المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التمييز: قال: اسم بمعنى "مِنْ" مبين نكرة … ......................... "اسم" جنس، و"بمعنى من" - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌ ‌التمييز: قال: اسم بمعنى "مِنْ" مبين نكرة … ......................... "اسم" جنس، و"بمعنى من"

‌التمييز:

قال:

اسم بمعنى "مِنْ" مبين نكرة

.........................

"اسم" جنس، و"بمعنى من" يخرج ما سوى التمييز، والمشبه بالمفعول نحو:"الحسن الوجه"، واسم "لا" التبرئة نحو:"لا رجل"، ونحو:"ذنبا"، من:

أستغفر الله ذنبا1....

..........................

فكل ذلك "مشارك"2 التمييز في أنه على معنى "من".

"ومبين" يخرج اسم "لا" والمنصوب "باستغفرت"، و"نكرة" يخرج المشبه.

1 هذا جزء من بيت من البسيط. قال العيني: أقول: هذا من أبيات الكتاب ولم ينسب فيه إلى أحد. وبحثت فلم أعثر على قائله.

وتمامه:

...... لست محصيه

رب العباد إليه الوجه والعمل

الشرح: "أستغفر" أطلب المغفرة، فالسين والتاء للطلب، "ذنبا" الذنب: الجريمة والإثم، "لست محصيه" الإحصاء: منتهى العدد، واشتقاقه من الحصا، وأصله: أنهم كانوا يضعون المعدود على الحصا، "الوجه" القصد والتوجه، ويروى:"إليه القصد والقبل".

المعنى: أطلب المغفرة من الله لذنوبي الكثيرة، فإنه المقصود في كل شيء.

الإعراب: "أستغفر" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا، "الله" منصوب على التعظيم، "ذنبا" مفعول ثانٍ لأستغفر منصوب بالفتحة الظاهرة، "لست" فعل ماض ناقص وتاء المتكلم اسمه، "محصيه" محصي خبر ليس وضمير الغائب مضاف إليه، "رب" بدل من لفظ الجلالة، "العباد" مضاف إليه، "إليه" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، "الوجه" مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، "والعمل" معطوف عليه.

الشاهد: في "ذنبا" لا يصلح كونه تمييزا، وإن كانت على معنى "من" فإنه ليس تمييزا؛ لكونه غير مبين لإبهام اسم مجمل الحقيقة قد ذكر قبله، ولا هو مبين لنسبة في جملة مذكورة من قبله. وقال جماعة من النحاة: إن قوله: "ذنبا" منصوب على نزع الخافض الذي هو "من"، إذا ضمن أستغفر معنى: أستَتِيب.

وقيل: إنه مفعول به ثانٍ لأستغفر.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص143، وابن هشام 2/ 108، والأشموني 1/ 262، وسيبويه في كتابه جـ1 ص17.

2 أ، جـ، وفي ب "يشارك".

ص: 726

وذهب الكوفيون وابن الطراوة إلى جواز تعريف التمييز1، وما أوهم ذلك مؤول عند البصريين.

ثم ذكر حكمه فقال:

............

يُنصَب تمييزا بما قد فسره

وفهم من قوله: "بما قد فسره" أن عامل التمييز هو المميز، وهو ما قبله من المبهمات المفتقرة إليه، وأقول: التمييز نوعان:

الأول: تمييز مفرد، وهو: ما رفع إبهام اسم قبله مجمل الحقيقة، نحو:"رطل "سمنا"2 و"عشرين درهما"".

ولا خلاف أن العامل في هذا النوع "هو"3 مميزه كما ذكر.

والثاني: تمييز الجملة، وهو ما رفع إبهام نسبة في جملة أو "شبهها"4.

وعامل هذا النوع عند سيبويه5 والمازني والمبرد ومن وافقهم هو الفعل، وما جرى مجراه من مصدر ووصف واسم فعل، نحو:"طاب زيدٌ نفسًا" و"عجبتُ من طيب زيد نفسًا" و"زيد طيبٌ نفسًا" و"سرعان ذا إهالةً"6. وذهب قوم إلى أن

1 متمسكين بقول رشيد اليشكري:

رأيتك لما أن عرفت وجوهنا

صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

وهو مؤول عند البصريين على زيادة "أل" كما زِيدت في: باعد أم العمرو عن أسيرها ا. هـ. تصريح الشيخ خالد 1/ 394، فالبصريون يشترطون تنكير التمييز، والكوفيون جوزوا التعريف.

2 أ، ب، وفي ب "زيتا".

3 أ.

4 أ، ب، وفي جـ "بدلها".

5 وقد ارتضيت مذهب سيبويه ومن وافقه؛ فقد ورد في أشعار العرب ما يثبت أن العامل هو الفعل.

قال الشاعر:

أنفسًا تطيب بنيل المنى

وداعي المَنُون ينادي جهارا

أتهجر ليلى بالفِرَاق حبيبها

وما كان نفسًا بالفراق تطيب

وقوله:

ضيعت حزمي في إبعادي الأملا

وما ارعويت وشيبًا رأسي اشتعلا

فالعامل هنا الفعل: تطيب، تطيب، اشتعل.

قال الأشموني جـ1 ص266: ".... مجيء عامل التمييز الذي هو فعل متصرف.......".

6 "سرعان" بتثليث السين والبناء على الفتح: اسم فعل ماض، أي: سرع، وذا فاعل، وإهالة تمييز محول عن الفاعل، أي: إخافة وإفزاعا، ويجوز جعله بمعنى اسم الفاعل حالا. =

ص: 727

العامل فيه هو الجملة التي انتصب عن تمامها، لا الفعل وما جرى مجراه، واختاره ابن عصفور، ونسبه إلى المحققين.

فإن قلت: ظاهر قوله: "بما فسره" يقتضي موافقة من جعل العامل في هذا النوع هو الجملة؛ لأن التمييز لم يفسر "الفعل"1 ولا جرى مجراه.

قلت: لا يصح حمل كلامه على ذلك؛ لنصه في غير هذا الموضع على أن عامله الفعل، وقد صرح بذلك آخر الباب2.

فإن قلت: فكيف يندرج الفعل في قوله: "بما فَسَّره"؟

قلت: لما كان التمييز قد رفع إبهام نسبة إلى فاعله أو مفعوله، فكأنه رفع الإبهام عنه، "فاندرج"3 بهذا الاعتبار4.

ثم "مَثَّل"5 تمييز المفرد فقال:

كشبرٍ أرضًا وقفيز بُرًّا

ومَنَوَيْنِ عسلًا وتمرا

المفرد الذي يفسره التمييز، إما مقدار وهو المسموع، نحو:

"شبرٌ أرضًا"، والمكيل نحو:"قفيزٌ بُرًّا".

والموزون نحو: "منوين عسلًا"6.

= قال في مجمع الأمثال للميداني جـ1 ص336 رقم 1798: "سرعان بمعنى سرع، نقلت فتحة العين إلى النون فبني عليها.... وسرعان ثلاث لغات: فتح الفاء وضمها وكسرها.... وأصل المثل أن رجلا كانت له نعجة عجفاء وكان رغامها يسيل من منخريها لهزالها، فقيل له: ما هذا الذي يسيل؟ فقال: ودكها، فقال السائل: سرعان ذا إهالة، نصب إهالة على الحال، وذا إشارة إلى الرغام، أي: سرع هذا الرغام حال كونه إهالة، ويجوز أن يحمل على التمييز على تقدير نقل الفعل مثل قولهم: تصبَّب زيدٌ عرقًا" ا. هـ.

1 أ، ب، وفي جـ "العامل".

2 وهو قول ابن مالك:

وعامل التمييز قدم مطلقا

والفعل ذو التصريف نزرا اسبقا

3 أ، جـ، وفي ب "فيندرج".

4 راجع الأشموني 1/ 262.

5 ب، جـ، وفي أ "فسر".

6 القفيز من المكيل: ثمانية مكاكيك، والمكوك: مكيال يسع صاعا ونصف صاع، أو نصف رطل إلى ثماني أواقٍ كما في القاموس. ومن الأرض 144 ذراعا وليس مرادا هنا.

"المنا كعصا: رطلان، وتثنيته منوان، وجمعه أمناء".

ص: 728

والموزون نحو: "خمسة عشر رطلا" وجعله بعضهم من المقادير.

أو مفهم "غيرية"1 نحو: لنا غيرُها إبلًا.

أو مثلية نحو: لنا أمثالها شاء.

أو تعجب نحو: "الله دره فارسًا"2.

وإنما اقتصر في "هذا"3 البيت على التمثيل بالمقدار؛ لكثرة انتصاب التمييز عنه.

ثم قال:

وبعد ذي وشبهها اجرُرْه إذا

أضفتها كمد حنطة غِذَا

"الإشارة بذي إلى المثل السابقة ونحوها؛ كل ما دل على مساحة أو كيل أو وزن، فيجوز في ذلك "جره"4 بإضافة المميز إليه، فتقول: "شبر أرض وقفيز بر ومنوا عسل"، وقد مثل بقوله: كمد حنطة غذا"5.

ثم قال:

والنصب بعد ما أُضيف وجبا

إن كان مثل "ملء" الأرض ذهبا

يعني: أن جواز جر التمييز بالإضافة مشروط بخلو التمييز من إضافته إلى غير التمييز.

فإن أضيف إلى غيره6 وجب النصب نحو: {مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} 7.

1 ب، جـ، وفي أ "غيره".

2 "فارسا" تمييز لبيان جنس المتعجب منه في النسبة. والدر في الأصل مصدر: در اللبن، إذا كثر. والمراد به في المثال: اللبن الذي أرضعته من ثدي أمه وأضيف إلى الله تشريفا، أو هو كناية عن فعل الممدوح.

والمعنى: ما أعجب هذا اللبن الذي نشأ وتغذى مثل هذا المولود الكامل في الفروسية، أو ما أعجب فعله.

3 ب.

4 أ، ب، وفي جـ "تمييزه".

5 أ، جـ.

6 أي: إلى غير التمييز ولو تقديرا.

7 من الآية 91 من سورة آل عمران.

ص: 729

فإن قلت: ما فائدة الشروط في قوله: "إن كان"؟

قلت: التنبيه على أن تمييز المضاف له حالتان:

إحداهما: ألا يصح إغناؤه عن المضاف إليه، فهذا يجب نصبه كالمثال المذكور، إذ لو قيل فيه:"ملء ذهب" لم يستقم المعنى.

والأخرى: ألا يصح إغناؤه عنه، فيجوز جره بالإضافة؛ لأن حذف "المضاف إليه"1 غير ممتنع نحو:"زيد أشجعُ الناسِ رجلًا"2 فلك في هذا أن تقول: "هو أشجعُ رجلٍ".

فإن قلت: كيف جعل النصب بعد المضاف المذكور واجبا، وقد ذكر "بعده3 جواز جره "بمن"؟

قلت: يعني "بشرط"4 خلوه من "مِنْ" وذلك مفهوم من قوله: "إن كان مثل ملء الأرض ذهبًا" أي: "إن"5 كان كالمثال المذكور في امتناع إغنائه عن المضاف إليه وفي تجرده من "مِنْ".

فإن قلت: لم يذكر هنا حكم تمييز العدد.

قلت: لأن له بابا يذكر فيه.

ثم انتقل إلى بيان موضعين من تمييز الجملة فقال:

والفاعل المعنى انصبن بأفعلا

مُفضِّلا كأنت أعلى منزلا

النكرة الواقعة بعد أفعل التفضيل نوعان:

أحدهما: فاعل في المعنى وهو السببي، وعلامته أن يصلح للفاعلية عند

1 ب، وفي أ "غير المصنف"، وفي جـ "لمضاف".

2 لتعذر إضافة "أفعل مرتين" ونصب "رجل" مع تخلف شرط النصب؛ لأن رجلا لا يصلح أن يكون فاعلا في المعنى.

3 أ، وفي ب، ج "بعد".

4 ب، ج، وفي أ "بشروط".

5 ب، جـ.

ص: 730

جعل أفعل "التفضيل"1 فعلا، نحو:"أنت أعلى منزلًا"، فإنه يصلح لذلك فتقول:"علا منزلك" فهذا النوع ينصب على التمييز.

والآخر: أن يكون فاعلا في المعنى، وهو ما أفعل التفضيل بعضه، وعلامته أن "يحسن"2 وضع بعض موضع "أفعل"3 ويضاف إلى جمع قائم مقام النكرة نحو:"أنت أفضلُ فقيهٍ"، فإنه يحسن فيه ذلك فتقول:"أنت بعضُ الفقهاء".

فهذا النوع يجب جره بالإضافة، إلا أن يكون أفعل التفضيل مضافا إلى غيره، فينصب نحو:"أنت أكرمُ الناس رجلًا".

ثم قال:

وبعد كل ما اقتضى تعجبا

ميز "كأكرِمْ بأبي بكر أبا

يعني: أنه يجوز انتصاب التمييز بعد كل ما دل على تعجب نحو: "أكرم بأبي بكر أبا""وما أكرمه أبا"، وغير ذلك من الصيغ الدالة على التعجب نحو:"لله دره فارسا".

قال في شرح الكافية: والمراد بأبي بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عن أبي بكر صاحبه5.

ولما كان كل منصوب على التمييز فيه معنى "من" وبعضه يصلح لمباشرتها وبعضه لا يصلح، بين ذلك بقوله:

واجرُرْ بمِنْ إن شئت غير ذي العدد

والفاعل المعنى كطب نفسًا تفد

أي: يجوز في كل تمييز أن يجر "بمن" إلا تمييز العدد، وما كان فاعلا في المعنى، فإنهما لا يجران "بمن" فلا يجوز "عندي عشرون من درهم"، ولا "طاب زيد من نفس"، ويجوز فيما سواهما نحو:"عندي قفيز من بُرٍّ".

فإن قلت: هذا الضابط غير مستقيم من أوجه:

1 ب.

2 أ، جـ، وفي ب "يصلح".

3 أ، جـ، وفي ب "التفضيل".

4 أ، جـ.

5 راجع شرح الكافية، ورقة 51.

ص: 731

الأول: أن تمييز العدد لا يمتنع جره "بمن" مطلقا، "لكن"1 يشترط أن يجمع نحو:"عندي عشرون من الدراهم".

الثاني: أنه أطلق فيما هو فاعل في المعنى، وهو مقيد.

قال الشارح2: لا يجوز جره "بمن" إلا في تعجب أو شبهه.

قولهم: "لله دره من فارس".

وقال الشاعر:

...................

فنِعْمَ المرءُ من رجل تَهَامي3

1 أ، جـ، وفي ب "بل".

2 الشارح في شرحه للألفية ص145.

3 عجز بيت من الوافر. قال العيني: قائله أبو بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي، وشعوب أم الأسود هذا. وقال ابن دريد: قائله بجير بن عبد الله.

وصدره:

تخيره فلم يعدل سواه

الشرح: "تخيره" اختاره واصطفاه، "لم يعدل" يمل، "تهام" نسبة إلى تهامة، وهو بفتح التاء وتطلق على مكة، وعلى أرض معروفة في بلاد العرب، وكان من حقه أن يقول:"تهامي" -بكسر التاء وتشديد ياء النسب- قياسا على أمثاله كما تقول: عراقيّ، وحجازيّ، ولكنهم خصوا هذه الكلمة عند النسب إليها بحذف إحدى ياءي النسب وفتحوا أوله عوضا عن هذه الياء المحذوفة.

وقبل هذا البيت:

فدعني أصطبح يا بكر إني

رأيت الموت نَقَّب عن هشام

المعنى: أن الموت اختار هشاما فلم يحد عنه إلى غيره، وهو نعم الرجل من تهامة.

الإعراب: "تخيره" فعل ماض وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو وضمير الغائب مفعول به، "فلم" الفاء عاطفة، لم نافية جازمة، "يعدل" فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، "سواه" مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على الألف وضمير الغائب مضاف إليه، "فنعم" الفاء العاطفة، نعم فعل ماض لإنشاء المدح، "المراء" فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، "من" حرف جر زائد، "رجل" تمييز لفاعل نعم منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، "تهام" نعت لرجل.

الشاهد: في "رجل" فإنه تمييز وهو فاعل في المعنى، لكنه لما كان غير محول عن الفاعل جاز فيه جره "بمن".

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص145، وابن هشام 2/ 113، والأشموني 1/ 265.

ص: 732

الثالث: أن إجازته جر غير هذين النوعين "بمن"1 ليس على إطلاقه، بل يستثنى من ذلك ما كان "منقولا"2 من الفعل نحو:{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} "فلا يجوز جره بمن"4.

قلت:

أما الأول فلا يرد؛ لأن تمييز العدد متى جمع لم يبق تمييزا اصطلاحيا، فإن شرطه الإفراد.

وأما الثاني فهو على إطلاقه، ولا نسلم صحة استثناء الشارح5؛ لأن التمييز في نحو:"لله دره فارسًا" و"نعم المرء من رجل تهامي" تمييز مفرد لا تمييز جملة، "والمنقول عن الفاعل لا يكون إلا تمييز جملة"6.

ويلزم الشارح جواز الجر بمن في نحو: "زيد أحسن "به"7 وجهًا"؛ لأنه في تعجب، وقد نص غير المصنف على منعه.

وأما الثالث فالظاهر وروده، ولا يقال: لعل المصنف ممن لا يثبت المنقول "عن"8 المفعول كالشلوبين، فإن المصنف أثبته في شرح التسهيل9.

1 أ، جـ.

2 أ، ب، وفي جـ "مفعولا".

3 من الآية 12 من سورة القمر. نسبة فجرنا إلى الأرض مبهمة، وعيونا مبين لذلك الإبهام، والأصل: فجرنا عيون الأرض.

4 أ، جـ.

5 قال الشارح ص145:

"يجوز في كل ما ينصب على التمييز أن يجر بمِنْ ظاهرة إلا تمييز العدد والفاعل في المعنى، أما تمييز العدد نحو: "أحد عشر رجلا" فلا يجوز جره بمن في شيء منه.

وأما الفاعل في المعنى نحو: "طاب زيد نفسا" و"هو حسن وجها" فلا يجوز جره بمن إلا في تعجب أو شبهه، تقول:"لله دره من فارس"".

6 أ، جـ.

7 ب.

8 أ، جـ، وفي ب "من".

9 الذي أثبت المنقول من المفعول ابن عصفور وابن مالك. قال السيوطي في الهمع، جـ1 ص251: "وتارة من المفعول نحو: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} ، والأصل: وفجرنا عيون الأرض، هذا مذهب المتأخرين، وبه قال ابن عصفور وابن مالك.

وقال الآمدي: هذا القسم لم يذكره النحويون، وإنما الثابت كونه منقولا من الفاعل أو المفعول الذي لم يسم فاعله.

وقال الشلوبين: عيونا في الآية نصب على الحال المقدرة لا التمييز، ولم يثبت كون التمييز منقولا من المفعول، فينبغي ألا يقال به....".

ص: 733

فإن قلت: ما معنى "من" الداخلة على التمييز؟

قلت: هي للتبعيض1.

وقال الشلوبين: يجوز أن تكون بعد المقادير وما أشبهها زائدة عند سيبويه، كما زيدت:"ما جاءني من رجل"، قال:"إلا أن المشهور من مذهب النحويين -ما عدا الأخفش- أنها لا تزاد إلا في غير الواجب"2.

قال في الارتشاف3: ويدل على صحة ذلك -يعني الزيادة- أنه عطف على موضعها نصبا4، قال الحطيئة:

طافت أمامة بالرُّكبان آونة

يا حسنه مِن قَوَامٍ ومنتقبا5

قال:

وعامل التمييز قدم مطلقا

والفعل ذو التصريف نَزْرا سُبِقا

1 وصححه ابن عصفور.

2 أ، ب، وفي جـ "الموجب".

3 ارتشاف الضرب لأبي حيان ص789.

4 راجع الأشموني 1/ 265.

5 قائله الحطيئة واسمه جرول. قال الجوهري: جرول لقب الحطيئة العبسي الشاعر. وهي أول قصيدة بائية من البسيط.

الشرح: "طافت" من طيف الخيال وهو مجيئه في النوم، "أمامة" -بضم الهمزة وتخفيف الميم- اسم امرأة، "الركبان" جمع راكب، والركب: أصحاب الإبل في السفر دون الدواب، وهم العشرة فما فوقها، "آونة" بالمد أي: مرة وتارة، قال الجوهري: الأوان: الحين، والآونة جمعه مثل زمان وأزمنة، "قوام" بكسر القاف من قوام الرجل وهو قامته وحسن طوله، "المنتقب" -بفتح القاف- موضع النقاب.

المعنى: يا حسن قوامها ويا حسن منتقبها، يريد: ما أحسن ذلك منها.

الإعراب: "طافت" فعل ماض والتاء للتأنيث، "أمامة" فاعل طاف مرفوع بالضمة الظاهرة، "بالركبان" جار ومجرور متعلق بطاف، "آونة" ظرف زمان منصوب بطاف وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، "يا" حرف نداء، "حسنه" منادى منصوب بالفتحة الظاهرة وهو مضاف وضمير الغائب مضاف إليه، "من" حرف جر زائد، "قوام" تمييز منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، "ومنتقبا" الواو عاطفة ومنتقبا معطوف على قوام. =

ص: 734

عامل التمييز إن لم يكن فعلا متصرفا، لم يجز التمييز عليه، قال المصنف بإجماع.

وأما قوله:

ونارنا لم يُرَ نارًا مثلُها1

......................

فضرورة، وتأوله بعضهم على أن الرؤية علمية، ونارا مفعول ثانٍ. وإن كان فعلا متصرفا، فذهب سيبويه والفراء وأكثر البصريين والكوفيين إلى منع تقديمه عليه، وذكروا لمنع تقديمه عللا2.

1 هذا صدر بيت. قال العيني: هذا رجز لم يعلم قائله. وبحثت فلم أعثر له على قائل. وعجزه:

قد علمت ذاك مَعَدّ كلها

الشرح: "معد" -بفتح الميم- وهو أبو العرب -معد بن عدنان- وكان سيبويه يقول: الميم من نفس الكلمة؛ لقولهم: تمعدد لقلة تمفعل في الكلام وقد خُولف فيه.

الإعراب: "نارنا" نار مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة وضمير المتكلم مضاف إليه، "لم" حرف نفي وجزم وقلب، "ير" فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف الألف، "نارا" تمييز لمثلها، "مثلها" نائب فاعل ير، وضمير الغائبة مضاف إليه، "قد" حرف تحقيق، "علمت" فعل ماض والتاء للتأنيث، "ذاك" اسم إشارة مفعول به لعلم والكاف حرف خطاب، "معد" فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، "كلها" توكيد لمعد وضمير الغائبة مضاف إليه.

الشاهد: في "نارا" فإنه تمييز تقدم على عامله الاسم الجامد وهو مثلها؛ لأنه تمييز مفرد، وهو خاص بالضرورة، وقد يقال: إن هذا لا دليل فيه على جواز تقديم التمييز على عامله إذا كان اسما جامدا؛ وذلك لجواز أن تكون الرؤية من رؤية القلب، فيكون حينئذ "مثلها" مفعولا أول ناب عن الفاعل، ونارا مفعولا ثانيا. ا. هـ. العيني.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص146، وداود، والأشموني 1/ 266.

2 قال سيبويه والجمهور: إن التمييز لا يجوز تقديمه على عامله مطلقا؛ لأنه كالنعت في الإيضاح، والنعت لا يتقدم على عامله فكذلك ما أشبهه. وأيضا فالغالب في التمييز المنصوب بفعل متصرف أن يكون فاعلا في الأصل، فلا يغير عما كان يستحقه من وجوب التأخير. ا. هـ. تصريح الشيخ خالد 1/ 400 بتصرف.

ص: 735

وذهب الكسائي والجرمي والمبرد إلى جواز "ذلك"1، ووافقهم المصنف لورود السماع به2 كقوله:

أنفسًا تطيب بنيل المنى

وداعي المنون ينادي جهارا3؟

وأبيات أخر4.

فإن قلت: ظاهر قوله: "نزرا سبقا" أنه قليل، فلا يقاس عليه.

1 أ، جـ.

2 والقياس أيضا. "وأما القياس فإن التمييز -وهو منصوب- كالمفعول به وسائر الفضلات، وكلهن يجوز تقديمهن على العامل إذا كان فعلا متصرفا" ا. هـ. تصريح الشيخ خالد 1/ 400 بتصرف.

3 هذا البيت لم يتعرض العيني لقائله، وقيل: نسبوا هذا الشاهد لرجل من طيئ، ولم يسموه. وبحثت فلم أعثر على قائله، وهو من المتقارب.

الشرح: "تطيب" أي: تطمئن، "نيل المنى" إدراك المأمول، ونيل مصدر:"نال الشيء يناله نيلا ومنالا" إذا حصل عليه، "والمنى" بضم الميم -جمع منية- والمنية -بضم فسكون- اسم لما يتمناه الإنسان ويرغب فيه، "المنون" الموت. قال الفراء: المنون: مؤنث وتكون واحدة وجمعا.

المعنى: كيف تستلذّ نفس الظفر بما تتمناه، والموت يطلبها أكيدا؟

الإعراب: "أنفسا" الهمزة حرف استفهام توبيخي، نفسا تمييز تقدم على العامل وهو قوله: تطيب، "تطيب" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت، "بنيل" الباء حرف جر، نيل مجرور بالباء والجار والمجرور متعلق بقوله: تطيب، "المنى" مضاف إليه، "وداعي" الواو للحال، داعي مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء، "المنون" مضاف إليه، "ينادي" فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، "جهارا" مفعول مطلق عامله ينادي وأصله صفة لمصدر محذوف والتقدير: ينادي نداء جهارا.

الشاهد: في "نفسًا"، فإنه نصب على التمييز وقد قدم على عامله وهو "تطيب"؛ لأنه فعل متصرف، وهذا نادر عند سيبويه والجمهور وموضع قياس عند الكسائي ومن تبعه.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: السندوبي، وداود، والمكودي ص80، والأشموني 1/ 266، والسيوطي ص70، وابن هشام 2/ 115، وأيضا ذكره في مغني اللبيب 2/ 190.

4 منها قول المجنون، وقيل: أعشى همدان، وقيل: المخبل السعدي:

أتهجر ليلى بالفراق حبيبها

وما كان نفسًا بالفراق تطيب

وقول الآخر:

ضيعت حزمي في إبعادي الأملا

وما ارعويت وشيبًا رأسي اشتعلا

ص: 736

قلت: "لا يلزم من قلته ألا يقاس عليه"1، بل هو عنده مَقِيس وفاقا لمن ذكروا.

ورُدَّ عليه "أن"2 ما ذكره من أن التمييز قد يسبق الفعل المتصرف، ليس على إطلاقه؛ إذ لنا فعل متصرف ولا يسبقه التمييز بإجماع، وهو "كفى" في نحو:"كفى "بزيد"3 ناصرًا""فلا يجوز تقديم "ناصرا" على "كفى" وإن كان فعلا متصرفا؛ لأنه بمعنى فعل غير متصرف، وهو فعل التعجب، فمعنى قولك: "كفى بزيد ناصرًا" ما أنصره رجلًا4"5، وهو عند المصنف منتصب عن تمام الجملة.

1 أ، جـ.

2 أ، جـ، وفي ب "بان".

3 أ، ب، وفي جـ "بربك".

4 ب.

5 والحق مع سيبويه، فهذا وغيره: أن تقديم التمييز مخل بالغرض السابق من التأخير بخلاف غيره من الفضلات، والبيت وغيره ضرورة. ا. هـ. صبان عن الدماميني 2/ 154 بتصرف.

ص: 737