المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل "في تابع المنادى - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌فصل "في تابع المنادى

‌فصل "في تابع المنادى

":

تابع ذي الضم المضاف دون أل

ألزِمْه نصبا كأزيد ذا الحيل

اعلم أن المنادى إن كان معربا فتابعه منصوب لا غير، نحو: يا أخانا الفاضلَ "ما لم يكن"1 بدلا أو عطف نسق، فحكمهما بعد المعرب كحكمهما بعد المبني على الضم وسيأتي.

وإن كان مبنيا على الضم نحو: "يا زيدُ" و"يا رجل" و"يا سيبويه" فتابعه إن كان بدلا أو عطف نسق، فسيأتي الكلام عليهما.

وأما غيرهما، فإن كان مضافا غير مقرون بأل لزم نصبه مطلقا، مثال النعت:"يا زيدُ ذا الحِيَل" والتوكيد: "يا زيد نفسَهُ" وعطف البيان: "يا زيدُ عائدَ الكلبِ".

وإن كان مضافا مقرونا بأل، أو مفردا ففيه وجهان: الرفع إتباعا للفظ المنادى، والنصب إتباعا لمحله.

وإلى ذلك الإشارة بقوله:

وما سواه ارفع أو انصب

فشمل قوله: ما سواه المضاف المقرون بأل نحو: "يا زيدُ الحسنَ الوجهِ"، والمفرد نحو:"يا زيد الظريف"، و"يا تميم أجمعين"، و"يا سعيد كرز"، فيجوز في جميع ذلك الرفع والنصب على ما تقدم.

فإن قلت: أما النصب إتباعا للمحل فظاهر؛ لأن المنادى مفعول بفعل مقدر.

وأما الرفع إتباعا للفظ فمشكل؛ لأن ضمة المنادى بناء، وحركة البناء لا تتبع.

قلت: لما كان البناء في باب النداء مشابها للإعراب في اطراد حركته جاز إتباعه.

فإن قلت: فهلا جاز الرفع أيضا في المضاف العاري من أل؟

1 أ، جـ، وفي ب "ما يكون ما لم يكن".

ص: 1072

قلت: لأنه يستلزم تفضيل فرع عن أصل، إذ لو كان منادى لوجب نصبه.

فإن قلت: فلِمَ ألحق المضاف المقرون بأل المفرد في جواز الوجهين؟

قلت: لأن إضافته غير محضة، فلم يعتدّ بها.

فإن قلت: فهل الرفع والنصب في المفرد سيان؟

قلت: لم ينص المصنف على تسوية ولا ترجيح، ولكن النصب أقيس.

وفي الفرخ: أكثر قول العرب الرفع في: "يا زيد العاقل".

تنبيهات:

الأول: شمل قوله: "تابع" الخمسة، ومراده النعت والتوكيد وعطف البيان، علم ذلك مما بعد.

الثاني: شمل قوله: "ذي الضم" العلم والنكرة المقصودة والمبني قبل النداء؛ لأنه يقدر ضمة، و"قد"1 تقدم تمثيل الثلاثة.

الثالث: أجاز الكسائي والفراء والطوال وابن الأنباري الرفع في نحو: "يا زيدُ صاحبُنا"، والصحيح المنع؛ لأن إضافته محضة2.

وأجاز الفراء رفع التوكيد والمنسوق المضافين، قياسا على النعت.

وقد سمع الرفع في "يا تميمُ كلكم" وحمل على القطع، أي: كلكم مدعوّ. ثم قال:

واجعلا.... كمستقل نسقا وبدلا

يعني: أن حكم النسق والبدل في الإتباع حكمهما في الاستقلال، ولا فرق في ذلك بين الواقع بعد مضموم، والواقع بعد منصوب، فما كان منهما مفردا غير معين أو مضافا أو مطولا نصب نحو:"يا زيد رجلا صالحا" و"يا زيد وغلاما" و"يا زيد أخانا" و"يا زيد وأخانا" و"يا زيد خيرا من عمرو" و"يا زيد وخيرا من عمرو".

1 ب.

2 أي: لغلبة الاسمية على صاحب، وفيه إشارة إلى أن ما إضافته غير محضة يجوز رفعه. هـ 113/ 3 صبان.

ص: 1073

وما كان منهما مفردا علما أو معينا، بُني على الضم نحو:"يا زيد وعمرو" و"يا زيد ورجل".

وذهب الأخفش وخطاب إلى أنه لا يجوز عطف النكرة المقبل عليها على العلم.

فلا يجوز: يا زيد ورجل.

وإنما جعل البدل والنسق كالمستقل؛ لأن البدل في قوة تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن العامل.

تنبيهان:

الأول: أجاز المازني والكوفيون النصب في نحو: "يا زيدُ وعمرًا".

قال في شرح التسهيل: وما رواه غير بعيد من الصحة، إذا لم تنوِ إعادة حرف النداء.

فإن المتكلم قد يقصد إيقاع نداء واحد على الاسمين.

قال: ويجوز عندي أن يعتبر في البدل حالان؛ حال يجعل فيها كالمستقل وهو الكثير نحو: "يا غلام زيد"، وحال يعطى فيها الرفع والنصب لشبهه فيها بالتوكيد والنعت وعطف البيان وعطف النسق المقرون بأل في عدم الصحة؛ لتقدير حرف نداء قبله نحو:

"يا تميم الرجال والنساء".

الثاني: ما ذكر من أن المنسوق كالمستقل إنما هو في غير المقرون بأل، وأما المقرون بأل فقد ذكر حكمه في قوله:

وإن يكن مصحوب أل ما نُسِقا

ففيه وجهان ورفع يُنتقَى

إذا كان المنسوق مقرونا بأل، جاز فيه وجهان: الرفع والنصب نحو: "يا زيد والحارث".

وإنما لم يجعل كالمستقل؛ لامتناع مباشرته لحرف النداء.

ص: 1074

واختلف في المختار من الوجهين؛ فقال الخليل وسيبويه والمازني: الرفع، ووجهه مشاكلة الحركة، وحكاية سيبويه أنه أكثر، وإليه ذهب الناظم.

وقال أبو عمرو وعيسى بن عمرو الجرمي: النصب، ووجهه أن ما فيه أل لم يَلِ حرف النداء، فلم يجعل كلفظ ما وليه، وإجماع القراء -ما عدا الأعرج- على النصب في قوله تعالى:{أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} 1.

وقال المبرد: إن كان معرفة فالنصب وإلا فالرفع، ووجهه أن المعرفة بأل تشبه المضاف.

تنبيه:

هذا الخلاف في الاختيار، والوجهان مجمع على جوازهما إلا فيما عطف على نكرة مقصودة نحو:"يا رجلُ والغلام"، فلا يجوز فيه على مذهب الأخفش ومن تبعه إلا الرفع.

وقوله:

وأيها مصحوب أل بعد صفهْ

يلزم بالرفع لدى ذي المعرفهْ

إذا نُوديت "أي" فهي نكرة مقصودة مبنية على الضم وتلزمها "ها" التنبيه مفتوحة الهاء، وضمها إذا لم يكن بعدها اسم إشارة -لغة بني مالك من بني أسد- وقد قُرئ بها.

فإن قلت: لِمَ لزمها "ها"2 التنبيه؟

قلت: لتكون "ها" عوضا مما فات "أيا" من الإضافة، ويلزم وصفها بأحد ثلاثة أشياء:

الأول: مصحوب "أل" نحو: "يا أيها الرجل".

1 من الآية 10 من سورة سبأ.

2 ب.

ص: 1075

والثاني: اسم الإشارة نحو1:

أيُّهذانِ كُلا زادكما

ودعاني واغِلًا فيمن وغل

والثالث: الموصول المصدَّر بأل نحو: "يا أيها الذي فعل".

وإلى هذين أشار بقوله:

وأي هذا أيها الذي وَرَد

ثم أشار إلى أن نعت "أي" بغير هذه الثلاثة ممنوع، بقوله:

ووصف أيّ بسوى هذا يُرَد

فلا يقال: "يا أيها صاحب عمرو".

وقد فهم من النظم فوائد:

الأولى: أن "ها" تلزم "أيا"2؛ لنطقه بهما معا.

والثاني: أن تابع "أي" صفة لها، وقيل: عطف بيان، قال ابن السيد: وهو الظاهر.

1 قائله: لم أقف على اسم قائله، وهو من الرمل.

اللغة: "دعاني" تركني، "واغلا" -بالغين- وهو الذي يدخل على القوم يشربون ولم يُدْعَ إلى ذلك الشراب، الوغل "وغل" -يغل- أصله: يوغل؛ لأنه من وغل، حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة.

الإعراب: "أيهذان" أي: يا أيهذان، حذف منه حرف النداء، أي منادى وصف باسم الإشارة، وهو هذان، "كلا" فعل وفاعل، "زادكما" مفعول به والضمير مضاف إليه، "ودعاني" دعا فعل ماض والنون للوقاية والياء مفعول والفاعل ضمير مستتر، والجملة معطوفة على "كلا"، "واغلا" حال من الضمير المنصوب في دعاني، "فيمن وغل" جار ومجرور متعلق بواغلا.

الشاهد فيه: "أيهذان"، حيث وصف المنادى فيه باسم الإشارة.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 454/ 2، والمكودي ص127، وذكره السيوطي في الهمع 175/ 1.

2 ب، جـ، وفي أ "أيها".

ص: 1076

وقيل: إن كان مشتقا فهو نعت نحو: "أيها الفاضل"، وإن كان جامدا فهو عطف بيان.

والثالثة: أن وصف "أي" بأحد هذه الأشياء الثلاثة لازم؛ لقوله "تلزم".

فإن قلت: ولِمَ لزم نعتها "بأحد الثلاثة"

قلت: لأن "أيا" مبهم، فلا بد من تخصيصه، ولأنه وصلة إلى نداء ما فيه أل، فكان المقصود بالنداء وصفه.

والرابعة: أن صفة "أي" ترفع، ولا يجوز فيها النصب بخلاف صفة غيرها، فهي مستثناة مما تقدم. هذا مذهب الجمهور، وذهب المازني إلى نصب صفة "أي" قياسا على صفة "غيرها"2 من المناديات المضمومة.

قال الزجاج: لم يجز أحد من النحويين هذا المذهب قبله ولا تابعه أحد بعده، وعلة ذلك: أن المقصود بالنداء هو نعتها، وأي وصلة إلى ندائه، وقالوا: والنصب مخالف لكلام العرب.

قلت: ذكر ابن الباذش أن النصب فيه مسموع من كلام العرب.

وإلى التعريض بمذهب المازني أشار بقوله: لدى ذي المعرفه.

تنبيه:

نسب الجواز في شرح الكافية إلى المازني والزجاج وتبعه الشارح، ونسبته إلى الزجاج مستبعدة، وقد نقل عنه في شرح التسهيل كلامه المتقدم.

والخامسة: أن اسم الإشارة إذا نعت به "أي" فليس من شرطه أن يكون منعوتا بذي أل، وفاقا لابن عصفور وشاهده البيت السابق.

وذكر غيرهما أن ذلك شرط في صحة النعت به.

قيل: وما ذهب إليه ابن عصفور وابن مالك بنياه على بيت نادر شاذ، لا تُبنَى على مثله القواعد، وهو قول الشاعر:

أيهذان كلا زادكما

1 أ، جـ، وفي ب "يأخذ هذه الأشياء الثلاثة".

2 ب، جـ، وفي أ "غيره".

ص: 1077

والسادسة: أن اسم الإشارة المنعوت به "أي" شرطه ألا يصحبه حرف الخطاب؛ لقوله: "وأيهذا" خلافا لابن كيسان، فإنه أجاز:"يا أيها ذاكَ الرجلُ"، وبالمنع قال السيرافي.

فإن قلت: أطلق في قوله: "مصحوب أل" وشرط في التسهيل أن تكون جنسية.

فإذا قلت: "يا أيها الرجل" فأل جنسية وصارت بعد "أي" للحضور، كما صارت كذلك بعد اسم الإشارة.

قلت: اشتراط ذلك صحيح، وليس في كلامه ما يرشد إليه.

وقد أجاز الفراء والجرمي إتباع "أي" بمصحوب أل التي للمح الصفة نحو: "يا أيها الحارث"، والمنع مذهب الجمهور.

ويتعين أن يجعل عطف بيان عند من أجازه.

تنبيهات:

الأول: تؤنث "أي" لتأنيث موصوفها نحو: "يا أيتها المرأة".

وقال في البديع: الاختيار إثبات التاء، ولا تثنى ولا تجمع.

الثاني: ذهب الأخفش في أحد قوليه إلى أن المرفوع بعد "أي" خبر لمبتدأ محذوف، وأي موصولة بالجملة.

ورُدَّ بأنه لو كان كذلك، لجاز ظهور المبتدأ بل كان أولى، ولجاز وصلها بالفعلية والظرف.

الثالث: ذهب الكوفيون وابن كيسان إلى أن "ها" دخلت للتنبيه مع اسم الإشارة.

وإذا قال: "يا أيها الرجل" يريد: يا أيهذا الرجل، حذف "ذا" اكتفاء بها1.

1 فإعراب "يا أيهذا الرجل" هو: "أي" منادى مبني على الضم في محل نصب، و"ها" للتنبيه، و"ذا" صفة أي في محل رفع، "الرجل" صفة لذا أو عطف بيان مرفوع بضمة ظاهرة.

ص: 1078

الرابع: يجوز أن تُوصَف صفة "أي" ولا تكون إلا مرفوعة، مفردة كانت أو مضافة، كقول الراجز1:

يا أيها الجاهلُ ذُو التنزي

................

وقوله:

وذو إشارة كأي في الصفه

إن كان تركها يفيت المعرفه

لاسم الإشارة في النداء حالتان:

إحداهما: أن يُجعل وصلة لنداء ما فيه أل، فيساوي إذ ذاك "أيا" في لزوم نعته ووجوب رفعه، وأنه لا ينعت إلا بمصحوب أل الجنسية، أو بموصول مصدر بأل فتقول:"يا هذا الرجل" و"يا هذا الذي فعل".

وهو في هذه الحالة غير مكتفٍ به، لو قدر الوقف عليه لفات المراد؛ لأنه وصلة لنداء غيره

والأخرى: أن يقدر مكتفى بندائه، لا وصلة لغيره، فيكون إذ ذاك كغير "أي"، فلا يلزم نعته.

ويجوز رفعه ونصبه، وينعت بمصحوب أل وبالمضاف فتقول:"يا هذا الطويل"، بالرفع والنصب.

1 قائله: هو رؤبة بن العجاج، وهو من الرجز.

وتمامه:

لا تُوعِدَنِّي حية بالنكز

اللغة: "ذو التنزي" -بفتح التاء والنون وتشديد الزاي المكسورة- وهو نزع الإنسان إلى الشر، "بالنكز" -بفتح النون وسكون الكاف- من نكزت الحية بأنفها.

وقال ابن فارس: النكز بالشيء المحدد كالغرز.

الإعراب: "يا أيها" يا حرف نداء وأي منادى وها صفته، "الجاهل" صفة ها التي هي اسم الإشارة، "ذو" صفة الجاهل، "التنزي" مضاف إليه.

الشاهد فيه: "يا أيها الجاهل"، وصف "أيا" بما فيه أل، ووصف ما فيه "أل" بمضاف إلى ما فيه أل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 453/ 2، وابن الناظم، وذكره سيبويه 308/ 1.

ص: 1079

وذلك مفهوم من قوله:

إن كان تركها يُفِيت المعرفه

فإن قلت: مقتضى قوله: "كأي في الصفة" أن ينعت بما تنعت به "أي" و"أي" تنعت باسم الإشارة، واسم الإشارة لا ينعت بمثله.

قلت: ترك التنبيه به على ذلك؛ لوضوحه.

تنبيه:

مذهب السيرافي أن اسم الإشارة إذا لحقته كاف الخطاب لم يجز نداؤه، ومذهب سيبويه وابن كيسان الجواز، وحكى فيه ابن كيسان عن بعض النحويين سماعا من العرب.

وقوله:

في نحو سعدُ سعدَ الأوس ينتصب

ثان وضم وافتح أولا تُصِب

إذا تكرر لفظ المنادى مضافا نحو1:

1 قائله: هو جرير بن عطية يهجو عمر بن لحأ التيمي وقومه، وهو من البسيط.

وتمامه:

لا يُلقينكم في سوءة عمر

اللغة: "تيم عدي" إنما أضاف التيم إلى عدي؛ ليفرق بين تيم مرة وغيره، "لا أبا لكم" للغلظة في الخطاب، وأصله أن ينسب المخاطب إلى غير أب معلوم احتقارا له، "سوءة" -بفتح السين وسكون الواو وفتح الهمزة- الفعلة القبيحة، والخطاب في ذلك إلى قومه.

المعني: احذروا يا تيم عدي أن يرميكم عمر في بلية لا قِبَل لكم بها، ومكروه لا تتحملونه بتعرضه لي، يريد أن يمنعوه من هجائه حتى يأمنوا الوقوع في خطره؛ لأنهم إذا تركوا عمر وهجاءه جريرا فكأنهم رضوا بذلك، وحينئذ يسلط عليهم لسانه.

الإعراب: "يا" حرف نداء، "تيم" -بالنصب- منادى مضاف مع تأكيده وحذف المضاف إليه من الأول؛ لدلالة الثاني عليه، وتقديره: يا تيم عدي، يا تيم عدي، "لا أبا لكم" لا نافية للجنس، "أبا" اسم لا، "لكم" اللام حرف زائد والكاف في محل جر بهذه اللام، ولكنها في التقدير مضافة إلى اسم لا، وخبر لا محذوف أي: لا أبا لكم في الحضرة، "لا" ناهية، "يلقينكم" في موضع جزم بلا مبني لدخول النون الثقيلة عليه والكاف مفعول به، "في سوءة" جار ومجرور متعلق بالفعل، "عمر" فاعل. الشاهد فيه:"يا تيم تيم" حيث تكرر لفظ المنادى، وقد أُضيف ثاني اللفظين فيجب في الثاني النصب، ويجوز في الأول الضم والنصب.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 454/ 2، وابن عقيل 201، والمكودي ص127. وذكره ابن يعيش 10/ 2، والسيوطي في الهمع 122/ 2، وسيبويه 26، 314/ 1، والشاهد 132 في الخزانة.

ص: 1080

يا تيمَ تيمَ عدي لا أبا لكم

............

فلا بد من نصب الثاني، وأما الأول ففيه وجهان: ضمه وفتحه.

فإن ضم فإنه منادى "مفرد"1 معرفة، ونصب الثاني حينئذ لأنه منادى مضاف أو توكيد أو عطف بيان أو بدل أو إضمار أعني. ذكر ذلك المصنف، ونُوزع في التوكيد. وأجاز السيرافي أن ينصب على النعت، وتأول فيه الاشتقاق.

وإن فتح الأول، ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه منادى مضاف إلى ما بعد الثاني، والثاني مُقْحَم بين المضاف والمضاف إليه.

فإن قلت: فما وجه نصب الثاني إذا جُعل مقحما؟

قلت: قال بعضهم: إن نصبه على التوكيد.

الثاني: أن الأول منادى مضاف إلى محذوف دل عليه الآخر، والثاني مضاف إلى الآخر ونصبه من خمسة أوجه كما سبق.

الثالث: أن الاسمين رُكِّبا تركيب خمسةَ عشرَ، وجعلا اسما واحدا، وفتحتهما فتحة بناء، ومجموعهما منادى "مضاف"2 كما قالوا:"ما فعلتْ خمسة عشر له" وهو مذهب الأعلم.

فإن قلت: أي الوجهين أرجح: أضم الأول أم فتحه؟

قلت: بل ضمه لوضوح وجهه، وقد صرح في الكافية بأنه الأمثل.

1 ب.

2 ب.

ص: 1081

فإن قلت: فهل يشترط في ذلك أن يكون الاسم المكرر عَلَمًا كما مثل؟

قلت: مذهب البصريين أنه لا يشترط، بل اسم الجنس نحو:"يا رجلُ رجلَ قوم"، والوصف نحو:"يا صاحبُ صاحبَ زيد" كالعلم في جواز ضم الأول وفتحه بلا تنوين.

وخالف الكوفيون في اسم الجنس؛ فمنعوا نصبه، وفي الوصف فذهبوا إلى أنه لا ينتصب إلا منونا، فتقول:"يا صاحبًا صاحب زيد" ولم يختلفوا في جواز الضم في جميع ذلك.

ص: 1082