المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المفعول المطلق: المفاعيل خمسة: مفعول به وقد تقدم1، ومفعول مطلق، ومفعول - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٢

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌ ‌المفعول المطلق: المفاعيل خمسة: مفعول به وقد تقدم1، ومفعول مطلق، ومفعول

‌المفعول المطلق:

المفاعيل خمسة: مفعول به وقد تقدم1، ومفعول مطلق، ومفعول له، وفيه، "ومفعول"2 معه، وهذا أول الكلام على هذه الأربعة.

وبدأ بالمطلق، وسمي مطلقا؛ لأنه لم يقيد بأداة بخلاف غيره، فقال:

المصدر اسم ما سوى الزمان من

مدلولَي الفعل كأمْنٍ مِنْ أَمِن

مدلولا الفعل: هما الحدث والزمان، والمصدر هو اسم الحدث، وهو معنى قوله:"اسم ما سوى الزمان من مدلولي الفعل".

فإن ما سوى الزمان من مدلوليه هو الحدث "كأمن من أمن".

قال: "أمن" فعل يدل على حدث وزمان، والأمن اسم لذلك الحدث، فهو مصدر.

فإن قلت: هل المفعول المطلق والمصدر مترادفان؟

قلت: لا، بل بينهما عموم من وجه وخصوص من وجه. فقد يكون المفعول "المطلق"3 غير مصدر، بل "جاريا"4 مجراه كاسم المصدر والآلة، وغير ذلك مما سيذكر.

وقد يكون المصدر غير مفعول مطلق نحو: "يعجبني ذهابك".

ثم قال:

بمثله أو فعل أو وصف نُصب

.........................

مثال نصبه، أي: بمصدر، قوله تعالى:{فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} 5.

ومثال نصبه بفعل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 6.

1 تقدم في المتعدي واللازم.

2 أ.

3 أ، ب.

4 أ، جـ، وفي ب "جاري".

5 من الآية 63 من سورة الإسراء.

6 من الآية 164 من سورة النساء.

ص: 644

ومثال نصبه بوصف: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} 1.

وينبغي أن يحمل قوله: "بمثله" على المماثل2 في المعنى؛ ليشمل نحو: "يعجبني إيمانُك تصديقًا".

ثم قال:

...............

وكونه أصلا لهذين انتُخب

أي: وكون المصدر أصلا للفعل والوصف، هو المختار، فالفعل والوصف مشتقّانِ منه، وهو مذهب البصريين، وخالف بعضهم في الوصف فجعله مشتقا من الفعل، فهو فرع الفرع.

ومذهب الكوفيين أن الفعل هو الأصل، والمصدر مشتق منه.

وزعم ابن طلحة أن الفعل والمصدر أصلان، وليس أحدهما مشتقا من الآخر.

والصحيح مذهب البصريين؛ لأن الفرع لا بد فيه من معنى الأصل وزيادة، والفعل يدل على الحدث والزمان"3"4.

ثم قال:

توكيدا أو نوعا يُبين أو عدد

كُسرتُ سَيْرتين سَيْر ذي رَشَد

المصدر: يؤتى به مع ناصبه "لثلاث"5 فوائد:

الأولى: توكيده نحو: "سِرْتُ سيرا" ويسمى المبهم.

والثانية: بيان عدده نحو: "سرت سيرتين" ويسمى المعدود.

والثالثة: بيان نوعه، ويسمى المختص.

1 الآية 1 من سورة الذاريات.

2 أ، جـ، وفي ب "المثل".

3 وإلى المذهب البصري أميل وأوضح الدليل كما في ابن عقيل 1/ 315؛ "لأن كل فرع يتضمن الأصل وزيادة، والفعل والوصف بالنسبة إلى المصدر كذلك؛ لأن كلا منهما يدل على المصدر وزيادة، فالفعل يدل على المصدر والزمان، والوصف يدل على المصدر والفاعل" ا. هـ.

4 راجع الأشموني 1/ 209.

5 أ، وفي ب "لثلاثة".

ص: 645

واختصاصه إما بإضافة نحو: "سرت1 سير ذي رَشَد"، وإما بنعت نحو:"سيرًا شديدًا"، وإما "بأل" نحو:"سرت السير" أي: السير الذي تعرفه، كذا قسم بعضهم.

والظاهر أن المعدود مندرج تحت المختص، كما فَعَلَ في التسهيل.

فالمصدر "على هذا قسمان"2: مبهم ومختص.

والمختص قسمان: معدود وغير معدود.

ثم قال:

وقد ينوب عنه ما عليه دل

كجِدَّ كل الجد وافرح الجذَل

المصدر ضربان: مؤكد ومبين كما سبق.

أما المؤكد، فينوب عنه أحد ثلاثة أشياء:

الأول: "مرادفه"3 نحو: "قعدت جلوسًا".

وظاهر كلام المصنف أن نصبه بالفعل المذكور وهو مذهب المازني، ونقل عن الجمهور أن ناصبه فعل من لفظه مقدر.

الثاني: "ملاق"4 في الاشتقاق نحو: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} 5.

ذكره الشارح6، فعلى هذا ناصبه "الفعل"7 المذكور وهو مذهب المازني أيضا، ومذهب الجمهور أن ناصبه مقدر كما سبق.

وزعم ابن خروف أنه مذهب سيبويه، وفصل بعضهم بين المرادف نحو:

1 ب، جـ.

2 أ، جـ، وفي ب "على قسمين".

3 ب، وفي أ، جـ "مرادف".

4 ب، وفي أ، جـ "ملاقي".

5 الآية 17 من سورة نوح، "نباتا" اسم عين للنبات، وهو نائب عن المصدر وهو الإنبات.

6 الشارح ص108.

7 أ، ب.

ص: 646

"قعدت جلوسًا" فنصبه بالظاهر، وبين "الملاقي"1 نحو:"أنبتكم من الأرض نباتًا" فنصبه بالمقدر وهو قول حسن2.

والثالث: اسم مصدر غير علم نحو: "اغتسلت غُسلا".

وأما المبين، فينوب عنه أحد ثلاثة عشر شيئا:

الأول: نوع، نحو:""رجع"3 القهقرى".

والثاني: وصف، نحو:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا} 4.

ومذهب سيبويه في هذا ونحوه أنه حال5.

والثالث: "هيئة"6 نحو: "يموت الكافر ميتةَ سوء".

والرابع: آلة، نحو:"ضربته سوطا"، وهو مطرد في "آلة"7 الفعل دون غيرها، فلا يجوز:"ضربته خشبة".

والخامس: كل، نحو:{فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} 8.

والسادس: بعض، نحو:"ضربته بعض الضرب".

والسابع: ضمير، نحو:{لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} 9.

والثامن: اسم الإشارة، نحو:"ضربته ذلك الضرب".

قال في شرح التسهيل: ولا بد من جعل المصدر تابعا "له"10، وظاهر كلام سيبويه أن ذلك لا يشترط.

1 ب، وفي أ، جـ "المغاير".

2 وارتضيت هذا المذهب لتوفيقه بين المذاهب. ففي المرادف "القعود" و"الجلوس" بمعنى واحد، والثاني تقديره: فنبتم نباتا؛ لأن النبات ليس بمعنى الإنبات، فلا يصح توكيده به.

3 أ، جـ، وفي ب "رجعت".

4 من الآية 41 من سورة آل عمران.

5 راجع الكتاب جـ1 ص193.

6 أ، جـ، وفي ب "الهيئة".

7 ب، وفي أ، جـ "آلات".

8 من الآية 129 من سورة النساء.

9 من الآية 115 من سورة المائدة.

10 ب.

ص: 647

والتاسع: وقت، كقوله:

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا1

........................

أي: اغتماض ليلة أرمد، وهو عكس:"فعلته طلوعَ الشمس"، إلا أنه قليل.

والعاشر: "ما" الاستفهامية، نحو:"ما تضربُ زيدا".

والحادي عشر: "ما" الشرطية، نحو "ما شئتَ فقم".

ذكر هذه الأحد عشر في التسهيل2.

والثاني عشر: المرادف، نحو:"افرحِ الجذل" والخلاف في ناصبه كما تقدم.

والثالث عشر: العدد، نحو:"ضربته ثلاثين ضربة".

1 صدر بيت قائله الأعشى -أعشى بن قيس- واسمه ميمون بن قيس، وهو من الطويل، من قصيدة قالها في رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية يريد الإسلام.

وعجزه:

وبت كما بات السليم مُسَهَّدا

الشرح: "ألم تغتمض": ألم تنم. قال محمد بن حبيب: ويروى: "ألم تغتمض عيناك ليلك أرمدا"، الأرمد هو نفسه، "السليم" -بفتح السين- وهو اللديغ، والمسهد" -بضم الميم وفتح السين وتشديد الهاء- وهو المسهر الذي لا ينام لئلا يدب السم فيه.

الإعراب: "ألم" الهمزة للاستفهام، ولم: حرف نفي وجزم وقلب، "تغتمض" فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، "عيناك" فاعل مرفوع بالألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى وضمير المخاطب مضاف إليه.

"ليلة" ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، "أرمدا" فعل ماض مبني على الفتح وألف الاثنين فاعل، "وبت" الواو حرف عطف، وبت: فعل ماض مبني على الفتح المقدر وهو فعل تام وتاء المخاطب فاعله، ويجوز أن يكون ناقصا فيكون الضمير اسمه، "كما" الكاف حرف جر وما مصدرية ويجوز أن تكون كافة، "بات" فعل ماض، "السليم" فاعله مرفوع بالضمة الظاهرة، "مسهدا" خبر بات الأولى على النقصان وحال من فاعله على التمام، وبات الثانية تامة أو ناقصة فمنصوبها محذوف يدل عليه منصوب الأولى.

الشاهد: في "ليلة أرمدا"، حيث نصبت ليلة بالنيابة عن المصدر، والتقدير: اغتماضا مثل اغتماض ليلة الأرمد، وليس انتصابها على الظرفية.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: السندوبي، الأشموني 1/ 211.

2 في الأصل: "ذكره هذه الأحد عشر" والكلام يستقيم بما قلته، وراجع التسهيل ص87.

ص: 648

وزاد بعض المتأخرين اسم المصدر العلم، نحو:"بَرّ بَرَّه وفَجَر فجَارِ"1، وفي شرح التسهيل: أن اسم المصدر "العلم"2 لا يستعمل مؤكدا ولا مبنيا3.

ثم قال:

وما لتوكيد فَوَحِّدْ أبدا

...................

لأنه بمنزلة تكرير الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع.

ثم قال:

...................

وثَنِّ واجمعْ غيره وأَفْرِدا

هو المختص معدودا كان، أو غير معدود.

أما المعدود، فلا خلاف في جواز تثنيته "وجمعه"4 قياسا5.

وأما غيره من المختص، ففي تثنيته وجمعه خلاف؛ منهم من قاسه لاختلاف أنواعه، ومنهم من لم يقسه وهو مذهب سيبويه6.

ثم قال:

وحذف عامل المؤكد امتنع

........................

قال في شرح الكافية: لأن المصدر "المؤكد"7 يقصد بتقوية عامله وتقرير معناه، وحذفه منافٍ لذلك وقد نُوزع في هذا8.

1 أ، جـ، وفي ب "بررته بره، وفجرته فجار".

2 ب، جـ.

3 راجع الأشموني 1/ 212.

4 ب، جـ.

5 نحو: "ضربته ضربة وضربتين وضربات".

6 قال الأشموني جـ1 ص211: "فالمشهور الجواز؛ نظرا لأنواعه نحو: "سرت سيري زيد الحسن والقبيح". ودليله قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} والألف زائدة تشبيهًا للفواصل.

وظاهر مذهب سيبويه المنع واختاره الشلوبين" ا. هـ. أشموني وصبان. وإلى الأول أميل لقوة دليله.

7 ب.

8 المنازع: هو الشارح -ابن المصنف- حاصل النزاع: "أن المؤكّد قد لا يكون للتقوية والتقرير معا، بل قد يكون للتقرير فقط، فلا ينافي الحذف.

وأن السماع ورد بحذف عامل المؤكد نحو: "أتيتُ سيرا"، ووجوبا نحو:"سقيًا ورعيًا". ورد بأن الحذف منافٍ للتوكيد مطلقا...." صبان ج2 ص86. ورأي ابن مالك هو الصواب؛ لموافقته للحقيقة والواقع.

ص: 649

ثم قال:

.................

وفي سواهُ لدليل متسع

لا خلاف في جواز حذف عامل المصدر المختص، معدودا كان أو غير معدود، إذا دل عليه دليل، نحو:"بلى ضربتين، أو ضربا شديدا" في جواب: "ما ضربت"؟

وقد يجب الحذف، وذلك إذا كان المصدر بدلا من اللفظ بفعله، وقد نبه على ذلك بقوله:

والحذف حتم مع آتٍ بَدَلا

من فِعْله كنَدْلا اللَّذْ كانْدُلا

أي: وحذف العامل واجب مع المصدر "آت" بدلا من فعله، كقول الشاعر:

على حين ألهى الناس جُلُّ أمورهم

فندلًا زريق المال ندل الثعالب1

فندلًا نائب عن أندل.

1 البيت للأحوص، وهو محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري، وفي الحماسة لأعشى همدان، وقال الجوهري: لجرير، والأظهر كما في الحماسة، وهو من الطويل.

الشرح: "ألهى الناس": شغلهم وأورثهم الغفلة، "جل أمورهم" -بضم الجيم- معظمها وأكثرها، "ندلا" مصدر: ندل المال، إذا خطفه بسرعة، "زريق" اسم رجل أو قبيلة.

المعنى: أن هؤلاء اللصوص يخرجون للسرقة والاختطاف وقت اشتغال الناس بمهامهم، يوصي بعضهم بعضا بسرعة الخطف والاحتيال كخطف الثعالب، وقد ضرب المثل بالثعلب في هذا فقيل:"أخطف من ثعلب".

الإعراب: "على" حرف جر، "حين" ظرف زمان مبني على الفتح في محل جر أو مجرور بالكسرة الظاهرة، "ألهى" فعل ماض، "الناس" مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة، "جل" فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، "أمورهم" مضاف إليه، "فندلا" منصوب بفعل محذوف، "زريق" منادى بحرف نداء محذوف، "المال" مفعول لقوله: ندلا السابق، منصوب بالفتحة الظاهرة، "ندل" مفعول مطلق مبين للنوع منصوب بالفتحة الظاهرة، "الثعالب" مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

الشاهد: في "فندلا"، حيث ناب مناب فعله وهو مصدر، وعامله محذوف وجوبا والتقدير: اندل ندلًا.

وقبله:

يمرون بالدهنا خفافا عيابهم

ويرجعن من دارين بجر الحقائب

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص110، وابن هشام 2/ 38، وابن عقيل 1/ 319، والسندوبي، وداود، والأشموني 1/ 212، والمكودي ص64، والسيوطي ص59، وسيبويه في كتابه جـ1 ص59.

ص: 650

وإنما وجب حذف عامله1؛ لئلا يجمع بين البدل والمبدل منه، يقال: ندل الشيء، إذا اختطفه بسرعة. ثم قال:

وما لتفصيل كإما مَنَّا

عامله يحذف حيث عَنَّا

إذا قصد بالمصدر تفصيل عاقبة ما قبله، وجب حذف عامله كقوله تعالى:{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} 2 أي: فإما تمنون منا، وإما تفادون فداء.

ثم قال:

كذا مكرَّر وذو حصر ورد

نائب فعل لاسم عين استُند

إذا ناب المصدر عن خبر اسم عين بتكرير نحو: "زيد سيرًا سيرًا"3، أو حصر نحو:"إنما أنت سيرًا" وجب حذف عامله، وجعل التكرير عوضا من إظهاره وأقيم الحصر مقام التكرير. فلو لم يكن مكررا ولا محصورا جاز الإضمار والإظهار، نحو:"زيد سيرًا وزيد يسير سيرًا" احترز باسم العين، من اسم المعنى نحو:"أمرُك سير سير"، فإن المصدر يرفع ويجعل خبره.

ثم قال:

ومنه ما يدعونه مؤكِّدا

لنفسه أو غيره.........

أي: ومن الواجب حذف عامله، قسم يسميه النحويون مؤكدا، وهو نوعان:

مؤكد لنفسه، وهو الواقع بعد جملة هي نص في معناه، وسمي بذلك لأنه بمنزلة "إعادة"4 الجملة، فكأنه نفسها.

ومؤكد لغيره: وهو الواقع بعد جملة صائرة به نصا، وسمي بذلك لأنه أثر في الجملة فكأنه غيره؛ لأن المؤثِّر غير "المؤثَّر"5.

1 أ، جـ، وفي ب "حذفه".

2 من الآية 4 من سورة محمد.

3 ب، جـ، وفي أ "شبرًا شبرًا".

4 ب.

5 أ، ب، وفي جـ "المتأثر".

ص: 651

"فمثل"1 "المبتدأ" به، وهو المؤكد لنفسه بقوله:

نحو له عليَّ ألفٌ عُرْفًا

.................

أي: اعترافًا.

ومثل "والثان" بقوله:

..................

كابني أنت حقا صِرْفا

ثم قال:

كذاك ذو التشبيه بعد جمله

كلي بكًا بكاءَ ذات عُضْلَه

من الملتزم إضمار ناصبه المصدر المشبه به، بخمسة شروط:

الأول: أن يكون بعد جملة.

والثاني: أن تكون حاوية معناه.

الثالث: أن تكون "حاوية فاعله"2.

الرابع: أن يكون ما اشتملت عليه الجملة غير صالح للعمل.

الخامس: أن يكون المصدر مشعرا بالحدوث.

مثال ذلك قولهم: "له صوتٌ صوتَ حمار" فهذا قد استوفى الشروط؛ لأن له صوت جملة، وقد اشتملت على معنى المصدر، وهو "صوت" وعلى فاعله، وهو "الهاء" في "له"، ولا صلاحية في المصدر الذي اشتملت عليه للعمل؛ لأن "شرط"3 إعمال "المصدر"4 غير الواقع بدلا من أن يقدر بالفعل وحرف مصدري.

وقوله: "صوت حمار" مشعر بالحدوث، فالناصب فعل واجب الإضمار، ومثله بقوله:"لي بكا بكاء ذت عضله".

فلو "كان"5 بعد مفرد، لم يجُز النصب نحو:"صوته صوت حمار" ولو لم

1 ب "ثم مثل".

2 أ، جـ، وفي ب "مشتملة على فاعله".

3 أ، جـ، وفي ب "شروط".

4 أ، جـ، وفي ب "المصدر غير المصدر، غير الواقع".

5 ب، جـ.

ص: 652

"يشتمل"1 على معنى المصدر لم يصحّ، ولو لم يشتمل على فاعله ضعف النصب نحو:"في الدار صوتٌ "صوتُ"2 حمار" و"صراخ "صراخ"3 "ثكلى"4، ولم يمتنع لأنك إذا قلت: "فيهما"5 صوت علم أن فيها مصوتا "صوت حمار"6.

ولو كان ما اشتملت عليه صالحا للعمل نحو: "هو مصوت صوتَ حمار"، فإنه ينتصب بمصوت لا بمحذوف، ولو لم يكن المصدر مشعرا بالحدوث لم ينصب نحو:"له ذكاءٌ ذكاءُ الحكماء".

لأن صوتا ونحوه، إنما انتُصب لكون ما قبله بمنزلة يفعل، مسندا إلى فاعل. فقولك:"له صوت" بمنزلة "يصوت"، وليس قولك:"له ذكاء" بمنزلة "هو يفعل"، وإنما "أخبرت"7 بأنه ذو ذكاء، "فتنزل"8 ذلك منزلة قولك:"له يدٌ يدُ أسد" والله أعلم.

1 أ، جـ، وفي ب "تشتمل الجملة على معنى".

2 أ، ب.

3 أ.

4 أ، جـ.

5 أ، وفي ب، جـ "فيها".

6 ب.

7 أ، جـ، وفي ب "أخبر".

8 أ، جـ، وفي ب "فصار".

ص: 653