الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البدل:
هو اصطلاح البصريين، وأما الكوفيون فقال الأخفش: يسمونه بالترجمة والتبيين. وقال ابن كيسان: يسمونه بالتكرير.
وقوله:
التابع المقصود بالحكم بلا
…
واسطة هو المسمَّى بدلا
"التابع": جنس، و"المقصود بالحكم": يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان؛ لأنهن مكملات للمقصود بالحكم، و"بلا واسطة" مخرج "لعطف"1 النسق.
وتخصيص الشارح المعطوف ببل وبلكن كما في شرح الكافية، يقتضي حمل المقصود على المستقل بالقصد، وإلا فلا وجه للتخصيص.
ولما عرّفه، أخذ في ذكر أقسامه فقال:
مطابقا أو بعضا أو ما يشتمل
…
عليه يُلفَى أو كمعطوف ببل
هذه أربعة:
الأول: المطابق، كقوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ} 2.
وهو المسمى بدل كل من كل3.
قال في شرح الكافية: وذكر المطابقة أولى؛ لأنها عبارة صالحة لكل بدل يساوي المبدل منه في المعنى، بخلاف العبارة الأخرى. فإنها لا تصدق إلا على ذي أجزاء، وذلك غير مشروط للإجماع على صحة البدلية في أسماء الله تعالى، كقراءة غير نافع وابن عامر:{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} 4.
1 أ، جـ.
2 من الآيتين 6، 7 من سورة الفاتحة.
3 وإنما سماه الناظم البدل المطابق؛ لوقوعه في اسم الله تعالى.
4 من الآية 1، 2 من سورة إبراهيم.
الثاني: بدل بعض من كل، نحو:"قبضت المال نصفه" والبعض عند البصريين يقع على أكثر الشيء وعلى نصفه وعلى أقله.
وعن الكسائي وهشام: أن بعض الشيء لا يقع إلا على ما دون نصفه؛ ولذلك منع أن يقال: "بعض الرجلين لك1" أي: أحدهما.
الثالث: بدل اشتمال، وهو ما صح الاستغناء عنه بالأول، وليس مطابقا له ولا بعضا.
وقيل: هو ما لابس الأول بغير الكلية والجزئية.
وقيل: إما دالّ على معنى في متبوعه نحو: "أعجبني زيدٌ حسنُهُ".
أو مستلزم معنى فيه نحو: "أعجبني زيدٌ ثوبُهُ".
والأول هو الكثير.
الرابع: بدل مباين مطلقا، بحيث لا يشعر به ذكر المبدل منه بوجه؛ ولهذا شبهه بالمعطوف ببل، وهو قسمان سيأتي ذكرهما.
تنبيهات:
الأول: لا بد في "بدل"2 الاشتمال من مراعاة أمرين:
أحدهما: إمكان فهم معناه عند الحذف، ومن ثَمَّ جعل نحو:"أعجبني زيد أخوه" بدل إضراب لا بدل اشتمال، إذ لا يصح الاستغناء عنه بالأول، والآخر: حسن الكلام على تقدير حذفه، ومن ثم امتنع نحو:"أسرجت زيدا فرسه"؛ لأنه وإن فهم معناه في الحذف، فلا يستعمل مثله ولا يحسن.
فلو ورد مثل هذا في الكلام، لكان بدل غلط.
الثاني: اشتراط أكثر النحويين في بدل "البعض"3 وبدل الاشتمال ضميرا عائدا على المبدل منه.
1 ب، جـ.
2 أ، جـ.
3 أ، ب، وفي جـ "الغلط".
قال المصنف: والصحيح عدم اشتراطه، لكن وجوده أكثر من عدمه، ذكر من الشواهد على الاستغناء عن الضمير في بدل البعض قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} 1.
وفي بدل الاشتمال، قوله تعالى:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ} 2.
قلت: وتُؤُولت الآيتان على حذف الضمير، أي: منهم وفيه.
وظاهر التسهيل أنه لا بد من ضمير أو ما يقوم مقامه3، ومثّل "للقائم"4 مقامه بـ {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ} ، فالألف واللام تقوم مقام الضمير.
وذهب الفراء وتبعه ابن الطراوة إلى أن "النار" بدل كل من كل، عبر بالأخدود عن النار لما كان مشتملا عليها كقولهم:"عفيف الإزار".
وقال ابن هشام: الأولى أن يكون على حذف مضاف، أي: أخدود النار. وقال ابن خروف: هو بدل إضراب.
الثالث: اختُلف في المشتمِل في بدل الاشتمال، فقيل: هو الأول، وقيل: الثاني، وقيل: العامل.
فإن قلت: فما المفهوم من كلامه؟
قلت: قوله: "أو ما يشتمل عليه" يحتمل القول الأول والثالث.
وإلى الأول ذهب في التسهيل5.
1 "من استطاع" بدل من "الناس"، وهو من الآية 97 من سورة آل عمران.
2 "النار" بدل من "الأخدود"، والأخدود: الشق في الأرض، وأصحابه هم: أنطيانوس ملك الروم، وبختنصر ملك الفرس، ويوسف ذو نواس ملك نجران، حفر كل منهم شقا عظيما وملأه نارا، وأمر بأن يلقى فيه كل من لم يكفر، وأل في الأخدود للجنس؛ لأنها أخاديد لا أخدود واحد. وهو من الآية 4، 5 من سورة البروج.
3 التسهيل ص172.
4 ب، وفي أ، جـ "القائم".
5 التسهيل ص173.
الرابع: رد السهيلي بدل البعض، وبدل الاشتمال إلى بدل الكل، فقال: العرب تتكلم بالعام وتريد به الخاص، وتحذف المضاف وتنويه.
فإذا قلتَ: "أكلت الرغيف ثلثه"، إنما تريد: أكلت بعض الرغيف، "ثم"1 بينتَ ذلك البعض.
وبدل المصدر من الاسم إنما هو في الحقيقة من صلة مضافة إلى ذلك الاسم.
الخامس: زاد بعضهم في الإبدال بدل كل من بعض، كقول امرئ القيس2:
كأني غَدَاةَ البَيْنِ يومَ تحمّلوا
…
........................
ونفاه الجمهور، وتأولوا البيت3.
1 ب، جـ.
2 صدر بيت من الطويل، وتمامه:
لدى سَمُرات الحي ناقف حنظل
اللغة: "غداة البين" الفراق، "لدى" بمعنى عند، "السمرات" -جمع سمرة- وهي شجرة الطلع، "ناقف" -بالنون وبعد الألف قاف ثم فاء- وناقف الحنظل: الذي يستخرج الهبيد -بفتح الهاء وكسر الباء وبعدها ياء وفي آخره دال- وهو حب الحنظل، ويروى:"ترحلوا".
المعنى: إني أبكي كناقف الحنظل؛ لأن ناقف الحنظل تدمع عيناه لحرارته.
الإعراب: "كأني" كأن حرف تشبيه والضمير المتصل به اسمه، "غداة" منصوب على الظرفية، "البين" مضاف إليه، "يوم" منصوب على الظرفية، "تحملوا" فعل ماض وفاعله، "لدى" ظرف، "سمرات" مضاف إليه، "الحي" مضاف إليه، "ناقف" خبر كأن مرفوع بالضمة الظاهرة، "حنظل" مضاف إليه.
الشاهد فيه: "يوم تحملوا" فإنه بدل كل من بعض من قوله: "غداة البين".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 437/ 2، وذكره السيوطي في الهمع 127/ 2.
3 من وجوه التأويل التي تأولوا بها البيت أن "اليوم" ليس اسما للوقت الممتد من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولكنه اسم للوقت مطلقا طال أو قصر، نظير قولهم:"إنما ادخرتك لهذا اليوم" يريدون لهذا الوقت، وعلى هذا يكون إبدال "يوم" من "غداة البين" من نوع بدل الكل من الكل.
وقوله:
وذا للاضراب اعْزُ إن قصدا صحب
…
ودون قصد غَلَط به سُلِب
الإشارة إلى القسم الرابع، أعنى: المباين، فذكر أنه نوعان:
أحدهما: يسمى بدل الإضراب، وبدل البداء أيضا، وهو ما يذكر متبوعه بقصد كقولك:"أعط السائل رغيفا درهما"، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:"إن الرجل ليصلي الصلاة، وما كتب له نصفُها ثُلثها" إلى "عشرها".
ولم يثبت بعضهم بدل البداء.
والآخر: يسمى بدل الغلط، وهو ما لا يقصد متبوعه بل يجري على لسان المتكلم من غير قصد.
وهذا النوع، قال المبرد وغيره: لا يوجد في كلام "العرب"1 لا نثرها ولا نظمها، وإنما يقع في لفظ "الغلاط"2.
وزعم قوم، منهم ابن السيد أنه وجد في شعر العرب، كقول ذي الرمة3:
1 ب، جـ.
2 ب، جـ، وفي أ "الغالط".
3 صدر بيت من البسيط، وتمامه:
وفي اللَّثَات وفي أنيابها شَنَب
اللغة: "لمياء" فعلاء -من اللمى- وهي سمرة في باطن الشفة. يقال: امرأة لمياء وظل ألمى: كثيف أسود، "حوة" -بضم الحاء وتشديد الواو- أيضا حمرة في الشفتين تضرب إلى السواد، "لعس" -بفتح اللام والعين- أيضا سمرة في باطن الشفة. يقال: امرأة لعساء، "اللثات" -بكسر اللام وتخفيف الثاء- جمع لثة، وهي معروفة، "شنب" -بفتح الشين والنون- برد وعذوبة في الأسنان. يقال: هو تحديد الأسنان ودقتها. =
لمياء في شفتيها حُوَّةٌ لَعَسٌ
…
......................
قال: "لعس" بدل غلط؛ لأن الحوة السواد، واللعس سواد يشوبه حمرة، وذكر بيتين آخرين، ولا حجة له فيما ذكره؛ لإمكان تأويله1.
فإن قلت: ما معنى قوله: "به سلب"؟
قلت: يعني: أن بدل الغلط سلب الحكم عن الأول وأثبته للثاني.
فإن قلت: كيف قال: "ودون قصد" ولا بد من قصد البدل في النوعين، أعني: بدل الإضراب وبدل الغلط؟
قلت: إنما يعني نفي القصد في بدل الغلط "بقصد الأول لا الثاني"2.
تنبيه:
زاد ابن عصفور بدل النسيان نحو: "مررت برجل امرأة" إذا توهمت أن الممرور به رجل، ثم تذكرت أنه امرأة.
وقد أدرجه الشارح في بدل الغلط، وإدراجه في بدل الإضراب أقرب. ولما ذكر أقسام البدل مثّلها في قوله:
= الإعراب: "لمياء" خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالضمة، أي: هي لمياء، "في شفتيها" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، "حوة" مبتدأ مؤخر، "لعس" بدل غلط من "حوة"، "في اللثات" جار ومجرور خبر مقدم، "وفي أنيابها" عطف عليه، "شنب" مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
الشاهد فيه: "لعس" فإنه بدل غلط من "حوة"؛ لأن الحوة السواد، واللعس سواد تشوبه حمرة.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 438/ 2، وذكره السيوطي في الهمع 126/ 2.
1 كأن يقال: "لعس" مصدر وصفت به الحوة، أي: حوة لعساء. هذا، وقد قيل: كل من الحوة واللعس حمرة تُضرَب إلى سواد، وعليه فلعس بدل كل من كل، فلا شاهد فيه. هـ صبان 98/ 3.
2 أ، جـ أي: نفي قصد الأول، وفي ب "يقصد الثاني لا الأول".
كَزُرْهُ خالدا وقبِّلْه اليدا
…
واعرفه حقه وخذ نَبْلا مُدَى
فزره خالدا بدل كل، وقبله اليدا بدل بعض، واعرفه حقه بدل اشتمال، وخذ نبلا مدى بدل إضراب إن قدر قصد الأول، وبدل غلط إن قدر عدم قصده.
فإن قلت: قد فهم من كون البدل تابعا، أنه يوافق متبوعه في الإعراب، فما حاله في التعريف والتذكير والإفراد وأضدادها؟
قلت: أما التعريف والتنكير فلا يلزم موافقته لمتبوعه فيهما، بل تبدل المعرفة من المعرفة نحو:{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} 1، في قراءة من جر.
والنكرة من النكرة نحو: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا، حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} 2.
والمعرفة من النكرة نحو: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ} 3.
والنكرة من المعرفة نحو: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} 4.
واشترط الكوفيون في إبدال النكرة من النكرة أن تكون موصوفة، واشترطوا في إبدال النكرة من المعرفة شرطين: اتحاد اللفظ، وكونها موصوفة، كذلك نقل المصنف.
ونقل غيره اشتراط الأول من الشرطين عن نحاة بغداد لا عن نحاة الكوفة، وكلام أهل الكوفة يدل على عدم اشتراطه، ووافقهم على اشتراط "الثاني طائفة من
1 فالله بدل من "العزيز"، وهو من الآية 1، 2 من سورة إبراهيم.
2 "حدائق" بدل من "مفازا"، وهو من الآية 31، 32 من سورة النبأ.
3 فالصراط الثاني معرفة بالإضافة، وقد أبدل من الأول وهو نكرة، وهو من الآية 52، 53 من سورة الشورى.
4 فناصية الثانية نكرة، وقد أبدلت من الأولى وهي معرفة، وهي من الآية 15، 16 من سورة العلق.
المتأخرين، وحكي عن الكوفيين أيضا اشتراط"1 اتحاد اللفظ في بدل المعرفة من النكرة.
والصحيح أنه لا يشترط "شيء"2 من ذلك؛ لورود السماع به.
قال في الارتشاف: وقد سمع إبدال النكرة من المعرفة، وليست من لفظ الأول ولا موصوفة، وهو مذهب البصريين.
وأما التذكير والإفراد وأضدادهما، فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها ما لم يمنع مانع من التثنية والجمع، ككون أحدهما مصدرا نحو:{مَفَازًا، حَدَائِقَ} أو قصد التفصيل نحو3:
وكنتُ كذي رِجْلينِ رِجْلٍ صحيحةٍ
…
ورجلٍ رمى فيها الزمان فشلت
وإن كان غيره من أنواع البدل لم يلزم موافقته فيما ذكر.
قوله:
ومن ضمير الحاضر الظاهر لا
…
تُبدله إلا ما إحاطة جلا
1 أ، جـ.
2 أ، جـ.
3 قائله: كثير عزة، وهو من الطويل.
المعنى: وصف كلفه بمن يحب وحرصه على الإقامة عندها، فتمنى أن تشل إحدى رجليه وهو عندها حتى لا يرحل عنها.
الإعراب: "وكنت" الواو عاطفة وكان فعل ماض ناقص والتاء اسمه، "كذي" جار ومجرور خبر كان، "رجلين" مضاف إليه، "رجل" -بالجر- بدل من رجلين، "صحيحة" صفتها، "ورجل" -بالجر- عطف على رجل الأولى، ويجوز نصب "رجل" في الموضعين على إضمار أعني، ويجوز رفعهما على حذف المبتدأ، أي: إحداهما رجل، "رمى" فعل ماض، "فيها" متعلق برمى، "الزمان" فاعل رمى، ومفعول رمى محذوف، تقديره: رمى فيها الزمان داء، "فشلت" عطف على رمى.
الشاهد فيه: "رجل صحيحة"، فإن "رجل" نكرة أبدلها من "رجلين" وهو أيضا نكرة.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 238/ 2، وذكره ابن يعيش 68/ 3، وسيبويه 215/ 1، وابن هشام في المغني 94/ 2، والشاهد رقم 373 في الخزانة.
أو اقتضى بعضا أو اشتمالا
…
كأنك ابتهاجَكَ استمالا
اعلم أنه يجوز إبدال الظاهر من "الظاهر"1، وإبدال الظاهر من المضمر على تفصيل، وهو أن الضمير إن كان لغائب أبدل منه الظاهر مطلقا نحو:"ضربته زيدا".
وإن كان لحاضر، أبدل منه بدل البعض نحو2:
أوعدني بالسجن والأداهم
…
رجلي فرجلي شثنة المناسم
في أحد الأوجه.
1 ب، جـ، وفي أ "المضمر".
2 قائله: هو العديل -بزنة التصغير- بن الفرخ -بزنة القتل- وكان قد هجا الحجاج بن يوسف الثقفي، وهرب إلى الروم واستنجد بالقيصر فحماه، ثم أرسل الحجاج إلى قيصر يتهدده إن لم يرسله، فلما مثل بين يديه عنفه، وهو من الرجز.
اللغة: "أوعدني" تهددني، "الأداهم" -جمع أدهم- وهو القيد، "شثنة" غليظة خشنة، "المناسم" -جمع منسم- بزنة مجلس، وأصله طرف خف البعير، فاستعمله في الإنسان، وإنما حسن ذلك لأنه يريد أن يصف نفسه بالجلادة والصبر على احتمال المكروه.
الإعراب: "أوعدني" فعل ماض وفاعله مستتر فيه والنون للوقاية والياء مفعول به، "بالسجن" جار ومجرور متعلق بأوعد، "والأداهم" معطوف على السجن، "رجلي" بدل بعض من ياء المتكلم في أوعدني والياء مضاف إليه، "فرجلي" مبتدأ، "شثنة" خبره، "المناسم" مضاف إليه.
الشاهد فيه: "أوعدني
…
رجلي" حيث أبدل الاسم الظاهر وهو "رجلي" بدل بعض من كل من ضمير الحاضر، وهو ياء المتكلم الواقعة مفعولا لأوعد.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 439/ 2، وابن عقيل 187/ 2، والمكودي ص124، وابن الناظم. وذكره ابن يعيش في شرح المفصل 70/ 3، والسيوطي في الهمع 127/ 2، وابن هشام في الشذور ص457، والشاهد رقم 368 في الخزانة.
وبدل الاشتمال نحو1:
..................
…
وما أَلْفيتني حِلْمي مُضَاعا
ومثله قوله: "ابتهاجك استمالا"2.
وأما بدل الكل، فإما أن يفيد معنى الإحاطة كالتوكيد، أو لا.
فإن أفاد معنى الإحاطة جاز نحو: "جئتم صغيركم وكبيركم"، ومنه {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} 3.
1 قائله: هو عدي بن زيد العبادي شاعر جاهلي، وهو من الوافر.
صدره ذريني إن أمركِ لن يطاعا
اللغة: "ذريني" دعيني -يخاطب امرأة- أمر من يذر بمعنى يدع، "ألفيتني" وجدتني.
المعنى: يخاطب عاذلته على إتلاف ماله فيقول: ذريني من عذلك، فإني لا أطيع أمرك، فالحلم وصحة التمييز والعقل يأمرنني بإتلافه في اكتساب الحمد ولا أَضيع.
الإعراب: "ذريني" فعل أمر مبني على حذف النون وياء المخاطبة فاعله والنون للوقاية والياء مفعول به، "إن" حرف توكيد ونصب، "أمرك" اسم إن والكاف مضاف إليه، "لن" نافية ناصية، "يطاعا" فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه والألف للإطلاق، والجملة في محل رفع خبر إن، وجملة إن واسمها وخبرها لا محل لها مستأنفة للتعليل، "وما" الواو عاطفة وما نافية، "ألفيتني" فعل ماض وتاء المخاطبة فاعله والنون للوقاية والياء مفعوله الأول، "حلمي" بدل اشتمال من ياء المتكلم في ألفيتني، والياء مضاف إليه، "مضاعا" مفعول ثانٍ لألفي.
الشاهد فيه: "ألفيتني حلمي" حيث أبدل الاسم الظاهر وهو "حلمي" بدل اشتمال من ضمير الحاضر، وهو ياء المتكلم في "ألفيتني".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 39/ 2، وابن عقيل 186/ 2، والمكودي ص124، وذكره سيبويه 78/ 1، وابن يعيش 65/ 3، والسيوطي في الهمع 127/ 2، والشاهد رقم 369 في الخزانة، وابن هشام في الشذور ص457.
2 أي: فرحك استمالا -السين والتاء زائدتان أو للصيرورة- أي: أملت القلوب إليك أو صيرتها مائلة إليك، وابتهاجك بدل من الضمير في أنك، واستمالا خبر أن.
3 أي: لجميعنا؛ لأن عادة العرب التعبير بالطرفين وإرادة الجمع. فأولنا وآخرنا بدل كل من الضمير "نا" المجرور باللام، وهو من الآية 114 من سورة المائدة.
وإلا فمذاهب1.
أحدها: المنع، وهو قول جمهور البصريين2.
والثاني: الجواز، وهو قول الأخفش والكوفيين، وسمع الكسائي إلى أبي عبد الله وقال3:
بكُمْ قريشٍ كُفينا كل معضِلة
…
........................
والثالث: أنه يجوز في الاستثناء نحو: "ما ضربتكم إلا زيدا" وهو قول قطرب4.
1 وإلا، أي: فإن لم يكن فيه معنى الإحاطة.
2 لعدم الفائدة، إذ ضمير الحاضر في غاية الوضوح.
3 قائله: لم أقف على قائله، وهو من البسيط.
وتمامه:
وأمّ نهج الهدى من كان ضِلِّيلا
اللغة: "كفينا" أي: وقينا، "معضلة" -بكسر الضاد- اسم فاعل من أعضل الأمر؛ إذا اشتد وصعب المخرج منه، "أم" قصد، "نهج الهدى" طريقه، "ضليلا" -بكسر الضاد وتشديد اللام مكسورة- الشديد الضلال.
الإعراب: "بكم" جار ومجرور متعلق بكفينا، "قريش" بدل من كاف المخاطبين المجرورة محلا بالباء، "كفينا" فعل ماض مبني للمجهول وضمير المتكلم عن نفسه وغيره نائب فاعل، وهو المفعول الأول، "كل" مفعول ثانٍ لكفي، "معضلة" مضاف إليه، "وأم" الواو عاطفة وأم فعل ماض، "نهج" مفعول به لأم، "الهدى" مضاف إليه، "من" اسم موصول فاعل أم مبني على السكون في محل رفع، "كان" فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر فيه يعود إلى "من"، "ضليلا" خبر كان، وجملة كان واسمه وخبره لا محل لها صلة الموصول.
الشاهد فيه: "بكم قريش" حيث أبدل الاسم الظاهر وهو "قريش" من ضمير الحاضر وهو ضمير المخاطبين المجرور محلا بالباء -بدل كل من كل- من غير أن يبدل البدل على الإحاطة.
مواضعه: ذكره ابن هشام في شذور الذهب ص458.
4 وفيه نظر: بأن زيدا ليس بدل كل من ضمير المخاطبين بل بدل بعض، ويظهر لي أنه لا يوجد مثال يكون فيه المستثنى بدل كل من المستثنى منه، هـ صبان 99/ 3.
وأما إبدال المضمر من المضمر فنحو: "رأيتك إياك"، وتقدم الخلاف فيه في باب التوكيد.
وأما إبدال المضمر من الظاهر فنحو: "رأيت زيدا إياه".
قال في التسهيل: ولا يُبدل مضمر من مضمر ولا من ظاهر، وما أوهم ذلك جُعل توكيدا إن لم يُفِد إضرابا1.
وقال في شرحه: والصحيح عندي أن نحو: "رأيت زيدا إياه" لم يستعمل في كلام العرب نثره ونظمه، ولو استعمل لكان توكيدا.
وأشار بقوله: ما لم يفد إضرابا إلى نحو: إياك وإياي قصد زيد، تريد: إياي فإنه بدل....
قوله:
وبَدَل المُضمن الهمز يلي
…
همزا كمن ذا أسعيد أم علي
يعني: أن المبدل من اسم الاستفهام لا بد من اقترانه بالهمزة، وقد مثّله.
تنبيه:
نظير هذه المسألة بدل اسم الشرط، فإنه يقرن بإن نحو:"متى تقم إن ليلا، وإن نهارا قمت".
قوله:
ويُبدَل الفعل من الفعل كمن
…
يصل إلينا يَستعِنْ بنا يُعَن
يجوز إبدال الفعل من الفعل بدل كل، قال في البسيط: باتفاق، ومنه2:
1 التسهيل ص172.
2 قائله: عبيد الله بن الحر الجعفي، وهو من الطويل.
وتمامه:
تَجِدْ حطبا جَزْلا ونارا تأججا
اللغة: "تلمم" يقال: ألمّ الرجل بالقوم إلماما: أتاهم، "حطبا جزلا" أي: غليظا.
المعنى: أنهم يوقدون الحطب الجزل لتقوى نارهم، فينظر إليها الضيوف على بعد ويقصدوها.
الإعراب: "متى" ظرف زمان للشرط العامل فيه تأتنا، "تأتنا" تأت مجزوم بحذف حرف العلة وهو فعل الشرط ونا مفعول والفاعل ضمير مستتر، "تلمم" فعل مضارع بدل من تأتنا =
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا
…
.........................
وبدل الاشتمال نحو: {يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ} 1، و"من يصل إلينا يستعن بنا يُعَن" وحكى في البسيط فيه خلافا.
ولا يبدل بدل بعض، وأما بدل الغلط فقال في البسيط: جوّزه سيبويه وجماعة من النحويين، والقياس يقتضيه2.
تنبيهان:
الأول: ذكر كثير من النحويين أن الجملة قد تبدل من الجملة، ومثله الشارح بقوله3:
= وفاعله ضمير مستتر، "بنا" متعلق بالفعل، "في ديارنا" جار ومجرور ونا مضاف إليه، "تجد" جواب الشرط مجزوما والفاعل ضمير، "حطبا" مفعول، "جزلا" صفة، "ونارا" معطوف على حطب، "تأججا" فعل ماض وفاعله ضمير النار والألف للإطلاق.
الشاهد فيه: "تأتنا تلمم" فالفعل "تلمم" بدل من الفعل "تأتنا".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: المكودي ص124، والسيوطي ص101، والهمع 128/ 2، وسيبويه 446/ 1، والأشموني 440/ 2.
1 من الآية 68، 69 من سورة الفرقان.
2 ومثّله الشاطبي بنحو: "إن تطعم زيدا تكسه أكرمك".
3 قائله: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
وتمامه:
وإلا فكن في السر والجهر مسلما
الإعراب: "أقول" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر فيه، "له" جار ومجرور متعلق به، "ارحل" فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر فيه، والجملة مقول القول، "لا تقيمن" جملة مؤكدة بالنون وقعت بدلا من قوله "ارحل"، "وإلا" أي: وإن لم ترحل، وهي فعل الشرط، "فكن" الفاء واقعة في جواب الشرط، "كن" فعل أمر واسمها ضمير مستتر، "في السر" جار ومجرور، "والجهر" عطف عليه، "مسلما" منصوب على أنه خبر لكان.
الشاهد فيه: "لا تقيمن"، فإنه جملة بدل عن جملة أخرى وهي "ارحل".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 440/ 2، وابن الناظم.
أقول له ارحل لا تقيمن عندنا
…
...........................
وبقوله عز وجل: {بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ، قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا} 1.
وبقوله تعالى: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} 2.
وبقوله عز وجل: {قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} 3.
وفي الارتشاف: وما استدل به لا يقوم به حجة.
الثاني: أجاز ابن جني والزمخشري والمصنف أن تبدل الجملة من المفرد، وجعل المصنف من ذلك:"عرفت زيدا أبو من هو"4.
وجعل الزمخشري قوله تعالى: {هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} 5 بدلا من النجوى.
وجعل ابن جني "كيف يلتقيان" بدلا من حاجة وأخرى في قوله6:
1 من الآية 81، 82 من سورة "المؤمنون".
2 من الآية 132، 133 من سورة الشعراء.
3 من الآية 21 من سورة يس.
4 "أبو" مبتدأ، و"من" مضاف إليه، و"هو" خبر، والجملة بدل من "زيدا" بدل اشتمال، لا مفعول ثانٍ؛ لأن عرف إنما يتعدى إلى مفعول واحد.
5 وقبله: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} .
6 قائله: قال العيني: احتج به أبو الفتح وغيره، ولم أر أحدا عزاه إلى قائله، وقيل: قائله الفرزدق. يشكو من تفرق حاجاته وتباعد ما بينها، وأنه موزع القلب مشتت البال، وهو من الطويل.
الإعراب: "إلى الله" متعلق بأشكو، "بالمدينة" متعلق بمحذوف حال من حاجة تقدمت عليها، "حاجة" مفعول أشكو، "وبالشام" معطوف على الجار والمجرور، "أخرى" معطوف على حاجة، وهما معمولان لأشكو، "كيف" اسم استفهام حال تقدمت على صاحبها وعاملها، "يلتقيان" فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف فاعل، والجملة بدل اشتمال من حاجة وأخرى.
الشاهد فيه: "كيف يلتقيان؟ " حيث أبدل هذه الجملة من مفرد وهو "حاجة" و"أخرى" بدل كل.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 440/ 2، وابن هشام 214/ 3، والسيوطي ص101. وذكره ابن هشام أيضا في المغني 174/ 1، 70/ 2، وذكره السيوطي أيضا في الهمع 128/ 2.
إلى الله أشكو بالمدينة حاجة
…
وبالشام أخرى كيف يلتقيان؟
كأنه قال: أشكو هاتين الحاجتين تعذُّر التقائهما.