المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أفعل التفضيل: صُغْ من مصوغ منه للتعجب … أفعل للتفضيل وَأْبَ - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌ ‌أفعل التفضيل: صُغْ من مصوغ منه للتعجب … أفعل للتفضيل وَأْبَ

‌أفعل التفضيل:

صُغْ من مصوغ منه للتعجب

أفعل للتفضيل وَأْبَ اللذ أُبِي

سوت العرب بين أفعل التفضيل وفعل التعجب فيما يصاغان منه؛ لما بينهما من التناسب، فما جاز صوغ التعجب منه جاز أفعل التفضيل منه، وما لا يجوز صوغ فعل التعجب منه لفقد بعض الشروط لا يجوز صوغ أفعل التفضيل منه.

ولهذا قال: وأب اللذ أبي.

واعلم أن ما شذ في التعجب؛ لكونه من غير فعل أو من فعل ولم يستوف "الشروط"1 جاز استعماله في التفضيل محكوما بشذوذه، "وكذلك ما شذ في التفضيل، جاز استعماله في التعجب محكوما بشذوذه"2 أيضا فتقول: "ما ألصه" و"ألصص به".

وإن كان منه غير فعل كقولهم: "هو ألص من شِظاظ"3.

وقوله:

وما به إلى تعجب وُصل

لمانع به إلى التفضيل صل

يعني: أنه يتوصل إلى التفضيل فيما لا يجوز بناء أفعل من لفظه بمثل ما توصل به إلى التعجب من أشد، وما جرى مجراه.

ولكن أشد في التعجب فعل وهنا اسم، وينصب هنا مصدر الفعل المتوصَّل إليه تمييزا، فتقول:"زيد أشد استخراجًا من عمرو" ونحو ذلك.

وقوله:

وأفعل التفضيل صله أبدا

تقديرا أو لفظا بمن إن جُرِّدا

أفعل التفضيل: مجرد ومضاف ومعرف بأل.

1 أ، جـ.

2 ب.

3 بنوه من لَصّ، وقد حكى ابن القطاع لَصَصَ -بالفتح- إذا استتر، وحكى أيضا لصصه، إذا أخذه خفية، وعلى ذلك لا شذوذ فيه، وشِظَاظ -بكسر الشين- اسم لص معروف بالذكاء في اللصوصية من بني ضبة، ويضرب به المثل في ذلك.

ص: 933

فالمجرد يلزم اقترانه بمن جارة للمفضول لفظا نحو: "زيد أفضل من عمرو"، أو تقديرا نحو:{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} 1.

"وأما"2 المضاف والمعرف بأل، "فيمتنع"3 اقتران "من" بهما.

تنبيهان:

الأول: اختلف في معنى "من" المصاحبة لأفعل التفضيل.

فذهب المبرد ومن وافقه إلى أنها لابتداء الغاية، وذهب سيبويه إلى أنها لابتداء الغاية أيضا، وأشار إلى أنها مع ذلك تفيد معنى التبعيض.

فقال: "هو أفضل من زيد"، فضله على بعض ولم يعم.

وذهب في شرح التسهيل إلى أنها لمعنى المجاوزة، فإن القائل:"زيد أفضل من عمرو" كأنه قال: جاوز زيدٌ عمرًا في الفضل.

قال: ولو كان الابتداء "مقصودا"4، لجاز أن يقع بعدها "إلى".

قال: ويُبطل كونها للتبعيض أمران:

أحدهما: عدم صلاحية بعض موضعها.

والآخر: صلاحية كون المجرور بها عاما، نحو:"الله أعظم من كل عظيم".

وأقول: الظاهر كونها لابتداء الغاية، ولا تفيد معنى التبعيض، كقول المبرد. وما رد به المصنف من أن الابتداء لو كان مقصودا لجاز أن يقع بعدها قد رد به ابن ولاد5 قبله، وليس بلازم؛ لأن الانتهاء قد يُترَك الإخبار به؛ لكونه لا يعلم، أو لكونه لا يُقصَد الإخبار به، ويكون ذلك أبلغ في التفضيل، إذ لا يقف السامع على محل الانتهاء.

1 الآية 17 من سورة الأعلى.

2 ب.

3 ب، جـ، وفي أ "يمتنع".

4 أ، جـ.

5 هو أبو العباس أحمد بن محمد، وهو نحوي مشهور، ثم صوّب نظره إلى بغداد فسمع من الزجاج وغيره مع معاصره أبي جعفر النحاس، إلا أن الزجاج كان يؤثره على النحاس. وله كتاب الانتصار لسيبويه وكتاب المقصور والممدود، وغير ذلك. توفي بمصر سنة 332هـ.

ص: 934

الثاني: إذا وقع أفعل التفضيل خبرا، كثر حذف "من" ومجرورها بعده نحو:{.... ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} 1.

وإن لم يكن خبرا، قل الحذف كالحال والصفة2.

الثالث: قوله: "صله" يقتضي أنه لا يُفصل بين أفعل وبين من، وليس على إطلاقه، بل يجوز الفصل بينهما بمعمول أفعل.

وقد فُصل بينهما بلو، وما اتصل بها كقوله3:

ولفوكِ أطيب لو بذلت لنا

من ماء موهبة على خمر

1 من الآية 282 من سورة البقرة.

2 مثال الحال:

دنوتِ وقد خِلناكِ كالبدر أجملا

فظل فؤادي في هواك مضلِّلا

أي: دنوت أجملَ من البدر.

ومثال الصفة:

تروَّحي أجدر أن تقيلي

غدا بجنبي بارد ظليل

3 قائله: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.

اللغة: "أطيب" أعذب، "بذلت" سخيت، "موهبة" -بفتح الميم وسكون الواو وفتح الهاء أو كسرها- نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء، والجمع مواهب.

الإعراب: "ولفوك" الواو للقسم والمقسم به محذوف، و"فو" مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الستة والكاف مضاف إليه، "أطيب" خبر المبتدأ، "لو" يجوز أن تكون حرف تمن أو تكون شرطية، "بذلت" فعل ماض وتاء خطاب المؤنثة فاعله، "لنا" متعلق ببذل، وإن كانت لو شرطية، فالجواب محذوف، "من ماء" جار ومجرور متعلق بأطيب، "موهبة" مضاف إليه، "على خمر" متعلق بمحذوف صفة لماء موهبة.

الشاهد فيه: "أطيب" فإنه أفعل التفضيل، وقد فصل بينه وبين من الجارة للمفضول بلو.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 385/ 2، وذكره السيوطي في الهمع 1004/ 2.

ص: 935

ولا يجوز بغير ذلك.

الرابع: إذا بُني أفعل التفضيل مما يتعدى بمن، جاز الجمع بينها وبين الداخلة1 على المفضول، مقدمة أو مؤخرة، نحو:"زيد أقربُ من عمرو من كل خير، وأقربُ من كل خير من عمرو".

الخامس: قد تقدم أن المضاف، والمعرف بأل يمتنع اقترانهما بمن المذكورة، فأما قوله2:

نحن بغرس الوديّ أعلمُنا

منا بركض الجياد في السدف

فإنه أراد أعلم، فأضاف ناويا "اطراح"3 المضاف إليه، كما تدخل الألف واللام في بعض الأمكنة، وينوى سقوطها، قاله في شرح التسهيل.

وأما قول الأعشى4:

1 أي: وبين "من" الداخلة على المفضول.

2 قائله: هو سعد القرقرة، وقيل: قيس بن الخطيم، وهو من المنسرح.

اللغة: "الودي" -بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء- صغار النخل، "ركض الجياد" الركض: تحريك الرجل، يقال: ركضت الفرس برجلي؛ إذا استحثثته ليعدو، والجياد -بكسر الجيم- جمع جواد، "السدف" الضوء والظلمة.

الإعراب: "نحن" مبتدأ، "بغرس" متعلق بأعلم، "الودي" مضاف إليه، "أعلمنا" خبر المبتدأ ونا مضاف إليه، "في السدف" علق بركض والباء بمعنى في، أي: ركضها في وقت اختلاط الظلمة بالنور.

الشاهد فيه: "أعلمنا منا" حيث إن "أعلم" أفعل تفضيل وقد أضيف إلى ضمير المتكلمين، وجاءت بعده من الجارة للمفضول المتعلقة بأفعل التفضيل، وذلك ممتنع مع أفعل المضاف.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 386/ 2، وذكر في المغني 39/ 2.

3 أ، جـ، وفي ب "باطراد".

4 قائله: هو الأعشى ميمون، من كلمة له يهجو فيها علقمة ويمدح عامر بن الطفيل في المنافرة التي وقعت بينهما، وهو من الرجز. =

ص: 936

ولستَ بالأكثر منهم حصى

.......................

فأول على ثلاثة أوجه:

أحدها: أن "أل" زائدة.

والثاني: أنها متعلقة بأكثر مقدرا، مدلولا عليه بالموجود.

الثالث: أنها للتبيين، لا لابتداء الغاية، كأنه قال:"ولست بالأكثر من بينهم".

وقوله: وإن لمنكور يضف.

قد تقدم أن أفعل التفضيل: مجرد ومعرف بأل ومضاف.

فأما المجرد فيلزم فيه الإفراد والتذكير، فتقول:"زيد أفضل" و"الزيدان أفضل" و"الزيدون أفضل" وكذلك في المؤنث.

= وتمامه:

وإنما العزة للكاثر

اللغة: "حصى" عددا، "الكاثر" الكثير، والأكثر حصى كناية عن عدد الأعوان والأنصار، "العزة" القوة والغلبة.

المعنى: لست يا علقمة أكثر من عامر عددا وأعوانا وأنصارا، وإنما تكون الغلبة ويتم النصر لمن عنده جنود أكثر وأعوان ونصراء.

الإعراب: "لست" فعل ماض ناقص وتاء المخاطبة اسمه، "بالأكثر" خبر ليس، "منهم" متعلق بالأكثر، "حصى" تمييز، "وإنما" أداة حصر، "العزة" مبتدأ، "للكاثر" متعلق بمحذوف خبر.

الشاهد فيه: "بالأكثر منهم" فإن ظاهره أنه جمع بين "أل" الداخلة على أفعل التفضيل، و"من" الجارة للمفضول عليه.

وقد أجاز الجمع بينهما أبو عمرو الجرمي، مستدلا بهذا البيت.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 386/ 2، وابن هشام 196/ 3، وابن عقيل 135/ 2، والسيوطي ص90، وابن الناظم.

وذكره ابن يعيش 103/ 5، والشاهد رقم 607 في الخزانة، وفي المغني 140/ 2.

ص: 937

وأما المعرف بأل فيلزم فيه المطابقة، فتقول:"زيدٌ الأفضلُ" و"الزيدانِ الأفضلانِ" و"الزيدونَ الأفضلونَ أو الأفاضلُ" و"هند الفُضْلى" و"الهندان الفضليان" و"الهندات الفضليات أو الفُضَّل".

وأما المضاف فنوعان: مضاف إلى نكرة، ومضاف إلى معرفة.

"فالمضاف"1 إلى نكرة كالمجرد يلزم الإفراد والتذكير، فتقول:"زيد أفضل رجل" و"الزيدان أفضل رجلين" و"الزيدون أفضل رجال" وكذلك في المؤنث. والمضاف إلى معرفة ثلاثة أقسام:

قسم يقصد به زيادته على ما أضيف إليه، وقسم يقصد به زيادة مطلقة، وقسم يؤول بما لا تفضيل فيه من اسم فاعل أو صفة.

فالأول: ينوى فيه معنى "من"، وفيه قولان:

أحدهما: أنه يلزم الإفراد والتذكير كالمجرد، وهو مذهب ابن السراج ومن وافقه.

والثاني: أنه يجوز فيه الأمران: المطابقة؛ لشبهه بالمعرف بأل، وعدم المطابقة لشبهه بالمجرد؛ لنية معنى "من"، وإليه ذهب المصنف، واستدل بقوله عليه الصلاة والسلام:"ألا أخبرُكم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجالس يوم القيامة؛ أحاسنكم أخلاقا" فأفرد أحب وأقرب، وجمع أحسن.

قال المصنف: ومعنى "من" مراد في الثلاثة.

وجعل الزمخشري "أحاسنكم" من القسم الثاني الذي قصد به زيادة مطلقة؛ فلذلك جمع بخلاف أحب وأقرب، فإنهما مما نوى معنى "من"؛ فلذلك أفردهما.

والثاني والثالث لا ينوى فيهما معنى "من" وتلزمهما المطابقة؛ لشبههما بالمعرف بأل في الإخلاء عن لفظ "من" ومعناها.

1 أ، وفي ب، جـ "فأما المضاف".

ص: 938

ومما "يتحملها"1 قولهم: "الناقص والأشجّ أعدلا بني مروان"2. وإضافة هذين النوعين لمجرد التخصيص، كما يضاف "ما لا تفضيل"3 فيه؛ ولذلك جازت إضافة أفْعَلَ فيهما إلى ما ليس هو بعضه بخلاف المنوي فيه "معنى "من"، فإنه لا يكون إلا بعض ما أضيف إليه"4؛ فلذلك يجوز: "يوسف أحسن إخوته" إن قصد الأحسن من بينهم، أو قصد حسنهم، ويمتنع إن قصد: أحسن منهم.

تنبيه:

قد يرد أفعل التفضيل مجردا عاريا عن معنى التفضيل، كقوله تعالى:{.... هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} 5.

وأجاز المبرد استعمال أفعل التفضيل، مؤولا بما لا تفضيل فيه قياسا.

قال في التسهيل: والأصح قصره على السماع6.

وحكى ابن الأنباري عن أبي عبيد القول بورود أفعل7 مؤولا بما لا تفضيل فيه، ولم يسلم "له"8 النحويون هذا الاختيار، وقالوا: لا يخلو أفعل "التفضيل"9 من التفضيل، وتأولوا ما استدل به.

1 أ، جـ، وفي ب "يتحملها".

2 هذا مثال ما لا تفضيل فيه؛ لأنه لم يشاركهما أحد من بني مروان في العدل: عادلا بني مروان.

والناقص: هو يزيد بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، لقب بذلك؛ لأنه نقص أرزاق الجند، والأشج: هو عمر بن عبد العزيز، لقب بذلك لشجة كانت برأسه من ضرب دابة.

3 ب، جـ، وفي أ "ما لا تفضل".

4 ب، جـ.

5 من الآية 32 من سورة النجم.

6 التسهيل ص134.

7 أي: أفعل التفضيل.

8 ب، جـ.

9 أ، جـ.

ص: 939

قال في شرح التسهيل: والذي سُمع منه، فالمشهور فيه التزام الإفراد والتذكير، وقد يُجمع إذا كان ما هو له جمعا، كقوله1:

إذا غاب عنكم أسود العين كنتم

كراما، وأنتم ما أقام ألائم

قال: وإذا صح جمع "أفعل" العاري؛ لتجرده من معنى التفضيل، جاز أن يؤنث فيكون قول ابن هانئ2:

1 قائله: هو الفرزدق، وهو من الطويل.

اللغة: "أسود العين" اسم جبل، "ألائم" -جمع ألأم- بمعنى لئيم، والأصل الشحيح النفس.

المعنى: ذم الشاعر هؤلاء بأنهم لا يكونون كراما إلا أن يزول الجبل من موضعه، وأنهم لئام مدة إقامة الجبل في موضعه، ولما كان الجبل لا يزول عن موضعه فكأن الشاعر يقول لهم: إنكم لئام أبد الدهر.

الإعراب: "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان، "غاب" فعل ماض، "عنكم" متعلق بغاب، "أسود" فاعل غاب، "العين" مضاف إليه، "كنتم" كان واسمها، "كراما" خبر كان، "وأنتم" الواو عاطفة، وأنتم مبتدأ، "ما" مصدرية، "أقام" فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه، "ألائم" خبر المبتدأ.

الشاهد فيه: "ألائم" فإنه جمع ألأم الذي هو اسم تفضيل مجرد من أل والإضافة، وإنما جاز جمعه؛ لأنه انسلخ عن معنى التفضيل، فلما انسلخ عن معنى التفضيل صار كاسم الفاعل والصفة المشبهة، وكل منهما يوافق ما يجري عليه.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 388.

2 قائله: الحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس، وهو من البسيط.

وتمامه:

............ من فقاقعها........

حصباء در على أرض من الذهب

اللغة: "صغرى" تأنيث أصغر، "كبرى" تأنيث أكبر، "فقاقعها" الفقاقع -بفتح الفاء والقاف وبعد الألف قاف مكسورة- النفاخات التي ترتفع فوق الماء، "حصباء" الحصباء: الحصى.

المعنى: كأن النفاخات الصغيرة البيضاء التي تعلو الخمر وهي في الكأس -في لونها الذهبي- حبات من اللؤلؤ على أرض من ذهب.

الإعراب: "كأن" حرف تشبيه ونصب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، "صغرى" =

ص: 940

كأن صغرى وكبرى

.................

إذا تقرر ما ذكره، فاعلم أن الناظم أشار إلى حكم المجرد والمضاف إلى النكرة بقوله:

وإِنْ لمنكور يُضف أو جُرِّدا

أُلزِم تذكيرا وأن يُوَحَّدا

وإلى المعرف بأل بقوله: "وتلو أل طبق".

وإلى المضاف لمعرفة بقوله:

............ وما لمعرفة

أضيف ذو وجهين

ولما كان مراده "القسم"1 الذي ينوى فيه "من"، قيده بقوله:

هذا إذا نويتَ معنى من

وقوله: "وإن لم تنو" يشمل القسمين الآخرين من أقسام المضاف إلى المعرفة؛ لأن حكمهما واحد وذلك واضح.

تنبيه:

أفعل التفضيل بمعنى بعض إن أضيف إلى معرفة، وبمعنى كل إن أضيف إلى نكرة؛ ولهذا يقال:"أفضل الرجلين زيد" و"أفضل رجلين الزيدان".

= اسم كأن منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، "وكبرى" عطف على صغرى منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، "من" حرف جر، "فقاقعها" مجرور بمن صفة لصغرى وكبرى، وضمير الغائبة مضاف إليه، "حصباء" خبر كأن، "در" مضاف إليه، "على أرض" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لحصباء، "من الذهب" جار ومجرور صفة الأرض.

الشاهد: "صغرى وكبرى" حيث جاء اسم التفضيل مؤنثا وهو مجرد من أل والإضافة، وهذا ألحن.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 386/ 2، وابن عقيل، وابن هشام 100/ 3.

1 أ، جـ.

ص: 941

وقوله:

وإن تكن بتِلْو مِنْ مستفهما

فلهما كن أبدا مُقدِّما

لا يخلو المجرور بمن بعد أفعل "التفضيل من أن يكون"1 اسم استفهام أو مضافا إليه أو غيرهما.

فإن كان اسم استفهام أو مضافا إليه وجب تقديمه نحو: "من أي الناس أنت أكرم؟ " و"من غلام أيهم أنت أجمل؟ ".

لأن الاستفهام له الصدر. ذكر هذه المسألة الفارسي في التذكرة.

قال المصنف: وهي من المسائل المغفول عنها.

قال الشيخ أبو حيان: وينبغي أن ينبه على أنه يسبق أيضا ما أفعل خبر له كما مثل.

ولم يذكر هذا المضاف إلى اسم استفهام؛ لوضوحه، ومثل اسم الاستفهام بقوله: ممن أنت خير؟

وإن كان المجرور غيرهما "فالأصل"2 تأخيره، وقد نبه على أنه قد ندر التقديم بقوله:

...... ولدى

إخبار التقديم نزرا وَرَدَا

وقد ورد ذلك في أبيات منها قوله3:

.....................

بل ما زوَّدت منه أطيب

1 أ، جـ.

2 ب، وفي أ، جـ "فالأصح".

3 قائله: هو الفرزدق، من أبيات يقولها في امرأة من بني ذهل بن ثعلبة قرته وزودته، وكان قد نزل بامرأة ضبية فلم تقره ولم تزوده، وهو من الطويل.

وتمامه:

فقال لنا: أهلا وسهلا وزودت

... جَنَى النخل

اللغة: أهلا وسهلا: كلمتان تقولهما العرب في تحية الأضياف.

"جنى النحل" ما يجنى منه وهو العسل، وكنى بذلك عن حسن لقائها وطيب استقبالها وحلاوة حديثها. =

ص: 942

وقوله:

.......... ورفعه الظاهر نزر

اعلم أن أفعل التفضيل يرفع الضمير، وأما الظاهر ففي رفعه "به"1 لغتان:

إحداهما: أنه يرفع الظاهر مطلقا، فتقول:"مررت برجل أكرمَ منه أبوه" حكاه سيبويه.

وأشار إليها بقوله:

....... ورفعه الظاهر نزر

والأخرى، وهي لغة جمهور العرب: أنه لا يرفع الظاهر، إلا إذا ولي نفيا وكان مرفوعه مفضلا على نفسه باعتبارين نحو:"ما رأيت رجلا أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عين زيد" ففي هذه الصورة ونحوها يرفع الظاهر عند جميع العرب.

وعلة ذلك أن أفعل التفضيل إنما قصُر عن رفع الظاهر؛ لأنه ليس له فعل بمعناه، وفي هذا المثال ونحوه يصح أن يقع موقعه فعل بمعناه، فتقول:"ما رأيت رجلا يحسُنُ في عينه الكحلُ كحسنه في عين زيد".

= الإعراب: "فقالت" فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر، "لنا" متعلق به، "أهلا وسهلا" منصوبان بفعل محذوف، والأصل فيهما: أنهما وصفان لموصوف محذوف، أي: أتيتم قوما أهلا ونزلتم موضعا سهلا، "وزودت" فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر فيه، "جنى" مفعول، "النحل" مضاف إليه، "بل" حرف إضراب إبطالي، "ما" اسم موصول مبتدأ، وجملة زودت وفاعله المستتر فيه لا محل له صلة الموصول والعائد محذوف، أي: زودته، "منه" جار ومجرور متعلق بأطيب، "أطيب" خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشاهد فيه: "منه أطيب" حيث قدم المجرور بمن على أفعل التفضيل، والحال أنه غير الاستفهام، والتقدير: أطيب منه، وهذا قليل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 389/ 2، وابن عقيل 139/ 2، والمكودي ص112، وابن الناظم.

وذكره السيوطي في الهمع 104/ 2.

1 أ، جـ.

ص: 943

وإلى ذلك أشار بقوله:

ومتى عاقب فعلا فكثيرا ثَبَتَا

وأيضا لو لم يجعل المرفوع فاعلا لوجب كونه مبتدأ، فيلزم الفصل بين أفعل ومن بأجنبي، ثم مثّل بقوله:

كلن ترى في الناس من رفيق

أولى به الفضل من الصديق

والأصل: أولى به الفضل منه بالصديق، فاختصر.

تنبيهان:

الأول: قال في شرح التسهيل: لم يرد هذا الكلام المتضمن ارتفاع الظاهر بأفعل إلا بعد نفي، ولا بأس باستعماله بعد نهي أو استفهام فيه معنى النفي، كقوله:

"لا يكن غيرك أحبَّ إليه الخيرُ منه إليك، وهل في الناس رجلٌ أحقُّ به الحمد منه بمحسن لا يَمُنّ؟ "1.

الثاني: لا ينصب أفعل التفضيل مفعولا به، وما أوهم ذلك يؤول.

فإن أول أفعل "التفضيل"2 بما "لا تفضيل"3 فيه، جاز على رأي أنه ينصبه.

ويحتمل أن يكون منه قوله تعالى: "الله أعلم حيث يجعل رسالاته"4.

1 منه. أي: الحمد، بمحسن حال من مجرور، أي: حالة كونه ملابسا لمن ذكر.

2 ب، جـ.

3 ب، جـ، وفي أ "ما لا تفضل".

4 قال الأشموني: فحيث هنا مفعول به، لا مفعول فيه، وهو في موضع نصب بفعل مقدر يدل عليه أعلم هـ.

وقال المرادي على التسهيل: لم تجئ حيث فاعلا ولا مفعولا به ولا مبتدأ هـ.

ص: 944