 من سورة البقرة.

ص: 748

الثاني: بيان الجنس، نحو:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} 1، وعلامتها صحة وضع الذي موضعها.

الثالث: ابتداء الغاية في المكان باتفاق، نحو:{مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} "ولا"3 تكون لابتداء الغاية في الزمان عند البصريين، وذهب الكوفيون والمبرد وابن درستويه إلى أنها تكون لابتداء الغاية في الزمان، وهو الصحيح4 لكثرته5 نظما ونثرا6.

وتأويل "ما كثر"7 ليس بجيد، وإليه ذهب المصنف.

وإلى هذا قال: وقد تأتي لبدء الأزمنة.

تنبيه:

لم يختلفوا في أن من تكون لابتداء الغاية، واختلفوا في التبعيض "والتبيين"8. أما التبعيض، فذهب إليه الجمهور وصححه ابن عصفور، ونفاه المبرد والأخفش الأصغر9 وابن السراج، وطائفة من الحذاق والسهيلي، وقالوا: إنما هي لابتداء الغاية وإن "سائر"10 المعاني التي "ذكروها"11 راجع إلى هذا المعنى.

1 من الآية 30 من سورة الحج.

2 من الآية 1 من سورة الإسراء.

3 أ، جـ، وفي ب "وقد".

4 أ، جـ.

5 أ، وفي جـ "وهو كثير".

6 قال تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} .

وقال الشاعر:

تخيرن من أزمان يوم حليمة

إلى اليوم قد جرّبن كل التجارب

7 أ، جـ، وفي ب "ما هو كثير"، وتأولوا أن من لابتداء الغاية في الأحداث: من تأسيس أول يوم، والبيت، من استمرار يوم حليمة.

8 ب، جـ.

9 هو: علي بن سليمان الفضل النحوي، أبو الحسن الأخفش الأصغر، أحد الثلاثة المشهورين وتاسع الأخفشيين، قرأ على ثعلب والمبرد واليزيدي، قال المرزباني: ولم يكن بالمتسع في الرواية، وكان إذا سُئل على مسائل النحو ضجر ضجرا كثيرا.

مات فجأة ببغداد سنة عشر وثلاثمائة، ويقال: ست عشرة، وقد قارب الثمانين.

10 أ، ج، وفي ب "جميع".

11 أ، ب، وفي جـ "ذكرها".

ص: 749

وأما بيان الجنس، فمشهور في كتب المعربين، وقال به جماعة من المتقدمين والمتأخرين "وأنكره"1 "أكثره"2 المغاربة.

ثم قال:

وزيد في نفي وشبهه فجر

نكرة كما لباغٍ من مفر

لزيادة "من" عند "جمهور"3 البصريين شرطان:

الأول: أن يكون بعد نفي أو شبهه، وهو النهي والاستفهام.

والثاني: أن يكون مجرورها نكرة.

مثال النفي: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 4، والنهي:"لا يقم "من"5 أحد"، والاستفهام:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} 6، ومثّل النهي بقوله:"ما لباغٍ من مفرّ". وأجاز بعض الكوفيين زيادتها بشرط تنكير مجرورها فقط7 "نحو"8: "قد كان من مطرٍ".

وأجازها الأخفش والكسائي وهشام بلا شرط ووافقهم في التسهيل، قال في شرحه لثبوت السماع "بذلك"9 نثرا ونظما10.

تنبيهان:

الأول: فائدة زيادة "من" تنصيص العموم، أو مجرد التوكيد.

1 أ، ب.

2 أ، جـ.

3 أ، ب.

4 من الآية 85 من سورة الأعراف.

5 ب، جـ.

6 من الآية 3 من سورة فاطر.

7 أ، جـ، وفي ب "تنكير بعض مجرورها".

8 أ، جـ.

9 أ، ب.

10 قال تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} و {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} .

وقول الشاعر:

وكنت أرى كالموت من بين ساعة

فكيف ببين كان موعده الحشر

ا. هـ. الهمع 6/ 35.

ص: 750

فالأول مع نكرة لا تختص بالنفي نحو: "ما في الدار من رجل".

والثاني: مع نكرة مختصة به1.

"التنبيه"2 الثاني: لا إشكال في صحة زيادتها بعد جميع حروف النفي، وأما الاستفهام فلا يحفظ إلا مع "هل"3.

قال في الارتشاف: وفي إلحاق الهمزة بها نظر، وصرح "بمنعه"4 بعد كيف ونحوها5.

ثم قال:

للانتها حتى ولام وإلى

....................

مثال حتى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} 6، ومثال إلى:{فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} 7، ومثال اللام:{سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ} 8.

ودلالة اللام على الانتهاء قليل9 بخلاف حتى وإلى، "فإن دلالتهما على الانتهاء كثير"10، فإن قلت: أيهما أمكن في ذلك؟

قلت: إلى؛ لدخولها "فيما"11 لا تدخل فيه حتى، فإن المجرور بحتى يلزم بأن "يكون"12 آخر جزء، أو "ملاقي"13 آخر جزء بخلاف إلى.

1 كأحد وديار.

2 أ، جـ.

3 قال تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} .

4 جـ، وفي ب "به".

5 كلام أبي حيان في الارتشاف ص843: "وفي إلحاق الهمزة بهل في ذلك نظر، ولا أحفظه من لسان العرب. ولو قلت: كيف تضرب من رجل، أو كيف خرج من رجل، أو أين تضرب من رجل، أو متى قوم من رجل، لم يجز" ا. هـ.

6 من الآية 5 من سورة القدر.

7 من الآية 280 من سورة البقرة.

8 من الآية 57 من سورة الأعراف.

9 نحو قوله تعالى: {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} .

10 أ، جـ.

11 أ، ب، وفي جـ "لما".

12 ب، وفي جـ "كونه"، وفي أ "من كونه".

13 أ، ب، وفي جـ "ملازم".

ص: 751

"لو"1 قلت: "سرت النهار حتى نصفه" لم يجز.

ولو قلت: إلى نصفه لجاز، نص على ذلك الزمخشري والمغاربة، "ووافق"2 المصنف في شرح الكافية وخالف في "التسهيل وشرحه"3، فلم يشترط في مجرور حتى كونه آخر جزء "ولا ملاقي آخر جزء"4 واستدل بقوله:

عينت ليلة فما زلت حتى

نصفِها راجيا فُعدت يئوسا5

وفيه نظر.

1 أ، جـ، وفي ب "فلو".

2 أ، جـ، وفي ب "ووافقهم".

3 أ، ب، وفي جـ شرح التسهيل.

4 أ، ب.

5 هذا البيت لم أعثر له على قائل، وهو من الخفيف.

وقبله:

إن سلمى من بعد يأسي همت

بوصال لو صح لم يبق بوسا

الشرح: "عينت" الضمير راجع إلى سلمى وليلة مفعول به لا ظرف، "بؤسا" -بضم الباء- الشدة، "يئوسا" فعول من اليأس، وهو القنوط خلاف الرجاء.

الإعراب: "عينت" فعل وفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يعود إلى سلمى في البيت قبله، "ليلة" مفعول به، "فما زلت" من أخوات كان والتاء اسمها، "حتى" بمعنى إلى وهو حتى الجارة، "نصفها" مجرور بحتى والهاء مضاف إليه، "راجيا" خبر زلت منصوب بالفتحة، "فعدت" جملة من الفعل والفاعل عطف على قوله:"فما زلت"، "يئوسا" حال من الضمير الذي في عدت منصوب بالفتحة الظاهرة.

الشاهد: في "حتى نصفها"، فإن ابن مالك استدل به على أنه لا يشترط في مجرور حتى كونه آخر جزء، ولا ملاقي آخر جزء، هذا الذي ذكره في التسهيل ص146. وأما ما ذكره في شرح الكافية، فهو ما ذهب إليه الزمخشري والمغاربة من أن المجرور بحتى يلزم أن يكون آخر جزء أو ملاقي آخر جزء بخلاف إلى، فلو قلت: سرت النهار حتى نصفه لم يجز، ولو قلت: إلى نصفه جاز، هذا ما نص عليه الزمخشري. وقال ابن هشام في المغني: لمخفوض حتى شرطان:

أحدهما: عام، وهو أن يكون ظاهرا لا مضمرا، خلافا للكوفيين والمبرد.

والثاني: خاص بالمسبوق بذي أجزاء، وهو أن يكون المجرور جزءا نحو:"أكلت السمكة حتى رأسها"، أو ملاقيا لآخر جزء نحو:{سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} ولا يجوز "سرت البارحة حتى تلثيها""أو نصفها" كذا قالت المغاربة وغيرهم.

وتوهم ابن مالك أن ذلك لم يقل به إلا الزمخشري، واعترض عليه بقوله: عينت ليلة

البيت، وهذا ليس محال الاشتراط، إذ لم يقل: فما زلت في تلك الليلة حتى نصفها وإن كان المعنى عليه ولكن لم يصرح به. ا. هـ. العيني 3/ 762.

مواضعه: ذكره ابن هشام في المغني 1/ 111، والسيوطي في همع الهوامع 2/ 23.

ص: 752

"تنبيه"1:

اختلف في المجرور بحتى فقيل: الانتهاء "به""فيدخل"3 فيما قبلها إلا بقرينة، وإليه ذهب المغاربة.

وذهب المصنف إلى أن الانتهاء قد يكون به فيدخل، وقد يكون عنده فلا يدخل، وزعم أن سيبويه4 والفراء أشارا إلى ذلك.

وحكي عن ثعلب أن حتى للغاية، والغاية تدخل وتخرج.

وقال في الإفصاح5: وذهب المبرد وأبو بكر وأبو علي إلى أنه داخل.

وقال الفراء والرماني: يدخل ما لم يكن غير جزء نحو: "إنه لينام الليل حتى الصباح". وصرح سيبويه بأن ما بعدها داخل ولا بد، ولكنه مثل بما هو بعض ما قبله واختلف أيضا في المجرور بإلى، والذي عليه أكثر المحققين أنه لا يدخل إلا بقرينة6، وقال بعض النحاة: يدخل.

ثم قال:

..............

ومن وباء يُفهمان بدلا

علامة ذلك أن يحسن في "موضعهما"7 بدل مثال "من"{أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} 8

{وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً} 9.

ومثال "الباء": "لا يسرني بها حُمُرُ النعَم"10.

1 أ، ب.

2 أ، جـ.

3 أ، جـ، وفي ب "فلا يدخل".

4 الكتاب 1/ 413.

5 الإفصاح وهو شرح لكتاب الإيضاح في النحو لأبي علي الفارسي، وصاحبه هو محمد بن يحيى المعروف بابن هشام الخضراوي.

6 مثل: "قرأت القرآن من أوله إلى آخره".

7 ب، وفي أ "أن يحسن موضعها"، وجـ "يصلح في موضعها".

8 من الآية 38 من سورة التوبة.

9 من الآية 60 من سورة الزخرف.

10 عن عبد الرحمن بن عوف -رواه الحاكم وأحمد في مسنده- حديث شريف. "بها" أي: بدلها.

ص: 753

وقول الشاعر:

وليت لي بهم قوما إذا ركبوا1

............................

وقوله: "واللام للملك" نحو: "المال لزيد" وشبهه نحو: "أدوم لك ما تدوم لي"، ويندرج فيه الاستحقاق؛ لأنه مثله في شرح الكافية بنحو:"السرج للفرس"2 هـ.

"وجعله في التسهيل"3 مغاير الشبه للملك4.

"وفي تعدية أيضا" أي: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} 5، و"تعليل" نحو:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} 6 و"قُفي"، أي: تبع.

وقوله: "وزيد" يعني اللام، ولا تزاد إلا مع مفعول به "لتعديه"7 إلى واحد.

1 صدر بيت قائله قريظ ابن أحد بني العنبر. شاعر إسلامي، من البسيط.

وعجزه:

شنوا الإغارة فرسانا وركبانا

الشرح: "شنوا" أي: فرقوا أنفسهم لأجل الإغارة، "الإغارة" الهجوم على العدو والإيقاع به، "فرسانا" جمع فارس، وهو راكب الفرس، "ركبانا" جمع راكب وهو أعم من الفرس، وقيل: خاص براكب الإبل.

المعنى: يتمنى بدل قومه قوما آخرين، من صفتهم أنهم إذا ركبوا للحرب تفرقوا لأجل الهجوم على الأعداء والإيقاع بهم ما بين فارس، وراكب.

الإعراب: "وليت" حرف تمنٍّ ونصب، "لي" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر "ليت" مقدم، "بهم" جار ومجرور، "قوما" اسم ليت منصوب بالفتحة الظاهرة مؤخر، "إذا" ظرف تضمن معنى الشرط، "ركبوا" فعل ماض وفاعله والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، "شنوا" فعل وفاعل والجملة جواب "إذا"، "الإغارة" مفعول لأجله منصوب بالفتحة الظاهرة، "فرسانا" حال من الواو في "شنوا" منصوب بالفتحة، "وركبانا" معطوف عليه.

الشاهد: في "بهم"، فإن الباء فيه للبدل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص150، وابن عقيل 1/ 325، 2/ 14، والأشموني 2/ 293، والسيوطي ص71، وفي همعه 2/ 21، والسندوبي.

2 شرح الكافية لابن مالك، ورقة 53.

3 ب.

4 قال في شرح التسهيل ص145: "واللام للملك وشبهه، وللتمليك وشبهه".

5 من الآية 5 من سورة مريم.

6 من الآية 105 من سورة النساء.

7 أ، وفي ب، جـ "لمتعدّ".

ص: 754

وزيادتها ضربان:

قياسية: وهي أن تزاد "مقوية"1 لعامل "ضعيف"2 بالتأخير نحو: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} 3، أو بالفرعية نحو:{فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} 4.

وغير قياسية: وهي في غير ذلك نحو: {رَدِفَ لَكُمْ} 5 وقد أول على التضمين6.

وقوله: والظرفية استبن بما.

نحو: "زيد بالبصرة""وفي" نحو: "زيد في المسجد" وفي هي الأصل، وبها تعتبر باء الظرفية.

وقوله: "يبينان السببا". قال في شرح التسهيل: باء السببية هي الداخلة على صالح للاستغناء به عن فاعل معداها "مجازا"7 نحو: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} 8 فلو قصد إسناد الإخراج إلى الهاء لصح وحسن، لكنه مجاز.

قال: ومنه "كتبت بالقلم" و"قطعت بالسكين"، فإنه يقال:"كتب القلم" و"قطع السكين"9، والنحويون يعبرون عن هذه الباء بباء الاستعانة، وآثرت على ذلك التعبير بالسببية من أجل الأفعال المنسوبة إلى الله تعالى.

فإن استعمال السببية فيها يجوز، واستعمال الاستعانة "فيها"10 لا يجوز.

قال: وباء التعليل هي التي يصلح غالبا في موضعها اللام كقوله تعالى: {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} 11، {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} 12 ا. هـ. وفيه اختصار.

1 أ، جـ، وفي ب "تقوية".

2 أ، ب، وفي جـ "ضعف".

3 من الآية 43 من سورة يوسف.

4 من الآية 16 من سورة البروج.

5 من الآية 72 من سورة النمل.

6 أي: ضمن ردف معنى اقترب ا. هـ. المغني 2/ 181.

7 أ، ب، وفي جـ "تجوزا".

8 من الآية 57 من سورة الأعراف.

9 ب، وفي أ، جـ "كتبت وقطعت".

10 أ، ب.

11 من الآية 54 من سورة البقرة.

12 من الآية 160 من سورة النساء.

ص: 755

وكأن التعليل والسبب عند غيره واحد؛ "فلذلك"1 لم يذكر بالتعليل وإدراجه بالاستعانة في باء السببية مما انفرد به2.

واحترز بقوله: "غالبا""من"3 قولهم: "غضبت لفلان" إذا غضبت من أجله وهو حي، وغضبت به إذا غضبت "من أجله"4 وهو ميت، ومثّل الشرح للسببية بقوله "تعالى"5:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} تبعا لشرح الكافية6.

ومثال "في" السببية: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} 7 وعبر عن هذا بالتعليل في الكافية والتسهيل8.

وقوله: "بالبا استعن" مثل بالاستعانة في شرح الكافية بقوله: "كتبت بالقلم"9 وتقدم إدراجه لذلك في السببية.

"وعَدّ" نحو: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} 10، وباء التعدية هي القائمة مقام همزة النقل في إيصال الفعل اللازم إلى المفعول به.

1 أ، ب، وفي جـ "لذلك".

2 قال السيوطي في الهمع 2/ 21: "قال أبو حيان: وكأن التعليل والسبب عندهم شيء واحد. قال: ويدل لذلك أن المعنى الذي سمي به باء السبب موجود في باء التعليل؛ لأنه يصلح أن ينصب الفعل لما دخلت عليه باء التعليل كما يصح ذلك في باء السبب، فتقول: "ظلم أنفسكم اتخاذكم العجل

وهذا هو الحق" وإليه أميل.

وقال السيوطي أيضا: "وقال أبو حيان: ما ذهب إليه ابن مالك من أن باء الاستعانة مدرجة في باء السببية قول انفرد به وأصحابنا فرقوا

فقالوا: باء السببية هي التي تدخل على سبب الفعل نحو: "مات زيد بالحب"، وباء الاستعانة هي التي تدخل على الاسم المتوسط بين الفعل ومفعوله الذي هو آلة نحو:"كتبت بالقلم"

إلخ.

3 أ، ب، وفي جـ "عين".

4 أ، جـ، وفي ب "به".

5 جـ.

6 راجع شرح الكافية، ورقة 53.

7 من الآية 68 من سورة الأنفال.

8 من الكافية قول ابن مالك:

بالباء في التعليل والظرفيه

عنوا فكن ذا فطنة مرضيه

وقال في التسهيل ص146 قال: "ومنها في.... والتعليل".

9 شرح الكافية، ورقة 53.

10 من الآية 17 من سورة البقرة.

ص: 756

قال المصنف: وقد وُجدت في المتعدي نحو: "دفعت بعض الناس ببعض"1.

"عَوِّض" باء العوض

هي الداخلة على الأثمان والأعواض نحو: "اشتريت الفرس بألف" و"كافأت الإحسان بضعف" وتسمى باء المقابلة كما "ذكر"2 في التسهيل3.

"ألصِقْ" الإلصاق هو معناها الأصلي، ولم يذكر "لها"4 سيبويه غيره5.

وقال المغاربة: الباء غير الزائدة لا تكون إلا للإلصاق حقيقة أو مجازا، فقد تتجرد لهذا المعنى، وقد "يدخلها"6 مع ذلك معنى آخر.

ومن أمثلة الإلصاق: "وصلت هذا بهذا".

"ومثل مع" نحو: {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} 7، وتسمى بالمصاحبة، وعلامتها أن "يحسن"8 في موضعها "مع" ويغني عنها، "و"9 عن مصحوبها الحال كقوله تعالى:{قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَق} 10 أي: مع الحق "و"11 محقا.

"ومِنْ""يعني إلهي"12 للتبعيض نحو: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} 13 قيل:

1 الأصل: دفع بعض الناس بعضا.

2 ب.

3 قال في التسهيل ص45: "

وللمقابلة".

4 ب، جـ.

5 قال سيبويه 209: "وإذا قلت: "مررت بزيد"، فإنما أضفت المرور إلى زيد بالباء".

6 أ، ب، وفي جـ "يلحقها".

7 من الآية 30 من سورة البقرة.

8 أ، حـ، وفي ب "يصلح".

9 أ، جـ، وفي ب "أو".

10 من الآية 170 من سورة النساء.

11 أ، ب، وفي جـ "أو".

12 أ، ب، وفي جـ "هي".

13 من الآية 6 من سورة الإنسان.

ص: 757

وهو مذهب كوفي وذكره الفارسي في التذكرة، وتبعهم القتبي1، وروى ذلك عن الأصمعي في قوله:

شربن بماء البحر2.....

...............

قال في شرح التسهيل: والأحسن أن يضمن "شربن معنى: روين"3.

"وعن" نحو: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} 4 {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} 5، "أي: عن أيمانهم"6 كذا قال الأخفش، ومثله {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} 7 وكونها بمعنى "عن" بعد السؤال منقول عن الكوفيين، وتأوله الشلوبين على أنها باء السببية، أي: فاسأل بسببه، وتأوله غيره على التضمين، أي: فاعتن أو أهتم به؛ لأن السؤال عن الشيء "اعتناء"8 به.

1 هو: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ولد بالكوفة، وأقام ببغداد وسمع من الزيادي وغيره، وصنف مؤلفات تشهد له بعلو كعبه؛ منها في النحو: جامع النحو الكبير وجامع النحو الصغير، وشهرته تغني عن التعريف به. توفي ببغداد سنة 276هـ.

2 جزء من بيت قائله أبو ذؤيب الهذلي، يصف السحاب. من الطويل، وتمامه:

.... ثم ترفعت

متى لجج خضر لهن نئيج

الشرح: "ترفعت" تصاعدت وتباعدت، "لجج" جمع: لجة بزنة غرفة وغرف، "نئيج" -بفتح النون وكسر الهمزة- الصوت العالي المرتفع. المعنى: يدعو لامرأة -ذكرها في بيت الشاهد باسم أم عمرو- بالسقيا بماء سحب موصوفة بأنها شربت من ماء البحر، وأخذت ماءها من لجج خضر، ولها في تلك الحال صوت مرتفع عالٍ.

الإعراب: "شربن" فعل ماض وفاعله، "بماء" جار ومجرور متعلق بشرب، "البحر" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، "ثم" حرف عطف، "ترفعت" فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر، "متى" حرف جر بمعنى "من"، "لجج" مجرور بمتى والجار والمجرور بدل من "بماء البحر"، "خضر" صفة للجج، "لهن" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، "نئيج" مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشاهد: في "بماء البحر"، فإن الباء فيه بمعنى مِنْ للتبعيض.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم 150، وابن عقيل 2/ 16، والأشموني 2/ 293، والسيوطي في الهمع 2/ 34، والخصائص 2/ 85.

3 ب، جـ، وفي أ "شربنا، روينا".

4 من الآية 25 من سورة الفرقان.

5 من الآية 12 من سورة الحديد.

6 أ، جـ.

7 من الآية 59 من سورة الفرقان.

8 جـ، وفي أ "اغتناء"، وفي ب "اهتمام".

ص: 758

وقوله: "على للاستعلا" هو أصل معانيها1 ولم يثبت لها كثير "من"2 البصريين غيره، وأولوا ما أوهم خلافه.

"ومعنى في" يعني: الظرفية، نحو:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} 3 "أي: في ملك"4 وأول على التضمين أي: تتقول.

"وعن" أي: تكون للمجاوزة بمعنى "عن" كقوله:

إذا رضيت عليَّ بنو قشير5

........................

أي: عني.

1 قال الأشموني 2/ 294: "ويكون حقيقة ومجازا نحو: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} ، ونحو: {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ".

2 جـ.

3 الآية 102 من سورة البقرة.

4 أ، ب.

5 صدر بيت قائله قحيف العجيلي، من كلمة يمدح فيها حكيم المسيب القشيري، من الوافر. وعجزه:

لعمر الله أعجبني رضاها

الشرح: "قشير" بزنة التصغير، وهو قشير بن كعب بن عامر بن صعصعة.

المعنى: إذا رضيت عني بنو قشير، سرني رضاها.

الإعراب: "إذا" ظرف للزمان المستقبل تضمن معنى الشرط، "رضيت" فعل ماض والتاء للتأنيث، علي" جار ومجرور متعلق برضي، "بنو" فاعل رضي، "قشير" مضاف إليه والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، "لعمر" اللام للابتداء، عمر مبتدأ خبره محذوف وجوبا، "الله" مضاف إليه، "أعجبني" فعل ماض والنون للوقاية والياء مفعول، "رضاها" فاعل والضمير مضاف إليه، وأنّثه مع أن مرجعه مذكر وهو بنو قشير لتأولهم بالقبيلة، وجملة: أعجبني رضاها جواب إذا.

الشاهد: في "رضيت علي" فإن "على" فيه بمعنى "عن"، يدلك على ذلك أن "رضي" إنما يتعدى بعن كما في قوله تعالى:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ، {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} وقد حمل الشاعر "رضي" على ضده وهو "سخط"، فعداه بالحرف الذي يتعدى به ضده وهو "عن" وليس في ذلك شيء؛ فإن العرب تحمل الشيء على ضده كما تحمله على نظيره ا. هـ. محيي الدين، على ابن عقيل 2/ 18.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص151، وابن عقيل 2/ 18، وابن هشام 2/ 138، والأشموني 2/ 295، والسيوطي ص72، والمكودي ص83، وداود، والسندوبي، والخصائص 2/ 311، 389.

ص: 759

قال في شرح التسهيل: وكذا الواقعة بعد خفي وتعذر واستحال وغضب، وأشباهها.

قيل: وهو مذهب كوفي، وقال به القتبي، وتأوله غيرهم1.

وقوله:

بعن تجاوزا عنى من قد فطن

يعني: أن الأكثر في "عن" استعمالها للمجاوزة؛ ولذلك عدي "بها"2 صدر وأعرض ونحوهما.

وقالوا: رويت عن فلان؛ لأن المروي "عنه مجاوز"3 لمن أخذ عنه.

وقوله:

وقد تجي موضع بعد

... ................

يعني: عن نحو: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} 4 أي: بعد طبق.

وعلى" أي: وقد تجيء عن موضع على نحو قوله:

لاهِ ابن عمك لا أُفضلتَ في حَسَب

عني ولا أنت ديَّاني فتخزوني5

1 بأن ضمن رضي معنى عطف.

2 ب، جـ.

3 جـ، وفي أ، ب "مجاز".

4 الآية 19 من سورة الانشقاق.

5 قائله ذو الأصبع العدواني، واسمه: حرثان بن الحارث العدواني وهو أحد بني عدوان، بطن من جديلة، من قدماء الشعراء في الجاهلية.

والبيت من قصيدة من البسيط، قالها في مزين بن جابر.

الشرح: "لاه ابن عمك" أي: لله در ابن عمك، "دياني" القيِّم بالأمر الذي يجازي فلا يضيع عنده خير ولا شر، "تخزوني" تسومني الذل وتقهرني.

المعنى: لله ابن عمك، فلقد ساواك في الحسب وشابهك في رفعة الأصل وشرف المحتد، فما من مزية لك عليه ولا فضل تفتخر به عليه، ولا أنت مالك أمره والمدبر لشئونه فتقهره وتذله.

الإعراب: "لاه" أصلها "لله" فهي جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، ثم حذف لام الجر وأبقي عمله شذوذا فصار "الله" ثم حذف أداة التعريف، "ابن" مبتدأ مؤخر، "عمك" مضاف إليه والكاف مضاف إليه، "لا" نافية، "أفضلت" فعل ماض مبني للمجهول والتاء نائب فاعل، "في حسب" جار ومجرور متعلق بأفضلت، "عني" جار ومجرور متعلق بأفضلت، "ولا" الواو عاطفة، ولا لتأكيد النفي، "أنت" ضمير منفصل مبتدأ، "دياني" خبر =

ص: 760

"أي: عليَّ"1.

وجعل المصنف منه قولهم: "بخل عنه" والأصل: عليه.

وقوله:

...........

كما على موضع عن قد جُعلا

يعني: أن كل واحدة منهما "قد"2 وضعت موضع الأخرى، وتقدم تمثيله.

وقال بعض النحويين: لو كانت لها معاني هذه الحروف، لجاز أن تقع حيث تقع هذه الحروف.

قال: فوجب تأويل ما ذكروه، مما يخالف معنى المجاوزة.

وقوله: "شَبِّهْ بكاف" هذا أشهر معاني الكاف.

"وبها التعليل قد يُعنَى" نحو: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} 3.

قال في شرح الكافية: ودلالتها على التعليل "كثيرة"4.

"وزائدا لتوكيد ورد""يعني"5: نحو: {لَيْسَ6 كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 7.

قيل: ويحتمل أن تكون "مثل" بمعنى صفة فلا تكون زائدة، و"مثل" قد يراد بها الصفة.

= المبتدأ وياء المتكلم مضاف إليه من إضافة الوصف إلى مفعوله، "فتخزوني" الفاء عاطفة، تخزوني فعل مضارع والنون للوقاية والياء مفعول والفاعل ضمير مستتر والجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: لا أنت تخزوني.

الشاهد: في "عني" فإن "عن" هنا بمعنى "على"، أي: لا أفضلت في حسب عليَّ.

مواضعه: ابن الناظم ص151، وابن عقيل 2/ 17، وابن هشام 3/ 140، والأشموني 2/ 195، والمكودي 83، وداود، والسيوطي ص72، وأيضا في الهمع والإنصاف 2/ 20.

1 أ، حـ.

2 أ.

3 من الآية 198 من سورة البقرة.

4 جـ، وفي أ، ب "كثير"، وراجع شرح الكافية ورقة 54.

5 أ، ب.

6 أ، جـ.

7 من الآية 11 من سورة الشورى، أي: ليس مثله شيء.

ص: 761

وقوله: "واستُعمل اسما"؛ استعمالها اسما مخصوص "عند سيبويه"1 بالشعر نحو:

ورحنا بكابن الماء يُجنَب وسطنا2

............................

وأجازه الأخفش في الاختيار، وإليه ذهب المصنف، وهو ظاهر كلام الفارسي3، وشذ أبو جعفر بن مضاء4 فقال: إنها اسم أبدا؛ لأنها بمعنى مثل.

وتأول بعضهم "ما ورد من دخول حرف الجر عليها"5 والإضافة والإسناد إليها على حذف الموصوف.

1 أ، ب قال سيبويه 1/ 203: ".... أن أناسا من العرب اضطروا في الشعر وجعلوها بمنزلة مثل، قال الراجز وهو حميد الأرقط:

فصيروا مثل كعصف مأكول....

2 صدر بيت من قول امرئ القيس يصف فرسا.

وعجزه:

تصوب فيه العين طورا وترتقي

الشرح: "ابن الماء" طائر يقال له: "الغرنيق"، شبه الفرس به في سرعته وسهولة مشيه، "يجنب" يقاد، "تصوب" تنحدر، "ترتقي" ترتفع.

يريد أن عين الناظر إليه تصعد فيه النظر، وتصوبه إعجابا به.

الإعراب: "ورحنا" الواو عاطفة، "رحنا" فعل وفاعل، "بكابن" الباء حرف جر "والكاف" بمعنى مثل مجرور وهي مضاف "وابن" مضاف إليه، "وابن" مضاف "والماء" مضاف إليه، "يجنب" فعل مضارع مبني للمجهول، "وسط" نائب فاعل، "ونا" مضاف إليه، "تصوب" فعل مضارع مبني للمجهول، "فيه" جار ومجرور متعلق بتصوب، "العين" نائب فاعل والجملة في محل نصب حال من ابن الماء، "طورا" نائب عن المفعول المطلق منصوب، "وترتقي" الواو عاطفة "وترتقي" فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة معطوف على تصوب.

الشاهد: في "بكابن"، أن الكاف اسم وجرت بالباء.

مواضعه: ذكره المكودي في شرحه الألفية ص83، والخزانة 4/ 262.

3 قال السيوطي في الهمع 2/ 31: "نظرا إلى كثرة السماع" ومنه: يضحكن عن كالبرد المنهم.

4 هو أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سعد بن مضاء اللخمي، أخذ عن ابن الرماك كتاب سيبويه وسمع عليه وعلى غيره من الكتب النحوية واللغوية، وولي قضاء فاس وغيره فأحسن السيرة وعدل.

صنّف المشرق في النحو وغير ذلك.

وُلد بقرطبة سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وتوفي سنة 952.

5 أ، جـ، وفي ب "ما دخل من حروف الجر عليها".

ص: 762

وقوله: "وكذا عن وعلى" أما عن فتكون اسما إذا دخل عليها حرف جر، ولا تجر إلا بمِنْ كقوله:

................

مِنْ عَنْ يمين الحُبَيَّا نظرة قَبَل1

وندر جرها بعلى في قوله:

على عن يميني مرت الطير سُنَّحا2

................................

1 عجز بيت قائله القطامي، واسمه عمير بن شييم التغلبي، والبيت من قصيدة يمدح فيها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان، وهي من البسيط.

وصدره:

فقلت للركب لما أن علا بهم

الشرح: "للركب" جمع راكب، "علا بهم" يروى: علا لهم، والمعنى علت لهم أي: جعلتهم يعلون، "الحبيا" -بضم الحاء وفتح الباء وتشديد الياء- موضع بالشام، "قبل" -بفتح القاف والباء- يقال: نظرة قبل إذا لم يتقدمها نظر.

الإعراب: "فقلت" فعل ماض والتاء فاعل، "للركب" اللام حرف جر والركب مجرور بها والجار والمجرور متعلق بقلت، والقول إذا وصل باللام يكون بمعنى الخطاب أي: خاطبت الركب، "لما" ظرف بمعنى حين، والعامل فيه قلت، "أن" مفسرة، "علا بهم" جملة من الفعل والمفعول بمعنى أعلتهم والفاعل "نظرة"، والظاهر أنّ أنْ مصدرية، "من" حرف جر، "عن" اسم بمعنى جانب؛ فلذلك دخل عليها حرف الجر، "يمين" مجرور بعن، "الحبيا" مضاف إليه، "قبل" بالرفع صفة للنظرة.

الشاهد: في "من عن يمين"، فعن اسم مجرور بمن، وتكون عن بمعنى جانب.

والمعنى: من جانب يمين الحبيا، وهذا كثير في الكلام.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص151، والمكودي ص83.

2 قال العيني: لم أقف على اسم قائله. وبحثت فلم أعثر على قائل له.

وهو من الطويل.

وعجزه:

وكيف سنوح واليمين تطيع

الشرح: "سنحا" -بضم السين وتشديد النون- جمع سانح، تقول: سنح لي الطير يسنح سنوحا، إذا مر من مياسرك إلى ميامنك، والعرب تتيمن بالسانج وتتشاءم بالبارح، وكذا قال الجوهري. وفي الهمع "قطيع" بدل تطيع.

الإعراب: "على" حرف جر، "عن" اسم بدليل دخول حرف الجر عليها، وعلى عن يميني جار ومجرور متعلق بالفعل مرت، "الطير" فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة للفعل مرت، "سنحا" حال منصوب بالفتحة الظاهرة.

الشاهد: في "على عن يميني"، فإن "عن" هنا اسم بدليل دخول على عليها، وهذا نادر والمحفوظ من دخول كلمة "على" على كلمة "عن" في هذا البيت فقط، فإن الأكثر أن يدخل عليه كلمة "من" عند كون "عن" اسما. ا. هـ العيني.

مواضعه: ذكره ابن هشام في مغني اللبيب 1/ 131، والسيوطي في الهمع 2/ 36.

ص: 763

قال بعضهم: وفي نحو:

دع عنك نهبا صِيح في حجراته1

وأما "على" فذهب قوم منهم ابن طاهر وابن خروف والشلوبين إلى أنها اسم ولا تكون حرفا، وزعموا أن ذلك مذهب سيبويه، ومشهور مذهب البصريين أنها حرف جر وتكون اسما إذا دخل عليها "من" نحو:

1 صدر بيت قائله امرؤ القيس بن حجر الكندي، من الطويل.

وعجزه:

ولكن حديثا ما حديث الرَّوَاحل

الشرح: "دع" اترك، "نهبا" أي: ما انتهب ويجمع على نهاب، "صيح" مجهول صاح، "الحجرات" -بفتح الحاء وضم الجيم- النواحي، وفي مجمع الأمثال بفتح الحاء والجيم والراء: النواحي أيضا.

المعنى: قال الأصمعي: دع الذي انتهبه باعث، وحدثني عن الرواحل التي أنت ذهبت بها.

قال: نزل امرؤ القيس على خالد بن سدوس وأغار باعث على مال امرئ القيس فقال له خالد: أعطني إبلك حتى أطلب مالك وأرده عليك، ففعل امرؤ القيس وانطوى خالد عليها ثم ذهب يتعقب باعثا فضاعت منه. وفي مجمع الأمثال للميداني 1/ 368 رقم 1403:"يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أجلّ منه".

الإعراب: "دع" جملة من الفعل والفاعل، "عنك" جار ومجرور، "نهبا" مفعوله وفيه حذف والتقدير: دع عنك ذكرك نهبا، "صيح في حجراته" صيح فعل ماض من صاح مبني للمجهول والجملة في محل نصب صفة لنهبا، والتقدير: نهبا صيح في نواحيه، "ولكن حديثا" أي: ولكن حدثنا حديثا، فانتصاب حديثا بالمقدر، "ما" اسم استفهام مبتدأ، "حديث" خبره مرفوع بالضمة الظاهرة، "الرواحل" مضاف إليه مجرور بالكسرة.

الشاهد: في قوله: "دع عنك"، فإن "عن" هنا اسم بمعنى "جانب"، وهذا متعين في ثلاثة مواضع:

أحدها: أن يدخل عليها "من" كما في قوله: "من عن يمين" أي: من جانب يمين.

والثاني: أن يدخل عليها "على" وذلك نادر، والمحفوظ منه بيت واحد وهو قوله:

على عن يميني مرت الطير سنحا

الثالث: أن يكون مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمعنى واحد، قاله الأخفش، وذلك قوله:

دع عنك نهبا....

وذلك لئلا يؤدي إلى تعدي فعل الضمير المتصل إلى ضميره المنفصل.

مواضعه: ذكره ابن هشام في مغني اللبيب 1/ 131، 2/ 121، والسيوطي في الهمع 2/ 29.

ص: 764

غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها1

.........................

قال بعضهم2: وفي نحو:

هون عليك3.....

..............

1 صدر بيت قائله مزاحم بن الحارث العقيلي، والصحيح أنه إسلامي كما قال أبو حاتم.

وهو من قصيدة وصف بها القطا، وهو من الطويل.

وعجزه:

تَصِلّ وعن قيض بزيزاء مجهل

الشرح: "غدت": صارت والضمير للقطاة، "تم" كمل، "ظمؤها" -بكسر الظاء وسكون الميم بعدها همزة- مدة صبرها عن الماء ما بين الشرب والشرب، وفي الكتاب "خمسها" بدل "ظمؤها" أي: ترد اليوم الخامس، "تصل" تصوت، "قيض" -بفتح القاف وسكون الياء- القشر الأعلى للبيض، "بزيزاء" بزايين بينهما ياء: ما ارتفع من الأرض، ويروى مكانه "ببيداء"، "مجهل" أي: قفر ليس فيها أعلام يهتدى بها.

المعنى: يذكر أن هذه القطاة ذهبت من فوق أفراخها بعد أن تم صبرها على الماء، وذهبت عن قشر بيضها الذي أفرخ، تاركة إياه ببيداء لا يهتدى فيها بعلم.

الإعراب: "غدت" فعل ماض ناقص بمعنى صار والتاء للتأنيث واسمه ضمير مستتر، "من" حرف جر، "عليه" اسم بمعنى فوق مجرور محلا بمن، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر غدت، "بعد" ظرف متعلق بغدت، "ما" مصدرية، "تم" فعل ماض، "ظمؤها" فاعل والضمير مضاف إليه، "تصل" فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر والجملة في محل نصب حال، "وعن قيض" جار ومجرور معطوف على قوله: من عليه، "بزيزاء" متعلق بمحذوف صفة لقيض، "مجهل" صفة لبزيزاء.

الشاهد: في "من عليه"، فإن "على" فيه اسم بمعنى "فوق" بدليل دخول حرف الجر عليه.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص152، وابن عقيل 2/ 21، والأشموني 2/ 296، والسندوبي 83، وداود، والأصطهناوي، والسيوطي ص72، وفي همعه 2/ 36، والشاهد رقم 828 من خزانة الأدب، وابن يعيش 7/ 28، والكتاب 2/ 31، والمقتضب للمبرد 3/ 53.

2 وهو الأخفش، قال ابن هشام في المغني 1/ 28: "وزاد الأخفش موضعا آخر، وهو أن يكون مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد، نحو قوله تعالى:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} وقول الشاعر:

هون عليك

البيت

3 جزء من بيت قائله الأعور الشني، من المتقارب.

وتمامة:

فإن الأمور

بكف الإله مقاديرها

الشرح: "هون" خفف، ويروى:"خفض"، "كف الإله" معناه عند أهل النظر: ملكه وسلطانه.

الإعراب: "هون" فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه، "فإن" الفاء للتعليل، وإن حرف توكيد ونصب، "الأمور" اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة، "بكف" جار ومجرور، "الإله" مضاف إليه، "مقاديرها" خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة وها مضاف إليه. الشاهد: في "عليك" على أن "على" تكون اسما إذا كان مجرورها وفاعل متعلقها ضميري مسمى واحد.

مواضعه: ذكره ابن هشام في المغني 1/ 128، والسيوطي في الهمع 2/ 29، وسيبويه 1/ 31.

ص: 765

وزعم الفراء ومن وافقه من الكوفيين أن "عن" و"على" إذا دخل عليهما "مِنْ""بقيا"1 على حرفيتهما.

وزعموا أن "من" تدخل على حروف الجر كلها سوى مذ واللام والباء "وفي"2.

وقوله:

...............

من أجل ذا عليهما من دخلا

أي: من أجل ثبوت اسميتهما صح دخول حرف الجر عليهما، وخص "من" بالذكر لانفرادها بذلك، وتقدم جر عن بعلى.

تنبيه:

قال في شرح التسهيل: "عن" بعد دخول من بمعنى جانب، و"على" بمعنى فوق.

قوله: "ومذ ومنذ" اعلم أن لمذ ومنذ ثلاث أحوال:

"الأولى"3: أن يليهما اسم مفرد مرفوع نحو: "ما رأيته مذ يومُ الجمعة أو منذ يومانِ" وفي ذلك ثلاثة مذاهب:

الأول: أنهما مبتدآن "والمرفوع خبر، وإليه ذهب المبرد وكثير من البصريين، والتقدير في المعرفة: أول انقطاع الرؤية يوم الجمعة، وفي النكرة: أمد انقطاع الرؤية يومان.

الثاني: أنهما ظرفان في موضع الخبر"4 والمرفوع هو المبتدأ، والتقدير: بيني وبين لقائه يومان، وإليه ذهب الأخفش وطائفة من البصريين.

1 جـ، أ، ب "باقيان".

2 جـ.

3 أ، جـ، وفي ب "الأول".

4 ب.

ص: 766

والثالث: أن المرفوع بعدهما فاعل بفعل مقدر، أي: منذ مضى يوم الجمعة "أو يومان"1، وهما ظرفان مضافان إلى الجملة، وإليه ذهب محققو أهل الكوفة، واختاره السهيلي والمصنف في التسهيل2.

"الحالة3 الثانية": أن يليهما جملة، والكثير كونها فعلية نحو:

ما زال مذ عقدت يداه إزاره4

...........................

1 أ، ب.

2 قال في التسهيل ص94: "..... ويضافان إلى جملة مصرح بجزأيها، أو محذوف فعلها".

3 أ.

4 صدر بيت قائله الفرزدق، مدح به يزيد بن المهلب.

من قصيدة طويلة، من الكامل.

وعجزه:

فسما فأدرك خمسة الأشبار

الشرح: "ما زال مذ عقدت يداه إزاره" يروى في مكانه: "ما زال مذ شد الإزار بكفه" ويكنى بهذه العبارة عن مجاوزته حد الطفولة التي لم يكن يستطيع فيها أن يقضي حوائجه بنفسه، والمراد: ما زال مذ بدأ يستغني عن الحواضن ويستطيع أن يلبس الإزار ويشده على وسطه بنفسه، والإزار: ما يلبسه الإنسان في نصفه الأسفل، "سما" علا، "أدرك خمسة الأشبار" أيفع ولحق حد الصبا. المعنى: أن الممدوح من وقت بلوغه سن التمييز، يتدرج في رفعة ومجد ومكارم أخلاق.

الإعراب: "ما" نافية، "زال" فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، "مذ" ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بزال، وقيل: في محل رفع مبتدأ، خبره لفظ زمان مضافا إلى الجملة الفعلية بعده، "عقدت" فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث، "يداه" فاعل مرفوع بالألف وضمير الغائب مضاف إليه، "إزاره" مفعول به لعقد منصوب بالفتحة الظاهرة، وضمير الغائب مضاف إليه، "فسما" الفاء حرف عطف، سما فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، "فأدرك" الفاء عاطفة، أدرك فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أيضا، "خمسة" مفعول به لأدرك منصوب بالفتحة الظاهرة، "الأشبار" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

الشاهد: في "مذ عقدت"، حيث أُضيف فيه "مذ" إلى الجملة الفعلية.

وفيه شاهد آخر في العدد "خمسة الأشبار"، حيث جرد اسم العدد من أل المعرفة، وأدخلها على المعدود حيث أراد التعريف.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص152، وابن هشام 2/ 154، والأشموني 2/ 297، وأيضا ابن هشام في المغني 2/ 22، والسيوطي في الهمع 1/ 216، وابن يعيش 2/ 121.

ص: 767

وقد تكون اسمية كقوله:

...............

... مذ أنا يافع1

وفي ذلك مذهبان2:

أحدهما: أن "مذ ومنذ" ظرفان مضافان إلى الجملة وهو المختار، وصرح به سيبويه3.

والثاني: أنهما مبتدآن ونقدر اسم زمان محذوفا يكون خبرا عنهما، والتقدير: مذ زمان عقدت ومذ زمان أنا يافع، وهو مذهب الأخفش، فلا يكونان عنده إلا مبتدأين، واختاره ابن عصفور.

"الحالة"4 الثالثة: أن يليهما اسم مجرور كقوله:

1 جزء من بيت قائله رجل من سلول، وقيل: قائله هو الكميت بن معرور الأسدي، وتمامه:

وما زلت محمولا عليَّ ضَغِينة

ومضطلع الأضغان.....

وهو من الطويل.

وورد في الأشموني، والتوضيح:

وما زلت أبغي الخير مذ أنا يافع

وليدا وكهلا حين شبت وأمردا

الشرح: "ضغينة": حقد، "مضطلع الأضغان" المضطلع بالشيء: القادر عليه المستقل به، "والأضغان": الحقد، "يافع" هو الغلام الذي راهق العشرين، ويقال: يفع وأيفع فهو يافع.

المعنى: لم أزل منذ ناهزت الحلم محسدا، مضطلعا بضغائن الأعداء.

الإعراب: "ما زلت" فعل ماض ناقص والتاء اسمه، "محمولا" خبره منصوب بالفتحة الظاهرة، "علي" جار ومجرور، "ضغينة" نائب فاعل لقوله:"محمولا"؛ لأنه اسم مفعول "ومضطلع" عطف على "محمولا" منصوب بالفتحة الظاهرة، "الأضغان" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، "مذ" ظرف، "أنا" مبتدأ، "يافع" خبره مرفوع بالضمة الظاهرة، وقد أضيف مذ إلى الجملة الاسمية.

الشاهد: في "مذ أنا يافع" حيث أضيفت "مذ" إلى الجملة الاسمية.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص152، والأشموني 2/ 297، والسندوبي، وابن هشام 2/ 154، وأيضا في المغني 2/ 22، وسيبويه 1/ 239.

2 راجع الأشموني 2/ 297.

3 راجع الكتاب 1/ 209.

4 أ، جـ.

ص: 768

....................

ورسمٍ عفت آياته منذ أزمان1

وفي ذلك مذهبان:

أحدهما: أنهما حرفا جر، وإليه ذهب الجمهور وهو الصحيح.

والآخر: أنهما ظرفان منصوبان بالفعل قبلهما.

وقد أشار في النظم إلى الأحوال الثلاث.

فإن قلت: لا تؤخذ أحكامهما من عبارته.

قلت: أما الأولى فالمفهوم من قوله: "رفعا" أنهما مبتدآن؛ لأنهما لا يرفعان ما بعدهما إلا إذا جعل خبرهما؛ لأن المبتدأ رافع الخبر على الأصح.

وأما الثانية "فتفهم"2 من ظاهر قوله: "أو أُوليا الفعل".

1 عجز بيت لامرئ القيس بن حجر الكندي، وهو من الطويل.

وصدره:

قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان

الشرح: "قفا" خطاب للاثنين ولكن المراد واحد، ومن عادتهم أن يخاطبوا الواحد بصيغة الاثنين. "عرفان" يريد عرفان الديار يعني: معرفتها.

"رسم" -بفتح فسكون- ما بقي من آثار الديار لاصقا في الأرض، "عفت" درست وانمحت معالمها، "آياته" جمع آية وهي العلامة التي يستدل بها، ويروى:"وربع عفت آثاره"، "أزمان" جمع زمن -بفتح الزاي والميم- الوقت.

المعنى: قفا نندب حظنا ونبك لفراق الأحبة وتذكرهم، وتلك الديار التي كانت معمورة بهم فأصبحت خاوية دارسة.

الإعراب: "قفا" فعل أمر وألف الاثنين فاعله، "نبك" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر وعلامة جزمه حذف الياء وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن، "من ذكرى" جار ومجرور متعلق بنبك، "حبيب" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، "وعرفان" معطوف على حبيب، "ورسم" معطوف على حبيب أيضا، "عفت" فعل ماض والتاء للتأنيث، "آياته" فاعل عفت مرفوع بالضمة الظاهرة وضمير الغائب مضاف إليه، "منذ" حرف جر مبني على الضم لا محل له من الإعراب، "أزمان" مجرور بمنذ وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بعفت.

الشاهد: في "منذ أزمان"، حيث وقع "منذ" لابتداء الغاية وجر الأزمان.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 2/ 297، وابن هشام 2/ 143، وفي المغني 2/ 21.

2 أ، جـ، وفي ب "ففهم".

ص: 769

"أنهما"1 ظرفان مضافان إلى الجملة؛ لأن من جعلهما في ذلك مبتدأين وقدّر بعدهما زمانا هو الخبر فلم يولهما الفعل إلا لفظا.

وأما الثالثة: فقد "عدهما"2 "مع"3 حروف الجر فيما تقدم.

والحاصل: أنهما قبل المرفوع مبتدآن، وقبل الفعل ظرفان، وقبل المجرور حرفان، والمختار في التسهيل4.

فإن قلت: لو قال: "أو أوليا الجملة"5 نحو: "مذ دعا"، "لأجاد"6 لتندرج "الجملة"7 الاسمية.

قلت: هو كذلك والعذر له في الاقتصار على الفعل أنه "الكثير"8.

فإن قلت: شرط "في"9 المرفوع بعدهما والمجرور بهما أن يكون اسم زمان ولم ينبه عليه.

قلت: بل نص عليه أول الباب10.

ثم أشار إلى "معناهما"11 بقوله:

وإن يجرا في مُضِيّ فكمِنْ

هما وفي الحضور معنى في استبن

يعني: أنهما لابتداء الغاية إن جرا ماضيا نحو: "ما رأيته مذ يوم الجمعة"12، وللظرفية إن جرا حاضرا نحو:"ما رأيته مذ يومنا"13.

1 ب، جـ، وفي أ "إنما هما".

2 جـ، وفي أ، ب "عدهما".

3 أ، جـ، وفي ب "من".

4 قال في التسهيل ص94: "أنهما ظرفان يضافان إلى جملة".

5 ب، جـ، وفي أ "أوليا الفعل الجملة".

6 أ، جـ.

7 أ.

8 أ، جـ وفي ب "أكثر".

9 أ.

10 عند قوله: وخصص بمذ ومنذ وقتا.

11 أ، ب، وفي جـ "معناها".

12 أي: من يوم الجمعة.

13 أي: في يومنا.

ص: 770

وزاد في التسهيل1: أنهما يكونان بمعنى "من" و"إلى" معا. هـ فيدلان على الابتداء والانتهاء، وضابط ذلك: أنهما إن دخلا على ماضٍ معرفة فهما بمعنى "من"، أو على حاضر معرفة فهما بمعنى "في"، أو على نكرة فهما بمعنى "من إلى"، ومعا "نحو" ما رأيته "مذ"2 أربعة أيام.

وقوله: وبعد من وعن وباء زيد ما.

مثال زيادتها بعد "من": "مِمَّا خطاياهم"3 وبعد عن: {عَمَّا قَلِيلٍ} 4، وبعد الباء:{فَبِمَا رَحْمَةٍ} 5.

وقوله: فلم يَعُق عن عمل قد عُلما.

يعني: أن "ما" لم تكفها6 عن الجر كما في الآيات. وذكر في التسهيل أن "ما" قد تكف الباء وتحدث فيها معنى التعليل7 كقوله:

...................

لبما قد تُرى وأنت خطيب8

1 التسهيل ص94.

2 أ، وفي ب، جـ "منذ".

3 من الآية 25 من سورة نوح. قال المغني: الأولى التمثيل بقراءة مما خطيئاتهم لظهور جرها.

4 من الآية 40 من سورة "المؤمنون".

5 من الآية 159 من سورة آل عمران.

6 أ، جـ، وفي ب "لم تكن تكفها".

7 قال في التسهيل ص147: ".... وتزداد بعدها "ما" كافة وغير كافة، وكذا بعد رب والباء وتحدث في الباء المكفوفة معنى التعليل".

8 عجز بيت في الدرر اللوامع، لصالح بن عبد القدوس، وهو من الخفيف.

وصدره:

فلئن صرتَ لا تُحير جوابا

الشرح: "لا تحير" من أحار يُحير، يقال: كلمته فلم يحر جوابا، أي يرده، "ترى" بالبناء للمفعول.

المعنى: قال في الدرر اللوامع: والبيت في رثاء ميت، يقول: إن صرت الآن لا ترد جوابا لمن يكلمك، فكثيرا ما ترى وأنت خطيب بلسان الحال. فإن من نظر إلى قبرك، وتذكر ما كنت عليه، وما أنت إليه الآن؛ اتعظ بذلك.

الإعراب: "فلئن" اللام للتأكيد وإن شرطية، "صرت" صار فعل ماض ناقص والتاء اسمه وهو فعل الشرط، "لا تحير" جملة في محل نصب خبر صار، "جوابا" مفعول لقوله: لا تحير =

ص: 771

وقال في الكافية:

وقد ترد الباء ما كربما1 ا. هـ. ونُوزِع في ذلك2.

وقوله:

وزِيدَ بعد رُبَّ والكاف فكف

وقد تليهما وجر لم يكف

يعني: أن "ما" تزاد بعد رب والكاف، كافة وغير كافة.

مثالها كافة: {رُبَمَا يَوَدُّ} 3، وقول الشاعر:

لعمرك إنني وأبا حميد

كما النشوانُ والرجل الحليم4

= وقيل: إنه منصوب على التمييز، "لبما قد ترى" جواب الشرط والباء حرف جر دخلت عليها ما الكافة عن عمل الجر، قال ابن مالك: إن ما الكافة أحدثت مع الباء معنى التعليل كما أحدثت في الكاف معنى التعليل في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} ، "ترى" مبني للمجهول، "وأنت" الواو للحال وأنت مبتدأ، "خطيب" خبره مرفوع بالضمة الظاهرة والجملة في محل نصب حال.

الشاهد: في "لبما" -وهي جواب الشرط- الباء حرف جر دخلت عليها "ما" الكافة عن الجر. ذكره ابن مالك وقال: إن "ما" الكافة أحدثت مع الباء معنى التعليل، كما أحدثت في الكاف معنى التعليل في قوله تعالى:{وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} .

مواضعه: ذكره السيوطي في همعه 2/ 38، وابن هشام في المغني 2/ 9.

1 في أ "وقد ترد الباء ما كربا"، وب، ج "وقد ترد الباء ما كربما" وهو الصواب كما في الكافية ورقة 54.

2 قال السيوطي في همعه 2/ 38: "وتفيدان مع ما تعليلا كربما. ذكره ابن مالك في التسهيل في الباء. وقال: فمعنى لبما قد ترى وأنت خطيب: ربما أرى. والسيرافي وغيره في من.

وجزم به في سبك المنظوم وأنكره أبو حيان، أي: إفادتهما التعليل حينئذ، ما ورد من ذلك مؤول".

3 من الآية 2 من سورة الحجر.

4 قائله زياد بن الأعجم، وهو من الوافر.

الإعراب: "لعمرك" اللام للقسم، عمر مبتدأ والخبر محذوف أي: لعمرك يميني أو قسمي، "إنني" إن حرف توكيد ونصب وياء المتكلم اسمه، "وأبا" عطف على اسم إن، "حميد" مضاف إليه، "كما النشوان" الكاف للتشبيه دخلت عليها ما الكافة فكفتها عن العمل؛ فلذلك رفع النشوان على أنه خبر لأن، "والرجل" عطف على النشوان، "الحليم" صفته مرفوعة بالضمة الظاهرة. الشاهد: في "كما النشوان" الكاف للتشبيه دخلت عليها "ما" الكافة فكفتها عن العمل؛ فلذلك رفع النشوان على الخبرية، ويروى:"لكالنشوان" فلا شاهد فيه.

مواضعه: ذكره المكودي في شرحه للألفية ص84، وابن هشام في المغني 1/ 152.

ص: 772

وأجاز ابن يسعون1 كون "ما" في {رُبَّمَا يَوَدُّ} نكرة موصوفة.

أي: "ربة"2 -ود يود- وأجاز غيره في البيت كون "ما" مصدرية على مذهب من أجاز وصلها "بالجملة الاسمية"3.

ومثالها غير كافة:

ربما ضربةٍ بسيف صقيل4

1 هو: يوسف بن يبقى بن يوسف بن يسعون. قال الزبير: كان أديبا نحويا لغويا فقيها فاضلا من جلة العلماء، متقدما في وقته بعلم العربية، وروى عن مالك بن عبد الله العتبي وغيره، وألف المصباح في شرح ما أعتم من شواهد الإيضاح وغيره. مات في حدود سنة أربعين وخمسمائة.

2 أ، وفي ب "رب".

3 ب، وفي أ، جـ "بالاسمية".

4 صدر بيت قائله عدي بن الرعلاء الغساني، وهو من الخفيف.

وعجزه:

بين بصرى وطعنة نجلاء

الشرح: "صقيل" أي: مجلوّ فعيل بمعنى مفعول، "بصرى" -بضم الباء وسكون الصاد- بلد بالشام وقد أضاف "بين" إلى بصرى، مع أن "بين" لا تضاف إلا إلى متعدد على أحد معنيين:

الأول: أن "بصرى" وإن كان واحدا في اللفظ، في قوة المتعدد؛ لأنها ذات أجزاء ومحلات كثيرة.

الثاني: أن هناك مضافا محذوفا، والتقدير:"بين أماكن بصرى". "طعنة نجلاء" الواسعة الظاهرة الاتساع.

المعنى: كثيرا ما استعملت سيفي، ورمحي في هذه الجهة استعمالا مشرفا.

الإعراب: "ربما" رب: حرف تكثير وجر شبيه بالزائد وما زائدة، "ضربة" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد، "بسيف" جار ومجرور متعلق بضربة، "صقيل" نعت مجرور بالكسرة الظاهرة، "بين" ظرف مكان، "بصرى" مضاف إليه، "وطعنة" معطوف على ضربة مجرور بالكسرة الظاهرة، "نجلاء" صفة لطعنة مجرورة بالكسرة الظاهرة، وقد جر بالكسرة للضرورة وحقه أن يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه اسم لا ينصرف لاتصاله بألف التأنيث الممدودة، وخبر المبتدأ المجرور لفظا برب وهو "ضربة" محذوف.

الشاهد: في "ربما ضربة"، حيث دخلت "ما" على "رب" ولم تكفها عن العمل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 2/ 299، والمكودي ص84، والسندوبي، والأصطهناوي، وابن هشام 2/ 155، وأيضا في المغني 1/ 121، والسيوطي في همعه 2/ 38.

ص: 773

وقول الآخر:

.............

كما الناسِ مجروم عليه وجارم1

بجر ضربة والناس.

فإن قلت: ما الأغلب على "ما" بعد "رب والكاف"؟ قلت: يفهم من قوله: "وقد" أن الكف هو "الأغلب"2 وصرح به في الكافية3.

وقوله:

وحُذفت رب فجرت بعد بل

والفا وبعد الواو شاع ذا العمل

"مثال ذلك"4 بعد "بل" قول رؤبة:

بل بلدٍ ملء الفجاج قتمه5

........................

1 عجز بيت قائله عمرو بن براقة النهمي، وهو من الطويل.

وصدره:

وننصر مولانا ونعلم أنه

الشرح: "ننصر" نعين ونؤازر، "مولانا" المراد منه الحليف، "مجروم عليه" واقع عليه الإثم، "جارم" ظالم متعدٍّ.

ويروى:

كما الناس مظلوم عليه وظالم

ومعنى الروايتين واحد.

المعنى: إننا نعين حليفنا، ونساعده على عدوه مع أننا نعلم أنه كسائر الناس يجني ويجنى عليه.

الإعراب: "ننصر" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة والفاعل ضمير مستتر، "مولانا" مفعول والضمير مضاف إليه، "ونعلم" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة والفاعل ضمير مستتر، "أنه" حرف توكيد ونصب والهاء اسمه، "كما" الكاف جارة، ما زائدة، "الناس" مجرور بالكاف والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر "أن" وجملة أن واسمها وخبرها سدت مسد مفعولي "نعلم"، "مجروم" خبر ثانٍ لأن وهو اسم مفعول، "عليه" واقع موقع نائب الفاعل لمجروم، "وجارم" معطوف على مجروم.

الشاهد: في "كما الناس" حيث زِيدت "ما" بعد الكاف ولم تمنعها من عمل الجر في الاسم الذي بعدها.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص153، وابن عقيل 2/ 27، وابن هشام 2/ 156، والمكودي ص84، والأشموني 2/ 299، والسندوبي، والسيوطي في همعه 2/ 38، 130، وابن هشام في المغني 1/ 152.

2 أ، ب، وفي جـ "الغالب".

3 قال في الكافية، ورقة 54:"وكفت الكاف ورب غالبا" هـ.

4 أ، جـ، وفي ب "مثاله".

5 صدر بيت قائله رؤبة بن العجاج الراجز.

وعجزه:

لا يشترى كتانه وجهرمه

الشرح: "بلد" يذكر ويؤنث والتذكير أكثر، "الفجاج" جمع فج وهو الطريق الواسع، "قتمه" -بفتح القاف والتاء- الغبار، "جهرمه" بزنة جعفر، هو البساط نفسه، وقيل: أصله "جهرمية" -بياء نسب مشددة- نسبة إلى جهرم وهو بلد بفارس، فحذف ياء النسب. =

ص: 774

وبعد الفاء قوله:

فحورٍ قد لهوت بهن عين1

.....................

وبعد الواو قوله2:

وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله

عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي3

= المعنى: يصف نفسه بالقدرة على الأسفار وتحمل المشاق والصعوبات، ويشير إلى أن ناقته قوية على قطع الطرق الوعرة والمسالك الصعبة.

الإعراب: "بل" حرف إضراب، "بلد" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد وهو رب المحذوفة بعد "بل"، "ملء" مبتدأ ثانٍ، "الفجاج" مضاف إليه، "قتمه" خبر المبتدأ الثاني والضمير مضاف إليه، ويجوز العكس والجملة في محل رفع صفة لبلد، "لا" نافية، "يشترى" فعل مضارع مبني للمجهول، "كتانه" نائب فاعل، "وجهرمه" عطف عليه والجملة في محل رفع لبلد، وخبر المبتدأ الواقع بعد بل والمجرور لفظه برب المحذوفة وقع في بيت بعده.

الشاهد: في "بل بلد"، حيث جر "بلد" برب المحذوفة بعد "بل".

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن عقيل 2/ 29، وابن الناظم ص153، والأشموني 2/ 299، وداود، والأصطهناوي، والسيوطي ص73، وأيضا في همعه 2/ 36، وابن هشام في المغني 1/ 103، والإنصاف 2/ 305.

1 صدر بيت قائله المتنخل، واسمه مالك بن عويمر، من الوافر.

وعجزه:

نواعم في المروط وفي الرباط

الشرح: "فحور" -بضم الحاء- جمع حوراء وهي الشديدة بياض العين، الشديدة سوادها، "لهوت" بالشيء ألهو لهوا، إذا لعبت به، "عين" -بكسر العين- جمع عيناء وهي الواسعة العين، "نواعم" جمع ناعمة، "المروط" جمع مرط -بكسر الميم- وهو إزار له علم، "الرياط" جمع ريطة -بكسر الراءوسكون الياء- وهي الملحفة التي ليست بملففة.

الإعراب: "فحور" أي: رب حور والجر فيه برب مضمرة، "قد" حرف تحقيق، "لهوت" فعل وفاعل، "بهن" جار ومجرور، وجملة قد لهوت بهن معترضة بين الصفة والموصوف، "عين" صفة لحور.

الشاهد: في "فحور" على إضمار "رب" بعد الفاء، أي: رب حور، والجر فيه برب المضمرة.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 299، وابن يعيش 2/ 188، والإنصاف 1/ 232، 305.

2 ب.

3 قائله امرؤ القيس من معلقته المشهورة، من الطويل. =

ص: 775

وقد تجر محذوفة دونهن كقوله:

رسم دار وقفت في طلله

كدت أقضي الحياة من جَلَله1

= الشرح: "كموج البحر" أي: في كثافة ظلمته، شبه الليل بموج البحر في شدة هوله، "سدوله" السدول: الأستار، واحدها سدل، "أنواع الهموم" ضروب الهموم، "ليبتلي" ليختبر ويمتحن.

المعنى: رب ليل شديد الهول أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع الهموم والأحزان؛ ليختبرني أأصبر أم أجزع؟ قطعته ولم أبال بشيء.

الإعراب: "وليل" الواو واو رب، ليل مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة التي اقتضتها رب المحذوفة، "كموج" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لليل، "البحر" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، "أرخى" فعل ماض مبني على فتح مقدر والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو، "سدوله" مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة وضمير الغائب مضاف إليه، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ المجرور برب المحذوفة، "علي" جار ومجرور متعلق بأرخى، "بأنواع" جار ومجرور متعلق بأرخى، "الهموم" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، "ليبتلي" اللام لام التعليل، يبتلي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الياء.

الشاهد: في "وليل"، حيث جر "ليل" برب المحذوفة بعد الواو.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص153، وابن هشام 2/ 163، والأشموني 2/ 300، وداود، والأصطهناوي، والمكودي ص73، والسيوطي ص73.

1 قائله جميل بن معمر، وهو من الخفيف.

الشرح: "الرسم" ما لصق بالأرض من آثار الديار، "الطلل" ما شخص وارتفع من آثارها كالوتد، "من جلله" قيل: معناه: من عظمه في نفسي، وقيل: معناه: من أجله.

المعنى: رب أثر باقٍ من آثار دار المحبوبة وقفت فيه، فكدت أموت أسفا وحزنا على تلك الربوع التي كانت عامرة، فأصبحت خاوية خالية من سكانها.

الإعراب: "رسم" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة، "دار" مضاف إليه، "وقفت" فعل ماض والتاء فاعل، "في" حرف جر، "طلله" مجرور بفي والضمير مضاف إليه والجار والمجرور متعلق بوقفت، والجملة من الفعل والفاعل في محل جر صفة لرسم، "كدت" فعل ماض ناقص والتاء اسمه، "أقضي" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر، "الحياة" مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة، والجملة من الفعل والفاعل ومفعوله في محل نصب خبر "كاد"، وجملة "كاد" واسمه وخبره في محل رفع خبر المبتدأ.

الشاهد: في "رسم دار" حيث جر "رسم" برب محذوفة ولم يتقدمها شيء لا واو ولا فاء ولا بل، وهو قليل جدا.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم 153، وابن عقيل 2/ 29، وابن هشام 2/ 165، والأشموني 2/ 300، وداود، والأصطهناوي، والسيوطي ص73، وفي همعه 2/ 37، وابن يعيش 3/ 38، والإنصاف 1/ 232، 304، والخصائص 1/ 285، 3/ 150.

ص: 776

وفي التسهيل: يجر برب محذوفة بعد الفاء كثيرا، وبعد الواو أكثر، وبعد بل قليلا، ومع التجرد أقل. هـ1.

ونوزع في كونه كثيرا بعد الفاء، إلا إن أراد بالنسبة إلى بل، وليس الجر بالفاء "وبل"2.

قال في التسهيل: باتفاق هـ3، وحكى ابن عصفور الاتفاق، وفي الارتشاف: وزعم بعض النحويين أن الخفض هو بالفاء "وبل"4؛ لنيابتهما مناب رب هـ5.

وأما الواو فذهب المبرد والكوفيون إلى أن الجر بها، والصحيح أنه برب المضمرة وهو مذهب البصريين.

وقوله:

وقد يُجر بسوى رُبَّ لدى

حذف وبعضه يرى مطردا

الجر بسوى "رب" محذوفا، ضربان: مطرد وغير مطرد.

فالمطرد في مواضع:

الأول: لفظ الجلالة في القسم دون عوض6.

الثاني: المعطوف على خبر ليس وما الصالح لدخول الباء نحو: "قوله"7:

1 التسهيل ص148.

2 جـ، وفي أ، ب "وبيل".

3 قال في التسهيل ص148: "وليس الجر بالفاء، وبل باتفاق".

4 جـ، وفي أ، ب "وبيل".

5 الارتشاف ص853.

6 نحو: "الله لأفعلن".

7 ب.

ص: 777

بدا لي أني لست مدرك ما مضى

ولا سابقٍ شيئا إذا كان جائيا1

الثالث: "بعد"2 ألا نحو:

ألا رجلٍ جزاه الله خيرا3

......................

يريد: ألا من رجل.

1 قائله زهير بن أبي سلمى، وهو والد كعب بن زهير، وهو من الطويل. وهو من قصيدة يذكر زهير فيها النعمان بن المنذر حيث طلبه كسرى ليقتله، ففر وأتى طيئا.

الشرح: "بدا لي" أي: نشأ له فيه الرأي.

المعنى: قد نشأ لي وظهر أنني لا أدرك ما فات، ولا أقدر أنني أسبق على ما سيجيء من الحوادث.

الإعراب: "بدا" فعل ماض، "لي" جار ومجرور، "أني" حرف توكيد ونصب والياء اسمها وهي في محل رفع فاعل بدا، "لست" ليس واسمها، "مدرك" خبر ليس منصوب بالفتحة الظاهرة، "ما مضى" جملة في محل الجر بالإضافة، ولست مع جملتها في محل رفع خبر أن، "ولا سابق" بالجر عطفا على خبر ليس على توهم إثبات الباء الزائدة في خبر ليس، "شيئا" معمول سابق، "جائيا" خبر كان واسمها ضمير وجواب إذا محذوف تقديره: إذا كان جائيا، فلا أسبقه.

الشاهد: في "ولا سابق"، فإنه مجرور بالباء المقدرة عطفا على خبر ليس على توهم إثبات الباء فيه. هكذا روي بالجر، وقد روي بالنصب أيضا عطفا على اللفظ، فحينئذ لا شاهد فيه.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 3/ 203، والأصطهناوي، وابن يعيش 2/ 52، وابن الناظم في باب إن وأخواتها ص71، والخضري 1/ 234.

2 أ، جـ، وفي ب "نحو".

3 صدر بيت لرجل من أهل البادية، وأنشده سيبويه ولم يعزه إلى قائله. من الوافر.

وعجزه:

يدل على محصلة تبيت

الشرح: "محصلة" -بكسر الصاد المشددة- قال الجوهري: المحصلة: المرأة التي تحصل تراب المعدن، "تبيت" -بفتح التاء- تكون لي بيتا، أي: امرأة، والبيت النكاح.

الشاهد: في "رجل"، فإنه مجرور بمن مقدرة، تقديره: ألا من رجل.

وأكثر الروايات: "ألا رجلا" بالنصب، أي: ألا تروني رجلا.

مواضعه: ذكره ابن الناظم في شرحه للألفية في باب "لا" النافية للجنس ص77، والشاهد رقم 163 من الخزانة، وابن يعيش 2/ 101، والكتاب 1/ 361، وابن هشام في المغني 1/ 66.

ص: 778

الرابع: بعد "كم" الاستفهامية إذا جرت بالحرف نحو: "بكم دراهم "اشتريت ثوبك"؟ 1" خلافا للزجاج في قوله: إن الجر بإضافتها2.

الخامس: في جواب ما تضمن "مثل"3 المحذوف نحو: زيد، في جواب: بمن مررت؟

السادس: في المعطوف على ما تضمنه بحرف متصل، نحو:

...................

وللطير مجرى والجَنوب مصارع4

1 أ، وفي ب، جـ "اشتريته" أي: بكم من درهم.

2 يمنع من صحة تقدير الزجاج أمران:

الأول: أن كم الاستفهامية قد تكون كناية عن عدد مركب، والعدد المركب لا يضاف إلى ما بعده في الفصيح.

الثاني: أنهم اشترطوا في الجر بعدها أن تكون مسبوقة بحرف جر، فلو كان الجر بإضافتها إلى ما بعدها لم يشترطوه.

وإنما شرطوه؛ ليكون دليلا على المحذوف الجار لما بعدها. ا. هـ. الشيخ محيي الدين على التوضيح2/ 167.

3 ب، جـ، وفي أ "مثلي".

4 عجز بيت قائله: قال العيني: قيس بن ذريح، والأصح أنه البعيث خداش بن بشر.

وصدره:

ألا يا لقومي كل ما حم واقع

وهو من الطويل.

الشرح: "كل ما حم" -بضم الحاء وتشديد الميم- معناه: كل ما قدر واقع، "الجنوب" جمع جنب، "المصارع" جمع مصرع، من صرعته صرعا بالفتح لتميم، وبالكسر لقيس.

الإعراب: "ألا" للتنبيه، "يا" حرف نداء، "لقومي" اللام للاستغاثة وهي من اللامات الزائدة للتوكيد، قومي منادى، "كل" مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، "ما حم" مضاف إليه، "واقع" خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، "وللطير" جار ومجرور خبر مقدم، "مجرى" مبتدأ مؤخر.

الشاهد: في "والجنوب مصارع"، حيث جاء "الجنوب" بالجر مع أنه خبر عن "مصارع"؛ لأنه عطف على قوله:"وللطير" والجر بحرف مقدر تقديره: وللجنوب.

ص: 779

السابع: في المعطوف على ما تضمنه بحرف منفصل بلا، نحو:

ما لمحب جلد أن يهجرا

ولا حبيبٍ رأفة فيجبُرا1

الثامن: في المعطوف على ما تضمنه بحرف منفصل بلو. ذكر أبو الحسن في المسائل2 أنه يقال: جيء بزيد أو عمرو ولو "أحدهما"3؛ لأن المعتاد أن يكون ما بعد لو أدنى4.

التاسع: في المقرون بالهمزة بعد ما تضمنه5 نحو: "مررت بزيد"، فتقول "أزيد بن عمرو؟ " حكاه الأخفش في المسائل.

العاشر: في المقرون بعد ما تضمنه "كأن"6 يقال: "جئت بدرهم" فتقول: "فهلا دينارٍ". قال الأخفش: وهذا أكثر.

1 قال العيني: لم أقف على اسم راجزه. وبحثت فلم أعثر على قائله.

الشرح: "جلد" -بفتح اللام- قوة، "يهجرا" من الهجر وهو ضد الوصل، "الرأفة" الرحمة والشفقة.

الإعراب: "ما" بمعنى ليس، "لمحب" جار ومجرور خبر ما تقدم على اسمها، "جلد" اسمها مرفوع بالضمة الظاهرة، "أن يهجرا" أي: لأن يهجر، فإن مصدرية والتقدير: ما لمحب قوة للهجران، "ولا حبيب" أي: وليس لحبيب رأفة، "رأفة" اسم لا ولحبيب خبر تقدم، "فيجبرا" -بنصب الراء- بتقدير أن بعد الفاء، أي: فأن يجبرا، والألف فيه للإشباع، والمفعول محذوف تقديره: فيجبره أي: المحب.

الشاهد: في "ولا حبيب" حيث جاء مجرورا؛ لكونه عطفا على "المحب" بحرف منفصل، وهو "لا" تقديره، ولا لحبيب رأفة.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 301، والسيوطي في همعه 2/ 37، والخضري 2/ 235.

2 كتاب لأبي الحسن الأخفش.

3 أ، وفي ب، جـ "كليهما".

4 أ، وفي ب "يقال: جيء بزيد وعمرو ولو كليهما، وقال المصنف: وأحسن من هذا أن يقال: جيء بزيد أو عمرو ولو أحدهما؛ لأن المعتاد.....".

5 أي: ما تضمن مثل المحذوف.

6 جـ، وفي أ، ب "كأنه".

ص: 780

الحادي عشر: في المقرون بإن بعد ما تضمنه، نحو:"امرر بأيهم هو أفضل إن زيدٍ وإن عمرٍو".

وأجازه يونس، وجعل سيبويه إضمار الباء بعد إِنْ؛ لتضمن ما قبلها إياها أسهل من إضمار رب بعد الواو، فعلم بذلك اطراده1.

الثاني عشر: في المقرون بفاء الجزاء بعد ما تضمنه، حكى يونس:"مررت برجل صالح إن لا صالحٍ فطالحٍ" على تقدير: إن لا أمرر بصالح فقد مررت بطالح2.

"فجميع"3 هذه المواضع مطرد يقاس "عليه"4 عند المصنف.

والذي "قرره"5 المغاربة، أنه لا يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله إلا في "باب"6 القسم، وفي باب كم على خلاف.

وأما غير المطرد "فسمع"7 منه أبيات. منها قول الشاعر:

إذا قيل أي الناس شر قبيلة

أشارت كليب بالأكف الأصابع8

قال في التسهيل9: ولا خلاف في شذوذ بقاء الجر في نحو:

أشارت كليبٍ بالأكف الأصابع

1 قال سيبويه 1/ 133: "..... وكان هذا عندهم أقوى إذا أضمرت رب ونحوها في قولهم: وبلدة ليس بها أنيس، ومن ثم قال يونس: امرر على أيهم أفضل، إن زيد وإن عمرو.

يعني: إن مررت بزيد أو بعمرو

".

2 راجع الأشموني 2/ 300، 301، 302.

3 أ، وفي ب، ج "جميع".

4 أ، جـ، وفي ب "عليها".

5 أ، جـ، وفي ب "قدرة".

6 ب.

7 أ، جـ، وفي جـ "فمسموع".

8 مضى شرحه، والشاهد حذف حرف الجر وبقاء عمله.

التقدير: أشارت إلى كليب.

9 راجع التسهيل ص149.

ص: 781