المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الإضافة: نونا تلي الإعراب أو تنوينا … مماتضيف احذف كطور سينا شمل - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌ ‌الإضافة: نونا تلي الإعراب أو تنوينا … مماتضيف احذف كطور سينا شمل

‌الإضافة:

نونا تلي الإعراب أو تنوينا

مماتضيف احذف كطور سينا

شمل قوله: "نونا تلي الإعراب" المثنى والمجموع على حده، وما ألحق بهما نحو:"رأيت غلاميك" و"خادميك" و"اقبض""اثنيك"1 و"عشريك"، واحترز من نون "لا"2 تلي الإعراب نحو:"مساكين"3 وسنين في لغة من أعربه بالحركات، فإنها لا تحذف للإضافة.

وشمل قوله: "أو تنوينا" الظاهر كقولك في طور: "طور سيناء"4، والمقدر كقولك في دراهم:"هذه دراهمك". قاله في شرح الكافية.

تنبيه:

فهم من "كلامه"5 اقتصاره على التنوين والنون، وأن غيرهما لا يحذف وقد تحذف تاء التأنيث. قال في الكافية6:

وحذف تا التأنيث منه قد يرد7

في كلمات سمعت فلا تزد.... هـ8، 9

ومنه قراءة بعضهم: "لأَعَدُّوا لَهُ عِدَهُ"10 أي: عدته.

1 أ، جـ، وفي ب "اثنتيك".

2 أ، ب.

3 أ، جـ، وفي ب "مسكين".

4 من الآية 20 من سورة "المؤمنون".

5 أ.

6 أ، ب وفي جـ "شرح الكافية".

7 ب.

8 أ، ب، وفي جـ "ترد".

9 ونص البيت في الكافية، ورقة 61:

وحذف تاء تأنيث منه قد يرد

في كلم فاعرف بها ولا تزد

هـ.

10 من الآية 46 من سورة التوبة.

ص: 782

وظاهر كلام الفراء أنه قياس، وجعل منه "قوله تعالى"1:{وَإِقَامَ الصَّلَاةِ} 2 ثم قال: "والثاني اجرر".

في الجار له أقوال: أحدها: أنه المضاف، والثاني: أنه "الحرف"3 المنوي، والثالث: أنه معنى الإضافة.

والأول مذهب سيبويه وهو الصحيح؛ لاتصال الضمائر به، ولا تتصل إلا بعاملها.

ثم قال:

وانو "من" أو "في" إذا

لم يصلح إلا ذاك واللام خذا

لما سوى ذينك............

........................

يعني: أن الإضافة على ثلاثة أقسام:

الأول: مقدر بمن. وضابطه أن يكون المضاف بعض المضاف إليه مع صحة إطلاق اسمه عليه، نحو:"خاتم فضة".

قال في شرح التسهيل: ومن هذا النوع إضافة الأعداد إلى المعدودات، والمقادير إلى المقدرات. ا. هـ.

وفي إضافة الأعداد إلى "المعدودات"4 خلاف مذهب ابن السراج أنها مقدرة بمن، ومذهب الفارسي أنها "مقدرة"5 باللام.

فإن أضفت عددا إلى عدد نحو: ثلاثمائة، اتفقا على أنها بمعنى من، "فإن"6 لم يصح إطلاق اسمه عليه نحو:"يد زيد" فهي بمعنى اللام على الصحيح، وذهب ابن كيسان إلى أنها بمعنى "من".

1 ب.

2 من الآية 37 من سورة النور.

3 أ، ب، وفي جـ "بالحرف".

4 ب، جـ.

5 ب.

6 أ، ب، وفي جـ "وإن".

ص: 783

الثاني: مقدر بفي. وضابطه أن يكون المضاف إليه وقع فيه المضاف نحو: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} 1.

قال المصنف: "وأغفل كثير من النحويين"2 الإضافة بمعنى "في" وهي ثابتة في الكلم الفصيح بالنقل الصحيح. ا. هـ.

وعن عبد القاهر أن ثَم إضافة "تتقدر"3 بفي، وذلك قولنا:"فلان نَبْتُ الغَدَر" والغدر: المكان الصلب.

ومذهب الجمهور أن الإضافة لا تتقدر بغير "من، واللام" ونحو: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} مقدر باللام عندهم على التوسع.

الثالث: مقدر باللام، وهو ما سوى النوعين المتقدمين، وتقدير اللام هو الأصل؛ ولذلك يحكم به مع صحة تقديرها وتقدير غيرها، نحو:"يد زيد"؛ ولذلك خصت بالإقحام في نحو:

يا بؤس للحرب4......

......................

1 من الآية 33 من سورة سبأ.

2 ب، وفي أ، جـ "وأعقل أكثر النحويين".

3 أ، جـ، وفي "تقتدر".

4 جزء من بيت لسعد بن مالك جد طرفة الشاعر، وهو من الكامل.

وتمامه:

..... التي

وضعت أراهط فاستراحوا

الشرح: "يا بؤس للحرب" النداء للتعجب، والبؤس -الشدة- مهموز ويخفف، "وضعت" وضعتهم بالتخلف عن القتال، "أراهط" الرهط: ما دون العشرة من الرجال، لا يكون فيهم امرأة.

المعنى: إن لم تنصر قومك الآن، فلن تدخر نصرك.

الإعراب: "يا بؤس" يا حرف نداء وبؤس منادى منصوب لأنه مضاف، "واللام" زائدة تقوية للاختصاص، "والحرب" مضاف إليه، وهذا النداء تعجبي، "التي" اسم موصول مبني في محل جر نعت للحرب، "وضعت" وضع فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر تقديره هي يعود إلى الحرب، "أراهط" مفعول به لوضعت والجملة لا محل لها من الإعراب صلة "التي"، فاستراحوا "الفاء عاطفة" "استراح" فعل ماض وواو الجماعة فاعل والجملة معطوفة على وضعت. الشاهد:"يا بؤس للحرب" أصله: يا بؤس الحرب، فاقتحمت اللام بين المتضايفين تقوية للاختصاص.

مواضعه: ذكره ابن هشام في مغني اللبيب 1/ 181، وابن يعيش 4/ 36، وفي الحماسة لأبي تمام ص197، والخصائص 3/ 102.

ص: 784

وذهب ابن الصائغ1 إلى أن الإضافة بمعنى اللام على كل حال.

وفي الارتشاف: والذي أذهب إليه "أي: الإضافة تفيد"2 الاختصاص، وأنها ليست على تقدير حرف مما "ذكروه"3، ولا على نيته هـ4.

وقوله:

......... واخصص أولا

أو أعطه التعريف بالذي تلا

يعني: أن المضاف يتخصص بالثاني إن كان نكرة نحو: "غلام رجل"، ويتعرف به إن كان معرفة نحو:"غلام زيد" هذا "إذا"5 كانت الإضافة معنوية.

فإن كانت لفظية، فقد نبه عليها بقوله:

وإن يشابه المضاف "يفعل

وصفا فعن تنكيره لا يعزل

"يفعل" هو الفعل المضارع. يعني: أن المضاف إذا كان وصفا "شابه"6 الفعل المضارع في كونه بمعنى الحال والاستقبال، لم يتعرف بالمضاف إليه؛ لأن إضافته غير محضة، لا تفيد إلا تخفيف اللفظ.

فإن قلت: هل تقدر اللام في الإضافة اللفظية؟

قلت: لا، إذ هي ليست على معنى حرف مما سبق، خلافا لبعض المتأخرين

1 هو محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي الحسن بن الصائغ النحوي. قال ابن حجر: ولد قبل سنة عشر وسبعمائة واشتغل بالعلم في اللغة والنحو والفقه. ولي قضاء العسكر وإفتاء دار العدل، وصنف شرح ألفية ابن مالك والتذكرة عدة مجلدات في النحو وغير ذلك. مات في خامس عشر شعبان سنة 771هـ وخلف ثروة واسعة.

2 أ، جـ، وفي ب "أن الإضافة ما تفيد".

3 أ، ب، وفي جـ "ذكروا".

4 راجع الارتشاف ص883.

5 أ، جـ، وفي ب "إن".

6 أ، وفي ب "يشبه"، وفي جـ "يشابه".

ص: 785

في زعمه أن إضافة اسم الفاعل "وأمثلة المبالغة"1 واسم المفعول المضاف إلى "منصوب"2 على معنى اللام.

واستدل بأن وصولها إلى المفعول باللام "شائع"3 في فصيح الكلام، ورد بأنه لا يطرد في الصفة المشبهة.

ثم مثل قال:

كرُبَّ راجينا عظيم الأمل

مروع القلب قليل الحِيَل

فرب "راجينا"4 مثال لاسم الفاعل، وعظيم الأمل وقليل الحيل مثالان للصفة المشبهة، ومروع القلب مثال لاسم المفعول.

ثم قال:

وذي الإضافة اسمها لفظية

...........................

سميت بذلك؛ لأن فائدتها في اللفظ، وتسمى أيضا مجازية وغير محضة.

ثم قال: "وتلك محضة" يعني: التي تفيد التخصيص والتعريف، تسمى محضة؛ لأنها خالصة من شائبة الانفصال.

"ومعنوية"؛ لأن فائدتها في المعنى.

تنبيهات:

الأول: ذهب ابن برهان وابن الطراوة إلى أن إضافة المصدر إلى مرفوعه أو منصوبه غير محضة، والصحيح "أنها"5 محضة لورود السماع بنعته بالمعرفة كقوله:

1 الأمثلة، والكلام يقتضي ما قلته.

2 أ، ب، وفي جـ "المنصوب".

3 أ، ب، وفي جـ "سائغ".

4 ب، جـ.

5 أ، جـ، وفي ب "أنه".

ص: 786

إن وجدي بك الشديد أراني

عاذرا فيك من عهدت عَذُولا1

وذهب ابن السراج والفارسي إلى أن إضافة أفعل التفضيل غير محضة، والصحيح أنها محضة؛ لأنه ينعت بالمعرفة، ونص سيبويه على أن إضافته محضة، وذهب الفارسي ومن وافقه إلى أن إضافة الاسم إلى الصفة غير محضة، وذهب غيرهم إلى أنها محضة، وذهب المصنف إلى أنها شبيهة بالمحضة.

الثاني: المعروف "أن الإضافة تنقسم"2 إلى محضة، وغير محضة.

وزاد في التسهيل ثالثا، وهو الشبيه بالمحضة3، وهو أنواع:

الأول: إضافة الاسم إلى الصفة، كما تقدم4.

والثاني: إضافة "المسمى إلى الاسم"5 نحو: "شهر رمضان" و"يوم الخميس" و"سعيد كرز".

والثالث: إضافة الصفة إلى الموصوف نحو: "سحقُ عمامة"6.

1 قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر له على قائل. من الخفيف.

الإعراب: "إن" حرف توكيد ونصب، "وجدي" وجد اسم إن منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم "والياء" ضمير مبني في محل جر مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله، "بك" في محل النصب مفعوله، "الشديد" نعت لاسم إن منصوب، "أراني" جملة في محل الرفع خبر إن، و"أراني" يستدعي ثلاثة مفاعيل: الأول الياء والثاني قوله: من عهدت و"من" موصولة في محل النصب والثالث قوله: "عاذرا"، و"عذولا" مفعول ثانٍ لعهدت ومفعوله الأول محذوف وهو الضمير العائد إلى الموصول، أعني عهدته، "وفيك" حال من "عذولا".

الشاهد: في "إن وجدي"، فإنه مصدر مضاف إلى فاعله واكتسب بإضافته التعريف؛ فلذلك وصف بالمعرفة وهو "الشديد"، فلو لم يكتسب تعريفا بإضافته لما جاز وصفه بالمعرفة.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 306، والسيوطي في همعه 2/ 48.

2 ب، جـ، وفي أ "تقسيم الإضافة".

3 راجع التسهيل 155.

4 نحو: "مسجد الجامع".

5 أ، ب، وفي جـ "الاسم إلى المسمى".

6 سحق بمعنى: بالية.

ص: 787

وقوله:

.................

وإن سقيت كرام الناس فاسقينا1

وذهب ابن عصفور إلى أنها غير محضة، وذهب غيره إلى أنها محضة.

الرابع: إضافة الموصوفات إلى القائم مقام الوصف، كقوله:

علا زيدنا يوم النَّقَا رأس زيدكم2

............................

1 عجز بيت قائله بشامة بن حزن النهشلي من قصيدة نونية، وهو من البسيط.

وصدره:

إنا محيوكِ يا سلمى فحيينا

الإعراب: "إنا" إن حرف توكيد ونصب ونا اسمه، "محيوك" خبره وأصله محيون إياك، فلما أضيف سقطت النون، "يا سلمى" منادى مفرد، "فحيينا" الفاء لربط الجواب بالشرط ولا شرط هنا، وإنما هي شبيهة بالشرط وفعل وفاعل ومفعول، كما في قوله: الذي يأتيني فله درهم، وبدخولها فهم ما أراده المتكلم من ترتيب لزوم الدرهم على الإتيان، فكذلك هنا فهم ما أراده من ترتيب لزوم تحيتهم على تحيتها، وكذلك الكلام في الشطر الثاني.

الشاهد: في "كرام الناس"، فإن إضافة الكرام إلى الناس إضافة الصفة إلى الموصوف.

2 صدر بيت. قال العيني: قائله رجل من طيئ، كذا قاله المبرد.

وتمامه:

بأبيض ماضي الشفرتين يماني

وقبله:

فإن تقتلوا زيدا بزيد فإنما

أقادكم السلطان بعد زمان

وهما من الطويل.

وقصته أن رجلا من طيئ يقال له: زيد من ولد عروة بن زيد الخيل، قتل رجلا من بني أسد يقال له: زيد، ثم أقيد به بعد، فقال شاعر طيئ في ذلك.

الشرح: "علا" من علا يعلو علوا، هذا في المكان، وأما في الشرف والرتبة، فيقال: على يعلي علاء وكلاهما متعد بمعنى: فاقه، "النقا" -بفتح النون والقاف- الحرب.

ويروى:

علا زيدنا يوم الحمى رأس زيدكم

الإعراب: "علا" فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر لا محل له من الإعراب، "زيد" فاعل و"نا" مضاف إليه من إضافة الموصوف إلى القائم مقام الوصف، أي: علا زيد صاحبنا رأس زيد صاحبكم، "ويوم" ظرف زمان منصوب، و"النقا" مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة، "رأس" مفعول به، و"زيد" مضاف إليه وهو مضاف و"كم" مضاف إليه، "بأبيض" جار ومجرور صفة حذف موصوفها أي: بسيف أبيض، "ماضي الشفرتين" صفة لأبيض كلام إضافي، "يماني" صفة أخرى لأبيض.

الشاهد: في "زيدنا"، فإن فيه إضافة الموصوف إلى القائم مقام الوصف. قال العيني: واستشهد به الزمخشري، وقال: أجرى زيدا مجرى النكرات، فأضافه كما أضيفت النكرات فقال: زيدنا وزيدكم.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 307، وابن يعيش 1/ 44، وابن هشام في المغني 1/ 50، والشاهد رقم 118 من خزانة الأدب.

ص: 788

أي: علا زيد صاحبنا رأس زيد صاحبكم، "فحذف"1 الصفتين وجعل الموصوف خلفا عنهما في الإضافة.

الخامس: إضافة المؤكَّد إلى المؤكِّد، وأكثر ما يكون في أسماء الزمان المبهمة نحو:"يومئذ"2، وقد يكون في "غيرها"3 كقول الشاعر:

فقلت انجوَا عنها نجا الجلد إنه

سيرضيكما منها سنام وغاربه4

أراد اكشطا عنها الجلد؛ لأن النجا هو الجلد.

1 أ، ب، وفي جـ "بحذف".

2 أ، جـ، وفي ب "حينئذ"، والأمثلة: يومئذ وحينئذ وعامئذ.

3 أ، ب، وفي جـ "غيرهما".

4 قال العيني: قائله هو أبو الجراح، قاله أبو علي البغدادي في كتاب المقصور والممدود. وقال الصاغاني في العباب: هو أبو الغمر الكلابي، وقد نزل عنده ضيفان فنحر لهما ناقة فقالا: إنها مهزولة، فقال معتذرا لهما، وهو من الطويل.

الشرح: "انجوا" أمر للاثنين من نجوت جلد البعير عنه، إذا سلخته، يخاطب الضيفين، "نجا الجلد" النجا مقصور اسم الجلد، "غاربه" أعلى الظهر.

الإعراب: "فقلت" الفاء عاطفة على ما قبلها و"قلت" فعل وفاعل، "انجوا" فعل أمر مبني على حذف النون والواو ضمير في محل رفع فاعل، "عنها" جار ومجرور، "نجا" مفعول به، و"الجلد" مضاف إليه من إضافة المؤكد إلى المؤكد، "إنه" إن واسمها، "سيرضيكما" جملة في محل رفع خبر إن، "منها" جار ومجرور، "سنام" فاعل "يرضي"، "وغاربه" عطف عليه والهاء مضاف إليه.

الشاهد: في "نجا الجلد"، فإنه أضاف المؤكد إلى المؤكد، قال العيني: هكذا قال ابن أم قاسم. والأحسن أن يقال فيه ما قاله الفراء، وهو إنما أضاف النجا إلى الجلد مع أن النجا هو الجلد؛ لأن العرب تضيف الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظ، كقوله: حق اليقين، ولدار الآخرة.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 307، والشاهد 309 من خزانة الأدب.

ص: 789

السادس: إضافة الملغى إلى المعتبر نحو:

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما1

...............................

السابع: إضافة المعتبر إلى الملغَى، كقول بعض الطائيين:

أقام ببغداد العراق وشوقه

لأهل دمشق الشام شوق مبرح2

الثالث: أهمل المصنف هنا نوعين مما لا يتعرف بالإضافة:

أحدهما: ما وقع موقع نكرة لا تقبل التعريف نحو: "رب رجل وأخيه".

و"كم ناقة وفصيلها"، و"فعل ذلك جهده، وطاقته".

1 صدر بيت قائله لبيد بن ربيعة العامري، وهو من الطويل.

وعجزه:

ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

الإعراب: "إلى الحول" جار ومجرور متعلق "بابكيا" بقرينة قوله: "ولا تخمشا" في البيت قبله، "ثم" عاطفة، "اسم" مبتدأ، "والسلام" مضاف إليه من إضافة الملغى إلى المعتبر، "وعليكما" جار ومجرور خبر المبتدأ و"من" الواو عاطفة، من "شرطية"، و"يبك" فعل الشرط مجزوم بحذف حرف العلة والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على من، "حولا" ظرف زمان منصوب، و"كاملا" نعت له، "فقد" الفاء واقعة في جواب الشرط وقد حرف تحقيق، "واعتذر" فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، والجملة جواب الشرط.

الشاهد: في "ثم اسم السلام"، فإن "اسم" مضاف إلى السلام وهو إضافة الملغى إلى المعتبر، يعني: لفظ الاسم هنا ملغى؛ لأن دخوله وخروجه سواء.

والمعنى: ثم السلام عليكما.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 307، والسيوطي في همعه 2/ 49، وابن يعيش 3/ 14، والشاهد رقم 305 من خزانة الأدب، والخصائص 3/ 29.

2 قال العيني والمرادي: قائله بعض الطائيين، وبحثت فلم أعثر على قائله، وهو من الطويل.

الشرح: "مبرح" أي: شديد، يقال: برح به الأمر تبريحا، أي: جهده.

الإعراب: "أقام" فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر، "ببغداد" في محل النصب على المفعولية، وبغداد لا ينصرف فلما أضيف انجر بالكسر، "العراق" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، "وشوقه" الواو للحال شوق مبتدأ وخبره شوق الثاني، "مبرح" صفته والجملة وقعت حالا وشوق مصدر مضاف إلى فاعله، "لأهل دمشق الشام" في محل نصب على المفعولية.

الشاهد: في "ببغداد العراق" و"دمشق الشام"، فإن الإضافة فيهما إضافة المعتبر إلى الملغى؛ وذلك لأن دخول العراق والشام وخروجهما سواء.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 307، والسيوطي في همعه 2/ 49.

ص: 790

ونحو:

...............

لا أباك تخوِّفيني1

لأن رب وكم يجران المعارف، والحال لا تكون معرفة، و"لا" لا تعمل في المعرفة.

ثانيهما: ما لا يقبل التعريف؛ لشدة إبهامه كغير ومثل وحسب2.

وزعم المبرد أن "غير" لا تتعرف أبدا، وقال السيرافي: تتعرف إذا وقعت بين متضادين، وزعم ابن السراج أنه إذا كان المغاير "والمماثل"3 واحدا كانت "غير ومثل""معرفين"4.

قال في شرح التسهيل: وقد يُعنَى "بغير" و"مثل" مغايرة خاصة ومماثلة

1 جزء من بيت لأبي حية النميري، وهو من الوافر.

وتمام البيت:

أبالموت الذي لا بد أني

ملاق......................

الشرح: قال ابن منظور: "أراد: تخوفينني، فحذف النون الأخيرة".

وقال الشيخ محمد محيي الدين في تعليقه على الأشموني 1/ 109: ".... وعلى هذا قرأ بعض القراء: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} فأذهب إحدى النونين استثقالا".

الإعراب: "أبالموت" الهمزة للاستفهام "بالموت" جار ومجرور متعلق بقوله: تخوفيني، "الذي" اسم موصول نعت للموت، "لا" نافية للجنس، "بد" اسم لا، "أني" أن واسمها، "ملاق" خبر أن وأن واسمها وخبرها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر "لا" و"لا" مع اسمها وخبرها لا محل لها من الإعراب صلة الموصول والعائد ضمير منصوب "بملاق"، "لا أباك" لا نافية للجنس "أبا" اسم لا منصوب بالألف وأبا مضاف والضمير مضاف إليه وخبر لا محذوف والجملة لا محل لها من الإعراب معترضة بين المعمول الذي هو الجار والمجرور والعامل الذي هو تخوفيني، و"تخوفيني" فعل مضارع مرفوع بالنون المحذوفة للتخفيف، وياء المخاطبة فاعل والنون الموجودة للوقاية والياء بعد النون مفعول به.

الشاهد: في "لا أباك" حيث إن "أبا" وقع موقع نكرة لا تقبل التعريف، وإن "لا" لا تعمل في المعرفة.

مواضعه: ذكره ابن منظور في لسان العرب جـ18 ص12، ومحب الدين مرتضي في تاج العروس جـ1 ص5، وابن مالك في التسهيل ص68، وابن يعيش في شرح المفصل 2/ 105، وابن هشام في الشذور ص343، والسيوطي في همعه 1/ 45.

2 راجع الأشموني 306، 307، 308.

3 ب، وفي أ، جـ "المقابل".

4 أ، ب، وفي جـ "معرفتين".

ص: 791

خاصة فيحكم بتعريفها. وأكثر ما يكون ذلك في "غير" إذا وقع بين ضدين، وأجاز بعض العلماء منهم السيرافي أن يعمل على هذا "قوله تعالى"1:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم} 2 لوقوع "غير" فيه بين متضادين وليس بلازم؛ لقوله تعالى: {نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} "فنعت"4 به النكرة مع وقوعه بين متضادين. ا. هـ.

ثم قال:

ووصل أل بذا المضاف مغتفر

الإشارة إلى الوصف "المشابه"5 للمضارع، يعني: أن وصل أل بما إضافته لفظية مغتفر لا مطلقا، بل بشرط كونه مضافا إلى ما فيه "أل" نحو:"الجعد الشعر".

أو مضافا إلى ما فيه أل نحو: "الضارب رأس الجاني" أو مثنى أو مجموعا على حدة نحو: "الضاربا زيد" و"المكرمو عمرو".

وأما جمع التكسير وجمع المؤنث السالم "فكالمفرد وعنهما احترز"6 بقوله: "سبيله اتبع" أي: اتبع سبيل المثنى في سلامة واحده وإعرابه بالحرفين. فإن قلت: مفهوم الشرط أن وصل أل "بذا المضاف"7 فيما سوى هذه الصور الأربع غير مغتفر.

وقد ذكر في التسهيل صورة خامسة8 يغتفر فيها ذلك "أيضا"9 و"هي"10 أن يكون الثاني مضافا إلى ضمير المقرون بأل، كقوله:

1 ب.

2 من الآية 7 من سورة الفاتحة.

3 من الآية 37 من سورة فاطر.

4 ب، جـ، وفي أ "فنكت".

5 ب، جـ، وفي أ "به".

6 أ، جـ، وفي ب "فمنهما تحرزا".

7 ب.

8 راجع التسهيل ص137، 156.

9 أ، جـ.

10 ب، جـ، وفي أ "هو".

ص: 792

الود أنتِ المستحقة صفوه1

........................

قلت: إنما أهمل هذه "الصورة"2 هنا لقلتها، وللخلاف في جوازها.

فإن المبرد منع الجر في نحو ذلك وأوجب النصب، ولكن الصحيح جوازه؛ لثبوته في المستحقة صفوه "هكذا"3 روي بالجر.

ثم قال:

وربما أكسبت ثانٍ أولا

ثأنيثا إن كان لحذف موهلا

يعني: أن المضاف قد يؤنث لتأنيث المضاف إليه، بشرط صحة حذفه، والاستغناء عنه بالمضاف إليه "فيشمل"4 أربعة أنواع:

الأول: أن يكون المضاف بعضا وهو مؤنث كقوله:

1 صدر بيت، قال العيني: لم أقف على اسم قائله. وبحثت فلم أعثر على قائله، من الكامل.

وعجزه:

مني وإن لم أرجُ منك نوالا

الشرح: "الود" -بضم الواو أو فتحها أو كسرها- المحبة، "المستحقة" التي تستوجب بما اشتملت عليه من صفات وممادح، "صفوه" خالصه ولبابه، "أرج" مضارع رجا الشيء يرجوه رجا ورجاوة، إذا أمله وطمع فيه، "نوالا" أي: عطاء.

المعنى: أنت التي تستحقين خالص مودتي ومحبتي، ولست أطمع في نوالك ولا أرجو منك جزاء.

الإعراب: "الود" مبتدأ وأنت مبتدأ ثانٍ، "المستحقة صفوه" خبر المبتدأ الثاني والجملة خبر المبتدأ الأول، والمستحقة مضاف إلى صفوه، وصفوه مضاف والضمير مضاف إليه وهو ضمير ما هو مقرون بأل الذي هو الود، "مني" جار ومجرور متعلق بالمستحقة، "وإن" الواو عاطفة، "إن" شرطية، "لم" حرف نفي وجزم وقلب، "أرج" فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة والجملة جملة الشرط، "منك" جار ومجرور متعلق بالفعل قبله، "نوالا" مفعول به وفاعل "أرج" ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا وصدر الكلام أغنى عن الجواب.

الشاهد: في "المستحقة صفوه" حيث أضاف الاسم المقترن بأل وهو المستحقة؛ لكونه وصفا مع كون المضاف إليه مضافا إلى صفوه يعود إلى ما فيه أل وهو الود.

مواضعه: ذكره ابن هشام في شرحه للألفية، والسيوطي في همع الهوامع 2/ 48، والأشموني 2/ 308.

2 أ، ب، وفي جـ "الصور".

3 ب، جـ، وفي أ "لكذاي".

4 أ، وفي ب، جـ "فشمل".

ص: 793

إذا بعض السنين تعرقتنا1

لأن بعض السنين سنة.

والثاني: أن يكون بعضا وهو مذكر كقوله:

.............

كما شرقت صدر القناة من الدم2

1 صدر بيت لجرير من قصيدة مدح بها هشام بن عبد الملك بن مروان، وهو من الوافر.

وعجزه:

كفى الأيتام فقد أبي اليتيم

الشرح: "تعرقتنا" يقال: تعرقت العظم إذا أكلت ما عليه من اللحم، "كفى" بمعنى أغنى يتعدى إلى مفعولين أولهما الأيتام وثانيهما فقد.

المعنى: يريد أنها أذهبت أموالنا ومواشينا وقد كفى الأيتام فقد آبائهم؛ لأنه أنفق عليهم وأعطاهم.

الإعراب: "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان، "بعض" فاعل فعل محذوف يفسره تعرقتنا المذكور، "تعرقتنا" جملة من فعل وفاعل ومفعول، "كفى" بمعنى أغنى يتعدى إلى مفعولين، "الأيتام" مفعول أول منصوب بالفتحة الظاهرة، "فقد" مفعول ثانٍ منصوب بالفتحة الظاهرة، "أبي" مضاف إليه، "اليتيم" مضاف إليه.

الشاهد: أن "بعضا" اكتسب التأنيث مما بعده؛ ولهذا قال: تعرقتنا بالتأنيث.

مواضعه: ذكره سيبويه في كتابه 1/ 25، والشاهد رقم 288 من الخزانة.

2 عجز بيت قائله الأعشى ميمون بن قيس، وهو من الطويل.

وصدره:

وتشرق بالقول الذي قد أذعته

الشرح: "تشرق" بريقه، إذا غص، "أذعته" أفشيته، "صدر القناة" الرمح.

الإعراب: "تشرق" فعل مضارع والفاعل ضمير، "بالقول" جار ومجرور في محل نصب مفعوله، "الذي" اسم موصول صفة للقول، "قد" حرف تحقيق، "أذعته" فعل وفاعل ومفعول والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، "كما" الكاف للتشبيه وما مصدرية، "صدر" فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، "القناة" مضاف إليه مجرور بالكسرة، "من الدم" جار ومجرور.

الشاهد: في "شرقت صدر" فإنها مؤنثة وفاعلها وهو الصدر مذكر، وكان القياس "شرق" ولكن لما كان الصدر الذي هو مضاف بعض المضاف إليه أعطي له حكمه.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 2/ 310، والسيوطي ص74، وأيضا في همعه 2/ 49، وابن هشام في المغني 2/ 113.

ص: 794

والثالث: أن يكون وصفا للمؤنث كقوله:

مشين كما اهتزت رماح تسفَّهت

أعاليها مر الرياح النواسم1

والرابع: ألا يكون بعضا ولا وصفا، ولكنه شبيه بالبعض في صلاحيته "للسقوط" 2 كقولهم: اجتمعت أهل اليمامة3.

وذكر الفارسي خامسا، وهو أن يكون المضاف "كل" كقول عنترة:

جادت عليه كل عين ثَرَّة4

.....................

1 قائله ذو الرمة غيلان بن عقبة، وهو من الطويل.

الشرح: "اهتزت" مالت واضطربت، "تسفهت" من قولهم: تسفهت الرياح الغصون، إذا أمالتها وحركتها، "النواسم" جمع ناسمة، وهي الرياح اللينة أول هبوبها.

المعنى: يقول: إن هؤلاء النسوة قد مشين في اهتزاز وتمايل، فهن يحاكين رماحا مرت بها ريح فأمالتها.

الإعراب: "مشين" فعل وفاعل، "كما" الكاف حرف تشبيه وجر "ما" مصدرية، "اهتزت" اهتز فعل ماض والتاء للتأنيث، "رماح" فاعل اهتزت، و"ما" المصدرية وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف، أي: مشين مشيا كائنا كاهتزاز

إلخ.

"تسفهت" تسفه فعل ماض والتاء للتأنيث، "أعاليها" أعالي مفعول به لتسفه وأعالي مضاف والضمير مضاف إليه، "مر" فاعل تسفهت و"مر" مضاف "الرياح" مضاف إليه، "النواسم" نعت للرياح، وجملة "تسفهت" نعت "لرماح".

الشاهد: في "تسفهت

مر الرياح" حيث أنّث الشاعر الفعل بتاء التأنيث مع أن فاعله مذكر وهو "مر" والذي جلب له ذلك إنما هو المضاف إليه، وهو "الرياح".

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص157، وابن عقيل 2/ 38، والأشموني 2/ 310، وداود، والمكودي ص86، وسيبويه 1/ 25، والخصائص 2/ 417.

2 أ، ب، وفي جـ "في السقوط".

3 قال سيبويه 1/ 26: "وسمعنا من يوثق به من العرب يقول: اجتمعت أهل اليمامة لأنه يقول في كلامه: اجتمعت اليمامة يعني: أهل اليمامة، فأنث الفعل في اللفظ إذ جعله في اللفظ لليمامة، فترك اللفظ على ما يكون عليه في سعة الكلام".

4 صدر بيت قائله عنترة بن شداد العبسي، وهو من الكامل.

وتمامه:

فتركن كل حديقة كالدرهم

الشرح: "ثرة" -بفتح الثاء وتشديد الراء- كل عين كثيرة الماء، "كل حديقة" ويروى: كل قرارة، "فتركن كل حديقة" معناه: أن الماء لما اجتمع استدار أعلاه، فصار كدور الدرهم. =

ص: 795

ومنه {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ} 1 والتأنيث في هذا النوع أفصح بخلاف ما قبله.

تنبيه:

قد يرد مثل ذلك في التذكير، ومنه قول الشاعر:

رؤية الفكر ما يئول له الأمر

معين على اجتناب التواني2

ثم قال:

ولا يضاف اسم لما به اتحد

معنى وأول موهما إذا ورد

= الإعراب: "جادت" جاد فعل ماض والتاء للتأنيث، "عليه" جار ومجرور والضمير يرجع إلى النبت في البيت قبله، "كل" فاعل، و"عين" مضاف إليه، و"ثرة" نعت لعين، "فتركن" الفاء عاطفة "تركن" فعل وفاعل، "كل" مفعول به، "حديقة" مضاف إليه، "كالدرهم" جار ومجرور نعت لحديقة.

الشاهد: في "جادت" حيث أنث مع إسناده إلى لفظة كل؛ لاكتساب كل التأنيث من المضاف إليه بإضافته.

مواضعه: ذكره ابن هشام في المغني 1/ 168، والسيوطي في همعه 2/ 74، والأشموني في شرحه للألفية 2/ 310.

1 من الآية 30 من سورة آل عمران.

2 قال العيني: لم أقف على اسم قائله. وبحثت فلم أعثر له على قائل، وهو من الخفيف.

الشرح: "ما يئول" ما يرجع له الأمر، "على اجتناب التواني" ويروى:"على اكتساب الثواب".

الإعراب: "رؤية" مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، "الفكر" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة من إضافة المصدر إلى فاعله، "ما يئول له الأمر" جملة وقعت مفعولا للمصدر أو في محل جر صفة للفكر، يعني الفكر الذي يرجع إليه الأمر، "معين" خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، "على" حرف جر، "اجتناب" مجرور بها، "التواني" مضاف إليه والجار والمجرور متعلق بقوله:"معين".

الشاهد: في "له الأمر" حيث قال: "له" ولم يقل: "لها"، فكأنه قال: الفكر الذي يئول له الأمر ويجوز أن يكون الاستشهاد في قوله: "معين" فإنه مذكر مع أن المبتدأ مؤنث، وذلك لسريان التذكير إليه من المضاف إليه وهو الفكر. ا. هـ. العيني.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص157، والأشموني 2/ 311، وداود، والمكودي ص87، والسيوطي ص74، وأيضا في همعه 2/ 49.

ص: 796

لا بد من كون المضاف غير المضاف إليه بوجه ما؛ لأن المضاف يتخصص أو يتعرف بالمضاف إليه، والشيء لا يتخصص ولا يتعرف بنفسه، وما أوهم ذلك أول.

فما يوهم الإضافة إلى المرادف نحو: "سعيد كرز""فيؤول"1 الأول بالمسمى، والثاني بالاسم، كأنك قلت: جاءني مسمى هذا اللقب.

ومما يوهم إضافة الصفة إلى الموصوف قولهم: "سحق عمامة"، "وجرد قطيفة، بإضافة الشيء إلى جنسه، أي: سحق من عمامة"2.

ومما يوهم إضافة الموصوف إلى صفته قولهم: "مسجد الجامع".

فيؤول بحذف المضاف إليه وإقامة صفة مقامه، أي: مسجد المكان الجامع.

وذهب الكوفيون إلى أن الصفة ذهب بها مذهب الجنس ثم أضيف الموصوف إليها كما يضاف بعض الجنس إليه في نحو: "خاتم حديد"، وعلى هذا فلا حذف.

وإضافة الصفة إلى موصوفها، والموصوف إلى صفته "لا ينقاس"3.

وأجاز الفراء إضافة الشيء إلى ما بما معناه؛ لاختلاف اللفظين، ووافقه ابن الطراوة وغيره ونقله في النهاية4 عن الكوفيين.

وقال الفراء: {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} 5 أضيفت الدار إلى الآخرة، وهي الآخرة.

والعرب قد تضيف الشيء إلى نفسه إذا اختلف لفظه كيوم الخميس.

وذكر مثلا منها: {حَقُّ الْيَقِينِ} 6 و {حَبَّ الْحَصِيدِ} 7 و {حَبْلِ الْوَرِيدِ} 8.

1 ب، جـ، وفي أ "فيئولون".

2 جـ، وقال الأشموني 2/ 311:".... أي: شيء جرد من جنس القطيفة، وشيء سحق من جنس العمامة".

3 أ، جـ، وفي ب "لا يقاس".

4 كتاب لابن الخباز.

5 من الآية 30 من سورة النحل.

6 من الآية 95 من سورة الواقعة.

7 من الآية 9 من سورة ق.

8 من الآية 16 من سورة ق.

ص: 797

وظاهر التسهيل وشرحه موافقة الفراء1.

ثم قال:

وبعض الأسماء يضاف أبدا

...................

إنما احتِيج "إلى"2 التنبيه على الأسماء التي لازمت الإضافة لخروجها عن الأصل، إذ الأصل جواز إفراد الاسم عن الإضافة.

ثم الأسماء "الملازمة"3 للإضافة على قسمين:

قسم يلازمها لفظا ومعنى نحو: "قصارى" و"حمادى"4 و"لدى".

وقسم يلازمها معنى لا لفظا نحو: "كل" و"بعض" و"أي".

وإلى هذا أشار بقوله:

...................

وبعض ذا قد يأتِ لفظا مفردا

تنبيهات:

الأول: لكلٍّ موضعان تلزم فيهما الإضافة لفظا ومعنى:

أحدهما: إذا "وقعت"5 نعتا، والآخر: إذا "وقعت"6 توكيدا خلافا للفراء والزمخشري في التوكيد.

الثاني: شذ تنكير "كل" ونصبه على الحال فيما "حكاه"7 أبو الحسن.

وعلى هذا، فلا يمتنع إدخال "أل""عليه"8.

الثالث: مذهب سيبويه والجمهور أن "كلا وبعضا" معرفتان "بنية"9 الإضافة، وقالوا:"مررت بكل قائما" و"ببعض جالسا"10.

1 راجع الأشموني 2/ 311.

2 ب، جـ، وفي أ "على".

3 أ، جـ، وفي ب "اللازمة".

4 قصارى وحمادى بمعنى: غايته.

5 ب، وفي أ، جـ "وقع".

6 ب، وفي أ، جـ "وقع".

7 أ، ب، وفي جـ "ذكره".

8 ب.

9 أ، جـ، وفي ب "على نية".

10 قال سيبويه 1/ 273: "هذا باب ما ينتصب خبره لأنه معرفة، وهي معرفة لا توصف ولا تكون وصفا. وذلك قولك: مررت بكل قائما، ومررت ببعض قائما وبعض جالسا".

ص: 798

وذهب الفارسي إلى أنهما نكرتان، وألزم من قال بتعريفهما أن يقول:"إن"1 نصفا وثلثا وسدسا معارف؛ لأنها في المعنى مضافات، وهي نكرة بإجماع.

ورد بأن العرب تحذف المضاف وتريده وقد لا تريده، ودل مجيء الحال بعد "كل وبعض" على إرادته.

ثم إن الملازم2 للإضافة "ثلاثة"3 أنواع:

أحدها: ما لزم الإضافة إلى "المضمر"4.

والثاني: "ما يضاف"5 إلى الظاهر "والمضمر"6.

والثالث: ما لزم الإضافة إلى الجملة.

وقد أشار إلى الأول بقوله:

وبعض ما يضاف حتما امتنع

إيلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع

كوحد لبى ودوالى سعدى

وشذ إيلاء يدي للبى

تقدم الكلام على نصب "وحد" في باب الحال، وهو ملازم للإضافة إلى "المضمر"7 ولازم الإفراد والتذكير؛ لأنه مصدر، وربما ثني مضافا إلى ضمير مثنى.

حكى ابن سيده8 "جلسا على وحدهما، وعلى وحديهما"9 ووحد منصوب دائما، وقد يجر بإضافة نسيج وجحيش وعيير.

1 ب، جـ.

2 أ، جـ، وفي ب "اللازم".

3 أ، ج، وفي ب "على ثلاثة".

4 أ، جـ، وفي ب "الضمير".

5 أ، ب، وفي جـ "ما لزم الإضافة".

6 أ، جـ.

7 أ، جـ، وفي ب "الضمير".

8 هو: علي بن أحمد بن سيده النحوي الأندلسي. كان حافظا، لم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو واللغة، قال أبو عمر الطلمنكي: دخلت مرسية فتشبث بي أهلها ليسمعوا علي غريب المصنف، فقلت لهم: انظروا من يقرأ عليكم، فأتوا برجل أعمى يعرف بابن سيده، فقرأ علي من أوله إلى آخره من حفظه فعجبت منه. شرح كتاب الأخفش وغيره. مات سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة عن نحو ستين سنة.

9 أ، جـ، وفي ب "جلسا على وحديهما وحدتهما".

ص: 799

والأول للمدح، والأخير للذم.

وزاد بعضهم قريع وحده وهو للمدح، وقد يجر بعلى كما سبق1.

وأما "لبى ودوالى وسعدى" فهي مصادر مثناة تلزم الإضافة إلى "المضمر"2، فتقول: لبيك وسعديك ودواليك ونحوها: حنانيك وهذاذيك وحجازيك وحذاريك.

قال في النهاية: ومن المصادر المثناة حذاريك -بفتح الحاء- ولا مفرد له.

تنبيهات:

الأول: الناصب لهذه المصادر واجب الإضمار، ويقدر في غير لبيك من لفظه والتقدير في لبيك:"أجبت"3 إجابتك، وكأنه من ألب بالمكان إذا قام به.

الثاني: يجوز استعمال لبيك وحده، وأما سعديك فلا يستعمل إلا تابعا للبيك.

قال سيبويه: أراد بقول لبيك وسعديك: إجابة بعد إجابة4.

الثالث: هذه التثنية عند الجمهور للتكثير "لا تقع على الواحد"5.

الرابع: ذهب الأعلم، إلى أن الكاف في لبيك وأخواته حرف خطاب لا موضع "له"6 من الإعراب وحذفت النون لشبه الإضافة.

1 قال السيوطي في همعه 2/ 50: "

يقال: هو نسيج وحده وقريع وحده إذا قصد قلة نظيره في الخير، وأصله في الثوب؛ لأنه إذا كان رفيعا لم ينسج على منواله، والقريع: السيد، وهو جحيش وحده وعيير وحده إذا قصد قلة نظيره في الشر وهما مصغر "عير" وهو الحمار، وجحش وهو ولده يذم بهما المنفرد باتباع رأيه، ويقال: هما نسيجا وحدهما وهم نسجاء وحدهم وهي نسيجة وحدها وهكذا، وقيل: لا يتصل بنسيج وإخوته العلامات فيقال: هما نسيج وحدهما وهكذا....".

2 أ، جـ، وفي ب "الضمير".

3 ب، جـ، وفي أ "أجبتك".

4 قال سيبويه "1/ 175: "كأنما أراد بقوله: لبيك وسعديك إجابة، كأن يقول: كلما أجبتك في أمر فأنا في الأمر الآخر مجيب، وكأن هذه التثنية أشد توكيدا".

5 ب وفي أ، جـ "لا شفع الواحد".

6 ب وفي أ، جـ "لها".

ص: 800

الخامس: حكى سيبويه عن بعض العرب1: لبِّ، على أنه مفرد لبيك غير أنه مبني على الكسر، لقلة تمكنه. واختلف فيه؛ فقيل: ينصب نصب المصدر كأنه قال: إجابة، وقال المصنف: جعلوه اسم فعل.

وقوله:

وشذ إيلاء يدي للبى

أشار إلى أنه شذت إضافته إلى الظاهر في قوله:

دعوت لما نابني مسورا

فلبى فلبى يدي مسور2

تنبيه:

ذهب يونس إلى أن لبيك اسم مفرد وأصله لبى قلبت ألفه ياء للإضافة إلى المضمر كما في عليك.

1 قال سيبويه 1/ 176: "وبعض العرب يقول: لب، فيجريه مجرى أمس وفاق، ولكن موضعه نصب".

2 من أبيات سيبويه التي لم يعرفوا لها قائلا 1/ 176، وقال العيني: لأعرابي من بني أسد، وهو من المتقارب.

الشرح: "دعوت" طلبت، "نابني" نزل بي وأصابني، "مسور" -بكسر الميم وسكون السين وفتح الواو- اسم رجل، "لبى" أجاب، "لبى يدي مسور" المراد الدعاء لمسور بأن يجاب دعاؤه كلما دعا إجابته بعد إجابة، وإنما خص يديه بالذكر؛ لأنهما اللتان أعطتاه ما سأل.

المعنى: أصل هذا أن رجلا دعا رجلا آخر اسمه موسر ليغرم عنه دية لزمته، فأجابه إلى ذلك. فالراجز يقول: دعوت مسورا للأمر الذي نزل بي فلباني، ثم دعا له.

الإعراب: "دعوت" فعل وفاعل، "لما" اللام حرف جر للتعليل، "ما" اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بدعوت، "نابني" ناب فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما والنون للوقاية والياء مفعول به، والجملة لا محل لها صلة الموصول، "مسورا" مفعول به لدعوت، "فلبى" الفاء عاطفة، "لبى" فعل ماض والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مسور والجملة معطوفة على جملة "دعوت مسورا"، وقوله:"فلبى يدي مسور" الفاء للتعليل، "ولبى" مصدر منصوب على المفعولية المطلقة بفعل محذوف، وهو مضاف ويدي مضاف إليه ويدي مضاف ومسور مضاف إليه.

الشاهد: في "فلبى يدي" حيث أضاف "لبى" إلى الاسم الظاهر وهو "يدي"، وذلك شاذ.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص159، وابن عقيل 2/ 41، والأشموني 2/ 313، وداود، والسندوبي، والأصطهناوي، والمكودي ص87، وابن هشام 2/ 191، وأيضا في المغني 2/ 143، والسيوطي ص75، وأيضا في الهمع 1/ 190، وابن يعيش 1/ 191، والشاهد رقم 93 من الخزانة، والكتاب 1/ 176.

ص: 801

ورد عليه سيبويه بقوله: "فلبى يدي مسور" لإثبات الياء مع الظاهر1، فإن قلت: قد ذكر في شرح التسهيل: إن إضافة لبيك إلى "المضمر"2 الغائب شاذة كإضافته إلى الظاهر، ومنه قول الراجز:

لقلت لبيه لمن يدعوني3

وظاهر كلامه هنا جواز إضافته إلى المضمر مطلقا.

قلت: لا يلزم من قوله: "امتنع إيلاؤه اسما ظاهرا" جواز إضافته لكل مضمر.

1 قال سيبويه 1/ 176: "وزعم يونس أن لبيك اسم واحد، ولكنه جاء على هذا اللفظ في الإضافة كقولك: عليك، وقال سيبويه:

دعوت لما نابني مسورا

فلبى فلبى يدي مسور

فلو كان بمنزلة على لقال: فلبى يدي مسور؛ لأنك تقول: على زيد إذا أظهرت الاسم.

2 أ، وفي ب، جـ "الضمير".

3 قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر له على قائل، من الرجز.

وقبله:

إنك لو دعوتني ودونيزوراء ذات مترع بيون

الشرح: "زوراء" -بفتح الزاي وسكون الواو- الأرض البعيدة الأطراف، "مترع" ممتد، "بيون" بزنة صبور: البئر البعيدة القعر، وقيل: الواسعة الرأس الضيقة الأسفل، "لبيه" فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، والأصل أن يقول: لقلت لك: لبيك.

المعنى: إنك لو ناديتني وأمامي أرض بعيدة الأطراف واسعة الأرجاء ذات ماء بعيد الغور، لأجبتك إجابة بعد إجابة، يريد أنه لا تعوقه عن إجابته صعاب ولا شداد.

الإعراب: "إنك" إن حرف توكيد ونصب والكاف ضمير المخاطب اسمه، "لو" شرطية غير جازمة، "دعوتني" دعا فعل ماض وضمير المخاطب فاعله والنون للوقاية والياء مفعول به والجملة شرط "لو"، و"دوني" الواو للحال، "دوني" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ودون مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، "زوراء" مبتدأ مؤخر وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال، "ذات" نعت لزوراء وذات مضاف، "مترع" مضاف إليه، "بيون" نعت لمترع، "لقلت" اللام واقعة في جواب لو، قلت فعل وفاعل والجملة جواب لو وجملة الشرط في محل رفع خبر إن في أول الأبيات، "لبيه" مفعول مطلق والهاء مضاف إليه، "لمن" اللام حرف جر ومن اسم موصول، "يدعوني" فعل وفاعل ومفعول والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

الشاهد: في "لبيه" حيث أضاف "لبى" إلى ضمير الغائب، وذلك شاذ والحكم أن يضاف إلى ضمير المخاطب.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن عقيل 1/ 40، والأشموني 2/ 313، وابن هشام 2/ 190، وفي المغني 2/ 143، والسيوطي ص75، وفي همعه 1/ 190.

ص: 802

وفي الارتشاف: "ويضاف"1 إلى الظاهر؛ تقول: لبى زيد وسعدى عمرو، وإلى ضمير الغائب قالوا: لبيه، ودعوى الشذوذ فيهما باطلة. هـ2.

ثم أشار إلى الثالث بقوله:

وألزموا إضافة إلى الجمل

حيث وإذ.......

شمل قوله: "إلى الجمل"، "الجملة"3 الاسمية والفعلية:

فالاسمية نحو: "جلست حيثُ زيدٌ جالس" و"إذ زيدٌ جالس".

والفعلية نحو: "حيثُ جلسَ زيد"، و"إذ جلسَ زيد".

فإن قلت: كيف قال: وألزموا مع إذ، حيث قد ورد إضافتها إلى مفرد، في قوله:

أما ترى حيثُ سهيلٍ طالعا4

........................

1 أ، ب، وفي جـ "ومضاف".

2 قال السيوطي في همعه 1/ 190: "ورده أبو حيان بأن سيبويه قال في كتابه: يقال: لبى زيد وسعدى زيد، فساق ذلك مساق المنساق المطرد".

3 ب.

4 صدر بيت بحثت فلم أعثر على قائله، وهو من الرجز.

وعجزه:

نجما يضيء كالشهاب لامعا

الشرح: "سهيل" -بضم السين- نجم تنضج الفواكه عند طلوعه وينقضي القيظ، "الشهاب" الشعلة من النار.

الإعراب: "أما" الهمزة للاستفهام "وما" نافية أو: "أما" كلها أداة استفتاح، "ترى" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، "حيث" مفعول به مبني على الضم في محل نصب وحيث مضاف و"سهيل" مضاف إليه، "طالعا" قيل: حال من سهيل ومجيء الحال من المضاف إليه -مع كونه قليلا- قد ورد في الشعر وهذا منه، وقيل: هو حال من "حيث" والمراد بحيث هنا مكان خاص مع أن وضعه على اسم مكان مبهم، "ونجما" منصوب على المدح بفعل محذوف، "يضيء" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نجم، والجملة في محل نصب صفة لنجم، "كالشهاب" جار ومجرور متعلق بيضيء، "لامعا" حال مؤكدة.

الشاهد: في "حيث سهيل"، فإنه أضاف حيث إلى اسم مفرد، وذلك شاذ عند جمهرة النحاة. وإنما تضاف عندهم إلى الجملة، وقد أجاز الكسائي إضافة "حيث" إلى المفرد، واستدل بهذا البيت ونحوه، وروي برفع "سهيل"، فتكون مضافة إلى الجملة فلا شاهد فيه. مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص159، وابن عقيل 2/ 34، والأشموني 314، والسيوطي ص75.

ص: 803

وقد جاءت غير مضافة في قوله:

إذا ريدة من حيثُ ما نفحت له1

.......................

قلت: أما إضافتها إلى المفرد "فهو ممنوع"2 عند البصريين إلا في ضرورة، وهو عند الكسائي في قياس.

وأما عدم إضافتها فهو أندر "منه"3 مع أن في شاهده احتمالا ظاهرا، فلندور ذلك واختصاصه بالضرورة قال: وألزموا.

وقوله:

............. وإن ينون يحتمل

إفراد إذ..........

1 صدر بيت قائله أبو حية النميري، واسمه المشمر بن الربيع، وهو شاعر مجيد من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، والبيت من الطويل.

وعجزه:

أتاه برياها خليل يواصله

الشرح: "ريدة" -بفتح الراء وسكون الياء وفتح الدال- يقال: ريح ريدة ورأدة وريدانة أي: لينة الهبوب، "نفحت" أي: هبت، "برياها" -بفتح الراء وتشديد الياء- الرائحة.

الإعراب: "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه، "ريدة" فاعل لفعل محذوف تقديره نفحت "يفسره المذكور"، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، "من" حرف جر، "حيث" ظرف قطع عن الإضافة مبني على الضم في محل جر، "ما" زائدة، "نفحت" نفح فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر تقديره هي يعود إلى ريدة، "له" جار ومجرور متعلق بنفحت، "أتاه" أتى فعل ماض والضمير في محل نصب مفعول به، "برياها" الباء حرف جر، و"ريا" اسم مجرور بالباء، والضمير مضاف إليه والجار والمجرور متعلق بأتاه، "خليل" فاعل أتى، "يواصله" جملة في محل رفع نعت لخليل، وجملة أتاه وقعت جوابا لإذا.

الشاهد: في "من حيث"، حيث قطعت عن الإضافة.

تقديره: إذا ريدة نفحت له من حيث هبت؛ وذلك لأن ريدة فاعل بفعل محذوف يفسره نفحت، فلو كانت نفحت مضافا إليه لزم بطلان التفسير، إذ المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف فلا يفسر عاملا فيه.

مواضعه: ذكره السيوطي في الهمع 1/ 212.

2 أ، جـ، وفي ب "فهي ممنوعة".

3 أ، جـ، وفي ب "منها".

ص: 804

يعني: أن إذ يجوز إفرادها لفظا عن الإضافة، لكن بشرط أن يعوض "عن"1 الجملة المحذوفة تنوين نحو:"يومئذ"، ولا تشاركها "حيث" في ذلك.

ولهذا قال: "يحتمل إفراد إذ".

فإن قلت: لِمَ كسرت الذال من يومئذ2 ونحوه؟

قلت: لالتقاء الساكنين خلافا للأخفش، إذ جعل كسرها للجر بالإضافة، ورد بأوجه منها: أنهم قالوا يومئذ بالفتح.

تنبيه:

قولهم: "إذ ذاك" ليس من الإضافة إلى المفرد، بل إلى جملة اسمية، والتقدير: إذ ذاك كذلك3.

........ وما كإذ معنى كإذ

أضف جوازا..........

يعني: أن "المشابه لإذ"4 في كونه اسم زمان مبهما غير محدود يراد به المضي أضيف جوازا "إلى"5 ما يضاف إليه إذ وجوبا، يعني: الجملتين، وذلك نحو: يوم وأيام.

فلو كان غير مبهم أو محدودا لم يضف إلى الجمل، فلا يجوز إضافة "أسبوع وشهر ويومين ونحو من المثنى وأجاز المغاربة إضافة"6 أسبوع وشهر ونحوه.

وأجاز ابن كيسان إضافة المثنى ولم يسمع، ولو مرادا به الاستقبال لم يضف كإذ، بل يضاف كإذا أعني: إلى جملة فعلية؛ لأن "إذا" وما حمل عليها لا يضاف إلى الاسمية.

1 أ، وفي ب، ج "من".

2 أ، جـ، وفي ب "يومئذ وحينئذ".

3 راجع الأشموني 2/ 314.

4 أ، ب، وفي جـ "ما شابه إذ".

5 أ، ب، وفي جـ "أي".

6 أ، جـ.

ص: 805

هذا مقتضى مذهب سيبويه؛ ولذلك يؤول قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} 1 على "تنزيله"2 منزلة الماضي.

قال المصنف: والصحيح جواز ذلك على قلة، يعني: في "إذا" وما حمل عليها.

تنبيهان:

الأول: منع صاحب البسيط إضافة المتوسع فيه إلى الجملة، قال: لأنه اسم حينئذ، والأسماء لا تضاف إلى الجمل، وليس بصحيح. بل قد أُضيف متوسعا فيه نحو:{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} 3.

الثاني: "الظاهر"4 أن إضافة أسماء الزمان إلى الجمل محضة تفيد التعريف.

وفي البسيط: قد يقال: لا تفيده؛ لأن الجمل نكرات.

ثم قال:

وابن أو أعرب ما كإذ قد أجريا

...........................

يعني: أنه يجوز فيما أجري مجرى "إذ" من أسماء الزمان فأضيف إلى جملة، وجهان: الإعراب وهو القياس، والبناء "وهو ضعيف"5، وسببه عند البصريين المشاكلة؛ ولذلك لم يجيزوه إلا قبل فعل مبني.

"و"6 قال المصنف: بل سببه شبه الظرف حينئذ بحرف الشرط في جعل الجملة التي تليه مفتقرة إليه، وإلى غيره، وذلك إن قمت من قولك:""حين"7 قمت قمت" كان كلاما تاما قبل دخول "حين" عليه وبعد دخولها حدث له افتقار، فشبه "حين" وأمثاله بإن.

1 من الآية 16 من سورة غافر.

2 أ، ب، وفي جـ "تنزله".

3 من الآية 35 من سورة المرسلات.

4 جـ.

5 ب، قال الأشموني 2/ 315:"أما الإعراب فعلى الأصل، وأما البناء فحملًا على إذ".

6 أ، جـ.

7 ب، جـ، وفي أ "حتى".

ص: 806

ثم قال:

..............

واختر بنا متلوّ فعل بُنيا

شمل قوله: "بنا" الماضي نحو:

على حين عاتبت المشيب على الصَّبَا1

......................

والمضارع المبني كقوله:

.....................

على حين يستصبين كل حليم2

1 صدر بيت قائله النابغة الذبياني من قصيدة يعتذر فيها للنعمان، من الطويل.

وعجزه:

ألما أصح والشيب وازع

الشرح: "عاتبت": لمت في تسخط، "الصبا" -بكسر الصاد- اسم الصبوة، وهي ميل إلى هوى النفس واتباع شهواتها، "المشيب" هو ابيضاض المسوَدّ من الشعر وقد يراد به الدخول في حده، أصح" فعل مضارع مأخوذ من الصحو وهو زوال السكر، "وازع" زاجر، كاف.

المعنى: أسلبت العبرة وقت معاتبتي الشيب حين حل وارتحل الصبا وقلت لنفسي موبخا: كيف لا أفيق من غفلتي والشيب أكبر زاجر. وقبل هذا البيت:

وأسبل مني عبرة فرددتها

على النحر منها مستهل ودامع

الإعراب: "على" حرف جر ومعناه هنا الظرفية، "حين" يروى بالجر معربا ويروى بالفتح مبنيا وهو المختار، وعلى كل حال هو مجرور بعلى لفظا أو محلا والجار والمجرور متعلق بقوله:"كفكف" في بيت سابق، "عاتبت" فعل وفاعله والجملة في محل جر بإضافة حين إليها، "المشيب" مفعول به لعاتبت، "على الصبا" جار ومجرور متعلق بعاتبت، "قفلت" الفاء عاطفة "وقلت" فعل وفاعله والجملة معطوفة على جملة عاتبت، "ألما" الهمزة للإذكار "لما" نافية جازمة وفيها معنى توقع حصول مجزومها، "أصح" فعل مضارع مجزوم بلما وعلامة جزمه حذف حرف العلة وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، "والشيب" الواو للحال والشيب مبتدأ، "وازع" خبره والجملة في محل نصب حال.

الشاهد: في "على حين عاتبت"، فإن الرواية وردت فيه بفتح "حين" على أنه مبني؛ لأنه اكتسب البناء مما أضيف إليه.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص160، وابن عقيل 2/ 45، والأشموني 2/ 315، وابن هشام 6/ 198، وأيضا في المغني 2/ 115، والسيوطي في الهمع 1/ 218، وابن يعيش 2/ 16، الشاهد 499 من الخزانة، وسيبويه 1/ 369.

2 عجز بيت. قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر له على قائل، وهو من الطويل.

وصدره:

لأجتذبن منهن قلبي تحلما

ص: 807

يروى ببناء "حين" أنشده في شرح التسهيل، فكلاهما يختار معه البناء، فعبارته هنا أجود من قوله في الكافية:

وقبل فعل ماض البنا رجح

والعكس قبل غيره أيضا وضح

ثم قال:

وقبل فعل معرب أو مبتدأ

أعرب...........

مثال الفعل المعرب: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 1 والمبتدأ.

ألم تعلمي يا عمرك الله أنني

كريم على حين الكرام قليل2

= الشرح: "لأجتذبن" مضارع مقرون بلام القسم ونون التوكيد الخفيفة وماضيه "اجتذب"، تقول: جذب الشيء يجذبه واجتذبه، وذلك إذا مده نحو نفسه، "تحلما" أي: تتكلف الحلم وتتصنعه، "يستصبين" يملن به إلى الصبوة، "حليم" عاقل.

المعنى: يقول: إنه سيجتذب قلبه من هؤلاء النسوة، ويتخلص من محبتهن، تصنعا للعقل والحكمة، في الوقت الذي لهن فيه من المسكنة ما يملن به كل عاقل.

الإعراب: "لأجتذبن" اللام واقعة في جواب القسم، "أجتذب" فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والنون حرف دال على التوكيد، "منهن" جار ومجرور متعلق بأجتذب، "قلبي" قلب مفعول به لأجتذبن والياء مضاف إليه، "تحلما" مفعول لأجله، "على حين" جار ومجرور متعلق بأجتذب، "يستصبين" فعل وفاعل، "كل" مفعول به وكل مضاف "وحليم" مضاف إليه، والجملة في محل جر بإضافة حين إليها.

الشاهد: في "على حين يستصبين"، فإن الرواية بفتح "حين" على أنه مبني بسبب إضافته إلى الفعل المضارع المبني؛ لاتصاله بنون النسوة.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 3/ 315، والمكودي ص88، وابن هشام 2/ 199، وأيضا في المغني 2/ 115، والسيوطي في الهمع 1/ 218.

1 من الآية 119 من سورة المائدة.

2 قائله موبال بن جهم المذحجي، ويقال: قائله: مبشر بن مبشر الهذلي الفزاري، من الطويل.

الإعراب: "ألم" الهمزة للاستفهام "ولم" حرف نفي وجزم وقلب، "تعلمي" فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون وياء المخاطبة فاعل، "يا" لمجرد التنبيه، "عمرك" منصوب نصب المصادر فإذا دخلت عليه اللام يرفع بالابتداء وظاهره القسم وليس مراده هنا، إذ المراد بتعميرك الله أي: بإقرارك له بالبقاء، "أنني كريم" أن واسمها وخبرها سدت مسد مفعولي "تعلمي"، "على حين" على حرف جر وحين مجرور، وأعرب لأنه وقع قبل مبتدأ وهو "الكرام"، و"قيل" خبر المبتدأ.

الشاهد: في "حين الكرام" حيث أعربت "حين" قبل المبتدأ. مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 2/ 325، والمكودي ص88، وابن هشام في المغني 2/ 115، والسيوطي في الهمع 1/ 218.

ص: 808

فالإعراب قبل هذين جائز باتفاق.

وأما البناء فمنعه البصريون وأجازه الكوفيون، "ومال"1 الفارسي إلى تجويزه.

واختاره المصنف؛ ولذلك قال: "ومن بنى فلن يفندا".

لأن علة البناء "ليست لطلب"2 المشاكلة، بل ما تقدم3.

قد ورد السماع بالبناء قبل الجملة الاسمية في قوله: على حين الكرام قليل4، فإنه روي بالفتح، وإذا ثبت قبل الاسمية كان قبل "الفعل"5 المضارع أولى؛ لأن أصله البناء.

ثم قال:

وأُلزموا إذا إضافة إلى

جمل الأفعال كهن إذا اعتلى

مذهب الجمهور أن "إذا" لازمة "للإضافة"6، والجملة بعد "ها"7 في موضع جر والعامل فيها جوابها.

وقيل: ليست مضافة، والعامل فيها الفعل الذي يليها لا جوابها؛ لأن جوابها قد يقترن بما لا يعمل ما بعده فيما قبله، كالفاء وإذا الفجائية وما النافية.

ولأن "وقتي"8 الشرط والجواب قد يختلفان في نحو: "إذا جئتني غدا "أجيئك"9 بعد غد".

1 أ، جـ، وفي ب "وأما".

2 أ، وفي ب "ليس طلب"، وفي جـ "ليست طلب".

3 بل سببه شبه الظرف حينئذ بحرف الشرط.......... إلخ.

4 وورد السماع أيضا في قراءة نافع: "هذا يومَ ينفع" بالفتح.

5 ب.

6 أ، ج، وفي ب "الإضافة".

7 ب، جـ.

8 جـ، وفي أ "وقت"، وفي ب "جزئي".

9 أ، وفي ب، جـ "جئتك".

ص: 809

ومذهب سيبويه أنها لا تضاف إلا إلى جملة فعلية نحو "قوله"1: "هن إذا اعتلى"2، وأما نحو:{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} 3 فعلى تقدير الفعل.

قال في شرح التسهيل: لا يجيز سيبويه غير ذلك، وقال السهيلي عن سيبويه: إنه يجيز على إرادة الابتداء بعد إذا الشرطية وأدوات الشرط إذا كان الخبر فعلا، وأجاز الأخفش مع ما أوجبه سيبويه جعل المرفوع بعدها مبتدأ.

قال في شرح التسهيل: وبقوله أقول، وجزم هنا بمذهب سيبويه.

ثم قال:

لمفهم اثنين معرف بلا

تفرق أضيف كلتا وكلا

كلا وكلتا من الأسماء "الملازمة"4 للإضافة لفظا ومعنى، ولا يضافان إلا لمفهم اثنين، "فيشمل"5 المثنى نحو:"كلا الرجلين" وضميره نحو: "كلاهما" و"كلانا" واسم الإشارة إلى المثنى ولو بلفظ الإفراد كقوله:

إن للخير وللشر مدى

وكلا ذلك وجه وقبل6

1 ب.

2 قال سيبويه 1/ 54: "وما يقبح بعده ابتداء الأسماء ويكون الاسم بعده إذا أوقعت الفعل على شيء من سببه نصبا في القياس: إذا وحيث. ويقبح ابتداء الاسم بعدهما إذا كان بعده الفعل لو قلت: اجلس حيث زيد جلس، أو اجلس إذا زيد يجلس.

ولإذا موضع آخر يحسن فيه ابتداء الأسماء بعدها، تقول: نظرت فإذا زيد يضربه عمرو؛ لأنك لو قلت: نظرت إذا زيد يذهب لحسن....".

3 الآية 1 من سورة الانفطار.

4 أ، جـ، وفي ب "اللازمة".

5 أ، ج، وفي ب "فيشمل".

6 قائله هو عبد الله بن الزبعرى أحد شعراء قريش المعدودين، وكان في أول الدعوة الإسلامية مشركا يهجو المسلمين ثم أسلم. والبيت من كلمة له يقولها وهو مشرك يوم أحد، وهو من الرمل.

الشرح: "مدى" غاية ومنتهى، "وجه" جهة، "وقبل" -بفتح القاف والباء- له عدة معانٍ منها الحجة الواضحة.

المعنى: يقول: إن للخير وللشر غاية ينتهي إليها واحد منهما، وكل منهما أمر واضح لا يخفى على أحد. =

ص: 810

واحترز بقوله: "معرف" من المنكر، فلا يضافان إليه.

وحكى الكوفيون إضافتها إلى النكرة "إذا"1 كانت "محدودة"2 نحو: "كلا رجلين عندك قائمان""واحترز بقوله"3: "بلا تفرق" من نحو: "كلا زيد وعمرو"، فإنه لا يجوز إلا في الضرورة كقوله:

كلا الضيفن المشنوء والضيف نائل

لدى المنى والأمن في اليسر والعسر4

= الإعراب: "إن " حرف توكيد، "للخير" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن تقدم، "وللشر" معطوف على ما قبله بالواو، "مدى" اسم إن مؤخر عن خبرها، "وكلا" الواو عاطفة، وكلا مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة "وكلا" مضاف واسم الإشارة في "ذلك" مضاف إليه، واللام للبعد والكاف حرف خطاب، "وجه" خبر المبتدأ، "وقبل" معطوفة بالواو على ما قبلها.

الشاهد: في "وكلا ذلك" حيث أضاف "كلا" إلى مفرد لفظا وهو "ذلك"؛ لأنه مثنى في المعنى لعوده على اثنين.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم 161، وابن عقيل 2/ 48، وابن هشام 2/ 203، وداود، والأشموني 2/ 317، والسيوطي ص76، وفي همعه 2/ 50، وابن يعيش 3/ 3.

1 أ، ب، وفي جـ "إن".

2 أ، جـ، وفي ب "مجردة".

3 ب، وفي أ، جـ "وقوله".

4 البيت بحثت عنه فلم أعثر على قائله، وهو من الطويل.

الشرح: "الضيفن" -بفتح الضاد وسكون الياء وفتح الفاء- تابع الضيف وهو الذي يسمى الطفيلي والنون فيه زائدة، فوزنه "فعلن" لا "فيعل"، "المشنوء" -بفتح الميم وسكون الشين وضم النون- المبغض، وروي "واجد" بدل "نائل"، وروي:"العسر واليسر".

الإعراب: "كلا" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة، الضيفن مضاف إليه، "المشنوء" بالجر صفة للضيفن، "والضيف" الواو عاطفة، الضيف معطوف على الضيفن، "نائل" خبر المبتدأ، "لدى" نصب على الظرف أي: عندي، "المنى" مفعول لقوله: نائل، "والأمن" عطف عليه، "في اليسر" جار ومجرور في محل نصب على الحال، "والعسر" عطف عليه.

الشاهد: في كلا الضيفن "أن كلا أضيف إلى مفرد معطوف عليه آخر، وهذا لا يجوز إلا في الضرورة".

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 317.

ص: 811

وذكر ابن الأنباري أن "كلا" يضاف إلى مفرد، بشرط أن تكرر نحو:"كلاي، وكلاك محسنان" وأوردها على أنها من كلام العرب، ولم يذكر المصنف إلا في "أي".

ثم قال:

ولا تضف لمفرد معرف

أيا.....

من الأسماء "الملازمة"1 للإضافة "أي": ويجوز إضافتها إلى النكرة بلا شرط وإلى المعرفة بشرط إفهام تثنية نحو: "أي الرجلين2 وأيهما"، أو جمع نحو:"أي الرجال3 وأيهم".

ولا تضاف إلى مفرد "معرفة"4 نحو: "أي زيد عندك"؛ لأنها بمعنى بعض "مع"5 المعرفة.

ولا يصح ذلك في هذا المثال ونحوه، ويستثنى من ذلك صورتان:

"إحداهما"6: أن "تكرر"7 أيا معطوفا بالواو، كقوله:

.....................

أيّي وأيك فارس والأحزاب8

1 أ، جـ، وفي ب "اللازمة".

2 أ.

3 أ.

4 أ، جـ، وفي ب "معرف".

5 أ، ب، وفي جـ "وفي".

6 أ، ب.

7 أ، جـ وفي ب "تكون".

8 عجز بيت. قال العيني: لم أقف على اسم قائله. وبحثت فلم أعثر على قائل، من الكامل.

وصدره:

فلئن لقيتك خاليين لتعلمن

الشرح: "خاليين" يريد ليس معنا أحد، "الأحزاب" جمع حزب: الجماعة من الناس والطائفة يكون أمرهم واحدا.

المعنى: يتوعد مخاطبه ويقول له: إذا انفردنا ونزل كل منا إلى صاحبه، فستعلم أينا الشجاع.

الإعراب: "فلئن" الفاء عاطفة واللام موطئة للقسم، "إن" شرطية، "لقيتك""لقي" فعل ماض واقع فعل الشرط والتاء فاعل والضمير "الكاف" مفعول به، "خاليين" حال من =

ص: 812

والأخرى: أن تقصد الأجزاء نحو: "أي زيد أحسن" بمعنى: أي أجزائه.

وإليهما أشار بقوله:

.... وإن كرَّرتها

فأضف، أو تنو الأجزا

ثم قال:

..... واخصصن بالمعرفه

موصولة أيا....

يعني: أن "أيا" الموصولة لا تضاف إلا إلى معرفة وهذا هو الأشهر، وأجاز بعضهم إضافتها إلى النكرة، ذكره ابن عصفور وغيره.

وقوله: "وبعكس الصفة" يعني: أن "أيا" إذا وقعت صفة، لم تضف إلا إلى نكرة بعكس الموصولة، والواقعة حالا كالواقعة صفة1.

ثم قال:

وإن تكن شرطا أو استفهاما

فمطلقا كمِّل بها الكلاما

يعني أن "أيا" إذا وقعت شرطا أو استفهاما، جاز إضافتها إلى النكرة، وإلى المعرفة على التفصيل السابق2.

فظهر بهذا أن "لأي"3 ثلاثة أحوال:

ثم قال:

وألزموا إضافة لدن فجر

= الفاعل ومن المفعول معا منصوب بالياء، "لتعلمن" جواب القسم وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه، وأكد الفعل بنون التوكيد الخفيفة، "أيي" مبتدأ ومضاف إليه، "وأيك" عطف عليه، "فارس الأحزاب" خبر المبتدأ ومضاف إليه، والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي تعلم. وعلق تعلم عنها بسبب الاستفهام.

الشاهد: في "أيي وأيك"، حيث أضاف لفظ "أي" إلى مفرد معرفة لأنه تكرر، ولولا هذا التكرار لم تجز إضافته للمعرفة المفردة.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن هشام 2/ 205، والأشموني 2/ 317، والسيوطي ص76.

1 مثال الموصولة مضافة إلى المعرفة: "يعجبني أيهم قائم"، وإلى النكرة:"يعجبني أي رجلين قاما"، ومثال الواقعة صفة:"مررت برجل أي رجل"، والواقعة حالا:"مررت بزيد أي فتى".

2 مثالهما "أي رجل يأتيني فله درهم"، {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} ، {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} ، {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ} .

3 ب، جـ، وفي أ "لها".

ص: 813

من الأسماء الملازمة للإضافة "لدن"، وهي لأول غاية زمان أو مكان.

وتضاف إلى المفرد، وإلى الجملة.

وقوله: "فجر" يعني: لفظا أو محلا لتندرج الجملة.

ومن إضافتها إلى جملة اسمية قوله:

وتذكر نعماه لدن أنت يافع1

..............

وفعلية قوله:

صريع غوانٍ راقهن ورقنه

لدن شب حتى شاب سود الذوائب2

1 صدر بيت. قال في الدرر اللوامع 1/ 184: لم أعثر على قائله. وبحثت فلم أعثر له على قائل.

وعجزه:

إلى أنت ذو فودين أبيض كالنسر

الشرح: "نعماه" -بضم النون- النعمة، "اليافع" الشاب، "فودين" قال في الصحاح:"فود" معظم شعر الرأس مما يلي الأذن، وفود الرأس جانباه والجمع أفواد. والفودان: قرنا الرأس وناحيتاه، ويقال: بدا الشيب بفوديه، وفي الحديث:"كان أكثر شيبه في رأسه" أي: ناحيتيه.

الإعراب: "وتذكر" الواو عاطفة، "تذكر" فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، "نعماه" نعمى مفعول به والضمير مضاف إليه، "لدن" ظرف يصلح للزمان والمكان، "أنت يافع" مبتدأ وخبر والجملة في محل جر بإضافة لدن إليها، "إلى" ابتدائية، "أنت" مبتدأ، "ذو" خبر، "فودين" مضاف إليه، "أبيض" خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره: أنت، "كالنسر" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ثالث، أو خبر لمبتدأ محذوف أيضا.

الشاهد: في "لدن أنت يافع"، حيث أضيفت "لدن" إلى الجملة الاسمية.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 318، والسيوطي في الهمع 1/ 215.

2 قائله القطامي، واسمه عمير بن شييم، من الطويل.

الشرح: "صريع" المصروع: هو المطروح على الأرض غلبة، "غوانٍ" جمع غانية وهي الجارية التي غنيت بحسنها عن الحلي، "راقهن" أعجبهن، وروي:"شاقهن وشقنه"، "ورقنه" أعجبنه، "الذوائب" جمع ذؤابة: خصلة من الشعر.

المعنى: أنه صريع مغلوب على أمره بسبب الغانيات اللاتي تعلق بهن منذ نشأ، وتعلقن به حتى شاب.

الإعراب: "صريع" بالجر بدل من قوله: "مستهلك" في بيت سابق، وبالرفع خبر لمبتدأ محذوف، "غوان" مضاف إليه، "راقهن" فعل ماض والفاعل ضمير مستتر فيه يعود إلى =

ص: 814

ولم يضف إلى الجمل من ظروف المكان إلا حيث ولدن. وقال ابن برهان: إلا "حيث"1 وحدها.

وقوله:

ونصب غدوة بها عنهم ندر

سمع في "غدوة" بعد "لدن" الجر والنصب والرفع.

أما الجر فهو الأصل2، وأما النصب "فشاذ، ووجه"3 بثلاثة أوجه:

أحدها: أن "لدن" شبهت باسم الفاعل "في ثبوت"4 نونها تارة، وحذفها أخرى فنصب بها.

وضعف لسماع النصب بعد "لد"5 المحذوفة النون.

والثاني: أن النصب على إضمار "كان" الناقصة.

والثالث: أنه على التمييز.

وقال سيبويه: ولا تنصب لدن غير غدوة6.

= صريع غوان وضمير الغائبات مفعول به، "ورقنه" الواو حرف عطف وراق فعل ماض ونون النسوة فاعل وضمير الغائب مفعول به، "لدن" ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب، وقد نازع فيه كل من راقهن ورقنه، "شب" فعل ماض وفاعله ضمير مستتر والجملة في محل جر بإضافة لدن إليها، "حتى" حرف غاية وجر، "شاب" فعل ماض مبني على الفتح، "سود" فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، "الذوائب" مضاف إليه مجرور بالكسرة.

الشاهد: في "لدن شب"، حيث أضاف "لدن" إلى جملة "شب" وهي فعلية، والفاعل مستتر جوازا.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن هشام 2/ 207، والأشموني 2/ 318، وداود، والمكودي ص98، والسيوطي في الهمع 1/ 215.

1 ب، جـ، وفي أ "حديث".

2 قال سيبويه 1/ 107: "والجر في غدوة هو الوجه، والقياس".

3 أ، جـ، وفي ب "فرجه".

4 أ، ج "لثبات"، وب "لثبوت"، والأحسن في ثبوت.

5 أ، ب، وفي جـ "لدن".

6 قال سيبويه 1/ 28: "إن لدن إنما ينصب بها مع غدوة"، وفي 1/ 107:"أن لدن لها مع غدوة حال ليست في غيرها تنصب بها، كأنه ألحق التنوين في لغة من قال له وذلك قولك: من لدن غدوة".

ص: 815

وأما الرفع فرواه الكوفيون، ووجه بإضمار "كان"1.

وقال ابن جني: لشبهه بالفاعل فرفع، فظاهره أنها مرفوعة بلدن ولم يذكر الرفع هنا، وذكره في التسهيل2.

وقوله: "بها" يقتضي أن نصب غدوة بلدن لا بكان المقدرة.

وقوله: "ومع مع فيها قليل".

مع اسم لمكان الاصطحاب أو وقته على ما يليق بالمصاحب، وهو ملازم للإضافة والظرفية وقد يجر بمن. حكى سيبويه: ذهب مِنْ مَعِهِ3.

وهو معرب في أكثر اللغات، وبناؤه على السكون لغة ربيعة.

وفي المحكم4 "لغة"5 ربيعة6 وغنم ولم يحفظ سيبويه أنه لغة، فزعم أنه ضرورة.

وقوله: "قليل" يعني بالنسبة إلى اللغة الأخرى.

وزعم أبو جعفر النحاس أن الإجماع منعقد على حرفيتها إذ كانت ساكنة.

وليس بصحيح، بل الصحيح أنها باقية على اسميتها، وهذا مفهوم من قوله:"فيها".

يعني: أن الإسكان قليل في موضع الاسمية، ولو كانت المسكنة حرفا لم يكن الإسكان في الاسمية7.

وقوله:

........... ونقل

فتح وكسر لسكون يتصل

هما: مرتبان لا مفرعان؛ من أعربها فتح، ومن بناها على السكون كسر؛ لالتقاء الساكنين.

1 كان التامة، والتقدير: لدن كانت غدوة.

2 قال في التسهيل ص97: "وقد يرفع".

3 الكتاب 1/ 309.

4 هو كتاب لابن سيده.

5 أ، ب.

6 هو ابن تغلب بن وائل رأس القبيلة، ودليل البناء على السكون قوله:

فريشي منكم وهواي معكم

وإن كانت زيارتكم لماما

7 ب، ج.

ص: 816

وقوله:

واضمم -بناء- غيرا إن عدمت ما

له أضيف ناويا ما عدما

قبل كغير، بعد، حسب، أول

ودون والجهات أيضا، وعل

يعني أن هذه الأشياء المذكورة، أعني: غير "وقبلا"1 وما بعدهما، إذا حذف ما يضاف لم يخل إما أن ينوى معناه دون لفظه، أو ينوى لفظه "أ"2 ولا ينوى.

فإن نوى معناه دون لفظه بنيت على الضم؛ لشبهها بحرف الجواب والاستغناء عما بعدها، مع ما فيها من شبه الحرف في الجمود والافتقار3.

وإن نوى لفظه أعربت إعراب المضاف "ولم تنون"4.

حكى الفراء في معانيه5 أن من العرب من يقول: "من قبل" بالخفض.

وحذف التنوين للإضافة. وإن لم ينو أعربت6 ونونت كقراءة من قرأ: "من قبلٍ ومن بعدٍ"7 بالتنوين. ومنه قوله:

فساغ لي الشراب وكنت قبلًا

أكاد أغص بالماء الحميم8

وإلى هذا أشار بقوله:

وأعربوا نصبا.....

البيت.

1 ب، وفي أ "قليلا".

2 ب، جـ.

3 بالجمود والكلام يستقيم بوضع في "في الجمود"، ومثال المبني قوله تعالى:{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} راجع الأشموني 2/ 321.

4 أ، جـ.

5 كتاب له في تفسير القرآن الكريم.

6 أي: قطعت عن الإضافة لفظا ومعنى، فلم ينو لفظه ولا معناه.

7 من الآية 4 من سورة الروم.

8 قال العيني: قائله عبد الله بن يعرب، والصواب أنه ليزيد بن الصعق، من الوافر.

الشرح: "ساغ لي الشراب" حلا ولان وسهل مروره في الحلق، "أغص" مضارع من الغصص وهو في الأصل انحباس الطعام في المريء ووقوفه في الحلق، واستعمل ههنا في موضع الشرق، "الماء الحميم" هو الذي تشتهيه النفس، وفي غير هذا الموضع يطلق على الماء الحار، ويروى: الماء الفرات. =

ص: 817

فإن قلت: لم ينبه على أنه إذا نوى لفظه أعرب، بل ظاهر قوله:"ناويا ما عُدما" يقتضي بناءه.

قلت: إذا نوى لفظه صار كالمنطوق به، فكأنه ما عدم.

فإن قلت: قوله: وأعربوا نصبا ليس بجيد؛ لأن هذه الأسماء قد تجر حال التنكير، كقراءة "من قرأ"1:"من قبل ومن بعد".

قلت: الغالب فيها النصب وجرها قليل، فكأنه اقتصر على النصب "لذلك"2.

فإن قلت: قوله: "إذا نكر" يفهم أن هذه الأسماء إذا بُنيت على الضم كانت معرفة.

قلت: والأمر كذلك.

وقال في البسيط: قال بعضهم: هي نكرات، وإنما يريد قبل شيء.

وجعل بعض النحويين التنوين في قوله: "وكنت قبلا" تنوين العوض و"أن"3 "قبلا" معرفة بنية الإضافة.

= المعنى: لما أدركت ثأري هدأت نفسي وطاب خاطري، وكنت قبل ذلك أتألم من أسهل الأشياء وألذها.

الإعراب: "فساغ" الفاء عاطفة وساغ فعل ماض، "لي" جار ومجرور متعلق بساغ، "الشراب" فاعل ساغ، "وكنت" الواو للحال، "كان" فعل ماض ناقص والتاء ضمير المتكلم اسمها، "قبلا" منصوب على الظرفية يتعلق بكان، "أكاد" فعل مضارع واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، "أغص" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة في محل نصب خبر أكاد، وجملة أكاد واسمها وخبرها في محل نصب خبر كان، وجملة كان واسمها وخبرها في محل نصب حال، "بالماء" جار ومجرور متعلق بأغص، و"الحميم" نعت للماء.

الشاهد: في "قبلا"، حيث أعرب منونا؛ لأنه قطع عن الإضافة لفظا ومعنى.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص136، وابن عقيل 2/ 56، والأشموني 2/ 322، والشاطبي، وابن هشام 2/ 213، والمكودي ص91، والسيوطي ص78، وأيضا في الهمع 1/ 210، وابن يعيش 4/ 88، والشاهد رقم 69 من الخزانة.

1 ب، جـ.

2 أ، ب.

3 أ، جـ.

ص: 818

في شرح الكافية: وهذا القول عندي حسن1.

ثم قال:

وما يلي المضاف يأتي خَلَفا

عنه في الإعراب إذا ما حُذِفا

يجوز حذف المضاف للعلم به، والأكثر حينئذ أن يخلفه المضاف إليه في الإعراب نحو:{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} 2 أي: حب العجل.

وقد يخلفه في التنكير إن كان المضاف مثلا نحو: "مررت برجل زهير""أي: مثل زهير"3؛ ولذلك نعت به النكرة.

وربما خلفه في غير ذلك، كالتذكير والتأنيث.

ثم قال:

وربما جروا الذي أبقوا كما

قد كان قبل حذف ما تقدما

يعني: أن المضاف إليه قد يبقى بعد حذف المضاف مجرورا، كما كان قبل حذفه.

ولذلك شرط ذكره في قوله:

لكن بشرط أن يكون ما حُذِف

مماثلا لما عليه قد عُطِف

يعني: أن شرط جر المضاف إليه بعد حذف المضاف، أن يكون المحذوف معطوفا على مثله لفظا ومعنى بعاطف متصل، نحو:

أكل امرئ تحسبين امرأ

ونارٍ تَوَقَّد بالليل نارا4

1 نص شرح الكافية، ورقة 67:"وهذا عندي قول حسن".

2 من الآية 93 من سورة البقرة.

3 أ، ب.

4 قائله أبو دؤاد الإيادي، وهو من المتقارب.

الشرح: "تحسبين" تظنين، "توقد" أصله تتوقد -تاء المضارعة وتاء تفعل، فحذفت إحداهما تخفيفا- ومعنى "توقد" تشتعل وتتوهج.

المعنى: لا تظني كل شخص رجلا كاملا، بل الكامل من اجتمع له من الصفات والخصال أحسنها وأسماها. ولا تظني كل نار تتوقد في الليل نارا محمودة، بل المحمود منها ما توقد لقرى الأضياف. =

ص: 819

أو منفصل بلا كقولهم: "ما كل سوداء تمرة، ولا بيضاء شحمة"1 والجر في هذا النوع "بالشرط المذكور"2 مقيس، وليس ذلك مشروطا بتقدم نفي "أو"3 استفهام، كما ظن بعضهم.

وما خلا مما قيد به المقيس فهو محفوظ لا يقاس عليه، كقولهم:"مررت بالتيمي عدي، أي: أحد تيم عدي"4 قاله المصنف، فجر دون عطف وكقراءة ابن

= الإعراب: "أكل" الهمزة للاستفهام الإنكاري، كل مفعول أول "تحسبين" مقدم عليه، "وكل" مضاف، "وامرئ" مضاف إليه، "تحسبين" فعل وفاعل، "امرأ" مفعول ثانٍ، "ونار" الواو عاطفة والمعطوف عليه محذوف، والتقدير: وكل نار، "فنار" مضاف إليه في الأصل، وذلك المعطوف المحذوف -وهو المضاف- هو المعطوف على "كل امرئ" المتقدم، "توقد" أصله: تتوقد؛ فحذف إحدى التاءين وهو فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى نار، والجملة نعت لنار، و"بالليل" جار ومجرور متعلق بتوقد، "نارا" معطوف على قوله:"امرئ" المنصوب السابق.

الشاهد: في "نار" حيث حذف المضاف فيه وترك المضاف إليه بإعرابه، إذ تقديره: وكل نار. فحذف "كل" وترك "نار" بالجر على ما كان عليه، ولا يجوز أن يعطف "نار" المجرور على "امرئ" إذ فيه عطف على عاملين بواو واحدة.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص165، وابن عقيل 2/ 59، وابن هشام 2/ 223، والمكودي ص91، وداود، والشاطبي، والسيوطي ص78، وفي همعه 2/ 52، وابن يعيش 3/ 26، وابن هشام في المغني 1/ 224، وسيبويه 1/ 33، والأشموني 2/ 223.

1 وفي مجمع الأمثال للميداني 2/ 281 رقم 3868 مجمل حديثه: أن عامر بن ذهل وثب على عمه قيس بن ثعلبة، فجعل يخنقه لأنه أخذ مال أبيه. فقال قيس: يابن أخي دعني فإن الشيخ متأوه فذهب قوله مثلا. ثم قال: ما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة. يعني أنه وإن أشبه أباه خَلقا فلم يشبهه خُلُقا، فذهب قوله مثلا يضرب في موضع التهمة. ا. هـ.

وقال سيبويه 1/ 33: "وإن شئت نصبت شحمة وبيضاء في موضع جر، كأنك لفظت بكل فقلت: ولا كل بيضاء".

2 ب، وفي أ، جـ "بالشروط المذكورة".

3 أ، جـ، وفي ب "ولا".

4 أ، جـ، وفي ب "كقول بعض العرب: رأيت التيمي تيم عدي".

ص: 820

الجماز1 {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} 2 -بالخفض- والعاطف مفعول وقدره المصنف عرض الآخرة3.

ثم قال:

ويُحذف الثاني فيبقى الأول

كحاله إذا به يتصل

يعني: أن المضاف إليه قد يحذف وينوى لفظه، فيبقى المضاف على حاله قبل الحذف فلا ينون، ولا ترد إليه النون إن كان مثنى أو مجموعا؛ ولذلك "شرط"4 ذكره في قوله:

بشرط عطف وإضافة إلى

مثل الذي له أضفت الأولا

أي: بشرط عطف مضاف إلى مثل المحذوف، كقول بعضهم:"قطع الله يد ورِجْل من قالها"5.

وقول الشاعر:

.................

بين ذراعي وجبهة الأسد6

1 هو أبو الربيع سليمان بن مسلم بن جماز الزهري المدني. كان مقرئا جليلا وضابطا نبيلا، من أفاضل رواة أبي جعفر، أحد القراء العشرة المشهورين. توفي سنة 170هـ.

2 من الآية 67 من سورة الأنفال.

3 راجع الأشموني 2/ 325.

4 جـ، وفي ب "شروط" وسقط من أ.

5 قال الأشموني 2/ 326: "الأصل: قطع الله يد من قالها ورجل من قالها، فحذف ما أضيف إليه "يد" لدلالة ما أضيف إليه "رجل" عليه".

وقال ابن عقيل 2/ 61: "وأكثر ما يكون ذلك إذا عطف على المضاف اسما مضافا إلى مثل المحذوف من الاسم الأول، كقولهم: قطع الله يد ورجل من قالها.

والتقدير: قطع الله يد من قالها ورجل من قالها؛ فحذف ما أضيفت إليه "يد" وهو "من قالها"؛ لدلالة ما أضيف إليه "رجل" عليه". ا. هـ.

6 عجز بيت قائله الفرزدق، يصف فيه عارض سحاب اعترض بين نوء الذراع ونوء الجبهة، وهما من أنواء الأسد، وهو من المنسرح.

وصدره:

يا من رأى عارضا أسر به

الشرح: "عارضا" أي: سحابا، "أسر به" أفرح به ويروى:"أكفكفه" يكفكف دمعه: يمسحه مرة بعد أخرى ليرده، ويروى:"أرقت له" بمعنى سهرت لأجله، "بين ذراعي" أراد بذراعي وجبهة الأسد الكوكبين اللذين يدلان على المطر عند طلوعهما، وذراعا الأسد وجبهة الأسد منزلان من منازل القمر، والذراع والجبهة من أنواء الأسد.

الإعراب: "يا" حرف نداء والمنادى محذوف تقديره: يا قوم، ويحتمل أن يكون "من" منادى مفردا وعلى الأول يكون من استفهامية، "رأى" فعل ماض والفاعل ضمير، "عارضا" مفعول، "أسر به" على صيغة المجهول وهي جملة في محل نصب صفة لقوله: عارضا =

ص: 821

وجاء نظيره في عدة أبيات1.

وقال الفراء: لا يجوز ذلك إلا في المصطحبين كاليد والرجل، والنصف والربع، وقبل وبعد. فأما نحو دار وغلام، فلا يجوز ذلك فيهما.

تنبيهات:

الأول: ذهب ابن عصفور في تخريج قولهم: "قطع الله يد ورجل من قالها" ونحوه إلى أن التقدير: يد من قالها ورجله فحذف الضمير، "وأقحم المعطوف بين المضاف والمضاف إليه"2.

الثاني: قد يفعل ذلك دون عطف كقوله:

ومن قبل نادى كل مولى قرابة3

....................

= "بين" منصوب على الظرفية، "ذراعي" مضاف إلي مقدر، أي: بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد، فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه.

الشاهد: في "ذراعي وجبهة الأسد"، حيث حذف المضاف إليه وأبقى المضاف، والتقدير: بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 2/ 326، والمكودي ص92، والشاطبي، والأصطهناوي، وابن هشام في المغني 2/ 45، وابن يعيش 3/ 21، والشاهد رقم 136 من الخزانة، وسيبويه 1/ 92، والخصائص 2/ 497.

1 منها:

سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها

فنِيطت عرا الآمال بالزرع والضرع

2 أ، ب، وفي جـ "وأقحم المضاف بين المضاف إليه".

3 صدر بيت. قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر على قائله، وهو من الطويل.

وعجزه:

فما عطفت مولى عليه العواطف

الشرح: "مولى قرابة" أراد به ابن العم، "عطفت" أمالت، "العواطف" جمع عاطفة، وهي اسم فاعل من عطف.

المعنى: يصف الشاعر شدة نزلت بقوم، فاستغاث كلٌّ بذوي قرابته، فلم يغيثوه واستنجدهم لدفع ما عرض له فلم ينجدوه.

الإعراب: "ومن قبل" جار ومجرور متعلق بقوله: نادى الآتي، "نادى" فعل ماض، "كل" فاعل نادى وكل مضاف "ومولى" مضاف إليه، "قرابة" مفعول به لنادى، "فما" الفاء عاطفة "وما" نافية، "عطفت" عطف فعل ماض والتاء للتأنيث، و"مولى" مفعول به لعطفت، "عليه" جار ومجرور متعلق بعطف، "والعواطف" فاعل عطفت.

الشاهد: في "قبل" حيث حذف المضاف إليه وأبقى المضاف على حاله الذي كان قبل الحذف من غير تنوين، مع أن الشرطين غير متحققين؛ لأنه ليس معطوفا عليه اسم مضاف إلى مثل المحذوف وهو قليل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص165، وابن عقيل 2/ 62، وابن هشام 2/ 211، والأشموني 2/ 322، 326، وداود، والأصطهناوي، والسيوطي ص78، وأيضا في همعه 1/ 210.

ص: 822

كذا رواه الثقات بالكسر بلا تنوين.

قال المصنف: استعمال هذا الحذف في الأسماء الناقصة "الدلالة"1 قليل، وفي الأسماء التامة "الدلالة"2 كثير.

فمن ذلك قراءة ابن محيصن3: "فلا خَوْفُ عليهم"4 أي: فلا خوف شيء عليهم وقد يفعل ذلك مع عطف على مضاف إلى مثل المحذوف وهو عكس الأول. ومن شواهده قول أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه5: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أو ثمانيَ".

هكذا ضبطه "الحافظ"6 في صحيح البخاري بفتح الياء دون تنوين، والأصل: أو ثماني غزوات.

ثم قال:

1 ب.

2 ب، جـ، وفي أ "للدلالة".

3 هو محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي المكي، مقرئ أهل مكة مع ابن كثير. قال ابن مجاهد: وكان ممن تجرد للقراءة وقام بها في عصر ابن كثير، محمد بن عبد الرحمن بن محيصن، وكان نحويا يقرأ القرآن على ابن مجاهد.

قال أبو القاسم الهذلي: مات سنة ثلاث وعشرين ومائة بمكة.

4 من الآية 69 من سورة المائدة، برفع خوف من غير تنوين مع كسر الهاء.

5 أبو برزة -بفتح الباء وسكون الراء وفتح الزاي- نضلة -بفتح النون وسكون الضاد- بن عبد الله، وقيل: كان اسمه نيارا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وقال: "نيار شيطان". وأبو برزة أسلم قديما وشهد فتح مكة، وروي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وأربعون حديثا، وتوفي بالبصرة وقيل: بل بخراسان سنة ستين، وقيل: أربع وستين.

6 أ، ج، وفي ب "الحافظ".

ص: 823

فصل مضاف شبه فعل ما نصب

مفعولا أو ظرفا أجز ولم يعب

فصل يمين....

مذهب أكثر البصريين أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه ممتنع إلا في الشعر، وذهب المصنف إلى أنه يجوز في السعة بشيئين:

الأول: ما نصبه المضاف المشابه للفعل من مفعول به أو ظرف "أو مجرور"1.

فمن الفصل بالمفعول به قراءة ابن عامر2: "قَتْلُ أَوْلَادَهُمْ شُرَكَائِهِمْ"3.

وبالظرف قول الشاعر:

......................

كناحت يوما صخرة بعسيل4

1 أ، ب، وفي جـ "أو مصدر".

2 هو عبد الله بن عامر بن يزيد، ولد سنة إحدى وعشرين. قال أبو علي الأهوازي: كان عبد الله بن عامر إماما عالما ثقة فيما أتاه حافظا لما رواه. توفي بدمشق يوم عاشوراء سنة ثماني عشرة ومائة.

3 من الآية 137 من سورة الأنعام، بنصب "أولاد" وجر "شركاء" وقتل بالرفع نائب فاعل لزين وهو مضاف إلى شركاء، من إضافة المصدر لفاعله باعتبار أمرهم به و"أولادهم" مفعول فصل به بين المتضادين.

4 عجز بيت. قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر له على قائل، وهو من الطويل.

وصدره:

فرِشْني بخير لا أكونن ومدحتي

الشرح: رشني أمر من راش يريش، يقال: رشت فلانا: أصلحت حاله، ومعناه أصلح حالي "بعسيل" مكنسة العطار التي يجمع فيها العطر.

المعنى: يقول لمخاطبه الذي يستجديه: أصلح شأني ولا تردني خائبا بعد هذا السعي والعناء؛ لئلا أكون في مدحي لك كمن ينحت الصخرة بمكنسة العطار، يتعب بدون فائدة.

الإعراب: "فرشني" الفاء للاستئناف، "رش" فعل أمر والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والنون للوقاية والياء مفعول به، "بخير" جار ومجرور متعلق بـ "رش"، "لا" ناهية، "أكونن" فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، "ومدحتي" الواو بمعنى مع، "مدحة" مفعول معه منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم وياء المتكلم مضاف إليه واسم "أكون" ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا، "كناحت" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر "أكون"، "يوما" ظرف زمان منصوب وناحت مضاف، "وصخرة" مضاف إليه، "بعسيل" جار ومجرور متعلق بناحت.

الشاهد: في "كناحت يوما صخرة"، فإن قوله:"ناحت" اسم فاعل مضاف إلى مفعوله وهو "صخرة" وقد فصل بينهما بالظرف وهو "يوما"، والتقدير: كناحت صخرة بعسيل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن هشام 2/ 221، وداود، والمكودي ص92، والسيوطي ص71، وأيضا ص79 في الهمع 2/ 51.

ص: 824

وبالمجرور قول الآخر:

لأنت معتاد في الهيجا مصابرة1

....................

قال في شرح التسهيل: فهذا من أحسن الفصل؛ لأنه فصل بمعمول المضاف، ويدل على جوازه في2 الاختيار قوله صلى الله عليه وسلم:"هل أنتم تاركو لي صاحبي؟ "3.

وقول من يوثق بعربيته: "ترك يوما نفسِك وهواها، سعيٌ لها في رداها"4.

وقوله: "شبه فعل""يشمل"5 المصدر واسم الفاعل، ومن الفصل بالمفعول

1 صدر بيت قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر له على قائل، وهو من البسيط.

وعجزه:

يصلى كل من عاداك نيرانا

الشرح: "الهيجا" قال الجوهري: الحرب، وتمد وتقصر وههنا مقصورة، "يصلى" من قولهم: صليت الرجل نارا، أدخلته النار.

الإعراب: "لأنت" اللام للتوكيد، "أنت" مبتدأ، "معتاد" خبره، "في الهيجا" جار ومجرور متعلق بمعتاد مضاف، "ومصابرة" مضاف إليه، "يصلى" فعل مضارع، "بها" جار ومجرور متعلق بيصلى كل "فاعل"، "من" اسم موصول مضاف إليه، "عاداك" عادى فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى من والكاف ضمير مبني في محل نصب مفعول به والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، "نيرانا" مفعول به ليصلى.

الشاهد: في "في الهيجا"، فإنه فصل بين المضاف وهو قوله:"معتاد" والمضاف إليه وهو "مصابرة"، فالفصل بالجار والمجرور.

مواضعه: ذكره المكودي في شرحه للألفية ص92.

2 أ، ب.

3 هذا بعض حديث عن أبي الدرداء في البخاري ومسلم، وقد وقع نزاع بين بعض الصحابة وأبي بكر فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال ما معناه: جئتكم بالهدى فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟

و"تاركو" اسم فاعل مضاف إلى مفعوله وهو "صاحبي" بدليل حذف النون، وقد فصل بينهما بالجار والمجرور وهو "لي" المتعلق بالمضاف.

4 هذه نصيحة: "ترك" مبتدأ وهو مصدر، "يوما" ظرف له فصله عن فاعله وهو "نفس" المضاف إليه ومفعوله محذوف، "وهواها" مفعول معه أي: ترك نفسك شأنها مع هواها يوما، "سعي"

خبر ويحتمل أنه مضاف لمفعوله والفاعل محذوف أي: تركك نفسك، وهو الأحسن.

5 أ، ب وفي جـ "شمل".

ص: 825

مع اسم الفاعل قراءة بعض السلف: "فلا تحسبنّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ"1 بنصب الوعد وخفض الرسل2.

وقوله: "فصل""مفعول"3 مقدم لأجز، وقوله:"شبه فعل" صفة لمضاف.

وقوله: "ما نصب" فاعل بالمصدر الذي هو فصل، وقوله:"مفعولا أو ظرفا""حالان"4 من "ما".

والتقدير: أجز أن يفصل المضاف المشابه للفعل عما أضيف إليه منصوبه حال كونه مفعولا "به"5 أو ظرفا وفي حكمه المجرور.

الثاني: القسم نحو ما حكاه الكسائي من قولهم: "هذا غلامُ والله زيدٍ"6، وإليه أشار بقوله:"ولم يُعَب فصل يمين".

وزاد في الكافية الفصل بإما، وقال:"الفصل بإما مغتفر" هـ، كقوله:

هما خطتا إما إسار ومنة7

.....................

1 من الآية 47 من سورة إبراهيم، "مخلف" اسم فاعل متعدّ لاثنين وهو مضاف إلى "رسله" مفعوله الأول، و"وعد" مفعول ثانٍ وقد فصل به بينهما.

2 ب.

3 ب، جـ، وفي أ "معمول".

4 ب، وفي أ، جـ "حال".

5 أ، جـ.

6 بجر "زيد" بإضافة "غلام" إليه.

7 صدر بيت قائله تأبط شرا، واسمه ثابت بن جابر الفهمي جاهلي، وهو من الطويل.

وعجزه:

وإما دم والقتل بالحر أجدر

الشرح: "هما خطتا" أصله: هما خطتان، فحذفت منها النون، وهي تثنية خطة وهي القصة والحالة، "إسار" -بكسر الهمزة- بمعنى الأسر، والتقدير: خطتا أسر.

المعنى: ليس لي إلا واحدة من خصلتين اثنتين على زعمكم، إما إسار والتزام منكم إن رأيتم العفو، وإما قتل هو أولى بالحر وهذا تهكم واستهزاء.

الإعراب: "هما" ضمير مبتدأ، "خطتا" خبره مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة، "إما" تفصيلية، "خطتا" مضاف، "وإسار" مضاف إليه، "ومنة" الواو عاطفة "ومنه" معطوف على "إسار"، و"القتل" الواو استئنافية و"القتل" مبتدأ، "بالحر" جار ومجرور متعلق بأجدر "الآتي" وأجدر خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: في "خطتا إما إسار" حيث فصل فيه "إما" بين المضاف وهو "خطتا"، والمضاف إليه وهو "إسار".

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 2/ 328، والسيوطي ص79، وفي همعه 2/ 49، وابن هشام في المغني 2/ 202، والشاهد رقم 547 من الخزانة.

ص: 826

في رواية من جر1، 2.

ثم نبه على أن "الفصل"3 بغير ذلك مخصوص بالضرورة، فقال:

واضطرارا وُجدا

بأجنبي أو بنعت، أو ندا

الأجنبي: ما ليس بمعمول "للمضاف"4 من مفعول "به"5 "أ"6 وظرف "أ"7 ومجرور "أ"8 وفاعل.

مثال المفعول قول الشاعر:

تسقي امتياحا ندى المسواك ريقتها9

................................

1 راجع الأشموني 3/ 326، 327، 328.

2 في الكافية، ورقة 69 قال: والفصل بإما مغتفر. وفي شرحها قال: ومن الفصل بإما قول الشاعر:

هما خطتا إما إسار ومنة

وإما دم والقتل بالحر أجدر

في رواية الجر هـ راجع الأشموني 2/ 326، 327، 328.

3 أ، ب، وفي جـ "المتصل".

4 أ، ب، وفي جـ "المضاف".

5 أ، ب.

6 ب.

7 ب.

8 ب.

9 صدر بيت قائله جرير بن عطية الخطفي، من قصيدة يمدح بها يزيد بن عبد الملك بن مروان ويهجو أهل المهلب، وهو من البسيط.

وعجزه:

كما تضمن ماء المزنة الرصف

الشرح: "امتياحا" من ماح فاه بالسواك يميح إذا استاك، "الندى" -بفتح النون- البلل من النداوة، "المزنة" السحابة البيضاء، "الرصف" -بفتح الراء والصاد- الحجارة المرصوفة وماء الرصف: هو الماء الذي ينحدر من الجبال على الصخر.

"المسواك": العود الذي يستاك به، "الريقة": الرضاب، وهو ماء الفم.

المعنى: أن أم عمرو تسقي من بلل ريقها المسواك عند استياكها، فيشتمل على ريقها الصافي العذب، كما يشتمل الرصف على ماء المطر الصافي.

الإعراب: "تسقي" فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر تقديره هي يعود إلى أم عمرو المذكور فيما قبله، "امتياحا" حال من فاعل "تسقي"، "ندى" مفعول ثانٍ لتسقي "المسواك" =

ص: 827

والظرف كقوله:

كما خُط الكتاب بكف يوما

يهودي يقارب أو يزيل1

والمجرور كقوله:

= مفعول أول "لتسقي"، وندى مضاف "وريقة" مضاف إليه، ففصل بالمفعول الثاني بين المضاف "ندى" والمضاف إليه "ريقة"، "وريقة" مضاف والضمير مضاف إليه، "كما" الكاف حرف تشبيه وجر داخلة على المصدر "ما" مصدرية، "تضمن" فعل ماض، "ماء" مفعول به لتضمن وماء مضاف والمزنة مضاف إليه، "الرصف" فاعل لتضمن "وما" المصدرية وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالكاف.

الشاهد: في "المسواك"، فإنه نصب على المفعولية لتسقي، وفصل به بين المضاف وهو "ندى" وبين المضاف إليه وهو "ريقها"، والتقدير: تسقي ندى ريقتها المسواك.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص167، وابن هشام 2/ 2231، والأشموني 2/ 328، وداود، والأصطهناوي، والسيوطي في الهمع 3/ 52.

1 البيت لأبي حية النميري، واسمه الهيثم بن الربيع بن زرارة يصف رسم دار، من الوافر.

الشرح: كما خط الكتاب "ويروى": كتحبير الكتاب، "يهودي" إنما خص اليهود؛ لأنهم أهل الكتاب حينذاك، "يقارب" يضم بعض ما يكتبه إلى بعض، "يزيل" يفرق بين كتابته ويباعد.

المعنى: يشبه ما بقي متناثرا من رسوم الديار هنا وهناك بكتابة اليهودي كتابا جعل بعضه متقاربا وبعضه متفرقا.

الإعراب: "كما" الكاف حرف تشبيه وجر "ما" مصدرية، "خط" فعل ماض مبني للمجهول، "الكتاب" نائب فاعل خط، "بكف" جار ومجرور متعلق بخط، "يوما" منصوب على الظرفية بخط أيضا، "كف" مضاف "يهودي" مضاف إليه، وقد فصل بينهما بالظرف و"ما" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: رسم هذه الدار كائن كخط الكتاب.... إلخ، "يقارب" فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى "يهودي"، والجملة في محل جر نعت "يهودي"، "أو يزيل" أو عاطفة، وجملة يزيل معطوفة على ما قبلها.

الشاهد: في "يوما"، فإنه نصب على الظرفية بقوله:"خط"، وقد فصل به بين المضاف وهو "كف" والمضاف إليه وهو "يهودي"، والحال أنه أجنبي، فلا يجوز ذلك إلا في الضرورة.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص166، وابن عقيل 2/ 64، والأشموني 2/ 318، وابن هشام 2/ 232، والشاطبي، والأصطهناوي، والمكودي ص92، والسيوطي ص79، وفي همعه 2/ 52، وابن يعيش 1/ 103، وسيبويه 1/ 91، والإنصاف 2/ 351.

ص: 828

هما أخوا في الحرب من لا أخا له1

والفاعل كقوله:

أنجب أيامَ والداه به

إذ نجلاه فنعم ما نجلا2

1 صدر بيت قائلته عمرة الخثعمية ترثي ابنيها. وقيل: قائلته درنا بنت عبعبة من بني قيس بن ثعلبة. قاله سيبويه، وهو من الطويل.

وعجزه:

إذا خاف يوما نبوة فدعاهما

الشرح: "نبوة" -بفتح النون وسكون الباء- من نبا السيف، إذا لم يعمل في الضريبة.

المعنى: تقول: كانا لمن لا أخا له في الحرب ولا ناصر، أخوين ينصرانه إذا غشيه العدو، فخاف أن ينبو عن مقاومته.

الإعراب: "هما" ضمير مبتدأ، "أخوا" خبره مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة في الحرب جار ومجرور وأخوا مضاف، "من" اسم موصول مضاف إليه، "لا" نافية للجنس مبني على الفتح المقدر على الألف، وفي هذا التعبير كلام طويل وخلافات كثيرة اخترنا أيسرها، "له" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر "لا"، و"لا" مع اسمها وخبرها لا محل لها من الإعراب صلة "من"، "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان، "خاف" فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى "من" فعل شرط، "يوما" ظرف زمان منصوب، "نبوة" مفعول به "لخاف"، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، "فدعاهما" جملة وقعت جواب الشرط.

الشاهد: في "أخوا في الحرب من لا أخا له"، حيث فصل بأجنبي بين المضاف وهو "أخوا"، وبين المضاف إليه وهو "من لا أخا له".

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص167، والشاطبي، والأصطهناوي، وابن يعيش 3/ 21، والسيوطي في الهمع 2/ 52، وسيبويه 1/ 92، والإنصاف 2/ 521، والخصائص 2/ 405.

2 البيت للأعشى ميمون بن قيس، من قصيدة يمدح فيها سلامة ذا فائض الحميري، وهو من المنسرح.

الشرح: أنجب أيام والداه، ويروى: أنجب أزمان والداه، "ويروى": أنجب أيام والديه به، "أنجب" من أنجب الرجل إذا ولد نجيبا.

الإعراب: أنجب فعل ماض، "أيام" ظرف زمان منصوب، "والداه" والدا فاعل أنجب مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة، والدا مضاف والضمير مضاف إليه، "به" جار ومجرور متعلق بأنجب، "إذا" ظرف لما مضى من الزمان، "نجلاه""نجلا" فعل وفاعل والضمير مفعول به والجملة في محل جر بإضافة "إذا" إليها، "فنعم" الفاء عاطفة، "نعم" فعل ماض لإنشاء المدح، "ما" موصولة فاعل نعم، "نجلا" فعل وفاعل والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول يجوز أن تكون "ما" نكرة فتكون تمييزا لفاعل وهو الضمير المستتر وتكون "نجلا" جملة من الفعل والفاعل في محل نصب صفة لما والرابط محذوف والتقدير: فنعم هو مولودا نجلاه.

الشاهد: حيث فصل بين المضاف وهو "أيام" والمضاف إليه وهو "إذ نجلاه" بأجنبي وهو والداه وهو فاعل أنجب، إذ التقدير: أنجب والداه به أيام إذ نجلاه.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص167، وابن هشام 3/ 330، والأشموني 2/ 328، والسيوطي ص89، وأيضا في همعه 2/ 53.

ص: 829

وكذا لو كان الفاعل مرفوعا بالمضاف، فإن الفصل به مخصوص بالضرورة كقوله:

نرى أسهما للموت تصمي ولا تنمي

ولا ترعوي عن نقض أهواؤنا العزم1

فإن قلت: لا تؤخذ هذه الصورة من كلامه هنا.

قلت: قد يفهم من قوله: "ما ينصب"، فعلم أن المرفوع لا يسوغ الفصل به اختيار، ومثال النعت قول الشاعر:

1 قال العيني: أنشده ثعلب ولم يعزه لأحد، وبحثت فلم أعثر له على قائل، وهو من الطويل.

الشرح: أسهما جمع سهم، "تصمي" من الإصماء من أصميت الصيد، إذا رميته فقتلته بحيث تراه، "ولا تنمي" من الإنماء من أنميت الصيد، إذا رميته فغاب عنك ثم مات.

والمعنى: نرى أسهما للموت تقتل ولا تبطئ ولا ترعوي، الارعواء: الكف عن القبيح، "العزم" عزمت على الأمر، إذا أردت فعله.

الإعراب: نرى فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن، "أسهما" مفعول نرى، للموت جار ومجرور، "تصمي" فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر تقديره هي يعود إلى أسهما والجملة نعت لـ "أسهما"، إذا كانت نرى بصرية، أو مفعول ثانٍ إذا كانت قلبية، "ولا تنمي" الواو عاطفة "لا" نافية "تنمي" فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر تقديره هي يعود إلى "أسهما" والجملة معطوفة على جملة تصمي ولا ترعوي كسابقتها، عن نقض جار ومجرور متعلق بترعوي، أهواؤنا "أهواء" مرفوع بالمصدر الذي هو نقض و"نقض" مضاف والعزم مضاف إليه.

الشاهد: في "نقض أهواؤنا العزم" حيث فصل بين المضاف وهو "نقض"، وبين المضاف إليه وهو "العزم" مع أن الفاعل متعلق بالمضاف، وهو ضعيف.

والتقدير: عن نقض العزم أهواؤنا، أي: عن أن تنقض أهواؤنا العزم.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 392.

ص: 830

نجوت وقد بلّ المرادي سيفه

من ابن أبي شيخ الأباطح طالب1

أراد: من "ابن"2 أبي طالب شيخ الأباطح.

ومثال النداء قول الشاعر:

وفاق كعب بجير منقذ لك من

تعجيل تهلكة والخلد في سَقَرَا3

1 قائله معاوية بن أبي سفيان. قال ذلك لما اتفق ثلاثة من الخوارج، وهم: عبد الرحمن بن عمرو المعروف بابن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله، وعمرو بن بكر، على قتل علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم فقتل المرادي عليا ونجا معاوية من البرك فقال هذا البيت، وهو من الطويل.

الشرح: المرادي نسبة إلى مراد وهي قبيلة باليمن، يريد قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، شيخ الأباطح جمع أبطح وهو المكان الواسع، وأراد بالأباطح مكة وأراد بشيخها أبا طالب.

المعنى: تخلصت من القتل وقد لطخ ابن ملجم سيفه بدم علي بن أبي طالب شيخ مكة.

الإعراب: نجوت فعل وفاعل، "وقد" الواو للحال وقد حرف تحقيق، "بل" فعل ماض، "المرادي" فاعل بل، "سيفه" مفعول به لبل وسيف مضاف والضمير مضاف إليه، "من ابن" جار ومجرور متعلق ببل وابن مضاف و"أبي" مضاف إليه، "شيخ الأباطح" نعت لأبي ومضاف إليه، "أبي" مضاف "طالب" مضاف إليه.

الشاهد: في "أبي شيخ الأباطح طالب" حيث فصل بين المضاف وهو أبي، والمضاف إليه وهو "طالب" بالنعت، وهو "شيخ الأباطح".

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص167، وابن عقيل 2/ 64، والأشموني 2/ 228، وابن هشام 2/ 235، والشاطبي، وداود، والأصطهناوي، والمكودي 93، والسيوطي ص9، وفي همعه 2/ 52.

2 ب، جـ.

3 قائله بجير بن زهير بن أبي سلمى يقوله لأخيه كعب بن زهير، وكان بجير قد أسلم قبل كعب فلامه كعب على ذلك وتعرض للرسول صلى الله عليه وسلم فنال بلسانه منه، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه. وأما أبوهما زهير، فقد مات قبل المبعث بسنة، والبيت من البسيط.

الإعراب: وفاق مبتدأ، "كعب" منادى بحرف نداء محذوف مبني على الضم في محل نصب، و"وفاق" مضاف و"بجير" مضاف إليه، "منقذ" خبر لمبتدأ، "لك" جار ومجرور متعلق بمنقذ، "من تعجيل" جار ومجرور متعلق بمنقذ أيضا و"تعجيل" مضاف، "تهلكة" مضاف إليه والخلد معطوف على تعجيل، "في سقر" جار ومجرور متعلق بالخلد. == الشاهد: في "وفاق كعب بجير"، فصل بين المضاف وهو وفاق، والمضاف إليه وهو بجير بالنداء وهو "كعب".

والتقدير: وفاق بجير يا كعب منقذ لك، أي: منج لك من تعجيل الهلاك في الدنيا، والخلود في النار في الآخرة.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن عقيل 1/ 66، والأشموني 22/ 329، والأصطهناوي، والمكودي ص92، والسيوطي في الهمع 2/ 53.

ص: 831

وزاد في التسهيل الفصل بفعل ملغى هـ1. أنشد ابن السكيت2:

بأي تراهم الأرضين حلوا3

..........................

وزاد غيره الفصل بالمفعول لأجله نحو:

معاود جرأة وقت الهوادي4

........................

1 راجع التسهيل ص161.

2 هو: أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، مضى التعريف به في باب الكلام.

3 صدر بيت. قال العيني: لم أقف على اسم قائله -وبحثت فلم أعثر له على قائل- وهو من الوافر.

وعجزه:

آلدبران أم عسفوا الكفارا

الشرح: الدبران -بفتح الدال- وهو اسم موضع، ويروى: أبي الدبران، "الكفار" اسم موضع وهو بكسر الكاف، "أم عسفوا" أي: أم توجهوا.

الإعراب: بأي: جار ومجرور متعلق بقوله: "حلوا"، "ترى" فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر فيه، "هم" ضمير في محل نصب مفعول به، أي مضاف و"الأرضين" مضاف إليه، وقوله:"تراهم" معترض بينها، "حلوا" فعل وفاعل، "آلدبران" الهمزة للاستفهام وفيه إضمار والتقدير: هل حلوا الدبران أم عسفوا، أي: أم توجهوا نحو الكفار؟ "أم" متصلة لمعادلتها الهمزة في إفادة التسوية، "عسفوا" فعل وفاعل، "الكفار" مفعول به.

الشاهد: في "بأي تراهم الأرضين" فإن التقدير: بأي الأرضين تراهم حلوا، ففصل بقوله:"تراهم" بين قوله: "بأي" الذي هو مضاف وبين قوله: "الأرضين" الذي هو مضاف إليه.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه 2/ 321، والسيوطي في همعه 2/ 53.

4 صدر بيت. قال العيني: لم أقف على اسم قائله -وبحثت، فلم أعثر على قائله- وهو من الوافر.

وعجزه:

أشم كأنه رجل عبوس

الشرح: "الهوادي" جمع هادية من هدأ، إذا سكن، أشم من الشمم وهو الارتفاع من باب علم يعلم، "عبوس" ويروى:"منبوس" من قولهم: رجل منبوس الوجه أي: عابسه وكريهه. =

ص: 832

أي: معاود وقت الهوادي جرأة.

وحكى ابن الأنباري: هذا غلام إن شاء الله "تعالى"1 ابن أخيك؛ ففصل بإن شاء الله، والله أعلم2.

= المعنى: يصف الشاعر رجلا بأنه يظهر الكبر ويعاود الحرب وقت ظهور الهوادي جمع هادٍ أي: أعناق الخيل لأجل جرأته في الحرب، والجرأة بضم الجيم ا. هـ. صبان.

الإعراب: معاود خبر مبتدأ محذوف والتقدير هو معاود، "جرأة" مفعول لأجله ومعاود مضاف، "وقت" مضاف إليه ووقت مضاف، "الهوادي" مضاف إليه، "أشم" خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو أو خبر بعد خبر عند من يجيز ذلك، "كأنه" كأن واسمها، "رجل" خبر كأن والجملة نعت لـ "أشم" نعت لرجل مرفوع.

الشاهد: في "معاود جرأة وقت"، حيث فصل بين المضاف وهو "معاود" وبين المضاف إليه وهو "وقت" بقوله:"جرأة" منصوب على المفعولية.

والتقدير: معاود وقت الهوادي جرأة.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 2/ 329، والسيوطي في الهمع 2/ 53.

1 أ، ب.

2 راجع الأشموني ص 327، 328، 329.

ص: 833