الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبنية المصادر:
اعلم أن الفعل الثلاثي مجرد، وزائد على الثلاثة.
فالثلاثي المجرد له ثلاثة أبنية: فَعَل وهو متعد نحو ضَرَبَ، ولازم نحو قَعَدَ، وفَعِل وهو متعد نحو فَهِم ولازم نحو فَرِح، وفَعُل وهو لازم أبدا إلا بتضمين أو تحويل نحو سَهُل.
وأبنية مصادر الثلاثي كثيرة، واقتصر هنا على الغالب، فقال:
فَعْل قياس مصدر المعدى
…
من ذي ثلاثة كرد ردا
شمل "قوله"1: "المعدى من ذي ثلاثة" فعَل وفعِل، فقياس مصدرهما فعل -بفتح الفاء وإسكان العين- نحو: ضرَب ضرْبا وفهم فهما، وظاهره أنه مقيس فيهما بلا قيد، وقيد الفعل -المكسور العين- في التسهيل بأن يُفْهِم عملا بالفم نحو: شَرِب شَرْبا، ولقم لقما2.
ولم يقيده سيبويه أو الأخفش، بل أطلقا.
"تنبيه":
اختلف في معنى القياس هنا، فقيل: إنما يقاس على فعل فيما ذكر عند عدم سماع غيره، فإن سمع غيره وقف عنده، وهو مذهب سيبويه والأخفش، وقيل: يجوز القياس مع ورود السماع بغيره وهو ظاهر قول الفراء.
ثم قال:
وفَعِل اللازم بابه فَعَل
يعني: قياس مصدر فعل اللازم فعل -بفتح الفاء وكسر العين- لا فرق في ذلك بين الصحيح نحو فرح فرحا، والمعتل نحو: جوي جوى، والمضعف نحو: شل شللا، فإن أصله شلل بكسر اللام.
1 ب، جـ.
2 التسهيل ص205.
تنبيه:
أطلق الناظم في فعل اللازم، وينبغي أن يقيد بألا يكون لونا؛ لأن فُعلة هو الغالب فيه كالشُّهلة والسمرة.
ثم قال:
وفَعَلَ اللازم مثل قعدا
…
له فُعُول باطراد كغدا
تقول: غدا غُدوا ومثله: قعد قعودا وجلس جلوسا، واطراد فعول في فعل اللازم مشروط بألا يكون مستوجبا لأحد الأوزان المذكورة في قوله:
ما لم يكن مستوجبا فِعَالا
…
أو فَعَلانا فادر أو فُعَالا
فهذه ثلاثة أوزان، وسنذكر رابعا متى استوجب فعل اللازم واحدا منها لم يأت مصدره على فعول إلا نادرا.
ثم قال:
فأول لذي امتناع كأبى
الأول فعال -بكسر الفاء- وهو مقيس فيما دل على امتناع نحو: أبى إباء، ونفر نفارا.
................
…
والثان للذي اقتضى تقلبا
والثاني هو فعلان -بتحريك العين- وهو مقيس فيما دل على تقلب نحو: جال جولانا، ولمع لمعانا.
وقوله:
للدا فُعَال أو لصوت
يعني: أن فعالا -بضم الفاء- وهو الثالث لنوعين:
أحدهما: ما دل على داء نحو: زَكم زُكاما وسعل سعالا.
والآخر: ما دل على صوت نحو: نَعق نُعاقا ونبح نباحا.
وذكر ابن عصفور أنه مقيس فيهما.
وقوله:
........... وشمل
…
سيرا وصوتا الفعيل كصهل
يعني: أن فعيلا، وهو الوزن الرابع، لنوعين أيضا:
أحدهما: ما دل على سير نحو: ذَمَل ذميلا ورَحَل رحيلا.
والآخر: ما دل على صوت نحو: صَهَل صهيلا ونَهَق نهيقا.
وذكر ابن عصفور أنه يطرد في الأصوات.
والحاصل أن فعل اللازم يطرد في مصدره فعول إلا إذا دل على هذه المعاني الخمسة "وهي"1 الامتناع والتقلب والداء والصوت والسير، فالغالب في الامتناع فِعال، وفي التقلب فَعَلان، وفي الداء فُعال، وفي الصوت فُعال أو فَعِيل، وقد يجتمعان نحو: نَعَقَ نُعاقا ونَعِيقا، وقد تنفرد فُعال نحو: بَغَم بُغَاما، وقد تنفرد فعيل نحو صهل صهيلا، واطرد انفراد فُعال "في الفعل اللازم"2 نحو: رغاء وفي السير فعيل.
تنبيه:
يستثنى أيضا من فعل اللازم ما دل على حرفة وشبهها، فإن الغالب في مصدره فِعَالة نحو: تجر تجارة، وأمر إمارة.
وذكر ابن عصفور أنه مقيس في الولايات والصنائع.
وقوله:
فُعُولة فَعَالة لفعُلا
…
كسَهُل الأمر وزيد جَزُلا
فعولة وفعالة مطردان في مصدر فعل نحو: سهل سهولة، وجزل جزالة.
وقال بعضهم: فعولة غير مقيس.
وقوله:
وما أتى مخالفا لما مضى
…
فبابه النقل كسُخْط ورضا
فسخط مصدر سخط وقياسه سخط -بالفتح والتحريك- ورضا مصدر رضي وقياسه رضى بالفتح.
1 ب، جـ.
2 أ.
وكلامه مقيد في فعالة بالحرف، وشبهها كما تقدم.
ولما فرغ من بيان مصادر الثلاثي، شرع في بيان ما زاد عليه فقال:
وغير ذي ثلاثة مقيس
…
مصدره.........
أي: كل فعل زاد على ثلاثة، فله مصدر مقيس لا يتوقف في استعماله على سماع.
وقوله: كقدس التقديس.
يعني: أن ما كان على فُعِّل صحيح اللام فمصدره تفعيل نحو: قدس تقديسا، كلم تكليما.
وقوله: وزكه تزكية، يعني: أن ما كان فعّل معتل اللام فمصدره تفعلة نحو: زكى تزكية وغطى تغطية.
وقوله:
............. وأجملا
…
إجمال من تجمُّلا تَجَملا
يعني: أن مصدر أفعل الصحيح إفعال، نحو: أجمل إجمالا وأكرم إكراما، ومصدر تفعَّل تفعُّلا نحو تجمل تجملا.
واستعذ استعاذة
أصل استعاذ، استعوذ على وزن استفعل. قياس مصدره استعواذ، فأعلت الواو، فنقلت حركتها وقلبت ألفا، فاجتمع ألفان فحذفت إحداهما وهي الزائدة عند الخليل وسيبويه، وبدل العين عند الأخفش والفراء، فصار استعاذ ثم أتي بالتاء عوضا عن المحذوف.
وقوله:
........ ثم أقم
…
إقامة.......
أصل أقم أقوِم كأكرم، فقياس مصدره إقوام، فلما اعتلت الواو بالنقل والقلب اجتمع ألفان، فحذف أحدهما على الخلاف المتقدم، فصار إقاما، ثم أتي بالتاء عوضا عن المحذوف.
وقوله: وغالبا ذا التا لزم
أشار إلى أن التاء قد تحذف، كقول بعضهم: أراه إراء1، واستقام استقاما.
قال ابن عصفور: ولا يجوز حذفها إلا حيث ورد، وظاهر كلام سيبويه جوازه، قال: وإن شئت لم تعوض.
وقال الفراء: لا يجوز إلا إذا كانت الإضافة عوضا من التاء نحو: "وإقام الصلاة".
وقوله:
وما يلي الآخر مُدَّ وافتحا
…
مع كسر تلو الثان مما افتُتحا
بهمز وصل كاصطفى......
…
...................
يعني: أن صوغ المصدر من كل فعل مبدوء بهمزة وصل يكون بكسر ثالثه، وهو تلو الثاني وزيادة ألف قبل آخره نحو: اصطفى اصطفاء.
فإن قلت: لا يفهم من قوله: "مد" أن المدة ألف.
قلت: فهم ذلك من قوله: "وافتحا".
وينبغي أن يقيد كلامه بألا يكون أصله تفاعل ولا تفعل نحو: اطّاير واطّير أصلهما: تطاير تطيّر، فإن مصدرهما لا يكسر ثالثه ولا يزاد ألف قبل آخره.
وقوله:
..... وضم ما
…
يربع في أمثال قد تلملما
يعني: أن مصدر تفعلَل تفعلُل -بضم رابعه- نحو: تلملَم تلملُما وتدحرج تدحرجا.
وقوله:
فعلال أو فعللة لفعللا
…
.....................
يعني: أن مصدر فعلل نحو: دحرج وما ألحق به نحو: جلبب وحوقل وبيطر يأتي على فعلال نحو دحراج، وعلى فَعلَلة نحو دحرجة، والمقيس منهما فعللة، ولذلك قال:
1 أقول: وليس هذا من الأجوف.
واجعل مقيسا ثانيا لا أولا
وكلاهما عند بعضهم مقيس، وهو ظاهر التسهيل، وكثر فعلال في المضاعف نحو الزلزال، وفتح أول الزلزال ونحوه من المضاعف جائز.
قوله:
لفاعل الفِعَال والمفاعله
يعني: أن فاعل له مصدران: فِعال نحو خاصم خِصاما، ومفاعلة نحو: مخاصمة، واللازم له عند سيبويه المفاعلة، وقد يتركون الفعال ولا يتركون المفاعلة، وانفراد مفاعلة بما فاؤه ياء نحو: ياسر مياسرة، وندر الفعال في قولهم: ياومه مياومة، حكاه ابن سيده.
وقوله:
وغير ما مر السماع عادله
أي: كان له عديلا، فلا يقدم عليه إلا بسماع، من ذلك مجيء المصدر المعتل اللام على تفعيل ونحو1:
1 قائله: لم أقف على اسم راجزه، وهو من الرجز.
اللغة: "وهي" يروى "باتت""تنزي" تحرك وهو رفع الشيء إلى فوق، "شهلة" -بفتح الشين وسكون الهاء- العجوز الكبيرة.
المعنى: يصف امرأة بالضعف، ويقول: إن هذه المرأة باتت تحرك دلوها بيدها حتى تخرجه من البئر برفق ولين، كما تحرك العجوز الصبي حين ترقصه برفق ولين.
وخص الشهلة؛ لأنها أضعف من الشابة.
الإعراب: "باتت" فعل ماض ناقص والتاء للتأنيث، واسمه ضمير مستتر فيه، "تنزي" فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر، "دلوها" مفعول وها مضاف إليه، والجملة في محل نصب خبر بات. وإن قدرته فعلا تاما، فالجملة في محل نصب حال من فاعله المستتر فيه، "تنزيا" مفعول مطلق، "كما" الكاف جارة وما مصدرية، "تنزي" فعل مضارع، "شهلة" فاعل، "صبيا" مفعول وما المصدرية ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بقوله: تنزيا، أو بمحذوف صفة له، أي: تنزيه مشابهة تنزية العجوز صبيا.
الشاهد فيه: "تنزيا" -التفعيل- حيث جاء مصدرا للفعل "تنزي" المعتل اللام، والقياس "تنزية" بالياء المخففة قبل تاء التأنيث كما تقول: سمى تسمية وزكى تزكية، على وزن تفعلة. =
وهي تنزي دلوها تنزيا
ومجيء مصدر فعل الصحيح اللام على تفعلة نحو: تكرمة وتجربة، وغلب فيما لامه همزة نحو: خطأ تخطئة وهنأ تهنئة، وقد جاء مصدر فعل على فعال نحو: كلم كلاما.
وقوله:
وفَعْلة لمرة كجلسه
…
وفِعْلة لهيئة كجلسه
يعني: أنه يدل على المرة في مصدر الثلاثي المجرد بإتيانه على فعلة -بفتح الفاء- وعلى الهيئة بفعلة -بكسر الفاء- وهو مقيد بألا يكون المصدر على فَعلة نحو: رحمة، أو فِعلة نحو: ذِرْبة1، فلا يدل حينئذ على المرة أو الهيئة إلا بقرينة حالية أو وصف.
وقوله:
في غير ذي الثلاث بالتا المرة
يعني: أنه يدل على المرة في مصدر غير الثلاثي زيادة التاء نحو: انطلق انطلاقة.
تنبيهان:
الأول: إنما تلحق التاء للدلالة على المرة في الأبنية المقيسة.
والثاني: إن ذلك مقيد بأن يكون المصدر مجردا من التاء، فإن بني على التاء دل على المرة فيه بالقرينة لا بالتاء كما سبق في الثلاثي.
وقوله:
وشذ فيه هيئة كالخمره
أي: شذ في غير الثلاثي صوغ فعلة للدلالة على الهيئة كقولهم: "هو حَسن العِمّة والقُمصة" و"هي حسنة الخمرة والنِّقبة" من تعمم وتقمص، واختمرت وانتقبت.
1 الذربة: هي الحدة في الشيء، يقال: رجل ذرب، أي: حاد.