الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العطف:
العطف إما ذو بيان أو نسق.........
يعني: أو ذو نسق.
والعطف كما ذكر قسمان: عطف بيان وعطف نسق.
والنسق لغة: النظم، وقد يستعمل بمعنى المنسوق.
عطف البيان:
وقوله:
.... والغرض الآن بيان ما سبق
يعني: عطف البيان.
وقوله:
فذو البيان تابع شبه الصفه
…
حقيقة القصد به منكشفه
"تابع": جنس يشمل الخمسة. وقوله: "شبه الصفه" أي: في التوضيح والتخصيص مخرج لعطف النسق والبدل والتوكيد.
وقوله: "حقيقة القصد به منكشفه" يعني: أن إيضاحه للمتبوع إنما هو بشرح وتبيين لحقيقة المقصود، لا بدلالة على معنى في المتبوع أو في سببه، وبذلك فارق النعت.
وقوله:
فأولينه من وفاق الأول
…
ما من وفاق الأول النعت وَلِي
لما كان عطف البيان بمنزلة النعت، وجب أن يوافق متبوعه في أربعة من عشرة كالنعت الخالص، فيوافقه في الرفع أو النصب أو الجر، والتعريف أو التنكير، والإفراد أو التثنية أو الجمع، والتذكير أو التأنيث.
ولما كان في ورود عطف البيان نكرة تابعا لنكرة خلاف، نص عليه بقوله:
فقد يكونان مُنَكَّرين
…
كما يكونان مُعَرَّفين
ذهب الكوفيون والفارسي وابن جني والزمخشري وابن عصفور إلى جواز تنكيرهما، وإليه ذهب المصنف.
وقال الشارح: أجازه أكثرهم، قال: وليس قول من منع بشيء؛ لأن النكرة تقبل التخصيص بالجامد كما تقبل المعرفة التوضيح به، كقولك:"لبستُ ثوبًا جُبَّةً".
ونظيره من كتاب الله تعالى: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} 1.
وقال ابن عصفور: ذهب أكثر النحويين إلى امتناعه، وزعم الشلوبين أن مذهب البصريين التزام وتعريف التابع والمتبوع في عطف البيان.
قال المصنف: ولم أجد هذا النقل من غير جهته، ونقل عن بعضهم تخصيصه بالعلم، اسما أو كنية أو لقبا.
تنبيهان:
الأول: فهم من كلامه أن تخالفهما في التعريف والتنكير ممتنع، وأجازه الزمخشري فجعل قوله تعالى:{مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} عطف بيان على {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} 2 قيل: وهو مخالف لإجماع الفريقين، فلا يلتفت إليه.
الثاني: اشترط الجرجاني والزمخشري زيادة تخصيص عطف البيان على متبوعه، قال في شرح الكافية: وليس بصحيح؛ لأن عطف البيان في الجامد بمنزلة النعت.
قال: وقد جعل سيبويه "ذا الجُمَّة" من "يا هذا ذا الجمة"3 عطف بيان، مع أن تخصيص هذا زائد على تخصيصه.
1 من الآية 35 من سورة النور، وزيتونة عطف بيان لشجرة.
2 من الآية 97 من سورة آل عمران.
3 الجمة -بضم الجيم- الشعر الواصل إلى المنكب.
وقال في شرح التسهيل: زعم أكثر المتأخرين أن متبوع عطف البيان لا يفوقه في الاختصاص بل يساويه، أو يكون أعم منه.
والصحيح جواز الأوجه الثلاثة، قال: وهو مذهب سيبويه.
قلت: فتحصلت ثلاثة مذاهب.
وقوله:
وصالحا لبَدَلية يُرَى
…
.................
يعني: أن كل ما حكم "عليه"1 بأنه عطف بيان، فجائز جعله بدلا، إلا في موضعين أشار إلى أحدهما بقوله:
في غير نحو: غلامُ يَعْمُرا
ويعني به ما كان مفردا معرفة معربا ومتبوعه منادى، فإنه ينصب بعد منصوب نحو:"يا أخانا زيدا" وينصب ويرفع بعد مضموم نحو: "يا غلام زيدا أو زيد"، ومثله:"يا غلام يعمرا"2.
فهذا ونحوه عطف بيان لا بدل، إذ لو جعل بدلا تعين بناؤه على الضم؛ لأن البدل في نية تكرار العامل، فيلزم تقدير حرف النداء معه بخلاف عطف البيان. ثم أشار إلى الآخر بقوله:
ونحو بشر تابع البكريّ
ويعني به ما كان تابعا لمجرور بإضافة صفة مقرونة بال "وإليه"3، وهو غير صالح لإضافتها إليه كقول الشاعر4:
1 أ.
2 يعمرا -بضم الميم وفتحها- عَلَم منقول من المضارع، منصوب عطف بيان على محل غلام.
3 أ، جـ.
4 قائله: هو المرار الأسدي -من قصيدة يفتخر فيها بأن جده قَتَل بشر بن عمرو- زوج الخرنق أخت طرفة بن العبد، وهو من الوافر. =
أنا ابن التارك البكريِّ بشرٍ
…
عليه الطير ترقبه وقوعا
فبشر عطف بيان، ولا يجوز أن يكون بدلا لما يلزم من تقدير إضافة التارك إليه؛ لأن البدل في نية تكرار العامل، وهو غير صالح لذلك، إذ لا يضاف ما فيه أل إلى عارٍ منها.
ونُقِل عن المبرد أنه لا يجوز في بشر إلا النصب، ولا يجيز جره لا على البدل، ولا على عطف البيان.
وأجاز الفراء في "بشر" أن يكون بدلا؛ لأن مذهبه جواز إضافة ما فيه أل إلى جميع المعارف.
وإلى تضعيف مذهبه، أشار بقوله:
وليس أن يُبدِل بالمرضي
وقد نقل جواز البدل في "بشر" عن الفارسي أيضا.
= اللغة: "التارك" اسم فاعل من ترك، "البكري" المنسوب إلى بكر بن وائل، "ترقبه" تنتظره.
المعنى: يصف نفسه بالشجاعة وأنه ابن الذي ترك البكري بشرا مجندلا في العراء، مثخنا بالجراح في حالة يرثى لها، تنتظر الطير خروج روحه لتهبط عليه وتنهش من جسده، فهو شجاع من نسل شجاع.
الإعراب: "أنا" مبتدأ، "ابن" خبر، "التارك" مضاف إليه، "البكري" مضاف إلى التارك من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله، "بشر" عطف بيان على البكري، "عليه" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، "الطير" مبتدأ مؤخر والجملة في محل نصب إما مفعول ثانٍ للتارك، وإما حال من البكري، "ترقبه" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه والهاء مفعول، والجملة في محل نصب حال من الطير، "وقوعا" حال من الضمير المستتر في ترقبه.
الشاهد فيه: "التارك البكري بشر" فإن "بشر" يتعين فيه أن يكون عطف بيان على "البكري"، ولا يجوز أن يكون بدلا.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 14/ 2، وابن هشام 161/ 2، وابن عقيل 165/ 2، والسيوطي ص96، والمكودي ص199، وابن الناظم، وفي كتاب سيبويه 93/ 1. وذكره السيوطي في الهمع 122/ 3، وابن يعيش 73/ 3، والشاهد رقم 299 في الخزانة.
تنبيه:
استدرك على المصنف أمور ينفرد بها عطف البيان، لم يتعرض لها:
الأول: أن يفتقر الكلام إلى رابط، ولا رابط إلا التابع نحو:"هند ضربت الرجل أخاها".
الثاني: أن يضاف أفعل التفضيل إلى عام ويتبع بقسيميه نحو: "زيد أفضل الناس الرجال والنساء أو النساء والرجال".
الثالث: أن يتبع الموصوف "به"1 أيضا بمضاف نحو: "يا أيها الرجل غلام زيد".
الرابع: أن يتبع مجرور أي بمفضل نحو: "بأي الرجلين زيد وعمرو مررت".
الخامس: أن يتبع مجرور كلا بمفضل نحو: "كلا الرجلين زيد وعمرو قال ذلك".
ومسائل أخر في باب النداء، وهي مفهومة من تعليل "يا غلام يعمرا"، فلا حاجة لذكرها.
1 أ، جـ.