الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعدي الفعل ولزومه:
قال:
علامة الفعل المُعَدَّى أن تصل
…
"ها" غير مصدر به نحو: "عمل"
الفعل قسمانِ: متعدٍّ ولازم.
فعلامة المتعدي صلاحيته لأن يتصل به ضمير يعود على غير المصدر نحو: "عمل" فتقول: "الخيرُ عمله زيد".
وإنما احتُرز عن "هاء" المصدر؛ لأنها تتصل بالمتعدي واللازم، فليست عاملة لواحد منهما.
فإن قلت: كان ينبغي أن يستثنى "ضمير"1 ظرفي الزمان والمكان، فإنه يتصل بالفعل اللازم كضمير المصدر نحو:
ويوما شهدناه2..........
…
........................
و"الميل سرته".
1 أ، جـ.
2 جزء بيت من الطويل، لرجل من بني عامر، وهو من شواهد سيبويه جـ1 ص90، وتمامه:
............. سليما وعامرا
…
قليلا سوى الطعنِ النهالِ نوافِلُهْ
وروي: "يوم شهدناه"، وروي:"قليل".
الشرح: "شهدناه" شهدنا فيه، "سليما وعامرا" قبيلتان من قيس عيلان، "النوافل" هنا الغنائم، "النهال" أصل النهل: أول الشرب، "والعلل": الشرب بعد الشرب، "الطعن" هنا جمع طعنة.
المعنى: يقول: يوم لم يغنم فيه إلا النفوس؛ لما أوليناهم من كثرة الطعن والنهال المرتوية بالدم.
الإعراب: "يوما" منصوب بفعل محذوف، "شهدناه" فعل وفاعل، وأصله شهدنا فيه فحذف الجار وانتصب الضمير واتصل بالفعل، فقد نصب ضمير اليوم بالفعل تشبيها بالمفعول به اتساعا ومجازا.
"سوى" أداة استثناء، "الطعن" مضاف إليه، "النهال" صفة للرماح ثم مضاف محذوف هو بدل من الطعن. أي: قليل به النوافل سوى الطعن طعن الرماح النهال للدم، "نوافله" فاعل لقليل والهاء مضاف إليه.
الشاهد: "ويوما شهدناه" حيث نصب ضمير اليوم بالفعل تشبيها بالمفعول به اتساعا ومجازا.
مواضعه: ذكره السيوطي في همع الهوامع 1/ 213، وابن يعيش في شرح المفصل 2/ 46، وسيبويه جـ1 ص90، والمقتضب 3/ 105.
قلت: لا يتصل باللازم ضمير الزمان ولا المكان حتى يتوسع فيه، وينصب ذلك الضمير نصب المفعول به.
فإن قلت: يرد عليه نحو: "كنته"، فإن الضمير خبر "كان" وهو ضمير غير المصدر، ولا يطلق على "كان" وأخواتها أنها أفعال متعدية.
قلت: إنما لم ينبه على هذا لوضوحه، وأيضا فكان وأخواتها مشبّهة بالمتعدي وربما أطق على خبرها المفعول.
ثم قال:
فانصِبْ به مفعوله إن لم ينُب
…
عن فاعل نحو: تدبرت الكتب
قوله: "فانصب به" تصريح بأن ناصب المفعول به هو الفعل، وهذا هو الصحيح. وشرط في نصبه ألا ينوب عن فاعل نحو:"تدبرت الكتب"، فلو ناب عن الفاعل رفع كما تقدم في نائبه1.
ثم قال:
ولازم غير المعدَّى....
…
.......................
يعني: أن ما سوى المتعدي هو اللازم، ولا ثالث لهما.
فإن قلت: ثم قسم "ثالث2" صالح للتعدي واللزوم كما ذكر في التسهيل3.
قلت: هو غير خارج عن القسمين.
ثم أشار إلى أن من اللازم ما يستدل على لزومه بمعناه، ومنه ما يستدل على لزومه بزنته، فقال:
.......... وحُتِمْ
…
لزوم أفعال السجايا كنهم
أفعال السجايا: ما دل على معنى قائم بالفعل "لازم له"4 "كشجُع5" وجبُن وحسُن وقبُح، ونَهِم إذا كثر أكله.
1 الرفع، نحو:"تدبرت الكتب".
2 أ، جـ. وفي ب "آخر".
3 قال في التسهيل ص83: "ويسمى متعديا وواقعا ومجازا، وإلا فلازما. وقد يشهر بالاستعمالين فيصلح للاسمين" ا. هـ. أي: القسمين.
4 ب، جـ. وفي أ "لا له".
5 أ، جـ.
ثم قال:
كذا افعللَّ.....
…
.............
نحو "اقشعرّ" و"اشمأزّ"1 و"اطمأنّ".
والمضاهي اقْعَنْسَسَا.......
…
.....................
يعني: ما كان على وزن "افعنْلَل""كاحرنْجمت الإبل" أي: اجتمعت، وكذا ما ألحق بافعنلل، كاقعنسس البعير: امتنع من أن يقاد، واحْرَنْبَى الديك، أي: انتفش.
والمضاهي: يعني المشابه، وينبغي أن يكون "اقعنسس" فاعلا بالمضاهي والمفعول محذوف، أي: وكذلك الفعل الذي ضاهاه "اقعنسس" كاحرنجم؛ لأن اقعنسس ملحق باحرنجم.
ثم قال:
..............
…
وما اقتضى: نظافة أو دَنَسا
نحو: "نظُف" و"وضُأ" و"طهُر" ونحو: "نجُس" و"رجُس" و"قذُر".
أو عرضا.............
…
......................
وهو ما ليس حركة جسم من معنى قائم بالفاعل، غير ثابت فيه "كمرِض وكسِل" و"نشِط" و"حزِن" و"فرِح".
.......... أو طاوع المعدَّى
…
لواحد.................
المراد بالمطاوع: ما دل على قبول الأثر نحو: "مددت الثوب فامتد، ودحرجت الشيء فتدحرج".
واحترز بقوله: "لواحد" من مطاوع المتعدي إلى اثنين، فإنه متعدٍّ إلى واحد.
ثم قال:
وعَدِّ لازما بحرف جر
يعني: أنه إذا علق اللازم بمفعول به معنى، عدي بحرف الجر نحو:"ذهبتُ بزيد" بمعنى: أذهبته، ونحو:"رغبت في الخير" و"أعرضت عن الشر".
وقد جاء "تعدية"2 المتعدي إلى واحد بالباء إلى ثانٍ، كقوله تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} 3.
1 قالوا: اشمأز الشيء: كرهه.
2 أ، جـ. وفي ب "تعدي".
3 من الآية 40 من سورة الحج.
ثم قال:
...........
…
وإن حُذف فالنصب للمنجَرّ
يعني: أن حرف الجر إذا حذف1 نصب المجرور، وقد يحذف ويبقى عمله، وهو ضربان: شاذ كقوله:
...........
…
أشارت كُلَيْب بالأكف الأصابع2
ومطرد نحو:
وليلٍ كموج البحر3
…
..............
1 ب، جـ. وفي أ "نصب".
2 عجز بيت، قائله الفرزدق همام بن غالب من قصيدة من الطويل، يهجو فيها جرير بن عطية الخطفي.
وصدره:
إذا قيل أي الناس شر قبيلة
الشرح: "أشارت" ويروى: "أشرت"، يريد أشارت إليها بأنها شر الناس، "كليب" بضم الكاف وفتح اللام هو كليب بن يربوع، أبو قبيلة جرير، والباء في قوله: بالأكف بمعنى: مع، أي: مع الأكف، "الأصابع" فاعل أشارت.
المعنى: أن قبيلة كليب لا قيمة لها ولا خير فيها، فإذا سأل سائل عن أقبح القبائل وأحقرها، أجابه المسئول بأصابعه مع أكفه مشيرا إليها، وتحاشى النطق بكلمة "كليب" لقبحها.
الإعراب: "إذا" ظرف للمستقبل من الزمان تضمّن معنى الشرط، "قيل" فعل ماضٍ مبني للمجهول، "أي" اسم استفهام مبتدأ، "الناس" مضاف إليه، "شر" أفعل تفضيل حذفت همزته تخفيفا لكثرة الاستعمال، وهو خبر المبتدأ، "قبيلة" مضاف إليه، والجملة من المبتدأ وخبره نائب فاعل قيل، "أشارت" فعل ماضٍ والتاء للتأنيث، "كليب" بحرف جر محذوف، والتقدير: إلى كليب والجار والمجرور متعلق بأشارت، "بالأكف" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الأصابع تقدم عليه، "الأصابع" فاعل أشارت مرفوع بالضمة الظاهرة.
الشاهد: في "كليب" بالجر، حيث حذف حرف الجر وهو "إلى" المقدر وأبقي عمله.
وأصل الكلام: أشارت الأصابع مع الأكف إلى كليب، وهو شاذ. ويروى:"كليب" بالرفع على أنه خبر لمحذوف، أي: هي كليب، فيكون قد جمع بين الإشارة والعبارة، ولا شاهد فيه.
مواضعه: ذكره من شرّاح الألفية: ابن الناظم ص101، وابن عقيل 2/ 30، وداود، والسندوبي، والأشموني 1/ 196، والسيوطي ص55، وابن هشام 2/ 15، وأيضا ذكره في مغني اللبيب 1/ 6، والمكودي ص84، وابن مالك في التسهيل ص63.
3 جزء من بيت، قائله: امرؤ القيس بن حجر الكندي من قصيدته المشهورة من الطويل.
وتمامه:
...... أرخى سدوله
…
عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
الشرح: "كموج البحر" في كثافة ظلمته، شبه الليل بموج البحر في شدة هوله، وعظيم ما ينالك من المخافة، "سدوله" السدول: الأستار، واحدها: سدل مثل: ستر وستور، "ليبتلي": ليختبر ويمتحن، "أنواع الهموم" ضروب الهموم.
المعنى: رب ليل شديد الهول أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع الهموم والأحزان؛ ليختبرني أأصبر أم أجزع؟ قطعته ولم أبالِ بشيء. =
أي: ورب ليل. وسيأتي بيانه في باب حروف الجر.
وأما حذفه ونصب المجرور، فهو نوعان: مقصور على السماع، ومطرد.
والمقصور على السماع "مخصوص"1 بالضرورة، ووارد في السعة.
فالمخصوص بالضرورة كقوله:
....................
…
وأخفي الذي لولا الأُسَا لقضاني2
= الإعراب: "وليل" الواو واو رب، ليل: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد، "كموج" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لليل، وموج مضاف، و"البحر" مضاف إليه، "أرخى" فعل ماضٍ وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الليل، "سدوله" مفعول به لأرخى وهو مضاف وضمير الغائب مضاف إليه، "عليَّ" جار ومجرور متعلق بأرخى، "بأنواع" جار ومجرور متعلق بأرخى، "الهموم" مضاف إليه، "ليبتلي" اللام لام التعليل ويبتلي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام.
الشاهد: في "وليل" حيث حذفت رب بعد الواو، وبقي عملها وهو مطرد.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص153 في حروف الجر، وابن هشام 2/ 103، وداود، والإصطهناوي، والأشموني 2/ 300، والمكودي ص84، والسيوطي ص73، وذكره ابن هشام في مغني اللبيب 2/ 35.
1 ب، جـ.
2 عجز بيت، قائله: عروة بن حزام، من قصيدة من الطويل.
وصدره:
تحنّ فتبدي ما بها من صَبَابَة
الشرح: "تحن" من الحنان، وهي الرحمة والحنوّ، "من صبابة": من شوق، "الأسا" بضم الهمزة: جمع أسوة -فعلة- من التأسي وهو الاقتداء.
وقال ابن هشام: "الأسا" يظنون بفتح الهمزة، وعندي أنه خطأ، وصوابه بضم الهمزة؛ لأن الأسى -بفتح الهمزة- الحزن، ولا مدخل له هنا من حيث المعنى بل هو مفسد.
الإعراب: "تحن" فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر تقديره هي، "فتبدي" الفاء عاطفة وتبدي فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة والفاعل ضمير مستتر عطفت على ما قبلها، "ما" اسم موصول مفعول لتبدي، "بها" صلة الموصول ما وقد حذف صدر الصلة، تقديره: الذي هو بها، "من" بيانية، "صبابة" مجرور بها وعلامة جره الكسرة الظاهرة، "وأخفي" الواو للعطف، و"أخفي" فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا، "الذي" مع صلته في محل نصب مفعول أخفي، "لولا" لربط امتناع الثانية لوجود الأولى، "الأسا" مبتدأ والخبر محذوف وجوبا، "لقضاني" جواب لولا، أي: لولا الأسا موجودة لقضى علي الموت، وفاعل قضى محذوف. الشاهد: في "لقضاني" حيث حذف منه حرف الجر وجعل مجروره مفعولا، أي: لقضى علي. وقد حمل الأخفش على ذلك قوله تعالى: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} أي: على سر، أي: نكاح.
مواضعه: ذكره ابن الناظم في شرحه للألفية، وابن هشام في مغني اللبيب 2/ 142.
أي: لقضي عليَّ.
والوارد في السعة كقوله: "شكرتُه ونصحتُه" في أحد الأقوال، وكقولهم:"ذهبتُ الشامَ" أي: إلى الشام.
والمطرد حذفه مع "أنّ وأنْ"1 بشرط أمن اللبس نحو: "عجبت أنك فاضل" أي: من أنك فاضل، و"عجبت أن يَدُوا" أي: يغرموا الدية، وهذا معنى قوله:
نقلا وفي أَنَّ وأَنْ يطرد
…
مع أمن لبس، كعجبت أن يدوا
واحترز "بأمن اللبس" من نحو: "رغبتُ في أن تفعل" فلا يجوز حذفه؛ لئلا "يتوهم"2 أن المراد: عن أن "تفعل"3.
فإن قلت: فقد حذف في قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} 4 قلت: عنه جوابان:
أحدهما: أن يكون حذف اعتمادا على القرينة "الرافعة"5 للبس، وقد أشار إلى هذا في "منهج"6 السالك7.
والآخر: أن يكون حذف لقصد الإبهام؛ ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهن ومالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن.
1 وإنما اطرد حذف حرف الجر مع أنّ وأنْ لطولهما بالصلة، ومحلهما بعد الحذف: جر عند الخليل والكسائي، متمسكين بقوله:
وما زرت ليلى أن تكون حبيبة
…
إلي ولا دينٍ بها أنا طالبه
بجر "دين". وذهب سيبويه والفراء إلى أنهما في موضع نصب، وهو الأقيس. ا. هـ أشموني 1/ 197.
2 أ، وفي ب، جـ "يوهم".
3 ب.
4 من الآية 127 من سورة النساء.
5 ب، جـ. وفي أ "الواقعة".
6 أ، ب.
7 كتاب لأبي حيان، اسمه: منهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك، كما في كشف الظنون.
وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين، والله أعلم1.
ثم قال:
والأصل سَبْق فاعل معنى "كمن"
…
من ألبسَنْ من زاركم نَسْجَ اليَمَن
الكلام هنا على المتعدي من غير بابي ظن وأعلم، وهو ضربان:
متعدّ إلى واحد نحو: "ضربت زيدًا"، ومتعدّ إلى اثنين نحو:"أعطيت زيدًا درهمًا".
فأشار إلى أن الأصل في باب أعطى تقديم ما هو فاعل في المعنى من مفعوليه "كزيد" من: "أعطيت زيدا درهما" و"من" من قوله:
ألبسن من زاركم نسج اليمن
ثم قال:
ويلزم الأصل لموجب عرا
…
......................
يعني: أن الأصل المذكور وهو تقديم ما هو فاعل في المعنى، قد يكون واجبا؛ وذلك لأسباب:
منها خوف اللبس نحو: "أعطيت زيدا عمرا" أو حصر الثاني نحو: "ما أعطيت زيدا إلا درهما" وكون الأول ضميرا متصلا والثاني ظاهرا نحو: "أعطيتك درهما".
وقوله: "عرا" أي: وجد.
ثم قال:
............
…
وتَرْك ذاك الأصل حتما قد يُرَى
يعني: أنه قد يجب تأخير ما هو فاعل في المعنى على خلاف الأصل؛ وذلك لأسباب:
1 راجع الأشموني 1/ 197.
منها حصر الأول نحو: "ما أعطيت درهما إلا زيدا"، وكون الثاني ضميرا متصلا والأول ظاهرا نحو:"الدرهم أعطيته زيدا"، واتصال ضمير بالأول يعود على الثاني نحو:"أعطيت الدابة راكبها"، وما خلا "من"1 الموجب والمانع جاز بقاؤه على الأصل، وجاز خروجه عن الأصل كما ذكر في الفاعل. ثم قال:
وحذف فَضْلة أَجِزْ إن لم يَضِرْ
…
كحذف ما سِيقَ جوابا أو حُصِر
المفعول من غير باب "ظن" فضلة، فيجوز حذفه اختصارا كما جاز ذلك في مفعولي "ظن".
ويجوز حذفه اقتصارا، بخلاف باب "ظن" فتقول:"ضربت".
ويحذف المفعول لغير دليل. وكذلك "أعطيت" يجوز حذف مفعوليه معا اقتصارا، وحذف أحدهما اقتصارا، وإن كان ذلك ممتنعا في باب "ظن".
ثم نبه على أن حذف الفضلة مشروط بألا يضر2، فإن كان حذفه يضر امتنع، ومثله بالمجاب به كقولك:"زيدا" في جواب "من ضربت؟ "، وبالمحصور كقولك:"ما ضربت إلا زيدا". وما يمتنع حذفه ما حذف عامله نحو: "إياك والأسدَ"3.
ثم قال:
ويُحذَف الناصبها إن عُلما
…
.......................
1 ب، جـ، وفي أ "عن".
2 قوله: "يضر" هو بكسر الضاد، مضارع ضار يضير ضيرا، بمعنى: ضر يضر ضرا. قال تعالى: {لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} أي: لم يضركم. ا. هـ أشموني 1/ 199.
3 فإياك مفعول لفعل محذوف وجوبا يقدر متأخرا، و"الأسد" مفعول لفعل محذوف وجوبا يقدر متقدما، أي: إياك باعد، واحذر الأسد.
وإنما وجب الحذف ليتنبه السامع بسرعة ويبتعد عن الهلاك، وكان العامل مع إياك متأخرا لئلا يتصل الضمير المنفصل.
يعني: أنه يجوز حذف الفعل الناصب للفضلة بشرط أن يعلم جوازا في نحو: {قَالُوا خَيْرًا} 1، ووجوبا في باب الاشتغال، والنداء، والتحذير، والإغراء بشرطه، وما كان مثلا، أو كالمثل2.
وإلى هذا أشار بقوله:
...................
…
وقد يكون حذفه مُلْتَزَما
واحترز بقوله: "إن عُلما" مما لا دليل عليه، فلا يجوز حذفه، والله أعلم.
1 من الآية 30 من سورة النحل.
2 أمثلة الوجوب: الاشتغال نحو: "زيدًا ضربته"، إذ لا يجمع بين المفسِّر والمفسَّر، والنداء نحو:"يا عبد الله"؛ لأن "يا" عوض عن الفعل، ولا يجمع بين العوض والمعوض.
والتحذير نحو: "إياك والأسد".
والإغراء نحو: "المروءة والنجدة"، ونحو:"السلاح السلاح" بتقدير الزم.
والمثل نحو: "الكلاب على البقر" أي: أرسل، والمراد بالبقر بقر الوحش.
والمعنى: خَلِّ الناس جميعا خيرهم وشرهم، واسلك أنت طريق السلامة.
أو كالمثل نحو قوله تعالى: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} أي: وأتوا.